منهجية إعداد مذكرة استخلاصية

للسنة ثانية ليسانس الفوج 06

 

  قد يجد الطالب  مجموعة من النصوص القانونية، أو مجموعة أحكام أو قرارات قضائية، أو مجموعة من  الآراء الفقهية، أو بدونها المهم أن يكون الطالب يفقه كيفية استخراج الفكرة الأساسية التي يتمحور حولها الملف الذي  أمامه وسيدرك الطالب إن تمعن جيدا في قراءة النص القانوني وبعد تحديد الفكرة الأساسية مثلا لموضوع يتمحور حول فكرة الإثبات في القانون الخاص، فالطالب يكون مطالب بإبراز موقف المشرع الجزائري من هذا الموضوع، لأن الإثبات في المدني مقيد أما الإثبات في التجاري حر طليق، لذلك يتوجب على الطالب أن يكون حريصا على فهم محتوى المواد القانونية.

بعد إبداء موقف المشرع الجزائري من موضوع ما، يبقى على الطالب وكخطوة منهجية التطرق لموقف القضاء من هذا الموضوع، فهل التزم القضاء بالنصوص القانونية؟ وهو ما نجده في منطوق الحكم أو القرار والتسبيب الذي بنى عليه القاضي حكمه، بمعنى  أن الطالب لا يتوجه لقراءة الحكم بل عليه الاتجاه مباشرة  لمنطوق وتسبيب الحكم أو القرار، لأن الطالب إن تمكن من هاتين الخطوتين فقد وفق  في  إعداد المذكرة، لأنه لم يتبقى إلا موقف الفقه القانوني من هذا الموضوع،  وفي هذه الجزئية  لكل فقيه حججه وأدلته الدامغة حول فكرته التي يدافع عنها،  فينقل الطالب وبكل أمانة رأيه وحججه وما يتوافق معه من نص القانون. لأن القانون هو الذي يوجه الطالب وذلك على فرض أن القانون على صواب وغير مخطئ، هذا بعكس أحكام القضاء التي قد تحتمل أن تكون على خطأ وكذلك أقوال الفقهاء فهي تعبر عن آرائهم لذلك قد تكون خاطئة، بمعنى أن القانون هو المرجع في دراسة الموضوع.

وقد يتبادر إلى الطالب تساؤلات عدة مثل:

هل يجب إعادة ترتيب الوثائق في المذكرة الاستخلاصية؟  أم يجب كتابة الخطة ثم يحرر مقالة أم يكتب الخطة ثم يبدأ بالشرح مباحث ثم مطالب كالبحوث العادية، كيفية طرح الإشكالية، هل كان يجب عدم إعادة صياغة السؤال المطروح في تحليل القرار القضائي، هل يجب فعلا تقييم القرار الذي أصدره القاضي في  الحكم أو القرار؟

و نتطرق للإجابة عليها :

-فبالنسبة للخطة من الأفضل أن يتبع الموضوع حول خطة محكمة إلا أنه من الصعب إيجاد خطة شاملة كاملة يعالج فيها الطالب الموضوع لأنها قد تستنفذ كل الوقت.

-أما بالنسبة للإشكالية في المذكرة الاستخلاصية ليس هناك اشكالية ولا تتطلب معرفة سابقة بالموضوع الذي هو بين يدي الطالب. بل هي مجرد تلخيص لما وضع بين يديه ولا يعني ذلك تلخيص الجمل واختصارها بل يعني إعداد تقرير إداري مثلا، أي تلخيص منهجي بحيث أن القارئ المطلع على عمل الطالب يستطيع أن يدرك ما بالملف دون بذل جهد.

-أما بالنسبة للحكم أو القرار القضائي فهو يختلف عن ذلك لأن الطالب سيدرسه وفق منهجية لا شك أنه درسها من قبل وهي مثلا: تتناول الجانب الشكلي من حيث: أ- اطراف النزاع، ب- الوقائع، ت- الاجراءات، د- الادعاءات، ث- المشكل القانوني، ج- الحل القانوني، ح- منطوق الحكم أو القرار، بعد الانتهاء من هذا  يبدو أن الطالب  قد قام بتجزئة الحكم أو القرار إلى وحدات عضوية وبذلك يستطيع مناقشة الموضوع باستخدام ما لديه من معلومات نظرية عن الموضوع ، ولا يعني ذلك أبدا حفظ التعاريف وإعادة إدراجها، بل عمل الطالب يرتكز على الحل القانوني، وهو ما توصل إليه القاضي في الحكم أو القرار الذي بين يديه وهل الطالب مع أو ضد الحكم أو القرار هذا بناء على ما لديه من معلومات درسها، لأن القاضي قد يصيب وقد يخطأ، بالإضافة إلى منطوق الحكم أو القرار هل تماشى أيضا مع ما تقدم من تسبيب؟   

المذكرة الاستخلاصية

يتطلب هذا الاختبار من الطالب أن يتحكم بكيفية جيدة في التوقيت المخصص للاختبار وأن يوزعه على مراحل مختلفة و تحليل الوثائق ودراستها وإعداد خطة مناسبة وتحرير المذكرة و كما يدل عليه اسم الاختبار فإن الهدف منه هو الاستخلاص فالمقصود منه لا يعني أبدا:

- جمع وثائق واعداد حوصلة لكل وثيقة.

