الجمهورية الجزائريـة الديمقراطيــة الشعبيـــــة

وزارة التعليم العالي والبحـث العلمــــي

جامعـــــة غردايــــــــــة

كلية الحقـوق و العلـوم السياسيــــــة

قســـــم الحقـــــــوق

 

أعمال موجهة مقدمة لطلبــة السنــة الثانيــــة حقـــوق للسداسي الثاني فــي مقيــاس القانــــون المدنــــي

 

إعــــــداد الأستـــــــاذ:

بن عـــــودة مصطفــــــــــــــى

 

 

السنة الجامعيــــــة :2020/2021

 

مقـــــدمـــــــــــــــــــــــة

 

       القانون المدني هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المعاملات المدنية الخاصة للإنسان باعتباره فردا بالمجتمع سواءا ما تعلق بعلاقاته الأسرية أو ما تعلق بعلاقاته المهنية والطائفية ، ويعد القانون المدني الشريعة العامة لجميع القوانين الخاصة كالقانون التجاري ، القانون العمل ، قانون الأحوال الشخصية ، القانون العقاري ، القانون الدولي الخاص ... .

ويقتصر تنظيم القانون المدني في الدول العربية والإسلامية ومنها الجزائر على المعاملات المدنية ذات الطابع المالي دون الطابع الشخصي حيث تخصص لها فرعا مستقلا ينظم هذه العلاقات التي تستمد أصولها من الديانة الإسلامية ونقصد بها علاقات الخطبة الزواج الطلاق الوصية والمواريث .

    صدر القانون المدني الجزائري بموجب الأمر 75/59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 مقسما على أربعة كتب تضمن الكتاب الأول بتطبيق القوانين و آثارها كما بين أحكام الأشخاص الطبيعية والاعتبارية ، أما الكتاب الثاني فقد اهتم بأحكام الالتزامات و العقود ، في حين نظم الكتاب الثالث الحقوق العينية الأصلية ، أما الكتاب الرابع فخصص للحقوق العينية التبعية .

     عرف القانون المدني الجزائري عدة تعديلات في الآونة الأخيرة كان أبرزها القانون 88/14 المؤرخ في 20 جوان 1988 ، كذلك التعديل المتعلق بالقانون 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 الذي أضاف وعدل من بعض الأحكام المتعلقة بالالتزامات والعقود ، وكذلك القانون 07/05 بتاريخ 13 ماي 2007 الذي أضاف وعدل من بعض الأحكام المتعلقة بالإيجارات .

 

 

 

 

 

 

 

 

البحث الأول : فســـــــــخ العقـــــــــــــــــد

خطــــة البحـــــث :

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة

المبحـــــث الأول: مفهوم فســخ العقــــد

المطلب الأول: تعريف فسخ العقد

المطلب الثاني: شروط فسخ العقــــد

المطلب الثالث: آثار فسخ العقـــــــــد

المبحث الثاني: حالات فسخ العقـــــد

المطلب الأول:  الفسخ الرضائــــــــي

المطلب الثاني:  الفسخ القضائـــــي

المطلب الثالث:الفسخ بحكم القانون

المبحث الثالث: مفهوم الدفع بعدم التنفيذ

المطلب الأول: تعريف الدفع بعدم التنفيذ

المطلب الثاني: شروط المطالبـة بالدفع بعدم التنفيذ

المطلب الثالث: آثار الدفع بعدم التنفيذ

خاتمـــــــــــــــــة

 

مقدمــــــــــــــــة :

     سبق أن عرفنا بأن العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني ، ويجب على المتعاقدين تنفيذ الالتزامات المترتبة على العقد ، فإذا لم يقم احد العاقدين بتنفيذ التزامه جاز لطرف الآخر أن يطلب فسخ العقد ؛ أي حل الرابطة العقدية ليتخلص من الالتزامات التي فرضت عليه ، ويمكن أيضا لكل متعاقد أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم بــــه .

فكيف يتم فسخ العقد ، و ما شروطه ، وما هي الآثار الناتجة عن هذا الفسخ ؟

المبحث الأول: مفهوم فسخ العقــــد .

الفسخ نظام قانوني وهو يتمثل في الجزاء على عدم قيام احد العاقدين لما رتبه العقد من التزامات في ذمته ،

المطلب الأول: تعريف فسخ العقــــــد .

  هو انحلال الرابطة التعاقدية بأثر رجعي ولا يكون إلا في العقود الملزمة للجانبين أي تلك التي يلتزم فيها كل متعاقد تجاه المتعاقد الآخر على وجه التبادل بمقتضى الاتفاق المعقود بينهما .

    وفيما يتعلق بالفسخ نصت المادة 119 من القانون المدني على أنه " في العقود الملزمة الجانبين إذا لم يوف احد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقدين الآخر بعد اعذراه المدين أن يطالب تنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك " .

المطلب الثانـــــي: شــــروط فســــخ العقـــــد .

   ليتم فسخ العقد لا بد من توفر الشروط الأربعة الأساسية للفسخ : و هي أن يكون العقد ملزما للجانبين ، عدم قيام احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه ، وفاء طالب الفسخ بالتزامه ، و إعذار الطرف المطالب بالفسخ .

الفرع الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبين : لا يتصور الفسخ إلا في العقود الملزمة للجانبين فهو مبني على فكرة عادلة يراد بها أن يسمح للطرف الذي لم يحصل على حقه المقرر له بمقتضى العقد أن يتحلل هو مما التزم به في هذا العقد .

الفرع الثانـــــي : عدم قيام احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه : يشترط في طالب الفسخ أن يثبت بأن الطرف الآخر لم يوف بالتزامه سواء كان الوفاء كليا أو جزئيـــــا.

الفرع الثالــث : وفاء طالب الفسخ بالتزامــــه: أي يجب أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو مستعد لذلك وفي إمكانه إعادة الحالة إلى ما كان عليه إذا حكم بالفسخ

الفـرع الرابــــع : الإعــــــــــــــــذار : يجب إعذار الطرف الذي نطالبه بالفسخ عن طريق المحضر القضائي أو بأي وسيلة أخرى كافية لحصول هذا الإعذار، بأنهإذا لم يتم تنفيذ التزامه خلال أجل معين ، فيمكن للطرف المتعاقدمعه فسخ العقد مع تحميله هو الكافة الخسائر الناتجة عن ذلك والمصاريف ، وهو ما أكدت عنه المادة 119 بنصها على أنه "     " في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك ".

المطلب الثالـــــث: آثــــــــار فســــــخ العقــــــــــــــــــد .

     تنص المادة 122 ق م ج على أنه "إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض" فإذا فسخ العقد سواء بالاتفاق أو بحكم الفاصل أو الانفساخ بقوة القانون زال العقد بأثر رجعي يستند إلى يوم العقد، فيعتبر العقد كان لم يكن، ويعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها من قبل العقد ويزول العقد بأثر رجعي سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير .

 

المبحث الثانـــــــي: حـــالات فســـــخ العقــــــــــد .

   تنقسم حالات فسخ العقد إلى ثلاث حالات أو أنواع و هي الفسخ الإتفاقي أو بالتراضي ثم الفسخ القضائي الذي يكون يحكم القاضي ثم الفسخ بحكم القانـــــــــــون .

المطلب الأول : الفســــخ الإتفاقــــــــــي .

     تنص عليه المادة 120 ق م ج مدني على أنه " يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه بمجرد عدم تحقيق الشروط المتفق عليها وبدو ن حاجة إلى حكم قضائي ، وهذا الشرط لا يعفي من الإعذار الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين ".

       يتبين من نص المادة أنه يجوز للمتعاقدين الاتفاق على فسخ العقد سواء كان ذلك قبل البدأ في تنفيذ العقد ، أو أثناء التنفيذ متى كان لهما مصلحة في ذلك ، حيث لا يتصور أن يقدم المتعاقدان على فسخ العقد إلا إذا كانت لهما مصلحة في ذلك ، وهما اللذان يقدرانها ، وكذلك يجوز الاتفاق على فسخ العقد إذا لم يقم أحدهما بتنفيذ ما التزم به في مواجهة الطرف الآخر .

       لكن الاتفاق على الفسخ لا يعفي من اللجوء إلى القضاء ، وإنما يجب رفع دعوى من الدائن يطالب فيها فسخ العقد لعدم التنفيذ إنما يلاحظ في هذا المقام أن حكم القاضي لا يعتبر حكما منشئا وإنما مقررا للفسخ ، وذلك لأنه وقع بحكم الاتفاق قبل رفع الدعوى بمجرد عدم التنفيذ ، وما على القاضي إلا أن يكشف هذا الفسخ بحكم قضائي .

المطلب الثانــــــــــــي: الفســــخ بحكــــم القانـــــــــــون .

    تنص المادة 121 على الانفساخ بقولها "في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه ، انقضت الالتزامات المقابلة له و ينفسخ العقد بحكم القانون  ".

   فقد لا يرجع عدم تنفيذ الالتزام العقدي إلى المدين ، وإنما إلى سبب أجنبي عنه لا يد له فيه كقوة قاهرة ، ففي هذه الحالة يترتب على استحالة تنفيذ الالتزام انقضاء الالتزام المقابل له وبالتالي انفساخ العقد بحكم القانون وهذا النوع من لا يحتاج إلى إعذار من الدائن للمدين ، لأن الإعــــذار عبارة عن تكليف المدين بالوفاء وهذا لا يكون إلا في حالة إمكان تنفيذ الالتزام عينيا ، أما في حالة ما يستحيل تنفيذ الالتزام بسب أجنبي عن المدين فلا يكون أمام الدائن فرصة مطالبة المدين بالتنفيذ .

  كذلك لا يحتاج هذا النوع من الفسخ إلى حكم القاضي لأنه يقع بحكم القانون لكن إذا اقتضى الحال اللجوء للقضاء من أجل التحقق من توافر السبب الأجنبي فإن دور القاضي يقتصر على هذا فقط دون أن يتعدى ذلك من الكشف عن وجود السبب الأجنبي ، وبالتالي فإن حكم القاضي بالفسخ لا يكون إلا حكما مقررا وليس منشئا .

    لكن تثور في حالة الفسخ بحكم القانون مسألة تحمل التبعة عند استحالة تنفيذ الالتزام بقوة قاهرة ، لأنه من المعروف أنه في العقود الملزمة للجانبين أن المدين هو الذي يتحمل تبعة هلاك العين بقوة قاهرة وأساس ذلك فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة فإذا هلك الشيء المبيع في يد البائع فإنه يتحمل تبعة الهلاك باعتباره المدين بتسليم هذا الشيء إلى المشتري ، وبالتالي ينقضي التزام المشتري بدفع الثمن أما في العقود الملزمة لجانب واحد فإن الدائن هو الذي يتحمل تبعة الهلاك كما في عقد العارية أو الوديعة .

المطلب الثالـــث: الفســــخ القضائـــــي .

 نصت المادة 119 من ق م ج على أنه " في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك ، ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الالتزامات ".

كما تنص المادة 122 ق م ج على أنه " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض ".

   يعرف الفسخ القضائي بأنه ضرورة  اللجوء إلى القضاء المختص من طرف الدائن بالالتزام الذي لم ينفذ للمطالبة بحل العلاقة التعاقدية لكي يحق له بعد ذلك التحلل من التزاماته نحو المتعاقد الآخر الذي لم يقم بتنفيذ ما رتبه العقد من التزاماته على عاتقه .

المبحث الثالث: مفهـــوم الدفع بعدم التنفيــــذ .

   نبين في هذا المبحث المقصود بالدفع بعدم التنفيذ وما هو الفرق بينه وبين الفسخ ، ثم بعد ذلك نحدد شروط المطالبة بالدفع بعدم التنفيــــــــــذ .

المطلب الأول: تعريف الدفع بعدم التنفيــــذ .

        تقضي المادة 123 ق م ج بأنه " في العقود الملزمة للجانبين إذا الالتزام المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذه ما التزم به ".

     فالدفع بعدم التنفيذ هو حق كل متعاقد في العقد الملزم للجانبين في أن يمتنع عن تنفيذ التزامه ، إذا لم يقم المتعاقد الآخر في نفس العقد تنفيذ ما عليه من التزام ، وهو بذلك يمهد إما إلى عدم تنفيذ الالتزام وإما إلى الفسخ ومن ثم يتصل بالجزاء الذي يترتب على القوة الملزمة للعقد .

 

المطلب الثانـــــــي: شروط المطالبـــة بالدفع بعدم التنفيــــــذ .

يتضح من نص المادة 123 ق م ج أنه ينبغي أن تتوافر ثلاث شروط لإمكانية التمسك بالدفع بعدم التنفيذ هي :

الفرع الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبيـــــــن :

     يتحدد نطاق الدفع بعدم التنفيذ وفقا لأساسه القانوني بالعقد الملزم للجانبين أي الالتزامات المتقابلة الناشئة عن العقود الملزمة للجانبين ، أما خارج هذا النطاق، تكون بصدد حق حبس لا الدفع بعدم التنفيذ ، فيجوز لكل منهما أن يحبس ما اخذ حتى يرد الآخر ما تسلمه منه .

الفرع الثانــي :أن تكون الالتزامات المقابلة مستحقــــــة الأداء :

    يشترط عند تمسك المتعاقد بالدفع بعدم التنفيذ أن تكون الالتزامات المتقابلة التي يتحملها كل متعاقد مستحقة الأداء وواجبة التنفيذ ، ويجوز هذه الحالة لكل متعاقد أن يدفع بعدم التنفيذ ما لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه ، وقد يقتضي حل هذا النزاع الرجوع إلى القاضي .

    وليس للمتعاقد أن يدفع بعدم التنفيذ إذا كان التزامه قد حل أجله في حين أن الالتزام المقابل الذي يتحمله المتعاقد الآخر لم يحل أجله بعد ، كأن يكون المتعاقدان قد اتفقا على أن تنفيذ الالتزامات لا يتم في وقت واحد ، كما هو الحال بالنسبة للثمن المؤجل في البيع ، وقد تقتضي طبيعة العقد كذلك أن يكون تنفيذ الالتزامات المتقابلة الواحدة تلو الأخرى ، ومثل ذلك العقود الزمنية التي تتضمن أداءات دورية ، وقد يستخلص ذلك من العرف .... الخ .

   لا يجوز كذلك الدفع بعدم التنفيذ إذا كان الالتزام مقترنا بأجل واقف طبقا للمادة 212 ق م ج ، أو سقط الالتزام بالتقادم فأصبح التزاما طبيعيا غير قابل للتنفيذ الجبري .

الفــــرع الثالـــث :  إخلال المتعاقـــــد بالتزامـــــــــه .

    سبق القول أن الغرض من الدفع بعدم التنفيذ هو تأجيل تنفيذ الالتزام الذي يتحمله المتعاقد الذي يتمسك بهذا الدفع إلى حين تنفيذ الالتزام المقابل، وهذا يفيد حتما امتناع المتعاقد الآخر عن تنفيذ التزامه ولا تشترط المادة 123 مدني أن يكون عدم التنفيذ كليا أو جزئيا ومن ثم يمكن الدفع بعدم التنفيذ ولو أخل المتعاقد الآخر هو المتسبب في امتناع المتعاقد عن تنفيذ التزامه، أو كان قد امتنع هو الأول عن تنفيذ التزامه، أو أن ما تأخر من تنفيذ التزامات المتعاقد الآخر يعد ضئيلا .

المطلب الثالــــث: أثـــــــر الدفــــع بعدم التنفيــــــــــــــــذ .

     يترتب على استعمال الحق في الدفع بعدم التنفيذ إما أن يقوم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه فيترك التمسك بهذا الدفع ، ويوم هو الحر بتنفيذ التزامه اختيارا أو يجبر على ذلك جبرا إذا لم يعد هناك مبرر لاستمراره في تمسكه بعدم التنفيذ بعد أن قام الطرف الآخر بتنفيذ التزامـــــــه .

·       آثار الدفع بعدم التنفيذ فيما بين المتعاقديــــــن :

-       إذا دفع المتعاقد بعدم التنفيذ فلا يستطيع المتعاقد الآخر إجباره على التنفيذ وفي نفس الوقت لا ينقضي هذا الالتزام ولا ينحل العقد .

·       آثار الدفع بعدم التنفيذ بالنسبة للغيـــــــر :

-         إذا كان هذا الغير قد اكتسب حقا بعد ثبوت الحق في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ ، فلا تسري آثار الدفع بعدم التنفيذ في مواجهة هذا الغير إذا كان هذا الأخير قد اكتسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ .

 

 

 

خاتمـــــــــة:

ختاما نرى أن انحلال العقد يكون موجودا منتجا لآثاره بين طرفيه ولكنه بعد الوجود يزول وينعدم بسبب إرادي سمي الفسخ أو غير إرادي سمي الانفساخ والمبدأ العام في نتائج انحلال العقد سواء بالفسخ أو الانفساخ أنه يوجب إعادة المتعاقدين إلى سابق وضعهما قبل التعاقد وهذا المبدأ لا يسري على جميع العقود بصورة منتظمة لوجود عقود لا يمكن فيها إعادة المتعاقدين إلى سابق وضعهما قبل العقــــــــد.

 

 

 

 

البحث الثانــــــي : المسؤوليـــــة العقــــــــــــــديـــــــة

خطــــة البحـــــث :

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة

المبحـــــث الأول: مفهوم المسؤولية العقديـة

المطلب الأول: تعريف المسؤولية العقديـة

المطلب الثانــي: شـــروط المسؤولية العقديـة

 

المبحث الثانــــــــي: أركان المسؤولية العقديـة

المطلب الأول:  الخطأ العقدي

المطلب الثانـي:  الضرر في المسؤولية العقدية

المطلب الثالـــث: علاقة السببية بين الخطـأ والضرر

 

خاتمـــــــــــــــــة


 

مقدمــــــــــــــــة :

      تتنوع المسؤولية بتنوع القاعدة التي تحكم السلوك الاجتماعي ، ففي المسؤولية العقدية إذا كان المرأ مخالفا لقواعد الخلقية فحسب تقتصر على وجوب استهجان المجتمع لذلك السلوك المخالف لقواعد الأخلاق . أما إذا كان القانون أيضا يوجب المؤاخذة عمى ذلك السلوك ، فإن المسؤولية المرتكبة لن تقف عند حد المسؤولية الأدبية ، بل تكون فوق ذلك مسؤولية قانونية تستتبع جزاء قانوني ، فالمسؤولية القانونية تكون عندما يخل الشخص بقاعدة من قواعد القانون ، و من المعلوم أن دائرة الأخلاق أوسع من دائرة القانون ، لأنها تشمل سلوك الإنسان نحو خالقه و نحو نفسه و نحو غيره ، و لأنها تأمر بالخير في ذاته و تنظر إلى نوايا الإنسان فتقرره على ما يتجاوب منها نحو الخير و تؤاخذه على ما يحيد منها عن هذا السبيل ، إلا أن جزاءها الوحيد لا يتعدى تأنيب الضمير و استنكار الجماعة ، أما دائرة القانون فتقتصر عن سلوك الإنسان نحو غيره ، و في هذه الدائرة الضيقة يكتفي القانون بتنظيم نشاط الإنسان الخارجي، و التي يتم بالنوايا الباطنية ما دامت لم تتخذ لها مظهرا خارجيا. كما يشترك كل من القانون و الأخلاق في أنهما يضعان قواعد و ضوابط لسلوك الناس، و أن هذه القواعد أو الضوابط هي خطابات موجهة إلى الناس تتضمن أوامر أو نواهي. و انطلاقا من هذا نطرح الإشكالية التالية : فيما تتمتل المسوؤليــــــة العقدية وما هي أركانها و ما آثارها  ؟

 

المبحث الأول : مفهوم المسؤولية العقديــــــة .

تقتضي القوة الملزمة للعقد وفقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين: قيام أطرافه بتنفيذ ما يقع على عاتقهم من التزامات فإن عدل أي من الطرفين على تنفيذ التزاماته أو تأخر في تنفيذها كان بالإمكان إجباره على ذلك عن طريق تحريك المسؤولية العقدية، فما هو تعريف المسؤولية العقدية و ما هو نطاق تطبيق هذه الأخيرة؟ سنجيب على هاتين الإشكاليتين في هذا المبحث المقسم إلى مطلبين.

المطلب الأول: تعريف المسؤولية العقدية: المسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد أو عدم تنفيذه فالقوة الملزمة للعقد تقضي بأن يقوم كل طرف بتنفيذ التزامه العقدي ، فإذا لم يقم المتعاقد بتنفيذ التزامه عينا و طالبه الدائن بذلك أجبر المدين على تنفيذه ، فالأصل هو التنفيذ العيني للالتزام ، أما إذا لم يكن التنفيذ العيني للالتزام العقدي ممكنا فلا يكون أمام القاضي إلا الحكم بالتعويض ، ألن المدين مسؤول عن الأضرار التي يسبيها لمدائن نتيجة عدم الوفاء بالالتزامات الناتجة عن العقد . و عمى ذلك فقيام المسؤولية العقدية يفترض أن هناك عقد صحيح واجب التنفيذ لم يقم المدين بتنفيذه أي ارتكب الخطأ العقدي و سبب ضررا لمدائن فيلتزم إذن بالتعويض. لكن لما كان العقد يرجع في مصدره إلى إرادة طرفيه ، فإن هذه الإرادة المشتركة تملك أيضا سلطة التعديل من أحكام المسؤولية التي تترتب عمى الإخلال بهذا العقد هي كل ما يتحمله مسؤول تناط بعهدته أعمال تكون تبعة نجاحها أو إخفاقها عليه فهي ناجمة عن لفظ عقد و هو الاتفاق المبرم بين طرفين فهي ناجمة عن لفظ عقد و هو الاتفاق المبرم بين طرفين مسؤولا عن الأضرار التي يسببها للدائن نتيجة عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد، كما يتعين بقاء المتعاقدين في دائرة القوة الملزمة للعقد ما بقي التنفيذ العيني بالالتزام الناشئ عنه ممكنا، بحيث لا يكون لأيهما المطالبة بالجزاء الذي فرضه القانون لهذه القوة الملزمة بأعمال المسؤولية العقدية إلا إذا استحال تنفيذ هذا الالتزام نهائيا و بصفة مطلقة، كون أن العقد هو شريعة المتعاقدين حسب المادة 106 من القانون المدني الجزائري،فلا يجوز للدائن أن يعدل عن التنفيذ العيني متى كان ممكنا إلى إقتضاء التعويض، كما لا يجوز للمدين أن يمتنع عن التنفيذ العيني ليعرض تعويض عنه، كون أن المسؤولية العقدية في حقيقتها هي جزاء إخلال أحد المتعاقدين بإلتزام الناشئ عن العقد الذي أبرمه و لا صلة لها بالتنفيذ العيني للالتزام .

المطلب الثاني: شروط المسؤولية العقدية.نطاق المسؤولية العقدية نعني به المجال الذي تقوم فيه المسؤولية العقدية، أو بطريقة أخرى نعني به شروط المسؤولية العقدية كما يسمها البعض، و هناك من الفقهاء من أدرج نطاق المسؤولية في شرطين أساسيين ألا و هما: وجود عقد صحيح، و الإخلال بالتزام عقدي، غير أن هناك من الفقهاء من أضاف شرط ثالث ألا و هو : قيام المسؤولية العقدية في إطار عقدي أمثال الدكتور علي فيلالي وجود عقد صحيح لا يمكن الإدعاء بالمسؤولية العقدية إلا بوجود عقد بين الأطراف و أن يكون هذا العقد صحيحا، أما إذا لم ينعقد العقد بعد كأن يتضرر أحد الأطراف في مرحلة المفاوضات مثلا فلا مجال لقيام المسؤولية العقدية، و لا تطبق كذلك المسؤولية العقدية إذا كان العقد منعدمًا أصلا بين المسؤول و المضرور، كأن يقدّم أحدهما خدمة للثاني من باب الإحسان أو المجاملة، مثل ما هو الأمر في النقل المجاني لا يمكن وضع قاعدة جامدة في كل حالات هذا النقل، و إنما نستطيع تقديم معيار هو البحث عن نية الطرفين فإذا اتضح من الظروف و الملابسات أن نية الطرفين انصرفت إلى خلق التزامات بينهما فلا شك أننا نكون هنا أمام عقد نقل و أن المسؤولية الناجمة عن الإخلال بهذا الالتزام هي مسؤولية عقدية، و إلا كانت المسؤولية تقصيرية مثل: أن يدعو صديق صديقه للنزهة بسيارة فلا عقد بينهما لأننا نكون أمام عقد مجاملة لا علاقة قانونية، أما إذا دعا شخص آخر لنقله إلى مكان معين مجانا و كان يعلم أن وصوله في ميعاد معين تترتب عليه نتائج خطيرة، فإننا نكون أمام علاقة تعاقدية .

لا يترتب عن العدول عنها أية مسؤولية عقدية، بل يمكن أن تترتب مسؤولية تقصيرية في حالة الضرر الحاد الزواج.كذلك فيما يخص الحفلات و المسابقات: فإذا ما اجتمع الناس اجتماعا منظما غير عقدي كحفلات الزواج، أو عروض السرك، أو مشاهدة مبرآت كرة القدم و أصيب أحد المتفرجين بضرر الرأي الراجح أنه إذا كان حضور للحفلة مجانا كحفلات الزواج…فإننا لسنا أمام عقد و إنما أمام مجاملة، و بتالي فلا مجال للمسؤولية العقدية إذا ما أصيب أحد بضرر في هذه الحالة بل المسؤولية هي تقصيرية ، أما إذا كان حضور الحفلة أو المباراة بمقابل ككرة القدم… فهنا نكون أمام عقد و مسؤولية منظم الحفل أو المباراة هي مسؤولية عقدية و لا مجال للمسؤولية العقدية أيضا إذا كان العقد باطلا أو قابل للإبطال و تقرر إبطاله، و ليس أمام المضرور إلا المسؤولية التقصيرية، كما تستبعد المسؤولية العقدية في حالة الضرر الذي يصيب الأطراف بعد انقضاء الرابطة العقدية بسبب فسخها أو لأي سبب آخر، إلا أن هناك حالات يبقى فيها حتى بعد انتهاء العقد ملزما الأخـر بسلوك معين، إذ يـظـل العامل ملزما بالحفاظ على أسرار العمل الصناعية و التجارية حتى بعد انتهاء عقد العمل، و يظل الطبيب ملزما بعدم إفشاء أسرار مريضه…إلخ في هذه الحالات و شابهها تكون المسؤولية عقدية إذا كان العقد ينص على هذا الالتزام حتى بعد انتهاء العقد و تكون تقصيرية إذا كان القانون هو المصدر المباشر لهذا الالتزام    (كما هو الحال بالنسبة للطبيب والمحامي إخلال بالتزام عقدي.يجب أن يكون الضرر الذي أصاب المضرور ناتجا مباشرة عن إخلال المسؤول بالتزاماته العقدية، و نذكر في هذا الشأن أن هذه الالتزامات هي من وضع و تحديد المتعاقدين، غير أنّه بمقتضى الفقرة 02 من المادة 107 من القانون المدني الجزائري  لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة، بحسب طبيعة الالتزام. فللمضرور إذن أن يدفع بالمسؤولية العقدية عند الإخلال بالالتزامات التي تضمنها العقد صراحة و كذلك التي تدخل في دائرة التعاقد لكونها من مستلزمات العقد في ضوء الأحكام القانونية و العرفية و كذا العدالة و طبيعة المعاملة مثلا: مسؤولية رب العمل عن ضمان سلامة العامل مسؤولية عقدية كون قوانين العمل تنص على هذا الضمان .كذلك عقد التعليم فإلى جانب تعليم التلميذ تلتزم المدرسة بضمان سلامته خاصة إذا كان التلميذ داخلي، و مسؤوليتها في ذلك هي مسؤولية عقدية قيام المسؤولية في إطار عقدي.بالإضافة إلى الشرطين السابقين يضيف الدكتور علي فيلالي شرطًا آخر ألا و هو قيام المسؤولية في إطار العلاقة العقدية و معنى ذلك أن يكون المتعاقد المدين أو الغير إذا كان تابعا له هو المتسبب في عدم تنفيذ الالتزام هو الذي أخل بالالتزامات التي تحملها بموجب العقد من جهة، و أن يكون المتضرر هو المتعاقد معه أي الدائن من جهة ثانية و يستند هذا الشرط إلى مبدأ نسبية آثار العقد، و مفادها أن آثار العقد تقتصر على طرفيه، فلا تكسب الغير حقا و لا تحمله واجبا و يجوز للمستفيد من الاشتراط لمصلحة الغير سواء أكان صريحا أو ضمنيا أن يطالب المتعهد بمسؤولية عقدية إذا أمتنع أو تأخر عن تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها ، كما يستطيع المستفيد من الدعوى المباشرة أن يدفع هو كذلك بالمسؤولية العقدية، مثلا: يتضمن عقد نقل الأشخاص اشترطا ضمنيا لفائدة بعض أقارب المسافر مما يمكنهم من المطالبة بالمسؤولية العقدية.و إذا تخلف شرط من الشروط الثلاث ، فلا مجال لتطبيق المسؤولية العقدية بل تكون العبرة بالمسؤولية التقصيرية و بعبارة أخرى تعتبر المسؤولية التقصيرية بمثابة الشريعة العامة التي يعتد بها ما لم تتوفر شروط المسؤولية الاستثنائية .

 

المبحث الثاني : أركان المسؤولية العقديـــــــة .

 

المطلب الأول : الخطأ العقدي . إن القانون المدني الجزائري يجبر المتعاقد على تنفيذ التزامه التعاقدية و من نصوص قانونية التي تقيد هذا المعنى متعددة و كثيرة منها المادة 106: (العقد شريعة المتعاقدين)، و المادة 107( يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه و بحسن النية ) ، و المادة 164 و التي تجبر المدين بعد إعذاره على حسب المادتين 180 و 181 على تنفيذ التزاماته عينيا متى كان ذلك ممكنا ، و على ذلك إن لم يقم المدين بتنفيذ التزاماته العقدي، فإن الركن الأول يكون قد توفر إلا و هو الخطأ العقدي الذي سنبحث عن مفهومه في هذا المطلب .

تحديد مقصود الخطأ العقدي يتمثل الخطأ العقدي في عدم تنفيذ المدين لالتزاماته سواء كان ذلك عن عمد أو عن إهمال أو بغير ذلك، كما يتمثل عدم التنفيذ أيضا في عدم التنفيذ الجزئي أو التنفيذ المتأخر، أو لامتناع عما يوجبه القانون أو كان بتنفيذ غير مطابق لما تم الاتفاق عليه، و يتحقق الخطأ أيضا إذا كان سبب عدم التنفيذ راجع إلى غش المدين، أما إذا كان عدم التنفيذ راجع إلى أسباب خارجية لا يد للمدين فيها كالقوة القاهرة أو السبب الأجنبي فإنه لا يكون مسؤولا حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري  إذا استحال على المدين أن ينفذ التزامه عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين عن تنفيذ التزامه .
كما يتضح من نص هذه المادة أن المسؤولية العقدية تقتصر على الحالات التي يستحيل فيها تنفيذ التزام عينا، و ذلك لأن الالتزام بدفع مبلغ من نقود يكون دائما ممكنا تنفيذه عينا فلا مجال فيه للمسؤولية العقدية، لأنه متى كان التنفيذ العيني ممكن فلا مجال للتعويض عن عدم التنفيذ .  

الخطأ العقدي في القانون المقارن : لقد استند الفقيهان “دوما” و “بوتييه” و غيرهما من شراح القانون الفرنسي على القانون الروماني، بحيث اعتمدوا على نظرية تدرّج الخطأ و التي تقسم الخطأ بحسب درجة خطورته إلى: خطأ جسيم: لا يرتكبه حتى أكثر الناس إهمالاً، و الخطأ اليسير: لا يرتكبه شخص متوسط العناية، و خطأ تافه: و هو الذي لا يرتكبه الشخص الحريص .
فكان المدين لا يسأل إلا عن خطئه الجسيم إذا كان العقد في مصلحة الدائن وحده مثل عقد الوديعة أو الوكالة بدون أجر، و كان يسأل عن خطئه اليسير إذا كان في مصلح الطرفين مثل الإيجار، و يسأل عن خطأه التافه إذا كان العقد في مصلحته (المدين) وحده مثل عقد العارية ، غير أن هذه النظرية لم تجد تأييدا في الفقه و التشريع في فرنسا لأنها قامت على التفسير الخاطئ لنصوص وردت في قانون جوستنيان مما أدى إلى هجرها في القانون الفرنسي حسب المادة 1147التي قررت أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو تأخره فيه هو خطأ عقدي .
   و يلاحظ أن الفقه الإسلامي قرر مبدأ الالتزام بالعقود و الوفاء بما جاء فيها من التزامات و شروط و هذا لقوله تعالى:  (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )) فأقر الفقهاء بأنه يجب على المدين قدر المستطاع أن يفي بالتزاماته عينا لأن التنفيذ هو الأصل و أن التنفيذ البدل “التعويض” لا يصح شرعا إلا عند تعذر الأصل، أما عند استحالة التنفيذ بسبب فعل المدين أو خطئه وجب عليه الضمان .

الخطأ العقدي في القانون المدني الجزائري : نصت المادة 176 من القانون المدني الجزائري على القاعدة العامة للعقود التي تجعل المدين مسؤولا بمجرد عدم الوفاء ما لم يثبت أن سببا أجنبيا هو الذي حال بينه و بين الوفاء، و بتالي فإن هذه المادة هي التي تحكم الخطأ العقدي في الجزائري .
أما المادة 172 من القانون المدني الجزائري فهي تختص بتحديد مدى الالتزام ببذل عناية في الوفاء بالالتزام، فالخطأ العقدي كما سبق و أن أشرنا هو السبب فيما أصاب الدائن من ضرر، و يبقى المدين مسؤولا لنص المادة 172/2 عن غشه و سوء نيته أو إهماله أو خطاه الجسيم، لقد ذهبت المحكمة العليا في قراراتها أن مجرد الإخلال بالتزامات العقد أو التقصير في تنفيذها هو خطأ عقدي، كما أن مجرد عدم الوفاء بالتزام في ميعاد المحدد يعتبر في ذاته خطأ تعاقديا، و كذلك عدم تنفيذ الالتزامات على الوجه المتفق عليه في العقد، كما أن مسؤولية الناقل تبقى قائمة عن الخسائر أو الأضرار التي تلحق البضاعة منذ تكفله بها حتى تسليمها إلى المرسل إليه و على ذلك فإن الخطأ العقدي هو انحراف إيجابي أو سلبي في سلوك المدين يؤدي إلى مؤاخذته و معيار الانحـراف هنا هو معيار الرجل العادي و هذا المعيار يستفاد من نص المادة 172 من القانون المدني الجزائري، و هذه الفكرة مجردة يرجع في تحديدها إلى الرجل العادي في طائفة الناس التي ينتمي إليها المدين في نفس الظروف و الملابسات الخطأ العقدي في مسؤولية المتعاقد عن فعله الشخصي .

يميز القانون المدني الجزائري في هذا الموضوع بين ثلاث أنواع من الالتزامات و هي :

  الالتزام بتحقيق غاية أو نتيجة: كالالتزام بنقل الملكية أو الالتزام بإقامة بناء فيكفي عدم تحقق الغاية لوقوع الخطأ العقدي من جانب المدين، أما إذا أراد المدين دفع المسؤولية العقدية عنه أن يقدم الدليل على وجود سبب أجنبي أدى إلى عدم التنفيذ حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري الالتزام ببذل عناية: إن المدين لا يقوم بتحقيق الهدف النهائي الذي يسعى إليه الدائن، بل يكون مضمون أدائه للالتزام وسيلة للوصول إلى الهدف النهائي، و مثال ذلك أن لا يلتزم الطبيب بشفاء المريض بل يلتزم ببذل عناية، و يكون العلاج وسيلة لتحقيق هدف المريض و هو الشفاء ففي هذا النوع من الالتزام يجب على المدين أن يبذل مقدار معينا من العناية التي يبذلها الشخص العادي، و قد تزيد أو تقل هذه العناية طبقا لما يقرر، القانون أو الاتفاق و يكون المدين قد نفذ التزامه التعاقدي إذا بذل العناية المطلوبة منه حتى لو لم يتحقق الهدف أو الغاية من الالتزام ، كما أن مسؤولية الطبيب لا تقوم قانونا إلا إذا أثبت المريض أن الضرر الذي أصابه كان نتيجة إهمال أو تقصير في العلاج، كما أن القانون الجزائري يفرض هذه العناية على المستأجر المادة ( م 495 من ق م ج ) و المودع لديه ( م 592/2 ) و المستعير ( المادة 544 ) فلا يكفي من الدائن هنا إثبات عدم تنفيذ الالتزام بل عليه إثبات الخطأ المتمثل في أن المدين لم يبذل في تنفيذ التزامه العناية المطلوبة و على المدين إذا أراد نفي مسؤوليته إقامة دليل على وجود سبب أجنبي وفقا للمادة للمادة 172/1 من القانون المدني الجزائري : ( في الالتزامات بعمل، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء ، أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، و لو لم يتحقق الغرض المقصود و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم ) .

الالتزام بالسلامة: كما هو الشأن في ناقل المسافرين، و جراح الأسنان و عيادة الأمراض النفسية ، سائق التاكسي…إلخ ، و قد طبقت المحكمة العليا ذلك في مسؤولية ناقل المسافرين حيث اعتبرت الناقل ملتزما بنتيجة هي توصيل الراكب سالما إلى الجهة المتفق على نقله إليها، بان يضمن سلامة المسافر، و لا يجوز إعفاء من هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أن هذا الضرر سببه القوة القاهرة أو خطأ المسافر، و أنه لم يكن يتوقعه، و لم يكن في استطاعته تفاديه الخطأ العقدي في المسؤولية عن فعل الغير و عن الأشياء .

يتحقق الخطأ العقدي كما ذكرنا بمجرد عدم وفاء المدين بالتزامات و لا يؤثر في تحققه أن يكون عدم الوفاء راجع إلى فعل شخص آخر غير المدين سواء كان هذا الشخص تابعا له أم كان بديلا عنه أو نائبا عنه أو مساعدا في تنفيذ العقد، فإذا كان عدم الوفاء بالتزام راجع إلى فعل أحد أتباع المدين أو إلى فعل شخص آخر أحله المدين محله في تنفيذ الالتزام كالمقاول أو المستأجر من الباطن، أو كان يرجع إلى فعل نائب عن المدين كالوصي أو القيم أو الوكيل، أو إلى فعل شخص يساعد المدين و يعاونه في تنفيذ عقد بناء على طلبه، ففي كل هذه الأحوال تتحقق مسؤولية المدين عن فعل الغير، و لا يعد فعل هذا الغير من قبيل السبب الأجنبي بالنسبة للمدين إلاّ إذا كان الغير أجنبيا عن المدين حسب المادة 178فقرة 2  .

     و إذا تحققت مسؤولية المدين العقدية عن فعل الغير قبل دائنه كان له أن يرجع بدوره على الغير إما بالمسؤولية العقدية إذا كلفه بتنفيذ العقد، و إما بالمسؤولية التقصيرية إذا كان الغير قد أما أساس تحمل المدين مسؤولية غيره فراجع إلى: مصدرها هو القانون و إن كان ثلاث أراء أخرى تردها إلى فكرة النيابة و فكرة الضمان و سوء اختيار المدين للغير .

المسؤولية العقدية عن الأشياء: إذا لم يقم المدين بتنفيذ العقد كان هذا الخطأ عقديا كما سبق و أن قلنا، فإذا كان عدم تنفيذ العقد راجع لا إلى فعله الشخصي بل إلى فعل شيء، أي إلى تدخل إيجابي من شيء أفلت من حراسته كان المدين مسؤولا مسؤولية عقدية، لكن لا عن فعله الشخصي بل عن فعل تسليم المدين الشيء محل العقد للدائن: كأن يسلم البائع الآلة المبيعة للمشتري فتنفجر الآلة في يد المشتري فتصيبه بضرر في نفسه أو في ماله، فيصبح البائع مسؤولا بمقتضى التزامه العقدي من ضمان العيوب الخفية و ليس عن سوء استعمال المشتري لها، و لم ينشأ هذا الضمان عن حالة سلبية للآلة المبيعة كوجود عيب فيها، بل عن حالة إيجابية هي انفجار الآلة فيكون البائع مسؤولا مسؤولية عقدية لا عن فعله الشخصي بل عن فعل شيء .
 
يكون المدين مسؤولا عن رد شيء محل العقد للدائن: كالمستأجر يلتزم برد العين المؤجرة فيتدخل شيء آخر في حراسة المستأجر كمواد متفجرة يتسبب عنه حريق العين المؤجرة، فيكون المستأجر مسؤولا مسؤولية عقدية عن فعل الشيء و هي المواد المتفجرة .
      يقوم المدين بتنفيذ العقد عن طريق استعماله شيئا فيؤذي هذا الشيء الدائن: و يكون المدين مسؤولا عن سلامة الدائن بمقتضى العقد مثل ذلك: عقد النقل ينفذه أمين النقل و لم ترد في القانون المدني الجزائري قواعد خاصة بمسؤولية المدين العقدية عن فعل شيء في حراسته، و لما كان وجود الشيء في حراسة المدين، يجعل فعله منسوبا إليه فإن فعل الشيء في هذه الحالة يعتبر فعلا شخصيا للمدين، فيكون المدين مسؤولا عن فعل الشيء الذي في حراسته، و لكن أفلت زمامه من يده، أما إذا وجد نص خاص في شأن المسؤولية عن فعل الشيء فيتعين الأخذ به كما هو الشأن فيما يتعلق بالمادة 483 من القانون المدني المعدلة وفقا لقانون 07 -05  المؤرخ في 13 ماي 2007 التي تقرر ضمان المؤجر للمستأجر العين المؤجرة بما يوجد فيها تحول دون الانتفاع بها ، و كذا المادة 379 من القانون المدني تجعل البائع ملزما بضمان العيوب الخفية في الشيء المبيع و لو لم يكن عالما به و هي مسؤولية عقدية إثبات الخطأ العقدي .

سبق القول أن الخطأ العقدي هو عدم تنفيذ الالتزام أو التأخر فيه، يتحمل الدائن الذي يطالب التعويض عن الضرر الذي لحقه جراء خطأ المدين عبء إثبات عدم تنفيذ هذا المدين لالتزامه أو التأخر فيه، فإذا كان الالتزام بتحقيق نتيجة فعلى الدائن إثبات عدم تحقق هذه النتيجة التي استهدفها، أما إذا كان الالتزام ببذل عناية فعلى الدائن إثبات عدم بذل العناية، و إثبات عدم التنفيذ في الحالة الأولى أيسر منه في الحالة الثانية
إن مسؤولية ناقل المسافرين وفقا للمادة 62 من القانون التجاري تلقى على عاتقه التزام بضمان سلامة المسافر و هو التزام بتحقيق غاية أو نتيجة .

المطلب الثانـــي: الضــــــــرر في المسؤوليــــــة العقديــــــــــة .

الضرر هو الركن الثاني للمسؤولية العقدية ، ذلك أن وقوع الخطأ لا يكفي وحده لقيامها و إنما يجب أن يترتب على هذا الخطأ ضرر يصيب الدائن حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري . تحديد المقصود بالضرر .

الضرر هو الأذى الذي يلحق شخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة ذات قيمة مالية أو أدبية، والضرر روح المسؤولية المدنية وعلتها التي تدور معها وجودا وعدما فلا مسؤولية مدنية دون ضرر مهما بلغت درجة جسامة الخطأ، والتعويض عن الضرر وفقا للمادة 176 ق م ج يكون عن عدم تنفيذ الالتزام وقد يكون عن التأخر في تنفيذه أنواع الضرر و شروطه .

أنــــواع الضــــرر: الضرر المادي : هو الذي يصيب الدائن في ماله أو جسمه، أي ذلك الأذى الذي يلحق به خسارة أو يفوّت عليه كسبا، والضرر المادي هو الذي يمكن تقويمه بنقود.ومثال ذلك الضرر الذي يصيب المؤجر من جراء التلف الذي أحدثه المستأجر في العين المؤجرة، أو الضرر الذي يلحق المسافر من إصابته في حادث أثناء الطريق مما يسبب له عجزا كليا أو جزيئيا في قدرته على العمل يشترط في الضرر أدبيا أو معنويا الشروط التالية:  

أن يكون الضرر مباشرا و متوقعا: أي أنه يكون نتيجة طبيعية لعدم تنفيذ الالتزام أو التأخر فيه ، و هو يعتبر كذلك إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقا ببذل جهد معقول حسب المادة 182/1 من القانون المدني الجزائري، و لا يقصد بالضرر المتوقع ذلك الضرر الذي توقعه المدين فعلا وقت إبرام العقد، بل الضرر الذي يتوقعه وقت تعاقد الرجل العادي، و يرجع في ذلك إلى تقديره إلى معيار مجرد و ليس معيار ذاتي و مثال ذلك: ضياع حقيبة من الحقائب المشحونة عن طريق السكك الحديدية فالشركة هنا لا تسأل إلاّ عن القيمة المعقولة للحقيبة العادية أي “الضرر المتوقع” و لو كان داخل الحقيبة مجوهرات ثمينة هذا في حالة إذا لم يكشف و من هنا فإن المدين في الالتزامات العقدية، لا يسأل في القاعدة العامة إلا عن الضرر المباشر المتوقع عادة وقت العقد، تأسيسا على الإرادة المشتركة للمتعاقدين التي لم تقصد الالتزام إلا بما أمكنها توقعه وقت التعاقد و مع ذلك إذا كان إخلاله بالتزامه يرجـع إلى غشه أو خطئه الجسيم، يكون مسؤولا عن جميع الضرر المباشر المتوقع منه و غير المتوقع حسب المادة 182/2 من القانون المدني الجزائري .

أن يكون الضرر محققـــــا : سواء كان حالا أو مستقبلا أما إذا كان الضرر المستقبلي محتمل الوقوع فلا محل لطلب التعويض عنه في الحال بل يجب الانتظار حتى يتحقق، و يعتبر الضرر محققا ما فات الدائن من كسب و ما لحقته من خسارة .إثبات الضرر.إذا كان الدائن يطالب بالتنفيذ العيني، فإنه لا يطالب بالإثبات لأن عدم التنفيذ يؤدي إلى ثبوت الضرر حتما، أما إذا كان الدائن يطالب بالتنفيذ بمقابل التعويض فعليه في هذه الحالة أن يقيم الدليل على الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو من تأخيره في القيام بتنفيذ عمدي التعويض عن الضرر.

القاعدة العامة في التعويض هي أن الضرر المباشر المتوقع هو الذي يعوض عنه المسؤولية العقدية، فالضرر غير مباشر لا يعوض عنه مطلقا سواء في المسؤولية العقدية أو المسؤولية التقصيرية ، فالتعويض في المسؤوليتين يكون عن الضرر المباشر فقط، و سنرى ذلك عندما نتكلم عن المسؤولية التقصيرية ، أما في المسؤولية العقدية فالتعويض يكون عن الضرر المتوقع فقط إلا في حالة الغش والخطأ الجسيم كما سبق وأن أشرنا، مثال الضرر المتوقع: أن شركة الطيران في نقلها لحقيبة مسافر تتوقع بأن بها ملابس وحاجيات شخصية، فإذا ضاعت الحقيبة واتضح أنه كان بها مجوهرات أو مبالغ نقدية، فإن الشركة لا تكون مسؤولة عن كل قيمة ما كان بالحقيبة ، إذ أن معيار الضرر المتوقع هو معيار موضوعي لا ذاتي، فيعتد بالضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثــــل الظروف التي وجد بها المدين، والشخص المعتاد يتوقع ضياع الحقيبة، ولكن لا يتوقع أن يكون بها مجوهرات بل ملابس وحاجيات شخصية، وبالتالي يكون المدين قد توقع الضرر لا في سببه فقط بل وفي مقداره أيضا والأصل أنه في الضرر الحال يكون التعويض، أما إذا لم يقع الضرر أصلا فلا مجال للتعويض مثل: تأخر الراكب في الوصول قد لا ينجم عنه ضرر فلا يرجع الراكب بالتعويض على أمين النقل .

أما ضرر المستقبل : فهنا إذا كان الضرر محقق الوقوع في المستقبل مثل: مصنع يتعاقد على استزاد خامات يدخرها للمستقبل من الأيام، فيخل المورد بالتزامه نحوه، فالضرر هنا لا يلحق المصنع في الحال إذ عنده الخامات الكافية، ولكن يلحق به ضررا مستقبلا عندما ينفذ ما عنده ويصبح بحاجة إلى الجديد الذي تعاقد على استيراده، ولما كان هذا الضرر محقق الوقوع في المستقبل نستطيع تقدير التعويض عنه في الحال، فإن المصنع أن يرجع فورا بالتعويض على المورد، أما إذا كان الضرر المستقبل المحقق الوقوع لا نستطيع تقدير التعويض عنه في الحال ، إذ يتوقف مدى الضرر على عامل مجهول لم يعرف  مثل الراكب الذي يصيب بحادث في أثناء النقل ولا تعرف مدى إصابته إلا بعد وقت قصير، فإذا رجع على أمين النقل بالتعويض وجب التربص حتى يعرف مدى الضرر ليتقاضى عنه تعويضا كافيا.

المطلب الثالث : العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر : و سنتطرق في هذا المطلب تحديد مقصود العلاقة السببية في الفرع الأول، إثبات العلاقة السببية في الفرع الثاني ثم نفي العلاقة السببية  . تحديد مقصود العلاقة السببية: هذه علاقة السببية هي الركن الثالث في المسؤولية المدنية عموما فلا يكفي أن يقع خطأ من المدين، و أن يلحق ضرر بالدائن حتى تقوم المسؤولية العقدية بل لابد أن يكون هذا الخطأ هو السبب في هذا الضرر و هذا هو معنى العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر ، فالعلاقة السببية هي تلك الصلة التي تربط الضرر بالخطأ فتجعل الضرر نتيجة للخطأ، فإذا انعدمت هذه الرابطة انتقت المسؤولية لانعدام ركن من أركانها و من الأمثلة على ذلك أن يهمل المحامي في رفع الاستئناف حتى ينتهي ميعاده ، ثم يتبين أن الدعوى غير قابلة للاستئناف ففي هذه الحالة لا مسؤولية على المحامي و العلاقة السببية هنا هي مفترضة افتراض بسيطا قابلا الإثبات العكس إثبات العلاقة السببية يقع على الدائن عبء إثبات العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام (أو الخطأ العقدي)، و الضرر الذي لحقه، أما العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام و سلوك المدين، فهي مفترضة في نظر المشرع الذي يفترض أن الخطأ راجع إلى الضرر، و على المدين إذا كان يدعي عكس ذلك أن يقوم بنفي السببية بين عدم التنفيذ و سلوكه و في هذا المعنى تقرر المادة 176 من القانون المدني : <<إذا استحال المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذه التزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه >>فالمادة 176 لا تتعلق في الحقيقة إلا بركن الخطأ، و تفترض أن استحالة التنفيذ رجع إلى سلوك المدين و لا شأن لها على الإطلاق بعلاقة سببية بين الخطأ و الضرر الذي يظل إثباتها خاضعا لمبادئ العامة لا يستطيع المدين أن يدفع المسؤولية عنه إلا بقطع العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام و سلوكه، و ذلك بإثبات السبب الأجنبي و يقصد به كل أمر غير منسوب إلى المدين أذى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن و السبب الأجنبي الذي جعل التنفيذ مستحيلا قد يكون قوة قاهرة أو حادث مفاجئا أو يكون فعل الدائن أو يكون فعل الغير .

 

خاتمـــــة :

     يتمثل الخطأ في المسؤولية العقدية في الإخلال بالتزام عقدي أو التأخر في تنفيذه ، و يترتب عنه ضرر بالدائن فهناك علاقة سابقة بين الطرفين ، بالإضافة إلى أن قيام المسؤولية العقدية يستلزم شرط آخر و المتمثل في وجود عقد صحيح، إذ أنو إذا كان العقد منعدما أو باطل فلا مجال لقيام هذه المسؤولية أصال رغم ارتكاب الخطأ و ترتب عنه ضررا بالدائن  .

 

 

 

 

 

 

 

البحـــث الثالـــــــــث : الإثــــــــراء بلا سبـــــب

 

خطــــة البحـــــث :

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة

المبحـــــث الأول : أركان الإثراء بلا سبب

المطلب الأول: إثراء المديــــــن

المطلب الثاني: افتقار الدائــــــــن

المطلب الثالث: انعدام السبب القانوني لإثراء المدين

المبحــــث الثانـــــــي: أحكام الإثراء بلا سبب

المطلب الأول:  دعوى الإثـــــراء

المطلب الثاني:  التعويض عن الإثــــراء

خاتمـــــــــــــــــة

 

 

 

 

 

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :

نصت المادة 141 من القانون المدني الجزائري على أنه  " كل من نال عن حسن نية من عمل الغير أو من شيء له منفعة ليس لها ما يبررها ، يلزم بتعويض من وقع الإثراء على حسابه بقدر ما استفاد من العمل أو الشيء "

المبحـــــث الأول : أركان الإثراء بلا سبب .

 من خلال قراءة المادة 141 من ق م ج يتضح أن للإثراء بلا سبب ثلاثة أركان أولها هو إثراء المدين ، الثاني هو افتقار الدائن ، أما الركن الثالث فهو انعدام السبب القانوني لإثراء المدين .

المطلب الأول: إثــــــــراء المديــــــن .

   إن مصدر التزام المدين هو الإثراء الذي حققه على حساب الشخص الآخر دون أن يكون له سبب قانوني يستند إليه ، ومن ثمة فإن إثراء المدين يعتبر ركنا من أركان الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الإلتزام ويترتب على عدم وجوده تخلف قيام الإلتزام في ذمة المدين ، والإثراء عبارة عن منفعة مادية أو أدبية لها قيمة مالية يحصل عليها المثرى أي المدين .

والإثراء قد يكون إيجابيا وذلك بإضافة قيمة مالية عن طريق اكتساب المدين حقا عينيا أو حقا شخصيا ؛ كأن يحصل شخص على مياه أو على نور بواسطة أنابيب خفية .

أو كأن يقوم الراسي عليه المزاد بتحسينات في العين التي رسا مزادها عليه ثم تنزع من يده وكذلك كأن يقوم المستأجر ببعض التحسينات في العين المؤجرة قبل فسخ عقد إيجاره .

والإثراء الإيجابي قد يتحقق لا عن طريق إضافة قيمة مالية لذمة  المدين وإنما عن طريق تحقيق منفعة ، كما لو انتفع شخص بدار دون عقد إيجار أو إذا انتفع أحد الأشخاص بتصميم هندسي صممه أحد المهندسين .

ولكن يجوز أن يكون الإثراء سلبيا وذلك عن طريق إنقاص من ديون المدين كأن يقوم مستأجر بترميم الدار التي يسكنها على الرغم من أن هذا الترميم واجب على المؤجر .

وفي الأصل يجب أن الإثراء ماديا ولكن يجوز أن يكون الإثراء معنويا مادام يمكن تقديره بالمال ؛ كما لو علم أحد المدرسين تلميذا بصفة خاصة أو عالج طبيبا مريضا .

والإثراء يجب أن يكون مباشرا وذلك بانتقال هذا وذلك بانتقال هذا الإثراء من ذمة المفتقر إلى ذمة المثرى ويتم ذلك إما بفعل المفتقر كما لو قام المستأجر بالترميمات الواجبة على المؤجر وإما بفعل المثرى كما لو انتفع شخص بمنزل دون عقد إيجار .

ولكن يجوز أن يكون الإثراء غير مباشر ويتم ذلك نتيجة تدخل شخص أجنبي بنقل الإثراء من ذمة المفتقر إلى ذمة المثرى كأن يبني مقاولا منزلا بأدوات مملوكة لشخص آخر .

المطلب الثانـــــــي: افتقار الدائــــــــن .

يعتبر الركن الثاني للإثراء بلا سبب باعتباره سبب اغتناء وإثراء المدين ، وهذا يعني أنه لكي يتحقق الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الالتزام يجب أن تكون هناك علاقة بين إثراء المدين وافتقار الدائن ، وهذه العلاقة تسمى علاقة السببية ، فلو أن شخصا حصل على إثراء لم يقابله افتقار في جانب شخص آخر يؤدي ذلك إلى انعدام الإثراء بلا سبب وبالتالي انعدام الالتزام في ذمة المثرى المدين .

المطلب الثالث: انعدام السبب القانوني لإثراء المدين

يعتبر انعدام السبب لإثراء المدين الركن الثالث لإثراء المدين ، فلو كان الإثراء يستند إلى سبب قانوني فإن للشخص المثرى الحق في الاحتفاظ بثرائه وهذا هو ما عبرت عنه المادة 141 ق م ج بعبارة ليس لها ما يبررها .

    وسبب افتقار المدين قد يكون تصرفا قانونيا أو حكم القانون ؛ فإذا كان بين المثرى والمفتقر عقد من العقود كأن يكون يشترط المؤجر على المستأجر تملك التحسينات التي يقوم بها المستأجر عند نهاية عقد الإيجار ، و أو إذا أمن شخص عن منزله من الحريق ثم احترق هذا المنزل فليس لشركة التأمين أن تعود على صاحب المنزل بالفرق بين قيمة الدار قبل انهياره بفعل الحريق وبعد إقامته لأن إثراء صاحب الدار سببه عقد التأمين ولم يثر بدون سبب .

وقد يكون سبب الإثراء حكم القانون كأن يحصل عن تعويض عن ضرر أصابه من جراء العمل غير المشروع الذي قام به أحد الأشخاص في حقه فإن الشخص الأخير لا يجوز مطالبته برد العين بعد اكتمال مدة التقادم على أساس أن ملكية المالك الجديدة سببها حكم القانون .

المبحــــث الثانـــــــي: أحكـــام الإثــــراء بلا سبــــــب

تقضي المادة 141 ق م جعلى أن المثرى يلتزم بتعويض المفتقر ، وهذا التعويض في الغالب يحصل عليه المفتقر عن طريق الدعوى ، ومنه فإن الحديث عن أحكام الإثراء بلا سبب يقتضي التطرق إلى دعوى الإثراء ثم عن التعويض .

المطلب الأول:  دعوى الإثـــــراء : يعتبر المشرع الجزائري دعوى الإثراء بلا سبب دعوى أصلية وليست احتياطية ، ونذكر هنا بالركن الثالث من أركان الإثراء بلا سبب وهو إنعدام السبب القانوني للإثراء ، وإذا ما انعدم هذا السبب فلا يكون أمام المفتقر أي الدائن إلا المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه من افتقار ولا يكون ذلك إلا عن طريق الدعوى .

والمدعي في دعوى الإثراء هو الوحيد الذي يجوز له المطالبة  بحقه في التعويض عن ما أصابه من افتقار ، ويجوز أن يقوم مقامه الخلف العام والخلف الخاص عن طريق حوالة الحق ، ولا تشترط الأهلية بالمدعي فيمكن أن يكون شخصا غير مميزا أو سفيه عن طريق النيابة .

أما المدعى عليه فهو الشخص الذي حقق إثراءا على حساب المفتقر بدون سبب قانوني وهو المسؤول عن دفع التعويض ويجوز أن يقوم مقامه الخلف العام والخلف الخاص ، كما لا يشترط فيه هو الآخر الأهلية لأنها لا تقوم على أساس الخطأ وإنما على أساس واقعة الإثراء .وفي حالة تعدد المدعى عليهم فإن المفتقر يجوز له الرجوع عليهم كلهم في حدود نصيب كل واحد في التعويض وليس على أساس التضامن ، والسبب في ذلك أن التضامن لا يفترض و إنما يكون بناءا على نص القانون .

تتقادم دعوى الإثراء بمرور عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض وإذا لم يعلم بذلك فإن الدعوى تسقط بمضي خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق وهو ما قررته المادة 142 ق م ج .

