تمهيـــد
إن الديمقراطية مبدأ معترف به عالميا ، و هي هدف يرتكز على القيم المشتركة لشعوب العالم بغض النظر عن الفروق و الاختلافات الثقافية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، و هي بذلك حق أساسي للمواطن ينبغي أن يمارس في ظل الحرية و المساواة و المسؤولية مع احترام التعدد في الآراء و مراعاة المصلحة ، و هي بذلك مثل أعلى يتعين السعي لبلوغه ، و أسلوب من أساليب الحكم ينبغي تطبيقه ، لأنها تهدف إلى صون و تعزيز كرامة الفرد و حقوقه الأساسية و تحقيق العدالة الاجتماعية ، و دعم التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، و توطيد الاستقرار الوطني و السلام الاجتماعي ، فضلا عن تهيئة المناخ الملائم لإرساء دعائم الديمقراطية .
وقد ارتبطت الديمقراطية في مفهومها و ممارستها عبر مسيرة المجتمعات الحديثة ، بالإنتخابات كآلية لتجسيدها حتى أضحت تعد مدخلا للديمقراطية و وسيلة لإسناد السلطة ، فما هي أبرز النظم الإنتخابية المعمول بها حاليا ؟ و أي النظم الانتخابية الأكثر ديمقراطية ؟
إنشاء السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات فى الجزائر:
قبل التطرق الى مفهوم الانتخابات فقهيا لابد من الإشارة الى أن الدولة الجزائرية القانون العضوى رقم 19-07 والمتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات،والتى أنيط بها صلاحيات مرتبطة بتنظيم الانتخابات، أهمها حسب المادة 06 من القانون السالف الذكر، التكفل بتجسيد الديمقراطية الدستورية وترقية النظام الانتخابى المؤدى للتداول السلمى والديمقراطى على ممارسة السلطة،وحسب المادة 07 من نفس القانون،تتولى السلطة المستقلة تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها والإشراف عليها،بالإظافة الى صلاحيات أخرى (رجع مضمون القانون السابق).
الانتخاب:
الانتخابات هي الوسيلة لإسناد السلطة، حيث يتم بواسطتها اختيار الأشخاص الذين سيعهد لهم باتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة في الدولة، وسيلة لتنظيم علاقات الفئات المختلفة، وحسم الخلافات بينها بالطرق السلمية، كما تعتبر المعيار المحدد لشرعية أو عدم شرعية السلطة القائمة .
شروط و معايير الانتخابات الحرة و النزيهة
أكدت الوثائق الدولية العديدة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966، والإعلان العالمي لمعايير الانتخابات الحرة والنزيهة لسنة 1994 ، لكي تكون الانتخابات حرة و نزيهة يجب تتوافر فيها الشروط التالية هي بمثابة مبادئ رئيسية لكل عملية انتخابية وهي كذلك شروط أساسية لتأمين ديمقراطيتها :
- حق الشعوب في إجراء الانتخابات، والمشاركة في الترشح والتصويت، بمعنى أنه يجب أن يتمتع جميع المواطنين بحق الاقتراع و المشاركة في الشؤون العامة .
- يجب أن تضمن إجراءات الاقتراع حرية الاختيار والتساوي بين الناس في ثقل الصوت، و سرية التصويت ، و صحة فرز البطاقات.
- يجب أن تجري الانتخابات بصفة دورية .
- يجب أن تجري الانتخابات ضمن احترام الحقوق الأساسية للمواطنين .
- أن يتم تحديد الدوائر على أساس منصف بما يجعل النتائج تعكس بشكل أدق وأشمل إرادة الناخبين.
- يجب أن تشرف وتمارس مراقبة العمليات الانتخابية سلطات أو هيئة إنتخابية مستقلة عن بقية سلطات الدولة حتى تكفل نزاهتها، و يجب أن تكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطات القضائية.
- تنافسية الشريفة في الانتخابات .
- حرية الدعاية الانتخابية .
أهمية ومزايا الانتخابات :
- الانتخابات صك شرعية تتمتع بها السلطة المنتخبة : فشرعية الحكومة وتبرير ممارساتها وسياساتها تستند إلى قاعدتها الانتخابية ولذلك تحرص كل الحكومات الاستبدادية والديمقراطية على التمسك بالانتخابات وان كانت شكلية.
- الانتخابات وسيلة فعالة لتوسيع نطاق المشاركة الشعبية : فهي تعطي فرصة لكل شخص للمساهمة في عملية الممارسة السياسية واختيار صانعي القرار، وتمكنه من التعبير عن رأيه والاختيار بين البدائل المطروحة أمامه.
- الانتخابات تنمي انتماء المواطن للمجتمع الذي يعيش فيه : فهي تعطي المواطن فرصة للإفصاح عن رغبته في اختيار المسئولين الأكثر قدرة وكفاءة حسب وجهة نظره، وتعزز شعوره بالكرامة والقدرة على التأثير وتحقيق الذات.
- الانتخابات وسيلة لحث المسئولين على الشعور بالمسئولية : فهي تجعل المسئولين خاضعين لمحاسبة ناخبيهم، وذلك بالتهديد بسحب التأيد لهم في دورات الانتخابات المقبلة إذا لم يقوموا بواجباتهم ومحاولة إرضاء الناخبين الذين يتحكمون بمستقبلهم السياسي.
القوانين المنظمة للانتخابات
هي القواعد القانونية المنظمة للعمليات الانتخابية، التي تتناول في مجملها القضايا المتعلقة بالعمليات الانتخابية بتفصيل ودقة لضمان وضوح وحيادية القانون بين الأطراف المتنافسة بحيث لا يتم تفضيل أولئك الموجودون في السلطة على غيرهم.
حيث تتألف هذه القواعد من مجموعة واسعة من النصوص يمكن تصنيفها على خمس درجات ، بحسب الترتيب التالي :
1. المواثيق و الاتفاقات الدولية (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966، والإعلان العالمي لمعايير الانتخابات الحرة والنزيهة لسنة 1994 ) .
2. القواعد الدستورية .
3. قوانين الانتخاب .
4. الأنظمة الإدارية التي هي على درجة أدنى من القوانين ( الصادرة عن الإدارة العامة للدولة و عن الهيئات الخاصة المكلفة بإدارة الانتخابات ) .
مضمون القانون المنظم للانتخابات :
يحتوي في الأساس على مقومات العملية الانتخابية و تتمثل في نوع النظام الانتخابي و حق الاقتراع و سجل الناخبين و القواعد المنظمة للأحزاب و المرشحين و كيفية إدارة الحملات و العمليات الانتخابية ، و يمكن تلخيصها على النحو التالي :
- نوع النظام الانتخابي : يمكن تعريف النظام الانتخابي كمجموعة أحكام تنظيمية لها تأثير مباشر في تحويل الأصوات إلى مقاعد؛ بتعبير آخر، يمكن أن تولّد هذه الأحكام نتائج مختلفة، على صعيد التمثيل، انطلاقاً من عدد الأصوات نفسه. وعليه، فإنَّ قرارات المشرّعين فيما يخصّ نوع النظام الانتخابي هي قرارات أساسية.
- حقّ الاقتراع المضمون : يجب أن يكون حقّ الاقتراع عاماً، بحيث يتمّ تدارك كلّ حالة متعذِّرة التبرير من حالات التمييز أو حرمان حقّ الاقتراع. وهذا يعني أن أيّ سحب لحقّ الاقتراع لا يمكن أن يُبنى على أحكام مسبّقة، وأن أسباب السحب المقبولة يجب أن تعلَّل بطريقة حصرية، وأنها يجب أن تسعى، في جميع الأحوال، للحفاظ على حرية وعدالة التعبير عن الإرادة الجماعيَّة.
- وضع سجلّ للناخبين : إنّ مسك سجلّ بأسماء الناخبين هو عنصر حاسم في الممارسة الكاملة لحقّ الاقتراع، فالسجلّ يحدّد مَن يحقّ له التصويت في انتخاب ما. لذا، من المهم جداً أن يُعاد النظر باستمرار في المعطيات التي يحتويها، وأن يتمّ التأكّد من أن القيود الجديدة والشطوب مثبتة فيه، وأن يجري تدارك القيود المزدوجة. ثم إن إعلان المعطيات التي يتضمّنها السجلّ أمر إلزامي من أجل ضمان حق الاقتراع للجميع وتأمين شفافيَّة العملية وعدالتها.
- الشر و الاعتراض :وهي عملية ضرورية لضمان سلامة سجل الناخبين النهائي من الأخطاء وانتهاك حقوق بعض المواطنين أو إعطاء الحق لمن لا يستحق.
