بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أقدم لطلبتنا الأفاضل محاضرات مقياس الاقتصاد السياسي، المقرر خلال السداسي الثاني، ليسانس، وفق المحاور التالية:
المحور الاول: مدخل مفاهيمي لعلم الاقتصاد والاقتصاد السياسي
1- تعريف الاقتصاد بشكل عام
1-1 كلمة اقتصاد في اللغة
1-2 الاقتصاد في الاصطلاح
2- تعريف الاقتصاد السياسي « Political Economic »
2-1: الاقتصاد السياسي في الاصطلاح الحديث
2-2: التعريف المعاصر للاقتصاد السياسي
3: علاقة الاقتصاد السياسي بالعلوم الاخرى
3-1: الاقتصاد السياسي وعلم التاريخ والجغرافية
3-3: الاقتصاد السياسي وعلم النفس
3-4: الاقتصاد السياسي وعلم الاجتماع
3-5: الاقتصاد السياسي والعلوم السياسية
3-6: الاقتصاد السياسي والرياضيات
3-7: الاقتصاد السياسي والقانون
المحور الثاني: تطور الفكر والنظم الاقتصادية
1- الاقتصاد السياسي في الفكر الرأسمالي الأوروبي
1-1: الاقتصاد الروماني القديم
1-2: الاقتصاد الاوربي في القرون الوسطى
1-3: الفكر الاقتصادي الاوروبي الحديث
- المدرسة التجارية (المركانتيلية) Mercantiliste
- المدرسة الفيزيوقراطية (الطبيعية)
-المدرسة الكلاسيكية(القرن19) The Classical School
- المدرسة الحديثة
2- الاقتصاد السياسي الاشتراكي
2-1: الاشتراكية المثالية
2-2: الاشتراكية العلمية الماركسية
2-3: نقد الفكر الاشتراكي
3- الاقتصاد السياسي المعاصر
3-1: المؤسسات العالمية
- صندوق النقد الدولي
- البنك الدولي للإنشاء والتعمير
3-2: المنظمات الدولية
- الاتحاد الاوروبي
- منظمة التجارة الدولية
المحور الثالث: الاقتصاد الإسلامي
1- أصول الفكر الاقتصادي الاسلامي
1-1: الاقتصاد في القرآن الكريم
1-2 : مرجعيات الفكر الاقتصادي العربي الاسلامي
- العلامة ابن خلدون
- الامام المقريزي
2- خصائص الاقتصاد الاسلامي
مقدمة
القانون، الاقتصاد، والسياسة، مصطلحات متعددة الابعاد ومن اكثر الكلمات تداولا في عصرنا. اهتمت بها الدراسات والأبحاث المتعددة ووسائل الاعلام لتأثيرها في حياة الناس وعلاقات الدول اذ لا يوجد اقتصاد دون تدخل القانون لضبط نشاطه وتنظيم أدواته كما لا توجد سياسة دون خطة اقتصادية ترسمها سلطة الدولة.
فالاقتصاد يتجاذبه القانون والسياسة ليرتكز على أسس علمية لتحقيق الأهداف المرجوة منه. على اساس انه علم يهتم بعمليات مستمرة يعرفها ويتقنها الجميع: فالبيع والشراء، الانتاج، الاستهلاك، المصاريف والاستثمارات، البحث عن عمل، القيام بعمل لضمان الحياة، شراء اسهم في البورصات المالية، استيراد منتوجات، التفاوض لشراء سيارة او الحصول على امتياز بترولي، اتخاذ قرار بإنشاء مركز نووي او مصنع، تحديد قيمة عملة او شراء رغيف خبز، كلها قرارات اقتصادية. لهذا فان الاقتصاد موجود في حياتنا وعلى مستوى كل الاصعدة الاجتماعية، من اعلى الاختيارات السياسية الى اقل معاملة يومية، وهنا تكمن الصعوبة [1]. بسبب تنوع مجالاته الى عدة اقسام، منها: الاقتصاد الزراعي، والعائلي، والصناعي، والكلي، والجزئي، والاقتصاد السياسي للتنمية، والاقتصاد السياسي[2].
وعليه، فان دراسة علم الاقتصاد السياسي لا يقل اهمية عن علوم أخرى قريبة منه أو بعيدة عنه.
وقد تأثر بتطور الافكار الاقتصادية التي هي نتيجة تطور أحداث اقتصادية وسياسية قبل القرن15م، وقبل ميلاد الرأسمالية، اين كانت دائرة الحياة الاقتصادية ضيقة ترتبط بالزراعة البدائية والاقطاعية، ثم الزراعة التجارية. التي تبلورت في التيارات التجارية والصناعية بعد الاكتشافات والاختراعات التقنية التي أدت الى تفكير جديد في كافة المجالات، منها المجال الاقتصادي. فأدت التطورات الى احداث انظمة اقتصادية تقدمية وداعمة للحرية الفردية، في ظل رأسمالية احدث تحولات كبيرة في الاقتصاد العالمي، لكن نتجت عنه سلبيات مضرة بطبقة العمال والمزارعين، مهدت لفكر اقتصادي اشتراكي مطلع القرن20.
وفي ظل الافكار الاقتصادية، ظهرت مدارس وتيارات الفكرية الاقتصادية كونت ما اصطلح عليه بعلم "الاقتصاد". ثم ناد اخرون بفكرة الاقتصاد السياسي، الذي لقي أهمية بالغة، في السياسة والاقتصاد والقانون وفي مختلف الدراسات.
فمن المهم ان يدرس الطالب في العلوم القانونية، الاقتصاد السياسي ليتعرف على الافكار والمبادئ الاقتصادية، ليكون على صلة بالظاهرة الاقتصادية، التي لا تنفصل عن القانون لأنه قد يتدخل لتنظيمها وحماية مركزها القانوني. وهذا التوجه هو انطلاقة لتطور الفكر القانوني ايضا، لربطه بالعلوم القريبة منه باعتباره علم لا يخرج عن دائرة العلوم الاجتماعية بشكل عام.
في هذا السياق، ذهب بعض فقهاء القانون[3]، الى أنه: "لا يمكن عزل القانون عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع، ومن ثم فإن كل ما يتضمنه بين دفتيه من نصوص يضعها المشرع لا يمكن ان تأتي منفصلة عن هذه الظروف، بل على العكس يجب ان تتماشى هذه الظروف مع الأوضاع الجديدة المتطورة "[4].
فالقانون: أداة تنظيمية تستخدمها الدولة للتوجيه الاقتصادي بكافة اشكاله ومسمياته، ولهذا تعددت القوانين والتشريعات الاقتصادية في سائر فروع القانون العام والقانون الخاص التي بمقتضى وضعها وتفسيرها وتطبيقها إلماما واسعا بالمعارف والقوانين التي يحفل بها الاقتصاد السياسي [5].
من هذا المنطلق، اخذ الاقتصاد السياسي طريقه نحو الاهتمام وحظي بمكانة كبرى في الدراسات الجامعية، وأصبح يدرس في الاقتصاد والقانون والعلوم السياسية وعلم الاجتماع، وغيرها، نظرا لارتباطه بالظاهرة الاقتصادية والنشاط الاقتصادي الذي يهتم في الاساس بتلبية الاحتياجات ويبحث في ادارة الموارد الاقتصادية ويسعى لتحليل الحالات المرتبطة بها.
فهل قدم الاقتصاد السياسي الحلول المناسبة للمشكلات الاقتصادية التي تناولها فكريا ونظريا وسياسيا، خاصة في ظل الدولة المعاصرة والتحديات التكنولوجية والالكترونية التي أصبحت ظاهرة عالمية، اختزلت الزمن والمكان، وتحولت فيه التجارة والاقتصاد من الطرق التقليدية، الى التجارة الالكترونية؟.
وللإحاطة بالجوانب المرتبطة بالاقتصاد السياسي، نتطرق اولا الى مدخل مفاهيمي لعلم الاقتصاد السياسي، ثم نعرج الى تطور الفكر الاقتصادي واهم المدارس الاقتصادية الناشئة عنه :.
المحاضرة
الثانية: مدخل مفاهيمي لعلم الاقتصاد والاقتصاد السياسي 1-تعريف الاقتصاد بشكل عام نتطرق الى التعريف اللغوي
ثم الاصطلاحي 1-1
كلمة اقتصاد في اللغة الاقتصاد لغة مشتق من كلمة "قصد" وهو
بين الاسراف والتقتير في الانفاق، والقصد هو العدل .[1] وفي القرآن الكريم، نجد آيات تدل على الاقتصاد،
منها الآية:{وأقصد في مشيك} لقمان/19، بمعنى التوسط بين الاسراع والبطيء. والآية:{منهم أمة مقتصدة}المائدة/66،
والمقصود بها أمة مستقيمة [2]. كما
جاء معنى الاقتصاد في الحديث النبوي الشريف: {ما عال من اقتصد}[3]. اما كلمة اقتصاد في اللغة الانكليزية « Economics »، ومصدرها من اليونانية في
كلمة: « Oikonomos »، والمتكونة من كلمتين « Oiko »، وتعني البيت، و « nomos »، ويقصد به التدبير [4].
ويعتبر الفيلسوف اليوناني "ارسطوا طاليس" اول من استخدم هذا
المعنى [5]. 1-2 الاقتصاد في الاصطلاح ذهب "بول لوروا بوليو" في
القرن19 الى ان الاقتصاد: "علم يبحث في القوانين العامة التي تسيطر على نشاط
الجهود البشرية في سبيل انتاج واستعمال الأرزاق التي لا تمنحها الطبيعة للإنسان
عفوا ولا مجانا" [6]. لكن الأستاذ أحمد السمان اعتبره تعريفا غير واقعي،
لان علم الاقتصاد ليس بعلم انتاج الثروة، الذي تختص به علوم اخرى كالميكانيك والفيزياء
والكيمياء، كما انه لا يعني" بجميع القوانين التي تسيطر على نشاط الجهود
البشرية.."، بل يقتصر على الخدمات والجهود التي تقوم بوظيفة اقتصادية لها
قيمة في التبادل والتجارة. ولذلك كان "ماك كوللوك" و"
سليغمان" مصيبين حين عرفا علم الاقتصاد " بعلم القيمة" [7]. كما اعتقد آخرون أنه: دراسة لنشاط الانسان في
استعماله موارده النادرة التي تصلح لإشباع حاجاته المتعددة [8]. 2-تعريف الاقتصاد السياسي « Political Economic » وردت
عدة تعاريف حول مصطلح الاقتصاد السياسي. 2-1:
الاقتصاد السياسي في الاصطلاح الحديث ذهب اقتصاديون الى ان اول من استخدم مصطلح
"الاقتصاد السياسي"، هو الفرنسي "انطوان دي مونكرتيان"
(1575-1621م)، في كتابه" دراسات في الاقتصاد السياسي"، لتمييز
بحثه عن افكار طرحها اليونانيون، امثال: "ارسطو"، حول الاقتصاد كمسائل تعالج
قواعد ادارة المنزل. فكانت اضافة وصف السياسي الى الاقتصاد كإشارة الى انه يدرس
ظواهر ثروة الدولة، لا ثروة الاسرة او تدبير المنزل. اما الغرض الثاني فكان سياسيا
اذ ان معظم الكتاب يبحث في الوسائل التي تبرر للدولة التي لا تمتلك المعادن
النفيسة ان تحصل عليها فتحفظ بذلك مكانتها
في التجارة الخارجية[9].
