الجمهورية الجزائريـة الديمقراطيــة الشعبيـــــة
وزارة التعليم العالي والبحـث العلمــــي
جامعـــــة غردايــــــــــة
كلية الحقـوق و العلـوم السياسيــــــة
قســـــم الحقـــــــوق
أعمال موجهة مقدمة لطلبــة السنــة الثانيــــة حقـــوق للسداسي الثاني فــي مقيــاس القانــــون المدنــــي
إعــــــداد الأستـــــــاذ:
بن عـــــودة مصطفــــــــــــــى
السنة الجامعيــــــة :2020/2021
مقـــــدمـــــــــــــــــــــــة
القانون المدني هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المعاملات المدنية الخاصة للإنسان باعتباره فردا بالمجتمع سواءا ما تعلق بعلاقاته الأسرية أو ما تعلق بعلاقاته المهنية والطائفية ، ويعد القانون المدني الشريعة العامة لجميع القوانين الخاصة كالقانون التجاري ، القانون العمل ، قانون الأحوال الشخصية ، القانون العقاري ، القانون الدولي الخاص ... .
ويقتصر تنظيم القانون المدني في الدول العربية والإسلامية ومنها الجزائر على المعاملات المدنية ذات الطابع المالي دون الطابع الشخصي حيث تخصص لها فرعا مستقلا ينظم هذه العلاقات التي تستمد أصولها من الديانة الإسلامية ونقصد بها علاقات الخطبة الزواج الطلاق الوصية والمواريث .
صدر القانون المدني الجزائري بموجب الأمر 75/59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 مقسما على أربعة كتب تضمن الكتاب الأول بتطبيق القوانين و آثارها كما بين أحكام الأشخاص الطبيعية والاعتبارية ، أما الكتاب الثاني فقد اهتم بأحكام الالتزامات و العقود ، في حين نظم الكتاب الثالث الحقوق العينية الأصلية ، أما الكتاب الرابع فخصص للحقوق العينية التبعية .
عرف القانون المدني الجزائري عدة تعديلات في الآونة الأخيرة كان أبرزها القانون 88/14 المؤرخ في 20 جوان 1988 ، كذلك التعديل المتعلق بالقانون 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 الذي أضاف وعدل من بعض الأحكام المتعلقة بالالتزامات والعقود ، وكذلك القانون 07/05 بتاريخ 13 ماي 2007 الذي أضاف وعدل من بعض الأحكام المتعلقة بالإيجارات .
البحث الأول : فســـــــــخ العقـــــــــــــــــد
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة
المبحـــــث الأول: مفهوم فســخ العقــــد
المطلب الأول: تعريف فسخ العقد
المطلب الثاني: شروط فسخ العقــــد
المطلب الثالث: آثار فسخ العقـــــــــد
المبحث الثاني: حالات فسخ العقـــــد
المطلب الأول: الفسخ الرضائــــــــي
المطلب الثاني: الفسخ القضائـــــي
المطلب الثالث:الفسخ بحكم القانون
المبحث الثالث: مفهوم الدفع بعدم التنفيذ
المطلب الأول: تعريف الدفع بعدم التنفيذ
المطلب الثاني: شروط المطالبـة بالدفع بعدم التنفيذ
المطلب الثالث: آثار الدفع بعدم التنفيذ
خاتمـــــــــــــــــة
مقدمــــــــــــــــة :
سبق أن عرفنا بأن العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني ، ويجب على المتعاقدين تنفيذ الالتزامات المترتبة على العقد ، فإذا لم يقم احد العاقدين بتنفيذ التزامه جاز لطرف الآخر أن يطلب فسخ العقد ؛ أي حل الرابطة العقدية ليتخلص من الالتزامات التي فرضت عليه ، ويمكن أيضا لكل متعاقد أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم بــــه .
فكيف يتم فسخ العقد ، و ما شروطه ، وما هي الآثار الناتجة عن هذا الفسخ ؟
المبحث الأول: مفهوم فسخ العقــــد .
الفسخ نظام قانوني وهو يتمثل في الجزاء على عدم قيام احد العاقدين لما رتبه العقد من التزامات في ذمته ،
المطلب الأول: تعريف فسخ العقــــــد .
هو انحلال الرابطة التعاقدية بأثر رجعي ولا يكون إلا في العقود الملزمة للجانبين أي تلك التي يلتزم فيها كل متعاقد تجاه المتعاقد الآخر على وجه التبادل بمقتضى الاتفاق المعقود بينهما .
وفيما يتعلق بالفسخ نصت المادة 119 من القانون المدني على أنه " في العقود الملزمة الجانبين إذا لم يوف احد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقدين الآخر بعد اعذراه المدين أن يطالب تنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك " .
المطلب الثانـــــي: شــــروط فســــخ العقـــــد .
ليتم فسخ العقد لا بد من توفر الشروط الأربعة الأساسية للفسخ : و هي أن يكون العقد ملزما للجانبين ، عدم قيام احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه ، وفاء طالب الفسخ بالتزامه ، و إعذار الطرف المطالب بالفسخ .
الفرع الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبين : لا يتصور الفسخ إلا في العقود الملزمة للجانبين فهو مبني على فكرة عادلة يراد بها أن يسمح للطرف الذي لم يحصل على حقه المقرر له بمقتضى العقد أن يتحلل هو مما التزم به في هذا العقد .
الفرع الثانـــــي : عدم قيام احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه : يشترط في طالب الفسخ أن يثبت بأن الطرف الآخر لم يوف بالتزامه سواء كان الوفاء كليا أو جزئيـــــا.
الفرع الثالــث : وفاء طالب الفسخ بالتزامــــه: أي يجب أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو مستعد لذلك وفي إمكانه إعادة الحالة إلى ما كان عليه إذا حكم بالفسخ
الفـرع الرابــــع : الإعــــــــــــــــذار : يجب إعذار الطرف الذي نطالبه بالفسخ عن طريق المحضر القضائي أو بأي وسيلة أخرى كافية لحصول هذا الإعذار، بأنهإذا لم يتم تنفيذ التزامه خلال أجل معين ، فيمكن للطرف المتعاقدمعه فسخ العقد مع تحميله هو الكافة الخسائر الناتجة عن ذلك والمصاريف ، وهو ما أكدت عنه المادة 119 بنصها على أنه " " في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك ".
