أعمال موجهة مقياس منهجية العلوم القانونية .تقنيات إعداد البحث العلمي 2 للسنة ثانية ليسانس  الفوج 6.  موضوع التعليق على استشارة

مقــدمة :

 تعـد الاستشارة من الأعمال المهمة ذات الطابع الفني في فهم و توضيح المسائل القانونية والفنية في موضوع المنازعات و قد درس موضوع الاستشارة بشكل معمق و بينت أغلب هذه الدراسات أن الاستشارة لها أوجه عدة  نذكر منها:

- الاستشارة الاختيارية ،

- الاستشارة الإلزامية ،

 و يتضـح مـن طبيعـة الاستشارة الاختيارية أن المصلحة أو الشخص، المعني بالاستشارة له الخيار بين طلب الاستشارة مـن عدمها ولا ترتب هذه الأخيرة أي اثر شكلي أو موضوعي في مسار النزاع.

أما بخصوص الاستشارة الملزمة فإن المصلحة أو الشخص المعني بالأمر ملزم بطلب الرأي الاستشاري ولها وجهان 02:

الوجه الأول إلزامية طلب الرأي الاستشاري مع إلزامية الأخذ به: من ذلك فإن القاضي وهو يناقش تفاقم حجم الضرر لدى الضحية من جراء حادث مرور مثلا فهو ملزم بأخذ الرأي الاستشاري من قبل الطبيب الشرعي المختص في تقدير حجم الضرر الجسماني والضرر التألمي، وتقدير نسبة العجز الدائم أو العجز المؤقت، وغيرها من البيانات الفنية التي يقتضيها الرأي الاستشاري الطبي الفني فعدم طلب الرأي الاستشاري أو عدم الأخذ به يعد خرقا جوهريا مؤثرا على مسار النزاع.

الوجه الثاني إلزامية طلب الرأي الاستشاري مع عدم الإلزامية الأخذ به: أي أن طلب الرأي الاستشاري إلزامي والعمل بمقتضاه يكون اختياريا، حيث تكون السلطة التقديرية بيد المعني أي طالب الرأي الاستشاري في الأخذ بمقتضى الرأي الاستشاري من عدمه، فعدم طلب الرأي الاستشاري يعد خرقا جوهريا مؤثرا في حسم النزاع والأخذ أو عدم الأخذ بمقتضاه لا يعد خرقا جوهريا، فمن ذلك أن رئيس المجلس الشعبي البلدي وهو بصدد تأسيس مشروع تنموي في حي من أحياء البلدية ملزم وجوبا بطلب رأي استشاري حول الملائمة أو عدم الملائمة، أما الأخذ بمقتضي هذا الرأي يبقى اختياريا بالنسبة إليه.

فمهما يكن فان طلب الاستشارة فهو يعتبر سلوكا بيداغوجيا حضاريا مفيدا كما يعد إجراءا شكليا لا يمكن الاستغناء عنه في مثل هذه الحالات، فضلا عن كون المختصين في مجال القانون و أعوان القضاء يعتبرون الاستشارة ركنا أساسيا. ورجال القانون مهمتهم تنوير المواطن بحقوقه وواجباته و قد توسعت خدماتهم في مجال الاستشارة  إلى المؤسسات التي هي بحاجة إلى الاستشارة في المجال القانوني أو الإعلامي خاصة في مجال المنازعات بين الأشخاص الطبيعية نفسها أو الأشخاص الطبيعية و الأشخاص المعنوية أو بين الأشخاص المعنوية نفسها رغم أن هذه الأخيرة قد تكون لها مصالح خاصة تتكفل بالإشارة ومع ذلك فإنها تلجأ إلى طلب آراء استشارية قانونية أو فنية كدراسات جدوى فـي مجـال التقنيـن والتقاضي والتسويـق والإشهار والاستثمار والتجارة وغيرها من الأعمال التي تتطلب رأيا استشاريا على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل.

إن طلب الاستشارة القانونية من عدمه تجعلك تدرك المواطن  قد يكون ضحية خطأ إجرائي، فتضيع حقوقه هباء منثورا لجهل هذا الأخير بالإجراءات القانونية، وللأسف القانون واضح  فالمادة صريحة ولا اجتهاد مع نص والمادة تنص على أنه:" لا يعذر أحد بجهل القانون"، كما أن الحكمة  أيضا تقول" ما خاب من استشارة وما ندم من استخار".

    لذا نرى أنه من الضروري تناول موضوع الاستشارة في المنازعات، معتمدين في هذه الورقة البحثية على خطة ثنائية تتضمن مبحثين، حيث نتناول في المبحث الأول تعريف الاستشارة و أهميتها وفي الثاني نتناول الوقائـع والإجراءات والأسئـلة و الحلول القانونية.