فكان الاقتصاد السياسي عند "انطوان
دي مونكرتيان": هو تحديد معالم السياسة التي يجب ان تتبعها الدولة
للزيادة من ثروتها ومن اغناء نفسها [10]. ثم
انتقل كمصطلح الى انكلترا حين استخدمه "وليام بتي" و"جيمس
ستيوارت ميل" في كتاباتهم. واعتبروا الاقتصاد سياسيا، لأنه يهدف الى حل
مشكلات عملية مختلطة بالسياسة كنمو الثروة ومتطلبات الحكم الصالح ودعم قوة السلطة
[11]. وعرفه
آخرون، بأنه: علم الظواهر الاجتماعية المرتبطة بالثروات. بمعنى الموارد المتاحة
لإشباع حاجات الانسان. ودراسة العناصر الملائمة لإنتاج هذه الموارد، كالطبيعة، والعمل،
ورأس المال. والاجور المختلفة وتبيان كيف يتم تبادل المنتوج، بدراسة النقود، الائتمان
بمظاهره المتعددة، الآثار المترتبة عن التجارة، والبنوك...الخ [12]. 2-2: التعريف المعاصر للاقتصاد
السياسي بعد
التطور الذي عرفه الاقتصاد السياسي لارتباطه بالحياة الاقتصادية والاجتماعية
والعلمية، أصبح ينظر اليه، بأنه: تحضير الجهاز الفكري الذي يمكن ان نأمل باستخدامه
في الفهم الواسع، المفتوح للمادية التاريخية، من اجل تحليل الماضي، والحاضر،
ومواجهة استراتيجية مستقبلية(تحديد المشروع المجتمعي واستراتيجيات المراحل
الضرورية والممكنة للتقدم في اتجاهه) [13]. وعرفه
"ويليام ستانلي جيفونس"، بان علم يبحث في ثروة الشعوب والاسباب
التي تجعل مرتبة أمة فوق مرتبة أمة اخرى في السعادة والرفاهية، والغرض منه الارشاد
الى ما ينبغي القيام به، لتقليل عدد الفقراء والمساكين بقدر المستطاع. وإيقاف كل
واحد على الوسائل التي توصله الى اقتطاف ثمار عمله [14]. ومن
جهته، رأى الاستاذ: "اسماعيل محمد سلطان"، بأن الاقتصاد السياسي:
علم يبحث في تحقيق اشباع حاجات المجتمع او الدولة بطريقة قائمة على الحصول على ما
يلزم لأبناء المجتمع من حاجاتهم التي تعتبر نادرة نسبيا عن طريق استخدام السياسة
في اقامة علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التبعية السياسية او النقدية او
الاقتصادية وتحقيق الاستقلال في الرأي السياسي والاقتصادي.. [15]. من
خلال هذه تعاريف، نستخلص ان الاقتصاد السياسي هو علم يرتكز على مجموع الوسائل تتخذ
لتدبير الشأن الاقتصادي المطلوب سواء تعلق بالندرة او الثروة او البطالة. فهو علم
يُرشد الدولة والمجتمع الى الحكمة والتبصر بالأمور الاقتصادية واتخاذ الاجراءات
المناسبة لمعالجتها في الوقت المناسب، لإشباع الحاجات العامة. المحاضرة
الثالثة: علاقة الاقتصاد السياسي بالعلوم الاخرى في هذه المحاضرة نتطرق الى العلوم التي يمكن ان
تلتقي مع الاقتصاد السياسي، وتجمع بينهما مواضيع واهتمامات لعدة اعتبارات وعوامل، فنشرحها
فيما يلي: 3-1: الاقتصاد السياسي وعلم التاريخ والجغرافية يرتبط الاقتصاد بعلم التاريخ، لآن المؤرخ
يسعى دوما لمعرفة الأحداث والوقائع ويفسرها للوصول الى الحقيقة، والاقتصادي يسعى لتوظيف
نتائج الوقائع الاقتصادية من حيث الزمان والمكان باستخدام المنهج التاريخي لتحديد
المشكلة الاقتصادية واقتراح الحلول المناسبة. كما ان الاقتصادي يحتاج الى
علم الجغرافية لتوفير المعلومات وتحليل البيانات المرتبطة بالشروط الطبيعية
والبشرية للنشاط الاقتصادي. 3-3: الاقتصاد السياسي وعلم النفس بما أن الاقتصاد التقليدي انطلق من ارضية
نفسية وانانية معتبرا ان التصرفات الاقتصادية تعتمد على المصلحة الشخصية وتعلق
الفرد بضرورة اشباع رغباته كما ان لعدة ظواهر اقتصادية مثل الظواهر النقدية أو
القيمة أو ظواهر التقلبات الوقتية أرضية نفسية لا يشك في صحتها [16]. كما يستعين الاقتصاد السياسي بعلم النفس في
مجال تحليل نفسية وسلوك المستهلكين، لمعرفة توجهاتهم الاقتصادية وتلبية احتياجاتهم. 3-4: الاقتصاد السياسي وعلم الاجتماع اذا كان الاقتصاد السياسي يهدف كعلم الى ادارة الموارد النادرة في
مجتمع انساني: ويدرس مختلف التصرفات الانسانية وانواع السلوك الاجتماعي، فان علم
الاجتماع يختص في دراسة الظاهرة الاجتماعية ومختلف العلاقات والانظمة المرتبطة
بها، واصبح له فروع، منها: علم الاجتماع السياسي وعلم الاجتماع الاقتصادي لتشابك
العلاقات معه وارتباطها بالنشاط المتصل بالانتاج والتوزيع والتبادل واستهلاك السلع
النادرة والخدمات [17]. 3-5: الاقتصاد
السياسي والعلوم السياسية السياسة
عموما هي تلك الاجراءات والخطوات التي يقوم بها القائد في الميدان وفي موقع العمل
للتأثير في سلوك الآخرين لتحقيق الاهداف الاستراتيجية [18]. فيوجد
ترابط بين الاقتصاد السياسي والعلوم السياسة، فاذا كانت السياسة تبحث في مسائل
الحكم والانظمة السياسية، فان النظام السياسي يكون في حاجة دائمة للمختصين الاقتصاديين
لرسم سياسة اقتصادية ناجحة. فالخبير الاقتصادي هو الذي يستطيع تقديم النصائح
والتقارير في كيفية استغلال الموارد والثروات الطبيعية والامكانيات الاقتصادية المطلوبة. لهذا طرح بعض الباحثين سؤالا يتمحور حول ما اذا
كانت السياسة توجه الاقتصاد، ام ان العكس صحيح في ذلك؟ فكانت الاجابة، ان الدولة
منذ القرن العشرين سواء كانت ليبرالية او اشتراكية كانت تتدخل في الاقتصاد. والسؤال
هنا كما طرحه "اريك برايزر" [19]،
في كتابه "علم الاقتصاد السياسي"، هو لماذا تتدخل الدولة وتوجه الاقتصاد
سياسيا؟ وما نوع هذا التوجيه؟ فأجاب: في زمن الاقتصاد الحر تدخلت الدولة ايضا. اما
لأسباب اجتماعية أم تحت ضغط اصحاب المصالح.. فكل تدخل كان يعتبر نوعا من التصحيح [20]. 3-6: الاقتصاد السياسي والرياضيات ذهب بعض الاقتصاديين الى ان الاقتصاد كأنه علم رياضيات،
يطبق على ظواهر الندرة، كما ان اغلب الدراسات في الاقتصاد السياسي لها شكل رياضي [21]، بالاعتماد
على الحسابات والاحصاء وتحليل البيانات والمنحنيات لدراسة الاسعار وحجم تداولات
البورصات. 3-7: الاقتصاد السياسي والقانون القانون
ينظم سلوك الافراد في المجتمع ويضبط العلاقات مع السلطة العامة وبما ان العلاقات
الاقتصادية تقوم على ملكية وسائل الانتاج والانتاج والتوزيع، فان القانون لابد ان
يتدخل لتنظيم العلاقات الاقتصادية [22]. المحاضرة
الرابعة: تطور الافكار والنظم الاقتصادية اعتقد
خبراء الاقتصاد، انه يوجد فرق بين الاقتصاد السياسي والفكر الاقتصادي، لأن الأول
أداة فكرية ترتكز على دراسة ظواهر اقتصادية قائمة للوصول الى الحلول. بينما الثاني
هو تراث الفكري المتراكم تحول الى الماضي. لكن دراسة الاقتصاد السياسي
يمكنها الارتكاز على الافكار الاقتصادية التي كانت نتيجة تطور الاحداث الاقتصادية،
وادت الى نمط جديد من التفكير لتطوير اقتصادها السياسي. فالفكر الاقتصادي ساهم كثيرا في ايجاد فكرة
واضحة عن النشاط الاقتصادي والافكار التي بلورت هذا النشاط وساهمت في دفعها [23]. ومن هنا برزت المشكلة
الاقتصادية التي تعرف في علم الاقتصاد بظاهرة الندرة التي ترتكز على حقيقتين
اساسيتين وهما: -
ان حاجات الانسان متعددة وغير محدودة -
ان الموارد والاموال المتيسرة والقادرة على اشباع
الحاجات محدودة نسبيا لهذا يرى الاقتصاديون ان الندرة ليست بالضرورة
مرتبطة بما تجود به الطبيعة فقط، بل قد يتسبب في حدوثها الانسان ايضا بالتنافس الشديد
على الاحتياجات. وبترابط هذين الحقيقتين تنشا الظواهر الاقتصادية المتمثلة في
الانتاج والتوزيع والنقود والاثمان والمبادلات التجارية وقيام المشروعات، تطلب
الامر فهمها وتحديد علاقاتها والعوامل المؤثرة فيها برسم سياسة لتذليل الصعوبات
وتوفير الحاجات، فنشأ التحليل الاقتصادي والسياسة الاقتصادية التي قام برسم