المطلب الثالـــــث: آثــــــــار فســــــخ العقــــــــــــــــــد .
تنص المادة 122 ق م ج على أنه "إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض" فإذا فسخ العقد سواء بالاتفاق أو بحكم الفاصل أو الانفساخ بقوة القانون زال العقد بأثر رجعي يستند إلى يوم العقد، فيعتبر العقد كان لم يكن، ويعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها من قبل العقد ويزول العقد بأثر رجعي سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير .
المبحث الثانـــــــي: حـــالات فســـــخ العقــــــــــد .
تنقسم حالات فسخ العقد إلى ثلاث حالات أو أنواع و هي الفسخ الإتفاقي أو بالتراضي ثم الفسخ القضائي الذي يكون يحكم القاضي ثم الفسخ بحكم القانـــــــــــون .
المطلب الأول : الفســــخ الإتفاقــــــــــي .
تنص عليه المادة 120 ق م ج مدني على أنه " يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا بحكم القانون عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه بمجرد عدم تحقيق الشروط المتفق عليها وبدو ن حاجة إلى حكم قضائي ، وهذا الشرط لا يعفي من الإعذار الذي يحدد حسب العرف عند عدم تحديده من طرف المتعاقدين ".
يتبين من نص المادة أنه يجوز للمتعاقدين الاتفاق على فسخ العقد سواء كان ذلك قبل البدأ في تنفيذ العقد ، أو أثناء التنفيذ متى كان لهما مصلحة في ذلك ، حيث لا يتصور أن يقدم المتعاقدان على فسخ العقد إلا إذا كانت لهما مصلحة في ذلك ، وهما اللذان يقدرانها ، وكذلك يجوز الاتفاق على فسخ العقد إذا لم يقم أحدهما بتنفيذ ما التزم به في مواجهة الطرف الآخر .
لكن الاتفاق على الفسخ لا يعفي من اللجوء إلى القضاء ، وإنما يجب رفع دعوى من الدائن يطالب فيها فسخ العقد لعدم التنفيذ إنما يلاحظ في هذا المقام أن حكم القاضي لا يعتبر حكما منشئا وإنما مقررا للفسخ ، وذلك لأنه وقع بحكم الاتفاق قبل رفع الدعوى بمجرد عدم التنفيذ ، وما على القاضي إلا أن يكشف هذا الفسخ بحكم قضائي .
المطلب الثانــــــــــــي: الفســــخ بحكــــم القانـــــــــــون .
تنص المادة 121 على الانفساخ بقولها "في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه ، انقضت الالتزامات المقابلة له و ينفسخ العقد بحكم القانون ".
فقد لا يرجع عدم تنفيذ الالتزام العقدي إلى المدين ، وإنما إلى سبب أجنبي عنه لا يد له فيه كقوة قاهرة ، ففي هذه الحالة يترتب على استحالة تنفيذ الالتزام انقضاء الالتزام المقابل له وبالتالي انفساخ العقد بحكم القانون وهذا النوع من لا يحتاج إلى إعذار من الدائن للمدين ، لأن الإعــــذار عبارة عن تكليف المدين بالوفاء وهذا لا يكون إلا في حالة إمكان تنفيذ الالتزام عينيا ، أما في حالة ما يستحيل تنفيذ الالتزام بسب أجنبي عن المدين فلا يكون أمام الدائن فرصة مطالبة المدين بالتنفيذ .
كذلك لا يحتاج هذا النوع من الفسخ إلى حكم القاضي لأنه يقع بحكم القانون لكن إذا اقتضى الحال اللجوء للقضاء من أجل التحقق من توافر السبب الأجنبي فإن دور القاضي يقتصر على هذا فقط دون أن يتعدى ذلك من الكشف عن وجود السبب الأجنبي ، وبالتالي فإن حكم القاضي بالفسخ لا يكون إلا حكما مقررا وليس منشئا .
لكن تثور في حالة الفسخ بحكم القانون مسألة تحمل التبعة عند استحالة تنفيذ الالتزام بقوة قاهرة ، لأنه من المعروف أنه في العقود الملزمة للجانبين أن المدين هو الذي يتحمل تبعة هلاك العين بقوة قاهرة وأساس ذلك فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة فإذا هلك الشيء المبيع في يد البائع فإنه يتحمل تبعة الهلاك باعتباره المدين بتسليم هذا الشيء إلى المشتري ، وبالتالي ينقضي التزام المشتري بدفع الثمن أما في العقود الملزمة لجانب واحد فإن الدائن هو الذي يتحمل تبعة الهلاك كما في عقد العارية أو الوديعة .
المطلب الثالـــث: الفســــخ القضائـــــي .
نصت المادة 119 من ق م ج على أنه " في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك ، ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف ، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الالتزامات ".
كما تنص المادة 122 ق م ج على أنه " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك جاز للمحكمة أن تحكم بالتعويض ".
يعرف الفسخ القضائي بأنه ضرورة اللجوء إلى القضاء المختص من طرف الدائن بالالتزام الذي لم ينفذ للمطالبة بحل العلاقة التعاقدية لكي يحق له بعد ذلك التحلل من التزاماته نحو المتعاقد الآخر الذي لم يقم بتنفيذ ما رتبه العقد من التزاماته على عاتقه .
المبحث الثالث: مفهـــوم الدفع بعدم التنفيــــذ .
نبين في هذا المبحث المقصود بالدفع بعدم التنفيذ وما هو الفرق بينه وبين الفسخ ، ثم بعد ذلك نحدد شروط المطالبة بالدفع بعدم التنفيــــــــــذ .
المطلب الأول: تعريف الدفع بعدم التنفيــــذ .
تقضي المادة 123 ق م ج بأنه " في العقود الملزمة للجانبين إذا الالتزام المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذه ما التزم به ".
فالدفع بعدم التنفيذ هو حق كل متعاقد في العقد الملزم للجانبين في أن يمتنع عن تنفيذ التزامه ، إذا لم يقم المتعاقد الآخر في نفس العقد تنفيذ ما عليه من التزام ، وهو بذلك يمهد إما إلى عدم تنفيذ الالتزام وإما إلى الفسخ ومن ثم يتصل بالجزاء الذي يترتب على القوة الملزمة للعقد .
