المحاضرة الثانية: الاحكام العامة للشركات التجارية
المبحث الاول،
مفهوم الشركات التجارية لتحديد مفهوم شامل للشركات التجارية، نتطرق
في المطلب الاول الى التعاريف الفقهية والقانونية والاجتهاد القضائي. ثم نتناول في
المطلب الثاني، الطبيعة القانونية للشركات. اما المطلب الثالث، فنخصصه لتمييز
الشركة التجارية عن غيرها من الحالات المشابهة. المطلب الاول:
تعريف الشركات التجارية في هذا الاطار، نحاول ضبط مختلف التعاريف
الواردة على الشركات التجارية، وذلك من خلال العناصر الموالية:. الفرع الاول:
المعنى اللغوي للشركة الشركة في اللغة، هي بكسر الشين وفتحها
وسكون الراء فيهما وبفتح الشين وكسر الراء والاولى افصحها. وهي لغة: الاختلاط
والامتزاج دائرة على التعدد. يقال شركه في ماله، اي جعل الواحد في المال اثنين،
فهو شريك والجمع شركاء واشراك كشريف وشرفاء واشراف وجمع شريكة شرائك [1].
وجاء في القاموس الفقهي ان الشركة: اختلاط
النصيبين، فصاعدا بحيث لا يتميز. وشركة فلان فلانا في الامر، شركا وشركة بفتح الشين
وشركة بكسر الشين: كان لكل منهما نصيب منه. واشرك فلانا في أمره: أدخله فيه.
واشترك الأمر: اختلط و التبس [2]. وفي
{معجم مقاييس اللغة}، جاء فيه ان معنى الشركة، ان يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد
به احدهما [3]. وهكذا
يظهر ان الشركة تفيد وجود شخصين فاكثر واختلاطهما في المال، بحيث لا ينفرد به
احدهما فهم شركاء في ملكيته. الفرع الثاني:
الشركة في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة نظرا لأهمية الرجوع الى القرآن الكريم
والسنة النبوية الشريفة، باعتبارهما المنهج الرباني السوي والمستقيم، الصالح
لكل زمان ومكان الى يوم القيامة. والمصدر الأساسي لكل شؤون الحياة الانسانية
ومنقذها من كل المشكلات والأزمات التي تتخبط فيها البشرية عامة، والأمة الاسلامية
خاصة. فنحاول في هذا الصدد، تقديم بعض معانى الشركة في القرآن الكريم والأحاديث
النبوية الشريفة: 1- في القرآن الكريم القرآن الكريم، كلام الله (عز وجل) المنزه
عن كل تأويل، وعما يعتري البشر من قصور ونقص، وهو تنزيل الحكيم العليم الذي يعلم
احوال عباده وما يصلح لهم في الدنيا وفي الآخرة، وهو المنزل على سيدنا محمد (ص)،
وهو المصدر الاساسي للشريعة الاسلامية. وقد وردت كلمة {شركة}، في عدة آيات
قرآنية للدلالة على معاني مختلفة وتحقيق اهداف متنوعة، منها قوله تعالى:{واجعل
لي وزيرا من اهلي. هارون اخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري} [4].
بحيث يكونان شركاء في الامر المكلفين به، وهو الذهاب الى فرعون ومحاورته للحد من
طغيانه والرجوع الى الحق. وفي التنزيل العزيز ايضا:{قل أرأيتم شركاءكم الذين
تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الارض أم لهم شرك في السموات والارض...}
[5].
والشرك بهذا المعنى اعتقاد تعدد الآلهة وهو الشرك العظيم والكفر [6]. وقال
تعالى:{فانهم يومئذ في العذاب مشتركون} [7].
(انهم) اي الاتباع والمتبوعين ( يومئذ) اي يوم القيامة. (في العذاب مشتركون)، كما
كانوا مشتركين في الغواية. قال ابن كثير: ( أي: الجميع في النار كل بحسبه) [8]. كما
جاء في محكم التنزيل قوله تعالى:{فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في
الثلث} [9].
قال الامام القرطبي في تفسيره: هذا التشريك يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى وإن
كثروا . وإذا كانوا يأخذون بالأم فلا يفضل الذكر على الأنثى. وهذا إجماع من
العلماء، وليس في الفرائض موضع يكون فيه الذكر والأنثى
سواء إلا في ميراث الإخوة للأم [10]. فهم شركاء
ويقسم الثلث بالتساوي بين اخوة الميت بغض النظر عن جنسهم. هذه بعض معاني الشركة في القرآن الكريم، وهي
على سبيل المثال، لوجود عدة آيات تدل على كلمة الشركة والشركاء والتي تفيد معاني
متعددة، لكنها في الغالب تدل على المشاركة في الشيء بين اطراف ثنائية او متعددة. 2- الشركة في الحديث النبوي الشريف وردت بعض الاحاديث النبوية الشريفة، في
معنى الشركة والتي تفيد حسب ما ذهب اليه بعض المختصين في الدراسات الاسلامية، بان
يكون لاثنين فاكثر حق الانتفاع الجماعي من عين ما من الأعيان. لقول الرسول(ص):{المسلمون
شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار} [11].
وقال:(ص) فيما يرويه عن ربه:{ان الله تعالى يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن
أحدهما صاحبه فإن خانه خرجت من بينهما}. رواه ابو داوود والحاكم. اي ان الله
يبارك في الشركة والشركاء [12].
وان الله عز وجل مع الشركاء بالحفظ و الرعاية، يبارك لهما تجارتهما ما لم تقع
بينهما الخيانة، ولا يبارك الله ويحفظ الا ما كان مشروعا [13].
وقد اوجب الاسلام التعامل بالصدق والامانة في التجارة، قال: رسول الله (ص)، {التاجر
الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة}. ابن ماجة، سنن الحافظ..[14].كما
اجاز النبي(ص) التعامل
بالشراكة بين الناس، وذلك فيما ورد عن سليمان بن ابي مسلم، قال: سألت ابا المنهال
عن الصرف يدا بيد، فقال: اشتريت انا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيئة، فجاءنا البراء
بن عازب، فسألناه فقال: فعلت انا وشريكي زيد بن ارقم وسألنا النبي(ص) عن ذلك فقال:{ما
كان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فذروه}. رواه البخاري [15].
وحديث السائب بن ابي السائب المخزومي، انه كان شريك النبي في اول الاسلام في
التجارة، فلما كان يوم الفتح، قال النبي (ص):{مرحبا بأخي وشريكي لا يداري ولا
يماري} [16].