معالمها الفكر الاقتصادي [24]. هذه الافكار التي كانت وليدة ظروف ومشكلات اقتصادية
معينة في الزمان والمكان، هي ذاتها التي طرحت الحلول والتفسيرات الضرورية لكل
مرحلة. واستفاد منها الفكر الاقتصادي ككل. ومن هنا تأكدت أهمية تاريخ الفكر
الاقتصادي باعتباره احدى فروع علم الاقتصاد السياسي الذي ظهر في القرن 18م، وأصبح
احدى مرتكزاته الفكرية. وعليه فان الفكر الاقتصادي لم يكن وليد الافكار
الحديثة فقط كما اعتقد البعض، بل هو امتداد لأفكار اقتصادية طرحت في عصور مختلفة توارثتها
الاجيال وطورتها الى افكار جديدة انشأت انماط اقتصادية متقدمة. 1- الفكر الاقتصادي العربي الاسلامي نتأسف كثيرا عندما نجد دراسات اقتصادية تستثني
الفكر الاقتصادي العربي الاسلامي، واذا وجدت فهي تقتصر على اعطاء لمحة قصيرة لا
تفي بالغرض العلمي. ولعل سبب ذلك يعود بالدرجة
الاولى الى: -
النزعة الذاتية للمفكرين الاوروبيين عند تأسيسهم لعلم
الاقتصاد متأثرين بالفلسفة اليونانية والاقتصاد الروماني القديم، دون ذكر للفلاسفة
العرب امثال ابن خلدون والمقريزي، بالرغم من دراستهم لأفكارهم وتأثرهم بها. -
ان الاقتصاديين العرب من المعاصرين الاوائل تأثروا كثيرا
في دراساتهم بالمدارس والافكار الاقتصادية الاوروبية، دون بذل الجهد للتعرف على
الفكر الاقتصادي عند المسلمين، والاكثر من ذلك ان بعضهم من ينكر وجود هذا
الاقتصاد. ومع ذلك نجد في الآونة الأخيرة
من ركز على الفكر الاقتصادي العربي الاسلامي، وخصص له حيزا من البحث، خاصة في مجال
العلوم الاسلامية التي اهتمت بدراسة الاقتصاد الاسلامي والبنوك الاسلامية. ولدراسة
الاقتصاد السياسي في الفكر الاسلامي خصصنا محور مستقل لاحقا. 2- الاقتصاد السياسي في الفكر الأوروبي يرتكز الفكر الاقتصادي الاوربي في مرجعته
الاولى على فلاسفة اليونان، امثال: "أرسطو" و"افلاطون".. ثم الاقتصاد الروماني. وفي منتصف القرن الثامن
عشر الميلادي بدأت تظهر المدارس الاقتصادية الاوروبية. وعليه، نلقي اطلالة على
الخلفية التاريخية للفكر الاقتصادي الاوروبي. -
الاقتصاد الروماني القديم اهتم الرومان بالاقتصاد كسياسة متبعة للتحكم
في الثروات وانشاء مناطق اقتصادية لتوسيع التجارة ما ادى الى انخفاض قيمة اراضي
وبوارها في ايطاليا في القرن الثالث يحدث نمو اقتصادي ذاتي ما ادى الى فقدان
ايطاليا لقدرتها التسويقية. اما التجارة فكانت تخضع لسياسة السلام الامبراطوري
التي فرضها "أوغسطس" « Pax
Augusta »، على كل
العالم المتمدن « Oikumene »[25]. - الاقتصاد الاوربي في القرون الوسطى سميت
القرون الوسطى في اوروبا لأنها عصور تميزت بالركود والتخلف الفكري، تبدأ من أوخر
العهد الروماني الى سقوط القسطنطينية في يد المسلمين العثمانيين. فكان عصرا تميز بظهور
نظام الاقطاع الذي ارتبط بنشوء الفرسان كمحاربين في منتصف القرن الثامن فكانت
تقتطع لهم الارض ليتجهزوا بها، فيصبح المحارب مستقلا اقتصاديا ويؤمن احتياجاته كفارس
بالجياد والاسلحة. فعهدت الحماية من المقطع « Vasall »، الى العبد « Gewas » في خدمة السيد الذي منحه الارض،
وهو تقليد له صلة بنظام التبعية الجرماني القائم على الاخلاص والخدمة الذي يشكل الأساس
القانوني للإقطاع الذي بموجبه يلتزم المقطع بواجبات شخصية، وينتهي الاقطاع بموت
السيد او المقطع لأن التبعية والمكسب شخصيان. لكنه ينتقل وراثيا. وفي مرسوم
"كيرزي" لسنة 877م، تأكيد على ان اقطاع الأب يمنح مجددا للورثة الظاهرين.
ثم توسع الاقطاع الى الكبار الحاصلين على مناصب كالدوقية والكونتية [26]. وكان تنظيم هذا الاقتصاد يتم ضمن اطار مغلق لا
يخرج عن محيط القلعة التي يتحكم فيها السيد الذي أخذ حيازة الأرض الاقطاعية، والتي
كانت مقسمة الى: مناطق مخصصة او محجوزة للسيد وأراضي مؤقتة يستعملها فلاحون اقنان
تابعين للأرض، بحيث لا يجوز لهم مغادرتها او تركها، لأن التقاليد المطبقة تجعل
مهنتهم كأقنان وراثية. ومع ذلك فهم يدفعون الاتاوات العينية، والقيام بالأعمال
المنزلية في الاقطاعية، والفلاحة والسهر على مصالح السيد التي تنتج المواد التي
يحتاجها السكان مثل: القيام بأعمال النسيج، النجارة.. الخ [27]. وكان
للكنيسة دور هام في نظام الاقطاع باعتبارها تمثل السلطة الدينية وكانت تحتكر
التعليم وتشرف على المدرسين الذين يعلمون علوم الفلسفة والقانون واللاهوت، فكانت
العلوم مرتبطة بالكنيسة ولا تخرج عن طاعتها، ومنها الفكر الاقتصادي الذي حرم القرض
بفائدة، وممن انتهج ذلك "سان توماس"[28]،
الذي كانت افكاره تطبيقا لمبادئ الدين المسيحي في نطاق الاقتصاد[29]. المحاضرة
الخامسة: الفكر الاقتصاد الاوروبي الحديث شكل الفكر الاقتصاد الاوروبي الحديث محطة
فاصلة للانتقال من الفكر الاقتصادي التقليدي الى مدارس فكرية تجارية واقتصادية
ساهمت في بلورت الفكر الاقتصادي الحديث، بما تضمنته من افكار وطروحات اقتصادية
علمية وتطبيقية كان لها أثر كبير في نشأة علم الاقتصاد والاقتصاد السياسي وحققت من
خلالهما النمو والتقدم الاقتصادي في اطار ما سمي بالرأسمالية التجارية ثم الصناعية.
نتطرق اليها في العناصر الآتية: 1- المدرسة التجارية (المركانتيلية) les Mercantiliste ابتداء من القرن السادس عشر تطورت الافكار
الاقتصادية وبدأت المسائل الاقتصادية تبتعد عن سيطرة الكنيسة لصالح رجال الدولة
والتجار وكبار النافذين من رجال الاعمال. فتكونت المدرسة التجارية التي اثرت في
السياسة الاقتصادية القائمة على تكديس رؤوس الاموال بحكم حاجة الدولة الى بناء
الاقتصاد بالاعتماد على توسيع التجارة والبحث عن المعادن والثروات، ما ادى الى
ظهور الاستعمار في شكله الاقتصادي والذي تحول فيما بعد الى الاستيطان والسيطرة على
الارض والشعب. وبالرغم من ان الاقتصاد في هذه المرحلة كان
له طابع زراعي مع انخفاض المستوى المعيشي للسكان، فان التجارة ظهرت كنشاط اقتصادي
استقطب اهتمام المفكرين، باعتبارها نشاط قادر على تحقيق الثراء للدولة [30]. ومن
منطلق تحقيق الثروة للدولة، ارتكزت السياسة الاقتصادية التجارية على عدة طرق
لتحقيقها، وهي: 1- السياسة المعدنية انطلاقا من الافكار التي طرحها بعض المؤلفين المركانتيلين،
امثال: "أرتيس" [31] و"أوليفارس"[32]، انتهجت
بعض الدول في القرن السادس عشر سياسة تجارية ترتكز على احتكار المعادن النفيسة،
وجلبها من المستعمرات الى الداخل لبناء تجارة قوية. ولتحقيقها اعتمدت على: - وضع خطة للسيطرة على
المعادن النفيسة المتواجدة في المستعمرات، وذلك بالبحث عنها في المستعمرات. وعلى
سبيل المثال: انتهجت اسبانيا هذه السياسة حيث كانت تجلب الذهب والفضة من
مستعمراتها في امريكا اللاتينية والمكسيك. واتخذت من اجل بقائها في الداخل ومنع
خروجها، الاجراءات التالية: - التحكم في الصادرات والواردات بإجبار التجار
على دفع قيمتها ذهبا اوفضة. - تطبيق نظام التوازن في
العقود، بالاتفاق مع المصدرين الاجانب على عدم اخراج قيمة الصادرات نقدا، بل تتم في
شكل سلع محلية بقيمتها - خفض القيمة الاسمية
للعملة الاسبانية، والابقاء على قيمتها من الذهب والفضة - جلب العملات الأجنبية ذات
القيمة العالية للتحكم في التجارة الخارجية - منع خروج العملة
الاسبانية الى الخارج للبقاء على قيمتها وقد نجم عن السياسة
المعدنية الاسبانية، مايلي: ü
وفرة الذهب والفضة ü
انعاش السيولة النقدية ü
ظهور صناعات محلية ü
ارتفاع الاسعار ü
توسع التجارة غير ان تحكم الدولة في المعادن النفيسة، حال
دون نجاح خطتها في الابقاء على استقرار الاسعار ومكافحة تهريب الذهب [33].