المطلب الثانـــــــي: شروط المطالبـــة بالدفع بعدم التنفيــــــذ .
يتضح من نص المادة 123 ق م ج أنه ينبغي أن تتوافر ثلاث شروط لإمكانية التمسك بالدفع بعدم التنفيذ هي :
الفرع الأول : أن يكون العقد ملزما للجانبيـــــــن :
يتحدد نطاق الدفع بعدم التنفيذ وفقا لأساسه القانوني بالعقد الملزم للجانبين أي الالتزامات المتقابلة الناشئة عن العقود الملزمة للجانبين ، أما خارج هذا النطاق، تكون بصدد حق حبس لا الدفع بعدم التنفيذ ، فيجوز لكل منهما أن يحبس ما اخذ حتى يرد الآخر ما تسلمه منه .
الفرع الثانــي :أن تكون الالتزامات المقابلة مستحقــــــة الأداء :
يشترط عند تمسك المتعاقد بالدفع بعدم التنفيذ أن تكون الالتزامات المتقابلة التي يتحملها كل متعاقد مستحقة الأداء وواجبة التنفيذ ، ويجوز هذه الحالة لكل متعاقد أن يدفع بعدم التنفيذ ما لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه ، وقد يقتضي حل هذا النزاع الرجوع إلى القاضي .
وليس للمتعاقد أن يدفع بعدم التنفيذ إذا كان التزامه قد حل أجله في حين أن الالتزام المقابل الذي يتحمله المتعاقد الآخر لم يحل أجله بعد ، كأن يكون المتعاقدان قد اتفقا على أن تنفيذ الالتزامات لا يتم في وقت واحد ، كما هو الحال بالنسبة للثمن المؤجل في البيع ، وقد تقتضي طبيعة العقد كذلك أن يكون تنفيذ الالتزامات المتقابلة الواحدة تلو الأخرى ، ومثل ذلك العقود الزمنية التي تتضمن أداءات دورية ، وقد يستخلص ذلك من العرف .... الخ .
لا يجوز كذلك الدفع بعدم التنفيذ إذا كان الالتزام مقترنا بأجل واقف طبقا للمادة 212 ق م ج ، أو سقط الالتزام بالتقادم فأصبح التزاما طبيعيا غير قابل للتنفيذ الجبري .
الفــــرع الثالـــث : إخلال المتعاقـــــد بالتزامـــــــــه .
سبق القول أن الغرض من الدفع بعدم التنفيذ هو تأجيل تنفيذ الالتزام الذي يتحمله المتعاقد الذي يتمسك بهذا الدفع إلى حين تنفيذ الالتزام المقابل، وهذا يفيد حتما امتناع المتعاقد الآخر عن تنفيذ التزامه ولا تشترط المادة 123 مدني أن يكون عدم التنفيذ كليا أو جزئيا ومن ثم يمكن الدفع بعدم التنفيذ ولو أخل المتعاقد الآخر هو المتسبب في امتناع المتعاقد عن تنفيذ التزامه، أو كان قد امتنع هو الأول عن تنفيذ التزامه، أو أن ما تأخر من تنفيذ التزامات المتعاقد الآخر يعد ضئيلا .
المطلب الثالــــث: أثـــــــر الدفــــع بعدم التنفيــــــــــــــــذ .
يترتب على استعمال الحق في الدفع بعدم التنفيذ إما أن يقوم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه فيترك التمسك بهذا الدفع ، ويوم هو الحر بتنفيذ التزامه اختيارا أو يجبر على ذلك جبرا إذا لم يعد هناك مبرر لاستمراره في تمسكه بعدم التنفيذ بعد أن قام الطرف الآخر بتنفيذ التزامـــــــه .
· آثار الدفع بعدم التنفيذ فيما بين المتعاقديــــــن :
- إذا دفع المتعاقد بعدم التنفيذ فلا يستطيع المتعاقد الآخر إجباره على التنفيذ وفي نفس الوقت لا ينقضي هذا الالتزام ولا ينحل العقد .
· آثار الدفع بعدم التنفيذ بالنسبة للغيـــــــر :
- إذا كان هذا الغير قد اكتسب حقا بعد ثبوت الحق في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ ، فلا تسري آثار الدفع بعدم التنفيذ في مواجهة هذا الغير إذا كان هذا الأخير قد اكتسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ .
خاتمـــــــــة:
ختاما نرى أن انحلال العقد يكون موجودا منتجا لآثاره بين طرفيه ولكنه بعد الوجود يزول وينعدم بسبب إرادي سمي الفسخ أو غير إرادي سمي الانفساخ والمبدأ العام في نتائج انحلال العقد سواء بالفسخ أو الانفساخ أنه يوجب إعادة المتعاقدين إلى سابق وضعهما قبل التعاقد وهذا المبدأ لا يسري على جميع العقود بصورة منتظمة لوجود عقود لا يمكن فيها إعادة المتعاقدين إلى سابق وضعهما قبل العقــــــــد.
البحث الثانــــــي : المسؤوليـــــة العقــــــــــــــديـــــــة
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة
المبحـــــث الأول: مفهوم المسؤولية العقديـة
المطلب الأول: تعريف المسؤولية العقديـة
المطلب الثانــي: شـــروط المسؤولية العقديـة
المبحث الثانــــــــي: أركان المسؤولية العقديـة
المطلب الأول: الخطأ العقدي
المطلب الثانـي: الضرر في المسؤولية العقدية
المطلب الثالـــث: علاقة السببية بين الخطـأ والضرر
خاتمـــــــــــــــــة
مقدمــــــــــــــــة :
تتنوع المسؤولية بتنوع القاعدة التي تحكم السلوك الاجتماعي ، ففي المسؤولية العقدية إذا كان المرأ مخالفا لقواعد الخلقية فحسب تقتصر على وجوب استهجان المجتمع لذلك السلوك المخالف لقواعد الأخلاق . أما إذا كان القانون أيضا يوجب المؤاخذة عمى ذلك السلوك ، فإن المسؤولية المرتكبة لن تقف عند حد المسؤولية الأدبية ، بل تكون فوق ذلك مسؤولية قانونية تستتبع جزاء قانوني ، فالمسؤولية القانونية تكون عندما يخل الشخص بقاعدة من قواعد القانون ، و من المعلوم أن دائرة الأخلاق أوسع من دائرة القانون ، لأنها تشمل سلوك الإنسان نحو خالقه و نحو نفسه و نحو غيره ، و لأنها تأمر بالخير في ذاته و تنظر إلى نوايا الإنسان فتقرره على ما يتجاوب منها نحو الخير و تؤاخذه على ما يحيد منها عن هذا السبيل ، إلا أن جزاءها الوحيد لا يتعدى تأنيب الضمير و استنكار الجماعة ، أما دائرة القانون فتقتصر عن سلوك الإنسان نحو غيره ، و في هذه الدائرة الضيقة يكتفي القانون بتنظيم نشاط الإنسان الخارجي، و التي يتم بالنوايا الباطنية ما دامت لم تتخذ لها مظهرا خارجيا. كما يشترك كل من القانون و الأخلاق في أنهما يضعان قواعد و ضوابط لسلوك الناس، و أن هذه القواعد أو الضوابط هي خطابات موجهة إلى الناس تتضمن أوامر أو نواهي. و انطلاقا من هذا نطرح الإشكالية التالية : فيما تتمتل المسوؤليــــــة العقدية وما هي أركانها و ما آثارها ؟
المبحث الأول : مفهوم المسؤولية العقديــــــة .