- الأنظمة الخاصة بالأحزاب السياسية و المرشحين وإدارة الانتخابات: إن إجراء الانتخابات يستلزم اتّخاذ قرارات عدة في أيّ وقت ينبغي إطلاق الانتخابات، كيف ومتى تُعلن النتائج، مَن يستطيع أن يترشَّح، مَن يستطيع تقديم مرشحين وبأية شروط، ما هي الأنشطة المقبولة في أثناء حملة انتخابية لالتماس أصوات الناخبين، أيّ نوع من المساعدة الرسمية والخاصة يمكن أن يتلقّاها المرشحون والأحزاب، وكيف يجب أن تتمّ عمليات الاقتراع؟.
كما يجب قبل إجراء أيّ انتخابات، على الأشخاص الراغبين في تقديم ترشيحاتهم إبلاغ المسئولين بذلك. وبعد التحقّق مما إذا كان هؤلاء الأشخاص مستوفين الشروط المطلوبة، يعلن المسئولون أسماء المرشحين الذين سيلتمسون أصوات الناخبين.
أحياناً، يجب أن تتوافر في المرشحين والأحزاب شروط إضافية ليستحقوا بعض أشكال المساعدة الرسمية (تمويل الحملة، إعلانات في وسائل الإعلام، استخدام أماكن أو منشآت عامة...الخ). والغاية من فرض هذه الشروط هي التحقّق من جدّية أهداف المرشح والحيلولة دون تكاثر المرشحين الذين يفتقرون إلى تنظيم انتخابي أساسي.
- عمليات الفرز :وهي العمليات الأخيرة التي تنجز الانتخابات بانتهائها ويتم التعرف على الأشخاص الذين حازوا ثقة الناخبين وتحملوا أمانة وعبئ المؤسسة التي انتخبوا لتمثيلها.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن القوانين المنظمة للإنتخابات تتناول الأمور و المسائل التي سنوردها بإيجاز على النحو التالي :
- ما يتعلق بالمؤسسة المنتخبة وعدد أعضائها...الخ .
- مدة ولاية المنتخبين في المؤسسة .
- طريقة تشكيل الجهة المشرفة على العمليات الانتخابية.
- طريقة تحديد الدوائر الانتخابية وعددها.
- تشكيل المحكمة الخاصة بالانتخابات وتحديد اختصاصاتها.
- تحديد العمليات الانتخابية والإجراءات السليمة المتبعة .
العوامل التي تتأثر بها نتائج الانتخابات بصفة عامة :
1- نظام التصويت ( قائمة أم فرد ) .
2- حجم الدائرة دوائر ( متعددة أم دائرة واحدة ) .
3- طريقة توزيع المقاعد ( نظام التمثيل بالأغلبية أو التمثيل النسبي ) .
1- نظام التصويت:
قبل التطرق إلى نظام التصويت ، سنحاول إلقاء نظرة موجزة حول أنواع التصويت و التي تتلخص في ثلاثة أنواع رئيسية و تتمثل في :
- التصويت العام والتصويت المقيد.
- التصويت المباشر وغير المباشر.
- التصويت الفردي والتصويت الجماعي.
1- التصويت العام والتصويت المقيد:
أ) - التصويت العام: هو الاقتراع الذي يخول أي مواطن بلغ سن الرشد حق التصويت، فهو حق مكفول لكل مواطن بدون شروط تتعلق بالثروة أو التعليم أو الكفاءة أو الجنس.
وتميل اغلب الأنظمة الديمقراطية في العالم إلى الأخذ بنظام (التصويت العام) لما في ذلك من مزايا مشاركة لأكبر عدد من المواطنين وضمان المساواة بين جميع المواطنين.
ويثير حق الاقتراع العام عدة إشكاليات أهمها:
- حق النساء في التصويت .
- سن الرشد السياسي.
- ضمان المساواة في الاقتراع.
كما أن إقرار مبدأ الاقتراع العام لا يكفي وحده لتحقيق مبدأ المساواة في التصويت ، وكي يتحقق لابد من أن يكون لكل ناخب صوت واحداً وإلا يكون له ممارسة حق التصويت إلى في دائرة واحدة ، ولا سبيل لضمان هذه المساواة إلا بتوافر مجموعة من القواعد منها:
- حظر التصويت المتعدد.
- أن يراعي التناسب بين عدد الناخبين والنواب في كل دائرة انتخابية .
- إعداد الجداول الانتخابية بطرق منظمة ودقيقة لضمان المساواة.
ب)- التصويت المقيد: يعتبر الاقتراع مقيداً إذا اقترن حق التصويت بتوافر شروط تتعلق بالقدرة المالية أو بمعايير ذات علاقة بالكفاءة أو التعليم، وهذا من شأنه أن يجعل الانتخابات حكرا على الأغنياء ويحرم الفقراء من ممارسة هذا الحق، وكذلك حصر الناخبين في غير المتعلمين يحرم فئات كثيرة ويستثنيها.
وفي معظم بلدان العالم ينتشر مبدأ الاقتراع العام نتيجة انتشار مبادئ الديمقراطية. إلا أن بعض المفكرين والسياسيين يعارضون تطبيق حق الاقتراع العام في دول العالم الثالث وينادون بضرورة تعليق حق الاقتراع بالكفاءة ، معللين ذلك، أن الدول الديمقراطية والليبرالية لم تأخذ بنظام الاقتراع العام دفعة واحدة، وإنما أخذت به على مراحل وكانت تتجه في كل مرحلة نحو توسيع دائرة هيئة الناخبين ، وقد ارتبطت هذه المراحل التاريخية بمستوى معين من الوعي والكفاءة لدى عموم المواطنين.
لا شك أن هذه الدعوات تنطوي على خلق ديكتاتورية طبقة معينة بحجة الوعي والكفاءة وفرض إرادتها على الشعب. ولا يكون إتمام العملية الديمقراطية بحرمان فئات من الشعب بحق المشاركة، وإنما بفرض التعليم الإلزامي على المواطنين ونشر الوعي بقيم ومفاهيم الديمقراطية من خلال برامج إعلامية وتربوية تقوم بها مؤسسات الدولة.
2 - الاقتراع المباشر و غير المباشر:
يكون الاقتراع مباشرا إذا كان الناخب يختار بنفسه نائبه في البرلمان دون وساطة ، إما الانتخاب الغير مباشر فيكون عندما يقتصر دور الناخبين على اختيار مندوبين عنهم باختيار النواب. ومن ابرز الدول التي تأخذ بالانتخاب غير المباشر الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم انتخاب الرئيس بطريقة الانتخاب غير المباشر، كما تأخذ سويسرا أيضا بنظام الانتخاب غير المباشر، إذ يتم انتخاب الحكومة السويسرية والمجلس الفيدرالي بطريقة الاقتراع المباشر بواسطة أعضاء البرلمان في جلسة مشتركة لانتخاب الحكومة والمجلس الفيدرالي.
وبهذا يصبح الاقتراع غير المباشر وسيلة تتسم بعدم الديمقراطية لأنها تحول بين الناخب واختيار نائبة، وتصبح السلطة لصالح عدد قليل من الناخبين (المندوبين) .
3 - الاقتراع الفردي والاقتراع الجماعي:
يكون الانتخاب فرديا إذا كان النظام الانتخابي يكفل لكل فرد حق إبداء رأيه على حده ، ويكون التصويت جماعيا إذا كان يقدم وسيلة للتمثيل الجماعي للهيئات التي تتكون منها الدولة ويعتبر دعاة الاقتراع الفردي أن ذلك هو الوسيلة الوحيدة لضمان المساواة الحقيقية بين المواطنين، حيث يكون من حق الأفراد التعبير عن إرادتهم واختيار ممثليهم بوصفهم أفرادا ، أما دعاة الاقتراع الجماعي فيعتبرون ذلك يجدد صور الانتخابات وعدم اقتصارها على التصويت الفردي، حيث أن الفرد كائن اجتماعي لا يمكن أن يعيش بمعزل عن الجماعة ولابد من وسيلة لضمان تمثيل الجماعات، وبذلك يدعون إلى تقسيم الناخبين إلى فئات (فئة المحامين، فئة المهنيين، فئة المزارعين ....) ، هذه هي باختصار أبرز أنواع التصويت، أما نظم التصويت فهي :
أ- الانتخاب الفردي:
هو الانتخاب الذي يقوم فيه الناخب باختيار فرد واحد من بين المرشحين في دائرته الانتخابية، وفيه تقسم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة نسبياً طالما أن الناخب يختار نائباً واحداً فقط.
من مزايا الاقتراع الفردي أنه طريقة بسيطة وسهلة فالناخب لصغر الدائرة الانتخابية يمكنه معرفة المرشحين وتقدير كفايتهم، كما أن النائب لنفس السبب يمكنه تبين رغبات الناخبين ومصالحهم.
ومن عيوبه أنه يجعل النائب خاضعاً لناخبيه ويهتم بمطالب دائرته دون سواها، الأمر الذي يغلب المصالح الشخصية على المصلحة العامة والمشاكل الوطنية.