ما ادى الى فشل السياسة المعدنية نتيجة فشل الدولة الاسبانية في مواجهة تهريب
نقودها الذهبية والفضية الى الدول الاوروبية. وعليه، فإن المدرسة التجارية وان لم تصل الى
ابراز الاقتصاد كعلم قائم بذاته، لارتباطها بتحقيق الأهداف السياسية أكثر من بلورة
نظرية اقتصادية، فإنها استطاعت تخليص الاقتصاد القائم من تبعية الكنيسة وتحرير
التجارة. 2- سياسة التصنيع طبقت هذه السياسة في فرنسا بحيث استفاد
الفرنسيون من التجربة الاسبانية وطبقوها بسياسة معدنية تعتمد على اقامة مشاريع
صناعية وتصدير السلع الصناعية مقابل الذهب والفضة، وتشجيع المنتجين المحليين
ومنحهم الجوائز. ومن المنظرين لهذه السياسة: الفرنسي، "جان بودان"،
الذي قدم قانون كمي للنقود في القرن16م، فاصبح قانون "بودان"
اساس السياسات النقدية في تلك الفترة. كما حث على تدخل الدولة في التصنيع لتشييد
صناعة وطنية ضخمة تمكن الدولة من رفع صادراتها مقابل جلب العملة الذهبية [34]. ثم تبنى فكرة التصنيع "مونكريتيان"
في سنة 1615م، واعتبر الصناعة الوطنية بمثابة الدم للقلب، كما انتقد سياسة تراكم
الذهب وبين عقمها وأخطارها على البلد ورأى ان الانتاجية هي الاداة الوحيدة لضمان
جمع الثروات وان العمل هو سر السعادة، ودعا طبقة النبلاء للتخلي عن القيم
الاجتماعية القديمة ويقبلوا على استصلاح الارض، ولهذا يعتبر او ل من استعمل عبارة
"الاقتصاد السياسي" [35]. ثم
جاء" كولبير" وزير المالية الفرنسي في سنة 1661م، ليدعم سياسة
التصنيع في بلاده فاتخذ اجراءات ادارية منها: اعفاء الصادرات الوطنية من الرسوم
والضرائب ومنح المنتجين مساعدات مالية تشجيع العلوم والفنون باقامة مدارس صناعية
ومنح مكافآت للمخترعين [36]. 3- السياسة التجارية اعتمدت بريطانيا على سياسة تجارية واسعة تعتمد
على زيادة الصادرات والتحكم في الواردات واطلاق المعاملات التجارية من خلال ابرام
العقود المرتبطة بالتجارة الخارجية هدفها الحصول على المعادن النفيسة. وهي السياسة
التجارية التي تبناه السياسي: "كرومويل" في القرن السابع عشر والذي وضع
تشريع خاص بعقود النقل البحري لدعم الاسطول التجاري [37]. فتحول
الاقتصاد السياسي في بريطانيا الى أداة سياسية وقانونية لتوجيه التجارة الخارجية
وتوسيعها نحو منابع الثروات النفيسة، لاستغلالها وفق الأشكال الاقتصادية التي تخدم
الدولة وتوسع نفوذها السياسي والاقتصادي. 4- سياسة العهد الاستعماري Le Pacte Colonial تبنت هذه السياسة الدول الكبرى الطامحة الى
السيطرة على مستعمرات غنية بالثروات لتوسيع تجارتها وضمان جلب المعادن النفيسة. والعهد
في هذه الحالة ليس اتفاقيا ورضائيا بين طرفين، انما هو عهد دائم تلتزم به الدولة
المستعمَرة في علاقتها مع الدولة المستَعمِرة والعالم الخارجي وغالبا ما يكون ذلك
لغير صالح الدول الاولى [38]. - نقد فكرة الموركانتيلية استمر العمل بالمدرسة التجارية في اوروبا
قرابة ثلاثة قرون، خلفت خلالها الايجابيات والسلبيات. ومن الايجابيات انها خلصت
الفكر الاقتصادي الاوروبي من هيمنة الكنيسة على العلم، وتعرضت للانتقادات منها: - بالغ الفكر الموركانتلي في
الاهتمام بالمعادن النفيسة على حساب العمل والانتاج - عجز الفكرة عن ايجاد
تفسير اقتصادي لارتفاع الاسعار ، والذي كان سببه المباشر هو وجود فائض كبير في
الذهب والفضة مع ضعف التصدير - الاهتمام بالصناعة على
حساب الزراعة ادى الى تدهور الوضعية الاجتماعية للفلاحين. وبسبب الانتقادات التي عصفت بأنصار الفكر
التجاري، ظهرت المدرسة الطبيعية كرد فعل، نوضحها في العناصر التالية: -
المدرسة الفيزيوقراطية (الطبيعية) انطلقت الفكرة من وجود قوانين طبيعية تحكم
الحياة الاقتصادية، تجعل الانسان غير قادر على التدخل فيها بإرادته وانما تتدخل
فيها العناية الالهية. وقد جاءت كرد فعل على الحالة الاقتصادية السيئة الناتجة عن
سياسة الثروة والتصنيع على حساب الارض الفلاحية. فجاء الفيزيوقراط للمناداة بضرورة
العودة الى الاهتمام بالأرض التي تعتبر المصدر الحقيقي للانتاج وبناء الثروة.
ويعتبر كتاب " الجداول الاقتصادية" للطبيب "كيني" الصادر
1750م، اول من طرح الفكرة الطبيعية للخروج من الازمة الاقتصادية [39]. وترتكز
المدرسة الطبيعية على اسس التالية: أ- النظام الطبيعي: يقصد به ترك الحرية للافراد في تصرفاتهم دون
تدخل الدولة او تدخل القوانين في مصالحهم الاقتصادية، منها: احترام الملكية
الفردية واختيار المهن والعمل بكل حرية. ب- الارض مصدر الثروة وهي
دعوة للرجوع الى خدمة الارض باعتبارها مصدر كل انتاج وثروة. لان الارض تمنح الفلاح
اكثر كلما كان العمل ورأس المال. ج- وجود علاقات اقتصادية قائمة
بين طبقات المجتمع بمعنى
وجود علاقات مالية واقتصادية قائمة في اوساط المجتمع ضرورية لسد الحاجات. وهذه العلاقات
تسري فيما بينها وتتشابك فتقوم الاعمال وتتكون الثروة. وكل طبقة تخدم الاخرى،
كالدم الذي يسير في جسم الانسان [40].
وما يميز المدرسة الطبيعية انها دعت الى حرية النشاط الاقتصادي وعدم تدخل الدولة،
عكس التجاريين الذين جعلوا تدخل الدولة في الاقتصاد امر ضروري لبناء اقتصاد قوي. ومن
هذه الفكرة ساهمت المدرسة الطبيعية كثيرا في جعل الاقتصاد السياسي علما مستقلا له
كيانه بين العلوم الاخرى [41]. المحاضرة
السادسة: المدرسة الكلاسيكية(القرن19) The Classical School والفكر الاشتراكي عرف المجتمع الاوروبي تطورات كبيرة في الفكر
الاقتصادي منذ القرون الوسطى الى العصر الحديث، تراكمت خلالها الافكار الاقتصادية
وتطبيقاتها الايجابية والسلبية، أدت الى انتاج ثورة صناعية هائلة غيرت الانماط المعيشية
السائدة ودفعت بها نحو التقدم والازدهار الاقتصادي الذي أدى الى تحقيق الاستقرار
السياسي والاجتماعي. جاءت هذه الافكار بعد ان حقق النشاط الاقتصادي حرية كبيرة
ساهمت في تطور الفكر الرأسمالي الجديد، خاصة في ظل تطبيق مبدأ عدم تدخل الدولة تحت
مفهوم الدولة الحارسة. فأدت الى المزيد من الافكار الاقتصادية والسياسية والفلسفية
الداعية الى حل المشكلات الاقتصادية وتقديس الحريات وتمجيد الفرد واحترام الملكية
الفردية. في هذا الخضم ظهرت المدرسة التقليدية التي
نظر لها " ادم سميث" « Adam
Smith »[42]، عندما انتقد كثيرا مذهب
التجاريين، واعتبر قياس ثروة الأمم بقوة العمل والانتاج وليس بما تملكه من معادن
نفيسة. كما انتقد مذهب الطبيعيين في كتابه "ثروة الأمم"، الذي ألفه في
عام 1776م. وظهر في انكليترا: "ديفيد
ريكاردو" الذي من اعماله: " اسس الاقتصاد السياسي والضرائب"
عالج من خلاله مشاكل اقتصادية في عصره اهمها: التضخم، انخفاض قيمة العملة الورقية،
وارتفاع اسعار الذهب ومشكلة توزيع الدخل والتجارة الخارجية[43]. وتزامن مع "ريكاردو"، القس "روبيرت
مالتوس" الذي اهتم بدراسة مشكلة السكان وطرح كتاب بعنوان: "بحث في
مبدا السكان"، قدم من خلاله نظرته التشاؤمية لزيادة عدد السكان مقارنة مع
زيادة الموارد الاقتصادية ما يؤدي الى المجاعات والحروب اما "جون ستيوارت ميل" المتأثر
بالفلسفة والاقتصاد فقد اخذ بالفكر الطبيعي والافكار الاشتراكية الفرنسية الاولى
لسان سيمون واسس لفكرة فلسفية ليبرالية تقوم على مبادئ الاقتصاد السياسي الذي
يرتكز على الانتاج والتوزيع والتبادل. وبالرغم من تعدد آرائهم
الاقتصادية الا انهم صنفوا ضمن المدرسة التقليدية [44]. 1- المدرسة الحديثة تعرضت الافكار الاقتصادية الى الكثير من
النقد، خاصة في القرن التاسع عشر الميلادي ظهر خلالها مفكرون اقتصاديون تبنوا مبدا
اصلاح المدرسة الكلاسيكية وتحديثها، على راسهم "جون مانيارد كينز"،
الذي تأثر بأفكار والده الذي يعتبر عالم اقتصاد وواضع كتاب: "افق ومنهجية الاقتصاد
السياسي"[45]،
تبنى فيه افكار المدرسة الكلاسيكية وفي نفس الوقت نادى بقيام المدرسة الكلاسيكية
الحديثة. فسار الابن على نهج والده وأسس علم الاقتصاد الحديث، بعد اصدار كتابه:
"النظرية العامة للاقتصاد"، عام 1936م، الذي اعتبر تطورا هاما في
الاقتصاد الحديث. ثم من خلال بحوثه في اصلاح المنظومة النقدية وتولى عدة مناصب في
بلده بريطانيا، منها: مستشار الحكومة البريطانية للشؤون الاقتصادية، اثناء الحرب
العالمية الثانية، كما ساهم في وضع مشاريع عالمية في استقرار سعر الصرف، منها:
مشروع « White »، الامريكي الذي قدم كورقة عمل
لفعاليات مؤتمر "بريتون وودز" لسنة 1944م، والتي من نتائجه صياغة
اتفاقيتي: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للتنمية والتعمير[46]. 2- الاقتصاد السياسي الاشتراكي تعبر الاشتراكية عن تيار فكري ظهر في القرن التاسع عشر الميلادي في اوروبا،
كنقيض للفكر الاقتصادي الرأسمالي حين ظهرت مساوئه على الطبقة الكادحة من العمال
والفلاحين. وعليه نتطرق لأهم المبادئ التي تقوم عليها الاشتراكية وابرز
المنظرين لها. اولا: الاشتراكية المثالية (سان سيمون- شارل فوريي- جوزيف برودون) سميت بالاشتراكية الخيالية لانها لم تكن علمية، وابرز
فلاسفتها هم: "سان سيمون"Saint-Simon (1760/1825) و"شارل فوريي" Charles Fourier (1772/1837)، نشأت في واقع راسمالي قوي تحكمه البرجوازية بعد الثورة
الفرنسية والتي قضت على الاقطاع لكنها حولت الراسمالية الى متحكمة في العمل الذي
يشترط فيه استغلال العمال، فنشأت اقطاعيات جديدة باسم المال. فجاءت الاشتراكية
الخيالية لنقد الوضع الذي هو في نظر الاقتصاد البرجوازي امر طبيعي لانه يضمن النمو
الصناعي. لهذا لاحظ "سان سيمون" ان الانتاج ينمو في الراسمالية بشكل
مستبد ينتج الام للكادحين [47]. اما " شارل فوريي"، فقد
درس ازمات الراسمالية وحارب المضاربة التي تحمل خراب الاقتصاد وشهر بمساوئ
الاحتكار والتجارة كما دعى الى المساواة بين الرجل والمراة نظرا لاستغلال
البرجوازية للمراة, وتبنى فكرة التعاونية للقضاء على هذه الامراض من خلال اشتراك
الملاك في ممتلكاتهم وعملهم وينتظمون في طوائف صغيرة للانتاج تضمن الازدهار
المنسجم فيزول الاجر وتفتح مراكز العمل الكبيرة التي تستخرج خيرات الكرة الارضية [48]. اما "برودون" Proudhon: فهو يعتبر
الملكية الفردية مجرد سرقة، لان ارباب العمل يستغلون العمال ويستحوذون على الإنتاج
بسبب سيطرتهم على الملكية، التي لا ينكرها ويعتبر التملك من فطرة الانسان، يجب
استغلالها دون التصرف فيها فيزول الصراع الطبقي حولها. كما يعتبر الدولة أداة قمع
ولابد من حلول عقد اجتماعي إداري محلها لتنظيم دواليب الإنتاج والعلاقات بين
الأفراد والطوائف والتعاونيات. ثانيا: الاشتراكية العلمية الماركسية
قامت
الاشتراكية العلمية او الماركسية، باعتبارها نزعة مادية جدلية وتاريخية واشتراكية
علمية، قامت على اساس التناقضات الموضوعية للمجتمع الراسمالي حاولت الاجابة على
المشاكل التي اثارها تطور المجتمعات[49].