 

المطلب الثاني:  التعويض عن الإثــــراء : ينشأ حق المفتقر بالتعويض عن واقعة الإثراء التي ترتب عليها الافتقار ، وهذا الحق ينشأ من وقت تحقق الإثراء ، وبالتالي فإن حكم القاضي بالتعويض ليس حكما منشئا وإنما حكما مقررا للحق .

أما بالنسبة لقيمة التعويض الذي يستحقه المفتقر فهو أنه يتوجب بأقل القيمتين قيمة الافتقار وقيمة الإثراء ، وهذا معناه أنه لا يجوز أن يزيد التعويض عن قيمة الخسارة التي لحقت بالمفتقر حتى ولو كان الإثراء الذي حققه المدين أكثر بكثير من الخسارة التي لحقت المفتقر  لأننا لو قلنا بعكس ذلك فهذا يعني بأن المفتقر سوف يثرى على حساب الشخص المثرى .

ويجوز أن يكون الإثراء سلبيا كما لو دفع أحد الأشخاص دينا عن شخص آخر أو أتلف أغراضا له في سبيل إطفاء حريق منزل لجاره فإن الإثراء ههنا يقدر بقيمة النقص الذي حصل في ديون المثرى، وتقدر قيمته وقت حصوله لا وقت رفع الدعوى أو صدور الحكم .

 

 

 

 

 

 

 

البحـــث الرابــــــــع : الدفع غير المستحق وأعمال الفضالــــة

 

خطــــة البحـــــث :

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة

المبحـــــث الأول : أركـــــان الدفع غير المستحق

المطلب الأول: أن يكون هناك وفاء

المطلب الثاني: إنعدام سبب الوفاء

المطلب الثالث: ألا يكون الوفاء قد وقع من شخص يعلم بأنه غير ملزم بهذا الوفاء .

المبحــــث الثانـــــــي: أحكام الدفع غير المستحق

المطلب الأول:  المقدار الواجب رده للموفي

المطلب الثاني:  سقوط دعوى استرداد غير المستحق 

المبحـــــث الثالـــث : أعمال الفضالـــــــــــــــــــة

المطلب الأول: شروط قيام عمل الفضالــــــــة

المطلب الثاني: أحكام عمل الفضالــــــــــــــــة

المطلب الثالث: تقادم دعوى الفضالـــــــة

 

 

 

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :

      قلنا بأن الإثراء بلا سبب مصدر من مصادر الإلتزام ، وقد نص القانون المدني الجزائري على تطبيقات كثيرة في نصوص قانونية مختلفة أهمها دفع غير المستحق وعمل الفضالة حيث اعتنى المشرع بتنظيمها ضمن الفصل الرابع الذي سماه بشبه العقود وهو ما قسمناه إلى مبحثين نخصص الأول للدفع غير المستحق أما الفصل الثاني فنخصصه لأعمال الفضالـــــة .

المبحـــــث الأول : أركـــــان الدفع غير المستحــــق .

تنص المادة 143 ق م ج على أن كل من تسلم سبيل الوفاء ماليس مستحقا له وجب عليه رده غير أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم بأنه غير ملزم بما دفعه ، إلا أن يكون ناقص الأهلية أو أن يكون قد أكره على هذا الوفاء .

     كما تنص المادة 144 على أنه يصبح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه .

يتبين لنا من هذين النصين بأن أركان الدفع غير المستحق تتمثل في ثلاثة هي أن يكون هناك وفاء ، انعدام سبب هذا الوفاء ، و ألا يكون الوفاء قد وقع من شخص يعلم بأنه غير ملزم بالوفاء .

المطلب الأول: أن يكون هناك وفــــــــاء .

نقصد بالوفاء كل عمل من أعمال الوفاء يصدق عليه وصف التصرف القانوني وهذا هو المعنى الذي قصدته المادة 143 ، فالوفاء طبقا للمادة المذكورة قد يكون عاديا وذلك بدفع مبلغ من النقود بطريقة مباشرة ، وقد يكون عملا يعادل الوفاء كالإقرار الجديد بالدين أو بالمقاصة أو أن يكون وفاء بمقابل .

 

 

 

المطلب الثانـــــي: إنعــــدام سبب الوفــــــاء .

إن تخلف سبب الوفاء هو الذي يجعل الوفاء دفعا غير مستحق في ذمة الموفي وهو ما تعبر عنه المادة 144 ق م ج التي نصت على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه .

من خلال قراءة نص المادة 144 ق م ج يتضح أن انعدام سبب الوفاء قد يرجع إما لغدم تحقق السبب أو إلى زوال السبب بعد تحققه .

الفرع الأول : عدم تحقق السبب : يقع الوفاء دون أن يتحقق سببه بإحدى الصور الثلاث أولها هو عدم وجود الدين أصلا كأن يعتقد وارث بأن دينا متعلقا بالتركة لأحد الأشخاص ، ثم يتضح بعد ذلك دفعه وأنه لا وجود لهذا الدين أصلا ، أو كأن يدفع شخص تعويضا عن ضرر يعتقد بأنه هو المسؤول عنه ثم يتبين بأنه ليس هو المسؤول عن ذلك ، الصورة الثانية إذا كان الدين على أمل استحقاقه ولكنه لم يستحق بعد وهذه الحالة تتعلق بالديون المحتمل وجودها والتي على أمل استحقاقها ولكنها لم تستحق بعد ، أما الصورة الثالثة فهي إذا كان الدين قد استحق ولكنه انقضى قبل الوفاء به كأن يوفي الوارث بدين يعتقد بأن مورثه مات مدينا به ثم يعثر بعد ذلك على مخالصة تثبت بأن المورث قد قام بالوفاء قبل موته أو أنه انقضى بالمقاصة أو الإبراء .

الفرع الثاني : زوال السبب بعد تحققه : و تتمثل الصورة هذه في أن الدين الذي حصل الوفاء به كان مستحقا وقت الوفاء ، لكنه أصبح غير مستحق بعد الوفاء ، وأبرز مثال لهذه الصورة هي الدين المعلق على شرط فاسخ كأن يشتري شخص شيئا معلقا على شرط فاسخ ويدفع الثمن ثم يتحقق الشرط الفاسخ ففي هذه الحالة يزول سبب التزام المشتري بدفع الثمن أي يزول سبب الوفاء وكذلك في حالة إبطال العقد فيزول سبب دفع الثمن .

المطلب الثالث: ألا يكون الوفاء قد وقع من شخص يعلم بأنه غير ملزم بهذا الوفاء .

وهو الشرط الذي نصت عنه المادة 143 ق م ج بقولها غير أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم بأنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون ناقص الأهلية أو يكون قد أكره على هذا الوفاء .

  وهذا الشرط يقوم على أساس أن الموفي لا يعلم بأمه غير ملزم بالوفاء للموفي ، أما إذا ثبت العكس فلا يجوز للموفي أن يسترد ما أوفاه على أساس افتراض قانوني يقوم لصالح الموفى له مضمون هذا الافتراض أن الوفاء له سبب قانوني ، لكن هذا الافتراض ليس افتراضا قاطعا بمعنى أنه يجوز إثبات عكسه ؛ وذلك بأن يثبت الموفي أنه كان وقت الوفاء ناقص الأهلية أو كان مكرها على هذا الوفاء .

 

المبحــــث الثانـــــــي: أحكام الدفع غير المستحق .

إذا توافرت الشروط الثلاثة كان للموفي أن يسترد ما دفعه لأنه دفع غير مستحق ، ونسمي الدعوى التي يرفعها الموفي في هذه الحالة دعوى استرداد غير المستحق ، لكن نتساءل ماهو المقدار الذي يجب رده للموفي ومتى تسقط دعوى استرداد غير المستحق .

المطلب الأول : المقدار الواجب رده للموفي الدائن : يختلف المقدار الواجب رده للموفي حسب ما إذا كان الموفى له وقت الوفاء حسن النية أو سيء النية فلا ، فإذا من تسلم غير المستحق حسن النية فلا يلزم بأن يرد إلا ما تسلم ، أما إذا كان سيء النية فإنه يلتزم أيضا برد الأرباح التي جناها أو التي قصر في جنيها من الشيء الذي تسلمه بغير حق وذلك من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية ، وبرد الثمرات من يوم رفع الدعوى .

 وفي حالة هلاك الشيء في يد الموفى له سيء النية أو تلفه فإنه يكون مسؤولا عن هذا الهلاك أو هذا التلف ولو كان ذلك ناتجا عن حادث مفاجئ ، ولا يستطيع الموفى له التخلص من مسؤوليته إلا إذا أثبت بأن الشيء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيا في يد الموفي .

وإذا خرج الشيء من يد الموفى له إلى شخص آخر يكون للموفي أن يرجع على الموفى له بدعوى استرداد غير المستحق وعلى الغير بدعوى الاستحقاق .

  وإذا كان الموفى له ناقص أهلية فإنه لا يكون ملزما إلا بالقدر الذي أثري به أي بالقدر الذي حقق منه فائدة كأن يدفعه أجرة لسكن أو يدفعه طعاما أو يسدد به دينا له ، أما إذا أنفقه في لهو أو قمار وما شابه فإنه لا يلتزم برده .

المطلب الثاني : سقوط دعوى استرداد غير المستحق : تسقط دعوى استرداد غير المستحق لسببين هما تجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو من التأمينات أو تركه دعواه تسقط بالتقادم ، أما السبب الثاني فهو تقادم الدعوى .

الفرع الأول : تجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو من التأمينات أو تركه دعواه تسقط بالتقادم : وهو ما نصت عنه المادة 146 ق م ج وفي هذه الحالة يلتزم بتعويض الغير الذي قام بهذا الوفاء كأن يهمل المحافظة على سند الدين أو يتجرد من التأمينات التي تضمن هذا الدين ، أو يترك دعواه تجاه المدين تسقط بالتقادم وسبب سقوط حق الموفي بالرجوع على الموفى له بدعوى استرداد غير المستحق هو تجرد الدائن من سلاحه ضد المدين وهو حسن النية وبالتالي لا ينسب للدائن تقصير أما الموفي فقد دفع عن غلط فهو مقصر .

  ولكن هذا لا يعني أن سقوط دعوى الاسترداد في هذه الحالة تعني الموفي لا يستطيع الرجوع مطلقا بالدين الذي دفعه وإنما هذا مقتصر على الموفى له فقط أما بالنسبة للمدين الحقيقي والذي أوفى عنه فيستطيع الرجوع عنه بدعوى الإثراء بلا سبب .

الفرع الثانـــي : تقادم الدعوى : وهو ما أكدت عنه المادة 149 ق م ج بما مفاده بأن أن دعوى استرداد غير المستحق تسقط بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد ، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال الأخرى بانقضاء خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.

المبحـــــث الثالــــــــث : أعمـــال الفضالـــــــــــــــــة .

يمكن أن نعرف عمل الفضالة وفقا لما نصت عنه المادة 150 قانون مدني جزائري بأنها الحالة التي يتولى فيها أحد الأشخاص عن قصد القيام بشأن ضروري لحساب شخص آخر دون أن يكون ملزما بالقيام بهذا العمل .

   والأمثلة عن أعمال الفضالة متعددة مثالها قيام أحد الأشخاص ببناء جدار جاره يوشك أن يسقط ، أو كأن يسعف إبن جاره من إصابة بليغــــــة .

   والفضالة تتضمن في الحقيقة تدخلا في شؤون الغير لكنها في نفس الوقت لا تجعل الشخص متطفلا بل متفضلا ، لأن قصد الفضولي أساسا هو تحقيق منفعة الغير وهذا شرط أساسي لقيام عمل الفضالة .

    تتشابه الفضالة مع الوكالة على أساس أن كلا منهما مصدر للنيابة ولكن مع ذلك تختلف الفضالة عن الوكالة ، في أن الأولى تختلف عن الثانية من حيث حرية الاختيار ذلك أن الوكيل يختار موكله ويكلفه بالعمل الذي يريد القيام به ، في حين لا نجد ذلك في الفضالـــــة .

   تختلف الفضالة عن الإثراء بلا سبب في أن الفضولي عندما يفتقر فإنه يفعل ذلك طوعا منه بقصد خدمة رب العمل ، بينما في الإثراء بلا سبب فالمفتقر يقوم بالعمل دون أن يقوم دون أن يطلب منه قصدا لتحقيق منفعة الغير ، ويترتب عن ذلك أن المفتقر لا يستطيع أن يحصل يتجاوز الإثراء بينما يلتزم رب العمل حتى ولو لم تتحقق النتيجة التي قصد تحقيقها بعمله بتنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها و النفقات الضرورية النافعـــــــة .

المطلب الأول: شروط قيام عمل الفضالــــــــة .

   يقوم عمل الفضالة بتوافر ثلاثة شروط هي :

-       قيام الفضولي بشأن عاجل لرب العمل .

-       قصد الفضولي في أن يعمل لرب العمل .

-       أن لا يكون الفضولي ملتزما بالقيام بالعمل الذي قام به .

الفرع الأول : قيام الفضولي بشأن عاجل لرب العمل : وهو ما يمثل الركن المادي للفضالة وهذا العمل قد يكون تصرفا قانونيا وقد يكون عملا ماديا وسواءا كان هذا العمل الذي قام به الفضولي تصرفا قانونيا أو عملا ماديا فيجب أن يكون عملا عاجلا .

فيكون عمل الفضولي عملا ماديا إذا قام الفضولي بعمل مادي لحساب رب العمل ، لكن هذا العمل قد يكون عملا ماديا بالنسبة لرب العمل فقط دون الفضولي الذي يعتبر بالنسبة له تصرفا قانونيا في هذه الحالة .

  وقد يكون عمل الفضولي ماديا في ذاته كأن يطفئ حريقا اشتعل في منزل رب العمل أو يجني محصولا لرب العمل يخشى تلفه إذا لم يجن عاجلا .

  وقد يكون عمل الفضولي تصرفا قانونيا في الحالة التي يتجاوز الوكيل حدود وكالته سواءا أكان عالما بذلك أم لا فإن الوكيل يعد فضوليا فيما تجاوز حدود وكالته ، وإذا استمرار الوكيل في عمله الموكل به بعد انتهاء الوكالة بعلمه أو بغير علمه فإنه يعتبر فضوليا فيما يخص هذا التجاوز بعد انتهاء عقد الوكالة .

وأيا كانت طبيعة هذا العمل الفضولي فإن ما يشترط فيه هو أن يكون من الشؤون العاجلة لرب العمل لا تحتمل التأخر بأن تكون ضرورية أي مستعجلة .

الفرع الثانـــــي : قصد الفضولي في أن يعمل لرب العمل : وهذا ما يميز الفضالة عن الإثراء بلا سبب بحيث يجب لقيام عمل الفضالة أن تتجه إرادة الفضولي بالعمل لمصلحة رب العمل ، أما إذا اتجهت إرادته لمصلحته الشخصية وهو يقوم في نفس الوقت بالعمل لمصلحة غيره كالمستأجر الذي يقوم بتحسينات في العين المؤجرة فإنه في الوقت الذي يعمل لمصلحة المؤجر  يحقق لنفسه انتفاعا أحسن من العين المؤجرة .

 

الفــرع الثالــــــث : أن لا يكون الفضولي ملتزما بالقيام بالعمل الذي قام به : وهذا الشرط هو الذي عبرت عنه المادة 150 ق م ج بقولها بأنه دون أن يكون ملزما بذلك ، ومن ثمة فإن الشخص الذي يكون ملزما بالقيام بالعمل لمصلحة غيره لأي سبب كان لا يمكن اعتباره فضوليا ، وفي العادة لا يكون صاحب العمل على علم بقيام الفضولي بعمل لحسابه ، أما إذا حصل علم له بذلك فإنه يعتبر ههنا وكيلا في هذا العمل وتسري عنه قواعد الوكالة طبقا لنص المادة 152 ق م ج .

المطلــــب الثانــــي: أحكام عمل الفضالـــــــة .

نناقش في هذه الأحكام التزامات كل من الفضولي ، والتزامات رب العمل تجاه كل منهما تجاه الآخر ، وأثر موت أحدهما في التزامات الفضالـــــة .

الفرع الأول : التزامات الفضولي تجاه رب العمل : إن من أهم التزامات الفضولي تجاه رب العمل هو استمراره في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل القيام به ، وهذا الالتزام يقع على ذمة الفضولي مادام رب العمل ليس قادر على إتمامه ، أما إذا أصبح رب العمل قادر على تكملته فإن التزام الفضولي هذا الالتزام يسقط ، أما إذا كان العمل الذي قام به الفضولي يعرضه لخطر جسيم جاز له أن يتخلى عن العمل ، أما الالتزام الثاني فهو إخطار رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك وهو ما نصت عنه المادة 153 ق م ج كي يتيسر على رب العمل مباشرة عمله بنفسه لأن مباشرة رب العمل لشؤونه ليست واجبة عنه فقط وإنما يعتبر حقا من حقوقه وليس على الفضولي مع ذلك أن يبذل جهدا غير معتاد في إخطار رب العمل ،و عليه أن ينتهز أول فرصة لذلك حسب ما تسمح به الظروف ، أما الالتزام الثالث فهو أنه يجب على الفضولي أن يبذل عناية الرجل العادي تجاه رب العمل وإلا كان مسؤولا  عن الخطأ الذي قد يرتكبه ،وهذا الخطأهو ليس خطئا عقديا ولا خطئا تقصيريا حسب الفقهاء ، وفي حالة ما إذا قام بالعمل أكثر من شخص بالقيام بعمل واحد لحساب شخص آخر اعتبر كل واحد منهم فضوليا ويسألون في مواجهة رب العمل مسؤولية تضامنية بما قررته المادة 154 بما مفاده وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسؤولية .

الفرع الثاني : التزامات رب العمل تجاه الفضولي : أهم التزامات رب العمل تجاه الفضولي هو تنفيذ التعهدات التي ابرمها الفضولي نيابة عن رب العمل وهو ما أكدته المادة 157 بما مفاده أن يعتبر كنائب عنه وأن ما قام به الفضولي يلتزم به رب العمل فإذا قام بأي تصرف قانوني فإن جميع الآثار المترتبة عنه تعود لرب العمل ويصبح الدائن بالحقوق والمدين بالالتزامات ، الالتزام الثاني هو تعويض التعهدات التي عقدها باسمه الشخصي لمصلحة رب العمل وهو في هذه الحالة لا يعد نائبا عن رب العمل ، ويظل مسؤولا تجاه الغير بتنفيذ التزاماته العقدية ، وإذا قام هو بتنفيذ التزاماته لمصلحة رب العمل وجب على هذا الأخير تعويضه عن ذلك ، الالتزام الثالث هو رد النفقات الضرورية والنافعة ودفع الأجور بحيث إذا قام الفضولي بأعمال لمصلحة رب العمل وكلفه ذلك عدة نفقات و أجورا عمال استخدمهم في تنفيذ التزامه وكان هذا العمل لا يدخل في صميم فنه ، التزم رب العمل بتعويضه عن كل ذلك سواءا كانت أجور أو نفقات أخرى تجاه الغير .وإذا ما أصابه ضرر أثناء قيامه بالعمل وكان ذلك ليس بخطأ منه ودونما إمكانية منه في توقي هذا الضرر فإن رب العمل ههنا يلتزم بتعويض الفضولي عما لحقه من ضرر .

الفرع الثالث :أثر موت الفضولي أو رب العمل في التزامات الفضالـــــة .حسب نص المادة 156 ق م ج فإنه إذا مات الفضولي التزم ورثته بما يلتزم به ورثة الوكيل طبقا لأحكام المادة 589 ، وإذا مات رب العمل بقي الفضولي ملتزما نحو الورثة بما كان ملزما به نحو مورثهم ، فهنا على ورثة الفضولي إذا مات مورثهم وجب عليهم أن يعلموا رب العمل بوفاة مورثهم إذا كانوا على علم بالوكالة وعليهم أن يتموا ما بدأه مورثهم إلى أن يتمكن رب العمل من  مباشرته بنفسه .

المطلب الثالــــــث: تقادم دعــــوى الفضالـــــــة .

    نصت المادة 159 ق م ج على أنه تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه ، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال الأخرى بانقضاء خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق ، فهنا نجد بأن كل من دعوى الفضولي تجاه رب العمل و العكس أي دعوى رب العمل تجاه الفضولي تسقط بمضي عشر سنوات من اليوم ينشأ فيه حق كل واحد منهما تجاه الآخر ، وتسقط في جميع الأحوال الأخرى غير ذلك بانقضاء خمسة عشره سنة من تاريخ نشوء الحق وهو التقادم العام لجميع الحقوق .

 

 

 

 

 

البحث الخامـــــــس : المسؤوليــــــة التقصيريــــــــة

خطــــة البحـــــث :

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة

المبحـــــث الأول: مفهوم المسؤولية التقصيرية

المطلب الأول: تعريف المسؤولية التقصيرية

المطلب الثاني: التمييز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيريــة

المبحث الثانــــــي: أركان المسؤولية التقصيرية

المطلب الأول:  الخطأ التقصيـــــري

المطلب الثاني:  الضـــــــــــــرر

المطلب الثالث:علاقة السببيـــــــــــــة

 

خاتمـــــــــــــــــة

 

 

 

 

 

 

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :

قد يحدث الإنسان ضررا لشخص آخر نتيجة تقصير منه ، كأن يتلف مالا لأحد الأشخاص فإنه يكون مسؤولا عما يحدثه من أضرار في مواجهة الشخص المضرور عن طريق تعويض هذا الضرر ، ويستوي في ذلك أن يكون أن يكون الفعل الضار قد صدر من الشخص عن عمد أو غير عمد ، وهذه الحالة ما يعبر عنها بالمسؤولية عن الأعمال الشخصية لكن قد يسأل كذلك عن الأفعال الضارة من الأشخاص الذين تربطهم به رابطة تبعية كالقصر وذوي العاهات فيطلق على هذه الحالات فيطلق على هذه الحالة بالمسؤولية عن فعل الغير .

المبحـــــث الأول: مفهوم المسؤولية التقصيريـــة .

رأينا من قبل أن المسؤولية العقدية تنشأ عند إخلال أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه العقدي فالمسؤولية العقدية أساسها الإخلال بالتزام عقدي ينشأ عن عقد رابط بين المتعاقدين أما المسؤولية التقصيرية فهي تنشأ عند الإخلال بالتزام قانوني لا يتغير هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير فالمسؤولية التقصيرية أساسها ارتكاب فعل يمثل إخلالا بالتزام قانوني دون أن يرتبط الدائن والمدين برابطة معينة .

المطلب الأول: تعريف المسؤولية التقصيريـــــة .

تنص المادة 124 المعدلة بالأمر 05/10 ق م ج على أنه كل عمل أيا كان يرتكبه المرء بخطئه ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض .

   من خلال قراءة المادة المذكورة نجد بأن المسؤولية التقصيرية تتعلق بالإخلال بالالتزام القانوني أيا كان نوعه ، وهو الإلتزام بعدم الإضرار بالغير ، فأساسها هو ارتكاب فعل يمثل إخلالا بالتزام قانوني بالرغم من عدم وجود رابطة تعاقدية بينهما .

 

المطلب الثانـــــي: التمييز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيريــة .

  من خلال تعريف المسؤولية التقصيرية نرى بأنه تتميز عن المسؤولية العقدية التي عرفناها من قبل من عدة جوانب أهمها :

- الأهلية : في المسؤولية العقدية يشترط في جل العقود أن يكون المتعاقد راشدا ، بينما في المسؤولية التقصيرية فتكفي أهلية التمييز بين المدعي والمدعى عليه .

 - الإثبات : في المسؤولية العقدية يتحمل المدين عبء إثبات أنه قام بالتزامه العقدي بعد أن يقيم الدائن الدليل على وجود العقد الذي يربطه بالمدين ، أما في المسؤولية التقصيرية فالدائن هو الذي يقع عليه عبء إثبات أن المدين قد ارتكب عملا غير مشروع وبالتالي خرق التزامه القانوني بعدم الإضرار بالغير .

- الإعذار : في المسؤولية العقدية يشترط إعذار المدين لتحمل المسؤولية إلا في حالات استثنائية ، أما في المسؤولية التقصيرية فلا تلتزم أحكامها الإعذار .

- التضامن : في المسؤولية العقدية لا يثبت بين المدينين إلا بالاتفاق وبالتالي لا يجوز افتراضه مالم يتفق على وجوده ، أما التضامن في المسؤولية التقصيرية فيعتبر ثابتا بحكم القانون أي مفترضا .

- الإعفاء الإتفاقي من المسؤولية : في المسؤولية العقدية يجوز للمتعاقدين الاتفاق بوجه عام على الإعفاء من المسؤولية ، بينما لا يجوز ذلك في المسؤولية التقصيرية في أي حال من الأحوال .

وإذا ترتب على الإخلال بتنفيذ التزام نوعي المسؤوليتين العقدية و التقصيرية ، فيجمع الفقهاء على أنه لا يجوز الجمع بين المسؤوليتين في آن واحد حيث لا يجوز التعويض عن الضرر الذي وقع مرتين ، وما على الدائن إلا أن يتخير إحداهما للحصول على التعويض .

 

المبحــث الثانــــي: أركان المسؤولية التقصيريــــــة .

أركان المسؤولية التقصيرية ثلاثة هي الخطأ العقدي والضرر وعلاقة السببية بينهما وهو ما نفصله تباعا .

المطلب الأول:  الخطأ التقصيـــــري .

تعددت الآراء بصدد تحديد الخطأ الذي يوجب المسؤولية على من ارتكبه ، ويمكن تعريف الخطأ التقصيري عموما بأنه كل عمل يقوم به الإنسان وهو مدرك تمام الإدراك بأنه يضر الغير ، فالإنسان يلتزم نحو غيره بعدم الإقدام على كل عمل من شأنه أن يوقع بالغير الضرر ومصدر هذا الالتزام بطبيعة الحال هو القانون ولا أهمية لكون العمل الذي ارتكبه الإنسان كان بقصد أو بغير قصد ، لأن في كل الحالات يدرك الإنسان التي تترتب عن عمله .

فالعمل الذي يرتكبه الإنسان ويسب ضررا للغير إما يصدر منه بقصد الإضرار وهذا ما يسمى بالجريمة المدنية ، كما قد يصدر منه بغير قصد أي نتيجة إهمال أو تقصير وهو ما يسمى بشبه الجريمة المدنية ، ولكن متى يعتبر الخطأ الذي صدر من الإنسان تجاوزا عن السلوك القانوني ؟

تقتضي الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا وضع معيار نميز من خلاله تصرفات الشخص التي يقوم بها فيما إذا كانت تمثل إخلالا بالتزام قانوني أم لا ، لكن هذا المعيار قد يكون إما معيارا ذاتيا أو معيارا موضوعيا .

فلو أخذنا بالمعيار الذاتي فإنه يجب علينا أن نضع عدة اعتبارات ونحن نحدد سلوك الشخص فيما إذا كان يمثل إخلالا بالتزام قانوني أم لا منها سن الشخص وحالته الاجتماعية وجنسه وهذا يعني يجب عند محاسبة الشخص عن أعماله أن ننظر إلى تقدير هذا الشخص للعمل ، بمعنى أنه لا يمكن اعتبار الشخص مرتكبا للعمل إلا إذا أحس هو بأنه ارتكب مثل هذا العمل .

  أما إذا أخذنا بالمعيار الموضوعي فيجب أن لا نضع في اعتبارنا سن الشخص وجنسه وحالته الاجتماعية ، بل يجب مقارنة سلوك هذا الشخص بسلوك الأشخاص الآخرين الذين يتعامل معهم و يعايشهم ، وبالتالي يجب نعتبر العمل تعديا إذا كان الشخص العادي لا يقوم به إذا توافرت له نفس الظروف التي كان فيها الشخص مسؤولا .

   وفي رأينا أنه يجب الأخذ بالمعيار الموضوعي لأن هذا الالتزام فرضه القانون على كل شخص ، ولا يقوم على اعتبارات خفية وإنما على اعتبارات واضحة معلومة ، فيكون الخطأ التقصيري ظاهرة واضحة ومعلومة لكل الأشخاص لا تخضع لتقدير  أهواء كل شخص وتقديراته .

   يقع إثبات الخطأ التقصيري على الشخص المضرور ، وهذا بإقامة الدليل بأن الشخص المطالب قد انحرف سلوكه عن سلوك الرجل العادي لتقوم  المسؤولية في ذمته ، إلا إذا أقام المدين الدليل بأن عمل الخطأ قد تم ارتكابه في إحدى الحالات التالية :

حالة الدفاع الشرعي : فقد نصت المادة 182 ق م ج على أنه كل من أحدث ضررا وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو عن ماله أو عن نفس الغير أو عن ماله ، كان غير مسؤول على ألا يجاوز القدر الضروري وعند الاقتضاء يلتزم بتعويض يحدده القاضي .

فمن قراءة هذه المادة نرى بأن الدفاع الشرعي يصبح مشروعا إذا ارتكبه الفرد دفاعا عن نفسه أو عن ماله أن عن نفس الغير لكن يجب أن تتوافر شروط لذلك وهي أن يكون هناك خطر وشيك يخشى وقوعه يهدد الشخص في نفسه أو ماله و أن يكون دفع الاعتداء بالقدر اللازم دون مجاوزة .

حالة تنفيذ أمر صادر من الرئيس : وهو ما تضمنته المادة 129 ق م ج على أن لا يكون الموظفون والعمال العامون مسؤولون شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رؤسائهم متى كانت طاعة هذه الأوامر واجبة عنهم .

 من قراءة هذه المادة تتعرض لمسؤولية الموظف في حالة صدور أمر له من رئيسه المباشر بحيث يعفى من هذه المسؤولية إذا أثبت الموظف بأن هذا الأمر يدخل في إطار الطاعة الوظيفية لرئيسه وأنه هو المكلف بتنفيذه قانونا .

حالة الضــــرورة : وهي محتوى المادة 130 ق م ج بمعنى أن من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره فإنه لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا ، ولكي يستفيد من كان في حالة ضرورة يجب توافر ثلاثة شروط وهي أن يكون الشخص مهددا بخطر حال في نفسه أو ماله وأن يكون مصدر هذا الخطر سببا أجنبيا لا يرجع إلى الشخص المضرور وأن يكون الخطر المراد تفاديه أشد بكثير من الضرر الذي وقع له .

المطلب الثانـــــي:  الضـــــــــــــرر .

الضرر هو الركن الذي يتطلب وجوده لقيام المسؤولية التقصيرية ، فلا يكفي لقيام المسؤولية التقصيرية وجود الخطأ فقط وإنما يجب أن يتسبب في إلحاق ضرر يصيب أحد الأشخاص في جسمه أو ماله وهو ما يسمى بالضرر المادي ، أما إذا وقع ضرر يصيب عاطفة الشخص أو شعوره فيسمى الضرر أدبيا أو معنويا .

والضرر المادي هو الأكثر شيوعا ووقوعا يتضمن الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور فعندما يقع تعد على حياة شخص ما يحصل إخلال بمصلحة ذات قيمة مالية كأن يصاب شخص في أحد أعضاء جسمه أو يخرب منزله أو تحرق سيارته .

  ما يشترط في الضرر المباشر هو أن يكون محققا وليس محتملا أي بأن يكون قد وقع فعلا أو أنه سيقع على وجه التأكيد ، فإذا كان محتمل الوقوع فلا يمكن التعويض عنه إلا بعد وقوعه .

  أما الضرر المعنوي أي الأدبي فهو الذي يتعلق بمصلحة غير مالية للمضرور ، ويتعلق بالمساس بسمعة الشخص وشرفه و بالاعتداء على كرامة الإنسان بالإدعاءات والأقاويل الكاذبة والافتراءات ، كما أن اختطاف طفل من والديه ، والاعتداء على والدي شخص ما لا شك بأنه سيلحق به ضرر أدبي .

وقد اختلف الفقه حول قابلية الضرر الأدبي للتعويض فمنهم من رأى جواز التعويض عن الضرر الأدبي وهو حال القانون الفرنسي ومن قبله القانون الروماني ، أما القانون والفقه المصري فهو كذلك ساير ما وصل إليه القانون الفرنسي ، أما القانون المدني الجزائري فقبل تعديل سنة 2005 وهو القانون 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 لم يرد فيه نص يجيز صراحة ولا يمنع التعويض عن الأضرار الأدبية ، أما بعد التعديل المذكور .................

المطلب الثالـــــث:علاقة السببيــــــة بين الخطأ  والضــــــــــــرر .

علاقة السببية هي الركن الثالث من أركان المسؤولية التقصيرية وهي تقضي بوجود علاقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه الشخص المسؤول وبين الضرر الذي وقع بالشخص المضرور ، وبالتالي لا يكون الشخص مسؤولا عما ارتكبه من أفعال إذا أثبت بأن الضرر الذي وقع بالمدعي ناتج عن سبب أجنبي لا علاقة له به ، ومنه تنتفي علاقة السببية بين الضرر الواقع للمضرور وبين الخطأ أي الفعل الصادر عن المدعى عليه .

   لقد نصت المادة 127 ق م ج على أنه إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ صدر من المضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر مالم يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك .

   فتعليقا على هذا النص نجد بأن هناك عدة أسباب تنفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر وهذه الأسباب تتمثل بالقوة القاهرة  والحادث المفاجئ وكذلك خطأ المضرور وخطأ الغير ، وهو الشيء الذي ينبغي تفصيله كالآتي :

يرى جمهور الفقهاء إلى أنه لا فرق بين القوة القاهرة والسبب الأجنبي فهما يجمعان بين خاصيتين هما عدم التوقع واستحالة الدفع ، وما يفرق بينهما هو هو أن القوة القاهرة تعتبر حادثا خارجيا عن الشيء الذي تتحقق به المسؤولية الفيضانات والزلازل وهي عامة ، أما الحادث الفجائي فهو حادث داخلي كانفجار آلة أو وقوع حادث للشخص فهو خاص به .

  يعطي القانون للحادث الفجائي نفس حكم القوة القاهرة من حيث أنه ينفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر كما أنه يشترط لهما نفس الشرطين وهما عدم إمكان التوقع واستحالة الدفع ؛ ويكون عدم إمكان التوقع وقت وقوع الفعل الضار أما استحالة الدفع فيقصد به أن يكون هذا مستحيلا استحالة مطلقة فإذا كان بالإمكان دفع أي منهما لم يصبحا صالحين لنفي علاقة السببية .

  نقصدبخطأ المضرور أن يكون الشخص الذي وقع به الضرر هو المتسبب بنفسه في إيقاع الأضرار الحاصلة للمدعي ، ويقاس تقدير هذا الخطأ بمعيار الرجل العادي ، ويستطيع المدعي أن يتمسك بخطأ المدعى عليه أي المضرور تجاهه هو بل وحتى تجاه ورثته بعد وفاته ، لكن إذا وقع من الطرفين كلاهما خطأ فيجب التمييز بين من هو من الخطأين يستغرق الآخر أو أن خطأ كل طرف مستقل عن الآخر ، أما إذا تبين أن المدعي أي المتضرر هو الذي ألحق الضرر بنفسه فلا تقام أية مسؤولية تجاه المدعى عليه وهذا بسبب نفي علاقة السببية بين الضرر الحاصل للمدعي المتضرر وبين الخطأ الصادر عن المدين .

  أما خطأ الغير فنقصد به وفقا لماجاء في نص المادة 127 ق م ج الخطأ الصادر عن أشخاص آخرين غير المدعي والمدعى عليه ولا حتى الأشخاص الذين هم تحت كفالة أو مسؤولية المدعى عليه ، وإذا ما ثبت لمحكمة الموضوع بأن خطأ الغير ما كان يمكن أن يقع إلا بخطأ المدين فهنا يتحمل المسؤولية ، أما إذا كان خطأ الغير يستغرق خطأ المدعى عليه فهنا يتحمل المسؤولية هذا الأخير أي الغير ، أما إذا ظهر للقاضي التساوي بين الأخطاء بين الأطراف فإنه يوزع المسؤولية بينهم على حسب مساهمة كل طرف في إلحاق الضرر .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البحـــــث الســـادس : آثــــــــــــــار المسؤوليـــــــة المدنيــــــــــة

 

خطــــة البحـــــث :

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة

المبحـــــث الأول: دعوى المسؤوليـــــــــــة

المطلب الأول: المدعــــــــــــــــــــــــــــي

المطلب الثاني: المدعـــــــى عليـــــــــــــه

المطلب الثالث: الطلبــــات و الدفـــــــــــوع

المطلب الرابـــــع: عمليـــــــــــة الإثبـــــــات

المبحث الثانـــــــي: التعويـــض المدنــــــــــي

المطلب الأول:  التعــــويض النقــــــــدي

المطلب الثاني: التعــــويض غيــــــر النقــــــــدي

المطلب الثالث:التعــــويض العينــــــــــــــــي

المطلب الرابـــــع: تقديـــر قيمة التعويــــض

 

 

 

 

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :

 قد لا يقر الفرد المسؤول عن الضرر المترتب عن الخطأ الذي وقع منه ، فيضطر الشخص المضرور لرفع دعوى أمام القضاء مطالبا فيها الحكم له بالتعويض المستحق ، ومنه فإن الحكم بالتعويض يمثل الجزاء الذي قرره القانون لما يترتب عن الفعل الضار من أضرار .

تقتضي دراسة دعوى المسؤولية المدنية التطرق إلى تحديد مفهوم كل من المدعي والمدعى عليه ثم الطلبات التي يقدم بها المدعي و الدفوع التي يرد بها المدعى عليه ، ثم التطرق إلى صور التعويض وكيفية تقديـــره .

 

المبحـــــث الأول: دعوى المسؤوليـــــــــــة .

يجدر بنا عند الحديث عن دعوى المسؤولية التعرف على المدعي والمدعى عليه ، ثم تحديد مفهوم الطلبات والدفوع وأنواعهما .

المطلب الأول: المدعــــــــــــــــــــــــــــي :إن المدعي هو الشخص الذي لحق به الضرر والذي يحق له المطالبة بالتعويض عما لحقته من أضرار ، ويمكن لنائب المدعي المطالبة بهذا الحق نيابة عنه .

كما يمكن للخلف العام أي الورثة االمطالبة بهذا الحق بعد وفاة مورثهم ، ويمكن أيضا للخلف الخاص إذا أحيل لهم هذا الحق هذا بالنسبة للضرر المادي ، أما بالنسبة للضرر الأدبي فلا يمكن توريثه إلا إذا كان المدعي قد طالب به خلال حياته فيمكن للورثة الاستمرار في هذه الدعوى بعد وفاته .

  إذا تعدد المتضررون من الخطأ الذي أرتكبه المسؤول عن إحداث الضرر أمكن لهم جميعا ، أي لكل واحد منهم  المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه  من ضرر كأن يحدث سائق متهور ضرر بعديد المرتكبات فإنه يمكن لكل متضرر ههنا المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه من ضرر .

المطلب الثانـــــي: المدعـــــــى عليـــــــــــــه : هو الشخص المسؤول عن إحداث الضرر الذي أصاب المدعي ، وهو الشخص الذي ترفه ضده الدعوى المدنية من أجل ذلك ، وهو الشخص الذي يلزم بدفع التعويضات إذا ثبت خطأه ، ويمكن أن ترفع الدعوى على مسؤوله المدني إذا كان المدعى عليه قاصرا أو مجنونا فترفع الدعوى عن مسؤوله المدني وهو الولي أو القيم عنه .

 وإذا توفي المدعى عليه فيمكن رفع الدعوى عن ورثته بعد وفاته ، ويكونون متضامنين في التزامهم بالتعويض للمدعي إلا إذا عين القاضي نصيب كل واحد منهم في التعويض ، وهو ما تقضي به المادة 126 ق م ج التي تنص على أنه إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانون متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الالتزام بالتعويض .

  لكن يشترط لقيام التضامن بين المدعى عليهم أن يكون كل واحد منهم قد ساهم في إحداث الضرر للمدعي أي أن يكون الضرر الذي أحدثه كل منهم بخطئه هو ذات الضرر الذي أحدثه الآخرون ، حتى ولو كانت أخطاؤهم غير متساوية في إحداث الضرر .

المطلب الثالث: الطلبــــات و الدفـــــــــــوع .

الفرع الأول : الطلبـــــات : هي الوسائل التي يلجأ بها المدعي للقضاء عارضا عليه حماية حق من الحقوق أو تقريره ، فالطلب إذن هو ذلك الإجراء الذي يتقدم به الشخص إلى القضاء عارضا عليه ما يدعيه طالبا الحكم له به .

وتقسم الطلبات عموما إلى طلبات أصلية وطلبات عارضة أي طارئة .

فالطلبات الأصلية هي الطلبات المفتتحة للخصومة لأن بمقتضى الطلب الأصلي تفتح خصومة رسمية أمام القضاء ، ولهذا في الكثير من الأحيان يخلط الطلب بالدعوى .

أما الطلبات العارضة (الطارئة) فهي تلك الطلبات الذي يبدأ النظر فيها أثناء النظر في خصومة قائمة ، وهذه الطلبات قد تصدر من المدعي كما قد تصدر من المدعى عليه ، فتسمى في هذه الحالة الأخيرة بالطلبات الإضافية لأن المدعي يطلب فيها طلبات لم يتقدم بها في الطلب الأصلي ، كما قد ترد هذه الطلبات من المدعى عليه فتسمى حينئذ بالطلبات المقابلة (كطلب إجراء مقاصة مثلا) ، في بعض الأحيان قد يتقدم بهذه الطلبات العارضة شخص خارج عن الخصومة فتسمى عندئذ طلبات التدخل في الخصومة (التدخل الاختياري)، كما قد توجه كذلك من أحد الخصوم إلى شخص خارج عن الخصومة وهي ما يصطلح عليه باختصام الغير الخارج عن الخصومة أو التدخل الإجباري .

وللطلبات عموما آثار بعضها يتعلق بالمحكمة (القاضي) وأخرى تتعلق بالخصوم :

1-بالنسبة للآثار المتعلقة بالمحكمة فتتجلى في نقطتين :

أ – يترتب على تقديم الطلب للمحكمة التزام القاضي بالفصل فيه أيا كان هذا الطلب .

ب- أن الطلبات هي بمثابة قيود على القاضي أي أنه ملتزم في حكمه حدود الطلبات المقدمة إليه فلا يجوز له من جهة أن يقضي بطلب لم يرفع إليه أصلا ولا أن يقضي بأكثر مما طلب منه وإلا كان حكمه قابلا للطعن بالنقض

2-بالنسبة للآثار المتعلقة بالخصوم فتتجلى في :

أ- أن الطلب يقطع التقادم الذي كان يسري لمصلحة المدعى عليه ،حتى ولو كان طلبا عارضا ، وكذلك حتى لو رفع أمام محكمة غير مختصـــــة .

ب- أن المطالبة القضائية تتضمن إعذار المدعى عليه المدين أي تكليفه بالوفاء ، وبالتالي من هذه اللحظة يصبح مسؤولا عن التأخر في تنفيذ التزامه .

ج- أنه يترتب على المطالبة القضائية إمكانية توارث بعض الحقوق التي لو لم ترفع بشأنها دعوى لما أمكن توريثها ، والمقصود بها هنا هي الخيارات اللصيقة بشخص المورث وأبرز مثال عن ذلك هو التعويض عن الأضرار الأدبية بحيث أن الورثة لا يمكنهم رفع دعوى لأجل ذلك لكن لهم الحق في الاستمرار في الدعوى التي رفعها مورثهم قبل وفاته .

د- أنه إذا كان المطلوب ملكية عين وحكم على الحائز بردها ألتزم أيضا هذا الأخير برد الثمار من تاريخ المطالبة .

الفـــرع الثانـــي : الدفــــــــــــــوع :الدفع هو ما يجيب به الخصم على طلب خصمه وهذا بقصد تفادي الحكم له به ، و تقسم الدفوع عموما إلى دفوع شكلية ودفوع موضوعية .

فالدفوع الشكلية هي الدفوع التي تتعلق بصحة إجراءات الخصومة أو بصحة إجراءاتها ، فالدفع بعدم الاختصاص أو الدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور فهي تتعلق بإجراءات الخصومة منذ بدايتها إلى نهايتها ، والحكم في الدفع الشكلي ينهي الخصومة دون الفصل في موضوعها أي أنه لا يمس موضوع النزاع .

ومن القواعد التي تخضع لها الدفوع الشكلية هي أنه يجب إثارتها قبل الدفع في الموضوع إلا إذا كان الدفع يتعلق بالنظام العام فيجوز إبداؤه في أي وقت ، وعلة ذلك أن الدفوع الشكلية يجب إبداؤها قبل التطرق لموضوع النزاع لأن من جهة أن التعرض لموضوع النزاع يعتبر تنازل ضمني عن إبداء الدفوع الشكلية ، والعلة الثانية هي أن الدفع الشكلي قد يغني الحكمة عن النظر في موضوع الدعوى ، ولربما من جهة أخرى لتجنب المماطلة لأنه قد يتعمد المدعى عليه تأخير إثارة دفع شكلي ما إلى آخر وقت .

القاعدة الثانية التي تخضع لها الدفوع الشكلية هي وجوب إبداء كل الدفوع الشكلية معا في نفس الوقت ، فقد يكون للمدعى عليه عدة دفوع فيثير دفعا ما في مذكرته الأولى ، ثم يثير دفعا آخر في مذكرة ثانية ، فهنا يعتبر من تراخيه عن إثارة الدفعين معا في مذكرته الأولى بأنه قد تنازل عن الدفع الثاني إلا ما تعلق منها بالنظام العام .

القاعدة الثالثة هي أن الحكم في الدفع الشكلي لا يعتبر حكم في موضوع النزاع فهو بنهي الخصومة ولا ينهي موضوعها ، فإذا قبل الدفع الشكلي فلا شيء يمنع المدعي من إعادة رفعها بإجراءات صحيحة مرة ثانية ، ولا يعتبر ذلك نظر في دعوى مفصول فيها ؛ فلو كانت أوراق التكليف بالحضور باطلة مثلا لعدم احترام المهل القانونية يستطيع المدعي إعادة رفع دعوى من جديد ويصحح الإجراءات التي كانت باطلة .

أما الدفوع الموضوعية هي تلك الدفوع التي توجه إلى الحق موضوع الدعوى كإنكار الحق المدعى به أو سقوطه بالتقادم أو انقضائه بالإبراء ، كما قد تتعلق بمقدار الحق ، كما قد يتعلق الدفع الموضوعي بقاعدة قانونية حول مدى تطبيقها على النزاع المعروض أمام المحكمة .

 والحقيقة أن الدفوع الموضوعية لا تقع تحت حصر فمن أمثلتها : الدفع ببطلان عقد أن الدفع بانقضاء الدًين ، الدفع بعدم التنفيذ ، الدفع بانقضاء الدين بالمقاصة القضائية ، الدفع بالوفاء الجزئي ، الدفع باكتساب الملكية بالتقادم ، والأصل في الدفوع الموضوعية أنها لا تعلق بالنظام العام وإنما تتعلق بمصالح خاصة وبالتالي فإنه يجوز لصاحبها التنازل عنها ، أما إذا كان الدفع يتعلق بالنظام العام فيجب على المحكمة أن تثيره و تحكم به من تلقاء نفسها ولو لم يطلبه الخصوم وهذا ما يقع في حالة البطلان المطلــق .

  و الدفوع الموضوعية تحكمها قاعدتان :

القاعدة الأولى : أنه يجوز إبداء الدفوع الموضوعية في أي حالة كانت عليها الدعوى بمعنى آخر يجوز للخصم أن يقدم دفع موضوعي في مذكرة ما ويبدي دفعا آخر في مذكرة ثانية ، عكس الدفوع الشكلية التي يجب إبداؤها جملة مرة واحدة ، كما يجوز فضلا عن ذلك إبداء الدفع الموضوعي مرة واحدة حتى أمام جهة الاستئناف .

القاعدة الثانيـة : يعتبر الحكم الفاصل في موضوع الدعوى حكما فاصلا في موضوع الدعوى منهيا للنزاع على أصل الحق الذي رفعت به الدعوى ؛ بمعنى أنه يحوز الحجية من حيث الموضوع ، بحيث يمنع من تجديد النزاع أمام القضاء (يمنع رفع الدعوى من جديد على نفس الحق) على عكس الدفع الشكلي الذي لا ينهي الخصومة وإنما يؤخر الفصل فيها فقط .

المطلب الرابـــــع: عمليـــــــــــة الإثبـــــــات .

    تطبيقا للقاعدة الشرعية التي تقول بأن البينة على من ادعى ، فإن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي بالنسبة لركن الضرر في المسؤولية المدنية ، كما يقع عليه إثبات ركن الخطأ الحاصل من طرف المدعى عليه ، إضافة إلى علاقة السببية ، ويكون هذا الإثبات بكافة الطرق المقررة قانونا ، وإذا عجز في هذه المهمة فإنه سوف يخسر دعواه .

    تتعدد طرق الإثبات في القانون المدني إلى عدة هي الإثبات بالكتابة سواءا كانت كتابة رسمية ـأو عرفية وشهادة الشهود شريطة أن يكونوا مؤهلين قانونا ، والإثبات بالقرائن التي تختلف حسب درجتها إلى قرائن قاطعة و قرائن بسيطة .

 

المبحث الثانـــــــي: التعويـــض المدنــــــــــي .

   نصت المادة 132 ق م ج على أنه يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف ، ويصح أن يكون التعويض مقسطا ، كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا ، ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأمينا .

ويقدر التعويض بالنقد ، على أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف وبناءا على طلب الضرورة أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، أو أن يحكم وذلك على سبيل التعويض بأداء بعض الإعانات تتصل بالعمل غير المشروع .

من خلال قراءة هذه المادة يتبين لنا بأن التعويض هو الجزاء المقرر عند قيام المسؤولية وأن في غالب الأحيان يقوًم التعويض بالنقود ، ما يجوز أن يتخذ شكل التعويض العيني ، ويمكن أن يتخذ شكلا آخر غير التعويض النقدي والعيني . وهو ما ستتدارسه من خلال المطالب الثلاثة التاليــــة .

المطلب الأول:  التعــــويض النقــــــــدي :إن التعويض النقدي هو التعويض الأصيل والأنسب عن غيره من بقية التعويضات ، يتمثل في دفع مبلغ معين من النقود من المحكوم عليه إلى المحكوم له دفعة واحدة ، ويمكن حسب المادة 132 ق م ج أن يحكم القاضي بدفعه على أقساط إذا اقتنع بذلك بعد مطالبة المحكوم عليه بطبيعة الحال ، ويمكن حتى أن يحكم بدفعه في شكل إيراد مرتب لمدى حياة الشخص المحكوم عليه إذا برر المحكوم عليه عجزه الكامل كليا أو جزئيا ، ويجوز للقاضي في بعض الأحيان إلزام المحكوم عليه بأن يقدم تأمينا لدى شركة التأمين ليتم تحويله إلى إيراد مرتب يعطى للمحكوم له .

المطلب الثانــــي: التعــــويض غيــــــر النقــــــــدي:يتعلق هذا النوع من التعويض بالتعويض عن الأضرار الأدبية والتي في الكثير من الأحيان يطلب المدعي من المحكمة تعويضات أخرى ليست بالنقود كأن يطلب نشر حكم الإدانة ، أو كتابة مقال مناف للمقال المشكل لجريمة قذف ونشره بنفس الجريدة محل الجريمة .

المطلب الثالـــث:التعــــويض العينــــــــــــي :يسمى هذا النوع من التعويض بالوفاء العيني ، أي بأن يتم التعويض بنفس الشكل الذي حصل به الخطأ الذي تسبب فيه المحكوم عليه ومثل هذا النوع من التعويض نجده يكثر في نطاق المسؤولية العقدية أكثر من المسؤولية التقصيرية وإن كان رغم ذلك ليس مستحيلا ، كما إذا كان موضوع النزاع هو إزالة ما بناء قام المحكوم عليه ببنائه متسببا في أضرار بمصلحة الطرف المحكوم له أو بتحطيم أحد منقولاته ، فيحكم القاضي للطرف المتضرر بإعادة الحال لما كان عليه قبل حصول الاعتداء لكون أن التعويض النقدي قد لا يكون منصفا له .

المطلب الرابـــــع: تقديـــر قيمة التعويــــض :نصت المادة 131 ق م ج على أنه يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المصاب طبقا لأحكام المادة 182 ق م ج مع مراعاة الظروف الملابسة فإن لم يتيسر له وقت الحكم أن يقدر مدى التعويض بصفة نهائية فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بالنظر من جديد في التقديــــر .

وبالرجوع للمادة 182 ق م ج نجدها تنص على أنه إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو في القانون فالقاضي هو الذي يقدره ، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به ، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول .

  غير أنه إذا كان الالتزام مصدره العقد ، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقـــد .

 فتعليقا على نص المادة 182 نجد بأن المشرع يجعل من القاضي هو الشخص المكلف بتقدير قيمة التعويض إذا لم تكن قيمته محددة في العقد المبرم ما بين الطرفين أو محددة قانونا ، كما أن قيمة هذا التعويض يجب أن تغطي شيئين اثنين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته ، لكن مع اشتراط المشرع بأن يكون تقدير هذه القيمة من الخسارة حقيقة نتيجة لإخلال الطرف المتخلف عن عدم وفائه بالتزامه .

فلو أن تاجرا كانت له بضاعة بقيمة مبلغ 10.000دج وتحصل على وعد بالشراء من شخص آخر بمبلغ 12.000 دج ، فلو أن المدين تسبب له في إتلاف هذه السلعة ، فإن قيمة الخسارة الحقيقية التي لحقته تمثل قيمة الشيء وهي 10.000دج + قيمة الكسب الذي ضاع منه و هي 2.000 دج = 12.000 دج .

   وعلى القاضي إضافة لهذا أن يكون تقديره لقيمة التعويض إذا استعصى عليه ذلك بصفة نهائية وقت الحكم أن يمنح المدين أجلا حسب تطور الأضرار سواء تفاقمت أو خفت لأن تحديد القيمة الحقيقة هو بوقت حصول الأضرار بصفة نهائية .

فلو أن شخصا صدم بسيارته أحد المارة بالطريق العام فإن على القاضي ألا يحكم مباشرة منذ البداية بقيمة التعويض النهائية ، لأن الأضرار التي تلحق بالمصاب عند بداية الحادث لا تكون هي نفسها عند الشفاء التام فقد تتفاقم الأضرار الجسمانية وقد تتحول إلى عاهة مستديمة ، كما قد يمكن من جهة أخرى أن يشفى المصاب ولا تبقى له إلا بعض الجروح البسيطة . فعليه إذا أن يساير تطور الإصابة عند إصدار الحكم بالتعويض .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البحــث السابـــــــع : مسؤولية الشخص عن الأشخاص الذين يخضعون له بالرقابـــــة .

 

خطــــة البحـــــث :

 

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة .

المبحـــــث الأول : شروط مسؤولية الشخص عن الأشخاص الذين يخضعون لرقابتـه .

المطلب الأول: أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر .

المطلب الثانـــي: صدور عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابة.

المطلب الثالـــث: أساس مسؤوليــــة متولـــــــي الرقابــــــة .

المبحـــــث الثانـــــي : مسؤوليــــة الشخص عن أعمــــال التابعيــن لـــــه .

المطلب الأول: شرط وجود علاقة التبعيــــة .

المطلب الثانــــي: السلطة الفعليــــة .

المطلب الثالــث: الرقابة و التوجيـــــه .

المطلب الرابــع: صدور خطأ من التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .

المطلب الخامس: حق المتبوع في الرجوع عن تابعـــه .

 

 

 

مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :

تنص المادة 134 قانون مدني جزائريعلى أنه كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة ، بسبب قصر أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية ، يكون ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص بعمله الضار ، و يترتب هذا الالتزام ولو كان من وقع منه العمل الضار غير مميز . 

    من خلال هذه المادة يتضح لنا أنه في حالة ما يكون الشخص مسؤولا بالرقابة بحكم القانون أو بحكم الاتفاق على بعض الأشخاص فإنه يكون مسؤولا عن جميع الأفعال الضارة التي رتبت للغير ضررا بالتعويض ، ولكي تقوم مسؤولية الشخص عن من هو تحت رقابته يجب توافر شرطين أساسيين هما أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر و أن يصدرعمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابـــــة .

المبحــث الأول : شروط مسؤولية الشخص عن الأشخاص الذين يخضعون لرقابتهوأساســـها.

    نتناول بالحديث في هذا المبحث شروط قيام هذا النوع من المسؤولية والذي يتلخص في شرطين أساسيين هما أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر و صدور عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابة ، ثم نحدد الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية متولي الرقابــــــة .

المطلب الأول: أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر .

 إن رقابة شخص عن شخص آخر وفقا لما جاء في المادة 134 قانون مدني جزائري قد يكون مصدرها القانون ومثالها رقابة الأب على إبنه ، كما قد يكون مصدرها الاتفاق ومثالها رقابة مدير المستشفى للأمراض العقلية عن مرضاه ، وهذا يعني أن مسؤولية الشخص لا تقوم إلا إذا كان ملتزما برقابة أحد الأشخاص لأن وجود هذا الالتزام هو سبب مسؤوليته وذلك عند الإخلال به ، وعلة الرقابة كما حددتها المادة 134 تكمن في حاجة من وضع تحت الرقابة لهذه الرقابة ، وذلك إما لسبب قصره أي لصغر سنه أو سبب حاله الجسمية كالضرير والمشلول أو سبب حالته العقلية كالمجنون والمعتوه وذي الغفلة .

  وقد تفرض الرقابة على بعض الأشخاص ليس بسبب صغر سنه وليس لحالته العقلية أو الجسمية وإنما لسبب آخر كالمسجون عندما يوضع تحت رقابة السجان أو أعضاء الحزب عندما يوضعون تحت رقابة رئيس الحزب ، وفي هذه الحالة لا تنطبق عليهم أحكام المادة 134 لأنها خاصة بالأشخاص الذين ذكرتهم فقط ، وبعبارة أخرى للأشخاص الذين هم في حاجة للرقابة للأسباب التي حددتها المادة 134 من القانون المدني الجزائري .

والشخص الذي يوضع تحت الرقابة إما أن يكون صغير السن ، وإما أن يكون بالغل سن الرشد ولكن في حاجة لهذه الرقابة .

- القاصـــــــر : حيث لم يحدد المشرع الجزائري سن القاصر الذي يخضع للرقابة كما فعل القانون المدني المصري وإنما ذكر حالة الرقابة بسبب القصر بدون تحديد وبالتالي فإن حكم المادة يطال كل شخص لم يبلغ سن الرشد كما حددته المادة 40 من القانون المدني الجزائري وهو 19 سنة كامـــــلة .

  والرقابة على القاصر يوجبها القانون على الأب طالما كان حيا وللأم بعد وفاة الأب ، ويظل هذا الالتزام إلى أن يكمل القاصر السن القانوني للرشد ، وإذا ذهب القاصر إلى المدرسة للتعليم فإن واجب الرقابة ينتقل إلى المعلم أثناء فترة تلقي الدروس ، والتي تبدأ منذ دخول القاصر المدرسة إلى أن يخرج منها ، وإذا أخذ القاصر لتعليم حرفة انتقلت الرقابة إلى من يشرف على تعليمه الحرفة مدة وجوده تحت إشرافه .

- البالغ سن الرشد : ببلوغ الشخص سن التاسعة عشرة سنة وفقا لأحكام المادة 40 من القانون المدني الجزائري ، فإنه يتحرر من الرقابة القانونية أو الاتفاقية حتى ولو ظل الشخص يتلقى تعليمه أو يتلقى أصول الحرفة التي امتهنها لنفسه ، وذلك لأن الشخص عندما يبلغ هذه السن لا يكون في حاجة إلى الرقابة .

