الجمهورية الجزائريـة الديمقراطيــة الشعبيـــــة

وزارة التعليم العالي والبحـث العلمــــي

جامعـــــة غردايــــــــــة

كلية الحقـوق و العلـوم السياسيــــــة

قســـــم الحقـــــــوق

 

محاضرات مقدمة لطلبــة السنــة الثانيــــــة ماســـتـر إداري للسداسي الأول مقيــاس قانــــون الوظيفــــة العموميـــــــــة

 

إعــــــداد الأستـــــــاذ:

بن عـــــودة مصطفــــــــــــــى

 

 

السنة الجامعيــــــة :2021/2022

مقـــــدمـــــــــــــــــــــــة

 

     ارتبطت الوظيفة العامة بمفهوم نشأة الدولة ، وبالإدارة بوجه خاص ، تمارس من خلالها نشاطها المرفقي بواسطة موظفيها لتحقيق أهدافها .

  وتحظى الوظيفة العامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف الدول ، ويتحدد دور الموظف العام ضيقا و اتساعا حسب الفلسفة الاجتماعية والاقتصادية لكل دولة فاتساع نشاط الدولة وعدم اقتصار دورها على حماية الأمن الداخل والخارجي وحل المنازعات بين الأفراد ، وقيامها ببعض الأشغال العامة وازدياد تدخلها في في مجالات اقتصادية واجتماعية شتى قاد بالضرورة إلى ازدياد عدد الموظفين واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز الإداري .

   ومنه فقد أصبح للوظيفة العامة نظاما خاصا بها يحدد حقوق وواجبات الموظفين القائمين بها و طرق و شروط التحاقهم بالوظيفة وخصائصهم القانونية التي تميزهم عن غيرهم من الفئات وسبل نهاية علاقتهم المهنية باالإرة العامة . كل ذلك ما سنفصله في البرنامج الآتي في محاور مفصلــــة .

 

 

 

 

 

 

برنامـــــــج مقيــــــاس الوظيفـــــــة العامــــــة

 

تعريف الوظيفة العموميـــــــــة :

1.   المعنى المادي أو الموضوعي .

2.   المعنى العضوي أو الشكلــــــــي .

3.   الاتجاه التوفيقـــــــــي .

أهميـــة الوظيفــة العموميــــــة :

الأنظمة القانونية المعاصرة للوظيفة العامــــــة :

1.  نظام الوظيفة العمومية المفتوح .

2.  نظام الوظيفة العمومية المغلق .

3.  تقييــــم النظاميـــــــن             الإيجابيــــــات

                                 السلبيـــــات

نشـــأة وتطـــــور الوظيفـــة العموميـــة في الجزائـــــــر:

1.   مرحلة الفترة الاستعماريـــــة .

2.   مرحلة السيادة والاستقــــلال .

3.   مرحلة إنشاء قانون الأساسي للوظيف العمومـــــي .

4.   خصائص ومميزات القانون الأساسي للوظيف العمومي 66/133 .

5.   تطور قانون الوظيف العمومي في الجزائــــــــر.

‌أ-     مرحلة التنسيق والتنشيـــــط .

                 ب - مرحلة الإصــــــلاحات .

 

 

المصادر القانونية للوظيفة العامــة في الجزائـــــــــر :

v   التشريــــــــــــع :

‌أ-     النصوص الدستوريـــــــــــة .

ب - النصوص التشريعيـــــــة .

          ج - النصوص التنظيميــــــــــــــــــة .

مفهوم الموظف العام و علاقتــــــه بالإدارة المستخدمــــــة :

1.   مفهوم الموظف العام .

‌أ-     التعريف الفقهـــــــــي .

‌ب-       التعريف القانوني (التشريعي) .

2.   الخصائص القانونية للموظف العــــــــــام .

‌أ-     التعيين بصفة دائمــــــــة .

          ب – الترسيـــــم أو التثبيــــــــت .

         ج - الانتماء لإحدى المصالح الإدارية المسيرة مباشرة من طرف الدولة أو أحد أشخاص القانون العـــــــام .

3.   نطاق تطبيــــق قانــــون الوظيف العمومــــــــي .

4.   علاقة الموظف العام بالإدارة المستخدمة .

‌أ-     العلاقة التعاقديــــــــة .

‌ب- العلاقة التنظيميــــة اللائحيـــــــة .

‌ج- موقف النظام القانوني الفرنسي والقانون المقــــــــارن .

‌د-   موقف المشرع الجزائــــــــري .

 

-         مبــــــــادئ و شـــــــروط التوظيــــــــــــف :

1.   المبادئ العامة للتوظيــــف :

‌أ-     مبدأ المســــــــــــاواة .

          ب - مبدأ الديمومة أو الدائميـــــــــة .

ج -  مبدأ الجدارة و الاستحقــــــــــاق .

2.   شـــــــــروط التوظيـــــــف :

‌أ-     الشــــــــروط العامـــــــة .

ب - الشروط الخاصـــــــــة .

3.   إجــــــــراءات أو طـــــرق التوظيــــــــــــــف :

‌أ-     الطريقـــــة المطلقـــــة للإدارة .

ب‌-طريقـــــــة المسابقـــــــــــــــة .

ج‌-  طرق التوظيف في النظام الجزائـــــــري .

ü    التوظيف الخارجــــــــــي .

ü    التوظيف الداخلـــــــــــــي .

ح‌-  الوسيلة القانونية لقرار التعييـــــــــــــــــن .

ط - إجراءات التوظيــف في الجزائــــــــــــــــــــر.

4.   الطبيعــــــة القانونيـــة لقـــــــرار التعييــــــــــــــن :

‌أ-     تصــــــــــرف إداري .

ب‌-تصرف إنفــــــــــــرادي .

ج – تصـــــرف شرطــــــــــي .

د - تصرف له أثــر مستقبلــــــــــــــي .

5.   السلطــــة المختصـــــة بالتعييــــــــــــــن .

6.   الآثـــــــــار القانونيـــــــة للتوظيـــــــــــــف .

‌أ-     الواجبات المهنية للموظف العــــــام .

ب - حقوق الموظف العــــــــــــــــــــــام .

7.   نهايــــة الحيـــــــاة المهنيـــــــة للموظــــــــــــف .

‌أ-     نهاية علاقة الموظف بالإدارة بمبادرة من الإدارة .

              ب - نهاية علاقة الموظف بالإدارة بمبادرة من الموظف .

              ج - نهاية علاقة الموظف بالإدارة بحكم القانـــــــون .

              - الاستقالــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .

- الأحكام القانونيـــــــة للاستقالــــــــة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعريـــــف الوظيفـــــة العموميــــــة :

-         مصطلح الوظيفة العموميـــــة له معنيــــــان :

1.   المعنى المادي  أو الموضوعي : يرتكز على النشاط المقدم من شخص الموظف .

2.   المعنى الشكلي أو العضوي : يرتكز  على جانب  الموظفين أي يهتم بالأعضاء المسيرين أو القائمين بالإدارة .

3.   الاتجاه التوافقي يجمع بين المعنيين سواء من جهة العمل المقدم من جهة الشخص ، أو بعلاقة الموظفين بالإدارة .

  من خلال المفهومين نستطيع القول بأن الوظيفة العمومية هي مجموعة من الأحكام و النظم الخاصة التي تخص الموظفين في الدولة سوا تعلقت بأداء الموظف لعمله ، أو بعلاقة الموظف بالإدارة ، والاهتمام بمشاكله ومستقبله الوظيفي .

أهمية الوظيفـــــة العموميــــــة : للوظيفة العامة أهمية بالغة في الحياة اليومية ، بحيث تعتبر كائن اجتماعي لا يمكن الإستغناء عنه وهو ما يتجلى في الخدمات التي تقدمها الإدارة للأفراد ، ومن جهة مقابلة فهي لها دور نفسي ويحبذها الكثيرون لما توفره لهم من اطمئنان وأمان واستقرار نفسي أكثر من الوظائف الاقتصادية والمهن الأخرى .

     تعتبر الوظيفة الوسيلة الوحيدة للإدارة من أجل ممارسة مهامها ، لأن كل القرارات الإدارية الدولة مصدرها الوظيفة العامة المتجسدة في الإدارة وبالتالي فهي تمثل العمود الفقري للدولة ، وهو ما يقتضي منها معاملة الأفراد القائمين بها معاملة خاصة بوجود قانون أساسي خاص بهم يراعي ظروف وأهمية المهنة الوظيفية القائمين بها بل وقوانين خاصة بكل سلك وظيفي منهم .

   تتجسد الأهمية الثالثة في الأهمية العددية بحيث أن عدد الموظفين في ازدياد مستمر وهذه الزيادة تمس جميع الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في الدولة ، ويرجع ذلك لتوسع وظائف الدولة وازدياد أنشطتها ، كما يرجع ذلك أيضا إلى التوجه الديمقراطي للدولة لفم تصبح الوظيفة العامة حكرا على بعض الفئات وإنما أصبح من حق أي مواطن توفرت فيه شروط تولي الوظيفة العامة إذا توفرت فيه شروط المنصب وفقا لمبدأ المساواة ومبدأ الجدارة والاستحقاق .

كما تظهر لنا أهمية أخرى للوظيفة متمثلة في الاعتمادات المالية المتزايدة للدولة ، نظرا لتزايد الحاجة للإنفاق العام بصفة مضطردة .

1.   الأنظمــة القانونيـــة المعاصـــرة للوظيفــــة العامــــة :

‌أ-   نظـــــــام الوظيفة العموميــــة المفتــــــوح :  تبنته الدول الانجلوسكسونيــــــة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، ويتميز ببعض الخصائص :

-         التخصص الدقيق : متأثرا بالاتجاه المادي أي التخصص الدقيق في المهنة بحيث يميز الموظف أن يكون مرتبطاً بالوظيفة التي يشغلها ، وإذا زالت زال الموظف ، وبذلك فلا تكون هناك ترقية .

-         نظام دوري : يعني أنه مؤقت بحيث يقوم الموظف بوظيفته معينة ، وينتهي بانتهاء المهمة ، ويأتي شخص أخر ليقوم بهذه المهمة .

    ب - نظام الوظيفة المغلق : نظام فرنسي نشأ فيها ، ويتميز بــ :

-         الإطار المهني : على أساس أن الوظيفة دائمة و مستمرة يدخلها الموظف من بداية حياته إلى سن التقاعد.

-         التوزيع الهرمي  للوظائف و المناصب الوظيفة ، وتنقسم إلى درجات أي....

-         وجود قانون أساسي عام للوظيفة العموميــــــــة بوجه عام ، وقانون خاص لكل صنف منها .

 

v   تقييم النظاميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن :

النظام

 

الايجابيـــــــــات

السلبيـــــــــات

 

 

 

 

 

المفتوح

-         يؤدي إلى التخصص وبدوره يؤدي إلى السرعة في إنجاز العمل ويقلل من التكاليف على السيولة .

-         يخلو من الترقية ويخلو من تعقيداتها ومشاكلها

-         التخصص الذي يتميز به هذا النظام يتماشى مع نظام المشروعات ، وخاصة ( الصناعي )

-         يسمح بتوفير مناصب أكثر من المغلق نتيجة إلغاء الوظائف وخلوه من نظام الترقية .

 

-         اعتماده على التخصص يستدعي وجود دولة ذات كفاءات عائلية للاستيعاب .

-         مكلف ماديا لن التخصص يحتاج إلى تكوين وإلى وقت ولذلك فيكلف خزينة الدولة .