ومن ابرز المنظرين للاشتراكية العلمية، " كارل ماركس"، الذي انشا مذهبه
كامتداد مباشر لمذاهب سبقته لأشهر ممثلي فلسفة الاقتصاد السياسي والاشتراكية. وهي
ثلاث مصادر اساسية تتمثل في: 1: الفلسفة الالمانية: بزعامة "هيجل" القائمة على التطور
الجدلي غير انه بناها على نزعة مثالية، فحولها ماركس الى نزعة التاريخية المادية. 2: الاقتصاد السياسي الانكليزي: ظهرت انجلترا في مطلع القرن التاسع عشر، كأكبر بلد متقدم اقتصاديا ازدهر
خلالها الاقتصاد السياسي باعتباره علم القوانين التي تسيطر على الانتاج وتبادل
الوسائل المادية للمعيشة في المجتمع الانساني[50].
مهد له الاقتصاديان الانكليزيان "ادم سميث" و" دافيد ريكاردو"
في بناء نظرية القيمة والعمل لكنهما اخفقا في التدليل على ان قيمة كل سلعة تتحدد
بمقدار زمن العمل الضروري لانتاجها فاضاف لها ماركس قيمة العمل الاجتماعي. لهذا انطلق "ماركس" ومن فكرة تحويل ملكية وسائل الانتاج التي
يسيطر عليها الافراد الاثرياء في الرأسمالية الى طبقة "البروليتاريا"
(من العمال الكادحين) وعبر عنه بضرورة الصراع الاجتماعي والسياسي بينهما ووصول
العمال الى السلطة للتحكم في وسائل الانتاج. ومن ابرز مؤلفاته في الاقتصاد
السياسي، كتابه الشهير الذي ألفه عام 1859م، تحت عنوان: "نقد الاقتصاد
السياسي"، الذي درس فيه اسلوب الانتاج الرأسمالي وعلاقات الانتاج والتبادل في
ظل هذا النظام، متخذا من انجلترا ابرز مثال عن الانتاج التقليدي منبها القارئ
الالماني من الحالة المزرية للعمال الانكليز ويقول له بان " هذه القصة هي
قصتك انت.." [51]. ويضيف ماركس ايضا:" ان المنفعة العامة
للطبقات الحاكمة الحالية سوف تفرض عليها ان تستبعد جميع العقبات القانونية التي
يمكن ان تعرقل نمو الطبقة العاملة. وابتغاء هذه الغاية، خصصت في هذا الجزء مكانا
مهما جدا لتاريخ التشريع الانكليزي الموضوع للمعامل الكبرى، ومضمونه، ونتائجه. وتستطيع
أمة من الأمم، بل يجب عليها ان تستمد إرشادا من تاريخ امة أخرى، وحتى حين يكون
مجتمع معين قد اكتشف خطر سير القانون الطبيعي الذي يدير حركته،- والغاية النهائية
لكتابي هذا انما هي الكشف عن القانون الاقتصادي لحركة المجتمع الحديث. فهذا
المجتمع لا يستطيع ان يتخطى بقفزة، ولا ان يلغي بقرارات، مراحل تطوره الطبيعي:
ولكنه يستطيع اختصار مدة حمله، وتخفيف آلام وضعه [52]. وعليه، فان النظرة الماركسية للاقتصاد السياسي تخضع
لتطور العلاقات الاقتصادية في اطار منطق او قانون جدلي قائم على مجموعة من المبادئ
منها: ü
الصراع الطبقي بين اصحاب الثروة من الرأسماليين وطبقة
العمال الكادحين، الامر الذي يؤدي حتما الى الثورة لصالح العمال. ü
التركيز على العمل الذي يؤدي الى الانتاج كمحرك اساس
للمجتمع ü
الاقتصاد والعلاقات الانتاجية اساس الظاهرة الاجتماعية ü
الانطلاق من التاريخ لتفسير الصراع الطبقي الذي محوره
الارض او الملكية ü
رفض التفسير الديني للاشياء باعتباره وسيلة لخدمة
الراسمالية ü
نسبية الاخلاق والعبرة بالانتاج [53]. وقد نتج عن هذه الافكار،
نظريات اقتصادية، هي: ü
نظرية القيمة وفائض القيمة ü
نظرية تراكم رأس المال ü
نظرية الصراع الطبقي المؤدي الى فناء الرأسمالية نقد الفكر الاشتراكي بالرغم من بعض الايجابيات التي نتجت عن الافكار
الاشتراكية والماركسية، من خلال تقديم مفهوما جديدا للنظريات الاجتماعية. وادت الى
الصراع بين طبقة العمال وارباب العمل فقد تعرضت الى انتقادات، نذكر منها: ü
الماركسية قدمت تحليلا خاطئ للصراع الطبقي، الذي ينشأ في
الرأسمالية ذاتها. فنجد ان الاشتراكية تحققت في دول اقطاعية، دون المرور الى
الرأسمالية –الثورة البلشفية 1917م ü
الاعتماد على تحليل الظواهر الاجتماعية على العوامل
المادية في ظل وجود عوامل اخرى، ما ادى الى خطأ في نظرية القيمة وفائض القيمة. المحاضرة السابعة: الاقتصاد السياسي المعاصر في هذا العصر عرف الاقتصاد السياسي اهتماما
بالغا نتيجة التطور العلمي والازمات الاقتصادية والحروب الكونية المرافقة لها وتكريس
العولمة الاقتصادية وتأثيراتها القوية على التجارة الدولية التي عرفت ايضا انماط
جديدة من التجارة، منها: معاملات الاوراق التجارية وطرق الدفع والتمويل،
والتأمينات الدولية، والعقود الدولية، وتحديات العلامات التجارية والاختراعات والتجارة
الالكترونية والنقود الرقمية. دفعت بالدول الى اعادة النظر في السياسات الاقتصادية
بالشكل الذي يؤدي الى مسايرة التطورات المعاصرة والتصدي للسياسات الاقتصادية
الوافدة عبر الفضاءات الالكترونية. أ-
المؤسسات المالية ارتكز الاقتصاد السياسي المعاصر على آليات
اقتصادية للتحكم اكثر في مشكلات الاقتصاد والتجارة لتحقيق التنمية لمختلف بلدان
العالم، خاصة بعد وقوع الازمة الاقتصادية العالمية عام 1929م، ثم قيام الحرب
العالمية الثانية التي خلفت اثار اقتصادية مرهقة في اوروبا واليابان ومختلف دول
العالم. فكانت النتيجة ظهور تكتلات اقتصادية عالمية رافقتها مؤسسات مالية كبرى،
على رأسها: - صندوق النقد الدولي هو مؤسسة مالية
عالمية تابعة للأمم المتحدة، أنشئ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بموجب معاهدة "بريتون
وودز" الدولية عام 1944م، من اجل بناء نظام اقتصادي دولي جديد مستقر. مقر
الرئيسي في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الامريكية، يضم في عضويته حوالي 189
دولة. وقد تشكل مند إنشائه بفعل أحداث التاريخ وتأثر بالأفكار الاقتصادية
والسياسية السائدة على مر السنين. كما تنحصر أهدافه القانونية
في تيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولية، وتحقيق استقرار أسعار الصرف،
وتجنب التخفيض التنافسي لقيم العملات، وإجراء تصحيح منظم لاختلالات موازين
المدفوعات التي تتعرض لها البلدان. ولتحقيق هذه الأهداف، يقوم
الصندوق بما بلي: -
مراقبة التطورات والسياسات الاقتصادية والمالية في
البلدان الأعضاء، وتقديم المشورة بشأن السياسات لأعضائه استناداً إلى الخبرة التي
اكتسبها مند تأسيسه. -
إقراض البلدان الأعضاء التي تمر بمشكلات في موازين
مدفوعاتها، ليس فقط لإمدادها بالتمويل المؤقت وإنما أيضاً لدعم سياسات التصحيح
والإصلاح الرامية إلى حل مشكلاتها الأساسية. -
تقديم المساعدة الفنية والتدريب في مجالات خبرة الصندوق
إلى حكومات البلدان الأعضاء وبنوكها المركزية. -
تدعيم الثقة لدى البلدان الأعضاء، متيحاً لها استخدام
موارده العامة مؤقتاً بضمانات كافية، كي تتمكن من تصحيح اختلالات ميزان المدفوعات
دون اللجوء إلى إجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي [54]. - البنك الدولي للإنشاء
والتعمير هو أحد المؤسسات الخمس التي يتألف منها البنك
الدولي. مقره الاجتماعي واشنطن تم إنشاؤه في يوليو عام 1944 إثر اتفاقيات بروتون
ودز. ومن أهدافه المساهمة في تمويل إعادة تعمير وبناء الدول الحليفة المتضررة من
الحرب، بالإضافة الى تمويل المشاريع التنموية الاقتصادية للدول الأعضاء، وإعطاء
الأولوية للاستثمار الخاص الأجنبي وتقديمها لقروض تنموية منتجة، وكذلك المساهمة في
تطوير المُبادلات التجارية الدولية والمحافظة على ميزان مدفوعات الدول الأعضاء
وتشجيع الاستثمارات الدولية. قدم البنك الدولي المساعدة في اعمار أوروبا، وكان
اول قرض من نصيب فرنسا بقيمة تبلغ 250 مليون دولار في عام 1947م. ثم توسعت جهوده لتشمل
المساعدات عند الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ الإنسانية في حال النزاعات والفقر.