ومن السنة ايضا: ما رواه ابن عمر (رض)، ان النبي (ص): {عامل اهل خيبر بشطر ما يخرج
من ثمر او زرع} وهو متفق عليه [17]. الفرع الثالث: الشركات التجارية في الفقه لتحديد تعريف فقهي شامل، نميز بين تعاريف
الفقه القانوني والآراء المستنبطة من الفقه الاسلامي، وذلك وفق العناصر
التالية: 1- تعريف الشركة في الفقه الاسلامي بالرجوع الى الفقه الاسلامي، نجد ان الفقهاء
اجتهدوا وبينوا الشركات حسب تنوعها وقدموا تعاريف خاصة بكل شركة حسب طبيعتها
والغرض من انشائها. واكدوا على ثبوت مشروعيتها بالكتاب والسنة والاجماع [18]،
ولا خلاف في ذلك. وتطرق
الشيخ خالد عبد الرحمان العك، الى الشركة بأنواعها الثلاث وهي شركة الاموال(تجوز
في الدنانير والدراهم) وشركة الابدان (هي في الصنائع والاعمال) وشركة الوجوه (ان
يشتركا على غير مال ولا عمل وهي على الذمم)، وقسم شركة الاموال الى نوعين هما شركة
عنان بجعل كل شريكين مالا ثم يخلطاه ويتجرا به معا وشركة مفاوضة بان يفوض كل واحد
منهما التصرف للأخر في حضوره وغيبته ومنع الشافعي شركة المفاوضة واشترط فيها ابو
حنيفة تساوي رؤوس الاموال [19].
ثم قدم تلخيصا قال فيه ان الامام مالك اجاز شركة العنان والمفاوضة والابدان ومنع
شركة الوجوه واجاز ابو حنيفة الاربعة واجاز الشافعي العنان الخاصة [20].
وما جاء في شركة العنان انها مبنية على الوكالة والامانة، لان كل واحد منهما يكون
بدفعة المال الى صاحبه قد امنه وبإذنه له في التصرف قد وكله ويشترط التساوي في
التصرف والربح على ما اصطلحوا عليه والخسارة بنسبة المال [21]. وجاء
في مختصر خليل في فقه الامام مالك، باب في بيان حقيقة الشركة واقسامها واحكامها،
ان الشركة اذن في التصرف لهما مع بقاء تصرف انفسهما. وانما تصح: من اهل التوكيل
والتوكل [22]. وقد تناول بعض
الباحثين المعاصرين، مختلف الآراء في الفقه الاسلامي حول الشركة فقال بانها عند
المالكية اذن في التصرف في مال الشريكين لكل منهما. اما بالنسبة للشافعية، فقد
عرفوا الشركة بانها ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع. وقد ابرز هذا
التعريف العناصر الاساسية للشركة كتعدد الشركاء واتحاد المحل بالقول ثبوت الحق في
الشيء [23]. اما
الشركة عند الحنابلة، هي اجتماع في استحقاق او تصرف. وعند الحنفية فقالوا بانها:
عقد بين المتشاركين في رأس المال والربح [24].
ومن جانبهم يرى فقهاء الاباضية، ومنهم ابن النظر: والشركة مخالطة الشريكين
واشتركنا: تخالطنا [25]. واذا كانت مجمل الآراء الفقهية تمثل المعنى
الاقرب الى الشركة، سواء اعتبرت مال مختلط بين اثنين او اذن في التصرف في مال، او
عقد. فانه في المقابل ذهب البعض الى ترجيح رأي الاحناف في الشركة، ومنهم الاستاذ: وهبة
الزحيلي، بالقول: هو اولى التعاريف، لأنه يعبر عن حقيقة الشركة في انها عقد [26]. وعليه فان الشركات في الفقه الاسلامي عامة ،
يجب ان تأسس وفق عقد بين شخصين فأكثر، وهذا كأصل ثابت. لكن هذا التعاقد يجب ان
يتضمن ايضا شروطا شرعية اساسية لاستكمال التأسيس. و هي الشروط التي يمكن استخلاصها
كما يلي: أ- أهلية
الشركاء للتعاقد اتفق فقهاء الاسلام على ضرورة توفر أهلية
الأداء في كل شريك للقيام بالشركة والاعباء المترتبة عنها، فلا تصح الشركة من
الصبي غير المميز او من يعتريه نقص في
التمييز وكذلك من ليس له إذن للقيام بالتجارة، بالإضافة الى المجنون والمعتوه. ب- شيوع الحصص
بين الشركاء بان تكون الارباح شائعة وحصة كل شريك من
الربح محددة ومعلومة ومتفق عليها وفق نسب معينة، كالنصف او الثلث، او الربع. لان
الهدف او الغرض من كل شركة هو تحقيق أرباح معينة فيجب على الاطراف ان يتفقوا مسبقا
على هذه النسبة لكل طرف او شريك لضمان بقاء الشركة وعدم الوقوع في النزاع. ولا
يجوز ان يختص احد الشريكين بربح معين دون الآخر، لأنه يؤدي الى فساد العقد ولا
يحقق العدل المقصود منها [27]. ج- الأمانة على
مال الشركة وحفظه يشترط في كل شريك الحرص على مال الشركة
والقيام بكل التدابير التي تحفظ المال وتحميه وتمنع التعدي عليه، فهو امين على مال
الشركة، لأن طبيعة هذا المال، كالوديعة المقبوضة بإذن المالك. والشريك في مال
الشركة، لا يضمن حصة شريكه لأنه مؤتمن على المال وصادق في الربح والخسارة، الا اذا
ثبت التعدي على المال او التقصير. بمخالفة اوامر الشريك، كأن يقول له: لا تركب
البحر بمال التجارة وخالف الامر [28]. د- تحمل الخسارة
بمقدار المال المشارك به اجمع فقهاء الاسلام، على ان خسارة مال الشركة والذي
يعرف بالوضيعة يكون على قدر مال كل شريك قد ساهم فيها. فاذا كان المال متساويا بين
الشركاء، فالخسران بينهما يكون بالتساوي بينهما [29].