-         أنه يتماشى مع قطاع التعليم أكثر فا الدول التي تعتمد عليه تحتاج إلى إنشاء التخصص وتكون فئات متخصصة .

-         يبالغ ويسرف في فكرة التخصص.

 

 

 

 

 

المغلق

 

 

 

 

-         نظام مرن يستطيع استخدام الموظف في أية وظيفة ، وإمكانية انتدابه لأي مؤسسة إدارية أخرى .

-         يكون روح الولاء للإدارة فمادام مستمرا ودائما ، فيصبح الموظف متمسكا ومحافظا على وظيفته ويدافع عن إدارته.

-         يؤدي إلى الطمأنينة في نفوس الموظفين من العزل . 

-         عدم التخصص الذي يتميز به يؤدي إلى الإهمال ، فتكون الأنشطة بطيئة وتؤدى بخطأ نتيجة عدم العناية والرغبة في التخصص .

-         الضمانات الكثيرة وعدم الفعالية في العقاب يؤدي إلى اللامبالاة .

-         النظام التوافقـــــي: من خلال مناقشة النظامين ( المغلق و المفتوح ) ووفقا لطبيعة و خصائص كل الأنظمة و المجتمعات ، نستنتج بأنه لا يمكننا الأخذ بنظام واحد على حده وإنما يكون من الأفضل لنا هو الأخذ بالنظام الذي يتأقلم مع مجتمعاتنا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسيـــــة .

-          أما بالنسبة للمشرع الجزائري فنجده بأنه قد أخذ بفكرة النظام المغلق والذي انتقل إلينا إرثا من النظام الاستعماري وهو يتوافق أكثر مع طبيعة مجتمعنا .

نشـــــــــأة وتطـــــــــور الوظيفـــــــة العموميــــــة في الجزائـــــــــــــــــــــر:

-         مرحلة الاستعمار الفرنســــي : تميزت بالطابع الاستعماري حيث كان لها  أهدافا ووسائل تتماشى مع مصالحها ، ويمكن أن تتجسد في أول محاولة لدخول الجزائريين للوظيفة العمومية في أول قانون 04/02/1914 ، لكن كانت محاولة فاشلة لسببين : الحرب العالمية الأولى وعدم وجود قانون أساسي للوظيفة العمومية الفرنسية آنذاك .

-         المحاولة الثانية كانت بصدور المرسوم 10/06/1949 الذي كان يقضي بسريان قانون الوظيفة العمومية الفرنسي لسنة 1949 على الجزائر ، وهذه المحاولة لم تنجح أيضا لأن نصوصها كانت قاسية وشديدة وغير ملائمة للحالة الثقافية والاجتماعية للجزائر ، وبذلك لم يتمكن الأهالي الجزائريين من الإلتحاق بقطاع الوظيف العمومي .

-          والمحاولة الثالثة هي تعديل قانون 1946 بأمر مؤرخ في 14/01/1959 بأن خفف من بعض الشروط ليكون صالحة للتطبيق على الجزائريين وأدى ذلك لصدور مرسم سنة 1960 ، والذي ناسب الأهالي الجزائرية .

ونشير إلى أن قانون الوظيفة العمومي في تلك الفترة كان بسبب الضغط الثوري على الاستعمار الفرنسي داخليا وخارجيـــــــــــا .

 

 

‌أ-    مرحلة السيـــــادة والاستقــــــــــلال :   ونقسمها بدورها لعدة مراحـــــل هــــــــــــــي :

v   المرحلة الانتقاليــــــــــــــة من سنة 1962 إلى 1966 :

هي الفترة التي مرت بها الجزائر قبل صدور قانون الوظيفة سنة 1966 ، وتطبيقه في 1967 ، وكان أول قانون صدر 62/157 الذي يقتضي بسريان القانون الفرنسي على الجزائر أي على المؤسسات والإدارات الجزائرية إلى غاية صدور قانون الوظيفة إلا ما تعارض منها مع السيادة الوطنية ، وقد عانت الجزائر في ذلك الوقت من ظاهرتين متناقضتين وهما : قلة عدد الموظفين العموميين الجزائريين وكثرة القوانين الأساسيــــة .

v   مرحلة إنشاء قانون أساسي للوظيفة العمومـــــي :

    فشلت المراسيم و القوانين في الفترة الإنتقالية لإيجاد حلول ، ويرجع ذلك لعدم الدقة في تطبيق  القوانين طرح مشروع القانون في سبتمبر 1965 وفي   02 جوان 1966 صدر هذا القانون الأمر (66 -133) ، أما نفاذه فكان في جانفي 1967 لاعتبارات أهمها :

-         حصر الإعتمادات المالية لسنة 1967 .

-          إعداد القوانين الأساسية الخاصة التي تساهم في تطبيق القانون الأساسي حتى لا يكون هناك فراغا قانونيا  ، وأن يكون هناك اطلاع كاف على هذا القانون ، وكان تطبيقه بأثر مستقبلي وهذا ما يتماشى مع منطق وسياسة اقتصاد البلاد آنذاك .

v   خصائص ومميزات القانــــــــون 66/133 :

-         أخد بنظام الوظيفة المغلق لأنه كان إرثا عن النظام الإستعماري الفرنسي ، كما أنه يتماشى مع الوضعية الاقتصادية للبـــــلاد .

-         الأخذ بمبدأ المساواة للدخول إلى الوظيفة العمومية لآن اعتمد عملية  ومبدأ الكفاءة و الخبرة والشهادة .

-         مبدأ مشاركة الموظفين في تسيير الوظيفة العامة وهذا عن طريق التكوين والرسكلة .

-         اعتمد على النظام الموحد للأجور وفق تدرج الموظفــــــــين .

v   مرحلة التنسيق والتنشيط : تمثلت هذه المرحلة في الانتقال من الإدارة المركزية إلى النظام اللامركزي ، فقد كان تطبيق القانون على المستوى الإدارة اللامركزيــــة .

-         قانون 92/68 الذي قضى بإجبارية معرفة اللغة العربية على كل الأشخاص الذين ينتمون للوظيفة العمومي ، ومن الإجراءات المتخذة آنذاك إنشاء مصلحة تشرف على إحصاء الموظفين وتراقب تطوير الموارد البشرية .

وفي الواقع لم يطبق هذا القانون لظروف هي :

  المفاوضات السرية بين الجزائر وفرنسا على البترول .

بداية التأميم على المناجـــم : 1966 إلى 1968 .

v   مرحلة الإصــــلاح :  تمثلت في المراجعة السابقة لصدور القانون الأساسي العام للعمال

( الأمر 78/12 المؤرخ  في 08 أوت 1978 ) والذي كان يسعى لـــــــــ :

-         تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص لكافة العاملين من أجل الدخول إلى الوظيفة وذلك لتحقيق مبدأ  " كل حسب قدرته ، كل حسب عمله " .

-         تحقيق التوازن في اليد العاملة بين مرافق القطاع العام .

-         جاءت المادة الأولى من هذا القانون من هذا القانون لتعرف العامل بأنه كل من يعيش من حاصل عمله اليدوي أو الفكري ولا يستخدم غيره من العمال أثناء ممارسة نشاطه المهني ، مما يفهم منه حسب رأي الأستاذ عمار بوضياف بأن المشرع أراد بهذا لهذا النص أن يكون بمثابة قانون إطار ونصا مرجعيا وأساسيا ذا طابع توحيدي بين جميع القطاعات .

ونتيجة لهذا القانـــون ، صدر قانون علاقات العمل الفردية 82/06 ، ولكن القانون 78/12 ، لم يلغ ، الأمر 66/133 ، وللخروج من هذه الوضعية أصدر المشرع سنة 1985 المرسوم 85/59 المؤرخ في 23 مارس 1985 المتعلق بالقانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية .

   وقد تضمن هذا المرسوم 150 مادة ، والشيء اللافت فيه هو أنه جعل من القانون 78/12 نصا مرجعيا ، وهو ما يؤكد الطابع التوحيدي لهذا القانون فقد أراد المشرع تعميمه على جميع المؤسسات والإدارات العمومية ، كما استعمل مصطلح العامل بدلا عن الموظف فمهما اختلف قطاع النشاط فيبقى العامل هو ذلك الشخص الذي يعيش من حاصل عمله اليدوي أو الفكري .

مرحلة القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية 06/03 :

صدر هذا القانون في 15 جويلية 2006 وهو الأمر المطبق حاليا وسمي بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية وتضمن 224 مادة موزعة على عناوين مختلفة وأواب مختلفة تضمن الباب الأول منه نطاق التطبيق و تكييف العلاقة القانونية الأساسية ثم المناصب العليا والوظائف الأساسية العليا في الدولة .

في حين تضمن الباب الثاني على الضمانات والحقوق والواجبات الخاصة بالموظف العام ، أما الباب الثالث فاحتوى على التنظيم الهيكل المركزي لهياكل الوظيفة العمومية .

المصــــادر القانونيــــة للوظيفـــة العموميـــة في الجزائــــــــر:

v   يعرف فقهاء القانون المصادر القانونية للوظيفة العمومية اصطلاحا بأنــــــها :

-         هي مجموعة النصوص القانونية التي تتكون منها الوظيفة العمومية .

-         هو مجموعة النصوص واجبة التطبيق بالترتيب عند الفصل في قضية مطروحة من قضايا الوظيفة العمومي ، يقصد بترتيب المصادر من حيث قوتها الإلزامية .

-         طبقا للمادة 01 من القانون المدني الجزائري فإننا نستنتج نوعين من المصادر للوظيفية العمومية مصادر إلزامية أو رسمية ومصادر احتياطية فالأولى تستمد من التشريع أي القانون العادي ، والثانية تتمثل في مبادئ الشريعة الإسلامية والعرف ثم مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالـــــــة .

‌أ-     النصوص الدستورية : المادة 55 من الدستور 96 ، ى57 المادة 69 دستور 16    المادة 71 ، المادة 70.... الخ .

 

مفهـــوم الموظــف العـــام وعلاقتـــــه بالإدارة المستخدمـــــة :

أ - مفهوم الموظف العـــام : حسب الفقيه الفرنسي Ronoda فإنه من المستحيل أن نجد مفهوما واحدا موحدا للموظف العمومي بين جميع التشريعــات .

لهذا فقد تعددت المصطلحات والمفاهيم المتداخلة فنجد كلمة : الأجير ، العامل ، المستخدم ، العون ، و رغم الاختلاف في المعنى إلا أن هناك قاسما مشتركا وهو أن هؤلاء جميعهم يعملون لصالح الغير سواء كان عاملا أو مستخدما أو أجيرا ، ومن هنا تستنتج علاقة التبعية القانونية للغير المتمثلة في الإشراف – التوجيه – الرقابة .

ب - التعريف الفقهـــــــي :

-         عرفه الفقيه  دوجي بأنه : (هو كل عامل يساهم بطرية دائمة في تسيير مرفق عام أيا كانت الأعمال التي يقوم بها ) هذا التعريف يعتمد على معيارين هما معيار الديمومة و معيار طبيعة المرفق بكونه مرفق عام .

-         كما عرفه الفقيه روجي ريجوار بأنه هو كل فرد يحصل على مرتب تلتزم الخزانة العامة بدفعه له مباشرة ، هذا التعريف ركز على معيار المرتب بكون يدفع مباشرة من الخزينة العمومية .