تقتضي القوة الملزمة للعقد وفقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين: قيام أطرافه بتنفيذ ما يقع على عاتقهم من التزامات فإن عدل أي من الطرفين على تنفيذ التزاماته أو تأخر في تنفيذها كان بالإمكان إجباره على ذلك عن طريق تحريك المسؤولية العقدية، فما هو تعريف المسؤولية العقدية و ما هو نطاق تطبيق هذه الأخيرة؟ سنجيب على هاتين الإشكاليتين في هذا المبحث المقسم إلى مطلبين.
المطلب الأول: تعريف المسؤولية العقدية: المسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد أو عدم تنفيذه فالقوة الملزمة للعقد تقضي بأن يقوم كل طرف بتنفيذ التزامه العقدي ، فإذا لم يقم المتعاقد بتنفيذ التزامه عينا و طالبه الدائن بذلك أجبر المدين على تنفيذه ، فالأصل هو التنفيذ العيني للالتزام ، أما إذا لم يكن التنفيذ العيني للالتزام العقدي ممكنا فلا يكون أمام القاضي إلا الحكم بالتعويض ، ألن المدين مسؤول عن الأضرار التي يسبيها لمدائن نتيجة عدم الوفاء بالالتزامات الناتجة عن العقد . و عمى ذلك فقيام المسؤولية العقدية يفترض أن هناك عقد صحيح واجب التنفيذ لم يقم المدين بتنفيذه أي ارتكب الخطأ العقدي و سبب ضررا لمدائن فيلتزم إذن بالتعويض. لكن لما كان العقد يرجع في مصدره إلى إرادة طرفيه ، فإن هذه الإرادة المشتركة تملك أيضا سلطة التعديل من أحكام المسؤولية التي تترتب عمى الإخلال بهذا العقد هي كل ما يتحمله مسؤول تناط بعهدته أعمال تكون تبعة نجاحها أو إخفاقها عليه فهي ناجمة عن لفظ عقد و هو الاتفاق المبرم بين طرفين فهي ناجمة عن لفظ عقد و هو الاتفاق المبرم بين طرفين مسؤولا عن الأضرار التي يسببها للدائن نتيجة عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد، كما يتعين بقاء المتعاقدين في دائرة القوة الملزمة للعقد ما بقي التنفيذ العيني بالالتزام الناشئ عنه ممكنا، بحيث لا يكون لأيهما المطالبة بالجزاء الذي فرضه القانون لهذه القوة الملزمة بأعمال المسؤولية العقدية إلا إذا استحال تنفيذ هذا الالتزام نهائيا و بصفة مطلقة، كون أن العقد هو شريعة المتعاقدين حسب المادة 106 من القانون المدني الجزائري،فلا يجوز للدائن أن يعدل عن التنفيذ العيني متى كان ممكنا إلى إقتضاء التعويض، كما لا يجوز للمدين أن يمتنع عن التنفيذ العيني ليعرض تعويض عنه، كون أن المسؤولية العقدية في حقيقتها هي جزاء إخلال أحد المتعاقدين بإلتزام الناشئ عن العقد الذي أبرمه و لا صلة لها بالتنفيذ العيني للالتزام .
المطلب الثاني: شروط المسؤولية العقدية.نطاق المسؤولية العقدية نعني به المجال الذي تقوم فيه المسؤولية العقدية، أو بطريقة أخرى نعني به شروط المسؤولية العقدية كما يسمها البعض، و هناك من الفقهاء من أدرج نطاق المسؤولية في شرطين أساسيين ألا و هما: وجود عقد صحيح، و الإخلال بالتزام عقدي، غير أن هناك من الفقهاء من أضاف شرط ثالث ألا و هو : قيام المسؤولية العقدية في إطار عقدي أمثال الدكتور علي فيلالي وجود عقد صحيح لا يمكن الإدعاء بالمسؤولية العقدية إلا بوجود عقد بين الأطراف و أن يكون هذا العقد صحيحا، أما إذا لم ينعقد العقد بعد كأن يتضرر أحد الأطراف في مرحلة المفاوضات مثلا فلا مجال لقيام المسؤولية العقدية، و لا تطبق كذلك المسؤولية العقدية إذا كان العقد منعدمًا أصلا بين المسؤول و المضرور، كأن يقدّم أحدهما خدمة للثاني من باب الإحسان أو المجاملة، مثل ما هو الأمر في النقل المجاني لا يمكن وضع قاعدة جامدة في كل حالات هذا النقل، و إنما نستطيع تقديم معيار هو البحث عن نية الطرفين فإذا اتضح من الظروف و الملابسات أن نية الطرفين انصرفت إلى خلق التزامات بينهما فلا شك أننا نكون هنا أمام عقد نقل و أن المسؤولية الناجمة عن الإخلال بهذا الالتزام هي مسؤولية عقدية، و إلا كانت المسؤولية تقصيرية مثل: أن يدعو صديق صديقه للنزهة بسيارة فلا عقد بينهما لأننا نكون أمام عقد مجاملة لا علاقة قانونية، أما إذا دعا شخص آخر لنقله إلى مكان معين مجانا و كان يعلم أن وصوله في ميعاد معين تترتب عليه نتائج خطيرة، فإننا نكون أمام علاقة تعاقدية .