وتكون الخسارة في بتلف المال او انقاص في الثمن الذي اشتري به، او نقصان قيمته في
السوق، وغيره. هـ- ان يكون
رأس مال الشركة معلوما ومحددا جاء
الشرط بان يكون معلوما فان كان مجهولا لم تصح الشركة. حتى لا يختلف الشركاء في
تحديده وقيمته، خاصة بعد تحقيق الارباح فيسهل عليهم توزيعها.كما اشترط بعض العلماء
ان يكون رأس المال خاضرا ولا يشترط ان يتساويا فيه ويمكن ان يختلف المال كالذهب مع
الفضة او ان يكون من العروض، كالسيارات [30]. و- ان تنعقد
الشركة لغرض التجارة والربح بان تقوم الشركة بكل الاعمال التي يقوم بها
التاجر من البيع والشراء ومرابحة ومساومة وفق عرف التجار، وهنا الشركاء امناء على
مال الشركة ووكلاء عليه وهدفهم تحقيق الربح للشركة. 2- تعريف
الشركات في الفقه القانوني جاء في القاموس القانوني ان الشركة عقد بين
شخصين او اكثر يتفقون به على ان يقوم كل منهم بتقديم حصة من مال او عمل بقصد
استغلال مشروع مالي وتوزيع ما ينتج من ارباح او خسائر ويكون للشركة الشخصية
المعنوية [31].
اما الشركة من حيث القواعد العامة، فهي في نظر الاستاذ الفقيه احمد عبد الرزاق
السنهوري، عقد مسمى يستلزم اشتراك شخصين او اكثر، يساهم فيه كل من الشركاء بحصة في
رأسمال الشركة بنية الاشتراك والتعاون، عن طريق قبول اخطار معينة ومع مساهمة كل
شريك في الارباح والخسائر[32]. ونظرا
للطابع الخاص لهذا العقد، فان الفقيه السنهوري يؤكد، ان الشركة عقد بأركانه
المعتادة، لكنه يختلف عن العقود الاخرى من حيث مصالح اطراف العقد، وهم: الشركاء
ومصالحهم متحدة وغير متعارضة وتعتبر اتفاق منظم يوجد مركز قانوني منظم هو اقرب الى
القانون منه الى العقد [33]. ولهذا
ذهب اغلب الباحثين، الى ان المقصود بالشركة هو اشتراك شخصين او اكثر في القيام
بعمل معين [34].
وبناء على مجمل الآراء الفقهية التي
اوردناها، يمكننا القول بان الشركة التجارية لها صفة تعاقدية تمنحها الانطلاقة نحو
الوجود القانوني في مرحلتها الاولى، ثم تشكل في مرحلتها النهائية، نظاما قانونيا
قائما ومستقلا بذاته، يعبر عنه في اطار كيان يخاطبه القانون بصفته شخص اعتباري وفق
احكامه. ويفرض على هذا المركز القانوني الجديد التزامات قانونية. وعليه، فان الرأي
القائل بان الشركة عقد فقط ، يمكن ان يواجه انتقادات، لان فكرة العقد في الوقت
الحالي، اصبحت لا تستوعب كل التطورات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية
والتكنولوجية لهذا العصر، والتي وصلت الى العولمة الالكترونية. وبالتالي فان
الشركة التجارية مع تطورها وتوسع مجالاتها واهدافها وتأثرها بالعولمة، لا يمكن ان
تنحصر في فكرة نظام تعاقدي فقط، بل يمكن ان تتعداها الى نظام اوسع واشمل يمكنها من
استيعاب كل التطورات الحاصلة في المجال التجاري والاقتصادي ليشمل كل انواع
الشركات. واقرب نظام في هذه الحالة هو ان الشركة نظام قانوني وان كان مصدرها العقد. الفرع الرابع:
التعريف القانوني للشركات لتحديد تعريف قانوني للشركات، نتطرق الى
القواعد العامة في القانون المدني. ثم نوضح القواعد الخاصة في القانون التجاري، ثم
نبحث في القانون المقارن. 1- تعريف الشركات
في القانون المدني الجزائري جاء الاهتمام بالشركات في القانون المدني، ونظمها
في الفصل الثالث من القسم الثاني منه، في المواد من: 416 الى 449 منه. تتناول
الشركة من حيث كونها عقدا وتحدد اركانها وكيفيات ادارتها والآثار المترتبة عن
قيامها، ثم انقضائها وتصفيتها. وهي الاحكام والقواعد القانونية العامة التي يمكن
الرجوع اليها في حالة عدم وجود نص خاص. وقد تناول القانون المدني الجزائري، تعريفا
خاصا للشركة، في المادة 416 منه، التي نصت على ان:{الشركة
عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان او اعتباريان
او اكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل او مال او نقد، بهدف
اقتسام الربح ، كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك}.
وعليه، فالشركة في نظر القانون المدني هي
عقد كغيره من العقود يخضع لإرادة الاطراف الحرة في انشاء العقود والاتفاقات والذي
يترتب عنه توافر شروط العقد كالتراضي والمحل والسبب. فهو بالرغم من كونه عقد مسمى
وملزم لأكثر من شخص، فمحله عمل لكنه يتميز عن العقود الاخرى في طبيعة الالتزام
للقيام بنشاط مربح الذي يرتب تقاسم الارباح وتحمل الخسائر. فالمساهمة في المشروع
التجاري بتقديم الشركاء لحصص في شكل نقدي او عيني او القيام بعمل يتوافق مع اهداف الشركة، يترتب
عنه ركن نية المشاركة بشكل تعاوني، يجعل الاطراف وعقد الشركة مختلفين تماما
عن اطراف العقد العادي، لانهم في هذه الحالة التعاقدية، مصلحتهم موحدة وليست
متضاربة. فالشركاء يكون التزامهم نحو الشركة
بخدمتها وتحقيق اهدافها ويتعاونون على جني الارباح وتحمل الخسائر. ولهذا كان تركيز المادة 416 من القانون
المدني، على العناصر الأساسية المؤدية الى تعريف الشركة وهي: - التزام
الشركاء نحو نشاط مشترك - تقديم حصة في شكل عمل او مال او نقد - تقاسم الأرباح
وتحمل الخسائر. وهي
عناصر كفيلة بإضفاء صفة المشروع المشترك، بغض النظر عن كونه مدني ام تجاري. غير
انها غير كافية لتحديد الطبيعة الخاصة بالشركة التجارية. 2- الشركات في
مفهوم القانون التجاري نظم القانون التجاري الجزائري، الشركات
التجارية في الكتاب الخامس منه، المشتمل على فصل تمهيدي للأحكام العامة ثم الباب
الاول الذي تناول فيه قواعد سير مختلف الشركات التجارية، ثم الباب الثاني الذي حدد
الاحكام الجزائية المترتبة عن مخالفات تسيير الشركات التجارية. فيكون بذلك قد خصص
المواد من 544 الى 840 منه للشركات
التجارية. ومع ذلك، فانه لم يتبنى تعريفا شاملا للشركة التجارية رغم التعديلات
التي طالته، تاركا التعريف للقواعد العامة، لكنه حرص على تحديد معاير اساسية لتصنيف الشركات من حيث كونها