-         عرف الفقيه العربي محمد فؤاد مهنة الموظف العام بأنه هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة المرافق التي تدار بطريق مباشر بواسطة السلطات الإدارية المركزية الإقليمية أو المرفقية ؛ هذا التعريف ركز على ثالثة عناصر هي طبيعة المرفق و طريقة العمل معيار السلطة .

-         عرفه الفقيه الجزائري ميسوم صبيح بالقول ( يضمن  سير الإدارة العام أعوان لهم أنظمة قانونية مختلفة ، ولا يخضع منهم للقانون العام للوظيف العمومي سوى الذين لهم صفة الموظف ولا يعرف بهذه الصفة إلا الأشخاص الذين رسموا بعد تعيينهم في مناصب دائمة و ثبتو فيها نهائيا )  فهذا التعريف يرتكز على طبيعة المنصب وهي الديمومة والثبات فيه.

-          عرفه الفقيه " أحمد محيو " ( الموظفون هم من يوجدون في وضع قانوني تنظيمي و الذين يميز بأنه قابل للتبديل بقانون جديد يطبق عليه آليا دون أن يخول لهم التمسك بالحقوق المكتسبة ) هذا التعريف يركز على طبيعة علاقة العمل وهي أن تكون تنظيمية لائحية .

من خلا هذه التعريفات نصل إلى تعريف جامع مانع للموظف العام وهـــــو « الموظف هو كل عون عمومي معين بقرار في منصب دائم ، مثبتا فيه، تابع لأحد للمصالح الإدارية للدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى » .

التعريف القانوني (التشريعي ) للموظــــف العــــــــام :

   لا نستطيع بطبيعة الحال أن نذكر التعريفات الواردة في كل التشريعات نظرا لاختلافها لهذا سوف نقتصر على التعريفات الواردة في التشريع الجزائري ، كما أن كل فرع من القوانين يعرف الموظف بتعريف يختلف على التعريف الوارد في التشريع الآخر .

ففي القانون المدني نجد المادة 129 من القانون المدني الجزائري الصادر بالأمر 75/59 المؤرخ في 25 سبتمبر 1975 تنص على أنه ( لا يكون الموظفون والعمال العامون مسؤولون شخصيا عن الأعمال التي يقومون بها لصالح الغير، إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رئيس طاعته واجبة عليهم . فهذا التعريف يميل نحو كلمة العون العمومي لأنه يوسع من المعنى العام لمصطلح الموظف العام .

أما في القانون الجنائي فإن مفهوم الموظف العمومي يشمل كذلك القاضي والحكم و الخبير والمحلف و العضو في الجهة القضائية والطبيب و الجراح وطبيب الأسنان والقابلات لأن المصلحة في القانون الجنائي تختلف عن المصلحة الإدارية ؛ فهي في القانون الجنائي ترتكز على نزاهة الوظيفة وحماية الجمهور من جهة أخرى ، لتشمل كل من تولى باسم ولحساب الدولة ولو قدرا ضئيلا من السلطة مما يمارسه في علاقته مع الجمهور.

-         بينما أخذ قانون الوظيف العمومي بالمفهوم التقني لكلمة الموظف العام ، فقد عرفته المادة الأولى من القانون 66/133 « يعتبر الموظفون الأشخاص المعينون في وظيفة دائمة والذين رسموا في درجة من التسلسل في الإدارة المركزية التابعة للدولة أو للمصالح الخارجية التابعة لهذه الإدارات و الجماعات المحلية وكذا المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بمرسوم » ، و عرفه الأمر 03/06 في مادته الرابعة « يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم الإداري ، الترسيم هو الإجراء الذي يتم من خلاله تثبيت الموظف في رتبته  » .

فالتعريف الوارد في قانون الوظيف العام للموظف العام يختلف جذريا عن التعريفات الواردة في كل من القانون المدني وكذا القانون الجنائي ، وهو كتأثر كثيرا بقانون الوظيفة العمومية الفرنسي .

 الخصائص القانونيـــة للموظــف العمومــــــــــي :

انطلاقا من التعريف الوارد في قانون الوظيفة نستنتج بأن الموظف العمومي يتمتع بخصائص قانونية مميزة ولعل أهمها التعيين بصفة دائمة ومستمرة ، التؤسيم في منصب العمل ، وكذا الإنتماء لأحد الإدارية المسيرة مباشرة من طرف الدولة أو أحد أشخاص القانون العام  .

1- التعيين بصفة دائمـــــة ومستمــــــرة :  وهذه الصفة لها شرطــــــــان :

أ - التعييـــــن: ويتم بأحد القرارات الإدارية بمعناها الواسع حيث شمل المرسوم والقرار والمقررات، حسب اختلاف المناصب وكيفية التعيين ، والقرار الإداري هو تصرف شرطي و القرارات الشرطية هي تلك القرارات الموقوفة على شرط قبول المعني ، وبهذا نستثني من الموظفين  الفئات المسخرة ، وعلى هذا الأساس إذا اشترط التعيين فإننا نستثني فئة المنتخبين كرئيس البلدية مثلا لأنه ليس معينا ، وكذلك الأشخاص المسخرون للخدمة الوطنية .

كذلك إذا اشترطنا التعيين بالقرار الإداري فيخرج عنهم حتما الموظفون الفعليون ، فالموظف الفعلي يتصرف كموظف عمومي لكنه يفتقد لأي سند قانوني المتمثل في قرار تعيين لكنه أعماله تنتج عنها آثار ويستحق هو عنها التعويض ، بخلاف المنتحل للوظيفة الذي لا يستحق أي تعويض بل يكون مرتكبا لجريمة انتحال صفة الموظف .

ب – الديمومــة : ويقصد بالديمومة عدم ارتباط بمنصبه بمدة زمنية محددة ، وإنما تكون الوظيفة دائمة ومستمرة ، و بذلك فإنه لا ينتمي إلى فئة الموظفين الأعوان المتعاقدون لأنهم دخلوا الوظيفة بموجب عقد وليس بموجب قرار تعيينكما أن العقد دوما مدته الزمنية محددة ، ثم أنهم لم يعينوا بصفة دائمة ومستمرة وإنما وظفوا بصفة مؤقتـــــة ومحددة زمنيــــــا . كما لا يمكن لهؤلاء الاحتجاج باكتساب صفة الموظف .

  والتعيين بصفة دائمة يعطي للموظف الاستقرار والثقة في العمل و التخصص واكتساب الخبرة والفعالية في العمل والإخلاص للوظيفـــة .

 

2-  الترسيم أو التثبيت في المنصـــــب : نقصد بالتثبيت أن يصبح الشخص منتميا إلى أحد الأسلاك المهنية وهو إجراء قانوني يضع الشخص في مركز قانوني قوي يصبح بفضله منتميا إلى أحد الأسلاك المهنية من تاريخ تثبيته بصفة رسمية فيصبح كامل الحقوق .

على هذا الأساس فإن الموظف المتربص لا يعد موظفا عموميـــا لأنه ليس مثبت لعدم وجود لديه قرار ترسيم ، وعلى هذا الأساس فإنه يحق لإدارة أن تلغي الوظيفة و تعزل الموظف دون إخطار مسبق  ولا يستحق التعويض ؛ لأنه ليس كامل الحقوق ، وإذا عوض فيكون تعويضه عن العمل الذي قام به وليس تعويضا عن العـــزل .

3- الانتماء إلى أحد المصالح الإدارية المسيرة مباشـرة من طرف الدولة أو أحد أشخاص القانون العام : طبقا للمادة 02 من القانون 06/03 فقد حدد المشرع الجزائري المؤسسات والإدارات العمومية التي يطبق عليها هذا القانون ، حصر تطبيقه على الموافق العامة التابعة للدولة المتمثلة في الإدارة المركزية و المصالح التابعة لها، كما يشمل الجماعات المحلية ونقصد بها موظفي الولايات والبلديات، وكما تشمل المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري كالجامعات و المستشفيات و المعاهد، و المؤسسات ذات الطابع العلمي والثقافي و المهني و المؤسسات العلمية ذات الطابع العلمي و التكنولوجي، وكل مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية ، كما يفترض في هذه الهيئات التسيير المباشر و بالتالي فنستثني من المرافق العمومية التي يطبق على موظفيها قانون الوظيفة العامة المرافق التي تسير عن طريق عقود الامتياز كالأسواق والعمال التابعين لمؤسسات النظافة التي لديها عقود مع البلديات ، والأمر كذلك بالنسبة لعمال المؤسسات العمومية الاقتصادية فحتى ولو كان رأسمالها عام فإن عمالها وكذا إطاراتها لا يعتبرون موظفين كما أن هذه المؤسسات تخضع للقانون الخاص وهو القانون التجاري .

 

 

 

 

 

  نطــــــاق تطبيـــق قانــــون الوظيــــفــة العموميــــــــة :

-          يتضح نطاق تطبيق قانون الوظيفة العمومية من خلال تحديد الأشخاص الذين يطبق عليهم هذا القانون ، و هم الموظفون العموميون الدائمون رؤساء كانوا أم مرؤوسين  وسواء كانو ينتمون إلى الإدارة المهنية أو الشعب التقنية . كما يتضح هذا النطاق من حيث الهيئات العمومية التي يطبق عليها هذا القانون والمتمثلة في الوزارات وجميع المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري و الجماعات المحلية وهم موظفو مصالح البلديات و الولايات ، كما يمتد تطبيق هذا القانون كما أسلفنا الذكر إلى مستخدمو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري كالجامعات و المستشفيات و المعاهد، و المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي و المهنـــــي .

  لكن بالرغم من تحديد هذا النطاق من حيث الأشخاص وكذا من حيث الهيئات ، فإننا نجد بعض الأعوان لا يطبق عليهم قانون الوظيفة العمومي لاعتبارات خاصة ؛ بحيث أن هذه الفئات بالرغم من انتمائها للقطاع العام وتوفرها على بعض خصائص الموظفين العموميين لكن لا يعتبرون موظفين ولا يطبق عنهم قانون الوظيفة العمومي وهم :

 

1-أفراد الجيــــــش: يعتبرون من المستثنين  من تطبيق قانون الوظيف العمومي لأن لديهم إجراءات خاصة تختلف عن الموظفين العموميين من حيث التعيين ، الانضباط الشديد وكذا المسؤولية .

2- القضــــــــــــــاة : لديهم إجراءات خاصة تختلف عن الموظف العمومي من كذلك للإجراءات الخاصة التي يتمتع بها القضاة والمتمثلة في الحصانة القضائية و من هيبة القضاء و لاعتبارات نفسية تؤدي لمصداقية حكمهم . ويخضع القضاة للقانون الأساسي للقضاء 04/11 الصادر في 06/09/2004 .

3- رجال السلك الدبلوماسي و القنصلي : لأن لهم طابعا سياسيا وسياديا وتخضع الإجراءات خاصة من حيث التعيين والتأديب ، وهذه الفئة لم يستثنهم القانون الأساسي للوظيفة العمومية لسنة 1966 أي الأمر 66/133 في المادة الأولى مثل الفئات الأخرى ، لكن عندما بدأ التطبيق ظهر بأن لهذه الفئة خصوصيات من حيث التوظيف أي الالتحاق بالوظيفة وكذا التأديب ، وهو ما أدى لصدور الأمر 77/09 و الأمر 77/10 وهو ما أدى لتعديل المادة الرابعة من القانون 66/133 .