ب- الانتخاب بالقائمة :
وهو الانتخاب الذي يقوم فيه الناخب باختيار قائمة تضم أكثر من فرد من بين القوائم المرشحة في الدائرة الانتخابية أو تشكيل قائمة من المرشحين، حيث فيه تقسم البلاد إلى دوائر انتخابية كبيرة نسبياً طالما أن الناخب يختار قائمة تضم مجموعة من المرشحين، والقوائم إما أن تكون قوائم مغلقة وإما أن تكون قوائم مفتوحة.
القوائم المغلقـــــة : بمعنى أن على الناخب أن يختار قائمة من القوائم المرشحة في الدائرة دون أن يدخل عليها تعديلاً أو تبديلاً.
القوائم المفتوحــــة : بمعنى أن يكون للناخب الحرية في تشكيل قائمة من مجموع المرشحين وذلك باختيار عدد من المرشحين من بين القوائم يساوي عدد المقاعد الممنوحة للدائرة.
من مزايا الانتخاب بالقائمة أنه يبرز المرشحين ويجعل اختيارهم مبني على البرامج الانتخابية وليس على الأشخاص، مما يدفعهم لتبني المصلحة العامة والوطنية أكثر من الاهتمام بالقضايا الشخصية.
ومن عيوبه وخاصة في حلة القوائم المغلقة، أنه يبني فجوة بين الناخب والنائب التابع لدائرته لأن انتخابه ليس لشخصه وإنما لحزبه السياسي وبرنامجه السياسي.
2- حجم الدوائر:
يتبع حجم الدوائر في الكبر والصغر نظام التصويت وطريقة توزيع المقاعد، ففي الانتخاب الفردي تقسم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة، و في الانتخاب بالقائمة تقسم البلاد إلى دوائر انتخابية كبيرة نسبياً، ويمكن أن تكون البلاد جميعها دائرة واحدة ويكون ذلك غالباً في حال الانتخاب بالقائمة المغلقة والتمثيل النسبي .
3- طريقة توزيع المقاعد (النظم الانتخابية) :
و هذا هو محور هذه الدراسة ، حيث سنحاول استعراض مختلف الأنظمة الانتخابية القائمة، كما سنتعرض لانعكاساتها المالية والإدارية، ونقدم معلومات حول مكونات كل نظام انتخابي، ولا سيمــا
دورية الانتخابات، وعدد أعضاء البرلمان، وصيغ الاقتراع وطرائق تحويل الأصوات إلى مقاعد برلمانية،و سنسعى كذلك لتبيان الكيفية التي يتم بها اختيار أو تعديل الأنظمة الانتخابية مع أمثلة من بلدان معينة لتوضيح هذه الآليات.
من المسلم به أن المؤسسات السياسية في الدولة هي من تفرض قواعد اللعبة التي تحكم ممارسة الديمقراطية، وغالبا ما يقال أن المؤسسة السياسية الأكثر عرضة للتلاعب، بقصد أم بغير قصد، هي النظام الانتخابي.
إن إختيار أي نظام الإنتخابي له أهمية بالغة و أثر كبير ، ففي تحويل الأصوات المدلى بها في إقتراع عام إلى مقاعد مثلا برلمانية، يمكن أن يترك اختيار النظام الانتخابي أثرا حاسما في الشخص الذي سينتخب وفي الحزب الذي سيتولى السلطة، حتى حينما يحصل حزبان مثلا على عدد مماثل من الأصوات، فان نظاما انتخابيا معينا قد يعطي الأفضلية في هذه الحالة لحكومة ائتلافية، في حين قد يمنح نظام آخر حزبا واحدا سيطرة أكثرية.
كما أن للأنظمة الانتخابية انعكاسات أخرى تتجاوز هذا الأثر ، فهي تؤثر تأثير في نظام الأحزاب السياسية القائمة، سيما في عددها وأهميتها النسبية داخل البرلمان، كما أنها تؤثر على تماسك الأحزاب وانضباطها الداخليين، فبعض الأنظمة تشجع التجزئة، إذ تكون أجنحة عدة لحزب واحد على خلاف متواصل، في حين أن أنظمة أخرى تشجع الأحزاب على التحدث بصوت واحد واستبعاد أسباب الخلاف.
كذلك يمكن أن تؤدي الأنظمة الانتخابية دورا حاسما في مجرى الحملات الانتخابية وتصرف النخب السياسية، إذ تساهم في تجديد المناخ السياسي العام، فهي يمكن أن تشجع أو تؤخر تكوين تحالفات بين أحزاب، كما يمكن أن تحفز الأحزاب والجماعات على امتلاك قاعدة واسعة وإبداء نزعة توافقية، أو على العكس.
يضاف إلى ذلك أن النظام الانتخابي الذي لا يعد ”عادلا” والذي لا يعطي المعارضة انطباعا بأن فرصة الفوز متاحة لها في المرة المقبلة، من شانه أن يحض الخاسرين على العمل من خارج النظام السياسي وعلى اللجوء إلى وسائل غير ديمقراطية، لا بل عنفية الطابع.
كذلك يؤثر نموذج النظام الانتخابي في جوانب أخرى إدارية وقانونية، مثل توزيع مراكز الاقتراع، وتحديد المرشحين، وتسجيل الناخبين، وإسناد المسؤولية للإدارة الانتخابية، وتقسيم الدوائر، وشكل بطاقات الاقتراع وطريقة فرز البطاقات، وإعلان النتائج.
ولهذا فان النظام الانتخابي، بالمعنى الواسع، يحول الأصوات المدلى بها في انتخاب عام إلى مقاعد مخصصة للأحزاب والمرشحين، أما المتغيرات الأساسية، فهي التالية:
- الصيغة الانتخابية المطبقة (مثلا، هل نحن في صدد نظام أكثري أو تمثيل نسبي أو مختلط؟ وما هي القاعدة الرياضية المستخدمة لحساب توزيع المقاعد؟) .
- وزن الدائرة (حصة الدائرة من المقاعد وما هو المعيار لتقسيم الدوائر ؟)، هل يعتمد معيار عدد السكان.
النظم الانتخابية
النظام الإنتخابي هو آليات انتخابية تعمل على ترجمة ما يحدث في الانتخابات العامة إلى مقاعد في البرلمان يفوز بها المرشحون والأحزاب، بمعنى آخر، يقوم النظام الانتخابي بتحويل الأصوات المدلى بها في انتخاب عام إلى مقاعد مخصصة للأحزاب والمرشحين .
عوامل تحديد الدول لنظامها الانتخابي :
- بناء على رغبة السلطة الحاكمة في شكل البرلمان المنتخب.
- بناء على توافقات سياسية بين الأحزاب المتواجدة في الدولة.
- بناء على عوامل بيئية داخلية تستلزم نظام انتخابي معين لتكوين برلمان يعكس التمثيل البنيوي للمجتمع.
أهمية النظام الانتخابي
إن العملية الانتخابية مهما كانت نزيهة ومنتظمة، فإن نتائجها تعتمد بشكل أساسي على النظام الانتخابي المعمول به، وبما أن اختيار النظام يتأثر غالباً باعتبارات سياسية، فلا بد من امتلاك المعرفة الضرورية عن الأنظمة الانتخابية المعمول بها في العالم و كذلك التجارب المختلفة في هذا المجال، و يمكننا إيجاز أهمية النظام الانتخابي على النحو الآتي :
- إن النظام الانتخابي الذي يختاره شعب من الشعوب قد يؤثر إيجاباً أو سلباً على النظام السياسي.
- يمكن لنظام انتخابي معين أن يضمن تمثيل القوى في البرلمان بما يتناسب مع حجمها في المجتمع، وقد يتيح نظام انتخابي آخر الفرصة أمام القوى الكبيرة لكي تتمثل بمقاعد أكبر من حجمها الحقيقي في المجتمع.
- يمكن لنظام انتخابي معين أن يؤدي إلى تشجيع التوافق بين الأحزاب المختلفة، وقد يؤدي نظام انتخابي آخر للتنافر بينهما.
- يمكن لنظام انتخابي أن يعمل على قيام حكومة فعالة ومستقرة ويمكن لنظام آخر أن يعمل على قيام حكومة غير مستقرة.
- يمكن أن يؤدي النظام الانتخابي إلى بلورة معارضة برلمانية بحدود معينة كما يحدث في أغلب الدول العربية ويمكن لنظام آخر أن يؤدي إلى بلورة معارضة فعالة.
- يمكن لنظام انتخابي أن يصيب البرلمان بالشلل ويُخضعه لسيطرة الحكومة، وذلك عندما يسيطر حزب الأغلبية.
- ويمكن للنظام الانتخابي تشجيع مشاركة الناس من خلال تسهيل الإجراءات وتحفيزهم على المشاركة.
ولهذا قامت في العقد الماضي عشرات البلدان بتطوير وتغيير أنظمتها الانتخابية في أوروبا الشرقية وأفريقيا وآسيا وبعض البلدان العربية.
المبادئ الرئيسية التي توجه صوغ نظام انتخابي
إن صوغ النظام الانتخابي يجب أن يأخذ في الحسبان الأهداف التالية:
- ضمان قيام برلمان ذي صفة تمثيلية واسعة.