تجارية كالمعيار الشكلي والمعيار الموضوعي. حيث جاء في احكام المادة 544 من القانون
التجاري الجزائري، ان الطابع التجاري لشركة ما يحدد بشكلها او بموضوعها. واضاف انه تعد شركات التضامن وشركات التوصية
والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات المساهمة، شركات تجارية بحكم شكلها ومهما
يكن موضوعها [35].كما
اعتبر في المادة الثالثة منه، الشركات التجارية عملا تجاريا بحسب الشكل. وهي صياغة
ناقصة، لأنه توجد شركات تجارية بحسب الشكل وبحسب الموضوع. والاصح ان الشركة
التجارية، لها صفة التاجر، وهي شخص معنوي، اما الاعمال التي تقوم بها اصلا او
بالتبعية تكون اعمالا تجارية [36]. وبالنظر لطبيعة كل شركة وتباين خصائصها، فان
القانون اعتمد فكرة التعريف الخاص لبعض الشركات. فعلى سبيل المثال، عرف الشركة ذات
المسؤولية المحدودة بانها:{تؤسس من شخص واحد او عدة اشخاص لا يتحملون الخسائر الا
في حدود ما قدموا من حصص} [37]. ثم
اضاف، انه في حالة الشريك الوحيد بالنسبة لهذا الصنف من الشركات، فإنها تسمى:{مؤسسة
ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة} [38]. كما اعتبر القانون التجاري شركة المحاصة من
الشركات التي تؤسس بين شخصين طبيعيين او اكثر تتولى انجاز عمليات تجارية ولا تكشف
للغير، ولا تتمتع بالشخصية المعنوية ولا تخضع للإشهار[39] . خلاصة
القول، ان القانون التجاري لم يقدم تعريفا خاصا للشركة التجارية وهو عين الصواب،
لأن الشركة التجارية في الاصل متعددة وتحكمها معايير شكلية او موضوعية. ومع ذلك،
اعتمد القانون الحالات التي تعتبر فيها الشركة تجارية، وهي: o
تعدد الاشخاص ، على ان
لا يقل عددهم عن اثنين في الغالب o
تقديم حصص او مساهمات
لتكوين رأسمال الشركة o
تحقيق الارباح وتحمل الخسائر، حسب وضع الشركة وهذه الحالة الاخيرة (تحقيق الارباح وتحمل
الخسائر)، تختلف فيها الشركات التجارية، فالشركاء يتفاوتون في تحمل المسؤولية عن
ديونها والاعباء المترتبة عنها وكل حسب حصته وحسب نوع الشركة، لان بعض الشركاء تكون
مسؤوليتهم تضامنية، كما هو الحال في شركات التضامن والشركة ذات التوصية البسيطة. وقد
تكون مسئولية محدودة، مثل: شركات المساهمة والشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات
المسئولية المحدودة. 3- الشركات
التجارية في بعض القوانين الاجنبية اهتمت التشريعات العربية والمقارنة، بالشركات
التجارية لأهميتها البالغة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، نتطرق الى البعض منها: أ- الشركات في التشريعات العربية نذكر منها: القانون المصري، حيث جاء
تعريفها في المادة 505 من القانون المدني المصري بانها: عقد
بمقتضاه يلتزم شخصان او اكثر بان يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال
او من عمل، لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح او من خسارة [40].
وهو تعريف عام يشمل كل الشركات سواء كانت مدنية او تجارية. ولا يختلف كثيرا عن
التعريف الوارد في القانون المدني الجزائري. ومن جانبه اهتم القانون المدني الاردني
بالشركات وعرفها في المادة 582 بأنها: عقد يلتزم
بمقتضاه شخصان او اكثر بان يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصته من مال او
عمل، لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح او خسارة [41]. وقد عرف القانون التونسي المتعلق بمجلة
الشركات التجارية [42]
الشركة بأنها: عقد يتفق بمقتضاه شخصان او اكثر على تجميع مساهماتهم قصد اقتسام
الارباح او الانتفاع بما قد يحصل من نشاط الشركة من اقتصاد [43]. وعليه
نجد ان القانون التونسي اولى اهتماما بالشركات التجارية من خلال ضبط تشريع خاص بها،
وجعله مستقلا عن القانون التجاري. وهو النهج الذي سلكته ايضا بعض التشريعات
العربية. والملاحظ على مجمل التعاريف اعلاه، ان اغلب
التشريعات العربية قد اعتمدت على القواعد العامة، كمنطلق للتعريف بالشركات، وقد
سلك القانون التونسي وبعض التشريعات العربية مسلكا آخر، عندما خصصت للشركات التجارية، قانونا مستقلا عن
القانون التجاري، لكنها بالرغم من ذلك، قدمت تعريفا قد لا يختلف كثيرا عما ورد في
القانون المدني. وعليه،
فان استقلالية قانون الشركات التجارية عن القانون التجاري، يعتبر توجه مهم يتماشى
مع التحولات الاقتصادية الراهنة، ويؤكد على اهتمام التشريع بالشركات ومنحها مكانة قانونية
الى جانب القوانين الخاصة، للمساهمة اكثر في التنمية الاقتصادية وتسهيل التعامل
القانوني معها والتحكم في ضبط الضرائب المترتبة عنها ومراقبتها، باعتبارها من
اشخاص القانون. ب- الشركات في
القانون الفرنسي خص القانون المدني الفرنسي الشركات في
المواد من 1832 الى 1873. ونصت المادة
1832 منه، على
انه:{ينشئ الشركة شخصان او عدة اشخاص، يتفقون بموجب عقد على تخصيص اموال او
صناعتهم لمشروع مشترك بغية اقتسام الربح او الاستفادة من الوفر الذي ينتج عن هذا
العقد. ويمكن ان يتم انشاء الشركة بفعل ارادة شخص واحد في الحالات التي ينص عليها
القانون. ويتعهد الشركاء بالمساهمة في الخسائر} [44]. وعليه فان المادة
تؤكد من جهة على ان الشركة هي عقد، ومن جهة اخرى تعتمد على تعدد الاشخاص او
الشركاء. وأضافت المادة 1833 من نفس القانون على
انه:{يجب ان يكون لكل شركة موضوع مشروع وان يتم إنشاؤها للمصلحة المشتركة}. ويقصد
بالموضوع الغرض الذي يستهدف مديرو الشركة تحقيقه [45]. اما القانون التجاري الفرنسي الصادر سنة 1807م المعدل،
نجد انه لم
يعرف الشركات التجارية وتركها للقواعد العامة، وتناول انواع الشركات، منها: شركات
المساهمة وشركة التوصية بالأسهم [46]. اما
بالنسبة للقانون التجاري الفرنسي رقم 537 مؤرخ في24/07/1966م، ققد اعتمد
على المبادئ التي تقوم عليها كل شركة تجارية واستغنى ايضا عن التعريف، واكتفى
بتنظيم كل شركة حسب شكلها او موضوعها مقسما اياها الى شركات اشخاص وشركات اموال.