   يبقى أن نشير بأن هناك فئات أخرى مستثنون من تطبيق قانون الوظيفة العمومي نظرا لعدم توفر الشروط المنصوص عليها في المادة الرابعة والمتمثلة في التعيين، الترسيــم ، الديمومة ، وهذه الفئات هــي :  

 1-الموظفــــون المتربصــون : نظـرا لعدم وجـــود قــــرار ترسيـــــم  .

2-الموظفــــون الفعليــــون : وهذا نظرا لعــــدم وجـــــود قـــــرار تعييـــــــن .

3-الموظفون المؤقتـــون : وهذا نظرا لعـدم توفر شرط الديمومـــة و الإستمـــــرار.

4-الموظفون المتعاقــدون : لأنهم عملهم مؤقت أولا ، ثم أنهم لم يدخلوا الوظيفة بموجب قرار تعيين وإنما دخلوا الوظيفة بموجب عقـــــد .
5- عمال المؤسسات العمومية الاقتصادية: لانتمائهم لمؤسسات ذات طابع اقتصادي أي تجاري و ليس مؤسسات ذات طابع إداري.
6- المنتخبون في المجالس الشعبيـة البلدية و الولائيــة و حتى الوطنيــة بغرفتيها الأولى والثانية لأنهم منتخبون وليسو معينون ثم أن تعيينهم هو لفترة مؤقتة تنتهي ثم يشرع في انتخاب آخر .
7-المسخرون بالقوة الجبرية وهم المجندون في الخدمة الوطنية وكذلك المساجين لأنهم يفتقدون  لشرط  التعيين ( القرار الشرطي ) .

  عــلاقـــة الموظـــف العــــــام بالإدارة المستخدمـــــة :
   تعد هنا العلاقة ذات أهمية بالغة لأنها تنتج عنها أثار قانونية ولها أبعاد مالية من كلا الطرفين لذا يقتضي معرفة نوع وطبيعة هذه العلاقة هل هي علاقة شخصية ذاتية أم هي علاقة تنظيمية لائحية و هل تخضع للقانون العام أم القانون الخاص .
1- العلاقــــــة التعاقديـــة:  هي العلاقة السائدة على مستوى الفقه و القضاء و للتشريع إلى نهاية القرن 19 في فرنسا و مصر، وهذا يرجع إلى أن القانون المدني هو الذي كان منتشرا ومسيطرا على تنظيم المؤسسات الإدارية فكان المجال مفتوحا للقانون المدني باعتباره القانون المشترك لتنظيم كل العلاقات إلا أن هذه الفكر التعاقدي اختلف في تكييفه إلى رأييين أساسيين :

أ- يرى إلى أن هذه العلاقة تنتهي إلى علاقة ضمن القانون الخاص وكان هذا الاتجاه هو السائد نظرا لعدم وجود قانون للوظيفة العمومي ، فكيف العقد على أساس أنه عقد مدني يقوم على التراضي بين الموظف والإدارة وبمعنى آخر طغيان الطابع الإداري على طابع العمل ، وهذا لتكييف سماه البعض بعقد الوكالة إذا كان الموظف قائما بنشاط ذهني ، أما إذا كان قائما بنشاط مادي فسمي بعقد الإيجار أو عقد خدمات.

   وتطبيقا لفكرة العقد المدني تعتبر الإدارة هي رب العمل ويكون الموظف في مركز قانوني ذاتي أو شخصي ، أي أن المركز يتعلق بالشخص .

 إلا أن فكرة العلاقة التعاقدية للوظيفة على أساس أنها عقد مدني انتقدت بشدة من طرف فقهاء القانون وأهم الانتقادات الموجهة لها هي :

1- العقد المدني يتطلب إيجابا وقبولا بعد مفاوضات وهذه الصفة ليست واردة في الوظيفة ، بل يتم التعيين مباشرة .

- العقد المدني مبني على أساس قاعدة معروفة وهي أن « العقد شريعة المتعاقدين» وهذا غير وارد في الوظيفة العمومية ، بحيث يكون للإدارة أن تغير في الوظيفة أو المركز بصفة منفردة .

- قالوا بأن العقد تكون آثاره دوما على أطرفه نسبيا ، ولكن في الوظيفة لا تكون آثارها على أطراف العقد وإنما يمكن أن تمتد إلى الغير في حال إخلال الموظف بالتزاماته الوظيفية تجاههم فيمكن لهم رفع دعوى ضده .

-في إطار تكييف العلاقة على أساس عقد مدني فيمكني لأحد الطرفين فسخ العقد ويتحمل المسؤولية ، لكن بالنسبة للموظف بالرغم من أن له الحق في الاستقالة إلا أنه يبقى ملتزما بالعمل الإداري لغاية قبول هذه الاستقالة من طرف الإدارة .

هذه الانتقادات أدت إلى تغيير الفكر التعاقدي وتراجع الفقهاء عن هذا التكييف ومناداة البعض بأنه هذا العقد هو عقد إذعان مضمونه أنه محدد الشروط و الامتيازات مسبقا في شكل عقد يقبل شروطه الموظف كلية أو يرفضها كلية لا تحتوي على تفاوض أو تراض ، وتأصلت هذه الفكرة في الاتجاه الأنجلو سكسوني لكن انتقدت ة في الفكر اللاتيني ومن بين منتقديها نجد الفقيه دوجي و سالاي و ديمون ، وأهم الانتقادات الموجهة لها هي :

1- أن عقد الإذعان يفتقد إلى ركن التراضي لأنه عقد يقوم أساسا على الرضوخ والإجبار .

2- أن عقد الإذعان يتطلب دوما بأداء سلعة أو خدمات محتكرة إما قانونيا أو فعليا ، لكن الوظيفة ليست سلعة أو خدمة محتكرة .

3- أن عقد الإذعان ليس من النظام العام ، وإذا كان كلك فيمكن مخالفته وبالتالي فيكون بطلانه نسبي وليس مطلقا ( يقتصر على الطرفين) بينما الوظيفة تعد من النظام العام وإذا شابها بطلان فيكون مطلقا وليس نسبي .

4- عندما تتدخل الدولة وتضع نصوصا أمرة في العقود فتتدخل كطرف ثالث وليس طرف ثان في العقد ، لكن بالنسبة للوظيفة الدولة طرف ثان وأصيل في العقد .

4- أن القضاء في عقد الإذعان يفسر الشك دوما لمصلحة الطرف الضعيف لحمايته لكن في العلاقة الوظيفية يفسره دوما لتحقيق المصلحة العامة وليس للمصلحة الخاصة .

ب - هذا الفشل أدى لظهور فكرة عقد القانون العام ، و قد جاءت هذه الفكرة نتيجة للفكر الألماني الذي خرج بفكرة أن عقد الوظيفة العامة يتميز بالسلطة ولذا فهو عقد عام وليس خاص مشابه لعقد الأمير مع الرعايا كما قال جان جاك روسو ، وبالتالي فهو يتميز بعنصرين عنصر التعاقد الذي يظهر في تقابل الإرادتين السلطة المكلفة بالتعيين والشخص المعين ، وعنصر السلطة العامة التي تستطيع أن تعدل العقد أي أن الموظف يصبح يشارك في السلطة .

هذا الاتجاه أثر في القضاء و الفقه الفرنسي خاصة في قضية وينكل سنة 1909 فخرج مجلس الدولة الفرنسي بقرار مستمد من الفقه الألماني ؛ وهذه الفكرة أبقت الفكر التعاقدي وأكسبه مرونة للفكر التعاقدي متمثلة في تمكين الإدارة من تعديل النصوص بصفة منفردة وتستبعد فكرة العقد شريعة المتعاقدين لتحقيق المصلحة العامة وسمي هذا العقد بعقد الوظيفة العامة أو عقد القانون العام خاصة من طرف لافييـــر .

إلا أن فكرة عقد القانون العام لاقت شيئا من النقد خاصة من طرف موريس هوريو و دوجي ، وأهم الانتقادات التي وجهت لها :

- أن عقد المدني يتطلب إيجاب وقبول لكن هذا ليس جار به العمل في الوظيفة العمومية لأن التوظيف يتم بقرار من السلطة المختصة بالتعيين .

- أن الموظف لا يعين بإرادته أحيانا خاصة في قضية التكليف بأوامر وكذلك في قضية التحويل فلا يعتد بإرادته ولا تعطى لها أي اعتبار في مثل هذه الحالات ، وهذا غير وارد في العقد العام .

- أن العقود فيها المناقصة الشبيهة بالمسابقة حيث يقر هؤلاء بأنهما شيء واحد ، فانتقد الفقهاء هذه الفكرة وقالوا بأن بينهما فرق كبير فالمسابقة تنتهي باختيار الأشخاص الأكثر كفاءة والأكثر جدارة واستحقاقا بالمنصب أما في المناقصة فتنتهي باختيار الأشخاص الأقل تكلفة أي المتعاقد الذي يقدم أقل سعر .

* وقد ظهر نتيجة لذلك اتجاه  ثالث رأى بأن الوظيفة العامة هي عقد من نوع خاص ليست من القانون الخاص ولا هي من القانون العام ، لكن هذه الفكرة كانت مرفوضة من أساسها .

2-العلاقة التنظيمية اللائحية : انطلاقا من الانتقادات التي وجهت لفكرة عقد الوظيفة العامة ، ظهر اتجاه ثان ينادي بالعلاقة التنظيمية اللائحية من بعض الفقهاء أمثال "دوجي" وموريس هوريو  وكذلك " سليمان الطماوي " وطعيمة الجرف ومحمد فؤاد مهنة والدكتور ميسوم صبيح وأحمد محيو و مصطفى شبل .

- ويقصد بالعلاقة التنظيمية أن يكون الموظف العمومي في مركز قانوني تنظيمي لائحي تجاه الإدارة أي أن قرار تعينه لا يعطي له مركزا ذاتيا شخصيا وإنما أسند له مركزا قانونيا عاما، و بالتالي فإن الأحكام القانونية التشريعية و التنظيمية هي التي تحدد الحقوق و الالتزامات الوظيفية ولذا فتكون هذه القواعد قابلة للتغيير كلما اقتضت المصلحة العامة المتمثلة في حسن تسيير المرفق العام وضمان استمراريته.

- نتائـــــج العلاقــــــة التنظيميــــة اللائحيـــــة:

-أن التعيين ينتج أثاره القانونية بمجرد إصدار القرار بالنسبة للإدارة ولكن بالنسبة للموظف فمن تاريخ التحاقه بالمنصب.

- علاقة الموظف بالإدارة علاقة دائمة غير محددة العقد  وعليه فإن الموظف يضمن استمرارية المرفق العمومي ولذا فالاستقالة لا تنهي العلاقة الوظيفة من تاريخ تقديم الطلب وإنما تنهي هذه العلاقة بتاريخ قبول الإدارة المختصة وهذا لضمان سير المرفق العام و استمراريته.

- يمكن تغير الأحكام القانونية التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالوظيفة كلما دعت الضرورة المتعلقة بالمصلحة العامة مع مراعاة مبدأ المشروعية فليس للموظف الاحتجاج بالحقوق المكتسبة ونشير إلى أن قرار التعيين يحدد مناصب قانونية ولا يحدد مركزا شخصيا، وتحديد للمركز القانونية هو من أجل المصلحة العامة.

- إذا حصل اتفاق بين الإدارة و الموظف، وكان مخالفا للنصوص القانونية السارية المفعول، فيعد باطلا ولا أثر له من الناحية القانونية ولا يمكن أن تكون وسيلة للاحتجاج لأن أساسه باطل.