لا يترتب عن العدول عنها أية مسؤولية عقدية، بل يمكن أن تترتب مسؤولية تقصيرية في حالة الضرر الحاد الزواج.كذلك فيما يخص الحفلات و المسابقات: فإذا ما اجتمع الناس اجتماعا منظما غير عقدي كحفلات الزواج، أو عروض السرك، أو مشاهدة مبرآت كرة القدم و أصيب أحد المتفرجين بضرر الرأي الراجح أنه إذا كان حضور للحفلة مجانا كحفلات الزواج…فإننا لسنا أمام عقد و إنما أمام مجاملة، و بتالي فلا مجال للمسؤولية العقدية إذا ما أصيب أحد بضرر في هذه الحالة بل المسؤولية هي تقصيرية ، أما إذا كان حضور الحفلة أو المباراة بمقابل ككرة القدم… فهنا نكون أمام عقد و مسؤولية منظم الحفل أو المباراة هي مسؤولية عقدية و لا مجال للمسؤولية العقدية أيضا إذا كان العقد باطلا أو قابل للإبطال و تقرر إبطاله، و ليس أمام المضرور إلا المسؤولية التقصيرية، كما تستبعد المسؤولية العقدية في حالة الضرر الذي يصيب الأطراف بعد انقضاء الرابطة العقدية بسبب فسخها أو لأي سبب آخر، إلا أن هناك حالات يبقى فيها حتى بعد انتهاء العقد ملزما الأخـر بسلوك معين، إذ يـظـل العامل ملزما بالحفاظ على أسرار العمل الصناعية و التجارية حتى بعد انتهاء عقد العمل، و يظل الطبيب ملزما بعدم إفشاء أسرار مريضه…إلخ في هذه الحالات و شابهها تكون المسؤولية عقدية إذا كان العقد ينص على هذا الالتزام حتى بعد انتهاء العقد و تكون تقصيرية إذا كان القانون هو المصدر المباشر لهذا الالتزام (كما هو الحال بالنسبة للطبيب والمحامي إخلال بالتزام عقدي.يجب أن يكون الضرر الذي أصاب المضرور ناتجا مباشرة عن إخلال المسؤول بالتزاماته العقدية، و نذكر في هذا الشأن أن هذه الالتزامات هي من وضع و تحديد المتعاقدين، غير أنّه بمقتضى الفقرة 02 من المادة 107 من القانون المدني الجزائري لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة، بحسب طبيعة الالتزام. فللمضرور إذن أن يدفع بالمسؤولية العقدية عند الإخلال بالالتزامات التي تضمنها العقد صراحة و كذلك التي تدخل في دائرة التعاقد لكونها من مستلزمات العقد في ضوء الأحكام القانونية و العرفية و كذا العدالة و طبيعة المعاملة مثلا: مسؤولية رب العمل عن ضمان سلامة العامل مسؤولية عقدية كون قوانين العمل تنص على هذا الضمان .كذلك عقد التعليم فإلى جانب تعليم التلميذ تلتزم المدرسة بضمان سلامته خاصة إذا كان التلميذ داخلي، و مسؤوليتها في ذلك هي مسؤولية عقدية قيام المسؤولية في إطار عقدي.بالإضافة إلى الشرطين السابقين يضيف الدكتور علي فيلالي شرطًا آخر ألا و هو قيام المسؤولية في إطار العلاقة العقدية و معنى ذلك أن يكون المتعاقد المدين أو الغير إذا كان تابعا له هو المتسبب في عدم تنفيذ الالتزام هو الذي أخل بالالتزامات التي تحملها بموجب العقد من جهة، و أن يكون المتضرر هو المتعاقد معه أي الدائن من جهة ثانية و يستند هذا الشرط إلى مبدأ نسبية آثار العقد، و مفادها أن آثار العقد تقتصر على طرفيه، فلا تكسب الغير حقا و لا تحمله واجبا و يجوز للمستفيد من الاشتراط لمصلحة الغير سواء أكان صريحا أو ضمنيا أن يطالب المتعهد بمسؤولية عقدية إذا أمتنع أو تأخر عن تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها ، كما يستطيع المستفيد من الدعوى المباشرة أن يدفع هو كذلك بالمسؤولية العقدية، مثلا: يتضمن عقد نقل الأشخاص اشترطا ضمنيا لفائدة بعض أقارب المسافر مما يمكنهم من المطالبة بالمسؤولية العقدية.و إذا تخلف شرط من الشروط الثلاث ، فلا مجال لتطبيق المسؤولية العقدية بل تكون العبرة بالمسؤولية التقصيرية و بعبارة أخرى تعتبر المسؤولية التقصيرية بمثابة الشريعة العامة التي يعتد بها ما لم تتوفر شروط المسؤولية الاستثنائية .
المبحث الثاني : أركان المسؤولية العقديـــــــة .
المطلب الأول : الخطأ العقدي . إن القانون المدني الجزائري يجبر المتعاقد على تنفيذ التزامه التعاقدية و من نصوص قانونية التي تقيد هذا المعنى متعددة و كثيرة منها المادة 106: (العقد شريعة المتعاقدين)، و المادة 107( يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه و بحسن النية ) ، و المادة 164 و التي تجبر المدين بعد إعذاره على حسب المادتين 180 و 181 على تنفيذ التزاماته عينيا متى كان ذلك ممكنا ، و على ذلك إن لم يقم المدين بتنفيذ التزاماته العقدي، فإن الركن الأول يكون قد توفر إلا و هو الخطأ العقدي الذي سنبحث عن مفهومه في هذا المطلب .
تحديد مقصود
الخطأ العقدي يتمثل الخطأ العقدي في عدم تنفيذ المدين لالتزاماته سواء كان ذلك عن
عمد أو عن إهمال أو بغير ذلك، كما يتمثل عدم التنفيذ أيضا في عدم التنفيذ الجزئي
أو التنفيذ المتأخر، أو لامتناع عما يوجبه القانون أو كان بتنفيذ غير مطابق لما تم
الاتفاق عليه، و يتحقق الخطأ أيضا إذا كان سبب عدم التنفيذ راجع إلى غش المدين،
أما إذا كان عدم التنفيذ راجع إلى أسباب خارجية لا يد للمدين فيها كالقوة القاهرة
أو السبب الأجنبي فإنه لا يكون مسؤولا حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري إذا استحال على المدين أن ينفذ التزامه عينا حكم
عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ
نشأت عن سبب لا يد له فيه و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين عن تنفيذ التزامه .
