إن الأشكال العامة للتنظيم الإداري المركزي في الدولة الحديثة، هو النمط الذي تتبعه السلطة السياسية في إدارة الوحدات المحلية داخل إقليم الدولة السياسي، وهو نمط متصف بدرجة أولى بالمركزية الشديدة، والتي تعني إجمالا تركيز السلطة في يد أشخاص بعينهم دون إيلاء الحق لغيرهم في ذلك، أو بدرجة أخرى أخف قليلا، تفويض بعض الحق في البت في بعض القرارات لسلطات دنيا، دون ترك الهامش والحرية لهم، بل أنهم يبتون تحت سلطة وسطوة ورقابة الجهاز الأعلى.

1.    نشوء التنظيم الإداري وتوزيع السلطات داخل الدولة:

إن التنظيم كما السلطة ظاهرتان قديمتان قدم شعور الإنسان لحاجته أن يكون منظما، على اعتبار أن التنظيم فطرة كان الإنسان قد جُبِل عليها، أما السلطة فتجد أساسها في قِدَمِها، نابع من فطرة أخرى جُبلت عليها النفس البشرية منذ خلقت، وهي رغبة الإنسان أن يكون ميالا إلى السلطة والحكم، كارها أن يكون محكوما من غيره.

أ‌.       نشأة وتطور نظام الإدارة المحلية:

إن السلطة والتنظيم على اعتبار كونهما مبدأين من مبادئ حكم الشعوب وإدارتها، كانا زمن الملكيات في أوروبا حقا للدولة، حيث كانت هذه الأخيرة "تتمثل في شخص الملك، وهي تعد ملكا خالصا له، وتخضع لمشيئته خضوعا مطلقا لا يتقيد بأي قيد، حتى أن لويس 14 (Louis-XIV) كان يقول: (أنا الدولة)"