- ونشير بأن وقع نزاع بين الموظف و الإدارة فإن القضاء الإداري هو المختص.

موقف النظام القانوني الفرنسي و القانون والمقــــــارن:

 لم يكن الفقه الفرنسي مقتنعا بفكرة العلاقة التعاقدية بل انتقدها أشد انتقاد خاصة في قضية winkle" 1909، ومن بين المنتقدين ليون دوجي وموريس هوريو، إلى سنة 1937 أين غير الفقه الفرنسي من رأيه بعد عرض القضية على مجلس الدولة وحكم بأن العلاقة تنظيمية لائحة كما تأكد هذا الاتجاه سنة 1990 .

ولم يقف الأمر هكذا بل نص المشرع للفرنسي على الاتجاه في المادة 05 من قانون 1946 و 1959  فاتضح موقف المشرع الفرنسي من ذلك.

- نستطيع القول بأن نظام الوظيفة العمومية المغلق أخذ بنظام العلاقة التنظيمية اللائحية ، وعلى رأسها النظام الفرنسي و المصري و الجزائري ، أما النظام المفتوح فأخذ بالعلاقة التعاقدية.

موقف المشــــرع الجزائـــــــري :

   تأثر المشرع الجزائري بالفقه والقضاء و التشريع المقارن خاصة الاتجاه المغلق وبالخصوص الفقه والتشريع الفرنسي بحكم العلاقة التاريخية وظهر هذا في المادة 06 من الأمر 66/133 بالأخذ بالنظام القانوني اللائحي حيث نص على أن « يكون الموظف في وضعية قانونية و تنظيمية » وهي نفس المادة 06 من قانون الوظيفة العمومية الفرنسي   .

المادة: 07 من الأمر 03/06 «يكون الموظف في وضعية قانونية أساسة وتنظيمية، فلا يستطيع الموظف على هذه الحال اختيار المصلحة التي يعمل فيها واختيار مسؤولية أو أجرته وتعويضاته أو مواقيت العمل التي تناسبه ، بل هو في موقف تنظيمي يلتزم بالامتثال للتعليمات الإدارية التي تفرضها مقتضيات الخدمة العامة .

 ومن هنا يتضح لنا:
-
أن النظام التعاقدي كان مرفوضا من الناحية التطبيقية لأن فيه صعوبة كبيرة من الناحية  التنظيمية و حتى النفسية.
-
أن النظام التعاقدي يؤدي إلى عدم تكوين لأنه يجعل الموظف غير مستقر ويمكن للإدارة أن توظف أشخاصا من خارج الإدارة ولا يبق للموظف الدائم أي استقرار و بالتالي تكون الوظيفة مهنية حقيقية للموظف.

- كثرة تنقل الموظفين بين الإدارات وهو ما يعرقل نشاطها فهو طابع سلبي
-
إن النظام اللائحي يبعد السلوكات اللاأخلاقية كالرشوة و المحسوبية نظرا لكون الشخص مستقر في وظيفته ، على عكس مما لو كان على سبيل التعاقـــــد .

مفهــــوم التوظيــــــف ومبادئه و شروطـــــــه :

1-     مفهوم التوظيف: هو شغل الوظيفة العامة عن طريق التعيين و الترقية وفقا للإجراءات القانونية، و هذه الظاهرة تعتبر إدارية ومالية، لأن عملية التوظيف لا بد أن يجتمع فيها شروط القانون بالنسبة للإدارة ، و الشروط المالية المتمثلة في وفرة المناصب المالية ، وكما أن للتوظيف أبعاد سياسية و اجتماعية و اقتصاديــــــة.

2-     مبادئ التوظيف:  مبدأ المساواة ، مبدأ الديمومة ، مبدأ الجدارة و الاستحقاق .

ا- مبــــــدأ المســـــــــاواة : يقصد بمبدأ المساواة عدم وضع قيود أمام المرشحين للوظيفة العمومية ، أساسها الانتماء العرقي أو الجنس أو الرأي أو التوجه السياسي أو الحالة الدينية أو المالية أو الوضع الاقتصادي .

وتعتبر من أهم مبادئ القانون ويمثل أحدى مقومات الديمقراطية ،  وله قيمة دستورية ويفرض على المشرع كما يفرض على الإدارة.

- ولا يعني مبدأ المساواة أن أي مواطن يستطيع في أي لحظة شغل المنصب أو الوظيفة التي يرغب فيها، بل يضع حدا لمختلف أشكال التمييز بين الموظفين، وهو ما يفرض ضبط الوظائف و المناصب بشروط عامة تصاغ بشكل مجرد ولا تنضوي على أي شكل من أشكال التمييز بينهم .

ويتخذ المبدأ أشكالا مختلفة أولها المساواة أمام القانون المساواة في الانتفاع بخدمات المرفق العام و المساواة في تحمل الأعباء العامة المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة ، وتتفرع عنه تطبيقات وهي المساواة في الأجر و الامتيازات العامة .

- وللمساواة علاقة وطيدة بفكرة المواطنة وانتماء للمجتمع فالفرد حين يقصى من تولي الوظائف العامة يشعر بالغربة وعدم الانتماء للمجتمع الذي يعيش فيه ، وهذا شعور ليس من السهل أن يعيشه الفرد أو أن يتعود عليه .

- وتأسيسا على ما تقدم فأن إخلال إدارة مبدأ المساواة قد يعرضها المسؤولية أمام القضاء وقد يؤدي إلى التصريح ببطلان عملها .

- وإخلال إدارة بمبدأ المساواة في تحمل الأعباء العامة يعرضها للمسؤولية .

    وإذا كانت التنمية المستدامة تمثل اليوم الشغل الشاغل والاهتمام الأكبر لدى فئة الحكام والنخب والأحزاب والحكومات ورجال الإعلام فإن العامل الأساسي والجوهري للنهوض بأعباء التنمية هو العامل البشري ؛ إذ مهما تقدمت وسائل التطور التكنولوجي ووسائل المعلومات والاتصال يبقى الإنسان هو صانع هذا التطور ومصدره والعنصر الرئيس والفعال في حركة التنمية وفي مسار البناء والتغيير .

 مبدأ المساواة في ظل الدستور 1996 : كفلت المادة 08 من الدستور معلنة أن غاية مؤسسات الدولة هي الوصول إلى جملة من أهداف من بينها القضاء على الاستغلال الإنسان للإنسان وحماية الحريات الأساسية و أيضا المادة 29 كفلت مبدأ المساواة بين المواطنين دون أي اعتبار . ونصت المادة 31 أن مؤسسات الدولة تتضمن المساواة بين المواطنين و المواطنات في الحقوق والواجبات .... ) .

 وفي تعديل 2008 : تم إضافة المادة 31 مكرر الدولة التي تعمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع تمثيلها في المجالس المنتجة ) مبدأ المساواة في القانون أ ع 1966  ( أعلن بيان أسباب القانون الأساسي للوظيفة العامة لسنة 1966 ، أن الدخول للوظيفة يتم بطريق المسابقات وامتحانات وهذا كفيل بتجسيد مبدء المساواة بين الجزائريين . المادة 05 من الأمر 03/06 جاءت بتعديل وبينت بوضوح أنه لا يجوز التمييز بين الموظفين بسبب أرائهم أو جنسهم أو أصلهم وجاءت المادة 74 لترسم القاعدة ، بأن التوظيف يخضع لمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة .

 

 الإطار القانوني لمبدأ المســـــاواة :

1- مبدأ المساواة في قانون الوظيفة العامة 66/133 : أن الدخول للوظيفة العامة يحكمه مبدأ المساواة ( المادة 05 ) باستثناء من كان لهم موقف سلبي من الثورة وربط بيان الأسباب بين مبدأ الاستحقاق والجدارة عن طريق الامتحانات والشهادات وان مبدأ المساواة ليس له مفهوم مطلق بل يرد عليه استثناء يتعلق بقدماء المجاهدين لتمكينهم من الالتحاق بالوظائف العامة ومواصلة جهودهم في مرحلة بناء الدولة .

2-مبدأ المساواة في الأمر 06 / 03 : جاءت المادة 27 منه على أنه " لا يجوز التمييز بين الموظفين يسبب آرائهم أو جنسهم أو أصلهم أو بسبب أي ظرف من ظروفهم الشخصية " ، ونصت المادة 24 " أن التوظيف يخضع لمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظيفة العامة " .

ب - مبدأ الجدارة و الاستحقاق : نقصد به ذلك المبدأ الذي يقضي صلاحية الشخص وقدرته على أداء الوظيفة ، والصلاحية نقصد بها فرض مؤهلات ومجموعة من المعارف في من يريد الالتحاق بالوظيفة مع اختلاف بين منصب وآخر .

     ويتم إثبات هذه المؤهلات عن طريق المسابقات والامتحانات والشهادات ، وقد أقرت هذا المبدأ جميع التشريعات الوضعية ومنها التشريع الجزائري ، وهو يطبق عند التوظيف وعند الترقية .

    ولا يتعارض مبدأ الجدارة مع مبدأ المساواة لأن التساوي في الالتحاق بالوظائف العامة لا يتنافى أبدا وفرض مؤهلات لشغل الوظيفة أو فرض مسابقة أو امتحان مهني للحصول عليها والتأكد من قدرات المعني .

     من أجل نصت المادة 80 من القانون 06-03 على أن الالتحاق بالوظيفة العامة يتم عن طريق المسابقة على أساس الاختبار أو الشهادات أو الفحص المهني .

  وطبقا للنص لا تستطيع الإدارة أن تلحق أحد المواطنين بوظيفة عامة دون إتباع إجراءات المسابقة وفق ما ينص عنه القانون هو دليل قوي على اعتماد المشرع لمبدأ الجدارة والاستحقاق في مجال التوظيف .

  ونظام الجدارة يختلف تطبيقه في الاتجاه المغلق عنه في الاتجاه المفتوح حيث طبق بمفاهيم مختلفة بالنظر لكونهما نظامان متميزان للوظيفة العامة .

  وهذا المبادئ العامة تجسدت عمليا من خلال شروط تنقسم إلى قسمين شروط عامة وشروط خاصة .                                                       

ج – مبــــــدأ الديمومـــــــة  : هو ذلك المبدأ الذي يقضي بأن يكون دخول الموظف للوظيفة العمومية على أساس علاقة قانونية قارة ودائمة أي على أساس العلاقة التنظيمية اللائحية ، وهذا حفاظا على الموظف وعلى استقرار وديمومة المرفق العمومي .

  وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ في المادة 06 من الأمر 66-133 ، وكذلك المادة 04 من الأمر 06-03 ، وعلى هذا الأساس يشترط المشرع لدخول الوظيفة العمومية سن الشباب من أجل أن تستفيد الوظيفة من استقرار الموظف وأن يستفيد الموظف بدوره من استقراره بالوظيفة ، وقد طبق هذا المبدأ في العلاقة التنظيمية اللائحية التي اتخذها المشرع كأساس للعلاقة الوظيفيـــــــــة .

 الشــــروط العامــــة للتوظيــــــــف:

حسب نص المادة 75 من الأمر 06/03 فإنه يجب أن تتوفر في المرشح للتوظيف الشروط التاليــــــــــــــــــــــــــــة :

1- أن يكون جزائري الجنسية: نصت  المادة 03 من الدستور على أن الجنسية معرفة بالقانون ولم يميز بين الجنسية الأصلية والمكتسبة ، و كانت المادة 25 من الأمر 66/133 تشترط على من اكتسب الجنسية الجزائرية الراغب في التوظيف مدة سنتين على الأقل من اكتسابها ، والتشريع الذي يحكم الجنسية في الجزائر هو الأمر 70/86 المؤرخ في 15/12/1970 المعدل والمتمم بالأمر 05/01 المؤرخ في 27/02/2005 بحيث بموجبه تعديل المواد 4 و 6 و 7 و 8 من الأمر 70/86 .