كما يوفر البنك القروض لحكومات البلدان النامية لتمويل الاستثمارات وتشجيع النمو
الاقتصادي بالاضطلاع بمشاريع المقومات الأساسية مثل الطرق والمدارس والمستوصفات
وشبكات الري وبأنشطة من قبيل إعداد المعلمين وتحسين برامج التغذية للأطفال
والحوامل. وقروضه قد تموّل كذلك تغييرات في تركيب اقتصادات البلدان لجعلها أكثر
استقرارا وكفاءة وتوجها إلى السوق [55]. ب - المنظمات الدولية - الاتحاد الاوروبي هو منظمة دولية اقليمية للدول الأوروبية ذات
طابع اقتصادي وسياسي يضم 27 دولة اوروبية تعمل على التعاون والتفاوض المشترك من
اجل التنمية، تأسس بناء على معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1991، ولكن العديد من
أفكاره السياسية والاقتصادية طرحت منذ خمسينات القرن الماضي. من أهم مبادئ الاتحاد نقل
صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية. التي تحكم بمقدار الصلاحيات
الممنوحة من كل دولة، لذا لا يمكن اعتبار الاتحاد على أنه اتحاد فدرالي حيث أنه
يتفرد بنظام سياسي فريد من نوعه في العالم. وللاتحاد الأوروبي نشاطات متعددة،
أهمها كونه سوق موحد ذو عملة واحدة هي اليورو الذي تبنت استخدامه 19 دولة من أصل
ال28 الأعضاء، كما له سياسة زراعية مشتركة وسياسة صيد بحري موحدة. احتفل في مارس
2007 بمرور 50 عام على إنشاء الاتحاد بتوقيع اتفاقية روما. حصل الاتحاد الأوروبي
في 12 أكتوبر 2012 على جائزة نوبل للسلام لمساهمته في تعزيز السلام والمصالحة
والديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا. وفي 23/06/2016، قررت بريطانيا
عبر استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتم خروجها رسمياً بتاريخ 31 يناير 2020م
[56]. ورغم التحديات الاقليمية والعالمية استطاع الاتحاد
فرض سياساته الاقتصادية والنقدية على العالم حتى اصبحت عملة اليورو تحتل المرتبة
الاولى ومنافسة العملات القوية كالدولار. - منظمة التجارة الدولية منظمة التجارة العالمية:(بالإنجليزية: World
Trade Organization) (بالفرنسية: Organisation mondiale du commerce) (بالإسبانية: Organización Mundial del Comercio). هي منظمة عالمية مقرها مدينة جنيف في سويسرا، مهمتها الأساسية
هي ضمان انسياب التجارة بأكبر قدر من السلاسة واليسر والحرية. وهي المنظمة
العالمية الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة ما بين الدول. تضم 164
دولة عضو إضافةً إلى 20 دولة مراقبة الى غاية: اول أوت 2016م. تأسست في اول جانفي 1995م، مستخلفة الاتفاقية
العامة للتعريفات والتجارة للجات (GAAT)، التي أنشئت في أعقاب الحرب
العالمية الثانية. وجاء تأسيسها بعد أن شهد
العالم نمواً استثنائياً في التجارة العالمية بزيادة صادرات البضائع وبعد مفاوضات
أو جولات تجارية انعقدت تحت راية الجات، فقد تناولت الجولات الأولى بصفة أساسية
خفض التعريفات. وشملت المفاوضات التالية مواضع أخرى مثل مقاومة الإغراق والإجراءات
التي لا تخص التعريفات. أدت الجولة الأخيرة التي أقيمت في الأوروغواي من 1986 إلى
1994 إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية. استمرت المفاوضات حتى شهر فيفري
للعام 1997، حيث تم الوصول إلى اتفاقية خدمات الاتصالات السلكية اللاسلكية مع
موافقة 69 حكومة على إجراءات تحريرية واسعة المدى. وفي نفس العام كللت بنجاح
مفاوضات التجارة بدون تعريفات خاصة بمنتجات تكنولوجيا المعلومات، كما أتمت سبعون
من الدول الأعضاء اتفاقاً خاصاً بالخدمات المالية يغطى أكثر من 95% من التجارة
البنكية والتأمين والأوراق المالية والمعلومات المالية. كما وافق أعضاء منظمة التجارة العالمية في الاجتماع
الوزاري في مايو 1998 على دراسة مواضع التجارة الناشئة من التجارة الإلكترونية
العالمية. هذا وتسعي المنظمة في أن تستمر في المفاوضات التجارية الخاصة بدورة
الدوحة التي انطلقت في السنة 2001 ضمن الاجتماع الوزاري الرابع لمنظمة التجارة
العالمية وذلك من أجل تعزيز المشاركة العادلة للبلدان الأكثر فقرًا والتي تمثل
غالبية سكان العالم. اهداف المنظمة -
إقامة عالم اقتصادي يسوده الرخاء والسلام: -
توفير الحماية المناسبة للسوق الدولي ليلائم مختلف
مستويات المعيشة والتنمية. -
إيجاد وضع تنافسي دولي للتجارة يعتمد على كفاءة اقتصادية
متخصصة. -
تحقيق التوظيف الكامل لموارد العالم. الأهداف الاستراتيجية
للمنظمة ضمن جولة أورجواي: -
الاتفاق متعدد الأطراف بشأن التجارة في السلع. -
الاتفاق بشأن التجارة في الخدمات. -
اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حماية حقوق الملكية
الفكرية: -
تفاهم بشأن القواعد والإجراءات التي تحكم تسوية النازعات. -
آلية مراجعة السياسة التجارية. -
اتفاقية التجارة الثنائية. -
اتفاقية إجراءات الاستثمار المرتبطة بالتجارة [57]. المحاضرة
الثامنة: الاقتصاد السياسي في الفكر الإسلامي الاقتصاد الاسلامي مرتبط بظهور الاسلام
كدعوة الى الله ودين شامل لحياة الناس جميعا. وقد تأسست قواعده منذ نزول القرآن
الكريم على سيدنا محمد(ص)، قبل ان يعرف العالم القديم الاقتصاد كعلم. ومن الآيات
القرآنية الدالة عليه، سورة المطففين في قوله تعالى:{ويل للمطففين الذين اذا
اكتالوا على الناس يستوفون. واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون}. فنزلت الآية لضبط
المعاملات التجارية وللتحذير الشديد من جريمة الغش في المعاملات بين الناس التي
تفسد العلاقات في المجتمع[58]. وجاء في قوله تعالى: {وما أتيتم من ربا
ليربوا في اموال الناس فلا يربوا عند الله، وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله
فأولئك هم المضعفون}، الآية:29 من سورة الروم. فالآية تؤكد على ان الزيادة عن
طريق الربا هي في الظاهر ولا اثر لها عند الله ولا في الواقع. بينما النقص الذي
يلحق الاموال بسبب الزكاة هو نقص في الظاهر، لكنه زيادة في نظر الله والواقع وتزيد
في ثروة المجتمع [59].