وهو نفس النهج الذي سار عليه القانون التجاري الجزائري. ومما سبق ذكره، يمكن تقديم الملاحظ الآتية: - ان اغلب
التشريعات المقارنة، لم تتبنى تعريفا للشركات في القانون التجاري. - ان اغلب الباحثين
في قانون الشركات التجارية اعتمدوا التعاريف الواردة في النص القانوني، بدلا من الاجتهاد
وابداء رأي خاص. - في الغالب
لا يوجد فرق كبير بين التعاريف الواردة على الشركات في القانون والفقه، ويرجح ان
الفقه قد سبق القانون في هذا الشأن، بحكم ان تفسير القانون مستمد من الفقه. - ان بعض
القوانين حددت حصة كل شريك في شركات الاموال. وبالمقارنة مع القانون التجاري
الجزائري، فان تحديد حصص الشركاء تركها لإرادة الشركاء المؤسسين او لمجلس ادارة
الشركة عند اختيار الاكتتاب العام. المطلب
الثاني: الطبيعة القانونية للشركات التجارية نقسم
هذا المطلب الى عنصرين، الاول نتطرق فيه الى العقد كمصدر للشركة التجارية، اما
العنصر الثاني فنخصصه للبحث في طبيعة الشركة كنظام قانوني. الفرع الاول:
الشركة التجارية عقد شكلي ورضائي ان
الطبيعة القانونية التي تحكم الاشخاص المكونين للشركة في الاصل نابعة من العقد
الخاضع للقواعد العامة المعمول بها في تنظيم التصرفات المالية. وعليه فان الشركاء
متى اتجهت ارادتهم الى احداث الاثر القانوني الذي يهدف الى نية الاشتراك وتحقيق
الاهداف المحتملة من هذا الاتفاق، فانهم امام عقد شركة، الذي يستمد خصائصه العامة
من نفس المبادئ التي تخضع لها العقود والالتزامات. كمبدأ العقد شريعة المتعاقدين
الذي لا يجوز نقضه او الغاءه الا باتفاق الاطراف، ومبدأ سلطان الارادة وحرية
التعاقد، فالشركاء احرار في التعاقد وفي اختيار بنود عقد الشركة وشكلها وموضوعها.
غير انه بالنظر الى مكانة الشركات ودورها الاقتصادي والاجتماعي، فان القانون اصبح
يتدخل اكثر لتقييد ارادة الشركاء لحماية مبدأ الثقة والائتمان الذي تبنى عليه
العلاقات التجارية [47]. الفرع الثاني:
الشركة التجارية نظام قانوني الملاحظ ان تدخل القانون في تنظيم الشركات، يتفاوت
من شركة الى اخرى، سواء من حيث تكوينها وتحديد قانونها الاساسي او من حيث تحديد عدد
الاشخاص المؤسسين او من حيث تحديد رأسمالها والاتفاق على توزيع الارباح وتحمل
الخسائر. حيث وصل هذا الضبط القانوني لبعض الشركات، كشركات الاموال الى ان اصبحت
تخضع لقواعد قانونية آمرة، اكثر من خضوعها لقانونها الأساسي. وهذا ما ادى ببعض
الشراح والباحثين الى القول، بأن الشركة نظام قانوني قائم بذاته [48].
ذلك لأن ارادة الشركاء بمجرد انشاء الشركة تذوب في الشخصية المعنوية للشركة التي
يخاطبها القانون. وهذا ما يجعل الطبيعة القانونية للشركة تتأثر وتتحول الى نظام
قانوني اكثر منه تعاقدي. والحقيقة في اعتقادنا، انه بالرغم من
الاتجاه القائل بالنظام القانوني، فان فكرة التعاقد لا يمكن انكارها فهي اصل
وجودها. فلولا اتجاه ارادة الشركاء ونيتهم في الاشتراك واحداث الأثر القانوني
المطلوب بتحقيق الهدف من الانشاء، لما وجدت الشركة اصلا. وعليه يمكن القول بان
الشركة التجارية لها طبيعة قانونية مزدوجة، فهي من جانب يحكمها العقد ومن جانب اخر
ينظمها القانون. فهي ذات صبغة تعاقدية في نشأتها الاولى، ثم يخضعها القانون لشروطه
التي تكتسب بها صفة جديدة هي الشخصية المعنوية. المطلب
الثالث: تمييز الشركة التجارية عن حالات مشابهة قد
تتشابه الشركات التجارية مع مراكز قانونية اخرى قريبة منها، الى حد الخلط بينها
احيانا، وبالتالي فان مسألة التمييز هنا، له اهمية بالغة سواء من الناحية
القانونية او من حيث الاثار التي تخلفها. ولتوضيح ذلك، نتطرق الى الآتي: الفرع الاول:
تمييز الشركة التجارية عن الشركة المدنية لقد
سادت فكرة تمييز الشركة التجارية عن الشركة المدنية، منذ القرن التاسع عشر في
فرنسا وذلك بالنظر الى موضوعها. وعندما صدر قانون 1893م، اصبح
التمييز بين الشركتين ينظر اليه من حيث الشكل، فاعتبر شركات المساهمة تجارية بحكم
الشكل بسبب وقوع تهرب ضريبي واخلال بالتزامات باختيار شركات موضوعها تجاري، لكنها
تخضع للقانون المدني. مثال ذلك: شركة قناة بناما الفرنسية للأشغال العقارية، التي هي
شركة تأسست في فرنسا بصفتها شركة مساهمة لكن موضوعها مدني، ثم عجزت عن تسديد ديونها،
وكان من غير الممكن ان تخضع للإفلاس او التسوية القضائية، بحكم ان موضوعها ذو طابع
مدني، ولا تطبق عليها احكام القانون التجاري. فاعتبرها القانون تجارية بحكم الشكل
ولو كان موضوعها مدني. وفي سنة 1925م، اضيفت لها
الشركات ذات المسئولية المحدودة. ثم اضاف القانون التجاري الفرنسي لسنة 1966م، شركات
التضامن والتوصية واعتبرها تجارية بحكم الشكل ومهما كان موضوعها [49]. اما في القانون الجزائري، فان معيار
التمييز تناوله القانون التجاري عندما اكد على ان الطابع التجاري لشركة ما يكون
بشكلها او بموضوعها، ثم اكد على شركات بعينها بانها تجارية بحكم شكلها وأيا كان
موضوعها [50].