 و تفرض الدولة جنسيتها لتولي الوظائف العامة لاعتبارات تتعلق بأمنها وسلامتها ، كما أن شغل الوظائف العامة هو مظهر لممارسة الحقوق السياسية التي ينبغي أن تكون حكرا على الوطنيين دون سواهم و يفترض وجود شعور بالإخلاص للدولة التي ينتمي لها الفرد وهو دليل على ولائه لها .

    غير أنه وفي إطار التعاون الثقافي  والتقني بين الجزائر وبعض الدول قصد توظيف مستخدمين مؤهلين من شأنهم الخدمة في مختلف المؤسسات و الإدارات العمومية و من أجل ذلك صدر منشور وزاري مشترك تحت رقم 606 بتاريخ 11 /12/2002 بتعلق بتوظيف المستخدمين الأجانب في المؤسسات والإدارات العمومية ، وقد بين هذا المنشور شروط توظيف الأجانب وحدد اللجنة المختصة بالتوظيف و التي تتكون من المدير العام للوظيف العمومي أو من يمثله ، ممثل عن المديرية العامة للميزانية لدى وزارة المالية ممثل عن وزارة التشغيل والتضامن الوطني ، وممثلا عن الوزارة المعنية ، وعود للجنة دراسة طلب التوظيف والفصل فيه بصفة نهائية وإذا تم قبول الطلب يعود للجنة التعيين تحديد الراتب والامتيازات .

2-أن يكون متمتعا بالحقوق المدنيـــــــــــة : وهي الحقوق المضمونة للمواطنين التي لا يمكن سحبها إلا عن طريق القانون أو بقرار صادر عن المحكمة الجنائية، كحق الانتخاب الذي هو من الحقوق المدنية و بفقدانه يصبح الشخص غير مؤهل للتعيين في الوظيفة .

3- أن يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنيـــة : إن آخر تشريع يحكم الخدمة الوطنية في الجزائر هو الأمر 14/06 المؤرخ في 09 أوت 2014 ، و قد عرفت المادة الأولى منه على أن " الخدمة الوطنية هي مشاركة المواطنين في الدفاع الوطني " كما بينت المادة الثانية المقصود بالدفاع الوطني بأنه تأدية المهام المخولة للجيش الوطني الشعبي بموجب الدستور و التي تتعلق بالمحافظة على الاستقلال الوطني و الدفاع عن السيادة الوطنية وكذا المحافظة على وحدة البلاد وسلامتها الترابية .

و تعتبر الخدمة الوطنية إجبارية و تدخل ضمن الأعباء العامة ذات الطابع الوطني وتؤدى بالشكل العسكري في هياكل الجيش الوطني الشعبي لمدة اثنا عشرة شهرا بصفة مستمرة .

ولقد تشددت المادة 07 من الأمر 14/06 على أنه لا يمكن توظيف أي مواطن في أي قطاع أو الترخيص بممارسة نشاط حر أو مزاولة مهنة إلا بعد إثبات وضعيته تجاه الخدمة الوطنية .

 وتطبيقا للمادة 75 من الأمر أصدر رئيس الحكومة تعليمة رقم 06 مؤرخة في 06/05/2006  على أن كل راغب في التوظيف يجب أن يثبت وضعيته المتعلقة ببيان الوضعية تجاه الوطنية بموجب شهادة إن كان مستفيدا إما من التأجيل أو الإرجاء أو الإعفـــــاء .

4- أن تتوافر في المرشح شروط السن هو القدرة البدنية و الذهنية وكذا المؤهلات المطلوبة للالتحاق بالوظيفة :

أ- شـــرط الســــــــن : حيث فرض السن  ثمانية عشره (18) سنة حسب نص المادة 78 من الأمر 06/03 للالتحاق بالوظيفة ويثبت بوثيقة شهادة الميـــــــــلاد .

ب- شرط القدرة البدنية والذهنيــــة : تفرض كل وظيفة توفر قدر من الاستطاعة البدنية لممارستها وللنهوض بأعبائها والاستمرارية المرفق ، وهو شرط عام لا يصطدم مع الشروط الخاصة ، بالإضافة إلى القدرة الذهنية لأن بعض الوظائف نظرا لأهميتها يجب أن تسند للأشخاص الذين ليس لديهم أي عائق ذهني، ولفت القدرة البدنية والذهنية بشهادة طبية مسلمة من طبيب مختص) طب عام، طب العصير وطب العيون، طب الأمراض الذهنية حسب المنشور رقم 16 الصادر في 29/04/2006 والذي نص على الأهلية المدنية كما نص على أن المترشحين المعفيين من الخدمة الوطنية لأسباب طبية لا يمكنهم المشاركة في المسابقات الخاصة بالتوظيف لعدم توفرهم على شرط هام، ونفس الأمر ذهب إليه المنشور رقم 637 المؤرخ في 14 جوان 2006 .

ج- شرط المؤهل الشهادة أو الدبلوم :إن وظائف الدولة كثيرة ومتنوعة وما و يصلح من مؤهل في وظيفة معينة قد لا يصلح في وظيفة أخرى ، حسب النصوص الخاصة كأصل عام فالمرسوم التنفيذي 08 / 302 نجد قد أخد شرط المؤهل في المادة 608 منه بالنسبة لمفتش السياحة وحصر الشهادات في شهادة الفندقة أو السياحة، شهادة الحقوق، العلوم التجارية والعلوم اقتصادية و علوم التسيير.

الشروط الخاصة للالتحاق بالوظيفة العامة :

 هناك شروط خاصة تختلف من سلك مهني لأخر وقد تكون لاعتبارات دينية أو اعتبارات تقنية كراسة الحدود او ما أشار إليها القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين لإدارة السجون بحيث اشترط شرط القامة خاص بالرجال والنساء و الخدمة الوطنية، ويجب أن لا تتناقص هذه الشروط مع الشروط العامة حسب) م 33 من الأمر ( 85/ 59 ، أن الشروط العامة والخاصة تتعلق بالمترشح للوظيفة ، بالإضافة إلى شرط هام وهو المتمثل في توفر الاعتمادات المالية للمنصب والذي تتكفل بتوفيره الإدارة المستخدمـــة .

 

 

 

طـــــرق التوظيـــــــف  :

 في النظم القديمـــة : نجدها قد اختارت طرقا منها ، الانتخاب - القرعة السلطة المطلقة للإدارة - الوراثة ، وهذه الطرق منها ما بقي ومنها ما اختفى بعامل الزمن .

أما النظم الحديثــــة : نجد لها طريقتان ، طريقة السلطة المطلقة للإدارة وطريقة المسابقة .

1- طريقة السلطة المطلقـــة للإدارة : هي ما تتميز بأن الإدارة كامل الحرية في التوظيف ، لا تخضع لضوابط ولا شروط مسبقة ، وهذا يؤلها لاختيار أشخاص أكثر صلاحية وكفاءة الإدارة ، لكنها انتقدت من الناحية الواقعية العملية ، فقد يطغى عليها الجانب التسلطي و الجانب الشخصي وممكن أن تنجر عنها جوانب غير أخلاقية و التعسف و بالتالي يضيع حق المواطن في الحصول على الوظيفة وحق الإدارة في الاستفادة من موظفين أعلى كفاءة واستحقاقا  .

- لهذا قيدت جل التشريعات من اعتماد هذه الطريقة وحصرت تطبيقها في الوظائف القيادية أي الوظائف العليا .

2- طريقة المسابقــــــة : تعتبر هذه هي أكثر انتشار في العالم وهي تعتمد على اختيار المترشح عن طريق إجراء مسابقة أو امتحان ، وهذه الطريقة تحقق مبدأ المساواة وكذلك مبدأ الجدارة والاستحقاق ،لأنها تختار الأشخاص الأكثر كفاءة وتكون مفتوحة لجميع الأشخاص المؤهلين لدخول الوظيفة العمومية عن طريق المسابقة .

 

 طـــرق التوظيـــف في النظـــام الجزائـــــري :

1- الطرق الرئيسية : وهي طريقة المسابقة التي تتكون من أنواع :

-على أساس الشهادة .

- على أساس الاختبار .

 - على أساس الفحص المهني .

 وعلى هذا الأساس يكون التوظيف في الجزائر نوعان داخلي وخارجي :

أ‌-     التوظيف الخارجي : هو التوظيف المفتوح لكافة أشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المعلن عنها ، وهي لأشخاص الغير منتمين للإدارة المعنية جوهم حاملو الشهادات وخارجي المعاهد والمدارس العليا و الجامعات .

- وتتم هذه العملية مباشرة بعد النجاح في المسابقة وإعلان لجنة امتحان عن قائمة المترشحين الناجحين ، وقد يتم بعد تكوين متخصص في الفرع الإداري للوظيفة المفتوحة لهذه المسابقة.

- التوظيف الخارجي تلتزم به الإدارة المستخدمة في حدود المناصب الشاغرة و المسجلة في الميزانية ، والتخفيف من حدة البطالة

ب- التوظيف الداخلي : التوظيف الموجه لمجموعة العاملين و الموظفين بإدارة أي أن مصدر التوظيف يكون داخلي ، بحيث تخصص المسابقة للعاملين بالإدارة ، وهذا يحقق مصلحتين ، حيث أن الإدارة تنتقي الموظفين أكثر خبرة ودراية ، وأيضا في مصلحة الموظف أن يرقى إلى منصب أعلى .

2- الطرق الثانويــــة : تستعمل في المناصب العليا كالمديرين و المديرين الجهويين وكذلك لإدماج بعض الفئات كالمعوقين ، وتستعمل فيها الشروط المخففة وتتحكم فيها إدارة المستخدمة بصورة كبيرة ، ولا تخضع في ذلك لأية رقابة .

3- الوسيلة القانونية للتوظــــيف : هنالك وسيلتان هما :

1- القرارات الإدارية أساسا وتتخذها السلطة الإدارية المستخدمة طبقا لسلطة التعيين وفقا للإجراءات القانونية .

2-  العقود الإدارية استثناءا تكون في علاقة الوظيفية وتخضع القانون و القضاء الإدارييــــــن .

- إجــــراءات التوظيـــــــف : الإعلان عن فتح المسابقة " تحديد الأجل لإيداع الملفات ( 15 إلى 20 يوم ) * تفحص الإدارة الملفات ومدى مطابقتها الشروط و استدعاء المترشحين السابقة - إعلان قائمة الناجحين مصادقة مفتشية الوظيف العمومي ، ثم تأشيرة المراقب المالي على هذه الإجراءات .

الطبيعة القانونية لقــــــــــــــــرار التعييــــــــــــن :

   قرار التعيين هو قرار إداري يصدر من طرف الهيئة المستخدمة المختصة قانونا ، وقد عرفه الفقه بأنه التصرف الإداري الانفرادي الشرطي الذي يسند الوظيفة لشخص معين بأثر مستقبلي .