ولكن إذا أصيب الإنسان بعد اكتماله لسن الرشد بعاهة من العاهات كالجنون أو العته أو الغفلة ففي هذه الحالة يكون الشخص في حاجة للرقابة كذلك لو أصيب الشخص بعجز جسمي جعله في حاجة إلى الرقابة نظرا لحالته الجسمية فإن الرقابة تفرض عليه كالكفيف أو المشلول .

المطلب الثانـــي: صدور عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابـــــــة .

   يعتبر هذا الشرط جوهر مسؤولية الشخص الذي وضع للرقابة حيث لا مسؤولية إلا بحصول فعل ضار ممن هم تحت رقابته بالغير ، مما يرتب ضررا يلحق الغير من جراء هذا الفعل الضار ، أما إذا وقع الفعل الضار على من هو تحت الرقابة فلا توجب مسؤولية على من له حق الرقابة كأن يصيب أجنبي تلميذا أثناء تواجده في المدرسة بأذى إلا إذا أقيم الدليل على خطأ المعلم  ،كذلك لا تقوم مسؤولية المعلم إذا كان القاصر قد ألحق الأذى بنفسه .

 

المطلب الثالـــث: أساس مسؤولية متولي الرقابــــــة .

تقوم مسؤولية متولي الرقابة قانونية كانت أم اتفاقية على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس ، ويعني الخطأ المفترض أن متولي الرقابة يكون قد أخل بما عليه من واجب الرقابة بمجرد وقوع فعل ضار من القاصر أو الشخص الموضوع تحت الرقابة وبعبارة أخرى أن متولي الرقابة يفترض فيه دائما أنه لم يقم بما ينبغي عليه من العناية اللازمة للرقابة  ، وبعبارة أخرى أن متولي الرقابة يفترض فيه دائما أنه لم يقم بما ينبغي من العناية اللازمة للرقابة وبالتالي تقوم مسؤوليته عما ارتكبه الشخص الذي هو تحت الرقابة إذا وقع منه فعل ضار للغير ، وإذا أراد متولي الرقابة أن ينفي مسؤوليته فعليه يقع عبء إثبات السبب الأجنبي أو أنه بذل العناية الواجبة في الرقابة ، وهذا ما تؤكده الفقرة الثانية من المادة 135 ق م ج والتي تقول ويستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت بأنه قام بواجب الرقابة أو أثبت بأن الضرر كان لا بد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية ، وأساس افتراض الخطأ في حق متولي الرقابة القانون لصالح الشخص الذي وقع به الضرر .

 

المبحـــــث الثانـــــي : مسؤوليــــة الشخص عن أعمــــال التابعيــن لـــــه

       تنص المادة 136 من القانون المدني الجزائري على أنه يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع ، متى كان واقعا منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها ، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه .

   يتبين لنا من نص المادة 136 ق م ج أن الشخص يسأل عن الأفعال الضارة التي يرتكبها التابع له أثناء تأدية وظيفته أو كان ذلك بسببها متى كانت للشخص المتبوع سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه .

  وحتى تقوم مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه ، يجب توفر الشرطين الأساسيين وهما وجود علاقة التبعية بين المتبوع و تابعه و صدور خطأ من التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .

المطلب الأول: شرط وجود علاقة التبعيـــــــة .

    رجوعا لنص المادة 136 ق م ج يقتضي وجود علاقة التبعية أن تكون هناك رابطة بين التابع والمتبوع ، ويكون سبب هذه الرابطة في غالب الأحيان هو عقد العمل ، إلا أنه ليس من الضروري في جميع الحالات أن تقوم هذه الرابطة بسبب عقد العمل ، وإنما تقوم هذه العلاقة كلما وجد لدى أحدهما على الآخر عنصران أساسيان لقيامها وهما السلطة الفعلية لأحدهما على الآخر والعنصر الثاني يتمثل في عنصر الرقابة والتوجيه .

المطلب الثانــــي: السلطة الفعليـة للمتبوع عن تابعــــه إذا افترضنا بأنه في الكثير من الأحيان يكون العقد هو سبب هذه العلاقة وبالأحرى عقد العمل الذي يمكن صاحب العمل من بسط سلطته على الشخص المتبوع ، إلا أننا نؤكد بأن هذه العلاقة تقوم حتى ولو العقد الذي يربط مابين الطرفين عقدا باطلا ، كما أن هذه العلاقة تقوم أحيانا حتى ولو كان الشخص المتبوع ليس حرا في اختيار تابعه .

   كما يؤكد الفقهاء بأنه لا يتطلب بأن تكون السلطة التي يمارسها أحد الأشخاص (المتبوع له)عن الشخص الآخر (التابع) سلطة شرعية ، بل يكفي بأن تكون سلطة فعلية ، لأنه يمكن أن تقوم عن سبب غير شرعي كأن يكون العقد الذي يربط ما بين الطرفين باطلا .

المطلب الثالــــــث: الرقابــــة و التوجيـــــه إن السلطة الفعلية التي يتمتع به المتبوع تجاه تابعه يلزم أن تقوم على أساس الرقابة والتوجيه ، أي أن يكون للمتبوع له السلطة في إصدار الأوامر تجاه تابعه في عمله خاصة ، وأن تكون له السلطة حتى أثناء تنفيذ الأوامر و التوجيهات ، لكن ما يشترط لقيام هذه التبعية هو أن تكون هذه الأوامر والتوجيهات متعلقة بعمل معين يقوم به التابع لحساب متبوعه .

     ومثلما يكون الشخص المتبوع شخصا طبيعيا فإنه يمكن أن يكون شخصا اعتباريا ؛ كأن يكون شركة أو مؤسسة أو جمعية ، ومنه فيكون الشخص الاعتباري مسؤولا عن جميع الأفعال الضارة التي يرتكبها الأشخاص التابعون له في حدود ما لهؤلاء من سلطة العمل لحسابه وهذه المسؤولية مباشرة باعتبارها مسؤولية عن عمل شخصي ، ولكن إذا تجاوز المسؤولون أو الممثلون للأشخاص المعنوية سلطتهم فإنهم يسألون عن أخطائهم الشخصية ، بينما تبقى مسؤولية الشخص الاعتباري مسؤولية التبعية عن أعمال التابع .

المطلب الرابــع: صدور خطأ من التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .

 إن هذا الشرط هو جوهر هذا الفرع من الفرع من المسؤولية فهي لا تقوم إلا بصدور فعل ضار من المتبوع تجاه تابعه يسبب ضررا للغير لأنه لا يجوز مساءلة المتبوع عن كل أعمال تابعه حتى ولو لم تكن هناك صلة بينها وبين الوظيفة .

ومثال الخطأ الذي يقع من الموظف أثناء أدائه للوظيفة أن يخطئ الطبيب الذي يشتغل لصالح مستشفى عام في علاج المريض ، أو كأن يمكن الحارس لصا من سرقة أغراض المؤسسة التي يعمل لحسابها .

وهناك الخطأ الذي يقع ليس أثناء تأدية الوظيفة ، ولكن قد تربطه علاقة وطيدة بالوظيفة بمعنى أن لولا الوظيفة لما ارتكب الموظف الخطأ كما لو اعتدى أحد السائقين العموميين على أحد الركاب لعدم احترامه له ، أو لو أن خادما رأى سيده يتضارب مع شخص غريب فهب لمساعدته وضرب الرجل ضربا أفضى لموته .

    ولقد اختلف الفقهاء حول الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه فبعضهم أقامها على أساس تحمل التبعة و بعضهم يقيمها على أساس الضمان ، و بعضهم على أساس النيابة و الآخر على أساس الحلول ، ولكن الصحيح هو أنهذا النوع من المسؤولية أساسه القانون .

المطلب الخامس: حق المتبوع في الرجوع عن تابعـــه .

    بقراءة المادة 137 قانون مدني جزائري التي تنص على أن للمسؤول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤولا عن تعويض الضـــــــرر .

    انطلاقا من هذه المادة يكون للمتبوع الحق في الرجوع عن التابع بكل ما دفعه عن التابع لأن المتبوع مسؤول عن أعمال تابعه وليس مسؤول معه ، وعلى المضرور أن يقيم الدليل على خطأ التابع لتقوم مسؤولية المتبوع .

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمــــــــة المراجــــــــع :

 

    القوانيـــــــــــــــــــــن :

1- القانون المدني ، الأمر 75/59 المؤرخ في 26/09/1975 .

2-الأمر 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 المعدل للقانون المدني .

3- قانون 07/05 المؤرخ في 13 ماي 2007 المعدل للقانون المدني .

4- قانون التأمينات ، الأمر 95/07 المؤرخ في 25/01/1995 .

 

الكتــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :

1- علي فيلالي ، الالتزامــــات ، النظريـــــة العامـــــة للعقـــــد ، الطبعة الثالثـــــــة ،  موفم للنشـــــــر، الجزائــــــــــــر ، 2013 .

2- فاضلــــي إدريــــس الوجيـــــز في النظرية العامة للالتــــزام ، ديـــــوان المطبوعات الجامعيـــــــة ، الجزائــــــــــــــــر ، 2009 .

3- خليل أحمد حسن قدادة ، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ، الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائــــــــر ، 1994 .

4-العربي بلحاج ، النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري ، الجزء الأول ، الطبعة السادسة ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائــــــر، 2008 .

5- علي علي سليمان ، النظرية العامة للالتزام ، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائــر، 2005 .

6- علي علي سليمان ، مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائــر، 2006 .

7-  محمد صبري السعدي ، الواضح في شرح القانون الحديث ، دار الهدى ، عين مليـــــلة ، الجزائــــــــر ، 2012 .

8- فرج علواني هليل ، البطلان في قانون المرافعات المدنية ، ( د، ط ) ، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ، مصر ، 2008 .

9- محمد السعيد جعفور ، نظريات في صحة العقد وبطلانـــــه في القانون المـــــدني و الفقه الإسلامــــــي ، دار هومــــــة ، الجزائـــــــــر ، د ت ن  .

10- عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح قانون المدني الجديد ( نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام) المجلد الأول ، الطبعة الثالثــــــة ، القاهــــــــــــرة .

11- توفيق رضا فرج ، دروس في النظرية العامة للالتزام ، دون طبعة ،  مؤسسة النقابة الجامعية ، الإسكندرية ، مصر ، د ت ن  .

12- منصري السعدي شرح القانون المدني الجزائري ، النظرية العامة للالتزام ، التصرف الثانوي ، العقد و الإرادة المنفردة، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، دار الهدى ، عين مليــــــــلة ، الجزائــــــــــر ، 2004  .

13- حليم نوشي ، انحلال العقد ، دراسة تطبيقية حول عقد البيع وعقد التنازل ، الطبعة الأولى ، الدار الخلدونية للنشر والتوزيع ، الجزائـــــــر ، 2007 .

 


 

محاضرات مقيــــاس قانـــــون الأســـــــرة

المحاضرة الاولى

 المحاور و المراجع

المحور الأول: قانون الأحوال الشخصية

أولا: مفهوم قانون الأحوال الشخصية

ثانيا: تطور قانون الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية

المحور الثاني:الخطبة

أولا: مفهوم الخطبة                                                                               

     1ـ الخِطبة شرعا

     2ـ الخِطبة قانونا

ثانيا:شروط الخطبة

     1ـ  الشروط المستحسنة في المخطوبة

     2ـ   شروط صحة الخطبة

المحورالثالث:ركن الرضا في عقد الزواج

أولا: في الشريعة الإسلامية

ثانيا: في التشريع الجزائري

    1ـ التعبير عن الإرادة  

    2ـ الشروط المتعلقة بالصيغة

    3ـ الاشتراط في عقد الزواج

المحور الرابع: شرط الأهلية في عقد الزواج

أولا: سن الزواج في الفقه الإسلامي

ثانيا: موقف المشرع الجزائري

المحور الخامس: شرط الصداق في عقد الزواج.

أولا: تعريف الصداق

ثانيا: شروط الصداق

ثالثا: نوعا الصداق

المحور السادس: الولاية في عقد الزواج في قانون الأسرة الجزائري.

أولا: الولاية في عقد الزواج في الفقه الإسلامي

    1ـ شروط الولي

    2ـ ترتيب الأولياء

    3ـ زواج البالغة العاقلة

ثانيا:الولاية في عقد الزواج في تعديل قانون الأسرة الجزائري

المحور السابع: شرط الشهادة في عقد الزواج

أولا:موقف الفقه الإسلامي

ثانيا: شروط الشاهدين

المحور الثامن: شرط انعدام الموانع الشرعية في عقد الزواج

أولا: الموانع المؤبدة

ثانيا: الموانع المؤقتة

المحور التاسع:الزواج الصحيح والزواج غير الصحيح

أولا:الزواج الصحيح

ثانيا: الزواج غير الصحيح

    1ـ الزواج الفاسد

    2ـ الزواج الباطل

المحور العاشر: شرط الوثيقة الطبية في عقد الزواج المادة 07 مكرر

أولا: جديد قانون الأسرة فيما ما يخص الوثيقة الطبية

ثانيا: وظيفة الموثق أو ضابط الحالة المدنية

المحور الحادي عشر: إثبات عقد الزواج وتسجيله

أولا: التسجيل قبل الدخول

ثانيا: التسجيل بعد الدخول الزواج العرفي "الفاتحة"

المحور الثاني عشر: آثار عقد الزواج

أولا: حق الزوجة في النفقة الزوجية

    1ـ  تعريف النفقة وحكمها

    2ـ تقدير النفقة

- جديد قانون الأسرة المعدل فيما يخص حقوق وواجبات الزوجين

ثانيا: حق التعدد

ثالثا: ثبوت النسب

    1ـ ثبوت النسب بالزواج الصحيح

    2ـ ثبوت النسب بالزواج الفاسد

   3ـ ثبوت النسب بالوطأ بشبهة

    4ـ ثبوت النسب بالإقرار

رابعا:جديد قانون الأسرة في مسألة إثبات النسب

     1ـ تعديل المادة 40(معدلة)

    2ـ العوائق القانونية والعوائق المادية

المحور الثالث عشر: الطلاق

أولا: تعريف الطلاق وتمييزه عن الفسخ و البطلان

     1ـ تعريف الطلاق

    2ـ تمييز الطلاق عن الفسخ

    3ـ تمييز الطلاق عن البطلان

ثانيا: حكم الطلاق وأدلة مشروعيته والحكمة منه

     1ـ حكم الطلاق وأدلة مشروعيته

     2ـ الحكمة من مشروعية الطلاق

ثالثا: أقسام الطلاق

     1ـ أقسام الطلاق في الشريعة الإسلامية

    2ـ الطلاق في القانون الوضعي

رابعا:الطلاق بالإرادة المنفردة

خامسا: الطلاق بالتراضي

سادسا:الخلع

    1ـ نظرة قانون الأسرة الجزائري لقضية الخلع

    2ـ تأثير القانون الجديد على قضايا الخلع في المحاكم الجزائرية

سابعا: التطليق

المحور الرابع عشر: آثار الطلاق

أولا: النفقة

ثانيا: التراع حول متاع البيت

ثالثا: التعويض

رابعا:الحضانة

ملاحظة بخصوص المراجع : يمكن الاعتماد على أي مرجع من المراجع التالية او غيرها فالطالب غير ملزم بمرجع معين ماعدا قانون الاسرة الجزائري

المراجع

-أحمد نصر الجندي، شرح قانون الأسرة الجزائري، دار الكتب القانونية ، مصر، 2009.

      "        "    ،مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية، القاهرة الحديثة للطباعة، القاهرة، سنة 1996. 

الغوثي بن ملحة، قانون الأسرة على ضوء الفقه والقضا ء، الطبعة الثاني، ديوان المطبوعات الجامعي ة، بن

 عكنون- الجزائر، 2008

-بلحاج العربي، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري، الجزء الأول الزواج والطلاق، الطبعة الثالثة، ديوان

المطبوعات الجامعية، بن عكنون الجزائر، 2004.

-بن شويخ الرشيد، شرح قانون الأسرة الجزائري ، دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية.

-عبد العزيز سعد، قانون الأسرة الجزائري في ثوبه الجدي د، شرح أحكام الزواج والطلاق بعد التعديل، الطبعة

. الثانية، درا هومة، الجزائر ، 2009.

-كاميلي مراد، الوجيز في قانون الأسر ة ، السنة الرابعة علوم قانونية وإدارية، جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي،

السنة الجامعية  2010/2009

-نبيل صقر، قانون الأسرة، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع.

-أبو سعود رمضان، الوجيز في شرح أحكام الأحوال الشخصية لغير المسلمين، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة 1997.

-بدران أبو العينين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، الجزء الأول، دار الفكر العرب، سنة 1968.

-الدكتور بلقاسم شتوان، الخطبة و الزواج في الفقه المالكي، دار الفجر للطباعة و النشر، سنة 2007.

-مصطفي السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، الزواج و انحلاله، مطبعة دمشق، سنة 1997.

-مصطفي شلبي، أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، بيروت الطبعة 2، سنة 1977.

-الإمام أبو محمد أبو زهرة، محاضرات في عقد الزواج، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 1971.

-الإمام محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 1971.

-محمد الصالح العياري، مذكرات و بحوث قانونية، نشر و توزيع عبد الكريم عبد الله، الطبعة الأولى.

-الدكتور محمد محدة، سلسلة قانون الأسرة الجزء الأول الخطبة و الزواج، دراسة مدعمة بالقرارات و الأحكام القضائية، الطبعة 2، شهاب، سنة 1994.

-حسين ناصر، حقوق المرأة في التشريع الإسلامي و الدولي المقارن، دار الثقافة و النشر الإسكندرية.

-العمروسي أنور، موسوعة الأحكام الشرعية في الزواج و الطلاق و الخلع، الجزء الأول, دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، سنة 2003.

-عبد العزيز عامر، الأحوال الشخصية في الشريعة فقها و قضاءا الزواج، دار الفكر العربي, الطبعة الأولى، سنة 1984.

-السرطاوي، شرح فانون الأحوال الشخصية الأردني، القسم الأول عقد الزواج و آثاره، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، عمان، طبعة 1999.

-رمضان السيرنباطي و جابر عبد الهادي سالم الشافعي، أحكام الأسرة الخاصة بالزواج و الفرقة و حقوق الأولاد في الفقه الإسلامي و القضاء، دراسة مقارنة الأحول الشخصية في مصر و لبنان، منشورات حلبي الحقوقية، سنة 2000.

-حسين بن الشيخ آث ملويا، المنتقي في قضاء الأحوال الشخصية، الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، سنة 2006.

-الدكتور عبد الرحمان الصابوني، شرح الأحوال الشخصية السوري، الزواج و أثاره الجزء الأول، مطبعة دمشق، سنة 1971.

-فتحي الدريني, دراسات و بحوث في الفكر الإسلامي المعاصر, المجلد الثاني, طبعة 1, دار تقية للطباعة و النشر, بيروت, سنة 1988.

-زهدي يكن، الزواج و مقارنته بقوانين العالم، بيروت، منشورات المكتبة المصرية، الطبعة الأولى

 

  1. قانون الأسرة، رقم 84/11، المؤرخ في 9 يونيو  1984 المعدل و المتمم بالقانون رقم 05/09، المؤرخ  في 4 مايو 2005.
  2. القانون المدني، رقم 75/58، المؤرخ في 26سبتمبر 1975، المعدل و المتمم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