كما يتضح من نص هذه المادة أن
المسؤولية العقدية تقتصر على الحالات التي يستحيل فيها تنفيذ التزام عينا، و ذلك
لأن الالتزام بدفع مبلغ من نقود يكون دائما ممكنا تنفيذه عينا فلا مجال فيه
للمسؤولية العقدية، لأنه متى كان التنفيذ العيني ممكن فلا مجال للتعويض عن عدم
التنفيذ .
الخطأ
العقدي في القانون المقارن : لقد استند الفقيهان “دوما” و “بوتييه” و غيرهما من شراح القانون
الفرنسي على القانون الروماني، بحيث اعتمدوا على نظرية تدرّج الخطأ و التي تقسم
الخطأ بحسب درجة خطورته إلى: خطأ جسيم: لا يرتكبه حتى أكثر الناس إهمالاً، و الخطأ
اليسير: لا يرتكبه شخص متوسط العناية، و خطأ تافه: و هو الذي لا يرتكبه الشخص
الحريص .
فكان المدين لا يسأل إلا عن خطئه
الجسيم إذا كان العقد في مصلحة الدائن وحده مثل عقد الوديعة أو الوكالة بدون أجر،
و كان يسأل عن خطئه اليسير إذا كان في مصلح الطرفين مثل الإيجار، و يسأل عن خطأه
التافه إذا كان العقد في مصلحته (المدين) وحده مثل عقد العارية ، غير أن هذه
النظرية لم تجد تأييدا في الفقه و التشريع في فرنسا لأنها قامت على التفسير الخاطئ
لنصوص وردت في قانون جوستنيان مما أدى إلى هجرها في القانون الفرنسي حسب المادة
1147التي قررت أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو تأخره فيه هو خطأ عقدي .
و يلاحظ أن الفقه
الإسلامي قرر مبدأ الالتزام بالعقود و الوفاء بما جاء فيها من التزامات و شروط و
هذا لقوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )) فأقر
الفقهاء بأنه يجب على المدين قدر المستطاع أن يفي بالتزاماته عينا لأن التنفيذ هو
الأصل و أن التنفيذ البدل “التعويض” لا يصح شرعا إلا عند تعذر الأصل، أما عند استحالة
التنفيذ بسبب فعل المدين أو خطئه وجب عليه الضمان .
الخطأ العقدي
في القانون المدني الجزائري : نصت المادة
176 من القانون المدني الجزائري على القاعدة العامة للعقود التي تجعل المدين
مسؤولا بمجرد عدم الوفاء ما لم يثبت أن سببا أجنبيا هو الذي حال بينه و بين
الوفاء، و بتالي فإن هذه المادة هي التي تحكم الخطأ العقدي في الجزائري .
أما المادة 172 من القانون المدني الجزائري فهي تختص بتحديد مدى
الالتزام ببذل عناية في الوفاء بالالتزام، فالخطأ العقدي كما سبق و أن أشرنا هو
السبب فيما أصاب الدائن من ضرر، و يبقى المدين مسؤولا لنص المادة 172/2 عن غشه و
سوء نيته أو إهماله أو خطاه الجسيم، لقد ذهبت المحكمة العليا في قراراتها أن مجرد
الإخلال بالتزامات العقد أو التقصير في تنفيذها هو خطأ عقدي، كما أن مجرد عدم
الوفاء بالتزام في ميعاد المحدد يعتبر في ذاته خطأ تعاقديا، و كذلك عدم تنفيذ
الالتزامات على الوجه المتفق عليه في العقد، كما أن مسؤولية الناقل تبقى قائمة عن
الخسائر أو الأضرار التي تلحق البضاعة منذ تكفله بها حتى تسليمها إلى المرسل إليه
و على ذلك فإن الخطأ العقدي هو انحراف إيجابي أو سلبي في سلوك المدين يؤدي إلى
مؤاخذته و معيار الانحـراف هنا هو معيار الرجل العادي و هذا
المعيار يستفاد من نص المادة 172 من القانون المدني الجزائري، و هذه الفكرة مجردة
يرجع في تحديدها إلى الرجل العادي في طائفة الناس التي ينتمي إليها المدين في نفس
الظروف و الملابسات الخطأ العقدي في مسؤولية المتعاقد عن فعله الشخصي .
يميز القانون المدني الجزائري في هذا الموضوع بين ثلاث أنواع من الالتزامات و هي :
الالتزام بتحقيق غاية أو نتيجة: كالالتزام بنقل الملكية أو الالتزام بإقامة بناء فيكفي عدم تحقق الغاية لوقوع الخطأ العقدي من جانب المدين، أما إذا أراد المدين دفع المسؤولية العقدية عنه أن يقدم الدليل على وجود سبب أجنبي أدى إلى عدم التنفيذ حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري الالتزام ببذل عناية: إن المدين لا يقوم بتحقيق الهدف النهائي الذي يسعى إليه الدائن، بل يكون مضمون أدائه للالتزام وسيلة للوصول إلى الهدف النهائي، و مثال ذلك أن لا يلتزم الطبيب بشفاء المريض بل يلتزم ببذل عناية، و يكون العلاج وسيلة لتحقيق هدف المريض و هو الشفاء ففي هذا النوع من الالتزام يجب على المدين أن يبذل مقدار معينا من العناية التي يبذلها الشخص العادي، و قد تزيد أو تقل هذه العناية طبقا لما يقرر، القانون أو الاتفاق و يكون المدين قد نفذ التزامه التعاقدي إذا بذل العناية المطلوبة منه حتى لو لم يتحقق الهدف أو الغاية من الالتزام ، كما أن مسؤولية الطبيب لا تقوم قانونا إلا إذا أثبت المريض أن الضرر الذي أصابه كان نتيجة إهمال أو تقصير في العلاج، كما أن القانون الجزائري يفرض هذه العناية على المستأجر المادة ( م 495 من ق م ج ) و المودع لديه ( م 592/2 ) و المستعير ( المادة 544 ) فلا يكفي من الدائن هنا إثبات عدم تنفيذ الالتزام بل عليه إثبات الخطأ المتمثل في أن المدين لم يبذل في تنفيذ التزامه العناية المطلوبة و على المدين إذا أراد نفي مسؤوليته إقامة دليل على وجود سبب أجنبي وفقا للمادة للمادة 172/1 من القانون المدني الجزائري : ( في الالتزامات بعمل، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على الشيء ، أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، و لو لم يتحقق الغرض المقصود و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم ) .