    من خصائص قرار التعيين أنه تصرف إداري أي أنه تصرف صادر عن الهيئة الإدارية أي الإدارة العمومية ، فهو ليس تصرف سياسي تشريعي أو قضائي ، ويظهر هذا التصرف في عدة أشكال قانونية فيمكن أن يكون في شكل مرسوم رئاسي أو قرار وزاري أو مقرر .

 كذلك أنه تصرف إنفرادي أي أنه صادر عن جهة واحدة هي الإدارة وبالتالي فهو ليس عمل اتفاقي أو عقد فالقرار الإداري يصدر عن جهة واحدة هي الإدارة ، وبالتالي فهو يمثل مظهر من مظاهر سيادة الدولة أو الإدارة العمومية التي تقوم بعملية التوظيف بناءا على قناعة أحادية لتحقيق المصلحة العامة ، كما أن القرار الإداري ليس تصرف شخصي أو يحدد مصلحة شخصية فهو يسند الوظيفة لأن المراكز القانونية محددة مسبقا والإدارة هي تسند هذا المنصب فقط لأنها محددة بصفة عامة ومجردة .

   كذلك أن القرار الإداري هو تصرف شرطي بمعنى أنه موقوف على شرطين أولهما مصادقة السلطة المختصة أي تأشيرة المراقب المالي بالخصوص وثانيهما هو قبول المعني بالوظيفة ويتم القبول عن طريق التحاقه بالوظيفة ، ولا يكون القرار صحيحا إلا بتوافر هذين الشرطين لينتج آثاره القانونية .

  كذلك أن القرار الإداري له أثر مستقبلي أي أن ليس له أثر رجعي بحيث أن قرار التعيين ينتج آثاره من تاريخ الالتحاق أو التعيين ولا ينتج آثاره من تاريخ سابق .

  ونشير إلى أن قوة الإدارة تكون أكثر عند إصدار القرار أكثر من قوتها عند إلغائه ، فعند الإلغاء تصبح خاضعة أكثر للقانون ؛ فإذا صدر قرار الإلغاء سليما من الناحية الموضوعية والشكلية فليس باستطاعتها سحبه وإنما تكون خاضعة في ذلك للرقابة القضائيــة . 

السلطة المختصة بالتعييــــــن : يصدر القرار الإداري عن سلطة مختصة بالتعيين وإذا صدر من غير ذلك أصيب بعدم الاختصاص ولا يكون صحيحا ، وهذه السلطة يحددها الدستور أو القانون ، فالمادة 34 من القانون 85/54 حددت السلطة المختصة بإصدار قرار التعيين وكذلك 90/97 فالوزراء يكونون مختصين بالقرارات المركزية ، ويكون الوالي مختصا بقرارات مستخدمي الولاية و يكون رئيس المجلس الشعبي البلدي مختصا بقرارات مستخدمي البلدية ، و يسمى القرار الإداري الذي يصدر عن هؤلاء بالقرار ، والمدير مختص بقرارات مستخدمي الإدارة و يسمى القرار الذي يصدر عنه بالمقرر ، والتعيين في المناصب العليا يكون بمراسيم رئاسية كالوظائف المدنية والعسكرية والتعيينات التي تتم في مجلس الوزراء رئيس مجلس الدولة الأمين العام للحكومة مسؤولو أجهزة الأمن القضاة وكذلك الولاة .

      إلا أن المشرع أبقى على بعض الصلاحيات من اختصاص السلطة المركزية في الحالات التالية: 1- الإجراء المتعلق بتنظيم المسابقات والامتحانات المهنية الذي يتم من طرف السلطة المركزية 2- الإجراء المتعلق بالتكوين وتحسين المستوى وتجديد المعلومات في الحالات المتعلقة بالتنقل والتعبير في الوظائف العليا الذي يتم بمرسوم رئاسي أو فرار إداري ، وتوظيف و تسيير المستخدمين من الأجانب .

 الآثار القانونية للتوظيــــــف : ويقصد بها النتائج أو الآثار التقنية التي تنتج عن عملية التوظيف والتي تنصب على الموظف والمتمثلة في الحقوق المقررة له والواجبات الملقاة على عاتقــــــــه .

نبدأ بدراسة الواجبات قبل الحقوق لأن مصدر الحق هو الواجب ؛ فالموظف لا يمكنه أن يطالب بحقه في تقاضي الراتب إلا بعد قيامه بنشاطه المهني

الواجبــــات المهنيـــــــة للموظــــــف :

 1- تنفيذ المهام الوظيفيـــــة : يعد تنفيذ المهام الوظيفية أهم واجب يقع على عاتق الموظف العمومي ، ويكون هذا الإلتزام حسب القانون الأساسي العام للوظيفة العامة ، وكذلك حسب القانون الخاص لكل منصب يشغله الموظف ، وتنفيذ المهام لا يتم إلا بالالتحاق بالمنصب أو بعد إجراء النقل ، والالتحاق بالمنصب يثبت عن طريق محضر يسمى محضر التنصيب ، وهذا التنصيب له أثر قانوني مالي .

   والالتزام بالقيام بالواجبات الوظيفية يضمن استمرارية المرافق العامة وحسن أداء الخدمات العمومية لأنها تعتبر ضرورية للجمهور ، ولذلك فإن عدم الإلتحاق بالمنصب يعتبر من الأخطاء الجسيمة بالنسبة للموظف العمومي .

يقتضي تنفيذ المهام الوظيفية من طرف الموظف العمومي مراعاة الجوانب التاليـــة :

- تنفيذ المهام والصلاحيات بصفة شخصية ولا يوكلها أو ينيب عنه شخص آخر ولا يتنازل عنها لغيره إلا في حدود ما يسمح له القانون بذلك .

- يقتضي من الموظف أن يقوم بمهامه بصورة إيجابية ؛ أي أن يقوم بهذا الدور بصورة تلقائية دون أن ينتظر بأن يطلب منه ذلك .

- مراعاة مواقيت العمل المحددة قانونا بعدم التأخر وعدم التغيب وعدم ترك العمل بدون إذن

- أن يقوم بهذا العمل في إطار تعاوني مع رؤسائه ومرؤوسيه .

- لا يمكنه رفض عمل إضافي خارج أوقات العمل إذا طلب منه ذلك اقتضتها الضرورة للمصلحة العامة للمؤسسة المستخدمة .

- التعامل الطيب مع الجمهور المتعاملين مع الإدارة المستخدمة .

- أن يحترم الموظف كل ما من شأنه أن يحافظ على كرامة الوظيفة أي أن يبتعد الموظف عن كل الشبهات التي تمس بكرامة الوظيفة داخل العمل وحتى خارجه ، بل أن البعض من الفقهاء شدد من هذا الإلتزام ومدده حتى لأفراد أسرته .

2- الالتزام بخدمة المجموعة الوطنيـــــة : أي أن يكون الموظف خادما حقيقيا للوطن بما فيه الشعب حيث لا تدخل في الوظيفة لا الأغراض الشخص ولا الحزبية ولا العرقية ، وهو ما حدده المرسوم 88/59 في المادة 21 ، و كذلك المرسوم 93/544 الذي يتعلق بالتزامات الموظف العمومي والمحددة في ( الوفاء والإخلاص ) ، ( التحفظ والحياد ) ، ( النزاهة ) ،       

   وقد انتقد هذا المرسوم من حيث الجزاءات التي احتواها ، لأنه جاء في ظروف خاصة ( حالة طوارئ ) وهذه الجوانب تجسدت فيما يلي :

* على الموظف أن يتقيد بالدستور وقوانين الدولة.

 يسهر على تنفيذ سياسة الحكومة وتعليماتها .

 * الامتناع عن كل تصرف يعد متعارض مع الوظيفة العموميــة .

* التعامل مع الجمهور بنزاهـــة .

" عدم استعمال الأموال والوسائل العمومية لأغراض غير قانونيـــــة .

3- الالتزام باحترام السلـــــم الإداري : أن الإدارة العامة مكونة من الناحية الهيكلية في شكل سلم أو تدرج شبيه بالهرم أي متدرجة ومتسلسلة في شكل مصالح ومديريات فرعية من القمة إلى القاعدة ، ولهذا يجب على الموظف احترام وطاعة أوامر رئيسه في إطار تطبيق القوانين واللوائح وفي هذا حدد الدكتور إسحاق إبراهيم منصور أربعة عناصر للأوامر الإدارية :

 - وجود علاقة بين الرئيس والمرؤوس أي علاقة التبعية القانونية المتمثلة في الإشراف ، التوجيه ، و الرقابــــة " .

 - أن تكون عبارة الأوامر متضمنة أمرا أو نهيا أو تحذيرا .

- أن يكون مصدر الأمر مختصا قانونـأ بإصدار هذا الأمر.

- أن يكون متلقي الأمر مختصا بالتنفيــذ أما إذا وجه الأمر إلى غير مختص فلا يكون له أي أثــــر.

4- كتمـــان الســر المهنــي : السر المهني هو المعلومات و الأخبار و الوقائع  والملفات و الوثائق التي تكون في حوزة الموظف أو يكون قد اطلع عليها بمناسبة وظيفته أو أنه اطلع عليها أو علمها فيقع عليه كتمان هذه الأسرار ، لذا فإن الإخلال بهذا الواجب يؤدي إلى المساءلة التأديبية و حتى الجزائية ، ويعتبر خطئا من الدرجة الثالثة قد يؤدي إلى التسريح .

    كتمان السر المهني يتمثل في عدم إفشاء أي خبر أي واقعة ، كذلك في عدم إخفاء الوثائق و الملفات ذلك في عدم إتلاف الوثائق والسجلات التي تتضمن أسرار مهنية .

   إلا أن القانون الجنائي قد أعفى الموظف من كتمان السر المهني في بعض الحالات الخاصة و التي تتمثل في حالة التبليغ القانوني الواجب القيام به كتبليغ الطبيب عن مريض مصاب بمرض معد ، كذلك حالة التفتيش القانوني للموظفين فأي موظف عمومي يحدث له تفتيش إداري أو مالي لا يمكنه الاحتجاج بكتمان السر المهني ، حالة تقديم شهادات أـمام أجهزة الأمن و أجهزة القضـــاء .

وهذه الإعفاءات تكون بموافقة كتابية بالاستدعاء ، أي بأن يعلم الموظف بصفة رسمية أنه سيقدم شهـــــادة .

5-عــــدم ازدواجية الوظيفــــــة : بمعنى أنه لا يسمح للموظف بالقيام بوظيفة ثانية علاوة على وظيفته الأصلية حتى لا يستغل الوظيفة العمومية لأغراضه الشخصية و حتى لا تتعارض على حساب المؤسسة المستخدمة .

 كذلك يمنع على الموظف القيام بأي نشاط تجاري أو حرفي وان يصرح بنشاط زوجه ويصرح بممتلكاته ، إلا أن القانون استثنى بعض الأعمال الثقافية والرياضية و التعليمية في الحدود المرخص بها.

 حقـــــــوق الموظـــــف العــــــــــــــام :

1- الحق في الحمايـــــة : ويقصد بها حمايته من التهديدات والإهانات والشتائم أو قذف أي ضغط أو اعتداء قد يتعرض له أثناء ممارسة وظيفته أو بمناسبتها حسب المادة 30 ، 31 ويجب عليها ضمان تعويض لفائدته عن الضرر الذي قد يلحق به .

كما تحل الدولة محل الموظف للحصول  على التعويض من مرتكب الأفعال .

كما تملك الإدارة لنفس الغرض الحق في رفع دعوى مباشرة أمام القضاء عن طريق التأسيس كطرف مدني أمام الجهات القضائية المختصة .