- التأكد من أن الانتخابات هي في متناول الناخب العادي وأنها صحيحة.
- تشجيع التوافق بين أحزاب متناقضة من قبل.
- تعزيز شرعية السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
- تشجيع قيام حكومة مستقرة وفعالة.
- تنمية حس المسؤولية إلى أعلى درجة لدى الحكومة والنواب المنتخبين.
- تشجيع التقارب داخل الأحزاب السياسية.
- بلورة معارضة برلمانية.
- مراعاة طاقات البلد الإدارية والمالية.
- تشجيع المواطنين على المشاركة ولذلك لا بد من تسهيل الإجراءات على المواطنين وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية.
- تشجيع التنمية السياسية والتعددية الحزبية.
ولهذا مهما كانت أية عملية انتخابية نزيهة و منتظمة فان نتائجها السياسية تعتمد بشكل أساسي على النظام الانتخابي المعمول به، وبما أن اختيار النظام يتأثر غالبا باعتبارات سياسية فلا بد من امتلاك المعرفة الضرورية في الأنظمة الانتخابية المعمول بها في العالم والتجارب المختلفة في هذا المجال، وقد قامت خلال العقد الماضي عشرات البلدان بتغيير وتطوير أنظمتها الانتخابية في أوروبا الشرقية وأفريقيا وآسيا وبعض البلدان الغربية.
الإطار القانوني للنظام الانتخابي في الدول :
- يحدد دستور الدولة النظام الانتخابي الذي تتبناه الدولة في إجراء انتخاباتها العامة وتشكيل برلمانها.
- يعكس قانون الانتخابات العامة بآلياته وإجراءاته شكل النظام الانتخابي الذي تبناه دستور الدولة.
المعايير الدولية والمبادئ الرئيسية لتصميم نظام انتخابي عادل
عند صوغ أي نظام انتخابي أو أيّ تركيبة من الأنظمة ينبغي وضع الأهداف التالية في الحسبان الأهداف:
- ضمان قيام برلمان ذي صفة تمثيلية: والتمثيلية هنا تتخذ ثلاثة أشكال على الأقل، تتمثل في :
٭ التمثيل الجغرافي وفق المحافظات بمدنها وقراها.
٭ التمثيل السياسي : بمعنى التمثيل الوظيفي للوضع السياسي القائم ، فلا يصح أن يصوت نصف الناخبين لحزب ما ولا يكون له تمثيل في البرلمان.
٭ تمثيل المستقلين والتباينات في المجتمع . فالبرلمان الذي لا يمثل النساء والشباب والفقراء ومختلف الانتماءات المجتمعية لا يمكن أن يكون مرآة حقيقية للأمة .
- إمكانية المشاركة وضمان النزاهة : إذا كانت عملية التصويت عسيرة فقد لا تعني الانتخابات الكثير للناس ، ولذلك يجب أن لا تكون عملية الاقتراع معقدة ن وان يثق الناخب في السرية وفي النتائج. ففي الأنظمة الديكتاتورية أو المزورة لا يتوفر الاختيار الحر ، وتفقد المؤسسات التمثيلية شرعيتها.
- توفير حوافز المصالحة : الأنظمة الانتخابية هي أدوات لإدارة الصراع داخل المجتمع، ففي المجتمعات التي تعاني من الصراعات العرقية يمكن للنظام الانتخابي تشجيع مساندة السود للبيض والعكس ، وأن يستبعد الخلافات المذهبية أو اللغوية أو الأيديولوجية وغيرها .
- تيسير وجود حكومة مستقرة وقادرة : عندما يدرك الناس عدالة النظام الحاكم ، وقدرته على سن قوانين إنسانية وبكفاءة وعدم تحيزه لحزب دون آخر ، يمكن أن يغفروا لبعض النتائج الشاذة في الانتخابات . هذا حدث في بريطانيا في العامين 1951م و1974م حيث حصل الحزب الفائز بأغلبية الأصوات على مقاعد برلمانية أقل ، إلا أن الناس لوثوقهم بجودة ونزاهة النظام والحكم تحملوا تلك النتائج الشاذة ، بينما لم يرض الناخبون في منغوليا في العام 1992م بفوز حزب الشعب المنغولي الثوري الحاكم بحوالي 92% من النتائج مقابل 57% من الأصوات لعدم ثقتهم وطالبوا بتغيير نظام الانتخابات وهذا ما حدث في العام 1996م . وعموما تعطي نظم الأغلبية التعددية حكومات الحزب الواحد ، بينما نظم التمثيل النسبي تنتج الحكومات الائتلافية .
- تقديم الحكومة والممثلين للمحاسبة : تعد المحاسبة من أهم الأسس لبناء الحكومة التمثيلية ، وتعمل النظم الانتخابية جيدة التنظيم على تسهيل تحقيق هذه الأهداف ، وعلى المحاسبة الجعرافية ، وامكانية استدعاء أعضاء الهيئة التشريعية من قبل الناخبين للمحاسبة.
- تشجيع الأحزاب السياسية المتعارضة : ينبغي على النظم الانتخابية تشجيع التماسك الديمقراطي على المدى البعيد ، عبر نمو الأحزاب القوية والفعالة بدلا من ترسيخ التفتيت ةالانشقاق الحزبي ، على أن لا يكون التشجيع لأحزاب ذات اهتمامات ومصالح عرقية أو عنصرية أو اقليمية أو طائفية ضيقة .
- تشجيع المعارضة البرلمانية والنهوض بها : تعتمد عملية الحكم بدرجة ما على الذين يجلسون في البرلمان ولكن خارج الحكومة ، وعندما يؤكد النظام الانتخابي وجود معارضة برلمانية حيوية يضمن الصورة النقدية للتشريعات وحماية حقوق الأقليات وتقديم البدائل المفيدة. وبالتالي فان نظام " الفائز يأخذ كل شيء " يشجع على تجاهل آراء واحتياجات الناخبين في المعارضة.
- النفقات والقدرات الادارية : لا تستطيع الأمم الفقيرة من تحمل نفقات انتخابات متعددة المراحل كنظام الجولتين أو ادارة تعداد تفضيلي معقد للأصوات ، وفي نفس الوقت فان البساطة على المدى القصير لا تلبي النتائج المرغوبة على المدى البعيد ، و النظام الانتخابي الذي قد يبدو في بدايته مكلفا ومعقدا يؤدي الى استقرار الدولة على المدى البعيد ، وهذا ما يجب أن يأخذه المخططون في الاعتبار.
أولا : نظام الأغلبية
نظام الأغلبية هو أقدم نظام انتخابي وكان لفترة طويلة الوحيد المعمول به، ولا يزال يحظى بتفضيل أكثر من 80 بلداً في العالم – استنادا إلى دراسة للاتحاد البرلماني العالمي 1993.
وتكمن ميزة هذا النظام، ربما، وقبل كل شيء في بساطته، إذ يتم انتخاب المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات وقد طبق هذا النظام قبل ظهور الأحزاب السياسية حيث يتم انتخاب المرشح الأكثر شعبية. ولكنه من ناحية أخرى غالباً ما تكون نتائجه غير عادلة فهو قد يؤدي إلى حصول حزب ما على أغلبية برلمانية كبيرة تفوق حصته من الأصوات.
في نظام الأغلبية البسيطة، فان المرشح الذي يحصل على العدد الأكبر من الأصوات يفوز بالمقعد حتى لو كانت الأصوات التي حصل عليها أقل من 25% من المقترعين في الانتخابات، ويؤدي هذا النظام إلى بروز حزبين على المستوى الوطني وعلى مستوى المقاطعات، مع أن بعض الأحزاب الجهوية (الإقليمية) يمكنها المحافظة على وجودها، كما هو الحال في بريطانيا وكندا.
لقد نشأ نظام الأغلبية في بريطانيا، وتم تطبيق هذا النظام بشكل خاص في بلدان الكومنولث.
ويعطي هذا النظام الحزب الفائز مقاعد أكثر من حصته النسبية من الأصوات. فعلى سبيل المثال فان الحزب الذي يحصل على 45% من الأصوات يفوز بالأغلبية ويستطيع أن يشكل حكومة بمفرده.
إيجابيات نظام التمثيل بالأغلبية :
نستطيع أن نجمل بعض إيجابيات هذا النظام على النحو التالي:
- تخفيف الصراعات السياسية.
- يشجع على قيام حكومة فعالة.
- يقلل من دور الأحزاب التي تستند إلى العرق واللون.
- يدعم ويساعد الأحزاب ذات الامتداد الوطني.
- يمكن الحكومة من اتخاذ قرارات مباشرة وواضحة.
- تكون أوراق الاقتراع قصيرة وبسيطة.
- يصوت المقترعون لشخص معين يمثل بدوره حزباً سياسياً ما أو يكون مستقلاً.