قائمة محاور بحوث السداسي الأول والسداسي الثاني : 1/ الــــــنظرية الـــــعامة للـدولة . 2/ أشــــــــكال الــــــــــــدولـــة . 3/ الأنـــــظمة الإنـــتــــــخابـــية . 4/نشأة وتعديل ونــهاية الدسـاتير . 5/ نــــــــشأة الدساتير الجزائرية . 6/ الرقابة على دستورية القوانين . 7/ السلطات الثلاثة فى الــدستور . 8/ أسالـــــيب ممارسة الـــسلطة . 9/ الآنــــــظمة الإنتــــــخـــابـــية . 10/مـبدأ الفصل مابين الســلطات . 11/ الآحـــزاب الــــسـياســــــية . 12/ النظام السياسي الجـمهورى . 13/ نـــــظام الملكية الدســتورية . 14/ النظام السياســي البرلـماني . 15/ النظام السياســي الــرئاسي . 16/ النظام السياسي الجــزائري . دروس في القانون الدستوري السداسي الأول المبحث الأول مفهوم القانون لدستوري : مفهوم القانون بوجه عام : تعـريف القانـون :. للقانون مدلولات عديدة ومتنوعة فقد يقصد بالقانون كل قاعدة مطردة مستقرة ، يفهم منها نتائج معينة وهذا هو المقصود العام للقانون، وهو لفظ يستعمل في المجالات المختلفة ، العلمية والرياضية ، والاقتصادية ، والاجتماعية كأن يقال قانون (الطفو) أو قانون (الجاذبية) أو قانون (العرض والطلب) …إلخ.وقد يقصد بالقانون بمجموعة القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية، يقصد تنظيم مسألة معينة مثالها ، قانون الوظيفة العامة ، الذي يبك ين كيفية تعيين الموظف وترقيته ، وعزله وإحالته إلى التقاعد ، أو قانون تنظيم الجامعات أو المحاماة . وقد يقصد بالقانون كذلك لتدليل على فرع معين من فروع القانون، فيقال على سبيل المثال القانون المدني ،أو القانون التجاري ،أو قانون تنظيم الجامعات ، أو المحاماة.و قد يقصد بالقانون أخيرا ، بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تحكم سلوك الأفراد في المجتمع ، و التي يتعين عليهم الخضوع لها و لو جبرا اذا اقتضى لأمر ذلك.في الواقع أننا لا يمكن إعتماد المدلول الأول للقانون ، على أساس أن هذا المدلول لا ينطبق إلا على الظواهر الطبيعية كما رأينا عند وضعه ، و الأمر كذلك ، بالنسبة للمدلول الثاني على أساس أن التشريع الذي تضعه السلطة التشريعية لتنظيم مسألة معينة ليس إلا مصدر من مصادر القانون ، مع أن للقانون مصادر عديدة كما و أن لا يعرف بمصادره التي يستقي منها قواعده. تعريف القانون الدستوري : و هو مجموعة القواعد التي تحدد طبيعة نظام الحكم في الدولة ، و تبين السلطات العامة فيها و اختصاص كل منها و علاقاتها مع بعضها البعض، كما تبين حقوق الأفراد السياسية و ما يجب لحرياتهم من ضمانات . و يعتبر القانون الدستوري في طليعة فروع القانون العام الداخلي فهو أساس كل تنظيم في الدولة ، حيث يضع الأسس التي تقوم عليها الدولة ، وعلى هذا فإنه لا يجوز مخالفة هذا القانون بقانون آخر يصدر داخل الدولة ، لأن كل القوانين الأخرى أقل منه في المرتبة أهمية القانون الدستوري : إذا كانت الدولة تهتم بالتوفيق بين الحرية و المصلحة العامة فإن مهمة القانون الدستوري هي تنظم التعايش السلمي بين السلطة و الحرية في إطار الدولة و هذا لن يأتي إلا بالتوفيق بين فردية الإنسان و أنانيته التي تبين حقوق الفرد و حرياته وواجبات الدولة إتجاه الجماعة حتى أن الأستاذ (بريلو) يقول بأن القانون الدستوري أداة السلطة أو تقنية السلطة . فالقانون الدستوري حسب وجهة نظره هو ظاهرة السلطة العامة في مظاهرها القانونية . الهدف من القانون الدستوري المسائل التي ينظمها القانون الدستوري : من التعريف السابق للقانون الدستوري ، يتبين أن المسائل التي ينظمها و يعتني في تحديد أحكامها هي أولا:- يبين نظام الدولة السياسي ، ملكية أم جمهورية ، ديمقراطية أم دكتاتورية نيابية أم غير نيابية ، بسيطة أم اتحادية إلخ ثانيا :- يبين السلطات العامة في الدولة السلطة القضائية السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية و يبين الهيئات التي تباشرها فالسلطة القضائية تقوم بها المحاكم و المجالس القضائية على نطاق الولايات في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ، و المجلس الأعلى الذي يقوم مقام محكمة النقض و مركزه الجزائر العاصمة أمالا السلطة التشريعية فيقوم بها المجلس الوطني الشعبي أما السلطة التنفيذية فيقوم بها رئيس الجمهورية و يعاونه في ذلك الوزراء كما يبين القانون الدستوري في هذا الخصوص علاقات السلطة العامة بعضها مع بعض ، و يبين ما إذا كانت هذه السلطات منفصلة عن بعضها أم أن لكل سلطة منها الحق بالتدخل في نشاط السلطتين الأخيرتين و ما حدود هذا التدخل . ثالثا : - و يحدد القانون الدستوري حقوق الأفراد في الدولة و كما يقرر الحريات التي يتمتع بها كل فرد، و ترجع هذه الحقوق و هذه الحريات إلى حقين جوهريين الحرية و المساواة فالحرية تشمل الحرية في التملك ، الدين و العقيدة ، السكن، و الحرية الشخصية، و التعليم ، أما المساواة فهي تتضمن المساواة في الحقوق و الواجبات ، أي المساواة في ما تخوله الدولة من مزايا و تكاليف كالمساواة في تولي الوظائف العامة وواجب أداء الخدمة الوطنية أو أداء الضرائب . أنواع الدساتير : تنقسم الدساتير من حيث المصدر الذي تخرج منه ، إلى قسمين : القسم الأول : عندما يكون الدستور منحة من الحاكم أو السلطات إلى شعبه ، ينزل فيه عن بعض سلطاته للشعب ، و القسم الثاني عندما يصدر الدستور عن الشعب ، أي يكون الشعب هو مصدر الدستور ، وهذا هو ما تم بالنسبة للدستور الجمهورية الجزائرية الشعبية الجديد عندما طرح للإستفتاء على الدستور. و تنقسم الدساتير كذلك من حيث قوة أحكامها وأماكن تعديلها إلى دساتير مرنة و دساتير غير مرنة و تسمى بالدساتير الجامدة . و الدساتير المرنة هي الدساتير التي يجوز تعديل أحكامها بقانون عادي ، و مثال ذلك الدستور الإنجليزي ، حيث يمكن تعديل أي حكم فيه بقانون عادي يصره البرلمان أما الدساتير الجامدة فهي التي لا يمكن تعديلها بقانون عادي و إنما لابد لتعديلها من إتخاذ إجراءات خاصة كأن يكون لرئيس الجمهورية أو البرلمان طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور . المعاني المختلفة للدستور : يتفق أغلب الفقه على أن القانون هو ذلك الموضوع الذي ينظم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد من أجل ضمان العدالة بينهم ، ومن المعروف أن القانون ينقسم إلى قسمين : القانون الخاص privé والقانون العام أو العمومي public .فالقانون الخاص ينظم العلاقات الخاصة بين الأفراد كعلاقات البائع مع المشتري والمؤجر مع المستأجر ، أما القانون العام فهو الذي ينظم العلاقات التي يمكن أن تقوم بين أحد الأشخاص المعنوية العمومية Personnes morales publiques وأحد الأشخاص الخاصة الطبيعيين أو الأشخاص المعنوية العمومية (شخص واحد أو أكثر) ومن الأمثلة على هذه التصرفات قيام الدولة بنزع ملكية شخص من أجل تحقيق منفعة عامة أو تعاقدها مع مقاول للقيام بأشغال لصالحها، أو توريد أشياء لها مقابل مبلغ معين، أو نقل ملكية من شخص إلى آخر كما هو الشأن بالنسبة لنقل طريق مملوك للولاية أو البلدية إلى الدولة أو العكس. ومن بين فروع القانون العام الدستوري الذي يحدد شكل النظام السياسي للدولة والذي يجد أهم قواعده في الدستور الذي يحمل معاني مختلفة لغوية وسياسية وقانونية 1-المعنى اللغوي : نعتقد مع جميع الفقهاء العرب أن عبارة " دستور" ليست عربية وأن معناها هو القانون الأساسي، غير أن هذا الاصطلاح العربي اختلف بشأنه، فنجد بعض الدول قد استعملته للدلالة على معنى الدستور كالعراق مثلا في دستور 1925 وإيران في دستور 1979 في حين أن البعض الآخر يستعمله للدلالة على قوانين لا تصل إلى مرتبة الدستور، ولكنها تعد أساسية بإعتبارها تتضمن مبادئ عامة تتناولها بالشرح أو التفسير قوانين أخرى ومثل ذلك القوانين الأساسية في الجزائر (القانون الأساسي العام للعامل مثلا) والحقيقة أن مصطلح الدستور الآن في معظم الدول العربية يقابله بالفرنسي والإنجليزي مصطلح Constituion الذي يعني التأسيس أي النظام أو القانون الأساسي ونتيجة لهذا الإختلاف يفضل استعمال اصطلاح الدستور لما يحمله من معاني السمو ومظاهر الاحترام فالدستور لغة هو اذن مجموعة القواعد الأساسية التي تبين كيفية تكوين وتنظيم الجماعة، ولا يشترط فيه أن يكون مكتوبا أو عرفيا، لذلك فان الدستور بهذا المعنى يوجد في كل جماعة، من الأسرة حتى الدولة ، وأن هذا المعنى الواسع غير محدد وغير دقيق لكونه يحتوي على معاني يمكن أن تنصرف إلى كل تنظيم يمس أية مجموعة بشرية، في حين أن المعنى الحقيقي للدستور هو الوثيقة المنظمة للدولة وشؤون الحكم . 2-المعنى السياسي والمذهب الدستوري: لقد تضمن إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 شروطا معينة يجب توافرها في الدستور وتتمثل في تضمينه لحقوق الإنسان وحرياته وضمانات ممارستها إلى جانب ضرورة الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات حتى لا تتداخل اختصاصاتها و تقتضي على السلطة المطلقة و ذلك تأثرا بالمذهب الدستوري Constitutionalism الداعي إلى قرار التوفيق ين السلطة و الحرية . و يقصد بالمذهب الدستوري تلك الحركة التي ظهرت في عصر النهضة الأوربية وحلت محل الأعراف السائدة آنذاك غير الواضحة و التي تركت مجالا واسعا للملك لممارسة السلطة التقديرية ، فظهرت الدساتير المكتوبة للحد من إطلاق السلطة و استبدادية الملوك ، و لذلك طالب الأحرار بتحديد أنماط إسناد ممارسة السلطة السياسية بموجب نص واضح دفعا لأي إطلاقا للسلطة ، ومن ثمة فالدستور في مفهومه الشكلي يتعارض مع التعسف ، لأنه يحدد دولة القانون التي يمكن أن يكون فيها سواء ما هو مطابق للقواعد التي يضعها ذلك الدستور . و المعلوم أن المذهب الدستوري يجد مصدره في فكرة العقد المعارضة لإطلاق السلطة و التي ظهرت بوادر لها في القرن 16 و سيطرت في القرن 18 والتي دفعت إلى إنشاء المجتمع المدني في قالب عقد بين مختلف الأطراف بعيدا عن تأثير العوامل الدينية، وأعتبر الدستور شكلا قيدا على السلطة المطلقة للملوك، وبالتطور أصبح لأغلب الدول دستور في مفهومه الشكلي إلا أن الممارسة السياسية لم تكن في كل الأحوال متماشية مع الدستور وهو ما تسبب في اختلال بين النصوص الدستورية والممارسات السياسية، وإن كان هذا الاختلال ليس من ذات الطبيعة الواحدة والدرجة والأثر في كل الأنظمة .ومن هنا فإن أي نظام لاسيما إذا كان رسميا، مثلما هو في الدستور، كان دائما له معنى اجتماعي لكونه تعبيرا عن علاقات قوى موجودة ضمن نظام سياسي في مرحلة معينة، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كانت كل قاعدة دستورية تحمل في طياتها فكرتها المضادة بالمفهوم الهيغلي أو الماركسي، ذلك أنه وإن كانت الحرية مقررة دستوريا إلا أنها عمليا صعبة التحقيق وسهلة التقييد وحتى الإلغاء الوقتي لا سيما من حيث تنظيمها قانونا، وعليه فإن التفسير التناقضي السالف الذكر يعني رفض النظرة المنسجمة للمذهب الدستوري . والمؤكد أن الطبقة البورجوازية استعملت المذهب الدستوري لتقييد السلطة المطلقة واعتبرت نفسها المعبر عن رأي واردة الشعب في مواجهة تلك السلطة، وهي الفكرة التي تبنتها طبقات مختلفة كالمجاهدين، والجيش والبورجوازية في الدول النامية حيث اعتبرت نفسها هي الشعب والمعبر الحقيقي الوحيد عن الشعب ودفع بها ذلك الموقف إلى اعتبار أن كل ما يخالف وجهة نظرها ومصلحتها، ولو كان ذلك واردا من الشعب يعتبر مرفوضا يجب محاربته ورفضه، وهو ما يطرح تساؤلا في هذه الأنظمة حول ما إذا الدستور في النهاية هو أداة للدعاية داخليا وخارجيا للنظام عما هو قائم، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن يصبح الدستور يحمل معنى شعاريا أكثر من كونه ذو معنى اجتماعي سياسي، ومهما يكن من رأي حول المذهب الدستوري ونتائج الأخذ به فإن المعنى السياسي للدستور رسميا ونظريا يقصد به تلك الوثيقة التي تتناول كيفية تنظيم السلطة السياسية في الدولة على أساس الفصل بين السلطات، وتتضمن حقوق وحريات الأفراد وضمانات ممارستها باعتبارها قيودا على سلطة الحكام عليهم احترامها وعدم الاعتداء عليها . 3-المعنى القانوني : من المعروف أن الأفراد في حاجة إلى قواعد قانونية تنظم العلاقات فيما بينهم، وكذلك الحال بالنسبة للدولة، فهي في حاجة إلى قواعد قانونية تنظم شؤونها وعلاقتها، وأن الحكام عندما يمارسون وظائفهم واختصاصاتهم لا يفعلون ذلك باعتبارهم يمارسون حقوقا أو امتيازات شخصية، وإنما اختصاصات أو وظائف منظمة ومحددة بقواعد دستورية تستمد منها القواعد القانونية الأخرى وجودها وشرعيتها .ومن المعلوم أن للدستور مفهومين أحدهما شكلي والأخر موضوعي : المفهوم الشكلي : ويقصد بالمفهوم الشكلي مجموعة القواعد القانونية التي تتضمنها الوثيقة الدستورية، وعليه فإن المفهوم الشكلي ينحصر فيما هو وارد من أحكام في الوثيقة الدستورية، الموضوعة من طرف جهة مختصة دون أن يمد إلى غير ذلك من القواعد . والذي لاشك فيه أن الاعتماد على هذا المفهوم لا يتماشى والواقع لأن في ذلك إنكار لوجود دساتير عرفية كدستور انجلترا فضلا عن الدساتير تتضمن بعض القواعد التي لا صلة لها بالتنظيم السياسي مثل النص في الدستور الجزائري على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، ونص الدستور الفرنسي لسنة 1848 على إلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم السياسية، والغرض من ذلك هو كفالة ثباتها واستقرارها أكثر بالمقارنة مع القوانين العادية فتصبح بعيدة عن التأثيرات السياسية . وبالمقابل فإن هناك قواعد دستورية بطبيعتها لاتتضمنها الوثيقة الدستورية مثل قوانين الانتخابات وقوانين تشكيل وتنظيم البرلمان ونظمها الداخلية، والأخذ بالمفهوم الشكلي يعني إبعادها من الدستور خلافا للواقع. المفهوم الموضوعي :أما المفهوم الموضوعي فيقصد به مجموعة القواعد التي تنظم شكل الدولة ونظام الحكم وطبيعة العلاقة بين السلطات واختصاصاتها، وكذلك القواعد التي تبين حقوق الأفراد وحرياتهم وضماناتها دون نظر إلى ما إذا كانت مدرجة ضمن الوثيقة الدستورية أو وثيقة قانونية أخرى مهما كان مصدرها وتدريجها في الهرم القانوني أو كانت عرفية . ونتيجة لاختلاف المفهومين فإن الفقهاء اختلفوا حول المعيار الذي يمكن الاعتماد عليه بشأن تعريف الدستور. فمنهم من اعتمد المعيار الشكلي بحيث يسند على الوثيقة الدستورية، أي النصوص المدونة فيها والهيئة والإجراءات التي اتبعت في وضعها والمصادق عليها، ومنهم من استند على المعيار الموضوعي الذي يعتمد على جوهر نظام الحكم ومضمون الدستور وعليه يعرف أنصار المعيار الشكلي الدستور بأنه مجموعة القواعد التي تضعها هيئة خاصة وتتبع في ذلك إجراءات خاصة تختلف عادة عن إجراءات وضع القوانين العادية، أما أنصار المعيار الموضوعي فيعرفون الدستور بأنه مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتبين سلطتها العامة وعلاقتها ببعضها وعلاقة الأفراد بها، كما تقرر حقوق الفرد وحرياته المختلفة وضمانتها أما المدرسة الاشتراكية فتعرفه بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تثبت وفقا لمصالح الشغيلة النظام الاجتماعي والسياسي في الدولة وكذلك مبادئ تنظيم هيئات السلطة ونشاطها وأسس الوضع القانوني للأفراد في الدولة الاشتراكية ويرى الدكتور نوري لطيف بأن القانون الدستوري هو مجموعة القواعد القانونية التي تثبت نظام الحكم في دولة موافقا لمصالح الطبقات والفئات الاجتماعية السائدة في ضوء فكرة قانونية معينة وقد رجح معظم الفقهاء التعريف الموضوعي عن التعريف الشكلي لما له من احاطة أكبر بالموضوع نظرا لأن المعيار الشكلي يعاب عليه كونه لا يشمل بعض الموضوعات ذات الصفة الدستورية، وغير المدونة مثلما ذكرنا آنفا. فضلا عن أن استناده على الدستور ونصوصه يجعلنا عاجزين على إيراد تعريف الدستور في الدول التي ليس لها دساتير مكتوبة، وأخيرا فإن التعريف الذي يستند على المعيار الشكلي لا يمكن الأخذ به في جميع الدول نظرا لاختلاف دساتيرها، وبالتالي فإن التعريف لا يكون واحد بل متعددا . التفرقة بين القانون الدستوري وبعض الاصطلاحات الأخرى : بجانب اصطلاح القانون الدستوري مصطلحات أخرى تشبهه، وهي قريبة منه لكنها ليس لها ذات المعنى، ونقصد بذلك الدستور والنظام الدستوري، ونظرا للتشابه اللغوي والاختلاف في المعنى بين هذه الاصطلاحات والقانون الدستوري، يتوجب علينا التميز بين مفاهيم هذه التسميات 1-فالدستور بمفهومه الموضوعي موجود في كل الدول ولو أنه شكلا غير موجود في بعضها، لأنه لا يتصور قيام مجتمع سياسي دون دستور. وفضلا عن ذلك فإن المفهوم الشكلي للدستور يجعل منه مصدرا من بين مصادر القانون الدستوري، وأن كان هو الذي يحتل المرتبة الأولى 2-أما النظام الدستوري فيقصد به ذلك النظام الحر أي الحكومة الدستورية في الدولة، ولكي تكون كذلك يشترط الفقه الفرنسي لإضفاء صفة النظام السياسي على دولة معينة واعتباره نظاما دستوريا أن تكون الحكومة خاضعة لقواعد قانونية دستورية أعلى منها، لا يجوز لها التحلل منها والخروج عنها، وإنما عليها التقيد والالتزام بما هو وارد فيها من قيود وفصل بين السلطات تكون الغلبة في هذا النظام للبرلمان المنتخب من طرف الشعب.ومن هنا فإن الحكومة الاستبدادية والمطلقة والحكومة الفعلية تتنافى وفقا لهذا الرأي مع قيام النظام السياسي لانتقاء الشروط السابق ذكرها فيها، والحقيقة أن هذا الرأي لم يعد مقبولا في عصرنا الحاضر لكونه يتنافى مع المفهوم الحديث للدستور الذي يقصد به الوثيقة المتضمنة نظام الحكم في الدولة دون نظر إلى أساس هذا النظام وشكله كما أن التعريف الشائع للقانون الدستوري باعتباره القواعد الخاصة بنظام الحكم لم يعد يهتم بشكل النظام ولا أساسه أيضا .نخلص مما سبق إلى أن القانون الدستوري أوسع من النظام الدستوري وبالتالي فإن انعدام هذا الأخير في الدولة إذا أخذناه بمفهومه السابق لا يحول دون وجود القانون الدستوري، فالمرحلة الممتدة من 19 جوان 1965 إلى سنة 1976 تاريخ وضع الدستور الثاني (الدستور الأول كان في سنة 1963) لا تعني أنها مرحلة إنعدم فيها وجود القانون الدستوري أنها مرحلة تميزت بأسلوب حكم ونظام خاص معتمد على المشروعية الثورية واحترام النصوص القانونية التي وضعها النظام سواء كانت بالمواضيع التي تدخل ضمن القانون الدستوري أو غيره. علاقة القانون الدستوري بالقوانين الأخرى : يمكن القول باختصار شديد أن العلاقة بين القانون الدستوري وفروع القانون العام الأخرى تتمثل في الآتي : لعل أهم القوانين اتصالا بالقانون الدستوري هو القانون الإداري لما لهما من علاقة وطيدة، ومع ذلك فالقانون الدستوري أسمى من القانون الإداري من جهة، حيث يقرر القواعد والمبادئ الأساسية لكل فروع القانون العام بما فيها القانون الإداري الذي يقتصر دوره على وضع هذه المبادئ والقواعد موضوع التنفيذ، ومن جهة ثانية فالقانون الدستوري يتناول نشاط الدولة السياسي، في حين أن القانون الإداري يهتم بتحديد النشاط الإداري في الدولة .وإذا كان القانون الدستوري ينظم السلطات العامة في الدولة ويحدد الحقوق والحريات العامة للأفراد وضمانات حمايتها، فان القانون الإداري لا يهتم إلا بالوظيفة الإدارية للسلطة التنفيذية، معتمدا في ذلك على مبادئ وقواعد الدستور . وفيما يخص علاقة الدستور بعلم المالية، فإنها أيضا متينة بين الاثنين، ولذلك فإن علم المالية يهتم بالتشريع المالي بقصد تنظيم وإدارة أملاك الدولة، وأن كان البعض لا يسلم باستقلالية هذا العلم والقانون لاحتوائه على مجالين الأول خاص بوضع التشريع المالي أي الميزانية وهو مجال يدخل في ميدان التشريع، أما المجال الثاني فهو صرف هذه الأموال أو تحصيل الضرائب والرسوم وهو عمل إداري، وبالتالي فلا وجود لقانون مالي منفصل عن التشريع أو القانون الإداري .وللقانون الدستوري علاقة بالقانون الجنائي، الذي هو الآخر يستمد ويستلهم أحكامه من القواعد والمبادئ الدستورية، وغايته هي حماية نظام الحكم ككل من الاعتداء عليه من قبل الأفراد أو الحكام، فيحدد الجرائم والعقوبات المقابلة لها، ولا أدل على ذلك من نص الدساتير على العديد من القواعد العامة التي يتناولها القانون الجنائي بالتفاصيل مثل قاعدة عدم جواز القبض على الأشخاص إلا طبقا لأحكام القوانين وحق الدفاع وهناك أيضا علاقة بين القانون الدستوري والقانون الدولي العام، نظرا لأن الأول هو الذي ينظم كيفية إبرام المعاهدات وإجراءات التمثيل في الخارج، كما يبين مدى أخذه بمبادئ أحكام القانون الدولي كميثاق الأمم المتحدة، ولا أدل على تلك العلاقة من ضمين الدساتير الحديثة أحكاما تتعلق بمدى القوة القانونية للمعاهدات الدولية التي تبرمها الدول فيما بينها، واحترام الدول وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها واحترام حقوق الإنسان طبيعة قواعد القانون الدستوري :اختلف الفقه بشأن مدى إلزامية القواعد الدستورية، وانقسم إلى اتجاهين الأول إنجليزي بزعامة أستن Austin والثاني فرنسي بزعامة ديجي Duguit . 1-المدرسة الإنجليزية : تعتمد هذه المدرسة في تحديد مدى طبيعة القواعد القانونية والزاميتها على مدى توافر عنصر الجزاء المتبدي في الإكراه الماديcontrainte matérielle الذي تضمن السلطة العامة توقيعه بما لها من وسائل .ومن هنا يقول زعيم هذه النظرية الفقيه أستن أن قواعد القانون الدستوري لا تعدون أن تكون مجرد قواعد آداب مرعية تحميها جزاءات أدبية بحتة ذلك أن الحاكم لدى مخالفته لقاعدة دستورية يوصف عمله بأنه غير دستوري لكنه لا يكون مخالفا لقاعدة بالمعنى الصحيح، مما يستتبع عدم وصفه بأنه غير قانوني.تقدير الرأي : إذا كانت هذه المدرسة قد اعتمدت في التمييز بين قواعد القانون الدستوري والقانون الدولي من جهة القانون العادي من جهة أخرى على المحاكم الذي يضفي على الأخير الصفة الإلزامية بتوقيع الجزاء على مخالفيه لما يملك من وسائل وهي المنعدمة في القانون الدستوري والقانون الدولي، فإن الذي غاب على أنصار هذه المدرسة هو أن بعض القواعد القانونية العادية لا نجد لها جزاءا ماديا يترتب على عدم احترامها، لكونها مفسرة أو أنها مجيزة لتصرف أو تصرفات معينة، مثل حق المالك في الايصاء بأمواله، كما أن هذه المدرسة لا تعير أي اهتمام للقواعد الدينية باعتبارها أساسا أو جزءا لا يتجزأ من القواعد القانونية لبعض الدول كالدول الإسلامية 2-المدرسة الفرنسية : ترى هذه المدرسة بأنه ينبغي الاعتداد بالجزء المعنوي، لأن كل قاعدة تحتوي على جزاء يتمثل في رد الفعل الاجتماعي contrecoup social على حد قول زعيم المدرسة ديجي، وبهذا فإن كل قاعدة لها جزاءها وان كان الاختلاف بين القواعد القانونية يبدو واضحا من حيث ذلك الجزاء الذي يبدأ من المعنوي المتمثل في رد الفعل الاجتماعي إلى العقاب الجسماني الذي توقعه السلطة العامة في الدولة، وعليه فإن أصحاب وأنصار هذه المدرسة يقرون بأن قواعد القانون الدستوري هي قواعد قانونية بالمعنى الصحيح .تقدير هذا الرأي : بالنظر إلى ما وصلت إليه الأنظمة القانونية الحديثة وتطور الحكم الديمقراطي يمكن القول بأن القواعد القانونية الدستورية ينبغي ان تحترم من قبل ممارسي السلطة إذا أريد لهم أن يحترموا من قبل الشعب صاحب السيادة، فهذه القواعد تحدد كيفيات ممارسة السلطة من قبل مؤسسات الدولة والتي يحق لكل منها ، اعتمادا على ما ورد في الدستور ، أن توقف غيرها عند حدود اختصاصاتها و سلطاتها مما يعد جزاءا يترتب على كل تجاوز للاختصاص و السلطات ، بل و قد يمتد عدم احترامها إلى حد تدخل الشعب لإجبار مؤسسة أو مؤسسات على احترام أحكام الدستور ، و ذلك أما ردعها بالوسائل المختلفة كالضغوط و المظاهرات أو التجمهر وإجبارها على القيام بتصرف معين أو الامتناع عنه بما يثبت تراجعها والاعتراف بخطئها، بل وقد يصل ذلك إلى حد الإطاحة بها مثلما لاحظنا في مصر سنة 1952 وليبيا سنة 1969 وإيران سنة 1979 وما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية للرئيس السابق نكسون لدليل على دور الشعب في فرض احترام أحكام الدستور، فقد استقال في 9 أوت 1974 نتيجة قيامة بأفعال مخالفة لأحكام الدستور، وعرفت باسم فضيحة واترقايت Watergate . مصادر القانون الدستوري : تعتبر المصادرات ذات أهمية بالغة في النظرية العامة للقانون لأنها منبع القواعد القانونية فالمقصود بالمصدر لغة هو المكان الذي ظهر فيه الشيء بعد أن كان خفيا، اما في موضوعنا فإن المقصود بالمصدر له عدة معان ما يهمنا منها هو المصدر الرسمي الذي يضفي على القاعدة القانونية الصفة الإلزامية والمصدر الموضوعي (أو المادي أو الحقيقي) الذي تستمد القاعدة القانونية منه مضمون خطابها أو موضوعها .والقول بهذا يعني أن المصدر الرسمي يأتي دائما بعد المصدر الموضوعي أو المادي لأن القاعدة لا تكتسب الصفة الإلزامية إلا إذا مرت بمراحل معينة تختلف بإختلاف المجتمعات وتأثير العوامل عليها. والمتفق عليه كما سبق أن رأينا أن سلوك الأفراد يتطور بتطور المجتمع، فقد يتحول إلى عرف ثم يتحول إلى قاعدة مكتوبة بظهور الدولة. وإذا كانت الأعراف هي السائدة في الماضي كقواعد تحكم العلاقات بين الأفراد فإن تدخل الدولة قد كان عاملا مؤثرا في الإكثار من سن القوانين لتنظيم أمور المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما أستتبع تراجع العرف إلى المرتبة الثانية واحتلال التشريع للمرتبة الأولى كمصدر أول للقوانين وسوف لن نخوض في التفاصيل ونقتصر على التعرض لأهم المصادر المتمثلة في التشريع والقضاء والعرف والفقه . 1-التشريع : يقصد به النصوص القانونية المدونة والصادرة عن هيئة خاصة وفقا لإجراءات معينة وعادة ما تسمى هذه السلطة بالسلطة أو المؤسسة التشريعية على أن القواعد التشريعية هي الأخرى تخضع لمبدأ التدرج إذا كنا بصدد دستور جامد، ذلك أن تعديله يخضع لإجراءات خاصة تختلف عن تعديل التشريع العادي مما يضفي على التعديل الأول صبغة قانونية أسمى من التعديل الثاني، وعليه فإن التشريع العادي يضع للتشريع غير العادي، وقد ازدادت أهمية التشريع كمصدر للقوانين نتيجة لتزايد تدخل الدولة وتعقيد نشاطها بالتالي وزيادة ارتباطها بالأفراد والجماعات والدول هو تلك المجموعة من الأحكام التي أصدرتها المحاكم بشأن تطبيق القانون على ما يعرض عليها من منازعات .وتنقسم أحكام القضاء إلى قسمين : القسم الأول : وهو الذي لا يخرج عن كونه تطبقا للقانون ويسمى بالأحكام العادية. القسم الثاني : وهو الذي يتضمن مبادئ لم يتعرض لها القانون أو تضع حدا لخلاف في القانون وتسمى الأحكام الأساسية . وإذا قلنا بأن القضاء مصدر من مصادر القانون الدستوري، فان علينا أن نميز بين الدول ذات الدساتير العرفية كإنجلترا، والدول ذات الدساتير المكتوبة كالجزائر وفرنسا، ففي إنجلترا يعتبر القضاء مصدرا رسما لما ينشئه من سوابق قضائية بشأن القضايا المطروحة أمامه أو التي تطبق فيما بعد على القضايا المشابهة لها من طرف المحاكم ذات الدرجة الواحدة أو الأدنى منها. ومن الدول التي تأخذ بالسوابق القضائية، الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا ونيوزلندا ، أما في فرنسا فإن القضاء كمصدر ضعيف جدا في المجال الدستوري، نظرا لأن المحاكم غير مقيدة بأحكامها السابقة ولا بالأحكام التي تصدرها تلك الأعلى منها في الدرجة . 3- العــرف : يقصد بالعرف " إتباع الناس سلوكا معينا في موضوع معين بصفة مطردة ولمدة طويلة يجعل الناس يشعرون بقوته الإلزامية كالقانون المكتوب" ويتضح مما سبق أن هناك ركنان للعرف : مادي ومعنوي .فالركن المادي يفيد إتباع الأفراد سلوكا معينا في تصرفاتهم بصفة مطردة أما الركن المعنوي فيعني استقرار الإحساس في ضمير الجماعة بأن ذلك السلوك أصبح ملزما لهم، فبغير الاعتقاد بالزاميته لا نكون بصدد عرف بمعناه القانوني ويشترط في العرف ان يكون عاما وقديما وثابتا، وأن لا يكون مخالفا للقوانين والآداب العامة، وإذا كان العرف هو ما سبق ذكره باختصار، فإن الفقه اختلف بشأن مدى الزاميته فقد ذهب انصار المذهب الشكلي المتطرفين ومن بينهم الفقيهان الإنجليزي والفرنسي كارى دمالبرغ إلى أن العرف لا قيمة له إلا أقره التشريع او القضاء، أما المعتدلون من هذا المذهب فيعترفون له بالصفة الإلزامية ، وبالنسبة للمذهب الموضوعي فيرى أنصاره وعلى رأسهم ديجي Duguit وجوي Guet بأن القانون ما هو إلا تعبيرا عن ضمير الجماعة الذي يمثل العرف، ولذلك يقولون بأنه مصدر رسمي للقانون وبعد أن عرفنا قيمة العرف كمصدر للقانون نبحث الآن دوره في العرف الدستوري، لقد تأثر فقهاء القانون الدستوري بفقه القانون الخاص بشأن أركان العرف، فالركن المادي يتمثل في وجود قاعدة مستقرة ومطردة التطبيق من قبل السلطات العامة في الدولة، وهذا يعني الثبات وتوافر مدة معقولة غير أن الحقائق تثبت أن المدة لا يمكن تحديدها نظرا لظهور أعراف دستورية في مدة قصيرة مثل بعض سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء في فرنسا التي نظمت بمقتضى عرف نشأ بعد الحرب العالمية الأولى في حين أن مسؤولية الوزارة في إنجلترا تقررت بعرف يعود إلى القرن الثامن عشر. أما الركن المعنوي فيشترط فيه صفة الالزام التي يردها البعض إلى الإرادة المفروضة للمشرع بينما يردها البعض الآخر إلى إرادة الجماعة المتمثلة في السلطات والأفراد. والعرف إما يكون مفسرا أو مكملا أو معدلا . أ-العرف المفسر: هو الذي يهدف إلى تفسير نص من نصوص الدستور، فدوره هنا ليس إنشاء أو تعديل قاعدة دستورية، وإنما يبين كيفية تطبيق قاعدة معينة غامضة إلا أن هذا التفسير يصبح جزءا من الدستور فيكتسب صفة الإلزام، ومن الأمثلة على ذلك جريان العرف أن لرئيس الجمهورية الفرنسية طبقا لدستور 1875 أن يصدر اللوائح استناد إلى المادة التي تنص على أن رئيس الجمهورية يكفل تنفيذ القوانين . ب-العرف المكمل : هو الذي ينظم موضوعات لم يتناولها الدستور حيث يسد الفراغ الموجود في الدستور، ونظرا لكونه كذلك فانه يختلف عن العرف المفسر في كونه لا يستند على نص دستوري في ظهوره، ومثل ذلك نشوء قاعدة في فرنسا تمنع من إبرام عقد قرض عمومي إلا إذا صدر قانون يأذن بذلك، إذا كان القانون والدستور الصادران في 1815 ينصان على تلك القاعدة فإن الدساتير التي تلتها لم تنص عليها انطلاقا ومع ذلك استمر تطبيقها لاستقرارها عرفيا فغدت بذلك عرفا دستوريا مكملا ونص دستور 1875 على أن الانتخاب يتم على أساس الاقتراع العام دون أوضاع هذا الانتخاب فكمله العرف بأن جعله على درجة واحدة ج-العرف المعدل: يراد به تلك القواعد العرفية التي تغير بأحكام الدستور إضافة أو حذفا ومن أمثلة العرف المعدل في شكل إضافة ما جرى به العمل في الاتحادات الفيدرالية من زيادة في سلطات الحكومات المركزية على حساب السلطات المحلية وأن يتولى رئاسة في لبنان ماروني والوزارة سني والبرلمان شيعي رغم أن الدستور لا ينص على طائفية في لبنان فجاء العرف بها مكملا الدستور.أما العرف المعدل في صورة حذف فمثله امتناع رئيس الجمهورية من حل مجلس النواب في ظل دستور 1875 الذي يمنح له ذلك الحق ولم يستعمل إلا من طرف الرئيس ماكماهون سنة 1877 ثم لم يمارس ذلك الحق حتى سنة 1940 عندما احتلت ألمانيا فرنسا فنتج عنه أن نشأة قاعدة عرفية ألغت أو حذفت نصا دستوريا والسبب في ذلك يعود إلى أن ماكماهون عندما لجأ إلى حل مجلس النواب كان هدفه الحصول على تغيير في الأغلبية إلا أن الانتخابات أدت إلى عودت الأغلبية السابقة وهي الجمهوريون فصرح بعد ذلك خلفه Grevy لأنه سينصاع إلى إدارة الأمة وانه لن يلجأ إلى حل البرلمان بعد ذلك وتبعه في ذلك سلفه مما أدى إلى نشوء ذلك العرف المعدل حذفا في النص الدستوري وكذلك حدث في سنة 1962 –1969 في نفس البلد أين قدم رئيس الجمهورية مباشرة مشروعين لتعديل الدستور دون عرضهما على المجلسين لتصويت المسبق مع أن هناك نصوص صريحة خاصة بكيفية تعديل الدستور . والحقيقة أن هذا النوع من العرف موجود ومطبق وان إنكار الصفة الدستورية عنه من جهة والاعتراف به من جهة ثانية ليس له ما يبرره وهو يتناقض والمنطق والواقع . 4-الفـقـه : يقصد بالفقه الدراسات والبحوث التي قام او جاء بها فقهاء القانون والفقه لا يعتبر مصدرا رسميا للدستور وإنما مصدر تفسيرا يستأنس به في تفسير دستور وبيان كيفيات سنه فضلا عن قيام رجال الفقه بشرح وتبيان محاسن وعيوب هذه الدساتير كما أنه يهتم بدراسة وتحليل الأحكام القضائية لما لها من تأثير على مسار قواعد دستورية والذي لا شك فيه انه وغن كانت الآراء الفقهية غير ملزمة إلا أنها تلعب دورا هاما في تفسير النصوص القانونية وكثيرا ما يتأثر به القضاء في إصدار أحكامه أو المشرع أثناء سن القوانين والقواعد الدستورية وهو ما يكسب تلك الآراء سمعه أدبية كثيرا ما تلقى احترام من قبل المشرع الدستوري ومن ذلك روح القوانين والعقد الاجتماعي أو السياسي لكل من مونتسكيو وجان جاك وروسو وجون لوك . أساليب نشأة الدساتير ونهايتها : تنشأ الدساتير وتنتهي بأساليب مختلفة ومتعددة وقبل تعرض لأساليب نشأتها ونهايتها يتوجب علينا بحث أسباب نشأة الدساتير والتطور الذي عرفته بفعل تزايد مهام الدولة أسباب والدوافع الأساسية لوضع الدستور :إن انهيار الحكم الملكي المطلق بعد ثورات الأوربية وسيطرت البورجوازية على السلطة إلى جانب ظهور فكرة القومية وانحصار الاستعمار كانت من الأسباب والدوافع الرئيسية في دسترة أنظمة الحكم وكان غرض شعوب الأنظمة إثبات سيادتها داخلية واستغلا ليتها وذلك بواسطة تنظيم الحياة السياسية بوضع دستور يبن السلطات وعلاقاتها في دولة الجديدة وعلاقاتها بالمحكومين والدول الأخرى وأن هذه الدول بوضع دستور تؤهل نفسها لإقامة حوار بين السلطة والحرية فكأنها تعلن للغير بأنها وصلت إلى مرحلة النضج السياسي ولها الحق في الانضمام للمجتمع الدولي لأنها إن طالبت بذلك . المبحث الثاني : النظرية العامة للدولة : النظريات المفسرة لأصل نشأة الدولة : النظريات غير القانونية : أولا : النظريات التيوقراطية : ترجع أصل نشأة الدولة إلى إرادة الإله وهي نظرية واحدة وتطورت عبر العصور وقد أخذت ثلاث أشكال : 1- الطبيعة الإلهية للحكام : الدولة من صنع الإله الذي هو نفسه الحاكم على الأرض وقد سادت هذه النظرية عن الفراعنة والرومان في بعض المراحل التاريخية واليابان إلى غاية 1948 حيث تنازل الإمبراطور عن صفة الإلهية . 2- الحق الإلهي المباشر : الدولة هي حق من حقوق الإله الذي أوجدها هو وهو الذي يختار حسبما يريد من يحكمها بطريقة مباشرة ولذا فإن الحكام يستمدون سلطتهم من الإله وليس من الشعب الذين لا يسألون أمامه 3- الاختيار الإلهي غير المباشر : الدولة من صنع الإله وهو مصدر السلطة فيها ،غير أن البشر هم الذين يختارون الحكام بتفويض وعناية من الإله الذي يوجه تصرفات واختيارات الشعب نحو الحكام وبالتالي يتم اختيار الحاكم بطريقة غير مباشرة .ترى هذه النظرية أن هناك قوانين طبيعية تحكم الكون والبشر ويهتدي بها الحكام ويقتدي بها ولهذا فإن هذه القوانين هي التي تحد من سلطة الحكام . موقف الإسلام من هذه النظريات : الإسلام يرفض هذه النظريات بل حاربها بقوة إذ نجد القرءان الكريم يبين لنا في الكثير من الآيات أن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل لمحاربة الملوك والحكام الذين ادعوا الألوهية مثل الفراعنة . وبالنسبة للخلفاء نجد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول في خطبة توليه الخلافة " أني وليت عليكم ولست بخيركم " وهذا يعني أن الأفراد هم الذين ولوه السلطة . ثانيا : النظريات الطبيعية : ترى هذه النظريات أن الدولة هي ظاهرة طبيعية مثلها مثل جميع الظواهر الطبيعية الأخرى أي أنها نتاج ميل الناس الطبيعي إلى التجمع والعيش في ظل مجتمع منظم سياسيا . 1- نظرية الأبوة : يرى أرسطو أن الدولة كانت في البداية أسرة تطورت إلى عشيرة ثم إلى قبيلة ثم إلى مدينة.أما الحاكم في الدولة فهو بمثابة الأب في الأسرة يمارس السلطة على الشعب كالأب على أفراد أسرته الشيء الذي يستوجب طاعته والرضوخ إليه من طرف الرعية والقبول بسلطته المطلقة عليهم . إن هذه النظرية تنظر للدولة كخلية اجتماعية أو كحاجة أساسية من حاجات الإنسان الطبيعية. انتقدت هذه النظرية كونها بررت الاستبداد المطلق للحكام كما أن البعض يقر بأن الدولة سبقت الأسرة ولا يمكن التوفيق بين السلطتين الأبوية والأسرية التي تعتمد على أسس مختلفة . 2-نظرية الوراثة : نشأت في ضل الإقطاعية وهي ترى أن حق ملكية الأرض وهو حق طبيعي،يعطي لمالك الأرض حق الملكية وحتى الناس اللذين يعيشون عليها و من هنا ظهرت فكرة الدولة أي بخضوع السكان للإقطاعيين. 3- النظرية العضوية: ظهرت في القرن التاسع عشر تنادي بضرورة تطبيق القوانين الطبيعية على الظواهر الاجتماعية حيث تشبه الدولة بجسم الإنسان المكون من عدة أعضاء إذ أن لكل عضو وظيفة يقوم بها وهو نفس الشيء بالنسبة لأفراد المجتمع وحسب بهذه النظرية الدولة هي ظاهرة مثلها مثل الظواهر الطبيعية وهي لضرورية لبقاء المجتمع. نقد: إن هذه النظرية مجرد افتراض وهي غير علمية بالنظر للفروق العديدة بين القوانين الطبيعية والاجتماعية. 0034- النظرية النفسية: ترى أن الأفراد لا يخلقون متساويين،هناك فئة تحب الزعامة والسيطرة وفئة تخضع لها ومن هنا ظهرت الدولة أي خضوع الضعيف للقوي. ثالثا: النظريات الاجتماعية: وهي التي تعتمد على الواقع الاجتماعي وحسبها أن الدولة تنشأ نتيجة الصراع البشري في مرحلة من مراحل التاريخ وتنتهي بسيطرة فئة على فئة أخرى. 1- نظرية القوة والغلبة: نادى بها العديد من الفلاسفة حيث يقول الفيلسوف اليوناني "بلولتاك" أن الدولة خلقت من العدوان ويقول أيضا ميكيافيلي في كتابه" الأمير" أن الصراع الجمعوي ينجم عنه فئة مسيطرة وفئة حاكمة ومن هنا يمكن القول أن السلطة في الدولة تعتمد على القوة والغلبة، غير أن ميكيافيلي ألضاف فكرة الحنكة والدهاء عند الحكام ونجد أن القوة والغلبة وجدت طريقها في نشوء بعض الدول مثل ظاهرة الاستعمار الأوربي للقارات حيث نتج عنها دول مثل ليبيريا والكونغو والولايات المتحدة الأمريكيبة وإسرائيل. 2- نظرية ابن خلدون: لقد اعتمد ابن خلدون في بنظرته هذه على العنف الذي يعتبر أحد ميزات الإنسان التي يمكنه من خلالها البقلاء والعيش وترتكز نظرية ابن خلدون على أن الإنسان دوما بحاجة إلى غيره ليتكاتل مع غيره لتوفير الغذاء والدفاع.وفي بعض الأحيان ونظرا للطباع الحيوانية يحتدم الصراع بين الطبقات من هنا لابد أن يكون هناك حاكم يتولى إدارة وتنظيم هذه الجماعة،وأهم النقاط التي يرتكز عليها لابن خلدون لقيام الدولة العناصر التالية: أ- العصبية: وهي بعبارة عن الشعور بالانتماء المشترك بين أفراد المجتمع بالوحدة العرقية والدينية وهو شعور يولد في الجماعة روح البروز نحو الغير. ب- الزعامة: وهنا لابد أن يتولى إدارة هذه الجماعة شخص يمتاز بالصرامة والبطش حتى يحملهم على طاعة ولابد أن يكون له شعور بالإنتماء ولابد أن يتجنب جميع الصفات التي تجعل منه مستبدا أو طاغيا بل ينبغي عليه أن يتحلى بروح التسامح والسماحة والكرم وأن يحترم الدين وعلمائه وأن يهتم بجميع حقوق الرعية . ج- العقيدة الدينية: وهو العامل الذي يوحد المجموعة ويرى ابن خلدون أن الإسلام هو الدين الوحيد القادر على إنشاء دول متماسكة تمتاز بالقوة والبطش. 3- نظرية التضامن الاجتماعي: نادى بها " ليون دوجي" وحسبه الدولة تقوم على أربع عناصر أساسية: أ- الاختيار الاجتماعي: وتنشأ الدولة هنا بسبب فرض بالمجموعة القومية المهيمنة لإرادتها على الفئة الضعيفة وبالتالي تكون الأولى هي الهيئة الحاكمة أما الثانية فتكون هي المحكومة. ب- التمايز أو الإختلاف السياسي: أي أن الدولة تنشأ عندما تكون هناك فئتان فئة حاكمة تفرض سلطانها على الفئة الثانية المحكومة. ج- قوة الجبر والإكراه: إن السلطة تعد الدعامة الأساسية لقيام الدولة أي بهي التي تعطي الأوامر وتهيمن على الفئة المحكومة دون أن تكون هناك سلطة تنافسها أو تمنعها من تنفيذ أوامرها. د- التضامن الاجتماعي: إذ لابد من التلاحم والتكامل بين أفراد المجتمع الواحد ولابد أن يكون هناك تعاون بين الحكام والمحكومين. إن هذه النظرية قامت على أفكار افتراضية (السعيد بوشعير مرجع سابق ص 31.........). 4- نظرية التطور التاريخي: ترى هذه النظرية أن الدولة نشأت وفق تطور تاريخي وتلاحم مجموعة من العوامل التاريخية والسياسية والاقتصادية وأن الدول ما هي إلا نتاج لتطور طويل ومتنوع يهدف الإنسان من خلاله الى الاجتماع إن هذه النظرية غير سليمة لأن هناك دول نشأت دون تطور تاريخي مثل دولة اسرائيل. 5- النظرية الماركسية: أن الدولة نتتج بسبب الصراع الطبقي،فالدولة تقوم على أساس اقتصادي التي تهيمن على الإقتصاد وهي نتاج صراع بين طبقات المجتمع وهي تترجم الهيمنة الطبقية داخل المجتمع وتضمن استغلال طبقة ضد أخرى.والقانون فيها عبارة عن تعبير لإرادة هذه الطبقة. إن هذه النظرية تحمل بذور فنائها حيث تزول بزوال الطبقية داخل الدولة. النظريات القانونية: أولا: النظرية الإتفاقية: وترى هذه النظرية أن الدولة ما هي إلا نتاج اتفاق بين أعضاء المجتمع سواء في عقد أو في شكل اتحاد، وإذا وصفت بالديمقراطية . 1- نظرية "توما هوبز 1588-1679" : جاءت هذه النظرية لتبرير سلطة الملك وضد الثورات الشكلية إذ أن هوبز كان من مؤيدي العرش الحاكم وتشتمل لعلى العناصر التالية : أ- المجتمع قبل العقد: مجتمع فوضوي يغلب عليه قانون الغاب والأنانية والطمع وحب النفس لذلك أحس الأفراد بضرورة إقامة مجتمع منظم يخضعون له يحكمهم فيه حاكم يوفر لهم الاستقرار والأمان. ب- أطراف العقد: هم أفراد المجتمع الذين يتنازلون عن حقوقهم للحاكم الذي لم يكن طرفا في العقد . ج- آثار العقد : لابد على الأفراد أن يتنازلوا عن جميع حقوقهم لتفادي الاختلاف والتناحر التي يشرف عليها الحاكم الذي له السلطة المطلقة دون أن يكون مسؤولا أو ملتزما نحوهم بأي شيء لأنه لم يكن طرفا في العقد.مما ينجر عنه استبداد الحاكم وبحسب هوبز استبداد الحاكم أفضل بكثير من الفوضى السابقة ولكنه يحمله مسؤولية توفير الرفاهية واحترام القوانين القضائية وقد أخلط هوبز بين الحكومة و الدولة يعني أن بذور فناء الدولة في فناء العرش الحاكم . 2- نظرية "جون لوك":(1932-1704) وهو من دعاة تقييد سلطة الحكام ولابد من احترام الحريات الفردية وتتلخص النظرية في ما يلي: أ- المجتمع قبل العقد: إن الإنسان خير بطبعه يعيش في حالة سلام وحرية طبيعية ومساواة تامة وفقا للقانون الطبيعي.إلا أنه يحتاج دوما إلى النظام السياسي الذي يضمن له الحرية واحترام حقوقه والمحافظة على القيم . ب- أطراف العقد: أعضاء العقد هم المجتمع من جهة والحاكم أو الحكام من جهة أخرى والعقد يتم عبر مرحلتين: حيث في الأولى يتفق أفراد الجماعة على إنشاء مجتمع سياسي ثم بين الشعب السياسي والحكومة التي تتولى الحكم. ج-آثار العقد: إن الأفراد لا يتنازلون عن كل حقوقهم بل عن بعضها فقط،وبما أن الحكومة كانت طرفا في العقد فهي بمسؤولة أمام أفراد المجتمع ولا يحق لها الاعتداء على الحقوق التي لم يتم التنازل عنها وإلا عرضت للمسائلة وحق للشعب عزلها ولو عن طريق الثورة . 3- نظرية جون جاك روسو "1712-1778" وهو يرفض إنشاء الدولة على القوة وتتلخص نظريته في: أ- المجتمع قبل العقد: إن الإنسان خير بطبعه يعيش في حالة سلام وحرية طبيعية ومساواة تامة وفقا للقانون الطبيعي.إلا أنه يحتاج دوما إلى النظام السياسي الذي يضمن له الحرية واحترام حقوقه والمحافظة على القيم . ب- أطراف العقد: يتفق الأفراد على إنشاء نوع من الاتحاد في ما بينهم يحميهم و يحمي أملاكهم ويتمتع هذا الإتحاد بسلطة كل فرد من أفراد المجتمع أي أن كل فرد يلتزم نحو الجماعة الأخرى المتحدين وبذلك نجد أن الفرد يتعاقد من زاويتين: مع الشخص العام باعتباره عضوا من الجماعة ومع الجماعة باعتبارها من مكونات الشخص العام. ج- آثار العقد: يترتب عن هذا العقد أن الأفراد تنازلوا لعن جميع حقوقهم الطبيعية مقابل حصولهم على حقوق مدنية يضمنها هذا التنظيم . نقد هذه النظريات:1- لم يجتمع الأفراد بالصورة المذكورة في بهذه النظريات مما جعلها مجرد نظريات افتراضية. 2- لابد من وجود قانون يحمي العقد ويكون سابق له،وهذا يعني وجود مجتمع منظم قبل وجود العقد.3- لا يمكن للأفراد التنازل عن حقوقهم الطبيعية.4- استحالة اتفاق جميع الأطراف حول هذا العقد.5-استحالة ديمومة العقد. فكرة العقد في الإسلام: يرى الكثير من المفكرين أن الإسلام يعد هو أول من أسس الدولة بشكل عقد حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يهاجر الى المدينة ولم يؤسس فيها دولة إسلامية إلا بعد إبرام اتفاق بينه وبين الأنصار على احتضانهم الرسول(ص) ونصرته والعمل على إقامة النظام الجديد الذي يدعوا اليه وهذا من خلال بيعة العقبة الثانية وبذلك أصبحت البيعة أساس لقيام الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء ومن بعدهم .والبيعة عبارة عن عقد يتم بين الطرفين وهم الأمة التي تعتبر مصدر السلطات من جهة والممثلة في أهل الحل والعقد والحاكم من جهة أخرى والبيعة عقد صحيح يقوم على الرضا المتبادل ويؤكد من جهة أن السلطة والسيادة لله.وما الحاكم إلا خليفة في الأرض. نظرية المؤسسة ل "هوريـو": يرى هوريـو أن الدولة تنشأ عبر مرحلتين: في المرحلة الأولى يتفق الأفراد على مشروع إنشاء دولة وهي بعبارة عن فكرة يتحمس لها الأفراد ويحاولون إنشاء جهاز أو تنظيم بالطرق القانونية المتوفرة لديهم وفقا للقانون الساري المفعول. أما في المرحلة الثانية فيدعون كل من يهمهم الأمر والموافقين على الفكرة لمساعدتهم على تحقيق هذا المشروع.وبذلك يكون لدينا :1-فكرة إنشاء الدولة.2- سلطة منظمة على رأس الجهاز المنشأ من طرف أصحاب الفكرة 3-جماعة الأفراد المعنيين بتحقيق وتنفيذ الفكرة.وبذلك تنشأ الدولة نشأة قانونية واستند هوريو في فكرته على الدولة الجزائرية فيقول أن الزعماء التاريخيين للثورة أو قادة الحكومة المؤقتة هم أصحاب فكرة نشأة الدولة.والشعب جاء ليوافق على هذه الفكرة غير أن هذا المثل يفنده الواقع لأنه محا الدولة الجزائرية قبل الإستعمار الفرنسي.وإجمالا لكل ما سبق يمكن القول أن نظرية التطور التاريخي هي الأكثر تلاؤما في الواقع. مفهوم الدولة والنظريات المفسرة لنشأتها مصطلح الدولة من المصطلحات التي يمكن القول أنه يستحيل وضع تعريف له جامع ومانع بخصوصها أو تعريف يتفق حوله الفقهاء والمفكرين وهذا راجع إلى تعدد المذاهب الفكرية والإيديولوجيات والمواقف السياسية والمصالح المختلفة ولكون الدولة ظاهرة معقدة ومتعددة كما وجدت عبر التاريخ نظريات مختلفة حول أصل نشأة الدولة والنظريات التي فسرت أسس السلطة السياسية والحكم في الدولة تعريف الدولة في الفكر الليبرالي : يعرفها المفكرين من زاوية عناصرها المادية ومن بين هؤلاء أندري هوريو بقوله " الدولة هي مجموعة البشرية مستقرة على أرض معينة وتتبع نظاما اجتماعيا وسياسيا وقانونيا معا بهدف إلى الصالح العام ويستند إلى السلطة مزودة بصلاحيات الإكراه ونجد تعريف كثيرة منها تعريف كاري دي مالبورغ :" الدولة هي جماعة من الناس مستقرة على إقليم خاص بها ولها تنظيم تنتج عنه سلطة عليا للتصرف والأمر والإكراه ومن زاوية عنصر الإكراه نجد المفكر ليون دبجي :" تكون هناك دولة بالمعنى الواسع عندما يوجد في مجتمع ما اختلاف أو تميز سياسي مهما كان بسيطا أو معقدا بين الناس فيكون هناك حكام من جهة ومحكومين من جهة أخرى.ونعرفها كمفهوم عام ومجرد نجد ما دعا إلأيه الفرنسي جورج بيردو أن المجتمع المنظم سياسيا والدولة قد نشأ معا وكل مجتمع سياسي لا بد له من سلطة تقوده وتعمل على تحقيق مصالحه لكن هذه السلطة أخذت عبر التاريخ عدة أشكال :البداية القبائل البدائية لم تكن هذه السلطة معروفة واضحة بل منتشرة في الجماعة وتخضع إلى الأعراف والمعتقدات ولاحقا تجسدت في شخص يقود الجماعة سواء لقوته أو لحكمته أو لذكائه لكن هذه السلطة لا تدوم وتزول بزوال صاحبها مما يؤدي إلى نشوب الصراع بين أعضاء المجموعة الفكر الاشتراكي :جوهر الدولة هنا مجرد تعبير عن الهيمنة الاقتصادية لطبقة المالكين لوسائل الإنتاج على الطبقات غير المالكة فالدولة في نظرهم هي مؤسسة سياسية خاصة ومنفردة تستخدم كأداة بين الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج الرئيسية والسائدة اقتصاديا لقمع الأغلبية الساحقة وغير المالكة من أعضاء المجتمع وهذا لضمان مصالحها ودفاع عنها حتى تتمكن من إبقاء تلك الهيمنة فالدولة في الفكر الماركسي هي نتاج الصراع بين الطبقات بسبب الملكية تعبر عن الهيمنة طبقة على طبقة أخرى فهي وسيلة وأداة بعد الطبقة المهيمنة وهي ضامنة لاستمرار هذه الهيمنة والاستغلال الدولة هي حالة انتقالية ومرحلية حيث تزول بزوال أسباب نشأتها واستمرارها في الشريعة الإسلامية : الإسلام بصفة عامة يعطي الأولوية والمكانة الأساسية للدين في تكوين وبقاء الأمة وقبل أن نتطرق إلى هذا الموضوع تجدر بنا تحديد موقف الإسلام من العنصر البشري حيث ينقسم الناس إلى طائفتين المسلمون تربطهم جميعا رابطة الأخوة في الإسلام يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات غير المسلمين : يعتبرون من سكان الدولة الإسلامية وهم طائفتان ذميون وهم المقيمون بصفة دائمة ولهم نفس حقوق وواجبات المسلمين إلا في بعض الأمور الخاصة بهم مستأمنون أجانب غير مقيمين بصفة دائمة عن طريق الأمان أو منح الإقامة إن مدوا الأمة فتح الاجتهاد ولازال مستمرا حتى الآن عموما المعنى الرئيسي الذي تضمنه القرآن الكريم هو الجماعة من الناس التي تكون على دين واحد أو طريقة واحدة فإن قلنا الأمة الإسلامية فنقصد بذلك الجماعة التي تدين بالعقيدة الإسلامية ومن المفكرين من بحث في مفهوم الأمة في الجانب الإجتماعي والتاريخي ومن بينهم الفرابي وابن خلدون : الفرابي: تعتبر الأمة وحدة طبيعية اجتماعية سياسية متميزة مركزا على عوامل الارتباط الارتباط هو تشابه الخلق والشم الطبيعية والاشتراك في اللغة والبيان وان التباين في تباين هذه العوامل وتعتبر هذه النظرة نظرة موضوعية ابن خلدون: مثله مثل الفرابي تعتبر نظرته موضوعية حيث وضع عوامل مكونة للأمة مثل الأصل الواحد،وحدة البيئة والمناخ والعادات ، وغير ذلك من المميزات والطبائع أركان الدولة : أولا : السكان تعريف السكان: هم كل الأشخاص الموجودين على إقليم الدولة سواء كانوا من رعاياها أو من الأجانب ومن غير المنطقي أن يكون الرعايا أقل من الأجانب. تعريف الشعب:وهو مجموع الأفراد الذين ينتمون للدولة عن طريق الرابطة القانونية.وهي رابطة الجنسية سواء كانت أصلية عن طريق الدم أو الإقليم أو تكون مكتسبة، ويشمل شعب الدولة المقيمين على إقليمها أو المقيمين في دولة أجنبية شرط احتفاظهم بجنسيتها. الشعب السياسي: وهو مجموع الأشخاص الذين يشاركون في الحياة السياسية للدولة سواء عن طريق الترشح أو الانتخاب أو تقلد المناصب في الدولة. الشعب الاجتماعي: وهم جميع رعايا الدولة باختلاف سنهم أو جنسهم أو مناصبهم في الدولة. مدلول الأمة: يرى العديد من الباحثين أن الشعب لا يكفي لوجود الدولة بل لابد من وجود الأمة التي تكون نتاج تطور تاريخي ومنها ظهور مبدأ القوميات الذي ظهرت به دول أوربية حديثة مثل إيطاليا. ومن أهم التعاريف التي أعطيت للأمة: 1-التعريف الموضوعي: ويتزعمه الفقه الألماني حيث يتصورون أن قيام الأمة يعتمد أساسا على العرق واللغة ثم الدين والأرض وبذلك يتوحدون في دولة واحدة.وهو ما اعتمدته النازية للتوسع على حساب الدول المجاورة من خلال أن الجنس الآري هو أرقى الأجناس وأنه بوحدة اللغة نستطيع إنشاء دولة. لقد انتقد هذا الاتجاه لتداخل الأعراق فيما بعضها واستحالة وجود عرق منعزل لوحده واللغة ليست معيارا فهناك العديد من الدول التي تستعمل لغة واحدة .وعلى الرغم من هذه الإنتقادات إلا أنه لا يمكن من التقليل من أهمية الدين في تكوين الأمة وبقاءها . 2- التعريف الشخصي : تبناه الفقه الفرنسي من بينهم الكاتب " أرنست ريناي" حيث يعرف الأمة بأنه روح ومبدأ روحاني بوهي تقوم على عنصرين: أ- الانتساب الى ماضي بمشترك مثل: الحروب،والأفراح،الانتصارات،الإحساس المشترك. ب- إرادة بناء مستقبل مشترك أي العيش معا.إضافة إلى عوامل أخرى: مثل القرابة ووحدة المصالح الاقتصادية. وكل هذه العوامل جعلت أندريه هوريو يعرف الأمة " هي بالتجمع البشري الذي في إطاره يستقر الأفراد بارتباطهم يبعضهم البعض بروابط مادية في آن واحد ويعتبرون أنفسهم مختلفين عن الأفراد الذين يكونون المجموعات الوطنية الأخرى. التعاريف المختلطة : تعريف ماتشيني : هي مجتمع طبيعي من الناس جعلتهم وحدة الإقليم ووحدة الأصل ووحدة العادات واللغة يعيشون حياة مشتركة ويتمتعون بوعي اجتماعي مشترك . تعريف ستالين : (النظرية الماركسية ): "الأمة هي جماعة إنسانية ثابتة تكونت تاريخيا ونشأت على أساس من واحدة اللغة ووحدة الإقليم ووحدة الحياة الإقتصادية والتكوين النفسي والعقلي الذي يترجم ويتجسد في الثقافة المشتركة ". مفهوم الأمة في الفكر السياسي الجزائري : يمكن ادراج تعريف الإمام عبد الحميد بن باديس " الأمة الجزائرية تكونت وهي موجودة مثلما تكونت مختلف أمم الأرض ، هذه الأمة لها تاريخها ، لها وحدتها الدينية واللغوية ولها ثقافتها وتاريخها ". .*الاقليم البري :هو اليابسة التي يعيش عليها سكان الدولة .محتوى الاقليم البري :يحتوي على مافوق الاض وما تحتها حتى الانهار الداخلية .حدود الاقليم البري :تكون طبيعية الجبال الاودية اصطناعية مثل الأسلاك الشائكة الاقليم البحري :هو الماء الكثير أجاجا كان ام فراتاأولا المياه الداخلية:هي المياه الملتصقة بالشاطئ.نظامها القانوني : هي جزء لا يتجزء من اقليم الدولة . الموانئ البحرية:الميناء: هو منذ طبيعي تقيمه الدولة على شاطئها. المرفأ: هو خليج بحري تحتمي فيه لسفن. المرسى: منطقة بعيدة عن الساحل تحتمي فيها السفن. المركز القانوني للسفن العامة : هي التابعة للدولة او التي تقدم خدمات للدولة ولا تدخل في التجارة. ثانيا الخلجان: عبارة عن مسافة من البحر تتغلغل في اقليم الدولة . الخليج الواقع في اقليم الدولة الواحدة :يجب ان لا يزيد اتساعه عن 24 ميلا يعتبر من المياه الداخلية الإقليم الجوي : يشمل إقليم الدولة كامل المجال الجوي الذي يقع فوق إقليمها البري والبحري إلى غاية نهاية الغلاف الجوي للكرة الأرضية حوالي(60إلى80كلم ). طبيعة علاقة الدولة بالاقليم :ظهرت عدة نظريات: - 1-حق عيني : هو المحل الذي تمارس عليه الدولة سيادتها 2-نظرية الاقليم كعنصر من العناصر المكونة للدولة : يربط الاقليم بالدولة . 3- الاقليم كحد للسلطة : هو المكان الذي تمارس فيه السلطة . 4- نظرية الاختصاص: هو الحيز الذي يطبق فيه الجانب القانوني . 5- المجال الحيوي : تبرر السيطرة على الاقليم بأي طريقة . طبيعة سلطة الدولة على الإقليم :أنها سلطة شاملة : السيطرة على موجودات الاقليم بشريا وماديا .-انها سلطة استئثارية : استئثار الدولة بكافة السلطات طرق اكتساب الاقليم : أولا :الاسباب الاصلية : 1/الاستيلاء : وضع اليد على اقليم لا مالك له شروط الاستيلاء:- ألا يكون مملوكا للغير.- ان تظهر نية الدولة في الاستيلاء .- وضع اليد الفعلي : وهو ان تضع الدولة على الاقليم الذي تريد ضمه اليها ظهر في الفترة الاستعمارية . طرق وضع اليد : اعلان الحماية الدبلوماسية وتحديد مناطق نفوذها . 02/ الاضافة : الاضافة التي تطرأ على الارض او السواحل . ثانيا:الاكتساب نقلا عن الغير : 1/ التنازل : التخلي عن الاقليم لصالح الغير . التنازل بطريق المبادلة : تبادل اقليم باقليم آخر ويتم بالتراضي بين الدواتين . التنازل عن طريق البيع : غير موجود حاليا التنازل بمقابل مادي . التنازل بدون مقابل : عادة ما يكون اجباريا تنازل المغلوب في الحرب . شروط التنازل: ان يكون عن صادر عنه دولة لها اهلية قانونية دوليا .-اخذ رأي سكان الاقليم 2/ التقادم : اكتساب الاقليم عن طريق مباشرة السيادة عليه دون منازع . شروط التقادم :- وضع اليد على الاقليم – ان يكون وضع اليد هادئا علنا أمام الملأ.