الالتزام بالسلامة: كما هو الشأن في ناقل المسافرين، و جراح الأسنان و عيادة الأمراض النفسية ، سائق التاكسي…إلخ ، و قد طبقت المحكمة العليا ذلك في مسؤولية ناقل المسافرين حيث اعتبرت الناقل ملتزما بنتيجة هي توصيل الراكب سالما إلى الجهة المتفق على نقله إليها، بان يضمن سلامة المسافر، و لا يجوز إعفاء من هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أن هذا الضرر سببه القوة القاهرة أو خطأ المسافر، و أنه لم يكن يتوقعه، و لم يكن في استطاعته تفاديه الخطأ العقدي في المسؤولية عن فعل الغير و عن الأشياء .
يتحقق الخطأ العقدي كما ذكرنا بمجرد عدم وفاء المدين بالتزامات و لا يؤثر في تحققه أن يكون عدم الوفاء راجع إلى فعل شخص آخر غير المدين سواء كان هذا الشخص تابعا له أم كان بديلا عنه أو نائبا عنه أو مساعدا في تنفيذ العقد، فإذا كان عدم الوفاء بالتزام راجع إلى فعل أحد أتباع المدين أو إلى فعل شخص آخر أحله المدين محله في تنفيذ الالتزام كالمقاول أو المستأجر من الباطن، أو كان يرجع إلى فعل نائب عن المدين كالوصي أو القيم أو الوكيل، أو إلى فعل شخص يساعد المدين و يعاونه في تنفيذ عقد بناء على طلبه، ففي كل هذه الأحوال تتحقق مسؤولية المدين عن فعل الغير، و لا يعد فعل هذا الغير من قبيل السبب الأجنبي بالنسبة للمدين إلاّ إذا كان الغير أجنبيا عن المدين حسب المادة 178فقرة 2 .
و إذا تحققت مسؤولية المدين العقدية عن فعل الغير قبل دائنه كان له أن يرجع بدوره على الغير إما بالمسؤولية العقدية إذا كلفه بتنفيذ العقد، و إما بالمسؤولية التقصيرية إذا كان الغير قد أما أساس تحمل المدين مسؤولية غيره فراجع إلى: مصدرها هو القانون و إن كان ثلاث أراء أخرى تردها إلى فكرة النيابة و فكرة الضمان و سوء اختيار المدين للغير .
المسؤولية
العقدية عن الأشياء: إذا لم يقم المدين
بتنفيذ العقد كان هذا الخطأ عقديا كما سبق و أن قلنا، فإذا كان عدم تنفيذ العقد
راجع لا إلى فعله الشخصي بل إلى فعل شيء، أي إلى تدخل إيجابي من شيء أفلت من
حراسته كان المدين مسؤولا مسؤولية عقدية، لكن لا عن فعله الشخصي بل عن فعل تسليم
المدين الشيء محل العقد للدائن: كأن يسلم البائع الآلة المبيعة للمشتري فتنفجر
الآلة في يد المشتري فتصيبه بضرر في نفسه أو في ماله، فيصبح البائع مسؤولا بمقتضى
التزامه العقدي من ضمان العيوب الخفية و ليس عن سوء استعمال المشتري لها، و لم
ينشأ هذا الضمان عن حالة سلبية للآلة المبيعة كوجود عيب فيها، بل عن حالة إيجابية
هي انفجار الآلة فيكون البائع مسؤولا مسؤولية عقدية لا عن فعله الشخصي بل عن فعل
شيء .
يكون المدين مسؤولا عن رد شيء محل العقد للدائن: كالمستأجر
يلتزم برد العين المؤجرة فيتدخل شيء آخر في حراسة المستأجر كمواد متفجرة يتسبب عنه
حريق العين المؤجرة، فيكون المستأجر مسؤولا مسؤولية عقدية عن فعل الشيء و هي
المواد المتفجرة .
يقوم المدين بتنفيذ العقد عن طريق استعماله شيئا فيؤذي هذا
الشيء الدائن: و يكون المدين مسؤولا عن سلامة الدائن بمقتضى العقد مثل ذلك: عقد
النقل ينفذه أمين النقل و لم ترد في القانون المدني الجزائري قواعد خاصة بمسؤولية
المدين العقدية عن فعل شيء في حراسته، و لما كان وجود الشيء في حراسة المدين، يجعل
فعله منسوبا إليه فإن فعل الشيء في هذه الحالة يعتبر فعلا شخصيا للمدين، فيكون
المدين مسؤولا عن فعل الشيء الذي في حراسته، و لكن أفلت زمامه من يده، أما إذا وجد
نص خاص في شأن المسؤولية عن فعل الشيء فيتعين الأخذ به كما هو الشأن فيما يتعلق
بالمادة 483 من القانون المدني المعدلة وفقا لقانون 07 -05 المؤرخ في 13 ماي 2007 التي تقرر ضمان المؤجر
للمستأجر العين المؤجرة بما يوجد فيها تحول دون الانتفاع بها ، و كذا المادة 379
من القانون المدني تجعل البائع ملزما بضمان العيوب الخفية في الشيء المبيع و لو لم
يكن عالما به و هي مسؤولية عقدية إثبات الخطأ العقدي .
سبق القول أن الخطأ العقدي هو عدم
تنفيذ الالتزام أو التأخر فيه، يتحمل الدائن الذي يطالب التعويض عن الضرر الذي
لحقه جراء خطأ المدين عبء إثبات عدم تنفيذ هذا المدين لالتزامه أو التأخر فيه،
فإذا كان الالتزام بتحقيق نتيجة فعلى الدائن إثبات عدم تحقق هذه النتيجة التي
استهدفها، أما إذا كان الالتزام ببذل عناية فعلى الدائن إثبات عدم بذل العناية، و
إثبات عدم التنفيذ في الحالة الأولى أيسر منه في الحالة الثانية
إن
مسؤولية ناقل المسافرين وفقا للمادة 62 من القانون التجاري تلقى على عاتقه التزام
بضمان سلامة المسافر و هو التزام بتحقيق غاية أو نتيجة .