- يشمل دائرة انتخابية ويجعل العلاقة أوثق بين النائب وناخبيه. ( ممثل الدائرة)
أشكال للتصويت بنظام الأغلبية
1 - دائرة انتخابية بمقعد واحد:وهناك ثلاث أشكال أساسية لتصويت الأغلبية المفردة:
- تصويت الأغلبية لدورة واحدة: يتم وفق هذا التصويت، انتخاب المرشح الذي يحظى بأكبر عدد من الأصوات، وينتج عن هذا النظام انتخاب مرشح ما حتى ولو لم يحصل إلا على نسبة 20% من الأصوات الفعلية.
معنى أن الإنتخابات في هذا النظام تتم على دور واحد و يعتبر المرشح ناجحاً فيها إذا حصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين بالمقارنة بالأصوات التي حصل عليها المرشحون الآخرون، حتى وإن كانت هذه الأغلبية أقل من الأغلبية المطلقة (50%+ 1) للأصوات الصحيحة.
- تصويت الأغلبية لدورتين ( الأغلبية المطلقة): حيث أن على المرشح هنا أن يحصل على نصف الأصوات كحد أدنى، بالإضافة إلى صوت واحد لكي يتم انتخابه. وإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذا العدد من الأصوات يتم تنظيم دورة ثانية. وفي هذه الحالة تكفي الأغلبية البسيطة وحدها في الدورة الثانية.
- التصويت التفضيلي أو التتابعي: يجمع هذا النوع من التصويت ما يتم في دورتين، التصويت بالأغلبية المطلقة في دورة واحدة، إذ يصوت المقترعون لمرشح واحد، ولكنهم يشيرون إلى أفضليتهم بالنسبة للمرشحين الآخرين بترتيب تنازلي، وإذ لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة لدى الفرز الأول للأصوات بنسبة(50%+ 1) ، فإنه يتم إبعاد المرشح الذي حصل على اقل عدد من الأصوات ويجري توزيع الافضليات الثانية للمرشحين الآخرين، وتستمر هذه العملية حتى يحصل أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة نتيجة لهذه التأجيلات المتتابعة.
لقد تم للمرة الأولى، تطبيق نظام الأغلبية لدورة واحدة في بريطانيا وهو يطبق في عدد كبير من البلدان ( اكثر من 40 بلداً)، وهناك أربعة بلدان تطبق الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى والأغلبية النسبية للدورة الثانية هي: جزر القمر، الكونغو، فرنسا، الغابون، وكذلك العديد من الدول التي تطبق” النظام المختلط” تشترط حصول المرشح على الأغلبية المطلقة في المقاعد الفردية.
2 - دائرة انتخابية بعدة مقاعد
هناك طريقتان أساسيتان مختلفتان لتصويت الأغلبية في هذه الدوائر الانتخابية. وبالإمكان تطبيق نظام الأغلبية لدورة واحدة أو لدورتين أو التصويت التفضيلي أيضا في هاتين الحالتين.
التصويت للقائمة: يتم تجميع المرشحين بصفة مستقلة أو ضمن قائمة حزبية أو غير ذلك ويختار الناخب المرشحين على بطاقة الاقتراع ضمن صدور المقاعد المخصصة للدائرة، ويتم انتخاب المرشحين الذين حصلوا على اكبر عدد من الأصوات (فلسطين 1996، الأردن 1989).
ولتبيان أهمية وأثر النظام الانتخابي على نتائج الانتخابات سنستعرض الجدول التالي:
الأصوات المكتسبة المقاعد المكتسبة
المقاعد 1 2 3 4 5 المجموع % نظام الأغلبية التمثيل النسبي
الحزب أ 3000 2600 2551 2551 100 10802 43 4 2
الحزب ب 2000 2400 2449 2449 4900 14198 57 1 3
المجموع 5000 5000 5000 5000 5000 25000 100 5 5
هذا المثال يبين بان الحزب أ يحصل على أربعة مقاعد في حالة اعتماد نظام الأغلبية أي 80% من المقاعد، مع العلم بأنه حصل على 43% من الأصوات، مقارنة مع الحزب ب الذي حصل على مقعد واحد أي 20% من المقاعد وهو حصل على 57% من الأصوات. أما في حالة اعتماد نظام التمثيل النسبي فان حزب أ يحصل على مقعدين أي 40% من المقاعد وحزب ب يحصل على3 مقاعد أي 60% من المقاعد الإجمالية. نجد أن نظام التمثيل النسبي أكثر عدالة من نظام الأغلبية.
ومن أبرز عيوبه :
1. إقصاء أحزاب الأقلية من التمثيل البرلماني، وكذلك فان عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب في الانتخابات تعتمد بشكل كبير ليس على عدد الأصوات فقط بل أيضا على مكان تسجيل هذه الأصوات.
2. استثناء أحزاب الأقلية التي ثبت أنها أكثر ميلا لإحداث عدم استقرار خارج النظام السياسي مما تكون عليه عند إدخالها في تركيبة التمثيل السياسي نتيجة الاهتمام بالجغرافيا أكثر من الاهتمام بالشعب.
3. استثناء أفراد المجموعات الأقلية العرقية من التمثيل البرلماني
4. انخفاض إمكانية انتخاب النساء في ظل نظام الأغلبية مما عليه في ظل التمثيل النسبي. حرمان الأقليات من التمثيل حيث يستطيع حزب واحد أن تستحوذ على كافة مقاعد الدائرة ويحرم الاقليات من التمثيل.
5. شيوع الأصوات المهدورة حيث تصل في نظام الأغلبية إلى اكثر من 60% كما هو الحال في الانتخابات الفلسطينية السابقة أو الأردن خلال ( 1989، 1993، 1997). ولكن في ظل نظام التمثيل النسبي فإن هذه النسبة لا تصل إلى أكثر من 10% في أغلب الاحيان.
6. يمكن للحزب الفائز الحصول على 40% - 50% من أصوات المقترعين ولكنه يستحوذ على 60% - 80% من المقاعد، حيث حصل الحزب الشعبي المنغولي عام 1992 على 95% من المقاعد، بينما لم يحصل إلا على 57% من الأصوات.
7. وتستطيع الأحزاب الحاكمة أن تعمل على تغيير حدود الدائرة الفردية بما يخدم مصلحتها
ثانيا: التمثيل النسبي
نظام الأغلبية هو، دون شك الأقدم في العالم، غير أن التمثيل النسبي يزهو بكونه موضوعا لأكبر عدد من المؤلفات والمقالات التي كرست لتحليله. وقد تم تطبيق هذا النظام للمرة الأولى، في بلجيكا 1889 وفي هذه الأيام يطبق في أكثر من 60 بلدا في العالم.
العدالة هي الميزة الأولى لهذا النظام، فعندما يتناسب عدد المقاعد التي حصلت عليها القوى السياسية مع نسبة حضورها الانتخابي يكون التمثيل عادلا. إن أيا من القوى السياسية أو أي جزء من الرأي العام، لا يستأثر، من ناحية المبدأ بالتمثيل الكامل، ولا يظل أيضا دون تمثيل.
التمثيل النسبي يفرض التصويت للقائمة مما يدل، غالبا، على أن أفكار المرشحين تتفوق في الحملات الانتخابية، بالتعارض مع شخصياتهم، بالإضافة إلى ذلك فان التصويت يجري في دورة واحدة ويتم تلافي السياسة المعروفة في الأنظمة التي تطبق الدورة الثانية.
وهناك نموذجان أساسيان في التمثيل النسبي:
التمثيل النسبي التقريبي( على مستوى الدوائر ):
تجري الانتخابات في عدة دوائر انتخابية ويتم توزيع المقاعد على هذا الأساس، حيث يقبل هذا النظام ربما تفاوتا بين عدد الأصوات التي حصل عليها حزب ما في البلد بمجمله وبين عدد المقاعد التي يفوز بها.
ففي هذا النظام تقسم الدولة إلى دوائر تقوم كل دائرة بانتخاب نوابها على أساس قوائم حزبية في كل دائرة.
يجري توزيع المقاعد على أساس أن يمنح كل حزب عدداً من المقاعد بقدر عدد المرات التي يستجمع فيها الحزب القاسم الانتخابي.
و توزيع المقاعد في كل دائرة أولاً على القوائم الانتخابية، ثم على مرشحي هذه القوائم.
التمثيل النسبي الكامل ( على مستوى الدولة ):
تعتبر البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة، ويتم توزيع المقاعد للقوائم أو الأحزاب حسب حصتها ( نسبتها) الإجمالية، كما هو معمول به في الكنيست الإسرائيلي.
وفي هذا النظام تكون الدولة كلها إطاراً واحداً أو دائرة واحدة وتكون القوائم المتنافسة قوائم وطنية ولا يقدم كل حزب إلا قائمة وطنية وحيدة بمرشحيه.
ويتم استخراج القاسم الانتخابي من قسمة عدد الأصوات الصحيحة في الدولة كلها على عدد المقاعد البرلمانية، والمقاعد الباقية توزع على أساس أكبر البواقي أو أكبر المتوسطات أو بطريقة هوندت أو بطريقة سانت لوجي.