** الانهار :وهي مجموعة الموارد المائية داخل اقليم الدولة . الانهار الوطنية :هي التي تجري في اقليم الدولة وتكون ملكا لها .سيادة الدولة الكاملة على أنهارها الوطنية :هي ملك للدولة وغير مفتوحة على باقي دول العالم الانهار الوطنية ذات الأهمية الدولية :وفقا للعلاقات بين الدولتين. الانهار الدولية :هي التي تربط بين اقليم دولتين او أكثر . الوضع القانوني للانهار الدولية:يخضع لاحكام الملاحة البحرية مبدأ حرية الملاحة :نتيجة اتفاقية باريس المؤرخة عام 15/08/1808 وأكدها ميثاق فينا في جوان 1815 .اتفاقية برشلونة 20/04/1921 :بطلب من عصبة الأمم حول النقل والمواصلات . استغلال ميله الانهار الدولية :يتم الاستغلال مع مراعاة الدول المجاورة في الاقليم . السلطة الحاكمة في الدولة . و تمثل السلطة الحاكمة العاصر التنظيمي في الدولة العصرية و يقصد هنا بالسلطة الحاكمة بالإدارة الحكومية الممارسة لوظائف الدولة و تكون تتمتع بسلطتها على الإقليم و هي تعرف اليوم بالحكومة أو السلطة و هي أنواع - سلطة قاهرة حائزة للقوة المادية و الكافية لتنفيذ قراراتها (الجيش الدرك الشرطة. - سلطة قائمة على نظام قانوني يضفي على القوة المادية شرعيتها و يصوغ نتائجها كالنظام الشرطي و القضائي و ذلك على مستوى أعلى مما لدى الجماعات السياسة الأخرى كالأحزاب - سلطة قادرة على إصدار قرارات نهائية و نافذة في نطاقها الإقليمي دون خضوع أو توقف أو تصديق من قوة خارجية فهي اختصاص إنفرادي إقليميا و مما سبق ذكره يمكن القول بأن الدولة لا تستطيع أن تقوم بدون حكومة تتولى وظيفتها السياسية و تأخذ هذه الحكومة في الحياة العملية بشكل مجلس تنفيذي أو مجلس حكومة أو مجلس المفوضين و تقوم بتنظيم العلاقات بين السكان و تدير الإقليم و تشغيل موارده و تستخدم ما تحت يدها من مصادر للثورة و القوة و تدعم وحدة الدولة و مكانتها الدولية و تتخذ كلمة الحكومة في التداول معنيين الأول : عضوي و يعني الهيئة التي تتولى حكم الشعب و تمثيله وفق ما يقضي به القانون , كما تدل على أعضاء السلطة التنفيذية في الدولة ممثلة في رئيس الدولة و رئيس الحكومة و الوزراء و كتاب الدولة . الثاني : وظيفي و من خلاله تدل كلمة الحكومة على ممارسة صاحب السيادة للسلطة العامة أو هي أعمال السيادة أو السيادة في حالة العمل و الحركة قياما بواجب الدولة . * نماذج الحكومات : إذا كانت الحكومة في منظور القانون الدولي هي الهيئة التي تتولى حكم الشعب و تمثيله في الداخل و التاريخ فإنها تتخذ في الحياة العملية عدة نماذج و هي على النحو التالي : الحكومة البرلمانية : تنتمي هذه الحكومة إلى الديمقراطيات التقليدية و تستمد تقسيمها من خصائصها التالية : - يعين رئيس الحكومة من طرف رئيس الدولة لأنه من طبيعة النظام البرلماني أن يكون مشتملا على مركزين متميزين هما رئيس الدولة و له صلاحيات و سلطة واسعة فعليه في تعيين رئيس الحزب على الأغلبية في البرلمان كرئيس للحكومة و المركز الثاني هو رئيس الحكومة لوزرائه و عادة يكونون أعضاء في البرلمان الحكومة هيئة جماعية يتحمل رئيس الحكومة تبعية تصرفات وزرائه و الحكومة مسؤولة جماعيا عن السياسة العامة أمام البرلمان الذي يمكنه إسقاطها إذا لم تحز على ثقته و هنا نستشف ثقل البرلمان في إبقاء الحكومة من عدمه . الحكومة الرئاسية : و هذه الحكومة لها خصائص هي : - يتولى رئاسة الحكومة شغل ينتخبه الشعب لمدة محدودة و يجري انتخابه وفق انتخابات البرلمان .رئيس الحكومة هو في نفس الوقت رئيس الدولة حيث يعين رؤساء المصالح الأخرى مع حرية التعيين لمن يشاء شريطة موافقة البرلمان في النهاية .رئيس الحكومة مسئول أمام الدستور و ليس أمام البرلمان و يمكن للبرلمان حق اتهام رئيس الحكومة بالخيانة العظمى إذا خالف الدستور - رئيس الحكومة يمثل بمفرده السلطة و عند الاجتماع بالوزراء فهو غير مقيد بآرائهم و يتضح لنا من ذلك أن الحكومة الرئاسية تتميز بطابع الانفصال التام بين الحكومة و البرلمان . حكومة الجمعية الوطنية : الميزة الواضحة في هذه الحكومة هي أنها تكون من لجنة يعينها البرلمان من بين أعضائه , و ليس لهذه الحكومة رئيس بزاته تتعقد له الزعامة على ما هو الشأن بالنسبة للنموذج حين السابقين (الحكومة البرلمانية و الحكومة الرئاسية) . كما أنها لا توجد حكومة قائمة بذاتها . و ليس عدم وجود حكومة على الإطلاق فهي محصورة بين السلطة التشريعية و التنفيذية كما هو الشأن في الإتحاد السوفياتي حيث نجد أن البرلمان المسؤول أصلا عن تكوين الحكومة . • حكومة الفرد أو الأقلية : إذا كانت الحكومة الشعبية هي التي تختار أعضاؤها من الشعب و تعمل على تحقيق مصالح الشعب فإن السلطة في حكومة الفرد أو الأقلية محصورة في يد شخص واحد و هو الملك أو فرد مستبد كما هو الحال في الدولة الآسيوية و الإفريقية و أمريكا اللاتينية أو بيد أقلية من الأفراد من ينتمون للحكومة بحكم المولد أو السن أو القوة أو امتلاك الأراضي أو المستوى الثقافي أو الدين أو اللغة أو المؤسسة العسكرية أو في هذا النموذج للحكومات لا يصبح للشعب أي حق في الاشتراك في الحكم أو إدارة شؤون البلاد , و إذا و إن أقرت انتخابات رئاسية أو تشريعية فسيكون لإخفاء الوجه الاستبدادي القائم على إدارة الفرد أو الأقلية و عنه يمكن استخلاص مما سبق أن الحكومات تتصنف إلى ثلاثة أنواع هي : أ- حكم الفرد : و هو حكم مطلق يكون تركيز السلطة فيه بيد شخص واحد و من الأمثلة عليه الملكية في العصور القديمة و الدكتاتورية (هتلر , ستالين) ب – حكم النخبة : و توضع السلطة بيد مجموعة من الأفراد و هم أقلية متميزة لهم القوة المالية أو الصناعية أو العسكرية مثل الاقطاحيين و النبلاء ج – حكم الأكثرية : و يعني حكم الشعب أو نواب الشعب الذين فوض لهم السلطة لكي يصنعوا القرارات المهمة و السياسات العامة نيابة عن المواطنين مثل (فرنسا , إنجلترا,الو .م . أ ). الخصائص القانونية للدولة : أولا : السيادة : المعنى السياسي لمفهوم السيادة : هي الحق أو السند الذي يستمد منه الحكام شرعية توليهم السلطة وحكمهم للآخرين ، أي مصدر السلطة السياسية في الدولة وأساسها المعنى القانوني للسيادة : أي أنها خاصية من خصائص الدولة والمتمثلة في حقها في ممارسة مجموعة من المهام والصلاحيات الداخلية والخارجية دون خضوع إلى سلطة أخرى تعلوها : مضمون السيادة وصفاتها : مضمون السيادة : هي خاصية وصفة لصيقة وملازمة للدولة والتي تزول بزوال هذه الخاصية . المضمون السلبي : أي أن الدولة تمارس صلاحياتها دون الخضوع إلى جهة أو سلطة بشرية ما تعلوها من الناحية الخارجية وتؤثر فيها ولا تتعرض في الداخل إلى سلطة منافسة لها تعرقلها وتقيد إرادتها . المضمون الإيجابي : هي مجموع الاختصاصات والصلاحيات التي تمارسها الدولة خارجيا وداخليا. أ-السيادة الخارجية : هي مجموعة الحقوق والصلاحيات التي تمارسها الدولة في المجتمع الدولي ، مثل حقها في الانضمام الى المنظمات الدولية . ب-السيادة الداخلية : هي كل الصلاحيات والمهام التي تمارسها الدولة على إقليمها وكامل السكان الموجودين فيه دون منازعة أو منافسة أو تدخل خارجي . مظاهر السيادة : 1- احتكار الاختصاص : أي أن سلطة الدولة هي وحدها التي تمارس على اقليمها وعلى شعبها دون منافسة ويتضح ذلك من خلال :  احتكار ممارسة الاكراه المادي وحدها دون منافسة .  احتكار ممارسة القضاء في اقليمها بمنع أي قضاء آخر سواء للخواص أو لدولة أخرى .  تنظيم المرافق العامة من تعليم وصحة وبريد ودفاع وأمن ...... 2- استقلال الاختصاص : أي أن الدولة مستقلة تماما في ممارسة سلطتها وبطريقة تقديرية ، أي لها حرية اتخاذ القرار والتحرك والعمل حسبما تراه ملائما ودون الخضوع إلى توجيهات أجنبية . 3-شمول الاختصاص : أي أن الدولة تنشط في جميع الميادين دون استثناء واعتراض بعكس المجموعات الأخرى التابعة لها . صفات السيادة : • أنها سلطة عليا :أي أنها لا تخضع لسلطة تعلوها . • أنها سلطة أصيلة : أي أنها غير مستمدة من غيرها بل تجد نفسها من ذاتها ولا تتفرع عن سلطة تعلوها . • أنها سلطة قانونية : أي أنها مبنية على القانون والدولة مقيدة بالقوانين والمبادئ التي تضعها وتهمل على احترامها وتمارس سيادتها في إطار سياسي منظم . ثانيا : خضوع الدولة للقانون : مضمون خضوع الدولة للقانون :أصبح خضوع الدولة للقانون خاصية تميز الدولة الحديثة ومبدأ من المبادئ الدستورية التي تجتهد كل دولة في تطبيقها واحترامها ويعني هذا المبدأ بصفة عامة خضوع الحكام وكافة الأجهزة ومؤسسات الدولة الممارسة السلطة للقانون ومثلها مثل الأفراد إلى أن يعدل أو يلغى ذلك القانون طبقا لإجراءات وطرق معروفة ومحددة مسبقا .هذا يعني أن الدولة ليست مطلقة الحرية في وضع القانون وتعديله حسب أهوائها حتى وغن كانت الدولة التي تضعه وتصدره بل هناك قيود وحدود نظرية وعملية تصطدم وتلزم بها وإلا كانت الدولة استبدادية حيث قسم الدولة من زاوية مدى احترامها للقانون إلى دولة استبدادية لا تخضع للقانون ودولة قانونية تخضع له وتلتزم بمبدأ المشروعية التي يعني ضرورة مطابقة أعمال وتصرفات الحكام ومؤسسات الدولة للنصوص القانونية السارية المفعول واسنادها إليها وقد وجدت عدة ميكانيزمات ومبادئ تضعه موقع التطبيق في الدولة الحديثة النظريات المقرة لمبدأ خضوع الدولة للقانون : نجد منها نظرية ق . ط. و نظرية الحقوق الفردية، نظرية التقيد الذاتي وأخيرا نظرية التضامن الإجتماعي، لكننا أخذ النظريتين (القانون الطبيعي ونظرية التقيد الذاتي) وذلك لتأثير البارز أكثر من النظريات الباقية . نظرية القانون الطبيعي: ترى أن سلطة الدولة مقيدة بقواعد القانون الطبيعي وهي قواعد سابقة عن وجود الدولة وأن العدالة وقواعد القانون الطبيعي قيد على الحكام يجب الالتزام بها، ومن أصحاب هذه النظرية أرسطو ، تشرون ، وبول ، وأخلص مدافع عن هذه النظرية ليفور، والذين يقولون بأن إرادة الدولة ليست مطلقة في القيام بأي تصرف تريده يل هي خاضعة لقوة خارجية عنها وتسمو عليها وهي قواعد القانون الطبيعي وبرزت أكثر هذه النظرية في القرنيين 17 و18 على يد الفقيه " جروسيوس" لم تسلم هذه النظرية من النقد حيث وجهت لها إنتقاد خاصة من طرف الفقيه الفرنسي" كاري دي مالبرغ "الذي يعتبر قواعد القانون الطبيعي لا تشكل قيدا قانونيا على إرادة الدولة فهي مجرد قيد أدبي أو سياسي لأن القواعد لا تصبح قانونية إلا إذا تقرر لها جزاء مادي معين والدولة هي من تضع الجزاء وتلزم الأفراد به فكيف توضع الجزاء على نفسها . نظرية التقييد الذاتي: والتي تعد من أهم النظريات وهي تقوم على أساس فكرة جوهرية تتمثل في أن الدولة لا يمكن أن تخضع لأي قيد من القيود إلا إذا كان نابعا من ارادتها الخاصة وهذا الأمر يتماشى مع خاصية السيادة التي تتمتع بها،فقواعد القانون التي تقيدها هي من يصنعها وبالتالي يتحقق التقييد الذاتي ونشأة هذه النظرية في ألمانيا من روادها "حنيليك" وتبناها في فرنسا الفقيه "كاردي مالبرغ ". رغم اقتراب هذه النظرية من الواقع إلا أنها لم تسلم من الانتقاد، ويعبر الفقيه الفرنسي ليون ديجي من أعنف المنتقدين لها حيث انتهى به القول إلى أنه لا خضوع إذا كان الخضوع من إرادة الخاضع وأنه ليس من المنطقي أن يقيد شخص نفسه بإرادته، فهذا القيد كاذب وأن هذه النظرية تحمل في طياتها الاستبداد . ضمانات خضوع الدولة للقانون : ضمانات قيام دولة قانونية هي الممارسة العملية للسلطة والدساتير أسفرت عن تكريس ضمانات قانونية تسمح بتطبيق مبدأ خضوع الدولة للقانون . 1-وجود الدستور:الدولة بدون دستور لا تعتبر دولة قانونية لما يتميز به من خصائص تميزه عن غيره من القوانين فهو المنشأ للسلطات والمحدد لاختصاصاتها والتزاماتها واحتوائها ويقيد السلطة التشريعية في سنها اللوائح التي يجب أن تكون مجسدة للدستور، كذلك نجد يحدد للسلطة التنفيذية فيما تحدده من قرارات ولوائح وكذلك يفيد السلطة القضائية في حكمها في النزاعات والدستور الذي يحدد للأفراد حقوقهم وحرياتهم ويعتبر قمة النظام القانوني في الدولة لسموه على كل القانون وتعديله لا بد من إجراءات معقدة. 2-الفصل بين السلطات : صاحب هذه النظرية هو الفقيه "مونتسكيو" في كتابه "روح القوانين " يرى أن السلطة بطبيعة مستبدة ولهذا يجب على كل سلطة احترام القواعد التي وضعها لها الدستور لكي تمارس بموجبها اختصاصاتها لا تعتمد على كل صلاحيات سلطة أخرى هذا من ناحية الموضوعية ومن الناحية الشكلية فإن السلطة لها جهاز معين وهذا ما سماه "مونتسكيو" أن السلطة توقف السلطة، ويقتضي على أنه تجمع السلطة في يد واحدة فكل واحدة مستقلة عن الأخرى . 3/ سيادة القانون: بمعناه السلطة التنفيذية ملتزمة في إصدار اللوائح بالقانون للسلطة التشريعية الخضوع للقانون فهي ملتزمة بالقانون 4/تدرج القواعد القانونية : القواعد القانونية مندرجة من حيث القوة من الأعلى إلى الأسفل أي أن قانون في الدولة موضوع في شكل هرمي قمته الدستور قانون العادية ثم اللوائح التنظيمية 5/ الرقابة القضائية : رقابة تشريعية وإدارية وقضائية فكلهم وسيلة لحماية الفرد من اسنداد السلطة وتعسفها فالرقابة التشريعية الأغلبية البرلمانية "سياسة " والإدارية تجعل الفرد تحت رحمة الإدارة فهي حلم وطرف أحيانا غير حيادية وتبقى الرقابة القضائية مواجهة لمن يخالف القانون فيجب ان يكون مستقل وحيادي عن كل السلطات في الدولة فقد تتعسف السلطة التشريعية أو التنفيذية بإصدار قوانين لا يقبلها الشعب فتبقى الرقابة القضائية لنرى وتحكم بالعدل حتى وأن كان القضاء مزدوج . 6/ الاعتراف بالحقوق والحريات العامة : يجب أن يكون هناك اعتراف صريح بحريات وحقوق الأفراد وتقديسها لكن الدولة الحديثة أضافة تدخلها بشكل إيجابي، متمثل في حمايتها لهذه الحقوق والعمل على تحقيق تنمية للأفراد حقوق اقتصادية اجتماعية وثقافية . 7/ الرقابة الشعبية : وليس بمعناها الضيق أي عن طريق المنتخبين على مستوى البرلمان ولكن يقصد بها المعنى الواسع فالشعب له دور حاسم وأساسي في اجبار الدولة للخضوع للقانون واحترامه في طريق الجمعيات أو الأحزاب ….إلخ 8/المعارضة السياسية : على أساس التعددية الحزبية تسمح بوجود معارضة منظمة للسلطة الحاكمة وتعمل على انتقاد السلطة الحاكمة وكشف عيوبها وبالتالي محاولة اخذ السلطة بموجب القانون وعن طريق الانتخابات. ثالثا :الشخصية المعنوية : هي الاعتراف لمجموعة من الأموال أو من الأفراد بأهلية أداء أو وجوب وبأن تدخل ميدان النشاط القانوني بإسمها الخاص مستقلة عن الأفراد الذين أنشأوها أو يستفيدون منها أو يكونونها خصائص الشخصية المعنوية : 1- أنها شخصية آنية وحالة : توجد بمجرد وجود الدولة دون حاجة الى نص قانوني سابق أو الاعتراف بها من الغير . 2- أنها غير مقيدة بهدف أو غرض معين : مثل الأشخاص الاعتبارية الأخرى المقيدة بالهدف الغرض الذي أنشأت من أجله . 3- أنها شخصية قانونية تمتع بامتيازات السلطة العامة :عكس الشخصية القانونية للأفراد أو الأشخاص المعنوية الأخرى . النتائج المترتبة عن الشخصية المعنوية : 1- التمتع بالشخصية القانونية : أي تحمل الالتزامات مثل الأفراد العاديين وتتصرف بإسم كل الأفراد ولها ذمة مالية خاصة بها ويتم التصرف فيها بإسم الدولة ولحسابها وأن سلطانها منفصل عن الحكام . 2- استمرارية وديمومة الدولة : أي أن الدولة تدوم دون أن يكون لتغير الحكام أو طبيعة الحكم أي دخل في ذلك . 3- وحدة الدولة : أي أن الدولة تبقى واحدة على مر العصور وأن جميع قراراتها تصدر بصفة عامة وموجهة لجميع أفراد الدولة أشكال الدولة الدولة البسيطة ( état unitaire ) تعريف الدولة البسيطة : الدولة البسيطة هي التي تمثل الشكل البسيط في تركيبها الدستوري علة غرار عكس الدولة المركبة و البسيطة هي التي تنفرد بإدارة شؤونها الداخلية و الخارجية و لها دستور و سلطة قضائية و سلطة تنفيذية واحدة و علم واحد. مثال : فرنسا ,ايطاليا و كل الدول العربية ما عدا الإمارات العربية المتحدة فدستورها يبين ذلك و يطبق على كافة أنحاء الإقليم . و تتجسد وحدة الدولة في أركانه التالية : - من حيث السلطة : الوظائف العامة في الدولة تتولها سلطات واحدة و هي ثلاث و ينظمها دستور : - الوظيفة التشريعية ووضع القوانين و تتولاها سلطة تشريعية واحدة . - الوظيفة التنفيذية ووضع القوانين و يخضع لها جميع الأفراد في الدولة. - الوظيفة القضائية ووضع القوانين و يلجأ إليها الأفراد للفصل في المنازعات في إطار الدولة الواحدة . من حيث الجماعة : *يعتبر أفرادها وحدة واحدة يخضعون لنفس القوانين الواحدة الافيما يخص المسألة الإدارية و لايؤثر في اتساع رقعتها الجغرافية أو تكون من عدة أقاليم . خصائص الدولة الموحدة . -1/مخاطب فيها الجماعة متجانسة على بالرغم من اختلاف العادات و التقاليد بين أفراد الجماعة -2/وحدة السلطة الثلاث في الدولة : كتوحيد الاجتهاد القضائي و أخيرا إن السلطة الحاكمة لاتقبل التجزئة3/يمكن العمل بمبدأ الاستثناء من القاعدة العامة ,عند اختلاف الظروف السكانية و المكانية داخل الإقليم الواحد كاندماج الحديث للإقليم الدولة يحتاج إلى فترة معينة للتأقلم هذا فيما يخص مواصفات الدواة البسيطة و هذه الخيرة تكون ملكية كالمغرب و الأردن و السعودية أو جمهورية مثل الجزائر و تونس و ليبيا. - المركزية الإدارية :ايجابيات تتلخص في تحقيق الوحدة الوطنية و توفيره للنفقات . - السلبيات : عجم التعرف علة حقيقة المشاكل في إقليم الدولة ,التركيز الشديد للسلطة . كيفية ممارسة الوظيفة الإدارية داخل النظام الإداري المركزي أما يكون على أسلوب التركيز الإداري أو على أسلوب عدم التركيز الإداري . - التركيز الإداري : هو جمع جميع السلطات البث والتقرير في يد الرئيس الإداري . أما عن التركيز الإداري : هو تفويض بعض السلطات الرئيسية للمرؤوسين أو الموظفين الكبار ,و يصبح الرئيس صاحب الإشراف و التوجيه و التخطيط داخل إدارته ونظم هذا الأسلوب لتحقيق النظام الإداري المركزي(المرفقي)و(ألمصلحي) . المطلب الثالث :المركزية و اللامركزية الإدارية. اللامركزية الإدارية في الدولة البسيطة ( الموحدة ): يمكن للدولة البسيطة أن تعمل بالمركزية الإدارية و اللامركزية الإدارية. فالمركزية الإدارية : يقصد بها أن تكون السلطة مركزة في العاصمة (قصر الوظيفة الإدارية في الدولة على ممثلي الحكومة و هم الوزراء و يعرفها البعض «بأنها التنظيم الإداري الذي تقوم به السلطة العامة الإدارية التنفيذية بتسيير جميع الشؤون الإدارية المتعلقة بالمرافق إما مباشـــرة أو بالواسطة». اللامركزية الإدارية : تعني توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية و بين الحكومة هيئات أخرى لها قدر من الاستقلال ولكن تحت رقابة الحكومة المركزية . صور اللامركزية الإدارية: -1/اللامركزية الإقليمية:هي عندما يمنح المشروع جزء من إقليم الدولة الشخصية المعنوية مثل المجالس البلدية – المجالس القروية و لكن يبقى تحت رقابة ووصاية السلطة المركزية . -2/اللامركزية المرفقية المصلحية: يمنح مرفق عام أو قومي أو محلي الشخصي المعنوي يمارس نشاط معين بقدر من الاستقلال تحت إشراف السلطة المركزية مثل المؤسسات العامة المختلفة ,الجامعات والمؤسسات . *من خلال ما سبق يتبين لنا المركزية و اللامركزية الإدارية لا تتعلقان بنظام الحكم في الدولة ولا لا في شكلها و لكن تتعلقان بكيفية ممارسة الوظيفة الإدارية . الدولة المركبة .هي الدولة التي تتكون من دولتين أو أكثر أي هي مجموعة من الدول المترابطة أو المتحدة فيما بينها ضمن أشكال متعددة تمثل الاتحاد الشعبي الفعلي و ألتعاهدي أو الفدرالي ثم الدولة الاتحادية الفدرالية ,و الدولة الفدرالية هي أهم أشكال الدولة المركبة بأتم معنى الكلمة في الوقت الراهن سواء من حيث الشيوع و الرواج و أيضا شكل الدولة المركبة يصدق بصفة خاصة على الدولة الفدرالية و الاتحادية . الاتحادات القديمة . الاتحاد الشخصي : هو من صور الاتحاد بين الدول و هذا النوع يراه أغلبية الفقهاء انه وليد الصدفة لأنه ناتج لأسباب و دوافع طرفية مرحلية للدولة بزوالها يزول هذا الاتحاد و يتكون هذا الاتحاد إما : -1/ الاتحاد لشخص حاكم ( ملك إمبراطور – أو رئيسا لجمهورية .) نتيجة اجتماع حق وراثة عرش دولتين في يد الأسرة الملكية .-2/أو نتيجة زواج بين عرشين ملكين (x) انجلترا + هانوفر (1714-1816) , لكسمبورغ + هولندا -3/أو يتحقق على اثر اتفاقية دولية .-4/عن طريق الانتخابات لشخص واحد رئيسا للجمهورية . *و تبقى كل دولة مستقلة متميزة عن الدول الأخرى الداخلة في الاتحاد من حيث الشخصية القانونية أو السيادة الداخلية و الخارجية و حتى قوانينه.و يبقى مواطنين كل دولة أجانب بالنسبة للدولة الأخرى .*تعد الحرب بين دول الاتحاد الشخصي حرب دولية بالرغم من أن الرئيس واحد لكل دولة و بالتالي أي علاقة تقوم بين هذه الدول تحكمها قواعد القانون الدولي .*لايلزم في الاتحاد الشخصي تشابه نظم الحكم للدول المكونة له ( ملكي دستوري ملكيا مطلقا) الاتحاد الحقيقي : يقوم هذا الاتحاد بين دولتين أو أكثر وتخضع جميع الدول التابعة للاتحاد لرئيس واحد و تندمج في شخصيتين لدولة واحدة تمارس الشؤون الخارجية و التمثيل الدبلوماسي باسم الاتحاد و تبقى كل دولة محتفظة بدستورها و قوانينها و أنظمتها الداخلية و تجد الاتحاد الحقيقي يختلف مع الاتحاد الشخصي من حيث أن الدولة الداخلة فيه تفقد شخصيتها الدولية وكل اختصاصاتها الخارجية وينتج عنه: **1/توحيد السياسة الخارجية و التمثيل الدبلوماسي والقنصلي. **2/تعتبر الحرب التي تقوم بين دول الاتحاد أهلية لا دولية . مثال على دول الاتحاد الحقيقي أو الفعلي :السويد – النرويج 1815الى 1905.النمسا – المجر 1867الى 1918.الدنمارك –اسلندا 1918الى 1914. الاتحادات الحديثة . الاتحاد الاستقلالي الكنفدرالي . ينشأ من اتفاق بين دولتين أو أكثر في معاهدة دولية في تكوين هذا الاتحاد أو الانضمام إليه و تحتفظ كل دولة باستقلالها الخارجي و سيادتها الداخلية .المعاهدة أو الاتفاقية هي أساس نشأة الاتحاد الاستقلالي و يبين الأهداف المشتركة للدول مثل ضمان استقلال كل دولة و الدفاع عن أمنها الخارجي و العمل على تحقيق مصالح اقتصادية متبادلة و هذا تشرف عليه الهيئة سواء كانت جمعية أو مؤتمر أو مجلس يتكون على أساس المساواة بين الدول الأعضاء بغض النظر عن قوتها أو مساهمتها أو عدد سكانها ولا تغير الهيئة فرق دول الأعضاء و لكن تبقى مجرد مؤتمر سياسي و القرارات التي تصدرها بإجماع الدول في الغالبية • و تبين كل دولة محتفظة و متمتعة بسيادتها الداخلية كاملة و شخصيتها الدولية لها الحق في التمثيل السياسي مع الغير و عقد المعاهدات بشرط أن لا تتعارض مصالح و أهداف الاتحاد التي تقيمها إحدى دول الاتحاد ضد الدولة الأجنبية . • الحروب التي تكون بين دولة أجنبية الافي نطاق ما تم الاتفاق عليه الحرب التي تكون بين الدول الاتحادية تكون حرب دولية لا أهلية. • رعايا كل دولة من الاتحاد ,يظلون محتفظين بجنسيتهم الخاصة لان العلاقة مجرد ارتباط تعاهدي و حسب رأي الفقه أن حق انفصال للدول تقرره حسب ما تراه مناسبا و متماشيا مع مصالحها الوطنية. مثال على الاتحاد الاستقلالي : - الاتحاد السويسري :بين المقاطعات السويسرية عام 1815الى غاية 1848و بعدها أخذت بالاتحاد المركزي للاتحاد العربي (جامعة الدول العربية ). الفرع الثاني :الاتحاد المركزي الفدرالي( état fédéral). إذا كانت اغلب الاتحادات السابقة قد نشأت بمقتضى معاهدة دولية ووصفت بأنها اتحادات قانون دولي فان الاتحاد المركزي ينشأ و يخضع للقانون الدستوري فهو اتحاد قانون دستوري . وهو ليس اتفاق بين الدول ولكن هو في الواقع دولة مركبة تتكون من عدة دول أو عدة دويلات اتخذت معا , و ينشأ الاتحاد المركزي بعدة طرق : - الطريقة 1: أما تجمع رضائي أو جبري لدول كانت مستقلة ,فاتحدت فيما بينها و انتهت عن اتحادها دولة اتحادية كما في الولايات المتحدة الأمريكية و سويسرا. - الطريقة 2: أو ينشأ نتيجة تقسيم مقصود لأجزاء متعددة من دولة سابقة كانت بسيطة وموحدة كما في الاتحاد السوفيتي سابقا و روسيا حاليا . ودول هذا الاتحاد تفقد سيادتها في المجال الخارجي و تنصهر في شخصية دولية واحدة فإنها تحتفظ بجزء كبير من المجال الداخلي فيكون لكل ولاية دستورها وقوانينها الخاصة و سلطاتها التشريعية و التنفيذية و القضائية الخاصة بها , ويبقى لدولة الاتحاد المركزي دستورها الاتحادي و سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية أما الشؤون الخارجية فيتولاها الاتحاد وبالتالي هذه الأخيرة يعتبرها القانون الدولي شخصية دولية إما الدول (الولايات)لايكون لها ذلك . مظاهر الاتحاد من الناحية الخارجية و الداخلية : * من الناحية الخارجية : تتقرر الشخصية للدولة الاتحادية فقط بخلاف الولايات الأعضاء فيها التي لايكون لها شخصية دولية و يترتب على ذلك : - 1/ تتولى الدولة الاتحادية إعلان الحرب و عقد الصلح و إبرام المعاهدات و الإشراف على القوات المسلحة للاتحاد. -2/ للدولة الاتحادية وحدها الحق التمثيل السياسي و الدبلوماسي و الانضمام للمنظمات الدولية . أما التعاهدات التي سبقت و ارتبطت بها بعض الدول التي انضمت للاتحاد المركزي فإنها تنقضي ذلك كنتيجة لانقضاء الشخصين الدولية للدول الأعضاء في هذا الاتحاد . * من الناحية الداخلية : تتكون دول الاتحاد المركزي من عدد من الدويلات و هذه الأخيرة تتنازل عن جزء سيادتها للدولة الاتحادية و لها حكومة يطلق عليها الحكومة الاتحادية و لها سلطاتها التنفيذية و التشريعية و القضائية و تحتفظ الدويلات الأعضاء في الاتحاد بحكومتها المحلية و يجب أن يحترم و لايجوز مخالفته و نجد الولايات يتفتح ببعض مظاهر السيادة الداخلية فيكون لكل واحدة سلطة تشريعية ,تنفيذية و قضائية .و يلزم جميع الأفراد في الولايات بما يملك الدستور و ماتشنه السلطة التشريعية و ما تقوده السلطة التنفيذية و الأحكام القضائية الصادرة عن السلطة القضائية و على رأسها المحكمة العليا .هذا و بالرغم ما تتمنى به الولايات من الاستقلال الداخلي كما ذكرنا سابقا فان ما ذهب إليه أغلبية الفقهاء لايمكن وصفها بالدول أو الاعتراف لها بهذه الصفة .ليس لأنه ينقصها السيادة الخارجية ولكن لان الدولة الاتحادية تمارس جزء كبير من مظاهرها . مركزية الإدارة و اللامركزية السياسية: إذا كانت اللامركزية الإدارية تعني في مجملها توزيع الوظائف الإدارية بين السلطة المركزية الموجودة في العاصمة والهيئات الأخرى المحلية أو المرفقية فان مفهوم التوزيع يبقى في دائرة مباشرو الوظيفة الإدارية , فهو نظام إداري لا يتعلق بنظام الحكم السياسي أو شكل الدولة , فكما يمكن إعماله في الدولة الاتحادية يمكن إعماله في الدولة البسيطة الموحدة . أما اللامركزية السياسية , فهي عبارة عن نظام سياسي يتعلق بكيفية ممارسة السلطة في الدولة ,يهدف إلى توزيع الوظيفة السياسية بين الدولة الاتحادية من ناحية الولايات من ناحية أخرى .وعلى هذا فان هذا التوزيع السياسي يفترض ازدواجية السلطات في الاتحاد المركزي و لايتحقق هذا الازدواج الافي الاتحاد المركزي , ويعمل باللامركزية الإدارية في الدولة البسيطة كأسلوب إداري ينظمه قانون إداري و يتم معالجته ضمن موضوعات الأنظمة السياسية و القانون الدستوري . هامش التمييز بين المركزي الفدرالي فقد جاء ذلك واضحا في ميثاق الجامعة العربية عندما أعطي لكل دولة في الجامعة حق الانسحاب من حق هذا الاتحاد (المادة 18). التميز بين الاتحاد المركزي الفدرالي والاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي: الاتحاد المركزي يتكون من عدد من الولايات لكل منها قدر من السيادة الداخلية و تشاركها فيها الدولة الاتحادية عكس السيادة الخارجية الكونفدرالي هي من اختصاص الدولة الاتحادية وحدها دون الولايات . 1/أما الاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي ألتعاهدي : فهو على شكل معاهدة بين عدة من دول و تبقى كل دولة محتفظة بكامل شخصيتها الدولية و سيادتها الداخلية.2/يستمد الاتحاد الاستقلالي أو الكونفدرالي وجوده من المعاهدة التي تتم بين الدول الأعضاء في حين ينشأ الاتحاد المركزي من خلال عمل قانون داخلي و هو الدستور الاتحادي .3/الانفصال حق مقرر لكل دولة داخلة في الاتحاد الاستقلالي وهو مرفوض في الاتحاد المركزي . *تتولى اختصاصات الاتحاد: الاستقلال و تعين أهدافه هيئة مشتركة تسمى جمعية أو مؤتمر أو مجلس الاتحاد . *يتمتع أفراد الشعب في الاتحاد المركزي بعينة واحدة ,أما الاستقلالي حسب الخاصة يدولهم في أجانب في الدول الأعضاء الأخرى الحرب . مزايا نظام الاتحاد المركزي الفدرالي : - قادر على توحيد دول ذات نظم متقادرة و متعاينة في دولة واحدة و يصفه البعض بأنه يمكن تطبيقه على قارة بأسرها مثل الولايات المتحدة الأمريكية.- يعمل على التوفيق بيت مزايا الدولة الموحدة و في نفس الوقت يمنح الاستقلال الذاتي للولايات . - يعتبر هذا النظام حقلا واسعا للتجارب في الأنظمة السياسية حيث القوانين والنظم التي ثبت نجاحها في إحدى الولايات يمكن تطبيقها و الاستفادة منها في الولايات الأخرى . عيوب نظام الاتحاد المركزي الفدرالي :1/قد السلطات العامة و ازدواجها يؤدي إلى نفقات مالية كبيرة التي يتحملها المواطنون على شكل ضرائب .2/يؤدي إلى تقنين الوحدة الوطنية و هذا عندما تكون الولايات قوية على حساب السلطات الأولوية الاتحادية.3/يقدر السلطات و اختلاف التشريعات يؤدي إلى منازعات و مشاكل تفوق تنظيم مرافق الولايات .*رغم الانتقادات فقد أصبح الاتحاد المركزي الوسيلة الناجحة التي تصبوا إليها شعوب و إتباعها. المبحث الثالث : النظرية العامة للدساتير مفهوم الدستور : يمكن تعريف الدستور انطلاقا من معيارين أحدهما شكلي والآخر موضوعي -المعيار الشكلي : هو مجموعة القواعد المدونة في وثيقة او أكثر . -المعيار الموضوعي : مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالسلطة السياسية في الدولة من حيث إنشائها وإسنادها وتنظيمها وممارستها سواء كانت قواعد مكتوبة أو غير مكتوبة . أنواع الدساتير : 1- الدستور المدون : وهو أن تكون القواعد القانونية مجمعة ومدونة في وثيقة أو أكثر من طرف السلطة المختصة وفقا للإجراءات التي تعتمدها . 2- الدستور غير المدون (العرفي): هو عبارة عن سلوكات تتعلق بالسلطة وممارستها وكل ما يلحق بذلك من أعراف وتقاليد ومبادئ عامة أو قيم أخلاقية تتبلور تدريجيا عبر الزمن حتى تصبح مشكلة لدستور عرفي . 3- الدستور المرن : هو الذي يتم تعديله بصورة عادية مثله مثل غيره من القوانين دون إتباع إجراءات معقدة . 4- الدستور الجامد : هو الذي لا يمكن تعديله إلا بإتباع جملة من الشروط وأن لا يتعدى جملة من المبادئ والقيم العامة في الدولة مثل اللغة والدين والمعتقد. 5- دستور القانون : وهو المتواجد في غالبية الدول الليبرالية إذ يكتفي فقط بتحديد المبادئ القانونية العامة في الدولة دون تطرقه إلى طبيعة النظام الاقتصادي المتبع 6- دستور برنامج : وهو الذي يتم من خلاله تحديد النهج الاقتصادي الذي تسير عليه الدولة . محتوى الدستور : الأحكام المتعلقة بتنظيم المجال السياسي : 1- الأحكام التي تؤسس شرعية السلطة : وهنا نجد أن الدساتير تعمل على إبراز وتكريس شرعية السلطة العامة في الدولة ومصدرها من الشعب الذي يعد هو صاحب السيادة في المجتمع وأن الحكام يمارسون الحكم بتخويل منه باعتبارهم ممثليه الشرعيين الذين يعبرون عن إرادته . 2- أحكام تتعلق بطبيعة الدولة وطبيعة نظام الحكم فيها : مثل الشكل بسيطة كانت أو مركبة كما يحدد الدستور نوع الحكومة في الدولة مثل الحكم الجمهوري أو الملكي أو رئاسي أو برلماني أو غير ذلك . 3- الأحكام المتعلقة بتنظيم السلطة والعلاقات بين السلطات : تحدد الأحكام التي يخضع لها الحكام مثل مبدأ الفصل بين السلطات ومداه بين المرونة والجمود وكذلك الحال بالنسبة لشكل الحكم وطبيعة البرلمان . أحكام أخرى : 1- تكريس ثوابت المجتمع في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي : أي أن الدستور يقوم على خلفية اديولوجية معينة . 2- إقرار وضمان الحريات والحقوق الفردية: و ينص عليها عادة في بداية الدساتير مثل إعلانات حقوق الإنسان والمواطن. 3- أحكام مختلفة: وتختلف من دستور لآخر مثل الرقابة على دستورية القوانين وكيفية تنظيمها وقد يحتوي على أحكام انتقالية. نشأة وتعديل الدساتير : 1- السلطة التأسيسية: عادة ما تصدر الدساتير المكتوبة عن سلطة عليا في الدولة وتمتاز أنها أصيلة وأولية وغير مقيدة بشرط. طرق وضع الدساتير : أولا: الطرق غير الديمقراطية: 1-أسلوب المنحة: هو أسلوب قديم ساد لدى العروش الملكية الأوربية ويكون الدستور هنا من ذات الحاكم دون أن يكون للحاكم دخل في ذلك لا في مرحلة الإعداد أو الإقرار ولكن تجدر الإشارة أن هذا الأسلوب ما كان ليقوم به الملك لولا الضغوط الشعبية. 2-أسلوب التعاقد: ويكون ذلك بعد ثورة على الحاكم بحيث يجبرون على توقيع وثيقة يفرض فيها الثوار شروطهم ومطالبهم أي أنها عبارة عن نص بتعاقدي يقيد من إرادة الحاكم . ثانيا: الطرق الديمقراطية: 1-أسلوب الجمعية التأسيسية: يقوم الشعب بانتخاب ممثلين له الذين يضعون الدستور المعبر عن إرادة الشعب ويصبح نافذا بمجرد مصادقة الجمعية التأسيسية عليه. 2- أسلوب الاستفتاء الدستوري: وهنا يتم انتخاب جمعية تأسيسية تتكفل بوضع مشروع دستور ثم يعرض هذا المشروع على الاستفتاء الشعبي للمصادقة عليه ويصبح نافذا بمجرد موافقة الشعب عليه . وأحسن طريقة هي الدمج بينهما. تعديل الدستور: وهو التغيير الجزئي لأحكامه سواء بالإضافة أو الإنقاص أو بالإلغاء ضرورته: لأنه لابد أن يتماشى الدستور مع الظروف المحيطة بالمجتمع التي تقتضي تكييفه وملائمته مع هذه المستجدات . شروطه:أي أن يتم وفقا للشروط الواردة فيه والتي يتطلبها. القيود التي ترد على التعديل:-منع التعديل بصفة مطلقة.وكذلك منع تعديل الدستور إذا كان يرمي إلى إلغاء أحكامه ولابد من تحقق الأغلبية المطلوبة عند قراءة البرلمان لمواده.وكذلك يمنع تعديل الدستور في حالات معينة مثل حالة الحرب وكذلك التعديل الذي يمس بمقومات الدولة مثل الدستور الجزائري حيث منع التعديل الذي يمس بمقومات الجمهورية(الإسلام،العروبة،والأمازيغية). إجراءات التعديل: 1-المبادرة بالتعديل: لقد حصرت في جهتين وهما رئيس الجمهورية أو البرلمان أو معا أو أحدهما . 2-إقرار التعديل: ويتم ذلك أن يتم التعديل وفقا للأسلوب الذي وضع به وبالنصاب الذي يحدده عند التصويت أو أن يعرض على الشعب إذا كان يتطلب الإستفتاء الشعبي . انقضاء الدساتير : 1-الطرق القانونية: إما عن طريق الأسلوب الذي يحدده الدستور نفسه والراسخ أنه لا يمكن أن يحمل الدستور كيفية إلغائه لامتيازه بالثبات والاستقرار وإنما يمنح فكرة الإلغاء الجزئي ويتم أيضا الإلغاء عن طريق الاستفتاء الشعبي. 2-الطرق غير القانونية: أ- الثورة الشعبية: وهنا عندما يكون الشعب غير راض عن الحكم وهي عملية يتم من خلالها التغيير الجذري لنظام الحكم ويترتب عليه بالضرورة إلغاء الدستور. ب- الانقلاب : وهو الإجراء الذي يقوم به أحد أو مجموعة من الطبقة السياسية وعادة ما يكون مدبر الانقلاب الجيش لذا يسمى بالانقلاب العسكري وطهي ظاهرة تنتشر في دول العالم الثالث مثل ما حدث في موريتانيا مؤخرا. سمو الدستور والرقابة على دستورية القوانين: الرقابة بواسطة مجلس دستوري ظهرت في فرنسا ويقصد بها إنشاء هيئة خاصة لغرض التحقق من مطابقة القانون للدستور قبل صدوره ويعود الفضل في ظهور هذه الفكرة عن الرقابة إلى الفقيه الفرنسي " Sieyes " والغرض من هذه الهيئة حماية الدستور من الاعتداء على أحكامه من قبل السلطة ويعود تفصيل " Sieyes " للرقابة السياسية على الرقابة القضائية لأسباب تاريخية منها أعمال العرقلة في تنفيذ القوانين في فرنسا والتي كانت تقوم بها المحاكم المسماة بالبرلمانات حيث كانت تلغي القوانين وهو ما جعل رجال الثورة يقيدون سلطات المحاكم ومنعها من التدخل في اختصاصات السلطة التشريعية أما بالنسبة للأسباب القانونية فترجع إلى مبدأ الفصل بين السلطات فقد أعتبر تصدي القضاء للرقابة دستورية القوانين تدخلا في اختصاصات السلطتين التشريعية والتنفيذية ومن الناحية السياسية استند في تبرير عدم الرقابة إلى أن القانون هو تعبير عن إرادة الأمة وهذه الإرادة أسمى من القضاء وعليه فلا يجوز له التعرض لمدي دستورية أو عدم دستورية قانون يعبر عن إرادة أمة.ورغم هذا ففكرة " Sieyes " وجدت مساندة وتأييدا لها فيما بعد، بل ولقيت نجاحا في الأخير حيث نص دستور سنة الثامنة للثورة (15/12/1799) على استناد مهمة الرقابة إلى مجلس الشيوخ حامي الدستور على أن تكون سابقة لصدور القوانين وسمح له بإلغاء القوانين المخالفة ومع ذلك فإن هذا المجلس تحول إلى أداة في يد ناجيلون يسيرها كيف يشاء ومن بين أسباب عجز هذه الهيئة النص في الدستور على أنها لا تراقب إلا القوانين التي تحال عليها من هيئة التربيونات ولا يعقل أن تقدم هذه الهيئة القوانين التي لا تتماشى وسياستها للمجلس وفيما بعد أسندت الرقابة إلى هيئة سياسية تسمى المجلس الدستوري الذي يتألف من أعضاء كانوا رؤساء الجمهورية منهم من هو على قيد الحياة وتسعة آخرين يعين رئيس الجمهورية ثلاثة ويعين رئيس الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ كل منهما ثلاثة أعضاء أما رئيس الجمهورية فنختار رئيس المجلس من بين الأعضاء التسعة ومدة العضوية تسعة سنوات غير قابلة للتجديد على أن يجدد الثلث كل ثلاث سنوات كما لا يجوز لهؤلاء الأعضاء الجمع بين العضوية في المجلس وفي البرلمان أو الوزارة أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي. اختصاصات المجلس الدستوري: 1/ التحقق من مطابقة أو مخالفة القوانين التي يسنها البرلمان للدستور وذلك بناء على طلب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الشيوخ أو 60 نائب من أحد المجلسين. 2/ المجلس الدستوري يشرف على انتخاب رئيس الجمهورية ويختص في النظر في الطعون المقدمة بشأن انتخابية كما يشرف على صحة الاستفتاءات الشعبية ويعلن نتائجها ويفصل في النزاعات الخاصة بصحة انتخاب النواب في البرلمان. ويعاب على النظام الجديد خضوع أعضائه أو بعضهم للتيارات السياسية التي ينتمي إليها الأشخاص الذين عينوهم وبالخصوص السلطة التنفيذية التي تتمتع بالعدد الأكثر من الأعضاء فإلى جانب الأعضاء الثلاث يوجد رؤساء الجمهورية الذين على قيد الحياة والصوت المرجح لرئيس المجلس المعين من طرف رئيس الجمهورية في حالة تعادل الأصوات، ومع ذلك فإن تعديل "1974" قد تقلص العديد من الانتقادات حيث سمح لعدد من النواب أن يكونوا من المعارضة. والجدير بالذكر أنه إذا كان يطغي الطابع السياسي على تشكيل المجلس فإن الطابع القضائي يطغى على أحكامه، فصلا عن كفاءة أعضائه مما يطغي عليه نسبيا استقلالية كبيرة. الرقابة السياسية على دستورية القوانين بواسطة هيئة نيابية انتشر هذا النوع في الدول ذات الأنظمة الاشتراكية والغرض منه هو أن لا تعلو كلمة أية جهة على الهيئات المنتخبة الشعبية التي تمثل الشعب في ظل نظام الحزب الواحد كما أن غرضها لا يهدف إلى حماية حقوق بل يهدف إلى سيادة المجالس الشعبية المنتخبة و سموها على غيرها من الهيئات الأخرى مثل مجلس الوزراء في الاتحاد السوفياتي و الجمهوريات المعدة و مجالسها النيابية قبل انهيار الاتحاد و من بين الأنظمة التي أخذت بهذا النوع من الرقابة الاتحاد السوفياتي سابقا حيث أسندت المهمة إلى هيئة رئاسة السوفيات الأعلى فقد جاء في المادة 121 الفقرة الرابعة ما يلي: (هيئة رئاسة السوفيات الأعلى مطابقة دساتير و قوانين الجمهوريات المتحدة لدستور و قوانين الاتحاد السوفياتي) و تنص الفقرة الخامسة على أن هذه الهيئة تقوم بتفسير قوانين الاتحاد السوفياتي كما تلغي قرارات و أوامر مجلس وزراء الجمهوريات المتحدة إذا كانت غير مطابقة للقانون. أيضا نجد دستور جمهورية ألمانيا الشرقية لسنة 1968 يسند تلك المهمة إلى مجلس الدولة حيث يتأكد من دستورية القوانين. يوجه انتقاد لهذا النوع من الرقابة كونها لا تسند تلك المهمة إلى هيئة مستقلة عن البرلمان و إنما تسندها إلى نفس الهيئة التي تقوم بمهمة التشريع و هذا يعين المراقبة الذاتية. بالتساؤل الذي يطرح نفسه كيف أن هيئة تضع قانونا تم بعد إقراره يقوم بمراقبة؟ و هذا دليل على خفق الرقابة.إن الذي يجب ملاحظته هو أن هذا النوع من الرقابة يتماشى و عمل السلطة التشريعية إلى جانب هذا فإن الرقابة السياسية تخص فيما إذا كان القانون المنظور فيه مطابقة للدستور أو مخالفا له. و تسمع هذه الرقابة بتجنب سوء التفاهم بين السلطات، و ذلك بتفادي تضارب الأحكام لو أسندت مهمة الرقابة لعدة محاكم و كانت ملزمة.أما عيوبها فتتمثل في تأثير الهيئة القائمة على الرقابة بآراء الجهات التي قامت باختيار أعضائها، وينجم عن هذا عدم الممارسة الفعلية للهيئة لمهمتها المتمثلة في الرقابة و هذا يسمح للبرلمان بالاعتداء على أحكام الدستور و هنا تصبح الرقابة دون جدوى.كذلك نجد أن هذا النوع من الرقابة يبعد القاضي عن الثقة فضلا عن أقصار تدخل هذه الهيئة إلا في الحالات التي تطلب منها جهات معينة ذلك مما يبعد الأفراد عن التنظيم من احتمال اعتداء السلطة التشريعية على حرياتهم المحددة في الدستور. و أخيرا فإن هذا النوع من الرقابة لا تحقق هدفه بالكامل نظرا لأن رفع قضية مخالفة قانون للدستور من طرف الهيئات المختصة لا يكون إلا حين لمس مصلحها مما يؤدي إلى الامتناع عن القيام بذلك إذا كانت القوانين الصادرة لا تمس مصالحها رغم أنها مخالفة للدستور. الرقابة القضائية على دستورية القوانين الرقابة عن طريق الدعوى الأصلية الرقابة عن طريق الدعوى تعنى أنه بالامكان رفع دعوى قضائية ضد قانون معين على أساس أنه غير دستوري، وهذا أمام محكمة مختصة بالنظر في مثل هذه الدعاوى. فالرقابة القضائية عن طريق الدعوى تتمثل إذن في أن كل مدعي سواء كان فرد أو هيئة يرى أو يفقد أن قانونا غير دستوريا و أنه متضرر منه أوله مصلحة في إلغائه فيحق له أن يرفع دعوى قضائية أمام محكمة أو أية جهة قضائية يحددها الدستور نفسه، يطالب فيها بإلغاء ذلك القانون و يترتب عن هذا النوع من الرقابة مجموعة من الخصائص: 1- هذه الرقابة لا توجد إلا إذا نص عليها الدستور نفسه و حدد شروط ممارستها بالنسبة للمدعين. 2- هذه الرقابة من اختصاص جهة قضائية معينة يحددها الدستور (مثل أن ينشئ مجلس دستوريا أو يحول هذا الاختصاص إلى المحكمة العليا في الدولة). 3- لا تقوم هذه الجهة القضائية بالرقابة إلا بناء على دعوى ترفع أمامها. 4- تكون الرقابة سابقة إذا كانت مقصورة على سلطات عليا في الدولة، أو لاحقة إذا امتدت إلى الأفراد، وتكون محددة زمنيا (الرقابة) بعد صدور القانون تحقيق لاستقرار المعاملات القانونية. 5- المحكمة قد تلغي القانون كليا أو جزئيا، أو ترفض الدعوى وتبقى على القانون حين يكون مطابقا للدستور. 6- إذا حكمت بإلغائه، فإن أثر الإلغاء يسري على الماضي والمستقبل، ولا يترتب عن ذلك القانون أي أثر، كما يمس الحكم الجميع، سواء كانوا أفراد أو سلطات مهما كانت طبيعتها. أمثلة على هذا النوع من الرقابة: وجد في العديد من البلدان: سويسرا، ألمانيا، إيطاليا، النمسا وبعض البلدان العربية كالعراق، الكويت، مصر، السودان. الرقابة عن طريق الدفع ويعني أنه بمناسبة رفع قضية أو نزاع ما أمام القضاء، ورأى أحد الأطراف أن القاضي قد يطبق قانونا معينا على هذا النزاع، فيدفع (أي يحتج) أن أمام القاضي أن هذا القانون غير دستوري إذا كان يفتقد ذلك، فيتصدى القاضي للنظر في هذا الدفع فإذا تبين له أن القانون المطعون فيه غير دستوري فعلا، فلا يطبقه على النزاع ويستعبده دون أن يلقيه، ويترتب عن ذلك. 1- هذه الدعوى المرفوعة أمام القاضي لا تتعلق بالرقابة على دستورية القوانين و إيضا تثار و تطرح مسألة مدى دستورية قانون معين قد يطبق على هذا النزاع بصفة عارضة أو استثنائية فقط إذن فهي ليست دعوى للقانون. 2- لا يتعرض القاضي الى بحث مسألة دستورية ان أو عدم دستوريتها الا اذا دفع أحد أطراف الخوصمة بذلك من أجل الدفاع عن نفسه و لاستبعاد تطبيق القانون 3- إذا ما تبين للقاضي أن القانون الذي دفع به أحد الاطراف قانون غير دستوري فإنه لا يطبق في ذلك النزاع فقط ، و لذلك فهو لا يستطيع إلغائه و هذا بين أن أثر هذا النوع من الرقابة أثر محدود بالمقارنة مع الرقابة عن طريق الدعوى حيث لا يتجاوز أثر نطاق الدعوى المرفوعة أمام القاضي 4- هذه الرقابة أساسها مبدأ تدرج القواعد القانونية و ضرورة خضوع القواعد الدنيا للقواعد العليا - ظهرت الرقابة على دستورية القوانين عن طريق الدفع في الولايات المتحد الامريكية بصفة تلقائية و تم تكريسها منة طرف المحكمة الامريكية العليا سنة 1803 بمناسبة قضية «ماربوري ضد ماديزون» و قد لعب القاضي مارشال دور حاسم في إقرارها و انتهجت دول أخرى هذا المنهج مثل كندا ، أستراليا ، المكسيك ، و عدة دول من أمريكا اللاتينية . الرقابة عن طريق الحكم التقريري شخص يلجأ إلى المحكمة يلتمس منها إصدار حكم يقضي بدستورية قانون معين مراد تنفيذه، يتوقف تنفيذ القانون على هذا الشخص إلى غاية حكم المحكمة، إذا كان غير دستوري، امتنع الموظف المكلف عن تطبيقه، هذا الأسلوب قبل الاستعمال ظهر في الو.م.أ وهو قليل الاستعمال. الرقابة السياسية على دستورية القوانين: تتم الرقابة السياسية عن طريق هيئتين: الرقابة بواسطة مجلس دستوري و الرقابة بواسطة هيئة نيابية. الرقابة السياسية ظهرت في فرنسا و الفضل إلى الفقيه الفرنسي سييز SIEYES غرضها حماية الدستور من الاعتداء على أحكامه و يرجع السبب القانوني لإنشاء هذا النوع إلى مبدأ الفصل بين السلطات، لقيت فكرة سييزر نجاحا و تأييدا لها فيما بعد، حيث نص الدستور السنة الثامنة للثورة الفرنسية (15/12/1799) على إسناد الرقابة لمجلس الشيوخ، بعدها أسندت الرقابة إلى هيئة سياسية تسمى المجلس الدستوري (تسع أعضاء). ثلاثة (3) يعينهم رئيس الجمهورية ثلاثة (3) يعينهم رئيس الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ أيضا يعين 3 (العضوية مدتها 3 سنوات). اختصاصاته: - التحقق من مطابقة أو مخالفة القوانين التي يسنها البرلمان للدستور. يشرف الدستور على انتخاب رئيس الجمهورية و على الطعون المقدمة بشأن انتخابه وإعلان نتائج الاستفتاءات وصحتها. عيوبه: خضوع بعض أعضائه للتيارات الإسلامية التي ينتمي إليها الأشخاص الذين عينوهم خصوصا السلطة التنفيذية. ملاحظة: يطعن الطابع السياسي على تشكيل المجلس فإن الطابع القضائي يطعن على أحكامه وكفاءة أعضاء المجلس تصغي عليها استقلالية كبيرة. الرقابة السياسية بواسطة هيئة نيابية:ظهر هذا النوع في الدول الاشتراكية غرضه أن لا كلمة تعلو على الهيئات المنتخبة الشعبية وهدفها أيضا سيادة المجالس الشعبية المنتخبة مثل (مجلس الوزراء في الإتحاد السوفياتي و الجمهوريات المتحدة ومجالسها النيابية) وخير مثال: الفقرة الرابعة من الدستور السوفياتي المادة 121 (هيئة رئاسة السوفيات الأعلى في الإتحاد السوفياتي تمارس الرقابة على التنفيذ بدستور الإتحاد السوفياتي، وتؤمن مطابقة دساتير وقوانين الجمهوريات المتحدة لدستور وقوانين الإتحاد السوفياتي. انتقادات: عدم استقلالية الهيئة عن البرلمان فكيف يعقل لهيئة تضع قانون ثم تقوم بمراقبته، مع هذا فإن هذا النوع يتماشى وعمل السلطة التشريعية، بحيث تسمح بتجنب سوء التفاهم بين السلطات بتفادي تضارب الأحكام لو أسندت الرقابة لعدة محاكم. عيوبها: - عدم الممارسة الفعلية للهيئة لمهمتها بفعل تأثرها بآراء من قام باختيارها، هذا يؤدي إلى اعتداء البرلمان على الدستور. - ابتعاد القاضي عن الثقة ، وتدخل الهيئة في الحالات التي تطلب منها جهات معنية التدخل ويؤدي هذا بالأفراد إلى عدم التنظيم خوفا من اعتداء السلطة التشريعية على حقوقهم هذا النوع من الرقابة لا يحقق هدفه بالكامل لأن رفع قضية مخالفة قانون للدستور لا يكون إلا إذا مس مصالح الهيئات المختصة برفع قضية مخالفة دستور . الرقابة القضائية على ; دستورية القوانين الرقابة القضائية تتم عن طريق القضاء: الرقابة عن طريق الدعوى الأصلية - رفع دعوى قضائية ضد قانون على أنه غير دستوري يكون أمام محكمة مختصة - يحق لكل فرد أو هيئة رفع دعوى قضائية يطالب فيها بإلغاء ذلك القانون ولهذا النوع مجموعة خصائص: 1/ هذه الرقابة بموجب الدستور.2/ هذه الرقابة بموجب الدستور.3/ لا تقوم الجهة القضائية بالرقابة إلى بموجب دعوى رفع أمامها.4/ تكون الرقابة مهددة زمنيا و سابقة بالنسبة للسلطات العليا ولاحقة بالنسبة للأفراد. 5/ المحكمة تلقى أو ترفض الدعوى وتبقي على القانون إذا كان مطابقا للدستور.6/ إذا ألفية المحكمة فإن المحكمة فإن لإلغاء يسري على الماضي والمستقبل.أمثلة: سويسرا، ألمانيا، إيطاليا، النمسا وبلدان عربية العراق، الكويت، مصر، السودان. الرقابة عن طريق الدفع عندما ترفع قضية أو نزاع أمام القضاء ورأى أحد أطراف هذا أن القاضي قد يستعمل قانونا معينا فيدفع (يحتج) أمام للقاضي أن القانون غير دستوري.1/ يترتب عن هذا أن: أن الدعوى ليست دعوى للقانون (صفة عارضة). 2/ لا يحق للقاضي التطرق إلى بحث دستورية القوانين أو عدمها إلا دفع أحد أطراف الخصومة بذلك. 3/ إذا ما بين أنه غير دستوري فإنه لا يطبقه ولا يستطيع إلغائه ــ أثر هذا النوع من الرقابة أثر محدود بالمقارنة بالرقابة عن طريق الدعوى فهو لا يتجاوز الدعوى المرفوعة أمام القاضي.4/ من هذا النوع من الرقابة أسسه مبدأ تدرج القوانين. الرقابة عن طريق الحكم التقريري شخص يلجأ إلى المحكمة يلتمس منها إصدار حكم يقضي بدستورية قانون معين مراد تنفيذه يتوقف تنفيذ القانون على هذا الشخص إلى غاية حكم المحكمة إذا غير الدستوري ، امتنع الموظف المكلف عن تطبيقه هذا الأسلوب قليل الاستعمال ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية. المبحث الرابع: طرق ممارسة السلطة في الدولة: أشكال وأنظمة الحكم في الفكر التقليدي : 1-عند المفكرين القدامى: أ- أرسطو: وصنفها على النحو التالي: أ/1- الحكومة الفردية: والتي يطلق عليها اسم "مونارشيا" أوي الحكم الفردي.والتي ترتكز على فرد واحد. أ/2- حكومة الأقلية ولها صورتان: • الأرستقراطية: أي طبقة خيار الناس وهم يخضعون إلى حكم فاضل ويخدمهم ومصالحهم. • البلوتوقراطية: وهنا يتحول المجتمع إلى مجتمع يحكمه أقلية من الأغنياء لا يهمهم الصالح العام . أ/3 حكومة الأغلبية: وتأخذ صورتين: • الجمهورية: وهي التي تعتمد على رضا أغلبية من السكان ويكون الحكام من الوسطاء أي نظام الحكم المعتدل. • الديمقراطية: أي سلطة الشعب المكون أساسا من الفقراء والأغنياء. ب-ابن خلدون: وقسمها إلى ثلاث أنواع : ب/1- الملك الطبيعي: أي أنه حكم استبدادي لا يتقيد بأية قواعد قانونية أو أخلاقية وهو حكم مطلق. ب/2- الملك سياسي: وهو الذي يهدف إلى جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار وهو حكم يعتمد على قواعد ومبادئ من صنع الإنسان. ج/ مونتسكيو: قسم الحكومة إلى ثلاثة أنواع : ج/1- الجمهورية: والتي تنقسم بدورها إلى نوعين: • الجمهورية الديمقراطية: أي الحكم للشعب.الجمهورية الأرستقراطية: أي الحكم لأقلية من الناس يخضع لهم عامة الناس.ج/2- الحكومة الملكية: وهو موكول لشخص واحد يحترم القانون ويساعده في مهامه مجموعة من النبلاء. ج/3- الحكومة الاستبدادية: تعتمد على العنف . التصنيف على أساس معايير مختلفة: 1/ معيار الخضوع للقانون: أ/الحكومة القانونية: أي الحكومة التي تخضع للقانون سواء من طرف الحكام أو المحكومين على حد السواء ولا يهم طبيعة الحكم فيها.ب/ الحكومة الاستبدادية: وهي الحكومة التي يسودها إرادة الحاكم.أو الحكام دون السعي لتحقيق الصالح العام 2/ معيار التعددية السياسية: أ/ الحكومات المونوقراطية: وهي التي تفرض التعددية السياسية وتأخذ صورتين : • التسلطية: وهي التي يكون فيها الحاكم وصل الى الحكم بطريقة غير ديمقراطية. • الشعبية: والتي تقوم على أساس الحزب الواحد. ب/ الحكومات التداولية: والتي تقومك على التعددية السياسية ووجود المعارضة.وهي إما برلمانية أو رئاسية أو جمعية. التصنيف السائد حاليا: أولا: الشكل الملكي :التي تكون فيها السلطة ممثلة في شخص واحد وهو الملك ويبقى فيها مدى حياته ويتولى الحكم عن طريق الإرث ولا يسأل سياسيا أو جنائيا.ولها مجموعة من الصور: 1/الملكية المطلقة: وهي التي ينعدم فيها الضوابط.2-الملكية المقيدة: وهي التي يحترم الملك فيها القوانين. 3-الملكية الدستورية الثنائية: وهنا يتقاسم السلطة مع البرلمان أو يعين الحكومة التي تنوب عنه 4- الملكية الدستورية البرلمانية: وهي فكرة الملك يسود ولا يحكم .مثل بريطانيا. ثانيا:الشكل الجمهوري يقوم على أن الشعب هو مصدر السلطة وينتخب الرئيس من قبل البرلمان أو الشعب أو من طرف هيئة خاصة مكونة من ممثلي الدولة وتكون مدة الرئاسة محددة ويسأل الرئيس جنائيا وسياسي.ويتم بهذا الحكم على أساس اشتراك الشعب في اختيار الحكام وعلى أساس طبيعة العلاقة بين السلطات العليا . السداسي الثاني المبحث الخامس : أنظمة الحكم الديمقراطيــــــة تطور مفهوم الديمقراطية :لقد اختلف الناس في تفسيراتهم للديمقراطية فتضاربت تصوراتهم حولها إلى حد أن صار كل فريق منهم يؤمن بنوع معين من تلك التفسيرات وكل فئة تدعوا إلى تطور خاص من تلك التصورات التي فتوها للديمقراطية إن الديمقراطية في أصل لفظها كلمة يونانية مركبة من كلمتين ديموس وتعني الشعب وكروتوس وتعني السلطة أي " سلطة الشعب " أو " حكم الشعب " المفهوم التقليدي للديمقراطية :كانت خاصة بطبقة النبلاء فقط دون باقي الناس وبالتالي انشغل القياصرة بالحكم واستبدوا به لكن الوضع تطور وتطورت معه الديمقراطية بفعل عوامل هي : : ظهور المسيحية –الثورة الصناعية –الصراع المذهبي في أوربا بين الملوك والبابات –ظهور الثورتين الفر نكوا أمريكية وظهور نظرية سيادة الشعب مفهوم الديمقراطية في الفكر اللبرالي :هي ديمقراطية سياسية وفقط لا توجد لها الأبعاد الأخرى خاصة الاقتصادية منها أي قيامها على مبادئ أساسية تتمثل في سيادة الأمة .الانتخابات البرلمانية .استقلالية القضاء .الحريات العامة .وضع دساتير مكتوبة .الفصل بين السلطات والمساواة أمام القانون .