ولما تـأسس المجتمع السياسي الاسلامي في
المدينة المنورة، تواصل نزول التشريع القرآني لتنظيم وتوجيه الحياة الروحية
والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فنزلت الآيات المنظمة للتجارة والمعاملات
المالية والعقود. كما قام الرسول (ص) بإنشاء سوق للمسلمين تحررهم من احتكار اليهود
وسيطرتهم على الاقتصاد في المدينة [60]. اولا: تنظيم الاقتصاد
السياسي الاسلامي بعد انتشار الاسلام واندماج ثقافات ونظم اجتماعية
متنوعة في المجتمع الاسلامي الواحد، ظهرت قضايا اقتصادية متجددة، أدت الى انشاء
نظم اقتصادية في غاية الأهمية والدقة، للتحكم في الموارد الاقتصادية وضبط
الاجراءات المناسبة في التوزيع العادل للثروات نذكر منها: 1- بيت المال: وله عدة اسماء منها: "ديوان الاموال"، ويعتبر
اول مؤسسة اسلامية اقتصادية ذات شخصية معنوية منظمة لشئون المال وسياسة الاقتصاد
بوجه عام، لتشمل حجم الايرادات والنفقات والمداخيل والمخرجات المالية المتعلقة
بالجزية والخراج والفيء والغنائم والزكاة وغيرها [61]. 2- ديوان الحسبة: اسم من الاحتساب، والاحتساب من الحسب، يقول العلامة
ابن الأثير " والاحتساب كالاعتداد من العد، والحسبة اسم من الاحتساب". وفي
الاصطلاح: يقول العلامة "الماوردي": هي أمر بالمعروف اذا ظهر تركه ونهي
عن المنكر اذا ظهر فعله ". وذكر العلامة ابن خلدون: انها: "وظيفة دينية
من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" [62]. 3- الاوقاف: الوقف مؤسسة خيرية تعمل على تسيير الأموال الموقوفة على
سبيل الخير والاحسان. 4- البنوك
الاسلامية: هي مؤسسات
مالية قائمة في شكل شركات لا تتعامل بالفوائد الربوية المحرمة في الدين الاسلامي،
وبمعنى آخر مؤسسة تقوم بنشاط مبرأ من التعامل بالربا [63]. من هذا المنطلق، نشأت ايضا المكتبة
الاقتصادية الاسلامية القديمة والتي سبقت نظيرتها الاوروبية الحديثة بآلاف السنين[64]،
فظهر التخصص العلمي في المؤلفات الاقتصادية الاسلامية، من خلال ما تناوله فقهاء
الاسلام في كتاباتهم واستعمالهم مصطلحات متعددة، كـ: "المعاملات"،
"الاكتساب"، "المعاش"، "الأموال". والتي لها دلالة
واضحة على الاقتصاد في اطار مبادئ الاسلام. ومن الكتب التي اشتهرت في هذا المجال: -
كتاب "الخراج"، ليحي ابن آدم القرشي ظهر في
عام 203هـ/785م. -
كتاب "الاكتساب في الرزق المستطاب"، للإمام
محمد بن الحسن الشيباني (234هـ/815م) -
كتاب "الخراج"،
لأحمد بن حنبل -
مقدمة العلامة عبد الرحمن بن خلدون التي ظهرت في القرن
15هـ/13م والتي توجد الكثير من افكاره في كتاب "ثروة الامم" لأدم
سميث"، الذي كتبه عام 1776م. -
كتاب "اغاثة الامة بكشف الغمة" للعلامة
المقريزي، في النقود ودورات الاعمال الاقتصادية، بحث فيه اسباب الأزمات الاقتصادية
وقدم الحلول لها. وعليه فان الاقتصاد السياسي الاسلامي قائم
بذاته الى جانب الاقتصاد ككل، فهو تراث اقتصادي واقعي يحترم الملكية الفردية
والجماعية ويوازن بينهما ويجعل كل منها في خدمة الاخرى. كما ان له مبادئ وقيم
يرتكز عليها من خلالها يتم تجميع طاقات المجتمع لرسم سياسة اقتصادية جادة وواقعية
تحقق التوازن بين الانتاج والاستهلاك وبين الاستثمار والادخار، وبين الصادرات
والواردات، وتأخذ في الحسبان مراحل التطور الاجتماعي والاقتصادي. والامكانيات
المتاحة للمجتمع لتحقيق الرفاه الاقتصادي والاستقرار السياسي[65]. ثانيا: خصائص الاقتصاد
السياسي الاسلامي يرتكز الاقتصاد السياسي الاسلامي على مجموعة
من الخصائص، نذكر منها: 1- ربانية المصدر والهدف بمعنى انه جزء من الاسلام كدين شامل لكل
جوانب الحياة، فهو مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. فهو يهدف الى
سد حاجات الفرد والمجتمع الدنيوية، في اطار مبدأ الاستخلاف في الارض بالتصرف في
المال والانتفاع به، لأن المال ملك لله وحده. فالمسلم يسعى لارضاء مالك المال في
كل نشاط اقتصادي مصداقا لقوله تعالى:{وابتغ فيما أتاك الله الدار الاخرة ولا تنسى
نصيبك من الدنيا} القصص/77. 2- الرقابة المزدوجة في الاسلام يخضع النشاط
الاقتصادي الى رقابة بشرية ورقابة ذاتية، الأولى طبقت في العهد النبوي الشريف من
خلال وظيفة مراقبة الاسواق التي يقوم بها المحتسب، وكان الرسول (ص) يشرف عليها
بنفسه، وبعده اسندت لديوان خاص. اما الرقابة الذاتية فهي نابعة من المسلم عند
عندما يلتزم بمراقبة سلوكه الاقتصادي واعتباره عملا تعبديا. 3- الجمع بين الثبات والمرونة او التطور فالأمور الثابتة واضحة ومؤكدة
مثل: -
تحريم الربا والميسر والخمر -
اباحة البيع والعقود والنصاب والزكاة -
توزيع التركات على الورثة -
ثبات حد السرقة اما المرونة او القابلية للتطور فهي تسع لعدة
اساليب ويتجاوب مع الوسائل المتجددة ما دامت لا تخرج عن الحكم الشرعي. وهذا عكس
المذاهب الاجتماعية والاقتصادية الوضعية التي لا تثبت على حال وتتغير في كل
الاحوال. 4- التوازن بين المادية والروحية الله جل شأنه، خلق الانسان من مادة وروح فهو
اعلم بالمنهج الحياتي الذي يسير عليه، ومن مناهج الحياة الاقتصاد في المعيشة
والتوازن في الحاجات. وهو عند المسلم مرتبط بالايمان لارضاء الله تعالى، مصداقا
لقوله:{ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض}، سورة
الاعراف/ الآية:96. 5- الواقعية الاقتصاد الاسلامي يقوم على الواقع وليس
الخيال او الاوهام والوعود الزائفة، فهو ينظر الى الواقع العملي الذي يتفق مع
طبائع الناس، ويراعي دوافعهم وحاجاتهم ومشكلاتهم [66]. 6- التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع الاسلام دين الفطرة جاء لرعاية مصلحة
الانسان وحفظ كرامته وضمان حقه في العيش بحرية والقيام بالعبادة في ظل المنهج
الرباني المستقيم. وبالموازاة مع ذلك اهتم الاسلام بمصلحة الجماعة برعايتها
والتأكيد على التوازن بين المصلحتين في حال التعارض. واقرب مثال الى ذلك: حق
الملكية مضمون للفرد فلا يجوز الاعتداء على ملكيته مهما اكتسب من حلال، وله حق
الاستعمال والانتفاع والاستغلال لملكيته، بشرط ان لا يتسبب في الحاق الضرر بمصلحة
الجماعة . كذلك المحتكر لا يجوز له ذلك لتعارضه مع النفع العام. وهذا التوازن لا
يوجد في المذاهب الوضعية، فالرأسمالية تقدس حرية الفرد على حساب الجماعة والعكس
صحيح في الاشتراكية والماركسية وهكذا نجد اتجاهين متعارضين متناقضين ويبقى
الاقتصاد الاسلامي متميزا بخصيصة التوازن [67]. 3: مرجعيات الاقتصاد السياسي العربي الاسلامي عرفت الامة العربية والاسلامية بأمة التجارة
منذ اقدم العصور، مرت خلالها بعدة وقائع واحداث اقتصادية كان لها دور بارز في
صناعتها والتحكم فيها. ولهذا توسعت تجارة القوافل في شبه الجزيرة العربية، التي
نواتها الاساسية مكة المكرمة وقبيلة قريش. وقد خصها الله تعالى في القرآن الكريم
بالقول في سورة قريش:{لإيلاف قريش. إلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا
البيت. الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}. كما قدم القرآن الكريم نموذجا
رائعا لحل أزمة اقتصادية وقعت في عهد النبي يوسف (ع)، والتي تعتبر ايضا مرجعا
اساسيا لبناء نظرية اقتصادية وتقديم تصور متكامل لاقتصاد سياسي. فكان من البديهي ان يخوض بعض العلماء
المسلمين في دراسة ظواهرها وابراز الحلول المناسبة، لهذا ظهر في العصر ما قبل الحديث
بعض المفكرين المسلمين الذين استطاعوا تقديم نظريات اقتصادية قائمة بذاتها، استفاد
منها مفكرون غربيون وطوروها في القرن 18 الميلادي. ومن ابرز هؤلاء المسلمين: - العلامة عبد الرحمن ابن
خلدون، صاحب كتاب المقدمة - العلامة ابو العباس تقي الدين احمد المقريزي
في القرن 15م. وغيرهم .... 3-1: الاقتصاد السياسي عند العلامة ابن خلدون (1332م/1406م) [68] طرح العلامة ابن خلدون نظرية متكاملة في العمل
او كما سماها بكسب المعاش التي ينتج عنها: الربح والنقود ورأس المال والأجر
والسعر، ويرى ان المصدر الاصلي لهذه المقولات الاقتصادية انما هو "العمل
البشري"، الذي يكون منتجا ويؤدي الى الثروة [69].
فالعمل الذي يقوم بها الانسان هو اساس قيام العناصر الاقتصادية المترابطة وفق
علاقات اجتماعية واقتصادية. لهذا حدد ابن خلدون في نظريته الاقتصادية على وسائل
كسب المعاش التي هي مرتبطة بتطور تاريخي للمجتمعات فرضت علاقات اجتماعية بين
الزراعة المحصورة في البدو والمهن المحسوبة على الحضر. ثم تكون التجارة كحلقة وصل
بينهما [70]. ومن اقوال ابن خلدون " ثم اعلم ان الكسب انما يكون بالسعي في الاقتناء
والقصد الى التحصيل فلا بد في الرزق من سعي وعمل .. فلا بد من الاعمال الانسانية
في كل مكسوب ومتمول لانه ان كان عملا بنفسه مثل الصنائع فظاهر وان كان مقتنى من
الحيوان والنبات والمعدن فلابد فيه من العمل الانساني كما تراه والا لم يحصل ولم
يقع به انتفاع.." [71].
فنلاحظ ان ابن خلدون طرح نظرية قيمة العمل المؤدي الى الكسب. اما قوله: "اعلم ان السلطان لابد له من
اتخاذ الخدمة في سائر ابواب الامارة والملك الذي هو بسبيله من الجندي والشرطي
والكاتب ويستكفي في كل باب بمن يعلم غناءه فيه ويتكفل بأرزاقهم من بيت ماله وهذا
كله مندرج في الامارة ومعاشها اذ كلهم ينسحب عليهم حكم الامارة والملك الاعظم هو
ينبوع جداولهم [72].
فهو يحدد القوى الاجتماعية التي تستأثر بالفائض الاقتصادي وعلى رأسها الدولة التي
تقوم بدور رئيسي في هذا الاستئثار[73]. فمن خلال الافكار الاقتصادية التي طرحها ابن
خلدون في المقدمة، والتي انطلقت كنظريات في العمل والانتاج وتكوين الثروة
والاستهلاك، نستنتج انه طرح معادلة اساسية فيما عرف من بعده بالاقتصاد السياسي،
والذي طرح في القرن السابع عشر عندما سيتحول الاقتصاد السياسي الى علم له منهجه
وموضوعه [74].
