بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين محمدٍ الهادي الأمين وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد:

     فقد وفقني الله وأعانني على إنجاز هذا العمل الموسوم بــ:محاضرات في علم النحو، الموجهة إلى مستوى السنة أولى جذع مشترك لغة وأدب عربي وفق نظام LMD، وما من شك في أن علم النحو من أجل العلوم وأشرفها كونه موضوع لخدمة لغة القرآن العربية، وهو كما يعرف مشتق من قولهم نحا ينحو نحوا وهو بهذا المعنى يعني انتحاء نظام كلام العرب والتقيّد به لتعلم هذا الكلام.

     وقد قمت بإنجاز هذا العمل الذي هو عبارة عن دروس نحوية موجهة لطلبة السنة أولى، واتبعت فيها البرنامج المقرر الذي اقترحته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ مراعيا فيه ما أمكن الدقة والإيجاز قصد تسهيل هذه المادة وتقديمها للطلبة في حلة قشيبة درءا للعزوف الذي نلحظه كل عام دراسي جامعي من طرف الطلبة الذين هم بحاجة للاستئناس بهذه المادة التي هي بالنسبة لهم عقبة كأداء ينبغي لها أن تعبّد وتذلل لهم، وكان جهدي في هذا العمل هو اختيار اللغة السهلة والأسلوب البسيط لتوصيل مواضيع هذه الورقات؛ ولست أدعي العصامية فيه بل إنني قد اعتمدت في إنجازه على ما خطه ابن آجروم( ت 723هـ) في هذا العلم والكل يعلم ما تحويه هذه الرسالة النحوية من كنوز معرفية تعدّ مقدمة لكل مبتدئ في هذا العلم، وقد نصحنا من سبقنا ولوجا إلى هذا العلم- من أساتذة وأصدقاء وزملاء عندما كنا في مراحل تكويننا الجامعي- باقتناء هذا الكتيب الصغير الذي يحوي العلم الغزير، يضاف إليه ما قام به المحقق الكبير والألمعي النحرير محمد محي الدين عبد الحميد في شرحه على هذا المتن وقد سماه التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية، وكذا ما قام به الأستاذ الكبير محمد عيد الذي درّس بكلية دار العلوم جامعة القاهرة في كتابه الذي سمّاه النحو المصفى، يضاف إلى هؤلاء الشيخ مصطفى الغلاييني في جامع الدروس العربية، فوفق ما رسمه هؤلاء جميعا قمت بهذا المجهود المتواضع حتى أساهمهم هذه الرمية الدسمة فجازاهم الله عن العربية خير الجزاء وكل من أساهم مثلهم.

     وقد كان جمع هذه المادة وترتيبها وفق ما يتماشى مع البرنامج المسطر من طرف الوزارة؛ الذي عداده أربعة عشر درسا أو بالأحرى بابا، من أبواب النحو، وقد انبنى هيكله العام على فصلين؛ أحدهما يمثل الجانب النظري التاريخي الذي من شأنه أن يمهد للطالب ويرسم له مسار هذا العلم ومن أفنوا أعمارهم في سبيل إظهاره لنا في هذه الصورة المكتملة المتوازنة الأطراف، والفصل الآخر يمثل الجانب العملي في علم النحو وهو تناول موضوعاته أو أبوابه الأساسية.

     ففي الفصل الأول تناولنا موضوع التفكير النحوي ونشأة النحو وبذور التقعيد النحوي، ومن أسس هذا العلم وأخذنا أهم الروايات الواردة في هذا المجال، وأسباب وضع علم النحو، ومسألة تأثره بأنحاء الأمم الأخرى، وقد حللنا الموضوع وفق عنصرين:

أولا : الحاجة إلى دراسة تاريخ النحو (العودة إلى الماضي)

ثانيا :التفكير النحوي ، النشأة، ونقوم بمعالجته بسرد الأقوال والإشارات التي تناولت هذا الموضوع وتأثره بغيره من أنحاء الأمم الأخرى.

     كما تناولنا في هذا الفصل نفسه موضوع التأليف النحوي وفق ثلاثة عناصر هي:

- أول من ألف في النحو العربي.

2-أول ما ألف في النحو.

3- النحو العربي هيئة الوضع المبكر.

 

     ومن خلال هذا الفصل التمهيدي عبرنا إلى أبواب النحو المقررة وفق البرنامج، حيث بدأناه بأهم موضوع في علم النحو والذي يشكل بوابة علم النحو الفعلية بعد باب الكلام، ثم تناولنا ما يليه من مواضيع مقررة بدءا بموضوع الجملة الفعلية وأنماطها، ومنها شرعنا في تناول باقي الموضوعات بابا بابا وهي على النحو الآتي:

-الفعل اللازم والمتعدي

-الفاعل

-المفعول به

-المفعول المطلق

-المفعول لأجله

-المفعول فيه

-المفعول معه

-الحال

-التمييز

-الاستثناء

     ووفق هذا التناول للدروس الفصلية المقررة انبنى اختيارنا لمواد علم النحو، ونأمل أننا قد أتينا على الموضوع من زواياه السهلة تسهيلا على طلبتنا وتحاشيا منا للغوص في أعماق هذا البحر العميق قعرُه، وأسأل الله أن يتجاوز عني فيه.