وهذا ما يفسر أنه غلب المعيار الشكلي للشركات التجارية على المعيار الموضوعي. وعليه فان
الشركة التي تقوم بأعمال تجارية، تعد تاجرا وتسري عليها احكام القانون التجاري وفي
حالة انعدام النص يطبق القانون المدني واعراف المهنة [51]. وقد
ميز القانون التجاري بين الاعمال التجارية بحسب الشكل والاعمال بحسب الموضوع
والاعمال بالتبعية. اما الحالات التي يعد فيها العمل تجاريا بحسب الشكل، فهي
الحالات التي نصت عليها المادة الثالثة منه وحصرتها فيما يلي [52] : - التعامل
بالسفتجة بين كل الاشخاص - الشركات
التجارية [53]. وعليه فان كل عمل يخرج عن الطابع التجاري،
يعد عملا مدنيا يمكن ان تقوم به الشركات المدنية التي تخضع بصفة مباشرة لأحكام عقد
الشركة المدني. ومن الحالات التي يكون فيها النشاط مدنيا قيام الشركة بالاستغلال
الزراعي او تربية الحيوانات او تقديم خدمات او اعمال لها طابع مدني. ومهما كان الوضع، فان
القانون بصفة عامة ينظر الى الشركة المدنية حسب الغرض من تأسيسها والاهداف المحددة
في قانونها الاساسي. اما في حالة
قيامها بالخلط بين النشاط المدني والنشاط التجاري، فينظر لها من خلال الغرض الرئيسي الذي تقوم به
ويغلب الغرض التجاري. [54].
ومن اهم النتائج المترتبة عن التمييز بين
الشركات التجارية والشركات المدنية، نذكر ما يلي: 1- من حيث
العقد ان
عقد الشركة المدنية، يخضع لأحكام المواد 416 الى 449 من القانون
المدني، ولا علاقة له بأحكام القانون التجاري. اما العقد التأسيسي للشركة
التجارية، فتطبق عليه احكام القانون التجاري وعلى الخصوص المواد من 544 الى 840 منه.
واستثناء يمكن الرجوع الى القانون المدني في الحالات التي لم يرد فيها نص خاص. و
هو الحكم الذي أكدت عليه المادة 449 من القانون المدني
التي جاء فيها انه:{لا تطبق مقتضيات هذا الفصل على الشركات التجارية إلا فيما
يخالف القوانين التجارية والعرف التجاري}. 2- في الموضوع يختلفان من حيث ان الشركة التجارية تكتسب
صفة التاجر وتخضع لالتزاماته القانونية، منذ تأسيسها وبمجرد قيامها بالأعمال
التجارية المنتظمة والمستمرة، بينما الشركة المدنية ليست لها هذه الصفة. 3- من حيث
اكتساب الشخصية المعنوية الشركة المدنية تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد
تكوينها بالعقد التأسيسي المكتوب امام الموثق، ولا تكون حجة على الغير الا بشهرها
واعلانها للجمهور. بينما الشركة التجارية لا تكون لها شخصية معنوية بمجرد العقد
التأسيسي، لان القانون التجاري يفرض على الشركات حسب الشكل ومهما كان موضوعها،
الخضوع لإجراءات القيد والاشهار في السجل التجاري، فتكتسب الشخصية المعنوية من
تاريخ هذا القيد. باستثناء شركة المحاصة التي هي تجارية بحكم الموضوع والقانون
لا يلزمها بالقيد والاشهار، فلا تكتسب الشخصية المعنوية. 4- في تحمل
المسؤولية بين الشركتين مسؤولية الشركاء في الشركة المدنية تكون
حسب نصيب كل واحد في راس المال، بينما في الشركة التجارية، تختلف حسب الشكل
والموضوع، من شركة الى اخرى. ففي شركة التضامن يسأل جميع الشركاء عن الديون بصفة
شخصية ومطلقة. بينما في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة فالمسؤولية
تكون محدودة بقدر الحصة التي قدمها الشريك في رأسمال الشركة. 5- من حيث
التقادم المسقط للدعاوى تختلف المدة القانونية في التقادم المسقط
للدعاوى بين الشركات المدنية التي تسقط بمضي خمس عشرة (15) سنة، اما الشركات
التجارية فتنقضي الدعاوى حسب الاوضاع القانونية التي تكون عليها الشركة وكذلك حسب
طبيعة النشاط الذي تقوم به او الغرض من وجودها، وكذلك بالنظر الى الحالة التي تكون
فيها من حيث الشكل. وفي كل الاحوال تتقادم بمرور خمس (5) سنوات كحد
اقصى. غير ان
الدعاوى القضائية المتعلقة بحالات التقادم في الشركات التجارية قد تتعدد، ولهذا
حددها القانون التجاري في الأوضاع التالية: - الدعاوى المتعلقة بالشركات التجارية،
التي تتقادم بمضي خمس سنوات من تاريخ نشر انحلال الشركة بالسجل التجاري [55]. - دعوى بطلان الشركة او الاعمال والمداولات
المرتبطة بها تتقادم بمضي اجل ثلاث سنوات من تاريخ حصول البطلان [56]. - دعوى المسؤولية المدنية المبنية على ابطال
الشركة، التي تتقادم بمضي ثلاثة(3) اعوام من تاريخ اكتساب حكم البطلان قوة
الشيء المقضي به. - دعوى تعويض الضرر في حالة زوال سبب
البطلان، تتقادم بعد مرور ثلاث سنوات (3) من تاريخ كشف البطلان [57]. - الدعاوى القضائية المتعلقة بالشركات
المدنية، تتقادم بعد مرور خمس (15) عشرة سنة [58]. الفرع الثاني: الفرق بين الشركة التجارية والمؤسسة
التجارية المؤسسة التجارية، مشروع فردي ذو طابع تجاري
وصاحب المشروع يجب ان يكون مقيد في السجل التجاري بصفته يمارس عملا تجاريا ويتخذه
مهنة مستمرة ومنتظمة قصد تحقيق الربح[59].