وهي مبادئ تسمح للمواطنين من التمتع بنوع من الاستقلالية وامتلاك وسائل للتأثير على الحكومة . يقول "مار سال بريلو " << أن جوهر الديمقراطية ليس مذهبا معينا ولكن مجموعة إجراءات بفضلـها تتمكن أغلبية السكان من التعبير عن إرادتها وتحديد الاختيارات الاجتماعية >> مفهوم الديمقراطية في الفكر الاشتراكي :يرى الفكر الماركسي أن الوسائل التي تحقق الديمقراطية الحقيقية هي ذات طبيعة قانونية وهي ليست نظام سياسي أي هي تحرر الإنسان اقتصاديا باعتماد الملكية للجميع ثم الوصول إلى المشاركة السياسية ثم لابد للدولة أن تتدخل في جميع النشاطات والميادين حتى تقضي على التناقضات ولابد من ابتاع اللامركزية لتمكين الشعب من المشاركة في تسيير الدولة . المفهوم الحديث للديمقراطية: المضمون الاقتصادي و الاجتماعي :أي تحري الإنسان من القيود الاقتصادية من أجل توزيع أفضل للدخل الوطني وذلك من خلال مبادرة الدولة بفتح الأسواق و زيادة برامج وفتح المؤسسات ومراكز الضمان الاجتماعي و المنح المختلفة لتوفير التعليم و الصحة والسكن المضمون السياسي و الدستوري المشاركة الفعلية و المباشرة و المستمرة للمواطنين لتحديد سياسة البلاد و التي يطبقها الحكام الذين يعينون و يختارهم المواطن وبذلك تكون وضعية الحكام تحت الرقابة الشعبية الدائمة ضمان الحرية الفردية والجماعية فالحرية العامة وسيلة وميكانيزم يسمح للمواطنين بمراقبة السلطة الحاكمة و التعبير عن رفضهم لسياستها عند الحاجة و بعزلهم إن استدعى الأمر ذلك رفض الهيمنة الاديولوجية باحتكار الفكر و الحقيقة فالديمقراطية تقبل لتعدد الاديولوجيات و المذاهب إلا أن المفكرين الاقتصاديون الكلاسيكيون يرون أن هذا الأساس مقبول نظريا فقط وأن الديمقراطية اللبرالية هي بحد ذاتها إيديولوجيا ذات مضمون سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وهي ترفض كل ديمقراطية أخرى تختلف عنها كما أن الدول الغربية تعمل على فرض اديولوجيتها على باقي الشعوب بحجج وأسباب مختلفة منها على سبيل المثال حقوق الإنسان ومكافحة الأصولية تعدد المؤسسات الممارسة للسلطة وذلك من خلال مبدأ الفصل بين السلطات العمل برأي الأغلبية مع إحرام الأقلية كمعارضة لأنها عنصر ضروري للديمقراطية وليست جسما غريبا وجب القضاء عليه بل أن المعارضة تحقق التوازن وتسمح بمراقبة الأغلبية و للحلول مكانها عن أمكن ذلك التعددية السياسية عن طريقها يصبح من الممكن تعدد الاختيارات و البدائل و الحلول لمختلف المشاكل حيث يمكن إقامة حوار فعلي بين المواطنين من خلالها وعموما فإن إخضاع الديمقراطية وتفسير المصطلح وفقا للأهواء الذاتية وما يترتب عن ذلك من مساوئ عبر الزمان و المكان رغم إنجاز بعض الأهداف النبيلة ولذا كل ذلك شعور لدى المستضعفين يوحي بأن الديمقراطية ما وجدت إلا لخدمة أغراض معينة و بالتالي هي أحد بكثير عن تعريفها اللفظي وهذه الوضعية أنتجت ردود على المستويين الفردي و الجماعي في البلدان النامية خاصة وفي هذا الإطار تسجل انتقادات مكثفة للممارسات الديمقراطية وخاصة في نطاق بعض الشعوب الإسلامية التي تحاول التخلص من الهيمنة الثقافية الغربية و الخروج من قبضة الحضارة الغربية و بهذا السياق يمكن تمييز بعض الدول لأن تتضمن وثائقها المنظمة للدولة ولو إشارة إلى الديمقراطية كأداة لتنظيم الحكم ( إيران ) صور الديمقراطية المباشرة : وتعني حكم الشعب السياسي نفسه بنفسه وبدون أية وساطة حيث يرى جون جاك روسو أنها التطبيق المثالي و الحقيقي للسيادة وهو نموذج قديم أستعمل في اليونان حيث كان السكان في أثينا ينقسمون إلى ثلاث طبقات النبلاء و العبيد و تجار أجانب وكانت الديمقراطية تمارس من طرف النبلاء فقط علما بأن النساء لا يشاركن في الحياة السياسية وإلى جانب أثينا كانت الديمقراطية المباشرة تطبق في بعض المقاطعات السويسرية الصغيرة حيث يجتمع المواطنين مرة في السنة لانتخاب كبار الموظفين و القضاة وللمصادقة على بعض المشاريع القوانين المحلية و التي إعدادها من طرف الجهاز التنفيذي كل هذا جعل الديمقراطية المباشرة مجل دراسة من طرف الباحثين من حيث استحالة تطبيقها وهذا للأسباب التالية اتساع رقعة الدولة الحديثة وكثرة عدد سكانها وبالتالي استحالة اجتماع كافة أعضاء الشعب سياسي ومناقشة مسائل الدولة * تعقد القضايا الاقتصادية * عدم جدية المناقشات بسبب كثرة عدد الأفراد تطلب درجة النضج والدراية العميقة بتسيير الشؤون العامة الديمقراطية غير المباشرة :وهي النظام النيابي وهنا يقوم الشعب بانتخاب من يمثله في مباشرة شؤون السلطة والحكم نيابة عنه وباسمه ، فهو لا يتولى ممارسة مظاهر السيادة وإنما يوكل من المهام إلى أشخاص ينتخبهم لهذا الغرض ويشكلون برلمانا يمارس سلطات فعلية . الديمقراطية الشبه المباشرة وغير مباشرة فهي تقوم على انتخاب مجلس نيابي يمارس السيادة النيابية عن الشعب لكن الشعب يحتفظ بحقه في التدخل لممارسة السلطة بنفسه في حالات معينة وبالطرق التالية:الاقتراح الشعبـي : يعني ذلك أن عددا معينا من المواطنين يستطيعون المبادرة باقتراح تعديل دستوري أو اقتراح قانوني ما عبر البرلمان سواء في شكل رغبة غير مصاغة حول موضوع معين أو في شكل مشروع قانوني منجز من كافة الجوانب هذا الإجراء معمول به في سويسرا على المستوى الفيدرالي في ميدان التعديل الدستوري وفي مجال التشريع الاعتراض الشعبي وهو أن يمارس الشعب حقه في الاعتراض عن قانون معين خلال مدة معينة من صدوره عن البرلمان وتكون المبادرة بالاعتراض صادرة عن عدد معين من الأفراد فيوقف تنفيذ القانون ويطرح الأمر على الاستفتاء الشعبي فإذا وافق الشعب على الاعتراض ألغي القانون المعترض عليه الاستفتـــــاء : وهو الأخذ برأي الشعب بخصوص المسائل الدستورية أو التشريعية أو غيره يسمى بالسلطة التشريعية في الدولة كما أن رئيس الجمهورية المنتخب والذي يشكل السلطة التنفيذية هو أيضا نائبا عن الشعب وبهذه الكيفية فإن النظام المحلي يتميز بالخصائص التالية :تركيز الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية في يد البرلمان المنتخب يقوم البرلمان بتعيين أعضاء الهيئة التنفيذية التي تمارس الوظيفة التنفيذية تحت إشرافه ومراقبته ويعين من بينها رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية تنظيم السلطة في النظم الديمقراطية الديمقراطية المباشرة لم يعد معمولا بها حاليا ، أما الديمقراطية شبه المباشرة فقد بينت الممارسات العملية أنها نادرة جدا حيث لا يذكر بهذا الخصوص غلا تجربة سويسرا وهي تجربة محدودة جدا ، لذا يبقى تنظيم السلطة في الأنظمة الديمقراطية حاليا هو النظام النيابي (غير المباشرة ) وحسب طبيعة العلاقة التي تقوم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية نجد أن التنظيم الدستوري للسلطة بأخذ الصور التالية النظام ألمجلسي ويتميز هذا النظام بتركيز كامل السلطة ومظاهر السيادة في يد البرلمان المنتخب فهو الذي يتولى الوظيفة التشريعية ويسند ممارسة الوظيفة التنفيذية إلى هيئة خاصة منبثقة عنه تمارسها تحت إشرافه ورقابته ويعين من بينها رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية ، وتكون مسؤولة أمامه عن جميع تصرفاتها بحيث يستطيع عزلها أو عزل بعض أعضائها في أي وقت كما يستطيع إلغاء قراراتها ولا تستطيع الحكومة حل البرلمان ولا حتى التهديد بالاستقالة بطرح الثقة . وعلميا فقد عرف هذا النظام في ظل دستور فرنسا سنة 1792 وكذا دستوري سنة 1848 وسنة 1871 وكذا النمسا في دستور 1920 وتركيب في دستور 1924 والواقع أن النظام لمجلسي كثيرا ما يطبق في أنظمة السلطة فغالبا ما يؤدي إما إلى دكتاتورية السلطة التشريعية مثلما حدث في فرنسا حلال الجمهورية الرابعة النظام البرلمــــاني مفهوم النظام البرلماني :تعريف النظام البرلماني : إن النظام البرلماني نشأ في انجلترا بعد تطور طويل و هو من صور النظام النيابي ثم انتقل إلى العديد من الدول و خاصة منها المستعمرات القديمة الانجليزية , و إذا قلنا النظام البرلماني فهذا لا يعني أن كل نظام يوجد فيه برلماني هو كذلك فالنظام الرئاسي و الشبه الرئاسي فيها برلمان و يكون أحيانا أقوى من السلطة التنفيذية لهذا فالمعيار المميز لهذا النظام عن غيره هو سلطة تنفيذية مقسمة إلى قسمين إحداهما الوزارة أو الحكومة التي يحق لها حل البرلمان الذي يستطيع بدوره سحب الثقة منها و ثانيها رئيس دولة ليس مسؤولا سياسيا . التطور التاريخي للنظام البرلماني : أولا: المرحلة الأولى : الديانة المسيحية لعبت دورا كبيرا في ترصيد الممالك و المقاطعات المنتشرة في انجلترا تحت لواء مملكة واحدة المتحدة .تحت لواء الجمعية العمة تضم حكام المقاطعات و الملك و قيادة الجيوش ظهور جمعية الحكماء تضم الملك و رؤساء المقاطعات دورها منح الأراضي و قرض الضرائب و إعلان الحرب و السلم .ظهور هيئة كبيرة في عهد الدق نورمانديا سميت بالمجلس الكبير القرن الثاني عشر و ساء فيها الحكم المطلق للنور منديين .في عهد الملك هنري الثاني تم توسيع المجلس الكبير .في عهد الملك جان سنتير ابن هنري الثاني و هو العهد الذي تنازل فيه عن بعض صلاحياته للمجلس الكبير و الذي أصبح يعبر عن دور البرلمان . ثانيا : انقسام البرلمان إلى مجلسين : التمييز بين الأعضاء المنتخبين و غير المنتخبين تجلى في العهد هنري الثالث أن جان سنتير حيث تم انتخاب فارين عن كل مقاطعة لحضور البرلمان و أصبح البرلمان يضم المنتخبون و الأشراف الأساقفة الذين انقسموا إلى له كتلتين مجلس المنتخبون و يسمى بمجلس العموم و مجلس الأشراف و خصوصا أطلق عليه اسم اللوردات .ثالثا : و في هذه الفترة تم سيطرة النواب المنتخبون و استحواذ أعلى السلطة التشريعية و تمت سيطرة مجلس العموم على جميع الوسائل المالية و ينفرد بها هذا الأخير و لتأتي بعد ذلك مرحلة ادوارد الثالث الذي يعد عصره الانطلاقة الفعلية في عملية التشريع البرلماني و حدث التساوي بين مجلس العموم و مجلس اللوردات و أصبح يحق لها على التساوي حق التشريع و إجمالا لهذا التقديم يمكن القول أن النظام البرلماني مر بثلاث مراحل رئيسية : 1/ الملكية المقيدة : مثلت هذه المرحلة في : سيطرة الملك و الطبقة الارستقراطية على السلطة و مصدر القوانين هو التفويض الإلهي على شكل مواثيق 2/ الازدواجية البرلمانية : إدخال فكرة الليبرالية ضمن النصوص القانونية و كذلك السيادة الشعبية و حل مكان الإله الإرادة الشعبية منها الدساتير حلت محل الميثاق و المجلس هما الذين يعزلا الوزراء .3/ الديمقراطية البرلمانية : ظهور الأحزاب السياسية و تأثير الشعبية مدعما لمبدأ الاقتراع العام .و سيادة الطابع العرفي لدساتير هذه الأنظمة و حصر السلطة التنفيذية في يد الحكومة . معايير و مميزات النظام البرلماني : أولا : المعيار التقليدي : - التوازن بين السلطة التشريعية و التنفيذية ( التأثير المتبادل بينهما من خلال المراقبة المتبادلة بينهما ).التوازن من خلال أن أعضائها هيئات تكمل احدهما الأخرى .التعاون مشاركة الحكومة في التشريع من خلال اقتراح مشاريع القوانين . النقد : تعميمه لكل مراحل التي بها انجلترا . ثانيا : المعيار الحديث : و هو مسؤولية الحكومة أمام البرلمان انطلاقا من فكرة الاتهام الجنائي. ثالثا: المعيار الحديث : أن كل الأنظمة التي اعتنقت النظام البرلماني ينبغي عليها أن تنص على مبدأ المسؤولية السياسية أي مسؤولية الحكومة بمفهومها الضيق أمام البرلمان و كان ظهورها نتيجة الاتهام الجنائي حيث كان عضو النيابة يتابع جنائيا حيث كان يتهم أمام المجلس العموم و المحاكمة تتم امام مجلس اللوردات المسؤولية السياسية تمارس بواسطة سلطتين : 1/ لائحة اللوم او ملتمس الرقابة : و يكون من طرف مجلس النواب ضد الحكومة وشرط توافر الأغلبية والأغلبية المطلقة قادرة عل وكندا واستراليا مسالة الثقة : تكون بمبادرة من الحكومة بواسطة رئيسها الذي يضع مسالة الثقة على مكتب المجلس وتتم أما تأكيد الثقة وإعطاءها ثقة كبيرة وإما إن تسحب منها الثقة وبذلك يتعين على الحكومة بجميع أعضائها الاستقالة .هل المعايير القانونية كافية لتمييز الأنظمة البرلمانية : ان المعيارين السالفين كافيين من الناحية القانونية لتمييز الانظمة البرلمانية عن غيرها ولكن قد يؤثر التعددية الحزبية على هذين المعيارين الانظمة البرلمانية التي تاخذ بثنائية الحزب: المثل عليها انجلترا و زلندا و كندا و استراليا و المقصود هنا هو ثنائية الحزبين الحقيقي حيث يستطيع احدهما ان يحصل على الاغلبية داخل البرلمان يطبق طريقة الانتخاب المقيدة على أعضائه في الحياة الهامة مثل التصويت على سحب الثقة و يترتب على ذلك نتائج : النتيجة الاولى : تشكيل حكومة متنافسة من بين اعضاء الحزب صاحب الاغليبة الذي يخضع كل اعضائه و يتحملون مسؤولية تطبيق برنامجه . النتيجة الثانية : هي ان الوزارة في حالة الاغليبة تنال ثقة البرلمان الا اذا حدث انشقاق داخل الحزب الواحد صاحب الاغلبية وهو نادر الحدوث . النتيجة الثالثة : سيطرةا لحكومة على السلطة و انتفاء فكرة الفصل بين السلطات و ان مشاريع القوانين التي يتصدر بالتالي تكون باقتراح من الحكومة او من اعضاء البرلمان المنتمين لحزب الاغلبية بعد مصادقة الحكومة عليها . النتيجة الرابعة : تتمثل في انتخاب المواطنين للبرلمان يعني مشاركته بطريقة غير مباشرة في اختيار اعضاء الحكومة و رئيسها و اذا ما تفحصنا الانتخاب نجد ان الحملة الانتخابية تكون شبيهة بالانتخابات الرئاسية مما يجعلها حملة لصالح النواب . الانظمة التي تأخذ بتعدد الاحزاب : في هذه الانظمة لا يوجد حزب يتمتع بالاغلبية المطلقة الا اذا كنا في نظام الحزب المسيكر فالحكومة هنا ملزمة بالاعتماد على ائتلاف حزبي للحصول على الاغلبية و التي تعد ضعيفة قابلة للانقسام في أي وقت , مما يؤدي الى تقرير نفس الحكم على الحكومة فتبدو لذلك تجنبا للانقسام ضرورة المصالحة و التوفيق الوعود للشعب دون الوفاء بها و التهرب برمي مسؤولية ذلك على غيرها فضلا عن معارضة تطبيق برامج غيرها كاملة مما يعرقل رئيس الحكومة عن اداء مهامه كاملة و الاهتمام بالتوفيق بين الاحزاب الائتلافية مع حزبه فيغدو تحت رحمة البرلمان . و من هنا يمكن القول بان المخواطنين لا يختارون رؤساء الحكومات مثلما هو الحال في الثنائية الحزبية و انما يتم ذلك بواسطة رؤساء الاحزاب .الانظمة البرلمانية ذات الحزب المسيطر ستنطبق هذه التسمية على الانظمة ذات الأحزاب المتعددة و التي يمن بينها الاحزاب المسيطرة مثل الاحزاب الاشتراكية في بلاد الشمال و الديمقراطية المسيحية في ايطاليا و الحقيقة انهى وجود حزب مسيطر في الانظمة البرلمانية باستثناء حزب المؤتمر في الفهند و هو مما سمح له بالبقاء في السلطة لمدة طويلة غير انه كان مع ذلك يجب معارضة قوية تراقبه الى جانب تطبيق الانتخابات الحرة مما يسمح للمواطنين من مراقبة الحزب و قد استمرت سيطرت حزب السيدة : غاندي بعد الانقسام الذي حدث عام : 1971 و تشكيلها لحزب المؤتمر الجديد و فوزه في الانتخابات في نفس السنة لكنه فقد السلطة في بداية الثمانينات الا انه استرجعها بعد ذلك مباشرة ثم فقدها سنة : 1989 الامر الذي أدى إلى زوال فكرة الحزب المسيطر و لو لمرحلة في هذا البلد . تطور النظام السياسي البرلماني :عرف النظام السياسي البريطاني اثناء تطوره مراحل ثلاث أساسية هي : 1/ الملكية المقيدة: بدأ التنظيم السياسي يبدو واضحا في المملكة البريطانية اثناء توليى قيوم الاول الفاتح السلطة في بريطانيا بعد ان فتحها سنة :1066و قتل الملك هارولد في هاستينغ فقد كان بين الحين و الاتخر يستدعي نبللااء البلد لاستشارتهم في قضايا و طلب المساعدة منهم خارج الايطار الضريبي كما منح للقادة العسكريين امتيازات سمحت له بنيل ثقتهم و تميزت المرحلة الأولى هاته من الحكم بمحاربة الملكية للنظام الاقطاعي و تمكن الاشراف و النبلاء خلالها من افتكاك الميثاق الاعظم من الملك جان سانتير 1215 , و بموجب ذلك بدأت تظهر البوادر البرلمانية حيث تشكل مجلس بجوار الملك من النبلاء و الأشراف و الإقطاعيين سمي بالمجلس الكبير غير ان بوادر انقسامه بدأت تظهر اثناء حكم الملك هنري الثالث الذي اصبح يستدعي فارسين و نائبين من البورجوازية في المدينة بمجلسه ثم بعد تولي ادوارد الاول الحكم استقر الرأي على الضريبة لا تفرض الا بموافقة الممثلين المنتخبين من الفرسان و البورجوازيين الى جانب الاساقفة و الاشراف . 2/الثنائية البرلمانية : نتيجة للازمة الحادة التي تسببت فيها اسرة استوارت لابعادها البرلمان عن ممارسة السلطة و تم الاطاحة بهذا النظام سنة: 1688 و عينت مارية و زوجها قيوم سنة : 1689 ملكين على بريطانيا بعد الاعتراف بقانون الحقوق الذي اقر سلطة التشريع للمجلس و عدم شرعية فرض الضرائب دون موافقة البرلمان الذي يعد تكملة لملتمس الحقوق في سنة : 1628 , المقر للحقوق الفردية الى جانب عريضة بيم و هامبدام لسنة : 1641 المنظمة لقواعد البرلمان و بمجيء عائلة هانوفر رجحت الكافة لصالح البرلمان و ذلك لسبب عاملين اساسين : * ان الملكين يجهلان اللغة الانجليزية ولا يهتمان بالسياسة .* استمرار تهديد عائلة استوارت للاستيلاء على السلطة وكراهيته للبرلمان مما دفع بهذا الاخير الى التالف مع عائلة هانوفر من جهة واتحاد النواب العموم ممثلي الويغ ومحافظتهم على الاغلبية للوقوف ضد تهديدات آل ستويرات .وكفالة لهذا التضامن كان الملك يلجا لتعيين الاشخاص المسيرين للشؤون العمومية الى رؤساء الاغلبية في مجلس العموم للقيام بذلك ومنحهم سلطة المبادرة وبذلك تاكدت قاعدة ان رئيس الحزب الحائز على الاغلبية في مجلس العموم يتولى رئاسة الوزراء تحت اسم الوزير الأول ,ومن ثمة أصبحت الوزارة مسئولة امام مجلس العموم وتحت رقابته . وحلت المسؤولية السياسية محل المسؤولية الجنائية 3-البرلمانية الديمقراطية :لقد كان فشل جورج الثالث في استعادة السلطة وهزيمة بريطانيا في امريكا اثر كثير على تطور النظام البرلماني , فقد ظهر قانون اصلاح الإنتخابات سنة 1832وتلته قوانين تتعلق بتوزيع المقاعد في البرلمان وتوسع حق الاإنتخاب وأخير أقر مبدأ الاقتراع العام 1928 وأصبح مجلس العموم مصدر السلطة ففقد مجلس اللوردات سلطته وتأكد ذالك بقانوني 1911, 1949 الذان بموجبهما سحبت منهم السلطة ولم يعد الملك يؤثر فعليا على السياسة الدخلية الهيئات الدستورية : ليقوم النظام السياسي البريطاني على هيئات مركزية هي البرلمان كسلطة تشريعية والملك والوزارة 1-يتكون البرلمان الأنجليزي من مجلسين هما مجلس اللوردات ومجلس العموم أولا :مجلس اللوردات :يعتبر من مؤسسات البريطانية القديمة :*تشكيله :إن مجلس اللوردات يجد أصله في المجلس الأكبر وبضبط في طبقة أشرف النبلاء ورجال الدين من هذا المجلس وهم يرتبون أمير ,كونت, البرون ,شوفالي .ويتم اختيار اللوردات مبدئيا عن طريق الوراثة ,أما حاليا فإن الملك والوزارة هم الذين يعينون اللوردات *اختصاصاته:كان مجلس اللوردات يتمتع بسلطات واختصاصات يساوي لمجلس العموم في المجالين التشريعي والمالي ويتولى محاكمة الوزراء المتهمين من مجلس العموم وذلك راجع إلى قدمه ثانيا :إن مجلس العموم: هو المؤسسة التي حققت حكم الشعب في بريطانيا ضد الملك بفرض الصراعات الطويلة التي كان أعضاء المجلس يخوضونها ضد الملك من أجل إسترجاع السلطة . التشكيل وسائل العمل : يتشكل مجلس العموم من نواب من الشعب ينتخبون بواسطة الإقتراع العام بالأغلبية البسيطة في دورة واحدة لمدة 5 سنوات ويتكون المجلس من المجموعات السياسية للمجلس مجموعتين سياسيتين كبيرتين للأغلبية والمعارضة تنظم حولهما الحيلة السياسية .إن هاتين المجموعتين تشكلان حلقة وصل بين الإرادة الشعبية والعمل الحكومي ولكل مجموعة قائد ونائب اللجان :يشكل مجلس العموم ذاته خلافا لنظام الأمريكي لجانا دائمة غير متخصصة تتولى مناقشة بعض المواضيع وهذا كبحا لهيمنة رئيس المجلس الذي كان تابعا للملك. *سلطات مجلس العموم وإختصاصاته : 1*السلطة التشريعية :وهو سن القوانين المنظمة للمصالح الخاصة والقوانين العمومية التي لها أبعاد واسعة وعامة . 2*السلطة المالية :هي التي مكنت مجلس العموم منة الإستلاء على السلطة التشريعية . 3*السلطة الرقابية :هي الوسيلة التي تمكن البرلمان من الإطاحة بالحكومة سواء اعن طريق الاسئلة أوعن طريق التصويت بالثقة . *السلطة التنفيذية : أولا:الملك :إن الملك في برطانيا يتولى العرش عن طريق الوراثة دون إهتمام بجنس الوارث ذكرا أو أنثى . 1/إختصاصات الملك : يختص بالموافقة على القوانين وهو إختصاص نظري كما يختص بتعين زعيم الحزب وهو تعين شكلي أيظا . 2/الوزارة :إن نظام الوزارة في النظام البرلماني تجد مصدرها في مجلس الملك الخاص . 1*الكابينيت أو الحكومة لعل ما تتميز به الوزارة في بريطانيا لأنها هي المسؤولة أمام البرلمان 2*الوزير الأول :يحتل الوزير اللأول مكانا بارزا لأنه هو المسؤل عن سياسة الوزارة ورئيس السلطة التنفيذية فضلاعن كونه زعيم الأغلبية البرلمانية وأيظا هو زعيم الحزب المختار من قبل الشعب حيث بإنتفائه تنتفي الحكومة . تكييف النظام البرلماني إن النظام البرلماني هو النظام الذي تكون فيه الحكومة مسؤولة أمام البرلمان كما يحق لها حل البرلمان ومن هنا أصبح البرلمان حلقة إتصال بين حكومة تحدد وتنفذ سياسة معينة كما أن النظام البرلماني لاتستطيع الوزارة فيه إلغاء الحقوق المقررة أوتعديلها كما أنه لا يحق لها الغاء مبدأ المعارضة . النظام المختلط وهو ليس بنظام أصيل ولكنه مجرد خلط بين بعض مبادئ النظام البرلماني وبعض النظام الرئاسي وبالنظر إلى انتشاره في البلدان الأفروآسيوية وكذا في دستور فرنسا 1958 أصبح نظاما قائما بذاته له وحدويته وخصائصه وأركانه . النظــــــام الرئاسي مفهـوم النظام الرئاسي ودعـائـمه مفهوم النظام الرئاسي النظام الرئاسي هو نظام يقوم على أساس الاستقلال والفصل الكبير بين السلطة التشريعية والتنفيذية وعدم إمكانية تأثير إحداهما على الأخر الشيء الذي يؤدي إلى وجود توازن بينهما بحكم الاستقلالية وليس بحكم وسائل التأثير المتبادل مثلما هو الحال في النظام البرلماني، ويعتبر النظام الأمريكي هو النموذج المثالي للنظام الرئاسي من الناحية النظرية على الأقل،ويقوم النظام الرئاسي على دعائم وتتمثل فيما يلي:دعائم النظام الرئاسي 1 أحادية السلطة التنفيذية:رئيس الدولة هو نفسه رئيس الحكومة ينتخبه الشعب بواسطة الاقتراع المباشر .البرلمان والسلطة التنفيذية يكونوا في كفة واحدة لأن كليهـما منتخبين من طرف الشعب،كما أن الرئيس والذي يقوم باختيار الوزراء الذين يساعدونه ،كماله حق عزلهم ،كما أن الوزراء يخضعون لرئيس الجمهورية خضوعا تاما ويتبعون السياسة العامة التي يضعها الرئيس ،لهذا فهم ليسوا مسؤولين أمام البرلمان بل أمامه فقط،الشيء الذي يجعل الوزراء مجرد كتاب للدولة فهم يطبقون توصيات وبرنامج الرئيس . الفصل التام بين السلطات: وهنا أيضا نلحظ التقابل والاختلاف الجوهرى بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي .ففي النظام البرلماني ـ كما سبق أن رأينا ـ يوجد تعاون ورقابة متبادلة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ، فالفصل بين السلطتين هو إذن فصل نسبي أومرن .ولكن في النظام الرئاسي تسود فكرة الفصل التام بين السلطات ، فلقد تأثر واضعوا الدستور الأمريكي في عام 1787بأفكار مونتسكيو عن مبدأ الفصل بين السلطات ، ولكنهم لم يأخذوا بالفصل المرن بل أرادوا تحقيق الفصل التام بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية دون أي تداخل بين السلطتين ،وذلك بهدف تحقيق التوازن والمساواة الكاملة بينهما. .السلطة التنفيذية :الرئيس فهو الذي يتولى تحديد سياسة الدولة داخليا وخارجيا ،ويشرف على تنفيذها عن طريق الأعوان الذين يختارهم ، وهو يتصرف في كافة هياكل وأجهزة الدولة ومرافقها ، ويتمتع بالسلطة التنظيمية ،وليس له الحق في المبادرة بالتشريع بطرق مباشرة ورسمية ،حتى وان كان يمارس ذلك بطريق غير مباشرة. السلطة التشريعية : يتكون البرلمان من نواب المنتخبين من طرف الشعب،وقد يتشكل من مجلس واحد أو مجلسين والبرلمان مستقل تماما عن الرئيس. السلطة القضائية : تتمثل في الأجهزة القضائية ،قمة الجهاز القضائي وهو المحكمة العليا الدستورية وهي مستقلة في ممارسة وظيفتها لأن القضاة معينين من طرف الرئيس ،ويبقون أحيانا مدى الحياة مما يؤدي بشعورهم بالاستقلالية والحرية ، وكذلك بأنهم يتمتعون بالحصانة .وفيما يلي عرض لمظاهر هذا الفصل التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية:1 لا يجوز الجمع بين المنصب الوزاري وعضوية البرلمان 2 لا يجوز للوزراء دخول البرلمان لشرح سياسة الرئيس او الدفاع عنها أو حتى لمناقشتهم من جانب البرلمان.3 ليس من حق رئيس الجمهورية أقترح القوانين على البرلمان .4 ليس من حق السلطة التنفيذية إعداد مشروع الميزانية ،فالبرلمان هو الذي يعد الميزانية العامة للدولة عن طريق لجانه الفنية ويقوم بمناقشتها وإقرارها،وكل ما يسمح به من جانب السلطة التنفيذية هو تقديم تقرير سنوي يبين الحالة المالية للدولة ومصروفات الحكومة في السنة المنقضية و احتياجاتها للسنة الجديدة.5 لا توجد رقابة من جانب البرلمان على رئيس الجمهورية والوزراء،فرئيس الجمهورية غير مسؤول سياسيا أمام البرلمان ،وكذلك لا يجوز للبرلمان أن يوجه أسئلة أو استجوابات للوزراء ،كما لا يجوز له مساءلتهم سياسيا وطرح الثقة بهم للتصويت وإقالتهم.فالوزراء ليسوا مسؤولين سياسيا سوى أمام الرئيس وحده الذي قام بتعيينهم وله وحده حق عزلهم.أما من الناحية الجنائية فقط،فرئيس الجمهورية والوزراء تمكن أن يكونوا موضع اتهام ومحاكمة أمام البرلمان عن الجرائم التي يرتكبونها.6 كذلك ليس للسلطة التنفيذية أي رقابة على البرلمان.فلا يجوز لرئيس الجمهورية حق دعوة البرلمان لاجتماعاته السنوية العادية.7 كذلك لا يجوز للرئيس حل البرلمان،ونحن نعرف أن حق السلطة التنفيذية في حل البرلمان يتحقق في النظام البرلماني كسلاح يقابل ويوازن حق البرلمان في تحريك المسؤولية السياسية للوزراء،ولكن في النظام الرئاسي لا يحق لرئيس الجمهورية حل البرلمان ومن ناحية المقابلة لا يحق للبرلمان مساءلة الرئيس أو وزرائه من الناحية السياسية.كما نرى النظام الرئاسي يعمل على إقامة الفصل التام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ، و يستهدف النظام الرئاسي من ذلك تحقيق المساواة الكاملة بين سلطتين واستغلال كل سلطة عن الأخرى بشكل كامل،ولكن إذا كانت القاعدة أو الأصل العام هو الفصل المطلق إلا أن هناك حالات استثنائية وردت في الدستور الأمريكي وتمثل نوعا من التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية،ولكننا نكرر أن تلك حالات استثنائية محدودة تطبيق النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية. :الولايات المتحدة هي البلد النموذجي للنظام الرئاسي حيث نشأ فيها بمقتضى دستور 1787 المطبق حتى الآن مع التعديلات المتلاحقة التي طرأت عليه نتيجة تطور المجتمع الأمريكي.ونظرا لأن النظام الرئاسي يقوم ركن فردية السلطة التنفيذية حيث تتركز هذه السلطة في يد رئيس الجمهورية وعلى ركن الفصل المطلق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية،لذلك فإننا ندرس الحكم الرئاسي الأمريكي من حيث مركز رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ومن ناحية الكونغرس وعلاقته بحكومة الرئيس. أركان النظام الرئاسي. الرئيس:هو أقوى رجل في الدولة وهو زعيم الأمة المنتخب.وقد أراد واضعوا دستور 1787 في مؤتمر فيلادلفيا أن يكون الرئيس قويا ليس فقط بانتخابه عن طريق الشعب ومندوب الشعب،بل بالذات قويا بسلطته وامتيازاته الدستورية.فهو رئيس السلطة التنفيذية اسما وفعلا ويمارسها بنفسه ووزراؤه ليسوا سوى كتاب دولة التابعين له وليس لهم استقلال عن الرئيس. والرئيس هو القائد العام للقوات المسلحة بما لذلك من أهمية في أمريكا .كذلك رئيس الجمهورية يضع السياسة العامة للدولة في الداخل والخارج بجانب اختصاصات أخرى كثيرة .وسنعالج بقدر من التركيز جميع النقاط الهامة بالرئيس الأمريكي: - أن يكون أمريكيا بالمولد .ب - أن يبلغ من العمر 35 سنة على الأقل .جـ- أن يكون قد أقام في الولايات المتحدة 14 سنة. اختصاصات الرئيس:يتمتع الرئيس باختصاصات واسعة ومتنوعة تشمل كل نواحي السلطة التنفيذية التي تتركز أساسا في أيدي الرئيس بصفة أصلية ومباشرة.وهناك اختصاصات أخرى ذات طابع قضائي أو طابع تشريعي.رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي هو رئيس الحكومة في نفس الوقت فلا يوجد مجلس وزراء له كيان مستقل عن الرئيس،بل إن الرئيس هو الذي يعين وزرائه ويعزلهم ويحدد اختصاصاتهم كيفما يشاء،ولا يلتزم عند وضعه لسياسة الدولة باستشارة وزرائه. تنفيذ القوانين:المادة الثانية من الدستور الأمريكي تؤكد واجب رئيس الجمهورية في تنفيذ القوانين التي يضعها الكونغرس تنفيذا كاملا.وهذا هو جوهر اختصاص أية سلطة تنفيذية. تعيين الموظفين:الرئيس يرشح ثم يعين بعد موافقة مجلس الشيوخ كبار الموظفين مثل الوزراء والقناصل وقضاة المحكمة العليا. إصدار اللوائح الإدارية:هي أساس اللوائح التنفيذية للقوانين الاتحادية،كما يصدر بعض اللوائح التنظيمية والتي تسمى باللوائح المستقلة لأنها لا تصدر تنفيذا لقانون معين وإنما لتنظيم بعض المرافق أو المصالح العامة،وهناك ما يسمى باللوائح التفويضية التي يصدرها الرئيس بناء على تفويض من الكونغرس في موضوعات هي أصلا من اختصاصات الكونغرس مثل هذه التفويضات التشريعية الصادرة من الكونغرس يمكن أن تعتبر من مظاهر التعاون بين السلطتين في النظام الرئاسي. الاختصاصات الحربية:وزع الدستور الأمريكي السلطات في المسائل الحربية والعسكرية بين الكونغرس وبين رئيس الجمهورية.فالكونغرس يختص بإعلان الحرب والتجنيد و إنشاء القوات المسلحة،ووضع القواعد اللازمة لتنظيمها.أما الرئيس فهو بنص الدستور يعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة. لاختصاصات ذات الطابع السياسي:يختص الرئيس وحده بالاعتراف بالدول والحكومات الأجنبية،واستقر الرأي على انفراد الرئيس بذلك دون إشراك الكونغرس معه على اعتبار أن الاعتراف اختصاص تنفيذي،والقاعدة العامة هي الفصل التام الذي يمنع الكونغرس من التدخل في المسائل التنفيذية.كما له الحق في عقد المعاهدات الدولية. الاختصاصات ذات الطابع القضائي:يعطي الدستور للرئيس حق إلغاء العقوبة الجنائية أو تخفيضها أو إيقاف تنفيذها،وأيضا حق العفو عن الجرائم التي ترتكب ضد قوانين الولايات المتحدة.ولكن الغريب هو الاعتراف للرئيس بحق العفو عن الجرائم ،وسر الغرابة في الأمر أن التجريم ورفع وصف التجريم عن بعض الأفعال هو من اختصاص البرلمان في كل الأنظمة النيابية،ومن ثم إعطائه لرئيس الجمهورية يمثل مخالفة لبدأ الفصل التام بين السلطات الذي يتأسس عليه النظام الرئاسي. .الاختصاصات ذات الطابع التشريعي:استثناء على مبدأ الفصل المطلق بين السلطات هناك حالات استثنائية قررها الدستور،ويتحقق فيها بعض التعاون والتأثير المتبادل بين السلطات.وبناءا على ذلك يسمح الدستور للرئيس من قبيل الاستثناء التدخل في النشاط التشريعي للكونغرس من ناحتين:ا- يحق للرئيس أن يقدم للكونغرس توصيات تشريعية خاصة بأحوال الاتحاد من وقت لآخر.ب- للرئيس حق الاعتراض التوقيفي على القوانين التي أقرها الكونغرس بمجلسيه،بمعنى أن أثره ليس إعدام القانون الصادر تماما،بل مجرد إقافه وإرجاعه للبرلمان بحيث إذا عاد ووافق عليه مرة أخرى بأغلبية ثلثي لأعضاء في كل من المجلسين صار المشروع المعترض عليه قانونا واجب النفاذ. الكونغرس: يمتاز المجتمع الأمريكي عن المجتمعات الأوربية كونه لم يرث نظام الطبقات الاجتماعية ،كطبقة النبلاء،لهذا لم يكن المؤسس الأمريكي بحاجة إلى إيجاد مجلس للوردات ،ولكنه تجنبا لاحتكار السلطة التشريعية من قبل مجلس واحد، وزع السلطة التشريعية بين مجلسين .وقد شجع هذا التوجه الطابع الفدرالي للدولة ذاته،إذ أصبح معقولا أن يوجد مجلس آخر:مجلس يمثل الشعب الأمريكي ،وآخر يمثل الولايات .وهكذا فالسلطة التشريعية متكونة من مجلسي:الشيوخ والنواب ا-مجلس النواب:ويتم تشكيله بأسلوب الانتخاب العام على أساس عدد السكان كل ولاية() وهو يتكون من 435 عضوا،ومدة النيابة سنتين فقط قابلة للتجديد بالكامل. ب-مجلس الشيوخ:يتشكل من 100 نائبا،منتخبا من طرف شعب الولاية ،ومدة نيابته ست سنوات ،ولكن يتم تجديد ثلث أعضاء المجلس 33 عضوا منهم كل سنتين .وتمثل فيه كل ولاية بنائبين،مهما كانت أهميتها الاقتصادية والجغرافية .والأصل العام أن المجلسين يشتركان معا في ممارسة السلطة ، فالقانون لابد من إقراره في المجلسين معا بالأغلبية المطلقة .ولكن مع ذلك يتميز مجلس الشيوخ ببعض الاختصاصات دون مجلس النواب ،فمجلس الشيوخ كما سبق أن ذكرنا تجب موافقته عند تعيين رئيس الجمهورية لكبار الموظفين،كذلك يجب موفقته على المعاهدات بأغلبية ثلثي أعضائه حتى تكون نافذة.يضاف إلى ذلك أن مجلس الشيوخ يكتسب أهمية خاصة نظرا لأنه المجلس الممثل للولايات ولأنه محدود في عدد أعضائه بالنظر لمجلس النواب ،وكذلك مدة نيابته أطول من مدة نيابة مجلس النواب.وليس لمجلس النواب تلك الاختصاصات ،كل ذلك يجعل لمجلس الشيوخ ولأعضائه مكانة خاصة وعليا قي الحياة السياسية الأمريكية.يضاف إلى ذلك أن الكونغرس بمجلسيه يملك وسيلة أخرى هامة للتأثير على سياسة الرئيس داخليا وخارجيا،هذه الوسيلة هي ضرورة موافقة الكونغرس على ميزانية الاتحاد وعلى الاعتمادات الإضافية التي يطلبها الرئيس وإدارته،يملك الكونغرس وسيلة رقابية فعالة عن طريق اقرار الميزانية والاعتمادات المالية.وأخيرا يجب أن نذكر أن الحياة العملية قد فرضت هي الأخرى وسائل للتعاون وأحيانا للرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وهذا التعاون راجع إلى حالة انتماءهم إلى نفس الحزب السياسي.المحكمة العليا:يبدو واضح أن واضعي الدستور الأمريكي لعام 1787 قد تأثروا بصيغة مونتسكيو()،التي أكد من خلالها بأن النظام الإنجليزي يتضمن سلطة قضائية مستقلة،وهذه الصيغة قد لعبت دورا هاما في إرساء ضرورة إقامة مؤسسة قضائية مستقلة،في أذهان واضعي الدستور الاتحادي.وقد ترجمت هذه الرغبة في النص على إنشاء المحكمة العليا التي يعد العمود الثالث للدستور الأمريكي،الذي اعتنق النظام الفيدرالي،الذي يتطلب بدوره وجود هيئة قضائية تتولى الفصل في النزاعات المحتملة بين الدول الأعضاء الداخلة في الاتحاد.وكانت فكرة إنشاء المحكمة العليا استجابة لهذا المطلب الضروري. هذا وتمتاز تشكلة المحكمة العليا باستقرار عدد أعضائها،حيث تتكون من 9 قضاة منذ 1869 .ويتم انتخابهم من طرف الشعب هذا ما ينص عليه الدستور الأمريكي. ويعينون من طرف رئيس الجمهورية بموافقة مجلس الشيوخ ،وهناك اعتبارات تتعلق بالتوازن بين مختلف مكونات الأمة الأمريكية ،تدخل في توجيه اختيار الرئيس لأعضاء المحكمة العليا.وبالتالي هم مستقلون في وظيفتهم عن السلطات الأخرى،هذا وقد يعود شعور القضاة بهذا الاستقلال إلى كونهم معينين لمدى الحياة ، الأمر الذي ينمي في نفوسهم الإحساس بأنهم يمثلون المجتمع الأمريكي،من جهة ،ويجسدون فكرة استمرارية الدولة،من جهة ثانية كل هذه المؤشرات تبين أن هناك استقلالية بين السلطات.وهناك نظام قضائي خاص بدولة اتحادية ،فهو يبنى على أساس الازدواجية.نظام قضائي على مستوى الولايات:ينظر في النزاعات المحلية التي تثور داخل حدود الولاية .نظام قضائي على مستوى الاتحاد:فهو المسمى المجلس الأعلى ورئيس هذا المجلس هو ثاني شخصية بعد رئيس الجمهورية وهو معين على مدى الحياة ومهمته هي الرقابة على دستورية القوانين .اختصاصات المحكمة العليا:فتتلخص في حل النزاعات التي تكون فيها الدولة السفير،أو الوزير طرفا.أما صلاحياتها كهيئة استئناف تمتد إلى المحاكمات المطروحة أمام المحاكم الفدرالية،وبعض القضايا المطروحة أمام محاكم الدول الأعضاء الاتحاد. إستثناءات القانونية التي رسخها الدستور و الإستثناءات التي فرضتها الظروف السياسية.في الواقع أن الو م أ تأخذ بالفصل التام بين السلطات،لكن عمليا نجد أنه لا يوجد تطبيق لمبدأ الفصل التام،فقد ظهرت معطيات جديدة ممكن أن نعتبرها أنها جاءت بفعل الدستور،أو أن الظروف فرضتها. الإستثناءات القانونية التي رسخها الدستور. 1-حق الاعتراض التوفيقي:للرئيس حق الاعتراض على أي قانون أصدره البرلمان خلال مدة 10أيام من تبليغه،وعند الاعتراض من طرف الرئيس يعاد القانون من جديد إلى الكونغرس،مع بيان أوجه أسباب الاعتراض.-إذا وافق المجلسان التشريعيان على ذات القانون بأغلبية ثلثي أعضائهما،فإن الاعتراض يسقط ويلتزم الرئيس وإدارته بتنفيذ القانون. 2-أعطى الدستور الحق للرئيس دعوة الكونغرس لانعقاد في الحالات الاستثنائية. 3-الدستور يخول للرئيس الحق في إخطار الكونغرس من وقت لآخر بأحوال الاتحاد ويقدم توصياته بالإجراءات التشريعية التي يراها ضرورية من وجهة نظره. 4-لمجلس الشيوخ أيضا دور رقابي على السياسة الخارجية التي يضعها رئيس الجمهورية،فقد اشترط الدستور ضرورة موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية ثلثي أعضائه على المعاهدات الدولية التي يعقدها الرئيس. 5-أعطى الدستور لمجلس الشيوخ الحق في تعيين كبار الموظفين في الدولة. 6-الدستور أعطى لمجلس النواب(الغرفة الأولى) حق في توجيه الاتهام لأعضاء السلطة التنفيذية بما فيهم رئيس الجمهورية على أن يتولى مجلس الشيوخ محاكمتهم وهذا في حالة ارتكابهم لجنايات أو جنح مثل الخيانة العظمى.وهنا لا نتكلم عن الأخطاء السياسية ففي هذه الحالة يصدر المجلس حكمه بأغلبية ثلثي أعضائه يتضمن عقوبة واحدة وهي العزل من الوظيفة. الإستثناءات التي فرضتها الظروف السياسية.:1-وجود نظام الثنائية الحزبية خاصة إذا كان الرئيس الجمهورية ينضم إلى حزب معين وكانت الأغلبية في صفه .2-اللجان البرلمانية كان لدا أثر في تقوية الصلة بين السلطتين(عن طريق هذه اللجان تلعب الجماعة الضاغطة دورها)3 -الكونغرس اعتمد على إنشاء لجان قضائية للتحقيق في بعض الاتهامات التي تنسب لأعضاء السلطة التنفيذية. مبدأ الفصل بين السلطات في الو م أ قد تخلى عن صورة الفصل التام والمطلق في الحياة العملية وإن لم إلى درجة التعاون ،رغم هذا التطور لم يمنع إلى استقرار النظام السياسي في الو م أ. ملاحظة هامة:لابد أن نفرق بين النظام الرئاسي والنظام الرئاساوي،فالنظام الرئاسي هو الذي نتكلم عنه اليوم في بحثنا ،أما النظام الرئاساي أسفرت عنه التجربة العالمية في الدول الأخرى.أن معظم الاختصاصات يسيطر عليها رئيس الجمهورية ولو على حساب البرلمان لأن هذه الأنظمة كلها حاولت تطبيق النظام الرئاسي دون مراعاة البيئة. مظاهر النظام الرئاسي:رئيس جمهورية منتخب من طرف الشعب -يتولى رئيس الجمهورية رئاسة مجلس الوزراء -يعين الوزير الأول وله حرية كبيرة في ذلك يعين الوزراء ويقيلهم بناء على اقتراح رئيس الحكومة -يعين أعضاء المجلس الدستوري -يعين كبار موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين الأحزاب السياسية : تعريفها :اختلف الفقهاء والباحثون بخصوص تعريف إلى درجة أنه يصعب علينا ايجاد تعريف جامع وشامل وموحد وهذا يعود إلى اختلاف لاختلاف العقيدة ، ولهذا سأحاول تقديم أبرزها ثم سأتعرض لتعريف الأحزاب حسب المشرع الجزائري. 1- التعريف على ضوء المشروع السياسي: أـ تعريف جورج بيردو:يعرف جورج بيردو الحزب على أنه هو كل تجمع من الأشخاص الذين يؤمنون ببعض الأفكار السياسية على انتصارها وتحقيقها وذلك بجمع أكبر عدد ممكن من المواطنين حولها والسعي إلى الوصول إلى السلطة أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة ب ـ تعريف جون بانوا :يعرف جون بانوا الحزب بكونه تجمع منظم بقصد المساهمة في تسيير المؤسسات و الوصول إلى السلطة السياسية العليا في الدولة لتطبيق برنامجه في الدولة وتحقيق مصالح أعضائه ج.تعريف ابراهيم شلبي :يعرف ابراهيم شلبي الحزب على أنه تجمع عدد من السكان حول مجموعة معينة من الأفكار د. تعريف عبد الحميد اسماعيل الأنصاري :عرف عبد الحميد اسماعيل الأنصاري الحزب على أنه جماعة متحدة الأفراد تسعى للفوز بالحكم بالوسائل الديمقراطية بهدف تنفيذ برنامج سياسي معين ويتضح لنا جليا من خلال هذه التعاريف أم الحزب السياسي هو :ـ تنظيم يجمع عددا من الأفراد ـ له برنامج أو مذهب أو مشروع سياسي خاص به ـ يهدف للوصول إلى السلطة السياسية أو المشاركة فيها ـ يعتمد في تحقيق ذلك على دعم الشعب وذلك بتجميع أكبر عدد ممكن من الأفراد حوله 2- التعريف على ضوء مختلف خصائص الحزب :يجمع بعض الباحثين أن الحزب يجب أن يجمع بين خمسة معايير : أـ تنظيم دائم : أي أن عمر الحزب يتجاوز عمر أعضائه فهو يستمد وجوده وبقاءه من كونه تنظيما معبرا عن مصالح مجموعة دائمة ومستمرة . ب ـ تنظيم وطني : أي أنه مجرد تنظيم محلي حيث تكون هناك علاقات بين القمة والقاعدة المنتشرة عبر الوطن عن طريق خلايا وقسمات ولجان وفدراليات جهوية ... وهذا تمييز له عن اللجان البرلمانية الموجودة على المستوى الوطني . ج ـالسعي للوصول إلى السلطة : أي أن هدفها الأساسي هو النضال من أجل الوصول إلى السلطة السياسية وتولي الحكم وممارسته سواء منفردا أو بالاشتراك مع أحزاب أخرى .وهذا لتمييزه عن الجماعات الضاغطة والنقابات التي تدافع عن مصالح محددة ولا تهدف إلى الوصول إلى السلطة . د ـ الحصول على الدعم الشعبي : عمل الحزب يهدف إلى كسب الدعم الشعبي وجمع أكبر عدد من الأفراد حول أفكاره وبرنامجه بشكل سلمي وعن طريق الاقتناع وبهذا يحصل الحزب على أصوات الناخبين لتمكينه من تحقيق أهدافه. وهذا ما يميزها عن النوادي والجمعيات المغلقة التي تعتمد في نشاطها على طرق ووسائل أخرى وتسعى إلى تحقيق أهداف أخرى . هـ المذهب السياسي : لابد أن يكون للحزب مذهب سياسي وأن يكون له برنامج خاص به وينفرد به.وبناء على هذه التعريفات نستخلص التعريف التالي :هو جمعية دائمة من الأشخاص الذين يدعون إلى نفس المذهب والتي تكون منظمة على مستوى وطني ومحلي بقصد الحصول على الدعم والتأييد الشعبي بغرض الوصول إلى السلطة و ممارستها لتطبيق سياسة معينة. 3- تعريف المشرع الجزائري :نصت المادة (40) من دستور 1989 على أن حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به ، لكن دون المساس بالحريات الأساسية أو الوحدة الوطنية والسلامة الترابية و استقلال البلاد وسيادة الشعب .وتبين المادة أن الحزب السياسي هو جمعية دائمة ذات طابع سياسي تعمل على جمع عدد من المواطنين حول برنامج سياسي معين بقصد تحقيق هدف لا يدر ربحا وسعيا للمشاركة في الحياة السياسية ، بما في ذلك الوصول إلى السلطة وممارستها وذلك بوسائل ديمقراطية سلمية أهمية الأحزاب السياسية :يجمع الفقهاء على أن الأحزاب السياسية رمز للديمقراطية فلا وجود لهذه الأخيرة دون وجود الأحزاب السياسية إذ تلعب دورا أساسيا في التعبير عن مختلف الاتجاهات السياسية في الدولة ويرجع لها الفضل في التعبير عن الرأي العام وبهذا يصبح بإمكان الشعب المشاركة في الشؤون العامة والحياة السياسية .لقد أصبحت الأحزاب السياسية عنصرا هاما في كل الأنظمة السياسية سواء كانت ديمقراطية أو استبدادية ، ليبرالية أو اشتراكية ، متقدمة أو نامية وأصبحت ضرورة لابد منها ولم يوجدهناك تزامن تاريخي بين الأحزاب السياسية والديمقراطية حيث الأحزاب السياسية ظاهرة حديثة نسبيا في شكلها الحالي. بدأت الأحزاب السياسية في أنجلترا ابتداء من سنة 1832 وقد كان انشغالها الأساسي يتمثل في الانتخاب البرلماني فقط ثم ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية ثم انتشرت في العالم كله شيئا فشيئا وبروز الأحزاب السياسية المتأخر يعود إلى عوامل كثيرة منها عدم أهميتها في الحياة السياسية حين كانت السلطة السياسية حكرا على فئات معينة ( النبلاء، الأعيان، ...) في الأنظمة الملكية المطلقة والنظم التي تلتها وبعد سقوط هذه الأنظمة وانفتاحها إلى الجماهير الشعبية بعد انتشار الانتخابات و العمل بمبدأ الاقتراع العام غير المقيد والمباشر والسري أصبحت الأحزاب السياسية ضرورة لا بد منها في الحياة السياسية ويمكن القول أن ظهور الانتخابات مرتبط بظهور حق الانتخاب العام المباشر والسري .لكن رغم أهمية الأحزاب السياسية نجد أن هناك من يرى ضرورة وجود الأحزاب السياسية وهناك من رأى أنها عامل شقاق وصراع وفوضى 1- الرأي المعارض : يرى المعارضون لوجود الأحزاب السياسية أنها تعمل على الشقاق والقضاء على الوحدة الوطنية وتؤدي إلى زرع روح الانقسام بين المواطنين وتعمل على معارضة و نقد كل ما يتقدم به الغير من حلول للمشاكل ويرون أنها تعمل إلى تحقيق مصالح أعضائها الخاصة على حساب المصلحة العامة وتتأثر بالإيديولوجيات الأجنبية وقد تصبح بذلك تنظيمات تعمل لمصلحة الخارج وأنها تدعي الديمقراطية وبمجرد وصولها إلى الحكم تصبح غير ذلك وتتحول إلى أحزاب دكتاتورية وتستعمل كل الوسائل من أجل البقاء في السلطة وتعمل بكل الوسائل من أجل الوصول إلى السلطة والتعددية الحزبية تؤدي إلى اختلاف بين الأحزاب وهذا يؤدي إلى ضعف الحكومات والأزمات السياسية خاصة في البلدان النامية . والأحزاب السياسية تسمح لأقلية بالسيطرة على الحكم على حساب الأغلبية . 2- الرأي المؤيد : نجد أن هذا الرأي أقرب إلى الصواب وأكثر موضوعية ويرى هذا الاتجاه أن الأحزاب السياسية تحقق عدة مزايا في المجتمع: * هي مدراس للتثقيف والتكوين يتخرج منها رجال السياسة وإطارات تكون قادرة على قيادة البلاد . * تقوم الأحزاب السياسية بتوجيه الجماهير وتكوين رأي عام أي أنها أداة لخدمة المنافسة الديمقراطية السلمية على السلطة واتصال بين الجماعات السياسية والجماهير من أجل تحقيق عمل سياسي منظم وتؤدي إلى خلق رأي عام ميتنير يبصر حقائق الأمور وقضايا البلاد المختلفة. * الحزب يتيح الفرصة للأفراد للتحاور المستمر مع السلطة وبالتالي المشاركة في الحياة السياسية .* إن وجود معارضة منظمة يؤدي إلى محاسبة وانتقاد الحكام وهذا يمنع الحزب الحاكم من الاستبداد وتحقيق التداول إلى السلطة . * وجود الأحزاب السياسية يؤدي إلى تنظيم المعارضة وتسمح للأقليات بالتعبير عن رأيها . * وتعمل الأحزاب على تحديد وتشخيص المشاكل المختلفة الموجودة في المجتمع وبالتالي وضع حلول لها . * إن التنافس بين الأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى السلطة يؤدي إلى سعي كل حزب إلى كسب أكثر عدد ممكن من المساندين وبالتالي يعمل على التحسبن المستمر لنشاطه وبرنامجه والارتقاء إلى الأفضل من أجل الوصول إلى الحكم .ومن أجل كل هذه الاعتبارات أصبحت الأحزاب السياسية تحظى باهتمام الدساتير وبعنايتها خاصة في البلدان المتقدمة وأصبح من غير الممكن أن يصل مترشح إلى منصب سلطوي دون أن ينتمي إلى حزب معين يدعمه وظائف الأحزاب السياسية :الأحزاب السياسية هي إحدى السبل المعبرة عن سيادة الأمة إذ هي عبارة عن تجمع الأفراد في تنظيمات تتولى مهمة اختيار مرشحي الأمة ولكي تظهر على المسرح السياسية تقوم بالوظائف التالية : أـ التأطير التقليدي لدور الأحزاب : يؤدي الحزب هنا ثلاثة أدوار : * التأطير السياسي والإيديولوجي للناخبين والمترشحين : يعد دورا هاما خاصة في الأنظمة الليبيرالية ( خلال الفترات الانتخابية ) حيث تعمل الأحزاب على جمع واستخلاصا لأفكار والآراء وطموحات ورغبات المواطنين التي تتضارب أحيانا وصياغتها في إطار تنظيمي ومنظور موحد ثم عرضها في برنامج الحزب ، فالحزب في هذه الحالة أداة تجمع بين الناخبين ببلورة أفكارهم وتحدد اختياراتهم واختيار الحكام والضغط عليهم لتغيير سياستهم أو تغييرهم أحيانا . ـ اختيار وانتقاء المترشحين للمناصب الانتخابية : يجعل هذا الدور الحزب يقوم بتجنيد وانتقاء الاطارات والكوادر السياسية التي تتولى قيادة الدولة . ـ تأطير المنتخبين : يقوم الحزب في هذه الوظيفة بإعلام النائب بكل ما يجري داخل دائرته الانتخابية واطلاعه على طموحات ورغبات ومشاعر كل الناخبين ويعمل الحزب على تعزيز العلاقة بين النائب والناخبين وإبقاء النائب في إطار التزاماته واحترام برنامجه المقترح من طرف حزبه وكذلك منعه من التصرفات المصلحية والفردية المؤدية إلى الانحراف . ويعمل على تأطير النواب داخل المجالس المنتخبة ( البرلمان ) ويحميهم من الضغوطات والتهديدات التي قد يتعرضون لها . ب ـ التحليل الحديث لدور الأحزاب : وظيفة الوساطة : تشمل الوظائف التقليدية حيث يعبر الحزب عن الإرادة السياسية لمجموعات مختلفة ويصبح الحزب هو الناطق باسم هذه المجموعات ويدافع عن مطالبها لدى الحكام . وظيفة التوفيق الاجتماعي : يعمل كل حزب ويناضل من أجل بقائه واستمراره ويعمل الحكام على البقاء في الحكم ، وتسعى الفئات الاجتماعية إلى تدمير هذا النظام أو تدميره لصالحها ، والحزب من خلال تعبيره عن مطالب هذه الفئات بشكل سلمي يعمل على تهدئة الصراع الاجتماعي ويجعله صراعا ديمقراطيا ، تنافسيا وسلميا وبذلك تحقيق التنافس السلمي على السلطة وبذا يحقق التوفيق بين الفئات الاجتماعية وسائل الأحزاب السياسية: أ ـ الوسائل السياسية : وهي كثيرة منها : ـ التمثيل النيابي : هي أهم وسيلة ، فالحزب يسعى إلى التواجد في كل المجالس المنتخبة المحلية أو الوطنية خاصة البرلمان ، فكلما نجح الحزب في ايصال أكبر عدد ممكن من ممثليه إلى مثل هذه المناصب سيعمل على نشر مبادئه وتثبيتها وتتحقق مشاركته في السلطة والوصول إليها .ـ المناقشة والاقناع : وهي الوسائل التي تحقق التماسك ووحدة الحزب ، وتقضي على الخلافات المحتملة ،كما يستعمل تجاه المواطنين لكسبهم والحصول على أصواتهم . النقد : وذلك بإبراز نقائص وعيوب وأخطاء الأحزاب الأخرى وخاصة الحزب أو الأحزاب الحاكمة. ـ إدماج المصالح الخاصة في المصلحة الوطنية : وذلك عن طريق التمسك بالمبادئ والقيم والشعارات الوطنية حتى لا تظهر أنها لا تتناقض مع المصلحة الوطنية بل تعمل على تحقيقها و خدمتها.ب ـ وسائل الاتصال : تلجأ جميع الأحزاب إلى الوسائل الإعلامية المختلفة من صحف وإذاعة مسموعة ومرئية ، حيث تصدر الجرائد والمجلات والبيانات للإقناع ببرنامجها وتحقيق مختلف أهدافها ،وهذه الوسائل ذات فعالية كبيرة إلى درجة أن طل حزب يسعى إلى أن تكون له عدة وسائل إعلامية تحت تصرفه. جـ الوسائل المادية الأخرى : تنفق الأحزاب أموالا كثيرة من اجل تنظيم تظاهرات حزبية مختلفة سواء فكرية كالمحاضرات والمهرجانات وانتاج الأفلام الوثائقية ونشر الكتب ، وكذلك إنشاء مدارس خاصة تقدم دورات تكوينية للأعضاء وكذلك طبع ونشر شعارات الحزب في شكل معلقات وأوسمة وغير ذلك . دـ الوسائل القهرية : إن وسائل القهر والعنف مرفوضة وغير مستحبة ولكن من المعروف تاريخيا أن كثيرا من الأحزاب ، وخاصة في ظل نظام الحزب الواحد كالفاشية ، النازية والشيوعية لجأت إلى العنف في شكله المستتر بالضغط الاقتصادي والاجتماعي والحرمان من حقوق وامتيازات معينة الجماعات الضاغطة: إن تعدد مصالح الفرد وسعيه الدائم لتحقيقها ، وكذلك تعدد حقوقه وحرياته وحرصه على ممارسة هذه الحقوق والحريات والتمتع بها ، كل ذلك يجعله يعمل قدر الإمكان على الإنتماء على تحقيق مصالحه وممارسة حقوقه . هكذا نجد الفرد ينتمي بالإضافة إلى الأحزاب السياسية إلى نوادي رياضية أو ثقافية أو فكرية أو دينية أو إلى نقابات أو اتحادات مهنية أو إلى جمعيات معينة تدافع عن مصالح أو مبادئ أو حاجيات معينة ...الخ.كل هذه التنظيمات قد تشكل ما يسمى بالجماعات أو المجموعات الضاغطة . وسنحاول دراستها تحت المطالب الموالية مدلولها ووسائلها: تعريفها :الجماعات الضاغطة كنشأت الأحزاب السياسية غير متفق على تعريف موحد لها إذ هناك اختلاف حول تعريف يلم بعناصرها وذلك راجع لتنوعها . فمن ببن التعاريف الكثيرة المتداولة حولها هناك :1 - هي مجموعات تسعى للدفاع عن مصالح أعضائها الخاصة عن طريق التأثير على السلطة 2 - هي "كل مجموعة ذات مصالح تستعمل التدخل لدى الحكومة بأي شكل كان وبأية صفة كانت من أجل تحقيق مطالبها وانتصار وجهات نظرها " 3 - " الجماعات الضاغطة هي تلك الجماعات االتي تضم مجموعة من الناس يتحدون في عدة صفات تجمعهم بعضهم ببعض مصلحة معينة لكنهم لا يهدفون إلى تحقيق أرباح تجارية أو الاستلاء على السلطة كما هو الحال بالنسبة للشركات التجارية أو الأحزاب السياسية . 4 - هي منظمة تضم مجموعة من الناس تجمعهم صفات أو مصالح مشتركة قد تكون مؤقتة أو عابرة ، فإذا مازالت انقرض عقد الجماعة ، وقد تكون دائمة تمارس نشاطها للتأثير على السلطات العامة من أجل تحقيق رغباتها وتلبية مطالبها .من خلال هذه التعاريف نلاحظ أن الجماعات الضاغطة تتفق في كونها : -* مجموعة من الناس أو من المؤسسات يوجدون في شكل اتحاد أو جمعية أو أي شكل من أشكال التجمع. * لهذه المجموعة مصالح مشتركة تجمع بين أعضائها ، وهي عادة مصالح مادية وهي التي تجمعهم .* انها تستعمل عدد من وسائل الضغط والتأثير لتحقيق هذه المصالح * تمارس هذا الضغط على السلطة السياسية الحاكمة حتى تستجيب لطلباتها ورغباتها بناء على ذلك يمكن وضع تعريف يجمع هذه العناصر ، وهو أن الجماعة الضاغطة هي عبارة عن مجموعة من الناس (أو من المؤسسات ) يتحدون في جمعية أو في أي شكل من أشكال التجمع ، ولهم مصالح مشتركة يسعون إلى تحقيقها باستعمال أنواع مختلفة من وسائل الضغط والتأثير على السلطة السياسية العامة لاجبارها على الاستجابة لمطالبهم . دور الجماعات الضاغطة :الواقع أننا تكلمنا على الدور الذي تلعبه الجماعات الضاغطة من خلال التعاريف فهي قوة اعتراف وقوة اقتراح في نفس الوقت ، وهي تمكن العديد من الإفراد من الدفاع عن مصالحهم ، وكذلك الكثير من الفئات الاجتماعية التي ترفع مطالبها لدى الحكم ، لذا فهي تقدم معلومات مهمة للحكام لاتخاذ قرارات دقيقة وصائبة وملائمة وأكثر واقعية . بهذه الكيفية فهي تؤدي دور تمثيلي ودور وساطة بين الحكام و المحكومين وبالتالي تشكل قناة يمارس من خلالها المواطنون سيادتهم وحياتهم الديمقراطية هذا الدور تؤديه الجماعات الضاغطة بشكل فعال كلما تمكنت من عناصر وعوامل القوة التي تتمثل بالنسبة إليها عـادة في قوتها المالية وهذا ما يتحقق لاتحادات أرباب العمل والصناعة بالخصوص، حيث بقدر ماتكون الجماعة ثرية بقدر ما تتمكن من الوصول إلى أهدافها .بالاضافة إلى عامل القوة المالية هناك عامل كثرة عدد الأعضاء الذي له وزن مهم وتأثير بالغ على النواب بالخصوص في الفترات الانتخابية ، حيث تستطيع الجماعة أن توصل إلى السلطة كل من يدعم مطالبها ويلتزم بتنفيذها في حالة نجاحه.هنـاك أيضا عامل ثالث يتمثل في حسن التنظيم والقدرة على الانتشار عبر الوطن أو الاتحاد مع كل من يحقق مصالحها .لكن رغم ايجابيات دور الجماعات الضاغطة ، فإن لها سلبية من بينها ممارسة نشاطها عادة في الخفاء ، الشيء الذي يتناقض مع الوضوح والشفافية وروح المسؤولية وبالتالي مع الديمقراطية ، الى جانب ذلك فهي غير منظمة عادة بشكل ديمقراطي ، بل أن قادة أهم وأكبر الجماعات الضاغطة هم أصحاب رؤوس أموال ضخمة أو يتزعمون تلك الجماعات بناء على امتيازات أخرى . بعض المجموعات القوية ماليا وأحيانا سياسيا تتعامل مع الحكام من مركز قوة وبالتالي تفرض تحقيق مصالحها على حساب المصلحة العامة . هذا راجع إلى أن ضغطها على رجال السلطة قد يؤدي بهم إلى العجز عن أداء مهامهم بأمانة ونزاهة ويرضخون لمطالب هذه الجماعات ، والأكثر من ذلك أن بعض جماعات الضغط تلجأ أحيانا إلى العنف والتهديد لتحقيق مطالبها ، كما تلجأ بصفة إدارية إلى الرشوة والاكراه المعنوي وغير ذلك من السلوكات اللاخلاقية . وسائلها :تلجأ جماعات الضغط إلى مختلف الوسائل لممارسة الضغط على السلطة الحاكمة منها بصفة أساسية 1 - الاتصال بالحكومة : بقدر ازدياد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بقدر ازدياد تدخل الجماعات الضاغطة لديها وممارسة الضغط عليها ، ومن أشكال هذا الاتصال : * عن طريق الصداقات والعلاقات الشخصية . * الاغراءات المالية والرشوة. * الحفلات والولائم تكريما للحكام والموظفين الكبار . * انتهاز الفرصة لتقديم الهدايا والخدمات. * ارسال الرسائل. 2 - التأثير في النواب : المجلس البرلماني هو الميدان الرئيسي لنشاط الجماعات الضاغطة لكون القوانين والتشريعات تصدر عنه حيث تعمل الجماعات على استصدار قانون لصالحها أو تعديل قانون أو استبعاد قانون معين، بل ربما تضغط لتغيير الدستور نفسه .ـ الضغط على النواب قد يكون مباشرة بمطالبة النواب بتنفيذ وعودهم الانتخابية بارسال رسائل إليهم قبل التصويت على قانون معين ، قد تتضمن التهديد بعدم المساعدة والدعم الانتخابي... ـ ارسال ممثلين عن الجماعة للتفاوض مع النواب واقناعهم . ـ حشد وفود غفيرة من الاشخاص أمام أبوابهم أو في مقرات عملهم لمطالبتهم باقرار مطالبها .ـ تزويد النواب بالمعلومات والمعطيات الوثائقية اللازمة حول موضوع معين لاقناعهم بمطالبها وبوجهة نظرها. ـ تزويدهم بالتقارير التي تعرض على لجان البرلمان للدفاع عن قضاياها مقابل مكافآت .. ـ تمويل النواب في حملاتهم الانتخابية. 3 - تعبئة الرأي العام : مختلف الانظمة الحاكمة تهمها مساندة الرأي العام لها ، لذا تلجأ الجماعات الضاغطة إلى استخدام الرأي العام ضد السلطة بتعبئته خدمة لمصالحها ـ تلجأ لتعبئة الرأي العام بكل الوسائل كإصدار النشرات وعقد الندوات والقاء المحاضرات واستخدام الاذاعة والتلفزيون واصدار الجرائد والمجلات وكل وسائل الاعلام . حث الرأي العام على كتابة الرسائل والبرقيات إلى السلطة ، الوزراء ، النواب .. كضغط . 