إذا كانت الإدارة تعتبر يد الدولة في تحقيق وظائفها، فإن الوظيفة العمومية وسيلة الإدارة في تحقيق أهدافها الرامية لإشباع الحاجات العامة لمرتفقيها من الافراد، كونها واجهة الإدارة معهم تنفيذا للقوانين والتنظيمات في مواجهة المخاطبين بها، من هذا المنطلق تتجلى أهمية الوظيفة العمومية في الدولة كونها تعد تكريسا لحسن سير المرافق العامة وتجسيدها لمبدأ مشاركة الفرد في تسيير شؤون بلاده، بذلك يبرز مسعى الدول إلى تعديل وتحيين التشريعات المنظمة لهذا المجال باستمرار في إطار تحقيق الموازنة بين متطلبات الخدمة العمومية وتحقيق حاجات الموظف العام.

لا يتأنى القيام بمثل هذه المهام الموكلة للموظف العمومي تحت مضلة الوظيفة العمومية الا من خلال اكسابهم طابع التخصص والمهنية لمواكبة تحولات الدولة وتشعب وظائفها مسعاهم في ذلك الحوكمة، كما احاطت الوظيفة العمومية بطابع المرونة وتوسيع نطاق اختصاصاتها وتعداد المنتسبين اليها من خلال اهتمام الدولة بموظفيها كمورد بشري هام وفعال تحقيقا للمصلحة العامة وتنفيذا لسياسات الدولة في برامجها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية...؛ من خلال إدارة مرافقها ومؤسساتها العامة.

على هذا يعد اكتساب صفة الموظف العمومي حلم الكثيرين ومطمعهم نظرا للبعد التنظيمي القانوني لمجال الوظيفة العمومية والموظف العام كونه يؤسس لضمان نوع من التوازن بين الحاجة إلى حسن سيرورة المرافق العامة باستمرار واضطراد ولضمان الفاعلية فيه وبين الحاجة المشروعة للموظفين في التمتع بنظام قانوني متوازن تأطيري وحمائي يكفل لهم ضمانات الاستقرار والطمأنينة والحفاظ على كيانهم المادي وهدؤهم النفسي في حياتهم الوظيفية.

تعتبر السنة الثالثة ليسانس قانون عام مرحلة مفصلية في دراسة الحقوق من خلالها الطالب يحتاج لتلقي مجموعة من العلوم والمعارف تساعده في وضع أرضية اختياره المستقبلي في الطور الثاني "مرحلة الماستر" سواء في اختياره خاصة للقانون الإداري أو القانون الجنائي كتخصص، بذلك تعتبر دراسة الوظيفة العمومية أرضية مشتركة بين التخصصين، من جهة القانون الإداري كأهم وسائل الإدارة في تنفيذ المهام الموكلة لها من خلال مواردها البشرية، أما من جهة القانون الجنائي فنجد ارتباط الموظف العمومي بالمال العام وأملاك الدولة وانفاقها يجعل منها ذات الأهمية أيضا.