كما قد يتابع الموظف قضائية من طرف الغير بسبب خطا وظيفي، فيجب على الإدارة حمايته وان تحل محله ما لم يثبت انه خطا شخصي نتيجة لاندفاع أو نـــــزوة .

   وقد ميزت المادة 31 بين الخطأ المرفقي الذي يوجب مسؤولية الإدارة ويحمي الموظف وبين الخطأ الشخصي المنفصل عن الوظيفة الذي يوجب مسؤولية الموظــف .

2- الحـــق فـــي الراتـــــــب : يقصد به المبلغ المالي الذي يتقاضاه الموظف شهريا مقابل تفرغه لخدمة الإدارة المستخدمة ، فلا يصح المطالبة براتب عن مدة انقطاع عن النشاط الوظيفي، وتحديد الرواتب مسالة تتفرد بها النصوص الخاصة وتضبط بناءا على اعتبارات عديدة، فلا تملك الإدارة الزيادة أو منح موظفين رواتب معينة تختلف عن زملائهم ، كما لا يمكن للموظف أن يطالب براتب معين مهما كان مؤهله .

    وللراتب تأثير كبير على التنمية الاقتصادية التي تتحمل الوظيفة عبئا منها ، كما أن له طابع توحيدي فلا يصح التمييز بين فئة الموظفين في البلد الواحد وهذا يكرس مبدأ المساواة في مجال الوظيفــــة .

3-الحق في الحماية الاجتماعية والتقاعـــــــد : إن طبيعة العلاقة التي تربط الموظف بالإدارة أساسها القانون والتنظيم ، وقد كفل للموظف حماية اجتماعية بضمان التغطية الاجتماعية في حالات معينة، والحماية الاجتماعية مكرسة في المادة 33 ومحكومة بالقانــون 83/11 المؤرخ في 02/07/1983 و قد ورد ذكره ضمن مقتضيات الأمر 06/03 .

   كما أن هذه العلاقة محكومة أيضا بالقانون 83/13 المؤرخ في 02/07/1983 المتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنية ، وبالقانون 83/14 والمتعلق بالتزامات المكلفين في مجال الضمان الاجتماعي ، وبالقانون 88/07 المؤرخ في 26/01/1988 المعدل والمتمم المتعلق بالوقاية الصحية وطب العمل .

    ويستفيد الموظف من تغطية اجتماعية مكفولة متى تعرض لمرض أو لحادث عمل أثناء مساره الوظيفي ونفس الشيء بالنسبة للموظفة التي استفادت من عطلة الأمومة ، أو إذا بلغ الموظف سن التقاعد استفاد من نفطية مكفولة من قبل الصندوق الوطني للتقاعد المادة 33من الأمر 06/03 اعترفت بالحق في التقاعد ، كما يحكمها قانون 12/83 المتعلق بالتقاعد المعدل والمتمم ، م  أوجدت نظام التقاعد ، وبينت المادة 6  شروط الإحالة على التقاعد ، وبينت المادة  12 كيفية حساب مبلغ المعاش بعنوان التقاعــــد .

4- الحــق النقابـــي : هو حق مكرس دستوريا بموجب المادة 70 من الدستور وهو حق جماعي الهدف منه الدفاع عن المصالح المهنية للموظف وتحسين ظروف عملهم ، المطالبة بزيادة الرواتب ، المطالبة بتعويضات معينة ، ويعتبر ممارسة النشاط النقابي مظهرا من مظاهر الديمقراطية في محال الوظيفة العمومية ، وهو من صور التعبير الجماعي عن الرأي ، ويحظى الحق النقابي برعاية دولية وإقليمية ووطنية وقد تم تكريمه بموجب المادة  35 من الأمر 06/03 ، وهو محكوم بتشريع خاص هو القانون 90/14 المتعلق بممارسة الحق النقابي ، واعترفت المادة 12 منه بحق إنشاء منظمات نقابية و أرست المادة 3  مبدأ حرية الانخراط في النقابات وبينت المادة 4  شروط تأسيس النقابات ، وألزمت المادة 3 من الأمر عدم تسجيل أي ملاحظة تخص الآراء النقابية في الملف الإداري للموظف .

5- الحق في الخدمات الاجتماعيــــــة : نصت المادة  34 من الأمر 06/03 على أن تسيير شؤون الخدمات الاجتماعية على مستوى الإدارات يكون من لجنة خاصة تنشأ خصيصا لهذا الغرض كتنظيم المخيمات الصيفية ، تنظيم زيارة للبقاع المقدسة في إطار عمرة أو تقديم مساعدات بمناسبة أعياد دينية أو دخول مدرسي ( وهذا الحق يساهم في تحسين الظروف المعيشية للموظف .

6- الحق في الإضــــــــــراب : هو توقف جماعي عن العمل المطالبة بحقوق المهنية بعد إتباع إجراءات حددها القانون ، وقد أقرته المادة 71 من الدستور و المادة 36 من الأمر 06 / 03 ، وهو منظم بموجب تشريع خاص هو القانون 012/90 في 1990/02/06 المعدل والمتمم والمتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العسل وتسويتها وممارسة حق الإضراب والذي عرف الإضراب في المادة 02 منه .

   وحرص المشرع على فرض بعض الإجراءات للوقاية من الإضراب كعقد اجتماعات دورية بين ممثلين للإدارة وممثلين للموظفين ) م 15 منه ( وفي حالة استمرار العلاف يرفع الأمر السلطات الإدارية سواءا المحلية أو الوزارية د ) م ( 20-18 أعلنت عن نظام تسوية النزاع الجماعي وهو نظام المصالحة والوساطة ، ومنع احتلال مواقع العمل ) م ( 36 ، ومنعت المادة 03 من القانون 09/02 الإضراب في بعض القطاعات كالقضاء ، الموظفون المعينون بمرسوم أو الموظفون الذين يشغلون مناصب عليا في الخارج ... الخ ، كما لا يحق الموظف في فترة الإضراب المطالبة براتبه وهذا ما وضحه المرسوم الوزاري المشترك في 10/05/2004 المتعلق بكيفية الخصم نتيجة أيام الإضراب .

7- الحق في التكويـــــن: له الحق في تحسين مؤهلاته وقدراته ، فالأمر 66/133 يعترف بأهمية التكوين للموظف وضرورته ، ونصت عليه 104 من الأمر 06/03  ، فالمشرع  أولى أهمية كبيرة للتكوين ورتب عنه آثار ايجابية للموظف .

8- الحق في العطــــــــل : إن من حق الموظف الاستفادة من فترة الراحة كالعطل الأسبوعية والسنوية والمرضية والأمومة و غيرها ، ونصت عليه ) م ( 69 من الدستور ، و المادة  39 من الأمر 06/03 ، و المادة  191 اعترف للموظف بيوم كامل للراحة كعطلة أسبوعية والمادة 194 نصت عن العطلة السنوية مع حق الاستفادة من عطلة إضافية خاصة بموظفي ولايات الجنوب ، وبينت المادتين 197 و 198 كيفية حساب مدة العطلة السنوية وهي غير قابلة للتعويض براتب حسب ما جاء في المادة 205 ، ونصت المادتين 202 و203 عن العطلة المرضيــــــــة .

9-حق الموظــــف في ظروف عمل مواتيـــــــة : هي تهيئة الظروف الموظف طوال ساعات العمل لأداء عمله بعيدا عن كل المخاطر التي تمس بصحته وسلامة بينه وتحفظ كرامته ،  المادة  37 من الأمر 06/03 .

نهايــــــــة الحيــــــاة المهنيــــــة للموظــــــــــف :

 هي الحالة التي تنقطع فيها العلاقة القانونية بين الموظف والهيئة المستخدمة ، وهذا الانقطاع صف لأصناف محددة ، وكل صنف له أسباب مع مراعاة المصلحتين معا ، والأصناف هي ثلاثة :

 1- نهاية العلاقة القانونية بمبادرة من الإدارة : الأسباب فأول سبب هو العزل والذي يكون كعقوبة لارتكاب خطأ مهني من الدرجة الثالثة ، وعدم الالتحاق بالمنصب أو نتيجة ارتكاب جريمة معينة كالاختلاس او التزوير ، كذلك التسريح لعدم الكفاءة المهنية أثناء التربص أو بسبب العجز الكامل عن العمل أو المرض أو بسبب حادث مهني ، وهذه الأسباب تتخذ بمقررات أو قرارات من طرف السلطة المختصة بالتعيين بموافقة اللجنة المتساوية الأعضاء .

2- نهاية العلاقة القانونية بمبادرة من الموظف: من أهم أسبابها في الاستقالة والتي هي حق معترف به الموظف ، التخلي عن المنصب ، التقاعد المسبق استنادا إلى فترة العمل ، وهذه الحالات تكون بناءا على طلب خطي من الموظف .

3- أسباب نهاية العلاقة الوظيفية بحكم القانـــــون : تتم نهاية العلاقة تلقائيا وفقا للأسباب التالية -الإحالة على التقاعد العادي بوصول الموظف إلى سن 60 سنة من العمر ، فقدان الجنسية بسبب من الأسباب أو فقدان الحقوق المدنيــــة ، الوفاة وهي واقعة تؤدي إلى انقطاع العلاقة ، والقرارات التي تتخذها الإدارة في هذه الحالات في قرارات كاشفة أي كشفت عن شيء موجود لا شيء جديـــــــد.

- ملاحظــــــــــــة: يضيف بعض الفقهاء الإحالة على الاستيداع كسبب من أسباب نهاية العلاقة الوظيفية لكن يعتبر سبب من أسباب تعليق العلاقة الوظيفية وتكون مدتها 5 سنوات كأقصى مـــدة .

-وعندما تنتهي العلاقة الوظيفية للموظف تلزم الإدارة المستخدمة تسليم شهادة عمل الموظف تبين فيها تاريخ بداية ونهاية توظيفه والمناصب التي شغلها ، دون أن تدون فيها أي ملاحظة تسيء للموظف ( المادة 72 قانون 82/06 ) .

 الاستقالـــــــــــــة : هي تصرف قانوني يعبر به الموظف عن رغبته في إنهاء العلاقة الوظيفية ومغادرة المؤسسة المستخدمة بصفة نهائيـــــة .

* الأحكام القانونية للاستقالــــــة : ويجب أن تكون الاستقالة فردية ، فإذا كانت جماعية تؤدي إلى متابعات جزائية لأنها تهدد المصلحة العامة ، كما يجب أن تكون بطلب خطي من الموظف المعني ، يجب أن تقدم إلى السلطة المختصة بالتعيين عن طريق احترام السلم الإداري .

   ولا يكون للاستقالة أي أثر إلا بعد قبولها من طرف السلطة المختصة بالتعيين طبقا للمادة 220 ، و يبقى الموظف ملتزما بالخدمة وبأداء مهامه حتى صدور القرار – و يكون للإدارة المستخدمة مهلة شهرين من تاريخ إيداع الطلب من أجل اتخاذ القرار حتى تتمكن من اتخاذ التدابير اللازمة لتعويض الموظف، كما يمكن لسلطة التعيين تأجيل الموافقة على الطلب لمدة شهرين ابتداءا من تاريخ انقضاء الأجل الأول للضرورة القصوى للمصلحة .

   وبانقضاء هذا الأجل تصبح الاستقالة نافذة وفعلية، وإذا قبلت الاستقالة لا يمكن الرجوع فيها المادة 220 من القانون 06/03  و المادة 135 من المرسوم 85/59 .