- نتيجة أفكار مقدمة بالتالي بدون أساس منهجي.

- عرض حال عن قراءة الوثائق وموجز مقتضب لمختلف النصوص.

-شرح النصوص الموجودة في الملف.

- التعبير عن رأي شخصي يتعلق بالنصوص أو الأفكار التي تعرضها أو اتخاذ موقف تجاه المناقشة التي أثارها الموضوع محل الاختبار.

 

وإنما  المقصود منه:

- مجموعة عناصر منظمة كانت قبل ذلك متفرقة أو غير متناسقة مع بعضها.

-تشكيل متجانس ومرتب يقارن من خلاله الطالب الوثائق المقدمة مع المسائل القانونية محل الاستخلاص.

-التمييز بين المسائل الأساسية والأخرى الثانوية بحيث يمكن على أساسها التوصل إلى مقابلة النصوص وتلاقي الأفكار، وهو ما يسمح من تقدير مهارة الطالب التي لا تعتمد على إعادة كتابة أفكار الآخرين أو على النقل الحرفي وإنما تعتمد على روح النقد و الاختيار وإظهار هذا الاختيار.

-تلخيص موضوعي وحيادي لذا يجب استعمال ضمير المتكلم وعدم التحيز لرأي وتقديم وجهة النظر الشخصية بحيث يكون التلخيص وافيا لا يحيد عن أفكار المؤلفين ولا يعطيها أكثر مما تعنيه.

تحليل الوثائق ودراستها:

وتتطلب هذه المرحلة من الطالب أن يعالج المسألة بطريقة منهجية وذلك بإتباع ما يلي:

-أخذ نظرة سريعة على الوثائق التي يتألف منها الملف "عادة ما يذكر في الصفحة الأولى قائمة الوثائق المرفقة"

- قراءة الوثائق مع إتباع التسلسل والترتيب الذي جاء في الملف غير أنه في بعض الحالات من الأفضل أن يقوم الطالب بترتيب الوثائق حسب طبيعتها مثلا:" نصوص قانونية، آراء فقهية، اجتهاد قضائي".

-فخلال القراءة يركز الطالب على فهم كل وثيقة ويحاول الاحتفاظ بالمعلومات التي يرى أنها أكثر ملاءمة للمسألة المعروضة وأكثر أهمية لها، ويمكنه خلال هذه المرحلة تسجيل الأفكار العامة والهامة التي تحتويها الوثيقة في المسودة قصد تسهيل إعداد المذكرة لاحقا وينصح الطالب بكتابة ما استخلصه من كل وثيقة بطريقة تجنبه العودة إليها في كل مرة.

-بالتوازي مع تقديم قراءة الوثائق يحاول الطالب استخراج بعض الأفكار الرئيسية للخطة.

-عند نهاية قراءة الوثائق وتحليلها يتعين على الطالب القيام بترتيبها إذ يمكن من خلال ذلك التعرف مثلا على تطور الاجتهاد القضائي مع مراعاة إمكانية تكامل الوثائق أو تعارضها حسب محتواها وهو ما يؤدي إلى استخلاص الخطوط العريضة للملف والبدا في إعداد الخطة المناسبة لتحرير المذكرة الاستخلاصية.

 

مرحلة تحرير المذكرة الاستخلاصية:

هذه المرحلة لا تختلف عن الاختبار الذي يتعلق بتحرير مقالة وتعتبر أبسط منها ذلك أن الخطة لا تعتمد أساسا على الأفكار الشخصية للطالب وإنما على تبسيط ما احتوته الوثائق المختلفة وتهدف الخطة عموما في المذكرة الاستخلاصية إلى ضمان تقديم كامل وواضح وموضوعي لمحتوى الملف ويحدد عدد الصفحات في الغالب من 3 إلى 4 صفحات على الأكثر، ويعتمد تحرير المذكرة في تمكن القارئ بسهولة من الرجوع للوثيقة التي اعتمد عليها وهو ما يسمح له أيضا من التحقق من استعمال الوثائق والمعلومات المطلوبة فيها وتتضمن الإجابة غالبا: مقدمة قصيرة ومباشرة وعرضا مؤطرا ومبررا كما يتوجب على الطالب عند تحريره للمذكرة الاستخلاصية عدم الاعتماد على النقل الحرفي للجمل وفقراتها وإنما على الافكار الرئيسية التي تحتويها، وتعتمد هذه الأخيرة  أساسا على قدرة الطالب في الاستخلاص والاستدلال وتوظيف المعلومات المسبقة دون التعرض للإدلاء برأيه الشخصي حتى بصفة ضمنية.