طريقة توزيع المقاعد على القوائم
يتم توزيع المقاعد على القوائم على مرحلتين، في المرحلة الأولى توزع المقاعد بناءً على القاسم الانتخابي.
القاسم الانتخابي : هو الرقم الذي نحصل عليه من قسمة عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة على عدد المقاعد المخصصة لهذه الدائرة،
فإذا كان عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة 125000 صوت وكان عدد المقاعد المخصصة لهذه الدائرة (5) مقعد فان القاسم الانتخابي يكون:
25000 = 125000 = عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة القاسم الانتخابي =
5 عدد المقاعد المخصصة لهذه الدائرة
وعلى ذلك توزع المقاعد المخصصة للدائرة على القوائم بقدر عدد المرات التي تحصل فيها كل قائمة على القاسم الانتخابي ونوضح ذلك بالمثال التالي :
- القائمة الأولى حصلت على 60000 صوت فتكون قد استجمعت القاسم الانتخابي مرتين فتحصل على مقعدين ويتبقى لها 10000 صوت لم تستغل.
- القائمة الثانية حصلت على 46000 صوت أي أنها استجمعت القاسم الانتخابي مرة واحدة فتحصل على مقعد واحد ويتبقى لها 21000 صوت لم تستغل.
- القائمة الثالثة حصلت على 19000 صوت وهذا الرقم أقل من القاسم الانتخابي وبذلك يتبقى لها 19000 صوت لم تستغل.
بذلك يصبح عدد المقاعد المشغولة (3)مقاعد من (5) أي يبقى (2) مقعدين غير مشغولين.
ويتم توزيع المقاعد الباقية في مرحلة ثانية بإحدى الطرق التالية:-
الطريقة الأولى:
طريقة أكبر البواقي
- وتعني منح المقاعد الباقية في الدائرة للقوائم التي لديها أكبر بواقي أصوات غير مستغلة، وهي في المثال السابق كالتالي:
- القائمة الثانية لديها اكبر بواقي أصوات غير مستغلة تبلغ 21000 صوت يضاف لها مقعد فيصبح عدد المقاعد لديها 1+1= 2 مقعدين، مقعد على أساس القاسم الانتخابي ومقعد على أساس اكبر البواقي.
- القائمة الثالثة تليها حيث لديها 19000 صوت غير مستغلة فيضاف لها مقعد فيصبح عدد المقاعد لديها 0+1= 1 مقعد، 0 مقاعد على أساس القاسم الانتخابي ومقعد على أساس اكبر البواقي.
وبالتالي يصبح توزيع المقاعد كالتالي:
عدد المقاعد التي حصلت عليها القائمة
2 الأولى/ وحصلت على 60000 صوت
2 الثانية/ وحصلت على 46000 صوت
1 الثالثة/ وحصلت على 19000 صوت
و قد إعتمدت الجزائر نظام التمثيل النسبي التقريبي أي إجراء إنتخابات في عدة دوائر و ذلك عند إنتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية و الولائية ،و كذلك نواب المجلس الشعبي الوطني حيث تنص المادة 30 من أمر رقم 97 – 07 مؤرخ في 6 مارس سنة 1997 يتضمن القانون العضوي بنظام الانتخابات على أنه " يمكن ان تتشكل الدائرة الانتخابية من شطر بلدية او من بلدية او من عدة بلديات" ،و تنصت المادة 101 تحدد الدائرة الانتخابية الاساسية المعتمدة لانتخاب اعضاء المجلس الشعبي الوطني حسب الحدود الاقليمية للولاية و يمكن ان تقسم الولاية الى دائرتين انتخابيتين او اكثر وفقا لمعايير الكثافة السكانية واحترام التواصل الجغرافي.لا يمكن ان يقل عدد المقاعد عن اربعة ( 4 ) بالنسبة للولايات التي يقل عدد سكانها عن ثلاثمائة وخمسين الف ( 350000 ) نسمة ، بالنسبة لانتخابات ممثلي الجالية الوطنية في الخارج , يحدد القانون المتضمن التقسيم الانتخابي الدوائر الانتخابية القنصلية والدبلوماسية وعدد المقاعد في كل واحدة منها .
كما نصت المادة 75 من نفس الأمر على أنه " ينتخب المجلس الشعبي البلدي والمجلس الشعبي الولائي لمدة خمس ( 5 ) سنوات بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة" ، و نصت المادة 101/1 : ينتخب المجلس الشعبي الوطني لمدة خمس ( 5 ) سنوات بطريقة الاقتراع النسبي على القائمة .
و توزع المقاعد المطلوب شغلها حسب نص المادة 76 بين القوائم بالتناسب حسب عدد الاصوات التي تحصلت عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة الباقي الاقوى و لا تؤخذ في الحسبان , عند توزيع المقاعد , القوائم التي لم تحصل على نسبة سبعة في المائة ( 7% ) على الاقل من الاصوات المعبر عنها ، كما أن المعامل الإنتخابي الذي يؤخذ في الحسبان حسب نص المادة 77 هو الناتج عن قسمة عدد الاصوات المعبر عنها في كل دائرة انتخابية على عدد المقاعد المطلوب شغلها ضمن نفس الدائرة الانتخابية ، يمكن ان تنقص من عدد الاصوات المعبر عنها التي تؤخذ في الحسبان ضمن كل دائرة انتخابية, عند الاقتضاء , الاصوات التي تحصلت عليها القوائم المنصوص عليها في المادة 76 ( الفقرة 2 ) من ذات القانون ، و يتم توزيع المقاعد عن طريق أولا تحديد المعامل الانتخابي في كل دائرة انتخابية وفق الشروط المبينة في المادة 77 من ذات القانون ،ثم تحصل كل قائمة على عدد المقاعد بقدر عدد المرات التي حصلت فيها على المعامل الانتخابي ، و أخيرا بعد توزيع المقاعد على القوائم التي حصلت على المعامل الانتخابي حسب الشروط القانونية , ترتب الاصوات الباقية التي حصلت عليها القوائم الفائزة بمقاعد , والاصوات التي حصلت عليها القوائم غير الفائزة بمقاعد , حسب اهمية عدد الاصوات التي حصل عليها كل منها , وتوزع باقي المقاعد حسب هذا الترتيب، و يمنح المقعد الاخير المترشح الاصغر سنا عندما تتساوى الاصوات التي حصلت عليها قائمتان او اكثر .و يجب ان يتم توزيع المقاعد على مرشحي القائمة حسب ترتيب المرشحين المذكورين فيها .
الطريقة الثانية
طريقة أكبر المتوسطات
للحصول على اكبر المتوسطات نعطي مقعدا إضافيا افتراضيا لكل قائمة ثم نحسب متوسط كل قائمة بقسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة على عدد المقاعد التي حصلت عليها على أساس القاسم الانتخابي مضافا إليها المقعد الافتراضي فتكون الصيغ كالآتي:
عدد الأصوات الصحيحة لكل قائمة المتوسط =
عدد المقاعد التي حصلت عليها + مقعد افتراضي
- وبعد ذلك يتم توزيع المقاعد الباقية وذلك بمنح المقعد للقائمة التي تحصل على اكبر المتوسطات ثم تتبع الطريقة بالنسبة لكل المقاعد المتبقية.
- وبإتباع الخطوات السابقة على المثال الذي نحن بصدده نصل إلى النتائج التالية:
= 20000 60000 القائمة الأولى المتوسط بالنسبة لها =
2+1
= 23000 46000 القائمة الثانية المتوسط بالنسبة لها =
1+1
= 19000 19000 القائمة الثالثة المتوسط بالنسبة لها =
0+1
وبذلك تمنح
- القائمة الثانية تمنح (1) مقعد أضافي حيث لديها أكبر المتوسطات فتصبح عدد مقاعدها 2 مقعد.
- القائمة الأولى تليها وتمنح (1) المقعد الباقي فيصبح عدد مقاعدها 3 مقاعد.
- القائمة الثالثة لا تمنح أي مقعد.
الطريقة الثالثة
طريقة هوندت
تمتاز هذه الطريقة بأنها توصلنا إلى النتائج بخطوة واحدة مع ملاحظة أنها تؤدي إلى نتائج شبيهة بالنتائج التي نصل إليها عن طريق اكبر المتوسطات.
و تتلخص هذه الطريقة في انه إذا كان لدينا عدد(س) من المقاعد فإننا نقسم عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة على 1 ثم على 2 ثم على 3 إلى أن يستنفذ عدد المقاعد ثم نقوم بترتيب النسب التي حصلنا عليها ترتيبا تنازليا ونقف عند القاسم (س) وهو في المثال السابق (5) وهذا القاسم هو المؤشر المشترك.
