مقدمة النظريات الفقهية ومفرداتها ومراجعها

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وسلّم وبعد، 

فإن دراسة مادة النظريات الفقهية تعرّف الطالب بهذا العلم وتعطيه تصورا كاملا عنها بما يجعله قادرا على تمييزها عن غيرها من المواد كالقواعد الفقهية، وضوابطها وفروقها، كما تهدف إلى تكوين الملكة الفقهية لدى الطالب من خلال إلمامه بمجموعة من القضايا الفقهية.

ولمّا كان من بين برامج مرحلة الليسانس المدخل إلى النظريات الفقهية على أساسها تدرس في هذه المرحلة نماذج من النظريات حيث حدّدت أربع نظريات، نظريتان في كل سداسي:

السداسي الأوّل: نظرية الأهلية والولاية - نظرية الفساد والبطلان.

السداسي الثاني: نظرية الاحتياط - نظرية الإسقاط.

وكان لكل تخصص طريقته في تعيين المواد المقررة، ولم يتناول الطالب في المراحل السابقة مدخلا لهذه المادة فكان من الضروري الإشارة إليه.

فقمت بعرض أهم المبادئ التي تسمح لدارس هذه المادة بتناول النظريات الفقهية.

إنّ العلاقة بين النظريات الأربع تظهر في كون نظرية الأهلية والولاية تتضمن أحكاما شرعية، ونظرية الفساد والبطلان تعتبر في حالة وجود خلل في العقد. ثم يقوم العاقد بأمور احتياطا حتى لا يقع العقد في الفساد أو البطلان، وإن وقعت بعض الظروف والأحوال والتجاوزات يلجا إلى الإسقاط.

وهذا كله، سيتضح من خلال المحاضرات التي تقدّم في هذه المادة.  

 وقد تزامنتْ مع حِرْصِ عَدَدٍ مِنَ الفُقَهاء المعاصرين على تجديد الفقه وتطْويرِه، وتحريك الدِّماء في شرايينه؛ لينبعثَ من جديد قائمًا بِمُهمته في نَهضة الأُمَّة ووحدتها وتفرُّدها؛ حيث رأوا أنَّ الفقه قد تَخلى عن دَوْرِه في مواطِنَ كثيرة حل محله القانون الوضعي فيها، ولعلَّ أهَمَّ الأسباب في نظرهم عدم مجاراة الفقه للواقع، فلا بد مِن تجديد الدِّراسة، والبحث الفقهي، ومن ذلك إيجاد أو إنشاء أو استخراج النظَريات الفقهيَّة.

و كان مُنطلقهم دافعَ الغَيْرة على الفقه الإسلامي، والتصدِّي للشُّبَه التي أثارها خصومُه من عدم قُدرته على مُواكبة العصر، وأنَّ قَضاياه صالحة لأزمانٍ مَضَت فقط، وأنَّ القانونَ الغربي متفوقٌ عليه من وجوه كثيرة.

وأنه نِتاج قرون الانْحِطاط، وأنه في جوانبه المتميزة إنَّما نقلها من القانون الرُّوماني، وليست هذه الجوانبُ أصيلة في الفقه، كما اتُّهم بخُلُوِّه من المعاني والحِكَم التي تُخاطب العقول؛ مما اضطر نفر من المعتنين بالفقه للدِّفاع عنه، وإظهار أصالته، وتفرده وتميزه، ومن ذلك اهتمامهم بالنظرية الفقهية، ورأوا أنَّها استجابة لمطلب العصر، وأنَّ الفقه - على فرض خلوه منها - لا بد أن يكملَ مسيرته وتطوره؛ ليقدم للعالَم أروعَ النظريات.

ويُعَدُّ هذا تتْميمًا لجهود العلماء السابقين؛ حيث كانوا مُتفاعلين مع ثقافات عصورهم، مستجيبين لقضاياها؛ مما أسْهَم في ازدهار الحضارة الإسلامية، وقد أثروا الفقهَ بدراسات دقيقة واسعة، مِن الممكن حصرها في ثلاثة حقول رئيسية:

الأولأصول الفقه، وهو يبين المصادرَ الأصلية والتبعية، التي يرجع إليها الفقيه بصورة إجمالية، كما يرسم المنهاج الذي يسلكه الفقيه لاستنباط الأحكامِ من أدلتها، كذلك يذكر الصفات المؤهلة لذلك، وهو ما يسمى بالاجتهاد، وعكسه التقليد.

ويندرج ضمن إطار أصول الفقه مقاصدُ الشريعة والجدَل، وإنْ كانتْ قد أفردتْ بمؤلفات، وحاول بعضُهم إخراجَها، لكنَّها تبقى ضمنَ نطاق أصول الفِقه.

الثاني: الفقه - وهو الثمرة - وهو جُزْئياتُ المسائل وفرعيات الأحكام الشاملة لحياة الإنسان مِن جميعِ جوانبها، سواء في عَلاقته مع رَبِّه، وهي العادات، أم علاقته مع الناس، وتَتَمَثَّل في المعامَلات، والأنكِحة، والجنايات، وما يتعلَّق بذلك، وكل ما له صِلَة بحياة الإنْسان.

الثالثالقواعِد الفقهيَّة، وهي "أصول فقهيَّة كلية في نصوص مُوجزة دستورية تتضمن أحكامًا تشريعية عامَّة في الحوادث، التي تدخل تحت موضوعاتها".

ويندرج في إطار القواعِد الفقهية عِلْم الفروق، و الأشْباه والنظائر، والألغاز والمطارَحات، فإكمالاً لمسيرتهم لا بُدَّ مِن إضافة ما يَحتاج إليه الفقه من تطوير أو إعادةِ صياغة، ومن ذلك النظريَّة.

وقبل أن ندخلَ في صميم الموضوع لا بد من تصور النظرية؛ حتى يكونَ التناوُل للموضوع عن بَيِّنَة.

بعض مراجع المادة

1 -النظريات الفقهية ، د. محمد الزحيلي

2  ـ المدخل الفقهي العام ـ مصطفى أحمد الزرقا.

3-تاريخ الفقه الإسلامي ونظرية الملكية والعقود ، د. بدران أبو العينين بدران

4- الصغير بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء ، محمود مجيد سعود الكبيسي ، مراجعة : عبدالله إبراهيم الأنصاري

5- العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي ، منيب بن محمود شاكر

6- عوارض الأهلية عند الأصوليين ، حسين خلف الجبوري

7 ـ نظرية الاحتياط الفقهي ـ الدكتور محمد سماعي.

9 ـ نظرية الإبراء والإسقاط ـ صايل نايل الحاج.