المبحــث الأول: تــعريف و أهمية الاستشارة

المطلــب الأول تــعريف الاستشارة: لقد أخذ موضوع الاستشارة حيزا معتبرا في الدراسات ذات الطابع القانوني أو الفني في مختلف المجالات و منهجية الاستشارة في المجال الأكاديمي تعد طريقة بيداغوجية لتدريب المتكون على استعمال أفكاره و معارفه استعمالا منهجيـا علميـا للإجابـة عن الإشكـالات القانونيـة شكـلا و موضوعا.

فالاستشارة إذن تعرف: بأنها أداة منهجية بيداغوجية تسمح للمستشار وللمستشير بحل المسائل القانونية أو الفنية التي تعرض في مختلف مجالات النشاط بصفتهم أشخاص طبيعية أو أشخاص معنويـة.

المطـلب الثاني أهميـة الاستشارة: تكمن أهمية الاستشارة في إفادة طالبها شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا بأن يأخذ فكرة واضحة حول ملابسات ووقائع وإجراءات الموضوع محل الاستشارة و فهم الموضوع فهما جيدا بهدف تشخيص  و حصر المسائل القانونية أو الفنية التي تقتضيها المسألة في البحث عن الحل القانوني الصحيح و المنطقي لهذه المسائلة محل الاستشارة.

 

 

 

المبحــث الثــاني: مــراحل الاستشارة:

المطلــب الأول: مرحــلة الوقـائع: تمثل الوقائع مجموعة من الأحداث القانونية والمادية و التي أدى تتابعها وتسلسلها كوقائع في المكان والزمان إلى تكوين موضوع النزاع وصيرورة عناصر المسألة وشكل لدى الشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي إشكالا قانونيا أو فنيا يتطلب حلا قانونيا أو فنيا.

إن مجموعة الوقائع المتعلقة بموضوع النزاع، يجـب أن تقـدم فـي شكل جمل كاملـة و بطريقة مجردة دون إعطاء حكم مسبق عليها بل تعتمد كما وردت في طلب الاستشارة دون إضافة أو تحريف أو إخفاء لحقائق كما يجب عرض الوقائع حسب درجة الأهمية في تحريك النزاع.

المطلــب الثاني: مرحــلة الإجــراءات: يقصد بالإجراءات مختلف العمليات الإجرائية التي تم فيها عرض الموضوع على الحل القانوني أو الحل الفني و في المنازعات كثيرا ما تظهر هذه العمليات على شكل تظلم إداري، رفع دعوى قضائية، إجراء خبرة...الخ.

وقد يفيد ترتيب وتسلسل العمليات الإجرائية التي مر بها النزاع حسب حدوثها زمانا و مكانا بدقة في فهم الموضوع شكلا وموضوعا، و عادة ما تطلب الاستشارة بداية قبل تحريك النزاع أمام أية جهة قضائية كانت أو إدارية أو فنية لذلك في هذه الحالة كثيرا ما يغيب عنصر الإجراء أثناء المعالجة القانونية للنزاع لأن هذا النزاع لازال في بدايته وهو لم يطرح أي اجراء يذكر بعد.

المطلــب الثالث: طــرح المسألة القانونية: تطرح المسائل القانونية في منهجية الاستشارة و المستخرجة أساسا من خلال عناصر الاستشارة نفسها ( الوقائع، الإجراءات إن وجدت) و يجب حصر هذه المسائل القانونية حصرا دقيقا حسب معطيات النزاع محل الاستشارة و قد يتوالى طرح المسائل القانونية في شكل تسلسل ترتيبي على النحو التالي بيانه:

1) ما طبيعة موضوع النزاع محل الاستشارة ( نزاع عقاري، نزاع إداري، نزاع تجاري، نزاع عمالي...الخ).؟

2) ما هي أطراف النزاع؟

3) ما هو نوع التظلم ؟ وهل التظلم وجوبي؟

4) ما هي طبيعة الدعوى عمومية، مدنية...الخ؟

5 ) ما هي الجهة المختصة في النزاع؟

المطلــب الرابع: الحــل القــانوني: يجسد الحل القانوني للموضوع القاعدة القانونية أو الحكم القانوني أو السند القانوني الذي يعتمد عليه للوصول إلى الإجابة الصحيحة و الموضوعية للإشكال محل الاستشارة بهدف اتخاذ موقف قانوني يسمح لطالب الاستشارة من مباشرة مسألته على بينة من أمره.