- ولنأخذ المثال السابق للتطبيق:
5 4 3 2 1 عدد المقاعد
12000 15000 20000 30000 60000 القائمة الأولى
9200 11500 15333 23000 46000 القائمة الثانية
3800 4750 6333 9500 19000 القائمة الثالثة
بعد ذلك يتم ترتيب هذه الأرقام ترتيبا تنازليا فيكون الرقم (5) هو المؤشر للقاسم المشترك وذلك على النحو التالي:
1= 60000 ،2=46000، 3=30000، 4=23000، 5=20000
فيكون الرقم ( 20000 ) هو القاسم المشترك
وإذا قسمنا عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة على القاسم المشترك حصلنا على عدد المقاعد التي تحصل عليها كل قائمة:
- القائمة الأولى= 60000 ÷ 20000 = 3عدد المقاعد التي سيحصل عليها
- القائمة الثانية = 46000 ÷ 20000 = 2عدد المقاعد التي سيحصل عليها
- القائمة الثالثة = 19000 ÷ 20000 = 0
الطريقة الرابعة
احتساب المقاعد وفقاً لطريقة سانت لوغى حسب قانون انتخابات الهيئات المحلية
توزع المقاعد في نظام الانتخابات بالقوائم طبقا لعدد الأصوات التي تفوز بها كل قائمة، ثم يقسم عدد الأصوات الذي حصلت عليه كل قائمة على 11،9،7،5،3،1..وهكذا حسبما تدعو الضرورة من اجل تخصيص المقاعد، الأرقام الناتجة عن عمليات القسمة هي ”نواتج القسمة، و ترتب أرقام ”نواتج القسمة“ ترتيبا تنازلياً، ثم توزع المقاعد حسب الترتيب بداية من أعلى رقم إلى أن ينتهي توزيع كل المقاعد .
و في حال تساوي رقمين من أرقام نواتج القسمة يعطى المقعد للقائمة الحاصلة على عدد أقل من المقاعد في لحظة التساوي،أما في حال تساوي الأرقام لدى توزيع المقعد الأخير، يعطى المقعد للقائمة التي حصلت على عدد أعلى من الأصوات.
وحيث أن نظام التمثيل النسبي يشكل انعكاسا لتمثيل كافة الأحزاب والطيف السياسي، ونستطيع أن نؤكد على بعض مزايا النظام:
يسهل حصول أحزاب الأقلية على تمثيل في البرلمان، ويعمل آلية لبناء الثقة ، ويشجع الأحزاب الكبيرة والصغيرة على حد سواء، على وضع قوائم متنوعة إقليميا وعرقيا وجنسيا، إذ أن عليها تلبية أذواق مجال موسع من المجتمع لزيادة عدد الأصوات في جميع أنحاء البلاد. ونتيجة لذلك، هنالك حوافز اقل لتوجيه التماسات عرقية بحته.
ويعمل نظام التمثيل النسبي على التقليل من مشكلـــــة الأصوات المهدورة في الإقطاعيات الإقليمية.
ولكن على الرغم من مزايا هذا النظام إلا أن هناك العديد من المنتقدين له يسردون بعض العيوب وهي:
أن التمثيل النسبي يهدد بإحداث اختناقات تشريعية في حكومات الائتلافيات متعددة الأحزاب و عدم استقرار الائتلافيات الحكومية ويزيد من عدم الاستقرار مما يؤدي إلى تجزئة الأحزاب ، كما تستطيع في ظله الأحزاب الصغيرة أن تبتز الأحزاب الكبيرة لتشكيل حكومات ائتلافية حيث نجد انه في إسرائيل تعتبر الأحزاب الدينية المتطرفة ضرورة لتشكيل الحكومة، بينما عاشت إيطاليا اكثر من 50 عاما في ظل حكومات ائتلافية غير مستقرة.
فهو بإختصار يؤثر نظام بطريقة حاسمة على عدد وهياكل الأحزاب السياسية، فهو يؤدي بالضرورة إلى تعدد الأحزاب السياسية ويعطي لكل منها تركيباً داخلياً يأخذ شكل الكتلة الموحدة المتدرجة هرمياً والخاضعة لسلطة قادة الحزب وبالتالي فإن هذا النظام يؤدي إلى بروز ظاهرة خضوع النواب المنتخبين لقادة الحزب بطريقة تسلطية مبالغ فيها.
كما يؤدي التمثيل النسبي إلى انقسامات وإلى تعدد الأحزاب ويكون هذا التعدد بلا حدود في ظل التمثيل النسبي على مستوى الدولة، ولكنه يكون محدوداً في ظل نظام التمثيل النسبي على مستوى الدوائر.
بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى شلل الرأي العام وإعطاء صورة مهزوزة له، حيث أن هذا النظام يحول دون تكوين أغلبية وطنية، حيث أن الأحزاب في ظل هذا النظام تبالغ في تكبير حجم انقساماتها.
زد على ذلك فإنه يحول دون قيام أغلبية برلمانية مما يؤدي إلى قيام وزارات ائتلافية وبالتالي يؤدي النظام إلى عدم استقرار وإلى جمود في سياسة الحكومة.
نسبة الحسم :
ومن أجل تقليل عدد الأحزاب المشاركة في البرلمان لجأت العديد من البلدان لاعتماد نسبة حسم وهي تتفاوت من 67, % كما هو في هولندا و 1,5 % في إسرائيل وتصل إلى 10% في تركيا.
ولكن معظم البلدان تعتمد نسبة في معدل 3-5% وهي تعتبر معقولة من أجل التمثيل. وتهدف نسبة الحسم الى تقليل عدد الاحزاب المشاركة في البرلمان. فنجد أنه في بعض البدان يشارك في الانتخابات 30 – 40 حزباً سياسياً ولكن فقط 5-7 احزاب تمثل في البرلمان.
ثالثا: النظام المختلط
من أجل الاستفادة من مميزات نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبي وتقليل عيوب كلا النظامين، لجأت العديد من الدول إلى اعتماد" النظام المختلط" والمعمول به حاليا في العديد من البلدان والذي يعني انتخاب عـدد من المقاعد ( نصفها مثلا) على أساس الدوائر الفردية ( الأغلبية) والنصف الآخر على أساس التمثيل النسبي ، و الملاحظ على النظم المختلطة هو تعددها ، و سنركز هنا على نموذجين و هما :
- النظام المختلط البسيط : تقسم فيه الدولة إلى دوائر ، يجري بعضها إختيار النواب عن طريق التمثيل النسبي و البعض الآخر عن طريق تمثيل الأغلبية .
غير أن من عيوبه أنه كثيرا ما يؤدي إلى تحكم الحكومات في توزيع الدوائر كما أنه يمزق الدوائر الصغيرة.
- النظام الإلماني المختلط : تقسم فيه الدولة إلى دوائر كبيرة و أخرى صغيرة ، فيكون في الدوائر الكبير الإنتخاب عن طريق التمثيل النسبي و في الدوائر الصغيرة عن طريق تمثيل الأغلبية
وسمح بعض الأنظمة المختلطة للمرشح أن يشارك في الانتخابات الفردية للدوائر وكذلك أن يكون مسجلا في نظام التمثيل النسبي.
ونذكر بعض الدول التي اعتمدت النظام المختلط حيث سيكون الرقم الأول عدد أعضاء البرلمان، والثاني عدد المقاعد الفردية والثالث هو عدد المقاعد للتمثيل النسبي على التوالي:
ألبانيــا ( 140، 100، 40) ، أرمينيــــا ( 131، 75، 56)، إذربيجـان ( 125، 100، 25)، جورجيــــــا ( 235، 85، 150) ، مقـــــدونيا ( 120، 85، 35)، روســـــيا ( 450، 225، 225)، أوكرانيـــا ( 450، 225، 225)، ليتوانـــــــيا ( 141، 71، 70)، بوليفــــيا ( 130، 68، 62)، المكســــــيك ( 500، 300، 200)، السنغال ( 120، 65، 55)، اليابان (480، 300، 180) ايطاليا (630،475،115).
هذا وكانت بلغاريا قد اعتمدت النظام المختلط في عام 1990، وذلك لانتخابات البرلمان التأسيسي الذي اقر دستور بلغاريا في عام 1991، والعدد كان 400 عضو نصفهم 200 على أساس الدوائر الكبيرة للتمثيل النسبي، 200 مقعد على أســاس الدوائر الفرديــــة بنظام الأغلبية المطلقة أي ( 50% + 1)، وجرت انتخابات لجولة ثانية في العديد من الدوائر، ومنذ عام 1992 انتقلت بلغاريا إلى نظام التمثيل النسبي حيث تقسم البلاد إلى 31 دائرة مع نسبة حسم 4% وكانت نتيجة الانتخابات الأخيرة على النحو التالي:
الحزب الاشتراكي حصل على 17% من الأصوات وفاز ب 48 مقعدا، اتحاد القوى الديمقراطية 18% من الأصوات 51، وحركة سيمون الثاني حصلت على 42%وحصلت على 120 مقعدا، هذا بالإضافة إلى حركة حقوق الموطن ( حزب الأقلية التركية) حصلت على 6% من الأصوات وفازوا ب 21 مقعدا وبهذا نجد أن مجموع الأصوات التي تمثلت في البرلمان شكلت 85،5% في حين هناك 14،5% من الأصوات ذهبت للأحزاب التي لم تستطيع تجاوز نسبة الحسم.