4 - التمويل : تعمل على تمويل الأحزاب وغيرها من التنظيمات والهياكل التييمكن أن تتبنى مطالبها 5 - العنف : لاتتردد الجماعات الضاغطة من أجل الوصول إلى أهدافها في استعمال أنواع معينة من العنف كالاضرابات وعرقلة العمل الحكومي ورفض التعاون مع السلطة واجهاض بعض المشاريع الحكومية عمدا والعمل على خلق الازمات المالية الخانقة ورفض دفع الضرائب وغيرها مثل هذه الوسائل ذات فعالية كبيرة في مختلف البلدان ، وهذه الجماعات الضاغطة تكثر وتتقوى بازدهار الحركة الجمعوية والمنظمات الفئوية المختلفة الشيء الذي بدأنا نلاحظه في الجزائربعد وضع دستور 1989 أنواعها ( تصنيفها ):توجد تصانيف كثيرة للجماعات الضاغطة تختلف باختلاف الباحثين وكأمثلة عنها هناك مختلف الجمعيات مثل جمعيات حقوق الانسان وحماية الطفولة أو العجزة أو المرضى بمرض معين والجمعيات الرياضية والعلمية والاتحادات المهنية كاتحاد الحقوقيين والمحامين والأطباء والمهندسين والفلاحين والتجار وأرباب العمال ولذا فهي عموما جماعات متخصصة توجد في كافة القطاعات في المجتمع كالقطاعات المالية والصناعية والثقافية والدينية والسياسية والدبلوماسية والترفيهية .. وأشهر وأقوى الجماعات الضاغطة توجد في الولايات المتحدة الأمريكية في شكل لوبيات (LOBBIE ) مثل اللوبي الصهيوني واللوبي البترولي واللوبي الفلاحي واللوبي المالي .هناك أيضا النقابات العمالية ، رغم وجود من يقول إن النقابات العمالية تختلف عن الجماعات الضاغطة من عدة أوجه منها أن النقابة تحتاج لوجودها إلى نص دستوري أو تشريعي يكرس الاعتراف بها ، كما أن النقابة تهدف إلى احداث تغيير محسوس في العلاقات الاجتماعية وموازين القوى وكل ذلك بعكس الجماعات الضاغطة التي تهدف إلى استصدار قرارات محدودة تخص مصالحها فقط . هذه الفروق في الواقع لاتخرج النقابات من دائرة الجماعات الضاغطة التي لا توجد كلها على نفس الشاكلة والتي تختلف مصالحها وتتعدد بتنوع هذه الجماعات نفسها ومن التصانيف التي وضعت لها يمكن ذكر مايلي: أ- جماعات المصالح وجماعات الأفكار:1- جماعات المصالح : هي التي تدافع عن مصالح مادية أساسا مثل جماعات التجار وأصحاب الأعمال والنقابة واتحادات الفلاحين والمهن المختلفة واتحاد قطاع البنوك والتأمين والاتحاداتالمهنية المختلفة كاتحاد المحامين أو الآطباء.. .2- جماعات الأفكار : هي جماعة تسعى إلى فرض أفكار وقيم معينة سواء أخلاقية أو سياسية مثل جماعة المحافظة على آداب المرور ، جماعة منع تداول الخمور ، جمعية قدماء المجاهدين ، وجمعية الدفاع عن حقوق الانسان والجمعيات النسائية ،الجمعيات الدينية .. هذا التصنيف غير موفق لوجود جماعات يصعب تصنيفها كجماعة مصالح أو جماعة أفكار لقيامها بالاثنين معا مثل اتحادات الأطباء واتحادات المحامين حيث تدافع عن مصالح وأفكار وقيم في نفس الوقت. ب ـ جماعات الضغط الكلي وجماعات الضغط الجزئي : 1- جماعات الضغط الكلي : هي أن يكون همها الأساسي ممراسة نشاط الضغط على السلطة وهي مؤسسات متخصصة في التدخل لدى الوزراء والنواب والموظفين الكبار للتأثير عليهم ، وتوجد هذه الجماعات في شكل مكاتب فنية وتقنية متخصصة تقوم بالضغط لصالح من يطلب منها ذلك كخدمات تقدمها بمقابل مالي ، وتوجد بصفة أساسية في الولايات المتحدة الأمريكية . 2- جماعة الضغط الجزئي : هي التي يكون الضغط السياسي جزء من نشاطها العام مثل النقابات والاتحادات المهنية والجمعيات المختلفة .هذا التمييز منتقد على أساس أنه غير واضح من الناحية العملية لان جماعة الضغط الكلي قد تكون مجرد وسيلة في يد جماعة ضغط أخرى فقط . جـ التصنيف حسب المجالات 1- جماعات الضغط السياسية ( Lobbies ) هي جماعات ذات مصالح سياسية بحتة تعمل على أن تكون لها علاقة دائمة مع رجال السلطة وتمارس الضغظ بشكل مستمر للحصول على مزيد من الامتيازات . 2- جماعات الضغط شبه السياسية : مثل نقابات العمل والاتحادات المهنية وهي تستعمل النشاط السياسي كوسيلة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية . 3- جماعات الضغط الانسانية : مثل جمعيات رعاية الطفولة أو العجزة أو المعوقين والرأفة بالحيوان والجمعيات النسائية والجمعيات الخيرية وهي لاتنشط إلا بقصد الحصول على اعانات مالية . 4- جماعة الضغط ذات الهدف : هي تلك الجماعات التي تدافع عن مبادئ وقيم معينة على مستوى محلي أو وطني أو دولي مثل جمعية السلام الأخضر التي تناهض استعمال السلاح النووي وتلوث البيئة 5- جماعات الضغط للدفاع عن مصالح الدول الأجنبية : توجد في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أن كثير من الدول لها لوبي معين ينشط لتحقيق مصالحها لدى السلطات الأمريكية مثل اللوبي الصهيوني واللوبي الياباني... الفرق بين الأحزاب السياسية والجماعات الضاغطة:تتميز الجماعات الضاغطة عن الأحزاب السياسية في عدة أوجه يمكن ذكرها فيما يلي: 1- تختلف عن الأحزاب في كونها لا تسعى إلى السلطة بل لتحقيق مصالح معينة مادية أو معنوية لذا تعمل على وضع من يخدمها في السلطة . 2- أهدافها محدودة جدا بالمقارنة مع الأحزاب فهي تجتهد لدفع السلطة إلى اصدار قانون معين أو منع صدور قانون في غير صالحها ، أو تسعى لتعيين بعض المسؤولين في مراكز معينة 3- لا تعتمد بصفة أساسية على العدد الضخم من المنخرطين بل عناصرقوتها قد تكمن في عوامل أخرى . 4- الأحزاب تقدم مترشحين لها في الانتخابات بعكس الجماعات الضاغطة التي قد تمول وتقدم مترشحين يخدمونها لكن عن طريق الأحزاب. 5- تأثيرها على السلطة يكون عادة بطريق غير مباشر بل كثيرا ما تعمل في الخفاء وبشتى الطرق بعكس الأحزاب السياسية .رغم ذلك توجد علاقات وطيدة بين الأحزاب والجماعات الضاغطة ، إذ كثيرا ما تسيطر الأحزاب على الجماعات مثل النقابات أو الاتحدات المهنية كما أن كثير من الجماعات تمول أحزابا سياسية وتدفعها للتعبير والدفاع عن مطالبها . الجماعات الضاغطة ليست أيضا شركات تجارية صرفة بل قد تمارس الشركات التجارية الضغط بواسطتها .ويشترط في الجماعة الضاغطة والأحزاب عدم اللجوء إلى العنف واشاعة الفوضى وعرقلة مختلف مظاهر الحياة بالإرهاب وغيره . هذه الشروط قلما يتم احترامها في الواقع . ا سواء بطريقة سابقة أو لاحقة وقد يكون الاستفتاء إما إجباريا أو اختيارا حل البرلمان : يمكن لعدد معين من المواطنين تقديم حل البرلمان في مجمله فيعرض هذا الأمر على الاستفتاء الشعبي وفي حالة الموافقة بحل البرلمان إقالة النواب : يمكن لمجموعة من الناخبين إقالة نائب معين أو عدد من النواب قبل انتهاء فترتهم النيابية إذا ما خالفوا توجيهاتهم . عزل رئيس الجمهورية : وذلك بناءا على إقتراح أغلبية معينة من البرلمان ويعرض الاقتراح على الاستفتاء الشعبي المبحث السادس : النظام السياسي الجزائري نظام الحكم في ظل دستور 1963 تنظيم السلطة خلال المرحلة الانتقالية . تميزت هذه المرحلة باختيار أسلوب الكفاح لانتزاع الاستقلال واسترداد السيادة الوطنية ، وكانت اتفاقيات (إيفيان ) الأداة السياسية والقانونية لوقف إطلاق النار - كما تميزت تلك الفترة بسيطرة الجبهة على الهيئة التنفيذية المؤقتة التي أنشئت بموجب اتفاقيات إفيان ، وتميزت بحدوث خلافات بين القادة الثوريين حول السلطة والنظام الذي سيعتمد ويمثل التنظيم في تلك الفترة في ما يلي :  المحافظ السامي : ( ممثل فرنسا ) : يقسم السلطة مع الهيئة التنفيذية ويمثل مصالح فرنسا بالجزائر .  الهيئة التنفيذية المؤقتة : تتكون من 12 عضو كلهم جزائريين مهمتهم إدارة الشؤون العامة في الجزائر إلى غاية تنصيب سلطة رسمية في الجزائر علاوة على أنها تعين القوانين وتعين الموظفين وتشرف على قوات الأمن ولاكتها لا تتدخل في قطاعات السيادة التي تضل تحت وصاية فرنسا ونظرا للازمة صائفة 1962 بين جيش الحدود والولايات الداخلية قامت فكرة تأسيس المجلس الانتقالي من صائفة 62 إلى غاية سبتمبر 1962. أزمة صائفة 62 الاتجاه نحو تركيز السلطة : أسباب هده الأزمة الصراع على السلطة و تبادل التهم بين الجماعات الوطنية و تعد برزت إصلاحات بين هواري بومدين قائد أركان الجيش و رئيس الحكومة بن خدة و انسحب ضد هذا الأخير من اجتماع طرابلس( دورة المجلس الوطني للثورة ) الذي يتمثل جدول أعماله : * وضع جبهة التحرير في الحزب السياسي . * انتخاب مجلس سياسي كسلطة في الجزائر مؤقتا . * تحديد النظام الذي يتبع بعد الاستقلال .و اتفقوا على إقالة بن خدة و لكن لم تسقط حكومته بسبب عدم مرافقة 2/3 أعضاء مجلس الثورة ثم تطورت الأمور فقام بن خدة و حكومته و قيادة أركان الجيش بتهم اغتصاب السلطة و الديكتاتورية ( صراع الناحيتين السياسي و العسكري ) , غير أن الجناح العسكري رفض ذلك و نذكر بان الحكومة بذلك ارتكب خطأ استراتيجي تجاهلها قوة مركز الجيش الأمر الذي تفطن له بن بله بعد ذلك تم دخول جيش الحدود إلى الداخل .إنشاء مجلس تأسيسي و المهام الموكلة له : يتكون من 196 نائب تسلم السلطة من الهيئة المؤقتة في سبتمبر 1962 مهامه :* التشريع باسم الشعب .* وضع دستور البلاد . *وضع حكومة مؤقتة(حتى يوضع دستور ومؤسسات داخل البلاد ) . تنظيم السلطات في ظل دستور 1963: 1/ السلطة التشريعية : المجلس الوطني في : 20/09/1964 استلم مهامه من المجلس التأسيسي ممثلوه ترشحهم جبهة التحرير و ينتخبهم الشعب عن طريق الانتخاب مدة : 05 سنوات رئيس المجلس الوطني هو الشخصية المثالية في البلاد و يخلفه بعد الموت أو في حال عارض الرئيس و النائب في المجلس الوطني يتمتع بضمانات بلاده تسقط عضويته إلا بموافقة 2/3 أعضاء المجلس و له الحصانة البرلمانية فلا يتابع و لا يحاكم في حالة ارتكاب جناية . مهامه : يقوم بالتشريع عن طريق دراسته مشاريع قوانين التي تودعها الحكومة في مكتب المجلس يحق لأعضاء الحكومة حضور عمل اللجان و حضور مناقشتها مدة المشاريع .له حق تعديل الدستور إذا اقترحت الأغلبية المطلقة ذلك 2/3 .يراقب النشاط الحكومي عن طريق الاستماع للوزراء ( أسئلة شفهية أو كتابية أو مناقشات و سحب الثقة ) . 2/السلطة التنفيذية : المادة : 39 تستند إلى رئيس الجمهورية و ينتخب بالانتخاب العام المباشر و السري بعد اقتراحه من طرف الحزب . مهام الرئيس : تحديد سياسة الحكومة و توجيهها تنسيق السياسة الداخلية و الخارجية .يعين الوزراء بمفرده و يقدمهم إلى البرلمان .يعين في الوظائف و المناصب و هو القائد الأعلى للقوات المسلحة .له الحق المبادرة في التعديل الدستور و المبادرة في التشريع إصدار القوانين و نشرها و تنفيذها و ممارسة السلطة التنفيذية ) • يعتمد و يتخذ الإجراءات و التدابير الاستثنائية في حال خطر و شيك . • له الحق الاعتراض على القوانين ( طلب قراءة ثانية ) .يوقع على المعاهدات و الاتفاقيات و المواثيق الدولية بعد استشارة المجلس الوطني يعلن الحرب و يبرم السلم . 3/ السلطة الشخصية : سيطرت رئيس الجمهورية على السلطة التنفيذية و تركيزها و تشخيصها في يده و كذلك كان يشارك مع البرلمان في التشريع و يجمع بين قيادة الحزب و قيادة الدولة . توقف العمل بدستور 63 بعد تمر منطقة القبائل و الجنوب و النزاع الحدود مع المغرب ليعقد مؤتمر الحزب و يصبح هو الامين العام ليعمل ما يريد , واستعانته بالجيش لضرب خصومه الثوريين و المعارضين له ثم انقلب على الجيش في محاولة منه لابعاده عن الحياة السياسية و انفراده بالسلطة . نظام الحكم في ظل دستور 1989 السلطة التنفيذي في ظل دستور 1989 إنتخاب رئيس الجمهورية ومكانته ووظائفه :سنتعرض الى طريقة انتخاب رئيس الجمهورية وكيفية انتخابه والشروط التي ينبغي ان تتوفر في المرشح هذا المنصب، وكذا المكانة المتميزة التي منحها اياه دستور 1989 وسبب تميزها والوظائف التي خولها له. إنتخاب رئيس الجمهورية:يحتل رئيس الجمهورية مكانة خاصة ومتميزة في النظام الجزائري باعتباره منتحب من طرف الشعب بطريقة مباشرة، ولأنه مكلف بالشؤون الخارجية ، ووزارة الدفاع ، وتعيين رئيس الحكومة جاز لنا تصنيفه في هذه المكانة وقد إشترط دستور89 في تعيينه شروط. وكذا بين طريقة او كيفية اانتخابه. كيفية إنتخاب رئيس الجمهورية:تحث المادة 68 من الدستور صراحة على كيفية انتخابه حيث تنص ما يلي (ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري. ويتم الفوز في الإنتخاب بالحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين المعبر عنها. ويحدد القانون الكيفيات الاخرى للانتخابات الرئاسية)، وهذا خلافا لما كانت معمول به في دستور 76 الذي يتطلب الحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين المسجلين، وهو الشرط الذي يصعب تحقيقه حتى في ظل نظام الحزب الواحد لو اعتمد الحياد والصدق وحساب الأصوات وإعلان النتائج ، وهذا ما تفطن المؤسس الدستوري ذلك انه له ابقي على ذلك الشرط في ظل التعددية الحزبية لنتج عنه حدوث ازمة دستورية لا حل لها الا بتعديل للدستور، لذلك أحال الكيفيات الأخرى للانتخابات على قانون الانتحابات المؤرخ في 07 أوت 89 حيث تنص المادة 106 منه على ((يجري إنتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع على إسم واحد في دورتين بالأغلبية المطلقة بالاصوات المعبر عنها))، وهذا يعني تنظيم دور ثان حيث نصت 107 من قانون الانتخابات الجزائري كذلك على (( إذا لم يحرز أي مترشح على الأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها ينظم دور ثاني ولا يساهم في الدور الثاني سوى المترشحين الذين أحرزوا على أكبر عدد من الأصوات خلال الدور الأول))، وذلك في ظرف الـ 30 يوم السابقة لإنقضاء مدة رئاسة الجمهورية، والملاحظة أن قانون الإنتخابات لم يتحدث عن النسبة المطلوبة للفوز وجعلها مقصورة على المتنافسين فقط. شروط الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية:يشترط الدستور وقانون الإنتخابات الشروط التالية : 1/ أن يكون ذا جنسية جزائرية أصلية . 2/أن يدين بالإسلام .3 3/ أن يكون عمره 40 سنة كاملة يوم الإنتخاب . ( وتحديد سن 40 سنة قد يكون اقتداء بالسن التي بدأ فيه الوحي ينزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم) 4/أن يكون متمتعا بكامل حقوقه المدنية والسياسية . 5/ أن يكون ترشحه مصحوبا بتوقيع 600 عضو منتخب من بين المجالس البلدية والولائية والمجلس الشعبي الوطني موزعين على نصف ولايات التراب الوطني على الأقل .وبتوافر الشروط السابقة يودع طلب التصريح بالترشيح لمنصب رئيس الجمهورية خلال 15 يوما الموالية لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن إستدعاء الهيئة الإنتخابية لدى المجلس الدستوري محتويا على توقيع المترشح واسمه ولقبه وتاريخ ومكان ميلاده ومهنته وعنوانه ، حتى تتأكد من المصالح من صحة المعلومات ومدى تطابقها مع القانون الدستوري وقانون الانتخابات ، مقابل استلام وصل ايداع التصريح بالترشيح، ويسمح للمترشحين بالقيام بمختلف الترتيبات للحملة الإنتخابية التي مدتها 21 يوم قبل عملية الإقتراع ، كما تنتهي قبل 7 ايام من تاريخ الاقتراع كما ان المشرع أضاف نصوصا تحسبا لحدوث ظروف طارئة بعد التصريح بالترشيح لرئاسة الجمهورية كأن يتوفى احد المرشحين او يصرح بالشغور نتيجة مانع او استقالة او وفاة .ففي حالة توفي احد المترشحين او حدوث مانع قانوني يمنح أجل آخر لتقديم ترشيح جديد على ان لا يتجاوز الشهر السابق لتاريخ الاقتراع. اما في حالة حدوث مانع مما جاء في المادة 84 من دستور 89 فان الاجل المحدد يكون 15 يوما فقط . إن حالة الشغور نصت عليها المادة 84 من الدستور على (( اذا استحال على رئيس الجمهورية ان يمارس مهامه بسبب مرض خطير مزمن يجتمع المجلس الدستور وجوبا وبعد ان يثبت من من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة يقترح على المجلس الشعبي الوطني التصريح بثبوت المانع يعلن المجلس الشعبي الوطني المانع لرئيس الجمهورية باغلبية ثلثي اعضائه ويكلف رئيسه بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة اقصاها 45 يوما وفي حالة استمرار المانع اكثر من 45 يوما يعلن الشغور بالاستقالة وجوبا .فقي حالة استقالة رئيس الجمهورية او وفاته يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية .وتبلغ فورا شهادة الشغور النهائي للمجلس الشعبي الوطني الذي يجتمع وجوبا بتولي رئيس المجلس الشعبي الوطني مهام رئيس الدولة مدة اقصاها 45 يوما . تنظم من خلالها انتخابات رئاسية، ولا يحق لرئيس الدولة المعين الترشح .واذا اقترنت وفاة رئيس الجمهورية بشغور المجلس الشعبي الوطني بسبب حله يجتمع المجلس الدستوري وجوبا لاثبات الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية ويضطلع رئيس المجلس الدستوري بمهمة رئيس الدولة (المادة 84 و85 من دستور 89 ) .والجدير بالملاحظة هو ان دستور 1976 لم موضوع الشغور بكيفية شاملة ، فهذا الفراغ القانون لم يتناوله تعديل 79 ولا دستور 89 وإن كان هذا الاخير أكثر وضوحا لاسيما وأنه حدد من يتولى رئاسة الدولة في حالة حل المجلس الشعبي الوطني بأن اسندها لرئيس المجلس الدستوري . مكانة رئيس الجمهورية ووظائفه :يكتسي رئيس الجمهورية في النظام الجزائري مكانة خاصة وهذا ما أكدت عليه جميع دساتير الدولة وخصوصا دستور 89 الذي وهب له صلاحيات واسعة ومكانة متميزة وقد أكد على أن رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال والأفعال التي تصدر عنه أثناء أدائه لوظائفه لأنه منتخب مباشرة من طرف الشعب وقد أ كد دستور 89 على المدة الممنوحة لرئيس الجمهورية أي خمس سنوات . مكانة رئيس الجمهورية في دستور 89 : إن الظروف التي أفرزت واقع دستور 89 جعلت من رئيس الجمهورية يتمتع بمكانة خاصة وهذا لعدة اسباب منها : 1/ انتخابه المباشر من قبل الشعب فهو المعبر عنه والناطق باسمه والمجسد الفعلي لوحدة الأمة وصاحب الحق في مخاطبة الشعب مباشرة . 2/ ان الانظمة السياسية المعاصرة تقر أولوية السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية دستوريا وان لم يكن لك فعمليا .ض 3/ إسناد مهمة وضع مشروع تعديل الدستور او اعداد مشروع دستور جديد، إلى لجان أو لجنة تحت إشراف السلطة التنفيذية لا يخدم في غالب الاحيان الى هذه الاخيرة. 4/ وضع دستور 89 في غياب المعارضة . اختصاصات رئيس الجمهورية للحديث عن اختصاصات رئيس الجمهورية نميز بين حالتين في الظروف العادية والظروف الغير العادية 1ـ الظروف العادية : باعتباره رئيس السلطة التنفيذية ينص الدستور على ما يلي : * إصدار القوانين: جاء في المادة 117 من الدستور 76 (( يصدر رئيس الجمهورية القانون في اجل 30 يوما، ابتداء من تاريخ تسلمه أياه)) فسلطة الاصدار اذن هي مستمدة من الدستور اما في دستور 89 النص بقية عل حاله باستثناء كلمة القوانين التي حلت محل كلمة قانون وكلمة تسليمها له عوضت بتسلمها اياه . * النشر : وهو الوسيلة المادية التي يُعلم رئيس السلطة التنفيذية الجميع وذلك بواسطة الجريدة الرسمية أي إعلان هذا القانون فيها . *سلطة التنظيم: وهي السلطة التي تشمل المجال الذي يخرج عن اختصاص المشرع فيعود لرئيس الجمهورية ومجال التنفيذ يعود لرئيس الحكومة .فاذا كان دستور 76 اسند السلطة التنفيذية الى رئيس الجمهورية في المادة 111/10و11 على انه (( يضطلع بالسلطة التنظيمية ويسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات )) فان ددستور 1989 اسند سلطة التنظيم الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ، وهذه السلطة لها مظهران إداري وسياسي: المظهر الإداري : وحينها نكون بصدد السلطة التنفيذية لقواعد تحدد شروط وكيفيات ممارستها.المظهر السياسي وله قيمة قانونية اساسية مستمدة من الدستور ومنفصلة عن التشريع. ومن ثمة نكون بصدد سلطة تنظيمية مستقلة، مثل ان يتولى المشرع تنظيم نشاطات تفصيلية لا تترك للسلطة التنفيذية الا مهمة التنفيذ عن طريق تكليف اشخاص معينين متنفيذ قانون الانتخابات . * سلطة التعيين : وهي مخولة لرئيس الجمهورية وهي ضرورة ونتيجة منطقية لسلطة التنظيم ذلك لانه لا يمكن لرئيس الجمهورية ممارسة مهمة التنفيذ القوانين وسلطة التنظيم الا اذا منحت له وسائل تمكنه من القيام بها والتي من بينها سلطة التعيين فهو الذي يعين الوزراء ورئيس الحكومة إن كان لهذا الأخير حق اختيار طاقمه الوزاري والجدير بالملاحظة أن دستور 76 اعطى لرئيس الجمهورية سلطة التعيين المطلقة على خلاف دستور 89 فقد قلصت لرئيس الحكومة المساعد الايمن لرئيس الحكومة ومن هذا فان رئيس الجمهورية خلافا لدستور 76 لم يعد صاحب الاختصاص الوحيد، ذلك أن مشاركة رئيس الجمهورية من قبل رئيس الحكومة لا تقتصر على اختيار أعضاء حكومته وانما تمتد الى التعيين في وظائف الدولة .بالاضافة إلى: 1) التعيين في الوظائف السامية : كتعيين الأمين العام للحكومة ، مدير الأمن الوطني ، أعضاء مجلس المحاسبة ، السلك القضائي . 2) التعيين بعد إجماع مجلس الوزراء : تعيين الولاة ، مدير الوظيف العمومي ، مدير الجامعات ، مدير الجمارك ، مدير الخزينة ، مدير الديوان الوطني للإحصائيات ، وباقي الوظائف من اختصاص رئيس الحكومة 3) رئاسة مجلس الوزراء : ويشكل مجلس الوزراء الاطار الأمثل لمناقشة المواضع الاساسية والهامة التي تهم الامة واتخاذ القرارات المناسبة المعتمدة على الجماعية بقيادة رئيس الدولة . 4) قيادة الجيش والشؤون الخارجية: هو القائد الاعلى للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع ورئيسا للمجلس الأعلى للأمن، يحدد عمله وكيفيات تنظيمه ويعلن الحرب ويوقع معاهدات السلم. و مسؤول عن الشؤون الخارجية يعين السفراء والمبعوثين فوق العادة وإنهاء مهامهم وتوقيع أوراق اعتماد السفراء والدبلوماسيين واستلام أوراق انتهاء مهامهم . (اذا كان رئيس الجمهورية بموجب د 76 يقود الإدارة باعتبارها الأداة الرئيسية مما خوله سلطة التعيين في كل الوظائف المدنية والعسكرية ، فان دستور 89 قد نقل اختصاص قيادة الادارة الى رئيس الحكومة المسؤول امام المجلس الشعبي الوطني، وهذا لا يعني ان قيادة الإدارة فلتت من رئيس الجمهورية ذلك ان الدستور احتفظ له بسلطة التعيين في الوظائف العسكرية وذات لشؤون الخارجية. فضلا عن انه صاحب سلطة تعيين رئيس الحكومة وإنهاء مهامه .وبالنسبة لوزارة الدفاع فان دستور 89 كان اكثر دقة حيث نصت المادة 74 على " هو القائد الأعلى لجميع القوات المسلحة للجمهورية " عكس د 76 حيث نصت المادة 111/4 " يتولى القيادة العليا لجميع القوات المسلحة"وكذا يلاحظ ان دستور 89 اكثر دقة من دستور 76 في مجال المعاهدات وذلك ان دستور 89 حدد المعاهدات والاتفاقيات وبينها خلافا لدستور 76 التي كانت عامة. 5) ممارسة السلطة السامية ، فهو القاضي الأول في البلاد وله حق إصدار العفو وتخفيف العقوبات واستبدالها، ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء، وتعيين القضاة وإقالتهم ، وله حق حـــل المجلس الشعبي الوطني وحق إجراء مداولة ثانية لقانون وافق عليه م ش و وله حق تعديل الدستور واللجوء للاستفتاء وإن كان له الحق فهو يتم بعد مشاورة م ش و ورئيس الحكومة .ويلاحظ ان دستور 89 خول المجلس الأعلى للقضاء سلطة حقيقية فهو الذي يقرر والرئيس يعين، وليس الرئيس يعين والمجلس يقر، وهنا يكمن الفرق مما يحقق بالفعل استقلالية القضاء والفصل بين السلطات. 2/ في الظروف غير العادية : خول الدستور لرئيس الجمهورية سلطات واسعة في حالة الظروف غير العادية ، تمكنه من اتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة الحالات غير العادية المحددة في الدستور، وهي حالات الطوارئ والحصار والاستثنائية والحرب * حالة الطوارئ : نصت عليها المادة 86 اذا كان هناك سببا يهدد الأمن العام يوكل الأمر للولاة. * حالة الحصار : وهي حالة تسبق الحالة الاستثنائية وهي تخص بالغالب اعمال الشغب والاضطرابات بصفة عامة وقد عرفت الجزائر فترة حصار أولى في 04 يونيو 91 وتم رفعها في 29 ديسمبر 91 وفترة ثانية في 29/02/92 .والذي ينبغي التأكيد عليه هو ان الدستور 89 وضع قيودا شكلية وموضوعية يتعين التقيد بها وهي:- الشروط الموضوعية : شرط الضرورة الملحة وتحديد المدة. - الشروط الشكلية : -اجتماع المجلس الأعلى للأمن : وهو إجراء شكلي لانه لايقيد الرئيس في شئ لاسيما وانه رئيس المجلس. – استشارة المجلس الشعبية الوطني ورئيس الحكومة ورئيس المجلس الدستوري * الحالة الاستثنائية : قررت الماد 87 من د 89 حالة الخطر الوشيك باضافة كلمة " داهم " زيادة على ما كان في المادة 120 من دستور 76 وقد اشترطت ما يلي : - شروط موضوعية : يتمتع رئيس الجمهورية بسلطة تحديد زمن وكيفية اللجوء الى تقرير الحالة الاستثنائية - شروط شكلية : استشارة المجلس الدستوري والاستماع لمجلس الامن ومجلس الوزراء ورئيس الحكومة واجتماع المجلس الشعبي الوطني وجوبا .وتجدر الاشارة الى ان 89 اورد شروطا شكلية اكثر وضوحا من دستور 1976 ، و تتمثل في اشترط استشارة المجلس الدستوري حالة الحرب : نظمت المواد 89-90-91 من دستور 89 حالة الحرب وهي الحالة الحاسمة التي تكون اشد من الحالة الاستثنائية وهي وقوع الحرب فعلا وفي هذه الحالة يُوقف العمل بالدستور ويتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات حيث تنص المادة 90 على ما يلي " (( يوقف العمل بالدستور مدة حالة الحرب ويتولى رئيس الدولة جميع السلطات )) ويقوم بتوجيه خطاب للامة يُعلمها فيه بما هو كائن وما هو مُقدم عليه ، وقد اشترط الدستور لهذه الحالة: شروط موضوعية : وهي وقوع العدوان او وشوك الوقوع كإظهار المناورات العسكرية من قبل العدو - الشروط الشكلية : ويتمثل في اجتماع المجلس الشعبي الوطني وجوبا والاستماع للمجلس الاعلى للامن واجتماع مجلس الوزراء لمناقشة الوضع والجدير بالذكر أن دستور 89 الذي اقر التعددية الحزبية والفصل بين السلطات اشترط إبداء المجلس الدستوري رأيه حول اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم قبل عرضها على المجلس الشعبي الوطني. الحكومة (( تشكيلها ـ مهام طاقمها ـ طرق إنهائها )) تشكيل الحكومة ومهامها : تشكيل الحكومة:إن التاريخ السياسي للحكومة عبر أصقاع العالم ينم عن وجود تباين واختلاف الحكومات الموجودة فعلا كأجهزة تنفيذية للدول فهناك في الحكومات من يتم تعيينها بواسطة رئيس الدولة دون تدخل البرلمان وتشرع في ممارسة مهامها دون انتظار موافقة البرلمان وهناك من الحكومات من يسند اختيارها إلى البرلمان ، وأيا كان الأمر فالحكومة تمتاز وتتمتع دستوريا بسلطات وصلاحيات وهذا لا يعني ضرورة استقلالها الكامل عن رئيس الدولة ، وبالرجوع للتسميات التي اعتمدت في النظام السياسي الجزائري ، نجدها مختلفة فقد جاءت العبارة متراوحة بين الوزير الأول في عهد بن بلة المستمد من الدستور 1946 الفرنسي ورئيس الحكومة في المادة 74/5 ، ودستور 1989 (يعين رئيس الحكومة وينهي مهامه) وقد أسند الدستور هذه المهمة إلى رئيس الجمهورية فهو متمتع بالحرية المطلقة في اختيار رئيس الحكومة وإن كان عليه مراعاة جملة من الشروط والمتطلبات وتفادي الصدام مع البرلمان ، والحق أن رئيس الجمهورية غير ملزم باختيار رئيس الحكومة من الكتلة البرلمانية ذات الأغلبية ، إلا أن ذلك كما أشرنا أنفا يجنبه شر التصادم مع البرلمان وعليه كسب وده والشروط المتوفاة هي : 1) شرط الكفاءة : أي أن رئـيس الجمهورية عليه في اختياره اعتماد مقياس الكفاءة السياسية والعلمية والخبرة الواسعة خصوصا وأن المجتمع وصل إلى أطوار متقدمة ولم تعد الكفاءة حكرا على الشهادات التعليمية . 2) شرط السمعة : وهي على كل حال شرط مهم ومكمل لشرط الكفاءة إذ لا يتصور مجال أن يختار رئيس الجمهورية شخصا غير معروف وغير مقبول عند الأغلبية السياسية وأن يكون في الوجهة القانونية غير متابع وأن يكون ذا برنامج سياسي مقبول ومنطقي . 3) شرط الانتماء السياسي : لا يعتمد رئيس الجمهورية في الغالب عنصر الانتماء أي أنه غير ملزم باختيار تيار سياسي دون الآخر إلا إذا أراد هو ذلك أو من باب منطق سياسة الأغلبية ، ويجوز لرئيس الحكومة أن يكون جامعا بين التناقضات السياسية . 4) شرط التأييد : في حالة اختيار رئيس الحكومة وتعيينه لابد من تأييده من قبل البرلمان والتأييد هنا يظهر في موافقة هذا الأخير على برنامج الحكومة المقدم .اختيار الوزراء : تنص المادة 75 من دستور 89 على ((يقوم رئيس الحكومة بتعيين أعضاء الحكومة الذين اختارهم لرئيس الجمهورية الذين يعينهم)) وللبرلمان في هذه الحالة حرية قبول الحكومة أو رفضها ، وذلك من خلال الموافقة على الطاقم الوزاري أو الاعتراض عليه ، ويظهر ذلك من خلال الموافقة على البرنامج ورفضه ، أما رئيس الجمهورية فله حرية الاختيار كذلك .مهام الحكومة وصلاحياتها لرئيس الحكومة صلاحيات ومهام مخولة دستوريا فهي فردية وجماعية : أ) الفردية : باعتبار الشخص الثاني في السلطة التنفيذية فإن علاقته مباشرة مع رئيس الجمهورية والبرلمان كذلك ، فالدستور خول له :تنفيذ وتنسيق برنامج الحكومة .رئاسة مجلس الحكومة ، كما نصت عليه المادة 81/02 .السهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات المادة 81/03 يوقع المراسيم التنفيذية .التعيين في الوظائف السامية لدولة .دعوة المجلس الوطني للانعقاد .ب) الجماعية : المبادرة بمشاريع القوانين بتدخل م.ش.و .برنامج الحكومة : مشاركة رئيس الجمهورية من خلال مجلس الوزراء واستشارته مع بعض الأمور كحالة الحصار والحرب والطوارئ وحل المجلس الشعبي الوطني ، وإجراء انتخابات مسبقة . كيفية إنهاء مهام الحكومة :للحديث عن مهام الحكومة وطرق إنهائها تشدر افشارة إلى أن الحكومة وطاقمها يجوز لها التخلي عن مهامها من خلال تدخل رئيس الجمهورية أو معارضة البرلمان على النحو التالي :إرادية :يمكن لرئيس الحكومة التخلي عن مهامه لعجزه أو مرضه أو أي مانع طبيعي أو باستقالته حيث يجوز له أن يستقيل وينهي مهامه كما حصل مع "مرباح" أو لضغط من قبل المجلس الشعبي الوطني أو رئيس الجمهورية .وجوبية :يتم إنهاء مهام الحكومة من خلال تدخل رئيس الجمهورية أو رفض برنامج الحكومة من طرف المجلس الشعبي الوطني أو سحب الثقة من طرف هذا الأخير ـ ترشح رئيس الحكومة للرئاسيات .ـ طلب منح الثقة ورفضها من طرف المجلس الشعبي الوطني .وعلى العموم فإن الدستور الجزائري لسنة . السلطة التشريعية في ظل دستور 76-89 الوظيفة التشريعية في ظل دستور 76-89 : اسند الدستور اختصاص التشريع إلى المجلس الشعبي الوطني غير انه أورد عليه قيودا تعرقل ممارسته بحرية نظرا لتأثير المؤسسة التنفيذية على وظيفة المؤسسة التشريعية إذ من خلالا دراسة المواد المحددة اختصاص المجلس و إسناد على المادة التي تنص : يشرع المجلس الشعبي الوطني على المجالات التي خولها له الدستور و من خلال ما سبق يتضح لنا بان المجلس الشعبي الوطني في ظل دستور 76 مقيد سياسيا و هذا عكس دستور 89 نظرا لانتماء كل النواب الحزب الواحد المهيمن مما يفقد للسلطة اللازمة التي تمكنه من ممارسة اختصاصاته التشريعية و الرقابية المخولة له دستوريا خاصة في مواجهة الوظيفة على تعديل الدستور بمبادرة من رئيس الجمهورية المادة 181 دون مشاركة المجلس الشعبي الوطني الذي يكتفي بالموافقة فقط على التعليل و الدليل على ذلك التعديل الدستوري الذي وقع سنة : 1979 حيث تدخل الحزب باقتراح تعديل الدستور أما فيما يتعلق بالرقابة فان المجلس الشعبي الوطني تحد من فعالية عدة قيود فرغم أن الدستور قد خول للنواب استجواب الحكومة حول قضايا الساعة او توجيه أسئلة مكتوبة او إنشاء لجان تحقيق او مراقبة غير أن هذا الاستجواب مقيد حيث لا يجوز طرحه إلا بعد موافقة الحكومة مما يترك لها الحرية لإفراغه من محتواه و أهمية فالنواب لا يحق لهم عرض الدستور و المدة هي : 15 يوم غير انه لم يحدد أي جزاء لعدم الإجابة و بشأن لجان التحقيق او أن هذه الرقابة تنشأ بموجب لائحة من قبل 10 نواب او مكتب المجلس او رئيس الجمهورية إلا أن هذه الرقابة تفقد معناها و أهميتها لتقدمها سريا إلى رئيس الجمهورية السلطة التشريعية في ظل دستور 89 : تتمثل السلطة في مجلس واحد هز المجلس الشعبي الوطني على نظام داخلي و ينتخب عن طريق الاقتراع العام السري المباشر و هو حر ليس محتكر من قبل أي تنظيم سياسي و هذا نظرا للتعددية الحزبية حيث يجوز لكل شخص تتوفر فيه الشروط القانونية الترشح بالنيابة في المجلس الشعبي الوطني و هذه الشروط هي : - أن يكون بالغا 30 سنة يوم الانتخاب - أن يكون ذا جنسية جزائرية و في حالة لم تقدم المرشح تحت رعاية جمعية ذات طابع سياسي فانه يلزم بتدعيم ترشيحه بـ : 10% على الأقل من منتخبي دائرته او 500 إمضاء دائرته الانتخابية إما عن طريق الانتخابات و تحديد تتم كالآتي : تبنى المشرع الجزائري طريقة الاقتراع النسبي على القائمة مع الأفضلية الأغلبية في دور واحد و توزع المقاعد وفق ما نصت عليه المادة : 62 و نجد في المادة 87 قانون الانتخابات يقدم المرشحون للمجلس الشعبي الوطني قائمة تساوي عد المقاعد إما المادة : 88 تنص على ما يلي يجب أن تكون قوائم المرشحون للانتخابات التشريعية مرتبة و يراعي هذا في التوزيع المقاعد و نجد المادة : 84 تخص الدوائر التي لها الحق في مقعد واحد إذ ينقضي بأن يجري الاقتراع فيها على اسم واحد و يعلن عن فوز المرشح الحاصل على الأغلبية في دور واحد و تجري الانتخابات في ظرف ثلاثة أشهر السابقة الحاصل على الأغلبية في دور واحد و تتجري الانتخابات في ظرف ثلاثة أشهر السابقة عند انقضاء المدة النيابية التجارية و تنص المدة : 62 : يترتب على هذا النمط من الاقتراع توزيع المقاعد كالآتي : - إذا حصلت على الأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها فإنها تحوز على جميع المقاعد .في حالة عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها فان القائمة الحائزة على الأغلبية البسيطة تحصل على نسبة : 50% +1 من المقاعد و يحسب الكسر لصالح هذه القائمة كمقعد كامل .توزيع بقية المقاعد على جميع القوائم المحصلة على أكثر من : 10% من الأصوات و ذلك على أساس النسب المئوية للأصوات المحصل عليها و حسب ترتيب التنازلي و يحسب الكسر الناتج كمقعد كامل . - حالات عدم القابلية للترشح : بجانب عدم القابلية المذكورة في المادتين 03 و 05 من قانون الانتخابات فان هذا الأخير منع على بعض الأشخاص الترشح للنيابة و هذا إذا مارسو وظائف في نطاق الدائرة التي يريدون الترشح فيها لمدة سنة بعد توقفه عن العمل كما يمنع الترشح في حالة ممارسة الوظائف التالية : الولاة , رؤساء الدوائر , الكتاب العاملين للولايات , أعضاء المجالس التنفيذية للولايات القضاة أعضاء الجيش الوطني الشعبي موظفي أسلاك الأمن محاسبو أموال للولايات مسؤولوا المصالح الولائية .و الغرض من هذا المنع هو عدم استعمال سلطتهم لأغراض انتخابية . الحصانة النيابية : تدخل ضمن الامتيازات المقررة للنائب بغرض تمكنه من أداء مهامه النيابية بعيدا عن أي ضغوط مادية او معنوية و المتابعات القضائية التي من المحتمل أن يتعارض لها سواء من طرف الحكومة او الأفراد فلا يمكن لم يتابع أي نائب او يوقف و ترفع عليه دعوى مدنية او جزائية فالحصانة البرلمانية بها اللامسؤولية و الحرمة الشخصية . انتهاء النيابة : تنتهي في الحالات التالية : 1/ الاستقالة : المادة 102 من الدستور : يحدد القانون الحالات التي يقبل فيها المجلس الشعبي الوطني استقالة احد الأعضاء فالنيابة تنتهي بناءا على استقالة مقدمة من طرف صاحب الشأن معللة إلى رئيس المجلس في اقرب جلسة و بعد دراسة الطلب و قبوله من قبل مكتب المجلس و تبلغ الحكومة بذلك . 2/ شغل او قبول النائب لوظيفة تتنافى مع العضوية في المجلس : يعين عضوا في الحكومة او يكتسب عضوية في المجلس الدستوري واذا تولى احدى هذه الحالات المذكورة يعد مستقيلا تلقائيا بدون الحاجة لتقديم الاستقالة . 3/ إسقاط الصفة النيابية : خول النظام الداخلي هذا الاسقاط عن النظام للمجلس الشعبي الوطني اذا كان النائب لم يستوف او اصبح غير يستوف شروط قابلية انتخابية او بفقدها يتعرض لاسقاط صفته النيابية و يقرر المجلس الشعبي الوطني هذا الاسقاط بأغلبية اعضائه . 4/ العزل : تنص المادة :101 من الدستور ( النائب مسؤول امام زملائه الذين يمكنهم تجريده من صفته اذا اقترف فعل يخل بشرف وظيفته , يحدد القانون الحالات التي يتعرض فيها النائب للاقصاءء و يقرر المجلس الشعبي الوطني هذا الاقصاء باغلبية اعضائه دون المساس بحق المتابعات الأخرى الواردة في القانون . ويقدم طلب العزل امام لجنة التشريع و الشؤون القانونية و الادارية التي تتولى بحثه و يعرض على المجلس لاتخاذ موقف 5/ الوفاة : تترتب عن وفاة النائب اثار قانونية تتمثل في فقدان المجلس لأحد خصائصه و بالتالي فقدان الدائرة و الامة احد ممثليها مما يتطلب تعويضه عن طريق انتخابات في الدائرة الانتخابية التابع لها المتوفي و هذا خلال ستة اشهر من يوم وفاته و يتولى النائب المنتخب نيابة سلفة حتى انقضاء الفترة التشريعية . ملاحظة : في حالة وفاته في السنة الاخيرة لا يستخلف النائب المتوفي هياكل المجلس الشعبي الوطني : يتولى المجلس بتنظيم هياكل تتولى الاشراف على سير العمل البرلماني . 1/ الفقرة الاولى : الهياكل : يحتل رئيس المجلس الشعبي الوطني في ظل نظام التعددية مكانه هامة و المرتبة الثانية في النظام السياسي بعد رئيس الجمهورية فقد اوكل له الدستور مهمة تولي رئاسة الدولة بالنيابة في حالةة ثبوت المانع و رئاسة الدولة في حالة الاستقالة الادارية او وفاته بعد اثبات الشغور النهائي و يتولى تنظيم الانتخابات الرئاسية و هو يقوم بتنظيم علاقات المجلس و البرلمانات الاخرى . 2/ مكتب المجلس : تنص المادة : 107 في فقرتها الاخيرة : انتخاب المجلس الشعبي الوطني مكتبه ويشكل لجانه و يتكون هذا الجهاز من رئيس و 06 نواب رئيس و يتم انتخاب نواب رئيس المجلس بالاقتراع السري لمدة سنة قابلة للتجديد كما نجد حدث و للمرةالأولى في دورة الخريف 1989 وقد أنيطت بالمكتب مهام عديدة منها أن نواب رئيس المجلس يساعدون هذا الخير في إدارة ومتابعة أعمال الادارة والقضايا المتعلقة بمهمة النائب والسهر على حسن تحضير أشغال المجلس يقوم المكتب بتوزيع المهام المذكورة أعلاه فيما بين أعضائه ونجد المادة 113 من الدستور تنص بأن مشاريع القوانين يودعها رئيس الحكومة مكتب رئيس المجلس الشعبي الوطني وهي تعتبر السلطة التي تحد من اقتراحات النواب سواء تعلقت باقتراحات قوانين أو تعديلات عليها خاصة إذا كانوا ينتمون لحزب واحد مع العلم أن النواب لا يستطعون الاحتجاج على قرار المكتب وما يترتب على ذلك من آثار على حق المبادر0ة 3/ اجتماع الرؤساء : الغرض من انشائه تنسيق وضبط نشاطات المجلس في المجال التشريعي ولم يتحدث عنه الدستور وإنما هو من وحي المشرع وقد خولت له عدة صلاحيات هي : • إعداد جدول المجلس الشعبي الوطني • تنظيم كل مناقشة حول النقاط المدرجة في جدول الأعمال عند الاقتضاء السهر على حسن سير اللجان والتنسيق بين أعمالها • تحضير الدورة المقبلة • تقييم أعمال الدورة المنتهية 4/ اللجان الدائمة : شكلت هذه اللجان طبقا للمادة 107 من الدستور ونجد عددها 10 متكونة من 20 إلى 30 عضوا وانتخبت كل لجنة مكتبها المتكون من رئيس ونائب له ومقرر ونجد اللجان الدائمة للمجلس الشعبي الوطني وفقا للنظام الداخلي وتتكون من : ‌أ- لجنة الشؤون القانونية والإداري لحنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجنة المالية والميزانية والتخطيط لجنة الفلاحة والري وحماية البيئة اللجنة الاقتصادية لجنة الإسكان والمنشآت الأساسية والتهيئة العمرانية ‌ب- لجنة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين والتكنولوجيا والشبيبة والرياضة ‌ج- لجنة الثقافة والإعلام والاتصال ‌د- لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية ‌ه- لجنة الدفاع الوطني وتخص هذه اللجان دراسة المشاريع واقتراحات القوانين التي تدخل في اختصاصاتها 5/ لجنة التنسيق والجان الخاصة : المجلس الشعبي الوطني هو من أقر ذلك وهذا من أجل انشاء لجان التنسيق مؤقتة للنظر في مسائل التي يعود اختصاصها اللجان المختلفة ويكون هذا الانشاء من قبل مكتب المجلس وهذه اللجان تقوم بدراسة وإبداء الرأي في موضوعات متخصصة تتطلب دراسة معمقة من قبل النواب المختصين 6/ لجان التحقيق : نجد هذه اللجان تختلف عن ما ذكرناه من اللجان لأن الهدف هذه الأخيرة هو الحصول على المعلومات حول موضوع وموضوعات معينة وتقديم نتائج أشغالها للمجلس الشعبي الوطني 7/ الاجتماعات الوجوبية : أقر الدستور أن اجتماع المجلس الشعبي الوطني وجوبا في ثلاث حالات هي : • لدى لجوء رئيس الجمهورية إلى استعمال المادة 87 من الدستور التي تخوله تقرير الحالة الاستثنائية • لدى استعمال السلطات المخولة لرئيس الجمهورية بموجب المادة 89 التي تسمح له ب‘لان حالة الحرب • تعلق بافتتاح الفترة التشريعية التي تعقد جلستها الأولى وجوبا في اليوم العاشر الموالي لتاريخ انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني فقد نصت المادة 107 من الدستور: )) تبتدي الفترة التشريعية وجوبا في اليوم العاشر الموالي لتاريخ انتخاب المجلس الشعبي تحت رئاسة أكبر النواب سنا بمساعدة أصغر نائبين منهما ينتخب المجلس الشعبي الوطني مكتبه ويشكل لجانه )) الجلسات : جاء في المادة 110 من الدستور (( جلسات المجلس الشعبي الوطني علانية وتدون مداولاته في ثلاثة محاضر تنشر وفقا لما يحدده القانون ويجوز للمجلس الشعبي الوطني أن يعقد جلسات مغلقة يطلب من رئيسه أو من أغلبية أعضائه الحاضرين أو بطلب من الحكومة تحديد جدول الأعمال : يمكننا القول بأن السلطة التنفيذية تتمتع بحرية التدخل لتوجيه النشاط البرلماني من أجل تحقيق السياسة التي قررتها الحكومة من طرف عدة وسائل قانونية وسياسية منها تحديد جدول الأعمال الذي بموجبه تستطيع توجيه النشاط التشريعي البرلماني المناقشات : تحتل المناقشة مكانة هامة داخل البرلمان وهو أفكار وآراء يبدها النواب بشأن موضوع معروض وتتم المناقشة بتنظيم تام تتولاه هياكل المجلس حيث يتولى رئيس المجلس افتتاح الجلسات ويدير المناقشات وجاء في المادة 38 من القانون المتضمن تنظيم وسير المجلس ( يحدد المكتب تنظيم الجلسات وسير المناقشات في المجلس الشعبي الوطني ) وتحدد مدة كل مناقشة وهذا حسب جدول الأعمال حيث يحدد أقصى تقدير الذي يتم فيه التصويت التصويت : يعتبر التصويت إجراءا هاما وجوهريا وفي انجاز الأعمال التشريعي وهنا يعبر المجلس عن إرادة الشعب وهو يعتمد على قواعد عامة ولا يعتبر التصويت صحيحا إلا إذا تم حضور أغلبية النواب وإن لم يتحقق ذلك تؤجل الجلسة لمدة لا تقل عن 24 ساعة وتكون الجلسة الثانية يكون التصويت صحيحا مهما كان عدد النواب وقد جاء في المادة 49 من القانون المنظم لسير عمل المجلس ( أن التصويت النواب الشخصي التصويت السري : ويتم لاختيار رئيس المجلس ونوابه وتشكيل اللجان التصويت العلني ويتم إذا تعلق الأمر للتعبير عن أمر أو لائحة إلا أنها لا تعبر عن الرأي الحقيقي للنواب لأن فيها إحراج للنواب خاصة إذا كانوا ينتمون إلى الحزب المقدم لهذا المشروع المعروض للتصويت عنه التصويت بالمناقشة المحدودة أو بدونها : يطلب من النواب التصويت على مشروع أو اقتراح قانون دون مناقشة حيث يكتفي بدراسة ومناقشة النص من قبل اللجنة المختصة التصويت مع المناقشة المحدودة : وهنا يقتصر حق المناقشة إلى أشخاص معينين إذ تمنح لهم بالتساوي الحكومة والنواب مقترحي التعديلات حيث تحدد 10 دقائق التصويت بدون مناقشة : يكون بناء على طلب من الحكومة أو اللجنة المختصة يقدم إلى طلب رئيس اللجنة الذي يعرضه على اجتماع الرؤساء للموافقة وعندها يدرج بواسطة رئيس المجلس ضمن قائمة جدول الأعمال سلطات المجلس الشعبي أ‌- المجال القانوني : يمارس المجلس الشعبي الوطني اختصاصا تشريعيا لأحكام الدستور ويدخل في مجال القانون :نذكر منها ما يلي: • حقوق الأشخاص وواجباتهم الأساسية ( نظام الحريات العمومية ، حماية الحريات ....) • القواعد العامة المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية مثل الزواج الطلاق الأهلية شروط استقرار الأشخاص بالإضافة إلى مجالات أخرى كالتعليم والصحة والانتخاب.... إلخ ب‌- التشريع عن طريق المبادرة : إن سن القوانين عملية طويلة ومعقدة وهذا من حيث الاجراءات الواجب اتباعها ابتداءا من المبادرة ثم العرض للدراسة والمناقشة وتليها الموافقة إضافة إلى هذا وبالرجوع إلى المادة 56 من القانون المتضمن تنظيم وسير المجلس كرئيس الحكومة الذي يتمتع بحق الاقتراح للقوانين وبالنسبة للسلطة التنفيذية التي تملك حق التعديلات على المشاريع أو الاقتراحات عن طريق الضغط وفرض رايها لا تزال قائمة على كل المستويات المقترحة وغيرها صلاحيات أخرى للمجلس : أسند الدستور للمجلس الشعبي الوطني صلاحيات يمارسها مع السلطة التنفيذية فقرة أولى أو معها بموافقة الشعب عليها فقرو الثانية ففي الفقرة الأولى تذكر صلاحيات المجلس في الدبلوماسي التي خول لها الدستور للسلطة التشريعية في المجال الدبلوماسي الذي يقوده رئيس الجمهورية منفردا دون مشاركة في ابرام المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بحدود الدولة ويصادق على نفقاتها رئيس الجمهورية الغير واردة في ميزانية الدولة ذلك حسب ما أقرته المادة 74/11 إذا أنه لا يمكن أن يصادق عليها إلا إذا وافق عليها المجلس وهناك سلطة تمديد حالة الطوارئ أو الحصار المقررة عند الضرورة لكن لمدة معينة بانقضائها يلتزم بعلان دفع الحالة المقررة أو موافقة المجلس لتمديدها وتقرير الحالات الاستثنائية والموافقة عيها هي أيضا من الصلاحيات التي أعطاها الدستور لهذا المجلس الفقرة الثانية : هي أيضا خولت صلاحيات أخرى للمجلس الشعبي الوطني مثل المشاركة في تعديل الدستور حسب ما أقرته المادة نفسها في الدستور وذلك انطلاقا من المشروع المقدم من طرف رئيس الجمهورية السلطة القضائية في ظل دستور 76-89 تتحرك هذه السلطة عند حدوث منازعات بين الخصوم حيث نجد أنها سلطة مستقلة لذاتها عن باقي السلطات حسب ما حدته المواد في الدساتير الجزائرية غير أن دستور 76 نضمها في فصل رابع من الباب الثاني السلطة القضائية المواد 129-148 استقلال القضاء وضماناته الدساتير الجزائرية اتبعت الطريقة التقليدية فنصت على استقلال القضاء وعدم خضوعه إلا للقانون حيث كان القاضي في 76 ملزما بالدفاع على مكتسبات الثورة الاشتراكية وفي دستور 89 تخلى عن هذه المعادلة كما قضت المادة 146 في دستور 89 بترقية وتسيير شؤون القضاة الوظيفية ويستمر على احترام القانون الأساسي للقضاء تحت رقابة الرئيس الأول للمحكمة العليا أما في دستور 76 فطبقت الأحكام العامة وأما عن الضمانات المسؤولية التأديبية التي نصت عليها الدساتير الجزائرية على خضوع القاضي لتأديبية المجلس الأعلى للقضاء حسب المادة 140 من دستور 89 و174 من دستور 76 " القاضي مسؤول أمام المجلس الأعلى للقضاء عن كيفية قيامه بمهمته حسب الإشكال المنصوص عليه في القانون وتتم حماية القاضي من التأثيرات فكون ان استقلالية السلطة القضائية تم تجسيدها حيز التنفيذ بنصي دستور 89 حسب المادة 139 ودستور 76 حسب المادة 173 : " القاضي محمي من كل أشكال الضغوط " أنواع القضاء واختصاصاته لقد اعتنق المشرع الجزائري مبدأ وحدة الهيئة القضائية أي لها جميع الصلاحيات في الفصل في كافة المنازعات مهما كانت طبيعتها وفي أي درجة من درجات التسلسل القضائي 1- المحكمة العليا : هي أعلى درجة التقاضي فتعمل على توحيد الاجتهاد القضائي بالنظر إلى تطبيق السليم للقانون 2- المجالس القضائية : في كل مقر ولاية مجلس قضائي درجة ثانية يختص بالطعن والاستئناف ويقسم المجلس القضائي إلى أربع غرف مدنية ، جنائية ، اتهام ، إدارية 3- المحاكم : تعتبر المحكمة الجهاز القاعدي للقضاء في جميع المنازعات تتكون من خمسة أقسام ومن الدرجة الأولى 4- القضاء الاستشاري : والخاص • القضاء الاستثنائي : عرفت المحاكم الجنائية الثورية 1964 أحكامها غير قابلة للطعن فتنظر في قضايا النظام العام • القضاء العسكري خاص بالأمور العسكرية المرحلة الانتقالية وتعديل دستور 96 ظروف المرحلة الانتقالية وتعديل دستور 96 و أسباب إقرار التعديل الدستوري لسنة 1996:منذ سنة : 1996 و الجزائر تمر بظروف صعبة ناجمة عن أزمة سياسية ناتجة عن إلغاء نتائج الدور الأول للانتخابات التشريعية 26ديسمبر 1991 , و بالمقرر تمت تطورات و تداعيات مختلفة . الفراغ الرئاسي و ظهور المجلس الأعلى للدولة : إن نتائج الدور الأول في الانتخابات التشريعية في : 1991 كشفت عن الوزن السياسي و الاجتماعي لحزب : ج ﺇ ﺇ و كانت كل المؤشرات تشير إلى حصولها على الأغلبية المطلقة إذا اجري دور ثان يعني وجود شرعية في طريقها إلى التشكل و سلوكها السياسي غير مضمون شكل ذلك ضغوطا و مخاوف لدى بعض رجال السلطة و بعض قادة المؤسسات العسكرية بعض الأحزاب ذات التوجه العلماني فكانت بداية رد الفعل غير رئيس الجمهورية بعد أن حل المجلس الشعبي الوطني وعوض الثاني بهيئة جديدة المجلس الأعلى للدولة وعوض الثاني بهيئة شبه تشريعية هي المجلس الاستشاري الوطني ثم بعد ذلك المجلس الوطني الانتقالي فور استقالة الرئيس الشاذلي تم استغلال وتوظيف حل الوقائع و الأحداث السياسية المتسارعة على الساحة الوطنية لإظهار حالة الاضطراب وعدم الاستقرار السياسي سواء إمام الفاعلين الدوليين الدول الغربية بصفة خاصة وذلك من باب أن وصول ج اا ألي السلطة سوف يكون بمثابة قتل الديمقراطية في الجزائر وأداة لخلق عدم الاستقرار في المنطقة وحتى العالم العربي ككل وسعي النظام الدولي الجديد لفرض الاستقرار وتشجيع الديمقراطية لتسهيل الانفتاح من باب الحفاظ على المصالح لقد حاولت المؤسسة العسكرية مع بعض رجال السلطة في البداية استغلال العدد الكبير للطعون المسجلة التي بلغت 341 طعن تخص 140 مقعد وبرزت تكهنات عن إلغاء المجلس الدستوري لنتائج الانتخابات في دوائر عديدة انتهاء بإلغاء الدور الأول لكن تطورت الأحداث فيما بعد اثبت فشل هذا الرهان كمبرر لإلغاء نتائج الدور الأول اوعلى الأقل تغيير خارطة النتائج بشكل يسمح بخلق تحالفات جديدة فيما قابل ذلك نص للإنقاذ عبد القادر حشاني الداعية إلى الهدوء ريحات رئيس المجلس المؤقت التنفيذي للجبهة الإسلامية إلا أن تصريحات بعض قادة الإنقاذ كشفت عن ما ينوون القيام به من تغييرات جذرية وإجراءات لم تكن مطروحة من قبل بصورة علنية مثلا تنصيب محاكم شعبية لمحاكمة المسؤولين مما ساهم في تهيئة الأجواء السياسية و توفير الحجة لتحرك الجيش و تدخله حيث وقعت اعتقلات في صفوف مفاصلي الحزب و قدموا للمحاكمة بتهمة القيام بأعمال الشغب و أهم الاعتقالات هي التي لحقت بعبد القادر بالحملة الانتخابية للدور الثاني بتهمة القذف في حق وزارة الدفاع الوطني بعد أن نسب للجيش مسؤولية الهجوم الذي وقع في شهر ديسمبر 1991 على ثكنة عسكرية في مدينة قمار .و في ظل هذه الأجواء المشحونة سمحت للتحالف المؤسسة العسكرية و بعض رجال السلطة قبل بداية الدور الثاني على تعطيل مسيرة ج اا و ذلك بإقصائها من مواقعها المكتسبة عن طريق لعب ورقة استقالة ربح كآخر اجل للحفاظ على السلطة . وتفادي المفاجآت غير المتوقعة وكانت فعل بمثابة المناجاة السياسية التي توصلت لجنة العمل التي شكلت بوزارة الدفاع الوطني مباشرة بعد ظهور بعد ظهور نتائج الدور الأول إلى ضرورة حدوثها لتجنب البلاد تفككا منتظرا لمؤسسته 2/ ا لفراغ الدستوري وإنشاء المجلس للمجلس الأعلى للدولة: أدت استقالة. ج إلى تأكيد قوة المؤسسة العسكرية وعمق نفوذها في السلطة .مقابل تراجع مكاسب ج إ إ .- كما أن هذه الاستقالة خلقت وضعا جديدا صعبا لأنه قد حل المجلس الشعبي الوطني في :04/01/1992 قبل استقالة رئيس الجمهورية في 11/01/1992 وهو الأمر لم يفصح عنه ولم يقم استشارة رئيس م ش و المادة 120من الدستور )89( مما انجر عنه فراغ دستوري ورفض رئيس المجلس الدستوري ورفض تاركا المجال للجيش الشعبي الوطني الحكومة السلطة القضائية القيام بمهمة الصهر على ديمومة الدولة وتم استدعاء المجلس الأعلى للأمن حسب المادة 162من الدستور وبما انه كان لزاما التحرك بسرعة لاحتواء الوضع فوجد المؤسسة العسكرية نفسها أمام اختياري وهذا ما أكده اللواء خالد نزار إما فرض حالة استثنائية واستلام من طرف الجيش أو التفكير في قيادة جماعية ذات أغلبية مدنية لفترة انتقالية وهو الاختيار الذي تم انتهاجه بتأسيس المجلس الأعلى للدولة وتولى رئاسته محمد بوضياف الذي أسندت له مهام الرئيس المستقيل مع كافة الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية والأعضاء خالد نزار .علي هارون .علي كافي .تجاني . هدام وبذالك اكتملت تشكيلة المجلس الأعلى للدولة على الرغم من انه قرار غير دستوري حتميته الظروف التي كانت سائدة إذ من غير الممكن أن تنشا سلطة دني) للمجلس الأعلى للأمن ( هيئة أعلى منها )المجلس الأعلى للدولة ( مرحلة محمد بوضياف :كما هو معروف فإن محمد يوضياف كان خارج الوطن أكثر من 30 سنة وأن اختياره لتولي منصب رئاسة المجلس الأعلى للدولة كان مجرد وسيلة للعب على وتيرة المشروعية التاريخية والثورية وكذلك كونه لم يكن متورطا في تسيير البلاد في أي مرحلة من المراحل وأنه كان جاهلا للواقع المعاش في الجزائر وهو ما أثبتته قصر مدة توليه الحكم التي لم تدم أكثر من خمسة أشهر وقد اتبع بوضياف لاخراج البلاد من الأزمة سياسة ذات بعدين أولا : استعادة هيبة الدولة واسترجاع السلم وأمن المدني وذلك بالاعتماد على القوة أي اليد الحديدية من أجل القضاء على أسباب التوتر خاصة بعد إعلان حالة الطوارئ ضد الفيس وقد تجسدت فعلا من خلال اعتقال العديد من قادة الحزب ليأتي بعده في الرابع مارس 1992 حب الحزب رسميا من طرف الغرفة الإدارية بناءا على دوى قضائية واستعجاليه وأيدته المحكمة العليا في 29/04/1992 وعوضت البلديات والدوائر بمجالس معينة من الإدارة. ثانيا : استمرارية النهج الديمقراطي وبناء قاعدة اجتماعية بمساندة المجلس الأعلى للدولة على الرغم من اقتناع بوضياف بهذه الفكرة كونه فرض نفسه على الشعب الجزائري ويتجلى ذلك من خلال تنصيب المجلس الوطني الاستشاري في 08/06/1992 خلال خطاب ألقه على الشعب بشعاره المشهور " الجزائر أولا وقبل كل شيء" بكل مقوماتها فالأمر يظهر كأنه محاولة لرسم خريطة سياسية جديدة تخضع لنظام جديد من أجل رسم نظام ديمقراطي الهدف منه هو الوحدة الوطنية مرحلة علي كافي : كان مجيئه للحكم بناءا على معطيات كانت لصالحه بعد تداول أسماء عديدة على عدم مشاركته في تسيير المرحلة السابقة وقوى مركزه كونه الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين وهي منظمة لها وزنها في الساحة الوطنية قد اعتمد على أسلوبين : -المواجهة في عهد توصلت سياسة المواجهة للممارسة أولوية الحل الأمني على الحب السياسي ووضعت منظومة خاصة لمكافحة الإرهاب وأقيمت المحاكم الخاصة ما بين أكتوبر 92 إلى أكتوبر 93 صدر عنها ما يزيد عن 192 حكم بالإعدام كما تمديد حالة الطوارئ الأمر الذي أغضب الأحزاب وأعتبر تجميدا لنشاطها الحوار لم يسلكه المرحوم الرئيس محمد بوضياف وسلكه علي كافي من باب الوصول إلى حد أدنى من الإجماع السياسي يسمح بالوصول إلى تحقيق مصالحة وطنية تاريخية أكثر من ذلك وأكثر من ذلك أعلن أنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة . واختلفت استراتيجية الحوار لأنها بدأت بشكل جلسات ثنائية مع الأحزاب الفاعلة والشخصيات الوطنية المؤثرة لكن ليست كل الأحزاب والشخصيات في الدولة لأنه تم إقصاء واستبعاد كل من مارس العنف أو يدعون إليه مثل الفيس التي تطالب بإعادتها بعد حلها واشتدت أعمال العنف في نطاق واسع من جهة أخرى أيضا جلسات الحوار بين 13 مارس و25 ماي 93 اتسعت الجمعيات والمنظمات الوطنية حتى وظيفة المشروع التمهيدي الصادرة في 21 جوان 1993 لم تجد أي صدى بعد صدورها على الرغم من هذا إلا أن الوضع يزداد تدهورا مما أجبر القيادة على التفكير في سياسة المشروع السياسي يحقق حد أدنى من الإجماع لهذا الغرض تم التفكير في ندوة الوفاق الوطني لتحقيق ما عجز عنه أسلوب القوة والحوار ويذلك تم إنشاء لجنة وطنية للحوار في 13/10/1993 حدد لها مدة شهرين من انتهاء مهامها تزامنا مع نهاية عهدت المجلس الأعلى للدولة إلا إنها لم تنجح في عملها مما تدخل المجلس الأعلى للأمن ممددا صلاحيات المجلس الأعلى للدولة إلى غاية 31/01/1994 وحددت تاريخ الندوة في أواخر جانفي 1994 للاتفاق على صيغة المرحلة الانتقالية مدتها ثلاث سنوات بشكل أرضية للإجماع الوطني بانتظار الأمور إلى سابق عهدها التعديلات التي جاء يها الدستور : 1996 : إن التعديلات المقترحة لا تمس بأي شكل من الأشكال الدستور نفسه وهذه التعديلات انصبت على محاور أساسية وهي ديباجة والحقوق والحريات والسلطات الثلاثة تنفيذية وتشريعية وقضائية والرقابة والتعديل الدستوري والديباجة فقد أكدت فكرة مقومات الجزائر الأساسية وهي العروبة والإسلام والأمازيغية أنما بالنسبة للحقوق والحريات فقد أضيفت المواد 37-38-42-43 التي أكدت على حرية التجارة والصناعة والابتكار الفكري والفني والعلمي مضمونا للمواطن وحق إنشاء الأحزاب والجمعيات التعديلات التي مست السلطة التنفيذية: إن أهم التعديلات التي يمكن ملاحظتها حول السلطة التنفيذية هو أن المادة 73 من دستور 96 التي تقابلها المادة 70 من دستور 89 حيث نجد أنه أضيفت شروط جديدة لكل من يترشح لرئاسة الجمهورية وتتمثل في تمتعه فقط بالجنسية الجزائرية الأصلية وإثبات الجنسية الجزائرية لزوجه وأن يثبت مشاركته في ثورة التحرير إذا كان مولودا قبل جو يليا 1942 وإن كان مولودا بعد هذا التاريخ عليه الإثبات عدم تورط أبويه في أعمال ضد الثورة وأن يقدم تصريحا علنيا بممتلكاته العقارية والمنقولة الداخلية والخارجية إضافة إلى شروط أخرى يحددها القانون والمادة 74 من دستور 96 تقابلها 71 من دستور 89 حددت مدة المهمة الرئاسية بخمس سنوات ويمكن انتخاب الرئيس مرة واحدة.