مقدمة
تعتبــر الملكية العقاريــة وما يتعلق بها من حقوق عينية النِـــواة الأساسيـة التي تقـــام عليها الحقوق المالية، وهذه تجد لها جملة من الأحكام القانونية التي تحددها وتنظمها، وترتب آثارها، وكيفيات حمايتها، ولهذا السبب كانت من أهم مواضيع حقوق الإنسان، بل أنها مقياس ممارسته لحرياته الفردية المتنوعة، خاصة الحريـــة الاقتصادية، ويتأسس محلها على العقار، الذي من جهة يمثل هو وتوابعه نطاقا واسعا للملكية، ومن هنا رتب عليه القانون الحماية اللازمة، ومن جهة أخرى، نجده يمثل جزء لا يتجزأ من إقليم الدولة، سواء بإنتمائه إلى إقليم البلدية، وإقليم الوطن ككل، وهنا نجده موضوعا متسع الزوايا التي يتدخل منها القانون، بدء من القانـــون الدستوري، الذي ينظر إلى الإقليم بأنه ركن من أركان الدولة، واعتباره معيارا من معايير سريان قانونها، وفقا لمبدأ الإقليمية، فضلا عن الاعتماد عليه في أحكام العديد من القوانين الأخرى، منها القوانيــــن الضريبية، ومنها ما يتعلق بتنظيم البلاد، ومنها ما يتعلق بتهيئة الإقليم وتنميته المستـــدامــة، وفي نفس السياق، موضوع قانون التهيئة والتعميــــر، لاستنــــاد أدواتــــه إليـــه، وتفعيــــل وسائلـــه على أجزائــه، ومن ثم السعي لتنظيم حركة العمران والتحكم في جزئياتها من خلاله.
إن
الملكية العقارية إذا ترتب للإنسان الحق الدائـــم والمطلق والمقــــدس بموجب
الدساتير، لكن الإقليم الذي يمثل محلها جزء منه، يسمح للدولة عن طريق سلطاتها
الإدارية أن تضبط مجاله وتتحكم في نمـــوه وتنميتـــه بشكـــل الذي يحقـــق
مقوماته ويضمـــن الانسجـــام في ذلك، وعليه، نجـــد هـــدف الفرد كمالك أو صاحب
حـــق عيني، وهـــدف السلطة كمنظمـــة التـي تسعـــى لتحقيـــق النظـــام العـــام
للعمـــران، يتقابلان في مواجهة الملكيـــة العقاريـــة، خاصــة مـــــن بـــاب
استعمالهــــا، ومــــن هنــــا، سنبـــدأ دراستــنــــا، لمــوضـــوع هـــذا
المقيـــاس، حيث سنعـــرض في البدايـــة بعض المفاهيم حول الملكية العقارية، ثم
نتناول بعدها المحاور المتعلقة بالتعمير كما يلي:
- معلم: slimane bouzekri