وعليه يمكن القول ان ابن خلدون قد سبق "
وليام بيتي" و"انطوان دي مونكرتيان" و"جيمس ميل ستيوارت"
و" ادم سميث"، وغيرهم من المفكرين الاوروبيين في وضع النواة الاولى لعلم
الاقتصاد السياسي، الى جانب علم الاجتماع الذي تفرع عنه علم الاجتماع السياسي. 3-2: الاقتصاد السياسي عند المقريزي (1364/1445م)[75] قدم المقريزي نظرية متكاملة في السياسة
الاقتصادية، من خلال اهتماماته بدراسة الظواهر الاقتصادية التي عاشتها بلاد مصر،
خاصة المجاعات التي اصابتها خلال الاعوام: 1392م الى 1404م، فتوصل الى تحديد اسباب
الازمات الاقتصادية التي اصابت مصر، واستنتج ان النقود كانت المسبب الرئيسي لها.
حيث صاغ نظرية اجتماعية لمعرفة اسباب الازمة، فانطلق من تاريخ المجاعات والاثار
التي خلفتها في المجتمع الذي وجد انه يتألف من سبع فئات اجتماعية متفاوتة من حيث
اثار الازمة فقسم المجتمع الى: ü
ارباب الدولة ü
مياسير التجار واولوا النعمة والترف ü
اصحاب البر وارباب المعيش ü
الفلاحون ü
الفقهاء وطلاب العلم وصغار كتاب الدولة ü
الحرفيون واصحاب المهن والاجراء ü
اهل الخصاصة والمسكنة ومن خلال بحثه في الاحوال المعيشية للطبقات
الاجتماعية، طرح مسألة النقود التي يستعملها الجميع بشكل متفاوت وحسب قيمتها، واعتبرها
محور المشكلة والحل في نفس الوقت، فاستنتج بان سلطة النقود يجب عليها ان تعمل على
انقاص تداولها اثناء الازمات. وتتلخص اسباب الازمة عنده في نقص المنتجات
والسلع وارتفاع ثمنها ويرجعها الى اسباب من الطبيعة كنقص مياه نهر النيل والجفاف
واسباب اجتماعية لها بعد سياسي كفساد الحكم والادارة واحتكار الثروات وفرض الضرائب
الباهظة او اسباب اقتصادية متعددة كارتفاع الريع والكلفة في الحرث والبذور والاجور[76].
وارجع ذلك الى كمية النقود المتداولة كانت سببا في ارتفاع الاسعار، ولهذا طرح فكرة
اعادة تنظيم النقود حسب قيمتها للقضاء على الازمة. فمن خلال هذه النظرية، نجد ان
المقريزي قد سبق مفكرين اقتصاديين ظهروا في القرن الثامن عشر وتبنوا فكرة قيمة
النقود المسكوكة واثرها في الازمة الاقتصادية. ومنهم "غريشام" الذي جاء
بنفس الفكرة التي طرحها المقريزي في القرن 15م. تمت
المحاضرات د. محمد
مصطفى زرباني استاذ
محاضر في القانون [1] : ابو بكر الرازي:. [2] : محمد غلي الصابوني:
صفوة التفاسير، [3] :
مسند ابن حنبل رقم
الحديث 4048. [4] : أ د. سعيد على العبيدي:. [5] : عبد الله ساقور:. [6] : د. أحمد السمان:. [7] : د. أحمد السمان: نفس المرجع. [8] : د. توفيق سعيد بيضون:. [9] : محمد عادل زكي:. [10] : فتح الله ولعلو:. [11] : د. عادل احمد حشيش
وآخرون:. [12] : Julien Boitel et René Foignet :. [13] : د. سمير أمين، ترجمة:
د. فهمية شرف الدين:. [14] : ويليام ستانلي جيفونس: ترجمة، علي ابو
الفتوح وآخرون:. [15] : د. اسماعيل محمد
سلطان: المرجع السابق. [16] : فتح الله ولعلو: مرجع
سابق. [17] : د عبد الله ساقور:
المرجع السابق. [18] : د. اسماعيل محمد سلطان:
المرجع السابق. [19] : [20] : أريك برايزر: ترجمة
عن اللغة الألمانية، الهاشمي العربي:. [21] : عبد اللطيف بن أشنهو:. [22] : د رفيقة حروش:. [23] : احمد فريد مصطفى و
سهير محمد السيد حسن:. [24] : د. عادل احمد حشيش:. [25] : هيرمن كندر – فيرنر
هيلغيمن: ترجمة، الياس عبدو الحلو: أطلس. [26] : هيرمن كندر – فيرنر
هيلغيمن: مرجع. [27] : Jaques
Lecaillon : Economie [28] : القديس "توماس
الأكويني": ولد عام 1225م، بقصر ابيه في ركاسكا بأكوينو بالقرب من روما
الايطالية درس في جامعة نابولي وكان في هذه الجامعة "ميخائيل اسكت"
يترجم مؤلفات ابن رشد الى اللغة اللاتينية، و"يعقوب الاناضولي" يترجمها
الى العبرية. وكانت الجامعة تموج بالمؤثرات اليونانية والعربية والعبرية، انضم الى
الرهبان الدومينيكيين في 1244م، وارسل الى باريس لدراسة اللاهوت ومنعته امه واخوته
من هذه الدراسة باعادته الى القصر، ثم عاد الى باريس ثم انتقل الى جامعة كولوني
وظل يدرس فيها الى 1252م، قصة الحضارة،
ج17. [29] : د. أحمد بركات:. [30] : د. عادل احمد حشيش:
مرجع سابق. [31] : تاريخ مؤلفه: 1560م [32] : تاريخ مؤلفه: 1600م [33] : د. عادل احمد حشيش:
مرجع سابق. [34] : فتح الله ولعلو: مرجع سابق. [35] : فتح الله ولعلو: مرجع
سابق. [36] : د. بن حمود سكينة:. [37] : نفس المرجع السابق. [38] : د. عادل أحمد حشيش: مرجع سابق. [39] : فتح الله ولعلو: مرجع
سابق. [40] : فتح الله ولعلو: نفس
المرجع. [41] : د. عادل احمد حشيش: مرجع سابق. [42] : أدم سميث:
(1723-1790م) هو استاذ المنطق في جامعة "جلاسجو" الاسكتلاندية اشتهر بكتابه "ثروة
الامم" الذي اشتمل على افكار اقتصادية اهمها مبدأ الحرية الاقتصادية . ينظر:
د. عبد الله ساقور:. [43] : د. رفيقة حروش:. [44] : د. عادل احمد حشيش:
مرجع سابق. [45] : Keynes, J,N :. [46] : د. عبد الله ساقور:
مرجع سابق. [47] : نفسه. [48] : نفسه. [49] : جورج بوليترز وآخرون: ترجمة، شعبان بركات:. [50] : جورج بوليترز وآخرون: نفس المرجع السابق. [51] : كارل ماركس:. [52] : كارل ماركس: نفس
المرجع السابق. [53] : احمد بركات:. [54] : https://ar.wikipedia.org/wiki تاريخ المعاينة:28 افريل 2021م [56] : https://ar.wikipedia.org/wiki [57] : https://ar.wikipedia.org/wiki [58] : عبد السميع المصري:. [59] : عبد السميع المصري:
نفس المرجع. [60] : عبد السميع المصري:
نفس المرجع. [61] : أ. د. رفعت السيد
العوضي:. [62] : د. فضل إلهي:. [63] : محمد بوجلال: البنوك الاسلامية. [64] : مجلة المسلمون [65] : أ.د. عبد الحميد
الغزالي:. [66] : أ د. علي احمد
السالوس:. [67] : أ د. علي احمد
السالوس: نفس المرجع السابق. [68] : ابن خلدون: هو عبد
الرحمن أبو زيد ولي الدين ابن خلدون. ولد في تونس في رمضان سنة 732 هجريه الموافق
سنة 1332 ميلادية، تعلم بها ودرس العلوم الشرعية واللغة العربية وعلوم الطبيعة
والرياضيات وعلوم المنطق والفلسفة. وبعد ان أصيب والده بمرض الطاعون وهلك عدد كبير
من العلماء الذين كان يأخذ عنهم، هاجر ومن بقي حيا الى المغرب الأقصى ونتيجة لهذا
ترك العلم وتوجه الى السياسة والوظائف العامة. فتولى وظيفة كاتب عند أمير تونس، ثم
أمين سر سلطان مراكش أبي عنان المريني، سافر الى غرناطه حيث عاش مدة في بلاط ملكها
ابن الأحمر، تولى رئاسة الوزراء في بجاية، رافق الحملة المصرية لمحاربة تيمورلنك
في الشام وكان مفاوضا بارعا. توفي ابن خلدون عن عمر 76 سنة عام 1406 م . وكان
حينئذ في وظيفة قاضي القضاة المالكية في مصر. [69] : محمد لخضر بن حسين: دراستان في الفكر الاقتصادي. [70] : محمد لخضر بن حسين:
نفس المرجع السابق. [71] : عبد الرحمان بن
خلدون: المقدمة. [72] : نفسه:. [73] : محمد لخضر بن حسين:
المرجع السابق. [74] : محمد لخضر بن حسين: نفس
المرجع السابق. [75] : هو تقي الدين احمد بن
علي المقريزي ولد في القاهرة عام766هـ/ 1356م وتوفي فيها عام 845هـ/1441م، أصله من
بعلبك بالشام انتقل والده لتولي القضاء في القاهرة. لهذا نشأ المقريزي في مصر و درس
على مشايخ عصره كابن الصائغ والهيثمي وابن خلدون، اشتغل في ديوان الانشاء ثم القضاء
والادارة والحسبة ثم في التعليم والامامة، انتقل الى دمشق لمدة عشر سنوات ثم عاد
الى القاهرة، ثم رحل حاجا الى مكة لمدة خمس سنين. قضى قرابة ثلاثين سنة بعد
الاعتزال يعمل في التأليف التاريخي، لهذا ألف العديد من الكتب، منها: "اغاثة
الامة بكشف الغمة" الذي يركز فيه على المجاعات في مصر سنة 1404م، ويبحث في
اسبابها. و"المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" وهو في علم
الطبوغرافيا والمساحة .. يراجع: " السلوك لمعرفة دول الملوك" للمقريزي،
تحقيق: محمد عبد القادر عطا. [76] : د. رفيقة حروش:.
- Enseignant: mohamed mustafa zerbani