وهي في نظر البعض اداة المشروع التجاري، الذي يتألف من مجموع عناصر مادية ومعنوية
مخصصة لمهنة تجارية [60]. وبالتالي
فهي مؤسسة فردية تتكون من محل تجاري ومن الحقوق المتصلة به لها عناصر اساسية
كالزبائن الذي يعتبر وحده كافيا لتكوين المؤسسة التجارية بالإضافة الى الاسم
والشعار وعناصر اخرى [61]. بهذا المفهوم تلتقي الشركة التجارية مع المؤسسة
التجارية في كونهما يمارسان عملا تجاريا ولهما صفة التاجر، ويخضعان للقيد في السجل
التجاري بصفة الزامية، طبقا للقانون. ويختلفان من حيث شروط التكوين، فالشركة بهذه
الصفة، يشترط فيها تعدد الشركاء وتحقيق الارباح وتحمل الخسائر. اما المؤسسة
التجارية فيكفي لقيامها ان يؤسسها شخص واحد برأسمال ومسئوليته محدودة. وقد اكد
القانون التجاري في حالة الشركة ذات المسؤولية المحدودة على انه اذا كانت الشركة
ذات المسؤولية المحدودة لا تضم الا شخصا واحدا كشريك وحيد، تسمى مؤسسة ذات الشخص
الوحيد وذات المسؤولية المحدودة [62]. الفرع الثالث: التمييز بين الشركة
التجارية والجمعية المدنية سمح القانون لكل شخص طبيعي راغب في تحقيق
اهداف ذات ابعاد ثقافية او اجتماعية او علمية او رياضية وغيرها، بتكوين جمعيات
مدنية. وذلك في اطار أحكام
القانون رقم .06/12المؤرخ في: 12/01/2012م، المتعلق بالجمعيات.
ويشترط القانون ان يكون
للجمعية مقرا تمارس فيه نشاطاتها. يخضع اقتنائه اما بالإيجار او التملك. وعليه فان
الشركة التجارية، تختلف عن الجمعية المدنية من حيث القانون المنظم لهما، ومن حيث طبيعة
النشاط الذي تقوم به كل من الشركة والجمعية، فالشركة التجارية لها نشاط تجاري، تهدف
من ورائها لتحقيق الارباح ويخضع نشاطها لأحكام القانون التجاري، وتعتبر من اشخاص
القانون. اما الجمعية فهي تلتقي مع الشركة في كونها من اشخاص القانون، غير ان نشاطها
مدني ولا تسعى لتحقيق الربح الا في حدود ضيقة وتخضع لقانون خاص بها. او كما يرى
البعض انها: عبارة عن جماعة اشخاص ذات تنظيم مستمر تتألف من عشرة اشخاص على الاقل،
بغرض غير الحصول على ربح مادي [63]. وتجدر
الاشارة، الى ان الجمعيات الاجنبية يمكن الاعتراف بها بشرط ان تخضع عند تأسيسها في
الجزائر الى الموافقة الرسمية لوزير الداخلية بقرار ينشر في الجريدة الرسمية،
بالإضافة الى موافقة وزير القطاع الذي يهمه الامر او المعني، حسب موضوع الجمعية
المدنية وطبيعة نشاطها الذي يجب ان يخضع للشروط المحددة في قانون الجمعيات منها
على الخصوص: ان يكون النشاط الذي تقوم به الجمعية الأجنبية مشروعا بمعنى غير مخالف
للنظام العام او الآداب العامة. فمثلا: اذا كان موضوعها له طابع ثقافي، فان وزير
الثقافة يكون هو المعني بالموافقة [64]. كما انه يجوز للجمعية ان تتحول الى تجمع اقتصادي وفق ما
نصت عليه المادة:799 مكرر4، من
القانون التجاري. بشرط ان يكون موضوعها متناسبا مع تعريف التجمع الذي يقصد به
تطبيق كل الوسائل الملائمة لتسهيل النشاط الاقتصادي للأعضاء او تطويره وتحسين
نتائج النشاط وتنميته. الفرع الرابع: الفرق بين الشركة التجارية والشركة
القابضة الشركة
التجارية حددها القانون وصنفها بهذه الصفة أي كونها تجارية بحكم الشكل او الموضوع
ومنحها صفة التاجر، اما الشركة القابضة فقد لمح اليها باعتبارها شركة تتحكم في
رؤوس اموال، في شكل شركة ذات اسهم. وتناولها الفقه من خلال عدة آراء، منها من يرى
بأنها: شركة تجارية مساهمة لكن غرضها الأساسي والوحيد هو استثمار اموالها
بالمساهمة في رأسمال مجموعة من الشركات، وهي التي تتولى ادارة محفظة الاوراق
المالية المملوكة لها [65]. وعليه
فان الشركة القابضة من الناحية القانونية، تعتبر شركة تجارية مساهمة برأسمال كبير
لمجموعة من الشركات التجارية، فهي شركة المساهمة قابضة لرأسمال شركات تابعة لها. [1] :
ابو عبد الله محمد الخرشي: المختصر الجليل للإمام ابي الضياء سيدي خليل ، الجزء
الرابع، ط/1، بالمطبعة العامرة الشرقية،
مصر المحروسة، سنة 1316 هـ، الموافق 1884م ، ص 253. [2] : سعدي ابو جيب: القاموس الفقهي – لغة واصطلاحا – دار
الفكر، طبعة ثانية، 1408هـ/ 1988م، دمشق ، سورية، ص 194. [3] : عماد عبد الحفيظ الزيادات: شركة الاعمال واحكامها
في الفقه الاسلامي، دار النفائس، طبعة اولى، 2008م، عمان، الاردن، ص 31. [4] : سورة طه/ الآية:
29-32. [5] : سورة فاطر/ الآية:40. [6] : سعدي ابو جيب: نفس المرجع، ص 195. [7] : سورة الصافات: الآية:
33. [8] : سعيد حوى: الاساس في
التفسير، المجلد الخامس، ص 271. [9] : سورة
النساء/الآية:12. [10] :
محمد بن احمد الانصاري
القرطبي: تفسير القرآن، دار الفكر، ج/5، ص 70. [11] : د/ مصباح متولي السيد
حماد وآخرون: فقه المعاملات، طبعة رابعة، 1419هـ/1998م، معهد الاستقامة للدراسات
الاسلامية، بزنجبار، ص 181. [12] :
د/ مصباح متولي السيد
حماد وآخرون: نفس المرجع السابق، ص 182. [13] : زياد صبحي ذياب:
افلاس الشركات في الفقه الاسلامي والقانون – دراسة مقارنة- ط/1، دار النفائس،