وتعتمد هنغاريا على النظام المختلط حيث يقسم البرلمان،386 إلى 176 فردي، 152 نسبي في دائرة إقليمية، وهناك 58 مقعداً على أساس نسبي على الصعيد الوطني مع نسبة حسم لا تقل عن 5%.
أما في جورجيا فيشترط حصول المرشح للانتخابات الفردية على 33% على الأقل وان يشارك في الانتخابات أكثر من 50% +1 من الذين يحق لهم الاقتراع ونسبة الحسم 7% حيث قسم البرلمان إلى 85 فردي، 150 نسبي.
ضمانات الدولية لنزاهة الانتخابات
إن إرادة الشعب هي السبيل الشرعي الوحيد لإرساء نفوذ السلطات العامة في دولة القانون ، و هذه الإرادة لا يمكنها التعبير عن نفسها إلا من خلال انتخابات نزيهة تقوم بشكل دوري عبر اقتراع عام ومتساو وبتصويت سري أو وفقا لعملية معادلة تضمن حرية التصويت طبق لأحكام المادة 21/3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، و قد أكدت المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966 على أن حق المواطن :" أن ينتخب وينتخب في انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين".
وأشار الإعلان العالمي لمعايير انتخابات حرة ونزيهة الصادر عن اتحاد البرلمان الدولي في باريس 1994 إلى أن سلطة الحكم في أي دولة تستمد شرعيتها فقط من الشعب، كما يعبر عن ذلك في انتخابات حرة ونزيهة تعقد في فترات منتظمة على أساس التصويت السري العادل. ويحق لكل ناخب أن يمارس حقه في التصويت مع الآخرين وان يكون لصوته نفس الثقل لأصوات الآخرين، وان تضمن سرية الاقتراع.
وأكدت وثائق الأمم المتحدة على عمومية الاقتراع والتساوي في الاقتراع العام، أي أن يكون لكل مواطن الحق في التصويت في أي انتخاب وطني أو استفتاء عام يجري في بلده، ويكون لكل صوت من الأصوات نفس الوزن، وعندما يجري التصويت على أساس الدوائر الانتخابية تحدد الدوائر على أساس منصف بما يجعل النتائج تعكس بشكل أدق واشمل إرادة جميع الناخبين، ولضمان سرية الانتخاب يجب أن يكون بإمكان كل ناخب أن يصوت بطريقة لا سبيل فيها للكشف عن الطريقة التي صوت أو ينوي التصويت فيها، وان تجري الانتخابات خلال فترات زمنية معقولة.
ولتعزيز نزاهة الانتخابات لا بد من أن يكون كل ناخب حرا في التصويت للمرشح الذي يفضله أو لقائمة المرشحين التي يفضلها في أي انتخابات لمنصب عام، ولا يرغم على التصويت لمرشح معين أو لقائمة معينة، وان تشرف على الانتخابات سلطات تكفل استقلالها وتكفل نزاهتها وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطات القضائية، أو غير ذلك من الهيئات المستقلة النزيهة، ويجب على الدول أن تشكل آليات حيادية، غير منحازة أو آلية متوازنة لإدارة الانتخابات ومن أجل تعزيز نزاهة الانتخابات، كما يجب على الدول أن تتخذ الإجراءات الضرورية حتى تضمن أن الأحزاب والمرشحين يحصلون على فرص متساوية لعرض برامجهم الانتخابية، وأشارت المادة 3 من البروتوكول الأول للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن تتعهد كافة الأطراف السامية المتعاقدة على أن تجري انتخابات حرة وعادلة على فترات زمنية معقولة بالاقتراع السري، بشرط أن تضمن التعبير الحر عن إرادة الشعب في اختيارهم للسلطة التشريعية ( البرلمانية).
وهناك ضرورة أن يكون الانسجام الكامل في تشكيل كافة اللجان، ولا سيما لجان الدوائر، وكذلك لجان مراكز الاقتراع وضرورة أن تكون هذه اللجان من ذوي الخبرة والكفاءة والحيادية، وضرورة أن يعمل مكتب الانتخابات المركزي ومكاتب الإدارة الانتخابية كجهاز تنفيذي للجنة الانتخابات المركزية.
الخــــــاتمة
في الأخير نقول أن مزايا ماسبق ذكره حاولت الدولة الجزائرية الأخذ به فى القانون المنشىء لسلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات بموجب القانون العضوى 19-07،وهى تجريبة حديثة تستحق الإشادة بغض النظر عن النظام الإنتخابى الذى أخذت به ذلك أن لكل نظام مزاياه وعيوبه، ويوجد مجموعة من المعايير المتفق عليها يمكن الاعتماد عليها في تقييم أي نظام انتخابي لقياس الديمقراطية أهمها:
- قدرة النظام الانتخابي على توسيع حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات ، وضمان إجراءها في جو نزيه، وانتخاب برلمان يعكس إرادة الأغلبية، ويحترم حقوق الأقلية.
- تحديد هيئة الناخبين ومن يحق لهم التصويت.
- تحديد طرق الاقتراع وكيفية اختيار الفائزين.
لكن المهم في كل ذلك هو أنه بتحديد المبادئ المحورية والآليات التمثيلية الصحيحة التي تتبع في العمليات الإنتخابية ، يضمن الشعب عدم تفريغ الديمقراطية من مضامينها، و عليه فهي الركيزة الأساسية لعملية البناء الديمقراطي و تجسيد دولة القانون، ولكنها ليست كافية في حد ذاتها، إذ يتطلب إجراؤها ضمان العديد من الحريات الأساسية حيث أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن"الانتخابات بحد ذاتها لا تشكل الديمقراطية، فهي ليست غاية بل خطوة لا ريب في أنها هامة وكثيرا ما تكون أساسية على الطريق المؤدية إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على المجتمعات و نيل الحق في مشاركة المواطن في حكم البلاد على النحو المعلن في الصكوك والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وسيكون من المؤسف خلط الغاية بالوسيلة و تناسي الحقيقة القائلة بان معنى كلمة الديمقراطية يتجاوز مجرد الإدلاء دوريا بالأصوات ليشمل كل جوانب عملية مشاركة المواطنين في الحياة السياسية لبلدهم."
من أجل ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة لا بد من توفر المناخ الديمقراطي والحريات الأساسية للمواطنين سيما حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وتشكيل الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات المستقلة وسيادة القانون.
وقد أكدت الجمعية العام للأمم المتحدة في العام 1991 أن : " الانتخابات الدورية والنزيهة عنصر ضروري لا غنى عنه في الجهود المتواصلة المبذولة لحماية حقوق ومصالح المحكومين، وان التجربة العملية تثبت أن حق كل فرد في الاشتراك في حكم بلده عامل حاسم في تمتع الجميع فعليا بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان والحريات الأساسية الأخرى وتشمل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
كما أكدت كافة الوثائق والإعلانات والاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان على الكثير من المعايير الدولية التي تضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ونذكر منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومشروع المبادئ العامة بشأن الحرية وعدم التمييز في مسألة الحقوق السياسية، وقرار لجنة حقوق الإنسان حول زيادة فعالية الانتخابات الدورية النزيهة، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان …
واستنادا لهذه الوثائق فقد صنف مركز حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هذه الحقوق على النحو التالي:
أولا: احترام إرادة الشعب
ثانيا: تأمين الحرية
ثالثا: تأمين الحقوق الأساسية التالية:
أ - حرية الرأي والتعبير
ب - حرية التجمع السلمي
ج - حرية تكوين الجمعيات / الأحزاب
رابعـا: استقلالية السلطة القضائية
خامسا: مبدأ عدم التمييز
سادسا: الاقتراع السري
سابعا: الاقتراع العام المتساوي
ثامنا: الاقتراع الدوري
واحتراما لمبدأ حق تقرير المصير، فقد أكدت المادة المشتركة الأولى في العهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مكانتها السياسية ومركزها السياسي بحرية حيث جاء فيها : "لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي، وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي".
كما نصت كذلك و في نفس السياق كافة الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، على ضرورة ضمان الحرية وذلك بإجراء الانتخابات في مناخ حر و ديمقراطي، وفي أجواء خالية من الخوف، ولذا يُتطلب توفير الثقة لدى المواطنين وعدم تعرضهم للخوف أو التنكيل نتيجة اختياراتهم، حيث تستهدف الشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان إيجاد تربة خصبة وخلق مناخ مناسب لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، لأنه بدون ذلك تصبح الانتخابات مجرد مسألة شكلية وصورية.
إنتهى
- Teacher: mabrouk lachgar