المادة:78 من دستور 96 تقابلها المادة :74 من الدستور: 89 : التي تحدد الوظائف التي يعين فيها رئيس الجمهورية سواء الوظائف المدنية أو العسكرية والتعيينات التي تتم في مجلس الوزراء وأضافت الوظائف التالية رئيس مجلس الدولة الأمين العام للحكومة محافظ بنك الجزائر القضاة مسؤول أجهزة الأمن الولاة المادة :80 د 96 تقابلها المادة: 80 د 89 في الفقرة 07: يمكن للحكومة أن تقدم إلى مجلس الأمة بيانا عن السياسة العامة المادة :85 د 96 تقابلها المادة 81 د 89 هذه المادة أضافت صلاحية جديدة لرئيس الحكومة و هي السهر على حسن سير الإدارة العمومية .المادة 88 د 96 تقابلها المادة 84 د 89 :الفقرة 02 في حالة ثبوت المانع لرئيس الجمهورية : يعلن البرلمان المنفذ بغرفتيه المجتمعتين معا , ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي 2/3 أعضائه و يكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها خمسة و اربعون 45 يوما , رئيس الأمة الذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة : 90 من الدستور .الفقرة 5 و 6 : في حالة استقالة أو وفاة رئيس الجمهورية : تبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوبا.يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة مدة أقصاها ستون 60 يوما تنظم خلالها انتخابات رئاسية .الفقرة 08 : و إذا اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشعور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان , يجتمع المجلس الدستوري وجوبا , و يثبت بالإجماع الشعور النهائي لرئاسة الجمهورية و حصول المانع لرئيس الأمة في هذه الحالة يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة .يضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبنية أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشروط المحددة في الفقرات السابقة و في المادة : 90 من الدستور , و لا يمكنه أن يترشح لرئاسة الجمهورية .المادة : 89 د 96 الجديدة : في حالة و فاة أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية في الدور الثاني أو من يمارس مهام رئاسة الدولة في ممارسة مهامه إلى غاية الإعلان عن انتخاب رئيس الجمهورية في هذه الحالة يمدد المجلس الدستوري مهلة إجراء هذه الانتخابات لمدة أقصاها ستون 60 يوما .يحدد قانون عضوي كيفيا ت و شروط تطبيق هذه الأحكام .المادة : 91 د 96 تقابلها المادة : 86 د 89 : أضافت رئيس مجلس الأمة إلى قائمة الأشخاص الذين يستشيرهم رئيس الجمهورية عند إعلان حالة الطوارئ و الحصار و لا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار إلا بعد موافقة البرلمان المنفذ بغرفتيه المجتمعتين معا .المادة : 92 د 96 جديدة : يحدد تنظيم حالة الطوارئ و حالة الحصار بموجب قانون عضوي .\المادة : 93 د 96 تقابلها المادة : 87 د 89 : أضافت استشارة رئيس الجمهورية لرئيس مجلس الأمة و رئيس المجلس الشعبي الوطني . يجتمع البرلمان وجوبا المادة : 94 د 96تقابلها المادة : 88 د 89 : وضحت الإجراءات الواجب اتباعها عند ما يقرر رئيس الجمهورية العبئة العامة , حيث يقررها في مجلس الوزراء بعد الاستماع إلي المجلس الأعلى للآمن و استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس الأمة .المادة: 95 د 96 تقابلها المادة: 90 د 89 : إذا انتهت المدة الرئاسية لرئيس الجمهورية تمدد وجوبا إلى غاية نهاية الحرب .المادة 124 د 96 جديدة : لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي البرلمان و يعرض رئيس الجمهورية النصوص التي اتخذها على غرفة البرلمان في أول دورة له للموافقة عليها كما انه تعد الأوامر التي لا يوافق عليها البرلمان لاغية كما انه يمكن لرئيس الجمهورية أن يشرع في الحالات الاستثنائية الواردة في الدستور : م 93 . التعديلات التي مست السلطة التشريعية و السلطة القضائية: أولا : التعديلات التي مست السلطة التشريعية : المادة : 98 من دستور 96 تقابلها 92 من دستور 89 أصبحت بموجبها السلطة التشريعية و تتكون من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة يشكلان البرلمان و هذا من اجل توسيع التمثيل النيابي و ضمان استقرار الدولة .المادة: 101 من دستور 96 تقابلها 95 من دستور 89 وضحت كيفية تشكيل مجلس الأمة حيث ينتخب ثلثي الأعضاء من أعضاء المجالس الشعبية البلدية و الولائية عن طريق الاقتراع السري غير المباشر, و يعين رئيس الجمهورية الثلث الأخر من بين الشخصيات و الكفاءات الوطنية في شتى المجالات , عدد مجلس الأمة يساوي على الاكثر نصف أعضاء مجلس الشعبي الوطني .المادة : 192 من دستور 96 تحدد مهمة مجلس الأمة ب: 06 سنوات تجدد تشكيلته بنسبة : 50% كل : 03 سنوات المادة: 112 من دستور 96 تقابلها 108 من دستور89 , ينتخب رئيس مجلس الأمة بعد كل تجديد جزئي .المادة : 118 من دستور 96 تقابلها 112 من دستور 89 حددت مدة كل دورة ب: 04 اشهر على الأقل المادة : 119 د 96 : 113 د 89 : الفقرة 03 : أضافت حكما جديدا هو أن مشاريع القوانين تعرض على مجلس الوزراء بعد اخذ رأي مجلس الدولة ثم يودعها رئيس الحكومة مكتب المجلس الشعبي الوطني . المادة : 120 د 96 : جديدة : يجب أن يكون كل مشروع أو اقتراح قانون موضوع مناقشة من طرف المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة على التوالي حتى تتم المصادقة عليه , تنصب مناقشة مشاريع و اقتراحات القوانين من طرف المجلس الشعبي الوطني على النص المعروض عليه .يناقش مجلس الأمة النص الذي صوت عليه المجلس الشعبي الوطني و يصادق عليه بأغلبية ثلاثة أرباع ¾ أعضائه .في حالة حدوث خلاف بين الغرفتين تجتمع بطلب من رئيس الحكومة لجنة متساوية الأعضاء تتكون من أعضاء كلتا الغرفتين من اجل اقتراح نصب يتعلق بالأحكام محل الخلاف , تعرض الحكومة هذا النص على الغرفتين للمصادقة عليه و لا يمكن إدخال أي تعديل عليه إلا بموافقة الحكومة , في حالة استمرار الخلاف يسحب النص .يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة و سبعون يوما 75 من تاريخ إيداعه طبقا للفقرات السابقة . في حالة عدم المصادقة عليه في الأجل المحدد سابقا .يصدر رئيس الجمهورية مشروع الحكومة بأمر . تحدد الإجراءات الأخرى بموجب القانون العضوي المذكور في المادة: 115 من الدستور المادة: 122 , 96 : م 115 د 89 : أضافت مجالات جديدة يشرع فيها البرلمان بقوانين من بينها نظام السجون : ف 07 – نظام الملكية ف 09 – نظام إصدار النقود ف 15 – البحث العلمي ف 16 – ممارسة الحق النقابي ف 18 – التنئية العمرانية ف 19 – النظام العقاري ف 25 – الضمانات الأساسية للموظفين و القانون الأساسي العام للوظيف العمومي ف 26 – القواعد العامة المتعلقة بالدفاع الوطني و استعمال السلطات المدنية للقوات المسلحة ف 27 – قواعد نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص ف 28 – إنشاء فئات المؤسسات ف 29 المادة: 123 من دستور : 1996 تكلمت عن نوع جديد من قوانين العضوية و شروط إعدادها و التصويت عليها حيث تنص المادة على ما يلي : إضافة إلى المجالات المخصصة للقوانين العضوية بموجب الدستور يشرع البرلمان بقوانين عضوية في المجالات آلاتية : تنظيم السلطات العمومية و عملها و نظام الانتخابات القانون المتعلق بالأحزاب السياسية و القانون المتعلق بالإعلام و القانون الأساسي بالقضاء و التنظيم القضائي و القانون المتعلق بالإعلام و القانون المتعلق بالمالية و القانون المتعلق بالأمن الوطني , تتم المصادقة على القانون العضوي بأغلبية النواب المطلقة و ثلاث أرباع أعضاء مجلس الأمة و يخضع القانون العضوي برقابة المجلس الدستوري قبل صدوره .المادة: 128 من دستور 1996 بإمكان رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها و ذلك بعد استشارة كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس الأمة .المادة: 130 من دستور 1996 يمكن للبرلمان أن يفتح مناقشة حول السياسة الخارجية بناء على طلب رئيس الجمهورية أو أحد رئيسي الغرفتين و يمكن أن تتوج المناقشة عند الاقتضاء بإصدار البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا لائحة تبلغ إلى رئيس الجمهورية .المادة: 131 من دستور 1996 حددت مجموعة من المعاهدات و الاتفاقيات التي لا يصادق عليها رئيس الجمهورية إلا بعد موافقة البرلمان بغرفتيه .المادة: 133 من دستور 1996 بموجبها اصبح بإمكان البرلمان استجواب الحكومة في إحدى قضايا الساعة .المادة : 134 من دستور 1996 بإمكان أعضاء البرلمان توجيه أسئلة كتابية أو شفوية للحكومة . ثانيا : التعديلات التي مست السلطة القضائية :المادة152 من دستور1996 حدث تجديد في المادة حيث تم إقرار مبدأ ازدواجية القضاء العادي و الإداري حيث يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة لاعمال السلطة الجهات القضائية و الإدارية بعدما كانت المحكمة العليا هي الجهة المقومة للقضاءين الإداري و العادي معا ونصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة تؤسس محكمة التنازع تتولى الفصل في حالات التنازع بين القضاءين العادي و الإداري)المحكمة العليا و مجلس الدولة). المادة : 152 من دستور 1996 جديدة : تؤسس محكمة عليا تتولى محاكمة رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى , كما يحاكم رئيس الحكومة عن الجنيات و الجنح التي يرتكبانها بمناسبة تأديتهما لمهامهما .يحدد القانون العضوي تشكيلة التنظيم و سير المحكمة العليا للدولة و كذلك الإجراءات المطبقة التعديلات التي مست الرقابة و المؤسسات الاستشارية و التعديل الدستوري : أولا : التعديلات التي مست الرقابة : المادة : 160 د 96 : تقدم الحكومة كل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال لاعتمادات المالية التي أقرتها تختتم السنة المالية في ما يخص البرلمان بالتصويت على قانون يتضمن تسوية الميزانية السنة المالية المعنية من قبل كل غرفة من البرلمان .المادة : 161 د 1996 : يتكون مجلس الدستوري من : 09 أعضاء : 03 أعضاء من بينهم رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية و 02 ينتخبهما .المجلس الشعبي الوطني و اثنان ينتخبهما مجلس الأمة و عضو واحد تنتخبه المحكمة العليا و عضو منتخب من مجلس الدولة ثانيا : التعديلات التي مست المؤسسات الاستشارية : المادة : 171 د 96 : يؤسس لدى رئيس الجمهورية مجلس إسلامي أعلى يتولى على الخصوص ما يأتي : الحث على الاجتهاد و ترقيته و أداء الحكم الشرعي فيما يعرض عليه و يرفع تقرير دوري حول نشاطه .المادة: 172 د 96 : تكلمت عن تشكيلاته و كيفية تعيينها . ثالثا : التعديلات التي مست التعديل الدستوري : المادة : 174 من د 96 : تكلمت على أن لرئيس الجمهورية الحق بالمبادرة بالتعديل الدستوري بعد أن يصوت عليه البرلمان بغرفتيه بنفس الصيغة و نفس الشروط المطبقة على نص تشريعي . و يعرض على التصويت الشعبي خلال : 50 يوما الموالية لإقراره .المادة : 176 من د 96 : نصت على انه يمكن لرئيس الجمهورية إصدار التعديل الدستوري دون المرور إلى الاستفتاء الشعبي بنفس الشروط المذكورة بعد التصويت : ثلاث أرباع نواب البرلمان الغرفتين المجتمعتين .المادة : 177 من دستور 1996 : يمكن ل : ¾ غرفتي البرلمان المجتمعتان المبادرة باقتراح تعديل الدستور الذي يمكنه عرضه على الاستفتاء الشعبي و يصدره في حالة الموافقة عليه . المادة : 178 من دستور 1996 : أكدت على أن التعديل لا يجب أن يمس بالطابع الجمهوري للدولة و النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية و الإسلام باعتباره دين الدولة و العربية لغة وطنية و رسمية و الحريات الأساسية و حقوق الإنسان و المواطن و سلامة التراب الوطني و وحدته .
المحور الآول: مفهوم ومصادر قانون العمل : نشأة وتطور قانون العمل إن فكرة العمل نشأت وتطورت مع تطور الإنسان , لكن نظرة الإنسان لهذه الفكرة أخذت عدة صور وأشكال خاصة من حيث قيمة العمل ونطاقه. : مفهوم قانون العمل في الحضارات القديمة1- إن الحضارات القديمة والتي لا تزال بعض شواهدها قائمة إلى يومنا هذا لم تقم من العدم وإنما نتيجة عمل مضني قام به الإنسان منذ القدم فمثلا الحضارة المصرية , واستنادا إلى الدراسات المتخصصة في هذا المجال أكدت أن الحضارة الرسمية قامت على العمل سواء بالنسبة للفلاحة التي كانت سهلة الممارسة والصناعة كذلك وخاصة صناعة البرونز والآجر , الاسمنت , الزجاج والخشب: أما حضارة بابل ( بلاد الرافدين ) فاهتمت بالصيد وهذه الأخيرة من الحضارات القليلة القديمة التي تم تحديدي لأجر من قبل الدولة وكذلك تحديدي أسعار المنتجات. لكن الأكيد أن مفهوم العمل لم يكن محددا ولا مقدرا حق قدره بالرغم من قيام كل الحضارات على العمل وجهد العمل. وتجدر الإشارة أن قيمة العمل الحقيقية لم تعرف إلا بعد مجيء الديانات السماوية. مفهوم العمل في العصور الوسطى: 2- لم يحدث أي تغيير لوجود نظام إقطاعي في الزراعة والصناعة وقيام فئات في مجال الزراعة بالاستبداد على مهن معينة وتم توظيف أشخاص في بعض الحرف دون مراعاة ما يتلاءم وحاجيات هؤلاء العمال سواء بالنسبة للأجرة أو بساعات العمل أو الراحة مما أثر سلبا على الحياة الاجتماعية لهذه الطبقة. مفهوم العمل خلال مرحلة الثورة الفرنسية: 3- جاءت هذه الأخيرة بمجموعة مبادئ كالحرية والمساواة حيث نصت من المادة الأولى من إعلان الثورة : (( الناس يولدون ويعيشون أحرار ويتساوون في الحقوق وأكدت في المادة 04 على مفهوم الحرية : (( الحرية هي القدرة على القيام بكل ما لا يضر الآخرين)) من هذا المفهوم برزت فكرة حرية العمل وترتب عن ذلك أهم إجراء أولي اتخذته الثورة الفرنسية وهو إلغاء نظام الطوائف وتأسيس حرية العمل بمقتضى مرسوم صدر في 1791 : (( كل شخص حر في ممارسة الوظيفة أو المهنة التي يراها مناسبة له)) -بتطور الثورة الصناعية وانتشار الآلات الميكانيكية ترتبت البطالة الجماعية وفي ظل مبدأ الحرية المطلقة وتحت ضغط الحاجة الاقتصادية والاجتماعية يتعين الإذعان للشروط التعسفية التي يضعها أصحاب المصانع الذين يتوارثون السلطة لتحقيق مصالحهم وزيادة ثرواتهم على حساب العمال. ترتب عن ذلك انخفاض الأجور والضمانات المالية والاجتماعية- ضعف استقرار العلاقات العمالية المهنية - - نتيجة لهذه الأوضاع المتردية التي أصبح يعيشها العمال وبسبب تحسن المستوى الثقافي لهم ونضوج وعيهم السياسي وفهمهم لسوء حالتهم أخذوا يجتمعون في شكل سرية وعالمية للمطالبة بتحسين أحوالهم المادية والاجتماعية والعمل بكل الوسائل من أجل انتزاع حقوقهم عن طريق الإضرابات الشاملة للعنف والتخريب. مفهوم العمل في الفكر الاقتصادي الحديث: 4- نتيجة لما سبق بدأت روح المبادرة تنشأ بين العمال بانتشار التعليم وانتشار المذاهب الاشتراكية حيث نجد أن الفكر الاقتصادي سواء كان رأسمالي أو اشتراكي يتفق على فكرة أن العمل هو العنصر الأساسي للإنتاج و هو المصدر الرئيسي لكل الثروات التي ينتفع بها الإنسان و لكن رغم اعترافه بقيمة العمل لكنه لا ينصف العامل الذي يبذل الجهد في هذا العمل و لم يمنحه نصف القيمة التي منحها للعمل وهذا ما يفسر التركيبة الاجتماعية للمجتمع الرأسمالي حيث يتكون من طبقتين : كادحة و مالكة -الفكر الاشتراكي يعطي نفس القيمة للعمل لكن يختلف عن الفكر الرأسمالي في توزيع القيمة المضافة الحاصلة عن العمل حيث يرى ضرورة استفادة العامل منها بصفة كاملة على اعتبار أن العامل هو العنصر الوحيد للإنتاج وما يمارس في النظام الرأسمالي من أساليب التوزيع هو سرقة لجهد العمال. هذا المذهب من الناحية العملية يطرح صعوبات من حيث قياس نوعية العمل وكذلك استفادة جميع العمال بطريقة متساوية من حاصل العمل وتطبيق هذا المبدأ يؤدي إلى إجحاف في حق بعض العمال ذوي المهارات والإنتاجية العالية بسبب تطبيق المساواة الشكلية. -مكانة العمل في الشريعة الإسلامية: العمل في الشريعة الإسلامية يحتل صدارة بدليل أن مصطلح العمل ورد في حوالي 360 آية قرآنية. والسبب في ذلك هو اقتران العمل بفكرة الإيمان والعمل هنا هو دنيوي وأخروي، مثلا في القرآن : الآية 10 من سورة الجمعة , الآية 14 من سورة النحل. وكذلك على سبيل المثال في السنة النبوية وكقاعدة عامة فكل أفعال وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم هي ترجمة لمعاني نصوص القرآن. وقد أشاد صلى الله عليه وسلم قولا وعملا لقيمة العمل ومن أمثلة ذلك قوله: (( ما أكل من أحد قط خير من يأكل من عمل يديه)) )( أفضل الأعمال الكسب الحلال )) وقوله كذلك : تطور قانون العمل بالنسبة للجزائر قانون العمل في الجزائر من القوانين الحديثة بالرغم من أهميته وضرورته القصوى ويمكن تقسيم تطور قانون العمل إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل الاستقلال ( الاستعمار الفرنسي 1830-1962 ): 1- هي الفترة التي نشأ فيها وتطور قانون العمل في فرنسا حيث أغلب القوانين الفرنسية التي وضعت لتنظيم علاقات العمل في فرنسا تطبق في الجزائر على أساس أن الجزائر تابعة لفرنسا لكن بنظرة استعمارية. القانون الذي صدر في 1947 دعم هذا الاتجاه القوانين الفرنسية في الجزائر ونتيجة لذلك لا يمكن الحديث عن قانون العمل الخاص بالجزائر خلال هذه الفترة. مرحل ما بعد الاستقلال: 2- وهي بدورها تنقسم إلى ثلاثة مراحل: ): المرحلة الأولى من ( 1962-1971 الجزائر خلال السنوات الأولى بعد الاستقلال تعاني فراغ قانوني في جميع المجالات بما فيها علاقات العمل. وتفاديا لتعطيل وتجميد الحياة الاقتصادية والاجتماعية وفي انتظار وضع قوانين وتنظيمات وطنية قامت الدولة بإصدار قانون يقضي بتمديد القوانين الفرنسية إلى ما تعارض مع السيادة الوطنية. في سنة 1966 صدر قانون الولاية والبلدية والوظيفة العامة. أما علاقات العمل فبقيت كذلك , في سنة 1971 صدر القانون المتضمن التسيير الاشتراكي للمؤسسات بموجب الأمر 74-71 المؤرخ في 16 نوفمبر1971 . نص هذا القانون في المادة 08 منه على : (( تمنح صفة العامل لكل شخص يعيش من حاصل عمله ولا يستخدم لمصلحته عمالا آخرين في نشاطه المهني)). والغاية من إصدار هذا القانون لم تكن إقامة نظام قانوني خاص بتنظيم علاقات العمل بل كان الهدف تكريس مبدأ نظام مشاركة العمال في تسيير المؤسسات الاقتصادية . المرحلة الثانية من ( 1971-1977) - سنة 1975 هي سنة الانطلاق لسن القوانين والنظم الخاصة بعلاقات العمل , حيث صدر قانون أمر 75-31 يحدد الشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص. وكذلك الأمر 75-32 يتعلق بالعدالة في العمل. وكذلك الأمر 75-30 يتعلق بالمدة القانونية للعمل. وكذلك الأمر 75-33 يتعلق باختصاصات مفتشية العمل . ملاحظة: إن هذه النصوص وظفت أساسا لتطبيق القطاع الخاص مع إمكانية تطبيقها في القطاع العام. نتيجة لذلك أن علاقات العمل وخاصة في القطاع العام الذي يشغل عددا أكبر من العمال اتسم بعدم التجانس والانسجام فيما يتعلق بالقوانين وسبب ذلك هو: -1المؤسسات العمومية التي تتوحد في نظرتها وتطبيقها للقوانين الفرنسية المعمول بها في مجال تنظيم علاقات العمل. ترتب عن ذلك تعرض علاقات العمل في كثير من الأحيان إلى الفسخ مما يترتب عنه انتهاك حقوق العمال في غياب هياكل نقابية لديها وزنها يمكنها الوقوف في وجهة هذه المؤسسات. -2غياب النصوص والقوانين الخاصة بتنظيم علاقات العمل في المؤسسات ذلت القطاع العام مما يدفع بالمؤسسات إلى تطبيق الأحكام المتعلقة بالمؤسسات الخاصة في القطاع العام. هذه الفوضى وعدم الاستقرار هي الدافع وراء إصدار القانون الأساسي للعامل سنة 1975 لتنظيم علاقات العمل في القطاعين العام والخاص. القانون الأساسي للعامل صدر بموجب الأمر 57-12 المؤرخ في 05 أوت1975 . القانون الأساسي العام للعامل جاء انطلاقا من المبادئ والأحكام التي حققها الميثاق الوطني ودستور . 1976 هذه المبادئ هي ذات طابع سياسي واجتماعي خاصة فيما يتعلق الحقوق والالتزامات. هدفه وضع الأسس والقوانين العامة التي يقوم عليها عالم الشغل بمعنى الدستور الذي تخضع له كافة علاقات العمل في البلاد وفي مختلف قطاعات النشاط أي يحكم الفئات العمالية باختلاف أصنافها ودرجاتها والوظائف التي تمارسها أو المهن أو القطاعات التي تنتمي إليها. بما في ذلك قطاع الوظيفة العامة وهو ما أكدته المادة 02 من القانون75-12. التطبيق العملي لهذا القانون ترتب عنه إصدار العديد من النصوص القانونية والتنظيمية في مختلف المجالات حيث بلغت أكثر من 20 نص تشريعي وأكثر من 100 نص تنظيمي (مراسيم) ومن بين المسائل التي تناولتها : ( المدة القانونية للعمل , العطل , تشغيل الأجانب , تنظيم الأجور والمرتبات. , الضمان الاجتماعي والتكوين المهني ...الخ القانون الأساسي العام للعامل سعى إلى وضع الأسس والقواعد التي يقوم عليها عالم الشغل .محاولة منه توحيد النظام القانوني الذي يحكم جميع العاملين بغض النظر عن القطاع عام أو خاص , إداري أو اقتصادي. الواضح أن هذا القانون وحّد النظام القانوني المطبق على كافة علاقات العمل مهما كان نوع القطاع أو صفة العامل حيث نص على : (( كل شخص يعيش من ناتج عمله اليدوي أو الفكري ولا يستخدم لمصلحته الخاصة غيره من العمال أثناء ممارسة نشاطه المهني )) .هذا هو المفهوم الذي حدده القانون الأساسي العام للعامل مع استثناء الأشخاص الذين يشتغلون لحسابهم الخاص. أهم المبادئ التي ركزت عليها: - -1 مبدأ التعاقدية: وضع مبدأ تعاقد بين العامل وصاحب العمل سواء بالنسبة للعلاقات الفردية أو الجماعية. -2 وضع أجهزة جديدة لتنظيم علاقات العمل: العمل التفاوضي المشترك بين العمال وأصحاب العمل في كافة الجوانب بكل حرية واستقلالية. دور الدولة ينحصر في ضمان تطبيق القوانين والنظم المعمول بها في مجال علاقات العمل 3- -4ضرورة إعادة النظر في المسائل الهامة التي تهم العمال وأصحاب العمل مثل : ( الأجور وربطها بالإنتاج - المردودية والكفاءة ) : نتيجة هذه الاقتراحات وجدت قبول من قبل السلطات الرسمية والتشريعية سنة1990 ) ) عرفت صدور العديد من النصوص التشريعية المتعلقة بتنظيم علاقات العمل على أساس مبدأ التعاقد. قانون 90-11 متعلق بعلاقات العمل صدر في أفريل 1990 اعتماد الاتفاقيات الجماعية كإطار تنظيمي جديد لعلاقات العمل بدلا من النصوص التنظيمية - -إلغاء فكرة تسييس القوانين تطبيقا لأحكام دستور 1989 وترتب عن ذلك صدور عدة قوانين ذات طابع تنظيمي بحت مثل : ( قانون 90-04 المتعلق بتسوية المنازعات الفردية – قانون 90-02 المتعلق بتسوية المنازعات العامة الجماعية وممارسة حق الإضراب – قانون 90-03 المتعلق باختصاصات مفتشية العمل) ما يميز هذه المرحلة أن قوانينها والمبادئ التي تقوم عليها اعتمدت على فكرة الفصل بين القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة من جهة وقطاعات الوظيفة العامة من جهة أخرى. : خصائص قانون العمل الجزائري -1 الحداثة: ظهوره يعود إلى السبعينات ومرد ذلك يعود إلى اهتمام السلطة العامة في السنوات السابقة ببناء هياكل تنموية إدارية واقتصادية وسياسية , ثم بدأ الاهتمام ببدء تنظيم العمل في المجال الاقتصادي بدءا بالقانون الاشتراكي. -2التطور السريع والتكيف مع الواقع التنموى :حيث أنه رغم التأخر استطاع قانون العمل الجزائري التكيف مع متطلبات العمل بدليل التواريخ المتعلقة بإصدار القوانين حسب متطلبات الوضع. تعريف قانون العمل في الفقه الرأسمالي: في ظل مبدأ سلطان الإرادة وحرية التعاقد فإن قانون العمل يجب أن يظل قانونا محايدا إلا عندما يتجاوز أحد الطرفين علاقة العمل المبنية على هذه الحرية. بمعنى تجاوز الإطار القانوني الذي يتم فيه إبرام عقود العمل الفردية أو الجماعية. هذا الحياد لا يعني فراغه من أي صفة ملزمة حيث نجد أن الكثير من الأحكام والقواعد الموجودة في قانون العمل تتسم بها لصفة ملزمة وتهدف للحد من الصراع بين مالكي وسائل الإنتاج ومالكي قوة العمل. الجوانب التي يتطرق إليها قانون العمل في الفقه الرأسمالي عموما هي: -1القواعد التي تعكس متطلبات المؤسسة المستخدمة من فكرة الحياد لا تعني نفي الإلزامية عنه بل تعطي حرية التعاقد دون المساس بالقواعد القانونية وناحية تسييرها والجوانب الفنية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بها. -2القواعد التي تتضمن الامتيازات المدنية للعامل ( الزيادة في الأجور ) أو اكتسبها أو التي حققها عن طريق المطالب و الحركات العمالية الجماعية. -3 بقية القواعد التي تحدّد السياسة الاقتصادية وهي القواعد العامة التي تقررها السلطة العامة خلاصة القول: قانون العمل في النظم الرأسمالية لا يوضع إلا عندما تفرضه حتمية اقتصادية أو يطالب به العمال ويكتسبونه عن طريق النقابات العمالية وبهذا يمكن إعطاء مفهومه في الفقه الرأسمالي مجموعة القواعد القانونية والتنظيمية التي تنظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال في ظل مبدأ حرية التعاقد وتحمي المصالح والحقوق المكتسبة لكل منهما من أجل ضمان نوع من التوازن والتعايش السلمي حماية للمصلحة العامة من جهة ومصالح كلا الطرفين من جهة أخرى تعريف قانون العمل في الفقه الاشتراكي : طالما أن الطبقة العاملة هي المالكة لوسائل الإنتاج فإن مهمة قانون العمل في المجتمعات الاشتراكية هو تحديد وتنظيم التزامات وحقوق العمال بين المجموعة العمالية على اعتبار أن المصلحة للجماعة. حيث يعرف بأنه: ((مجموعة القواعد القانونية التي تحكم وتنظم الروابط بين طرفي علاقة العمل الناشئة عن عمل تابع للعمّال المؤجرين)). توسّع قانون العمل من حيث التطبيق الزمني له وتجاوز علاقة العمل حتى ينظم حقوق العامل بعد انتهائها. المفهوم الراجح: ((مجموعة القواعد القانونية والتنظيمية الاتفاقية التي تحكم وتنظم العلاقة القائمة بين أصحاب العمل والعمال وما يترتب عن ذلك من آثار فيما يتعلق بالعمل التابع)). يترتب عن هذا القانون: أنه تشكيلة من القواعد التنظيمية الاتفاقية. -1 له مجال تطبيق يطبق على العمل سواء كان صناعي أو تجارى. -2 -3من حيث الجوانب التي ينظمها , التوسّع في المواضيع التي يتناولها قانون العمل وإنما كل ما يتعلق بالعمال ( أجور وترقيات). : خصائص ومميزت قواعد قانون العمل قانون العمل بلغ درجة متقدمة من الاستقلالية والتكامل جعلت أحكامه أو قواعده تتميز بجملة من الخصائص أصبحت تشكل هوية خاصة به تميزه عن بقية القواعد القانونية الأخرى. قانون العمل نشأ في ظل المذهب الفردي. الصيغة الآمرة -1 - مبدأ سلطان الإرادة هو القانون المطبق على كافة العلاقات التعاقدية في شتى المجالات ويترتب عليه إجحاف وإسقاط في مصالح وحقوق العمال. -تدخل الدولة بتنظيم مجال العمل وحماية حقوق ومصالح الفئة العاملة من إجحاف أصحاب العمل عن طريق وضع قواعد منظمة لعلاقات العمل بصفة آمرة ويترتب عنها عدم السماح لأطراف العلاقة يتجاوزها أو الاتفاق على مخالفتها. الصيغة الآمرة في قواعد قانون العمل تظهر في النواحي التالية: - أ-الأحكام والمبادئ التي تضمنها قانون العمل وتهدف بصورة أساسية إلى حماية الطبقة العاملة ومنها على سبيل فكرة البطلان الذي يقتصر فقط على الأحكام التي يكون فيها مصلحة للعمال ( المادة 135 من قانون 90-11 المعدل والمتمم). المثال: تعد باطلة وعديمة الأثر كل علاقة عمل غير مطابقة لأحكام التشريع المعمول به (( غير أنه لا يمكن أن يؤدي بطلان العمل إلى ضياع الأجر المستحق عن عمل تم أداءه)) ((يكون باطلا وعديم الأثر كل بند في عقد العمل مخالف للأحكام التشريعية والتنظيمية)). المادة 136 -هناك حماية قانونية التي أحاطها المشرع الأجور والامتيازات المالية والتعويضات المقررة للعامل ومن أمثلة ذلك من المادة 80 إلى المادة 90 : أجرة العامل المادة 80 : (( للعامل الحق في الأجر مقابل العمل المؤدى...)). المادة 84 : (( يجب على كل مستخدم ضمان المساواة في الأجور بين العمال في كل عمل مساوي القيمة بدون أي تمييز)). المادة 88 : (( يجب على المستخدم دفع الأجور لكل عامل بانتظام...)). من خلال هذه المواد يتضح أن بطلان أي تصرف يترتب عنه تنازل للعامل عن أجره ولو بإرادته ومهما كانت الأسباب. ب-ضمان التطبيق السليم لقواعد قانون العمل عن طريق فرض جزاءات متفاوتة الشدة والدليل لا يكاد أي نص تشريعي أو تنظيمي يخلو من الأحكام التأديبية والناهية وأحيانا حتى الجزائية. مثلا : المادة 138 : (( يعاين مفتشو العمل ويسجلون المخالفات حيال هذا القانون)). المادة 140:( (يعاقب بغرامة مالية تتراوح ما بين 1000 و 2000 دينار جزائري على توظيف كل عامل قاصر لم يبلغ السن القانونية للعمل)). -2 ذاتية المصدر: نتيجة حتمية للدور الذي لعبته الطبقة العاملة في وضع أحكام وقواعد قانون العمل ترتب عنه اعتماد قانون العمل على متطلبات وظروف تميز بها قطاع النشاط إلى جانب قطاع العمال. وهذا ما يفسر مرور قواعد قانون العمل بمرحلتين من حيث التكوين والتطوير: -المرحلة الأولى: بتراجع سلطة العقد أمام سلطة القانون وذلك بوضع قواعد قانونية مرتبطة بالنظام العام وتحاول تحقيق المساواة بين العمال وأصحاب العمل من حيث الحقوق والواجبات. -المرحلة الثانية:وتميزت بتراجع سلطة القانون أمام القواعد التي نشأت عن المطالب العمالية بمعنى فسح المجال أمام النقابات والجماعات المهنية لتملي على السلطات العمومية وأصحاب العمل الأحكام والنصوص التي تتناسب مع مصالحها سواء تم ذلك وكانت المشاركة مباشرة أو غير مباشرة في إطار القوانين والنظم الخاصة. -بمفهوم بسيط ذاتية المصدر يقصد بها اعتماد المصادر التابعة من محيط وظروف العمل. -3 الواقعية وتنوع الأحكام :اختلاف مجالات العمل وذلك نتيجة لاختلاف طبيعة المهن والنشاطات اضافة إلى اختلاف الحالات الفردية للعمال فإن طابع الواقعية والتكيف مع هذه الاختلافات يترتب عنه حتما اختلاف أحكام القانون بمعنى قواعد قانون العمل ليست قواعد عامة ومجردة بعيدة عن الواقع العملي وما يتطلبه وإنما هي انعكاس لهذا الواقع وترجمة حقيقية لما يتطلبه من إجراءات تنظيمية ومعطيات خاصة بكل نشاط وبكل مهنة وخصوصية كل فئة عمالية. هذا المفهوم ترتب عنه اكتفاء الدولة بوضع النصوص التشريعية والمسائل الخاصة بكافة العمال. - وترك الجوانب العملية إلى النصوص التنظيمية التي تصدرها الهيئات التنفيذية لما تميزت به من مرونة وسرعة في اتخاذ الإجراءات العملية. -المشرع الجزائري انتهج أسلوبين معا مع فرق فى المراحل. في المرحلة الأولى اعتماد الأسلوب الإداري لتطبيق القانون الأساسي العام للعامل. وفي المرحلة الثانية الاتفاقات الجماعية بالنسبة للقوانين الصادرة في بداية التسعينات لا سيما القانون المتعلق بعلاقات العمل و بتنظيم النزاعات الجماعية والفردية . التوجه نحو التدويل: -4 التقارب بين الدول وانتشار وسائل الاتصال وتداولها ( وتطورها ) وتبادل التجارب والبحوث وظهور منظمات دولية وما يصدر عنها من اتفاقيات كذلك إضافة إلى التعاون النقابي بين مختلف النقابات وما تقوم به من نشاط مكثف. هذه الظروف جعلت المجتمع الدولي يظهر في شكل دولة واحدة إضافة إلى أنه بالرغم من اختلاف اتجاهات الدول السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكن هناك تشابه بين قواعد قانون العمل دفع بالبعض إلى التسليم بوجود قانون عمل دولي يمثل المصدر الرئيسي والمشترك لمختلف قواعد قانون العمل في أغلب الدول ,وهو الدافع وراء الاتجاه نحو التدويل الذي يمتاز به هذا القانون عن بقية فروع القانون الأخرى وإن كان من الناحية النظرية مقبولا إلا أنه عمليا هناك بعض التحفظات المرتبطة بظروف وشخص العامل ذاته. : -اطار تطبيق قانون العمل قانون العمل وإن كان ينظم كافة العلاقات بين المستخدم والعامل أيا كان القطاع أو الأداة القانونية التي تربطهما إلى أن الواقع العملي أفرز استثناءات تقضي بضرورة التضييق من نطاق تطبيق قانون العمل وحصره على العمل التابع فقط. هناك معيارين لتحديد نطاق قانون العمل: معيار التبعية القانونية. -1 معيار التبعية الاقتصادية. -2 قيام العامل بجميع الأعمال المتعلقة بنشاطه تحت إدارة وإشراف رب العمل. التبعية هي: فكرة التبعية تأخذ صورتين: تبعية قانونية وتبعية اقتصادية. التبعية القانونية: -1 يقصد بها العلاقة القائمة بين العامل وصاحب العمل تحددها أحكام وشروط العقد المبرم بينهما حيث يجعل العامل في مركز تابع لصاحب العمل يعطي الحق لهذا الأخير (صاحب العمل ) حق إصدار الأوامر والتعليمات بشأن تنفيذ العمل ومراقبة العامل أثناء قيامه بعمله وتوقيع الجزاءات إذا لم يراعي العامل تلك الأوامر وأهمل تنفيذ العمل. -من صور التبعية القانونية: : التبعية الفنية -وهي خضوع العامل لصاحب العمل خضوعا تاما من حيث كيفية أداء هذا العمل ومراقبة حسن أداءه وحق صاحب العمل في التدخل كلما تبين له تقصير أو إهمال من جانب العامل. وهذه التبعية تفترض ضرورة إلمام العامل بالأصول الفنية للعمل ومعنى ذلك وضع العامل في منصب يتناسب ومؤهلاته ومدى خبرته وهو ما يعبّر عنه عادة بالمستوى المهني للعامل. التبعية الإدارية والتنظيمية : ومقتضاها أن يشرف صاحب العمل على العمال في الظروف الخارجية للعمل كتحديد مكان العمل , أوقات العمل وتقسيم العمل على العمال ,ويكون ذلك من خلال التنظيمات واللوائح الداخلية التي يضعها صاحب العمل. هذه التبعية لا تتطلب إلمام صاحب العمل بالأصول الفنية لمهنة العامل طالما يكتفي بالإشراف التنظيمي فقط. يترتب على هذا النوع من التبعية أن كافة النتائج المترتبة عن العمل الذي يقوم به العامل أثناء قيامه بعمله يتحملها صاحب العمل طالما يؤديها العامل وفقا لأوامره وتوجيهاته وهو ما تقضي به المادة 129 من ق.م.ج : (( لا يكون الموظفون والعمال مسؤولين شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رئيسهم، متى كانت إطاعة هذه الأوامر واجبة عليهم)). وكذلك المادة 136من ق.م.ج : ((يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته، أو بسبها)). لكن الأكيد دون الإخلال بأحكام المادة 107 من القانون المدني : ((يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية)). يرى بعض الفقهاء ضرورة إيجاد معيار آخر يضاف إلى معيار التبعية القانونية حتى يتحقق الهدف وهو تحديد مجال تطبيق قانون العمل خاصة وأن هذه النظرية وجدت لها انتقادات: *تعتمد على مبدأ المساواة الشكلية بين العمال وفي نفس الوقت علة مبدأ سلطان الإرادة بالرغم من تراجع هذا المبدأ بعد تدخل الدولة بواسطة قوانين وتنظيمات تنظم علاقات العمل. . هناك العديد من الفئات التي تعمل في إطار التبعية القانونية ورغم ذلك لا يحكمها قانون العمل * -2التبعية الاقتصادية : مفادها ومضمونها أن يستفيد صاحب العمل بنشاط ومجهود عامل مقابل أجر يعتبر بالنسبة للعامل المورد الوحيد لرزقه. وهو معيار يعتمد على المعطيات الاقتصادية والمالية التي تنتج عن علاقات العمل بمعنى أن هذا المعيار جعل الحاجة الاقتصادية هي التي تحدد ما إذا كان العامل تابع لقانون العمل أو لنظام قانوني آخر. -هذا المعيار لا يهتم بسلطة التوجيه والرقابة التي تمثل أساس الرقابة القانونية وإنما تستند إلى اعتبارات مفادها أن صاحب العمل قد لا يكون في حاجة إلى متابعة ومراقبة نشاط العامل وتوجيهه وإنما يهتم فقط باستثمار أموال معينة يكلف العامل باستغلالها وتسييرها دون الحاجة إلى إخضاعه لرقابة أو توجيه. -التسليم بهذه النظرية بصورة مطلقة يؤدي إلى القضاء على العقد كوسيلة لتحديد الحقوق والالتزامات التي تنشأ عن علاقة العمل. -3الاتجاه الحديث :أغلب الاتجاهات الحديثة تؤخذ بالمعيارين معا بمعنى تضع الشروط والقواعد العامة التي تنظم الحقوق والالتزامات التي تنشأ عن علاقة العمل وهي قواعد لا يمكن مخالفتها لارتباطها بالنظام العام ومثالها : تحديد المدة القانونية للعمل , منع تشغيل فئات معينة ( القصّر) نطاق تطبيق قانون العمل في الجزائر : هذه المعايير مرت بثلاثة مراحل: * المرحلة الأولى من( 1962-1978): كان تطبيق قانونين : الأول قانون علاقات العمل الفردية والثاني قانون المؤسسات الاشتراكية. *المرحلة الثانية من (1978-1989) بدأ بتطبيق القانون الأساسي العام للعامل ويشمل جميع قطاعات الوظيفة العامة والعمال في جميع المجالات المختلفة سواء كان قطاعا إداريا أو اقتصاديا. أصبح هذا القانون هو قانون عام , بمعنى الأحكام التنظيمية لقواعد قانون العمل تتميز بالشمولية خلال هذه الفترة. تنظم عن طريق المراسيم والقرارات التنظيمية وبالتالي في ظل هذه المرحلة لا وجود هنا لمعيار تطبيق قانون العمل طالما أنه يطبّق على جميع القطاعات. المرحلة الثالثة من (1989-1990): بعد صدور قانون 90-11 المنظم لعلاقات العمل ذكرت المادة 02 منه : (( قانون العمل يطبق على كل عامل يؤدي عمل فكري أو يدوي مقابل أجر في إطار التوظيف لصالح المستخدم)). عند التحليل نجد أن المشرع أخذ بمعيار التبعية القانونية والاقتصادية في نفس الوقت. - يقصد بمصطلح التنظيم التوجيه والإشراف , والمادة 07 من هذا القانون تؤكد ضرورة قيام العامل بعمله تحت سلطة رب العمل ومعيار التبعية الاقتصادية يظهر من خلال تنظيم الأجر في هذا القانون. -استبعد المشرع الجزائري صراحة من مجال قانون العمل الموظفون العموميون والقضاة والعسكريون وعمال الهيئات والإدارات العمومية التابعة للدولة والولايات والبلديات ومستخدمو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري. وعليه قانون العمل ينظم العمل التابع المأجور الخاص أي الذي لا يكون أحد أطرافه ممارسا لأعمال السلطة والسيادة العامة. مصادر قانون العمل: مصادره كمبدأ عام وكهدف أساسي تهدف إلى تحسين معيشة الأجير. ومصادر قانون العمل في القانون الوضعي الجزائري واستنادا إلى نص م 08 فقرة 02 من قانون 90-11 المعدل والمتمم التي تنص على : (( ...وتنشأ عنها حقوق المعنيين وواجباتهم وفق ما يحدده التشريع والتنظيم والاتفاقات الجماعية وعقد العمل.. )). القانون واللوائح أو( التشريع ) و النصوص التنظيمية: - 1 تحتل المبادئ الدستورية في السلم التشريعي في كافة الدول بما فيها التشريع الوطني , مع ملاحظة أن دستور 1996 هو من الدساتير القانونية بمعنى يكتفي بالنص على المبادئ الأساسية والقانونية للعمل , مثلا : الحق في الإضراب. , الحق النقابي , الحق في الأمن , الحق في العمل ...الخ أ-النصوص التشريعية : وهي القوانين الصادرة عن الهيئة التشريعية وهي ترجمة لمبادئ الدستور ( قانون :90-11 المؤرخ في 12 أفريل 1990 المعدل والمتمم بموجب النصوص التالية . القانون رقم : 91-29 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 * . المرسوم رقم : 94-03 المؤرخ في 11 أفريل 1994 * . الأمر رقم : 96-21 المؤرخ في 09 جويلية 1996 * . الأمر رقم : 97-02 المؤرخ في 01 نوفمبر 1997 * . الأمر رقم : 97-03 المؤرخ في 11 جانفي 1997 * *القانون رقم : 90-02 المؤرخ في 06 فيفري 1990 يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب , وهو معدل ومتمم بموجب القانون 91-02 *قانون رقم : 90-03 المؤرخ في 06 فيفري 1990 المعدل والمتمم بالأمر رقم 96-11 المتعلق باختصاصات مفتشية العمل. *وكذلك قانون 90-04 المؤرخ في 06 فيفري 1990 يتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل في العمل معدل ومتمم بموجب الأمر 91-22 المادة 157 من قانون 90-11 تنص : (( تلغى كل الأحكام المخالفة لهذا القانون ولا سيما الأمر رقم : 71-74 المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات والأمر رقم : 75-31 المتعلق بالشروط العامة للعمل في القطاع الخاص , والقانون رقم : 82-06 المتعلق بالعلاقات الفردية للعمل )) . -وكذلك اختصاص البرلمان في المجال التشريعي هو أصيل وليس مفوض وذلك لارتباطه بالحريات العامة والحقوق الاجتماعية والأساسية للفرد . ب – النصوص التنظيمية :قانون العمل يتميز بالواقعية وترتب عن ذلك جعل النصوص التشريعية عاجزة عن كل ما يتعلق بعلاقات العمل. ترتب عن ذلك ضرورة ترك تنظيمها بوسيلة أكثر مرونة وفعالية باختلاف درجات النصوص التنظيمية من مراسيم وقرارات وتعليمات مثال : مراسيم تنفيذية صدرت عن رئيس الحكومة .( كمرسوم : 90-416 و 90-418 ) المصادر المهنية : - 2 أ – الاتفاقيات والعقود الجماعية للعمل : تعتبر من أهم المصادر المهنية لقانون العمل كونها تتضمن قواعد قانونية أكثر ملائمة للعمال بسبب استقلاليتها عن السلطات الرسمية وأيضا كونها تخضع للإرادة الحرة للعمال وأرباب العمل دون المساس بالنظام العام وأحكامه. أهمية هذه الاتفاقيات كمصدر لقانون العمل سببه التفاوض الذي يتم بين ممثلي العمال وأصحاب العمل حيث يتم وضع كافة الشروط والأحكام بشكل مرضي للطرفين , الأمر الذي يعطيها الشرعية والالتزام بضرورة احترامها من كلا الطرفين لأن أحكامها نابعة من إرادتهم وليست مفروضة عليهم المشرع الجزائري أباح للاتفاقيات الجماعية إمكانية إدراج أحكام يكون فيها فائدة أكثر للعمال , المادة 118 من قانون 90-11 التي تنص : (( تفرض على المؤسسة المستخدمة الأحكام الأكثر نفعا الواردة في مختلف ا\لاتفاقيات الجماعية التي اكتتبت بها أو انضمت إليها وتطبق على عمالها , إلا إذا كانت هناك أحكام أنفع في عقود العمل المبرمة مع المستخدم)). تجدر الإشارة إلى أن تشريعات العمل غالبا ما تحيل تنظيم المسائل العملية والإجرائية إلى الاتفاقيات الجماعية للعمل مما يضفي عليها نوع من الرسمية والأولوية في التطبيق عند تعارضها مع مصادر أخرى. ب-النظم الداخلية : المواد 75 إلى 79 من قانون 90-11 تطرقت للنظام الداخلي . هي لوائح تنظيمية تصدر من صاحب العمل مدة العمل , كيفية العمل , طريقة ممارسة العمل ) يتضمن مجموعة من التعليمات والأوامر والتوجيهات الخاصة بتنظيم العمل داخل المؤسسة المستخدمة). النظام الداخلي متى توفر على الشروط القانونية المقررة يأخذ طابع الرسمية ويمكن للقضاء اللجوء إليه في حالة غياب نصوص قانونية تحكم النزاع المعروض عليه. الأحكام القضائية: -3 تلعب دورا كبيرا في صياغة قواعد قانون العمل وذلك بترسيخ بعض المبادئ بعد تبنيها من قبل الهيئات التشريعية والتنفيذية وهو ما يتعلق بالأحكام الحائزة على حجية الأمر المقضي فيه. العرف: -4 لم تنص المادة 08 من قانون 90-11 لكن بالرجوع إلى القاعدة العامة وبالتالي غير ممكن نفي دور العرف. فقانون العمل يمتاز بالواقعية فهو الذي أعطى للعرف دور خرق وإنشاء قواعد قانونية للعمل فالعرف يعتبر من المصادر المهمة لقانون العمل. ومن أهم المسائل التي نشأت بالعرف: . الحق النقابي وممارسة وتكوين النقابات قبل صدور القوانين التي تنظمها * إحترام العمل للإتفاقيات الجماعية , فالأصل أنها ممارسات عملية حرة لم تلبث الدولة أن اعترفت بها رسميا ونظمتها في نصوص قانونية ملزمة. عند مقارنة الأدوار الترتيبية لمصادر قانون العمل نجد أن الاتفاقيات الجماعية تعلو العرف. فالقانون يعتبر المصدر الرسمي , أما الأحكام القضائية والاتفاقيات والعقد والعرف فتعتبر كمصادر احتياطية لقانون العمل. علاقة قانون العمل بالقوانين الأخرى: : علاقة قانون العمل بالقانون المدني إن وجود بعض المسائل في قانون العمل تم إحالتها إلى القانون المدني وأبرزها إبرام عقد العمل الذي يخضع للقواعد العامة لانعقاد العقد يجعل له علاقة متينة مع القانون المدني ولا ننسى البعد التاريخي الذي كان قانون العمل فيما مضى جزء من القانون المدني ولكن للتغيرات التي حصلت استوجب استقلالية قانون العمل ولكنها ليست استقلالية تامة مثال : ما يخص أركان العقد – التعبير عن الإرادة ...الخ فنجدها موجودة في القانون المدني. : علاقة قانون العمل بالقانون الجنائي تتمثل في النصوص الآمرة المرتبطة بالجزاء حيث أن قانون العمل يحتوي على عقوبات جنائية لقمع الجرائم التي ترتكب بمخالفة قواعده , فإلزامية القواعد القانونية الآمرة تكمن في العقوبات الجزائية المطبقة على مخالفيها. : علاقة قانون العمل بالقانون الاقتصادي وهي علاقة تكاملية لأن قانون العمل ينظم علاقة العامل ورب العمل , والقانون الاقتصادي ينظم المؤسسات المستخدمة. المحور الثانى: علاقات العمل الفردية يعرف عقد العمل بأنه ذلك الاتفاق الذي يلتزم بموجبه شخص العامل بوضع جهده الفكري أو العضلي تحت إشراف ورقابة وتصرف شخص آخر يدعى رب العمل، وأن يكون تابعا له مقابل منحه أجر. (التهرب من الأعباء الاجتماعية – المقاولة ونظرية المخاطر الاقتصادية - التعريف للعقد بين الضمان الاجتماعي وقانون العمل.) المصدر المنعقد بالإرادة المنفردة (النظام الداخلي): وإن كان هذا المصدر هو الآخر مهنيا، إلا أن من يتولى إعداده جهة واحدة ألا وهو رب العمل، الذي يعد وضع النظام الداخلي ضمن سلطاته، ولا يشاركه العمال إلا بالاستشارة، التي ليست ملزمة. وهو وإن كان كذلك (كسلطة في يد رب العمل)، يعد من جهة أخرى التزاما واقعا على عاتقه كلما تجاوز عدد العمال في المؤسسة 19 عاملا (أي يوجد 20 عاملا أو أكثر). (منشور وزاري فرنسي لم يفرق بين العمال بالتوقيت الجزئي أو المحدد ومن لهم عقود عمل غير محددة المدة) وهو يتناول تنظيم مسائل محددة تتعلق بـ: النظافة والصحة والأمن:1- : فمن مبدأ أن الحماية الجسدية والصحية للعامل في أماكن العمل التزام واقع على عاتق رب العمل، فإن على هذا الأخير توفير كل الوسائل التي تسمح بتوفير ظروف ملائمة للعمل، كفرض ارتداء الأجهزة الوقائية مثلا. التنظيم التقني للعمل:--2 ويخص لاسيما تحديد مواقيت العمل وفترة الراحة اليومية ونظام العمل بالتناوب والعمل بالساعات الإضافية، وتوزيع العطل... ولتقريب المسائل أكثر، نجد أن العديد من الأنظمة الداخلية، لأجل ضبط قواعد الإشراف والرقابة تنص على: واجب احترام المواقيت وبحسبه واجب التوقيع اليومي، واجب إخبار المسؤول السلمي عن كل غياب، على شرط ألا يترتب عن عدم مراعاة هذا الواجب تسريح العامل، واجب طلب الترخيص بالغياب، منع مغادرة مكان العمل دون الاستخلاف إذا تعلق الأمر بعامل يكون حضوره ضروري لمراقبة سير آلة أو لأن له علاقة مباشرة مع الزبائن، احترام الأوامر السلمية في تنفيذ المهام، منع تمزيق المذكرات والملصقات الموضوعة على اللوحات النظامية، عقد العمل: عقد العمل الفردي: نشأ في ظل القانون المدني وبالتالي فإن أغلب التعريفات في تلك الفترة تخضعه لما ورد في القانون المدني. وتسمية عقد العمل حديثة لم تظهر إلا في أواخر القرن 19 م وهذه التسمية انتشرت كصفة شأنها شأن البضاعة القابلة للبيع والإيجار لدى الفقه والقضاء. هناك محاولات تشريعية وفقهية لتعريف عقد العمل: المحاولات التشريعية: -1 معظم التشريعات المقارنة لم تتعرض لتعريف عقد العمل تاركة ذلك للفقه والقضاء لكن بعض التشريعات عرفته مثل المادة 21 من القانون المصري عرفت عقد العمل: هو العقد الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة المتعاقد وإشرافه مقابل أجره )). (( وتعريف تشريعي آخر: ((هو اتفاق بين رب العمل والعامل ولو كان بعيدا عن ناظره يشتغل بموجبه العامل لصالح صاحب العمل لقاء أجر محدد حسب مدة العمل أو حسب مقدار الإنتاج )). عيب على هذه التعاريف اعقالها عناصر ضرورية تحدد , القانون المدني يسميها إيجار الخدمات ويأخذ مقابل الخدمة عقد العمل. التعريف الأول : أغفل عنصر المدة. والتعريف الثاني : أغفل عنصر التبعية. - فى المادة 08 من القانون 90-11:التشريع الجزائري حذا حذو تشريعات العمل الأخرى ولم يعرف عقد العمل ((تنشأ علاقة العمل بعقد كتابي أو بمجرد العمل لحساب مستخدم ما)) وتنشأ عنها حقوق المعنيين وواجباتهم وفق ما يحدده التشريع والتنظيم والاتفاقيات. المحاولات الفقهية: -2 ((هو اتفاق بموجبه يضع شخص هو الآخر نشاطه المهني تحت تصرف شخص آخر وإشرافه أي المستخدم مقابل عوض )). هذا التعريف الفرنسي. أما الفقه الحديث فيجمع على أنه: ((عقد يلتزم بمقتضاه العامل بالعمل لصالح صاحب العمل أو المستخدم تحت إشرافه وتوجيهه مقابل أجر محدد لمدة محددة أو غير محددة )). هذا التعريف يشتمل على العناصر الأربعة لعقد العمل: . العمل الذي يقوم بع العامل 1) الأجر. 2) التبعية. 3) المدة. 4) هذه العناصر الأربعة هي ذاتها الأركان أو الخصائص أو الصفات التي تجسدت في الأحكام والنصوص التشريعية والتنظيمية الأخرى والاتفاقيات. عناصر عقد العمل: عقد العمل يقوم على عناصر هي التي تحدد هويته المميزة عن باقي العقود الأخرى التي ترد على العمل. هو محل التزام العمل وسبب التزام صاحب العمل -1العمل: وهو كل نشاط سواء كان مادي أو فكري يؤدي إلى تحقيق نتيجة أو عدم تحقيقها. قد يكون هذا النشاط عملا ايجابيا وقد يكون سلبيا. مثال على العمل الايجابي. : ممارسة أنشطة فكرية أو حرفية مثال على العمل السلبي : الحراسة فالحارس لا يؤدي عملا يدويا أو فكريا لأنه لا ينتج أو ليس له مردود , وكذلك المراقب أو عمليات التفتيش. عنصر العمل هو التزام العامل , فلا يملك صاحب العمل أي حق عليه ويقتصر حقه في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أحدثها العامل بسبب عدم تنفيذ العمل. وعنصر العمل يجب أن تتوفر فيه شروط حتى يتخذ صفته التي تميزه عن العقود الأخرى التي ترد على العمل: الأداء الشخصي للعمل المحدد أو المتفق عليه بمعنى أن يقوم العامل بهذا العمل شخصيا والتزام العامل بصفة شخصية يظهر من خلال ارتباطه بالعلاقة العقدية مع رب العمل على أساس تكوينه وتخصصه. كما أن شخصية العامل تلعب دورا كبيرا في العلاقة العقدية من حيث الإنهاء على أن أساس أن وفاة العامل تؤدي إلى إنهاء علاقة العمل ولا يستطيع الورثة المطالبة بشغل منصب الموروث , وفي حالة التحاق أحد الورثة يكون بموجب عقد جديد. . أن يؤدي العامل العمل وفقا لأوامر وتوجيهات صاحب العمل يجب على رب العمل أن يوفر جميع الأدوات وجميع الوسائل المتعلقة بهذا النشاط على أساس أن العامل تلحق به الآثار المترتبة على هذا النشاط سواء كانت ايجابية أو سلبية عكس المقاول الذي يلتزم بتحقيق النتيجة. -يضاف إلى ذلك ضرورة التزام رب العمل بتوفير المحيط الصحي والأمن في مجال العمل والمحافظة على سلامة العمال عن طريق تجديد وسائل الإنتاج والأمن الصناعي. أن يكون النشاط الذي يقوم به العامل تسري أثاره على أطرافه فقط – -2 الأجر: هو محل التزام صاحب العمل وسبب التزام العامل. طابع المعاوضة الذي يتصف به عقد العمل يترتب عنه القول لأنه لا يمكن الحديث عن عنصر العمل في عقد العمل دون أن يقابله الحديث عن عنصر الأجر. وهو المقابل المالي للعمل أو ثمن أو القيمة المالية التي يلتزم صاحب العمل دفعها للعامل أو مقابل الجهد الذي بقيمة هذا الأخير. والأجر من حيث المضمون يتكون من: : العنصر الثابت * ويعرف في التشريع الجزائري الأجر المنصب أو الأجر الأساسي بحسب في أغلب الأحيان على أساس الرقم الاستدلالي. . يتكون من مجموعة التعويضات والحوافز المرتبطة بإنتاج *العنصر المتغير: مر تنظيم الأجور في الجزائر بمرحلتين: أ-التنظيم المركزي للأجور: من حيث تحديدها طوال الفترة التي ساد فيها التنظيم الإداري لمختلف مناحي الحياة الاجتماعية , الإدارية والتنظيمية بواسطة الأدوات القانونية والتنظيمية مثل : المادة 127 من ق.أ.ع.ع : (( إن تحديد الأجور يجب أن يكون مرتبطا بأهداف المخطط ومن صلاحيات الحكومة ولا يمكن أن يؤول لفائدة المؤسسات المستخدمة)). تطبيقا لهذه القاعدة وضع تصنيف وطني للمناصب أفرز سلما وطنيا للأجور يشمل كافة العمال والمناصب المهنية وتحدد أيضا كافة التعويضات المقررة لهذه المناصب. ب-بعد صدور قانون علاقات العمل 90-19 تم إلغاء هذا القانون وأصبح التحديد التفاوضي والتشاوري للأجور لمختلف التعويضات. الأجر يحدد بصفة حرة بين العمال والمؤسسات إما بالتفاوض وإما بالاتفاقيات الجماعية او التصنيف المهني لمناصب العمل من قبل المؤسسة. تم تطبيق مبدأ الحرية التعاقدية في علاقة العمل وكرسه منهج استقلالية المؤسسات أي أنها لم تعد تسير عن طريق القرارات بل عن طريق علاقات العقد. التبعية والإشراف: -3 يقصد بها سلطة الإشراف و الرقابة التي يخضع لها العامل على اعتبار أنها إحدى الحقوق الأساسية التي يمنحها عقد العمل لصاحب العمل . -العامل يلتزم بالامتثال لها في الحدود المسموح بها كتنفيذ الأوامر وتوجيهات صاحب العمل وليس وفقا لما يقرر هو. المدة: -4 هي المدة الزمنية التي يضع فيها العامل نشاطه وجهده وخبرته في خدمة صاحب العمل في إدارته والمدة تحدد بحرية من قبل من قبل المتعاقدين مع الأخذ بعين الاعتبار النصوص القانونية والتنظيمية التي تحدثت في هذا. ... وهذا ما يؤكده القانون وتحديدا المادة 11 من قانون علاقات العمل بقولها: يعتبر العقد مبرما لمدة غير محدودة إلا إذا نص على غير ذلك كتابة وفي حالة انعدام عقد عمل مكتوب يفترض أن تكون علاقة العمل لمدة غير محدودة)). المحور الثالث: علاقات العمل الجماعية المشرع ضمن المواد من 114 إلى 134 الأحكام التي تنظم أحد أهم مصادر قانون علاقات العمل ألا وهو الاتفاقيات الجماعية، التي اشترط المشرع أن تكون مكتوبة ومحل إشهار في وسط العمال، وكذا القيام بعملية تسجيلها لدى مفتشية العمل وكتابة ضبط المحكمة. وهي تعالج خصوصا، ما يتعلق بالتصنيف المهني وساعات العمل وتوزيعها ومسألة الأجور والتعويضات، وحتى ما يتعلق بإعداد الاتفاقية نفسها في طريقة عقد الاجتماع ودوريته ومدة سريان الاتفاقية وكيفية تمديدها أو مراجعتها أو نقضها بالإضافة إلى كل موضوع لم يخصص له المشرع حكما وحتى لو أن النص التشريعي موجود، إلا أن الاتفاقية قد تعدله إذا ماجاء فيها ما يحقق منفعة أكبر للعامل، ويكاد أن نقول وفق هذا التحليل أن أغلب قواعد قانون العمل (النصوص التشريعية) تكميلية وتظهر أهمية الاتفاقية الجماعية، أن مجالها أوسع من القانون. فبالإضافة إلى القدرة على تعديل النص التشريعي (في إطار تطبيق مبدأ ما هو أصلح للعامل)، فهي تبسط على كل الجوانب والعلاقات التي لم يأت القانون على تناولها، وما تلك الحالات الأربع عشر (14) الواردة في المادة 120 من قانون علاقات العمل إلا على سبيل المثال، وما يلحظ عمليا أن أغلب هذه الاتفاقيات إما أنها تعتني بمسألة واحدة ويتعلق الأمر بالأجر وملحقاته من جهة، ومن جهة أخرى تكرار للأحكام الواردة في النصوص التشريعية، وهذا ما لا يحقق رغبة المشرع أن يكون هذا المصدر مكملا أما الاتفاقات الجماعية، فهي قد تشكل ملحقا للاتفاقية الجماعية، كما يطلق عليها البعض تسمية "بروتوكول اتفاق" وهي تخص معالجة عنصر أو مسألة معينة لم تعالج عند إبرام الاتفاقية الجماعية