1432هـ/2011م ، عمان، الاردن، ص 23. [14] : محمد عمر
احمد شاهين: التحولات التي احدثها الاسلام في النظام القانوني عند العرب، ط/1،
1429هـ/2008م، دار العلوم، الاردن، ص 185. [15] :أ. د. عدنان احمد
الصمادي: المدخل الى النظام الاقتصادي في الاسلام، عالم الكتب الحديث، ط/1، 2015،
إربد، الأردن، ص 138. ايضا: أبو مالك كمال
بن السيد سالم: كشف الأكنة عن بحوث لم تذكر في صحيح فقه السنة، ط/1، المكتبة التوفيقية، 2012م، مصر، ص: 372. [16] : أبو مالك كمال بن
السيد سالم: مرجع سابق، ص: 372. [17] : أ. د. خالد بن علي بن
محمد المشيقح: المختصر في المعاملات، مكتبة الرشد، الرياض، ط/3، 1437هـ/2016م، ص
163. [18] : وهبة الزحيلي: الفقه
الاسلامي وادلته ، ج/5، دار الفكر ، بيروت لبنان، ط/4، 1997، ص: 3876. ايضا: د/
مصباح متولي السيد حماد وآخرون، مرجع سابق، ص 181. [19] : الشيخ خالد عبد
الرحمان العك : موسوعة الفقه المالكي، م/4، ط/3، 1437هـ/2017م، دار الفجر
الاسلامي، دار الحكمة للطباعة والنشر، دمشق، ص 19. [20] : الشيخ خالد عبد
الرحمان العك : نفس المرجع السابق ، ص 19. [21] :أ. د. عدنان احمد
الصمادي: مرجع سابق ، ص 139. [22] : الشيح خليل بن اسحاق
المالكي: تعليق، احمد علي حركات: مختصر العلامة خليل في فقه الامام مالك، طبعة 1999م، دار الفكر، بيروت،
لبنان، ص 214. [23] : عماد عبد الحفيظ
الزيادات: مرجع سابق ، ص:36. [24] : وهبة الزحيلي: مرجع سابق ،ص: 3876 [25] : أ د . احمد ابو الوفا: احكام القانون التجاري في
الفقه الاباضي، ج/3، الشركات التجارية - الافلاس، ط/1، 1438هـ/2017م، وزارة الاوقاف والشؤون الدينية – سلطنة عمان –
ص 17. [26] : وهبة الزحيلي: نفس المرجع ،ص: 3876 [27] : أبو مالك كمال بن
السيد سالم: نفس المرجع سابق، ص: 377. [28] : أبو مالك كمال بن
السيد سالم: نفس المرجع السابق، ص: 377. [29] : أبو مالك كمال بن
السيد سالم: مرجع سابق، ص: 378. [30] : أ. د. خالد بن علي بن
محمد المشيقح: مرجع سابق، ص 164. [31] : ابراهيم النجار ة احمد زكي بدوي ويوسف شلالا:
القاموس القانوني – فرنسي – عربي، مكتبة لبنان، 1983م، ص 265. [32] : عبد الرزاق احمد
السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، ج/5، منشورات الحلبي الحقوقية ،
بيروت، لبنان، 2000، ص: 219. [33] : عبد الرزاق احمد
السنهوري: نفس المرجع ، ص: 220. [34] : احمد محرز : مرجع
سابق ، ص: 3. [35] : المادة 544 من
القانون التجاري الجزائري [36] :علي بن غانم: الوجيز
في القانون التجاري وقانون الاعمال، موفم للنشر والتوزيع، 2002م، الجزائر ، ص 129. [37] :
الفقرة الاولى من المادة 564 من القانون التجاري الجزائري [38] : الفقرة الثانية من
المادة 564 من القانون التجاري الجزائري [39] : 795 مكرر1 و2، من
القانون التجاري الجزائري [40] : محمد فريد العريني وجلال وفاء البدري محمدين: قانون
الاعمال – دراسة في النشاط التجاري وآلياته ، ط/2000، دار الجامعة الجديدة، ص:175. [41] : عماد عبد الحفيظ الزيادات: مرجع سابق ، ص: 44. [42] : القانون عدد: 93 لسنة
2000، مؤرخ في: 03/11/2000، يتعلق بإصدار مجلة الشركات التجارية، الصادر في لرائد
الرسمي عدد 89، مؤرخ في 7 نوفمبر 2000. [43] : الفصل الثاني من مجلة
الشركات التجارية التونسية، المذكورة اعلاه. [44] : اعداد البروفيسور فايز الحاج شاهين وترجمة مجموعة
من الاساتذة منهم ادوارد عيد و بشير بيلاني: القانون المدني الفرنسي بالعربية،
طبعة دالوز، 2009م، الثامنة بعد المائة، بالعربية، بيروت لبنان، ص: 1785. [45] : القانون المدني الفرنسي بالعربية: نفس المرجع السابق: ص: 1787. [46] :بلال عطية حسين فرج الله: مرجع سابق ، ص 30. [47] : احمد محرز: مرجع سابق ، ص: 18 [48] : احمد محرز: نفس سابق
، ص: 10 [49] : د. محمد حسنين:
الوجيز في نظرية الحق بوجه عام، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985، الجزائر ، ص 172. [50] : المادة: 544 من
القانون التجاري الجزائري [51] : المادة الاولى
والمادة الاولى مكرر من القانون التجاري الجزائري [52] : المادة: 03 من القانون التجاري الجزائري [53] : المادة: 02 من القانون التجاري الجزائري [54] : احمد محرز : مرجع
سابق ، ص: 23. [55] : المادة 777 من
القانون التجاري [56] : المادة 740 من
القانون التجاري [57] : المادة 743 من
القانون التجاري [58] : المادة 102 مدني
جزائري [59] : الطيب بلولة ، ترجمة
الى العربية محمد بن بوزة ، مرجع سابق ن ص: 43. [60] : مصطفى كمال طه: مرجع
سابق، ص 95. [61] : الياس جوزيف ابو عيد:
المؤسسة التجارية – التمثيل التجاري- ج/1، دار بيريت ، 1983، بيروت لبنان، ص: 15. [62] : الفقرة الثانية من المادة 564 من
القانون التجاري الجزائري [63] : د. مصطفى الجمال
ونبيل ابراهيم سعد: مرجع سابق، ص 589. [64] : د. محمد حسنين: مرجع
سابق، ص 178. [65] :عباس حلمي المنزلاوي:
القانون التجاري- الشركات التجارية- د م ج، الجزائر، 1984، ص 9.