المطلب الثانـــي: الضــــــــرر في المسؤوليــــــة العقديــــــــــة .
الضرر هو الركن الثاني للمسؤولية العقدية ، ذلك أن وقوع الخطأ لا يكفي وحده لقيامها و إنما يجب أن يترتب على هذا الخطأ ضرر يصيب الدائن حسب المادة 176 من القانون المدني الجزائري . تحديد المقصود بالضرر .
الضرر هو الأذى الذي يلحق شخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة ذات قيمة مالية أو أدبية، والضرر روح المسؤولية المدنية وعلتها التي تدور معها وجودا وعدما فلا مسؤولية مدنية دون ضرر مهما بلغت درجة جسامة الخطأ، والتعويض عن الضرر وفقا للمادة 176 ق م ج يكون عن عدم تنفيذ الالتزام وقد يكون عن التأخر في تنفيذه أنواع الضرر و شروطه .
أنــــواع الضــــرر: الضرر المادي : هو الذي يصيب الدائن في ماله أو جسمه، أي ذلك الأذى الذي يلحق به خسارة أو يفوّت عليه كسبا، والضرر المادي هو الذي يمكن تقويمه بنقود.ومثال ذلك الضرر الذي يصيب المؤجر من جراء التلف الذي أحدثه المستأجر في العين المؤجرة، أو الضرر الذي يلحق المسافر من إصابته في حادث أثناء الطريق مما يسبب له عجزا كليا أو جزيئيا في قدرته على العمل يشترط في الضرر أدبيا أو معنويا الشروط التالية:
أن يكون الضرر مباشرا و متوقعا: أي أنه يكون نتيجة طبيعية لعدم تنفيذ الالتزام أو التأخر فيه ، و هو يعتبر كذلك إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقا ببذل جهد معقول حسب المادة 182/1 من القانون المدني الجزائري، و لا يقصد بالضرر المتوقع ذلك الضرر الذي توقعه المدين فعلا وقت إبرام العقد، بل الضرر الذي يتوقعه وقت تعاقد الرجل العادي، و يرجع في ذلك إلى تقديره إلى معيار مجرد و ليس معيار ذاتي و مثال ذلك: ضياع حقيبة من الحقائب المشحونة عن طريق السكك الحديدية فالشركة هنا لا تسأل إلاّ عن القيمة المعقولة للحقيبة العادية أي “الضرر المتوقع” و لو كان داخل الحقيبة مجوهرات ثمينة هذا في حالة إذا لم يكشف و من هنا فإن المدين في الالتزامات العقدية، لا يسأل في القاعدة العامة إلا عن الضرر المباشر المتوقع عادة وقت العقد، تأسيسا على الإرادة المشتركة للمتعاقدين التي لم تقصد الالتزام إلا بما أمكنها توقعه وقت التعاقد و مع ذلك إذا كان إخلاله بالتزامه يرجـع إلى غشه أو خطئه الجسيم، يكون مسؤولا عن جميع الضرر المباشر المتوقع منه و غير المتوقع حسب المادة 182/2 من القانون المدني الجزائري .
أن يكون الضرر محققـــــا : سواء كان حالا أو مستقبلا أما إذا كان الضرر المستقبلي محتمل الوقوع فلا محل لطلب التعويض عنه في الحال بل يجب الانتظار حتى يتحقق، و يعتبر الضرر محققا ما فات الدائن من كسب و ما لحقته من خسارة .إثبات الضرر.إذا كان الدائن يطالب بالتنفيذ العيني، فإنه لا يطالب بالإثبات لأن عدم التنفيذ يؤدي إلى ثبوت الضرر حتما، أما إذا كان الدائن يطالب بالتنفيذ بمقابل التعويض فعليه في هذه الحالة أن يقيم الدليل على الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه أو من تأخيره في القيام بتنفيذ عمدي التعويض عن الضرر.
القاعدة العامة في التعويض هي أن الضرر المباشر المتوقع هو الذي يعوض عنه المسؤولية العقدية، فالضرر غير مباشر لا يعوض عنه مطلقا سواء في المسؤولية العقدية أو المسؤولية التقصيرية ، فالتعويض في المسؤوليتين يكون عن الضرر المباشر فقط، و سنرى ذلك عندما نتكلم عن المسؤولية التقصيرية ، أما في المسؤولية العقدية فالتعويض يكون عن الضرر المتوقع فقط إلا في حالة الغش والخطأ الجسيم كما سبق وأن أشرنا، مثال الضرر المتوقع: أن شركة الطيران في نقلها لحقيبة مسافر تتوقع بأن بها ملابس وحاجيات شخصية، فإذا ضاعت الحقيبة واتضح أنه كان بها مجوهرات أو مبالغ نقدية، فإن الشركة لا تكون مسؤولة عن كل قيمة ما كان بالحقيبة ، إذ أن معيار الضرر المتوقع هو معيار موضوعي لا ذاتي، فيعتد بالضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثــــل الظروف التي وجد بها المدين، والشخص المعتاد يتوقع ضياع الحقيبة، ولكن لا يتوقع أن يكون بها مجوهرات بل ملابس وحاجيات شخصية، وبالتالي يكون المدين قد توقع الضرر لا في سببه فقط بل وفي مقداره أيضا والأصل أنه في الضرر الحال يكون التعويض، أما إذا لم يقع الضرر أصلا فلا مجال للتعويض مثل: تأخر الراكب في الوصول قد لا ينجم عنه ضرر فلا يرجع الراكب بالتعويض على أمين النقل .
أما ضرر المستقبل : فهنا إذا كان الضرر محقق الوقوع في المستقبل مثل: مصنع يتعاقد على استزاد خامات يدخرها للمستقبل من الأيام، فيخل المورد بالتزامه نحوه، فالضرر هنا لا يلحق المصنع في الحال إذ عنده الخامات الكافية، ولكن يلحق به ضررا مستقبلا عندما ينفذ ما عنده ويصبح بحاجة إلى الجديد الذي تعاقد على استيراده، ولما كان هذا الضرر محقق الوقوع في المستقبل نستطيع تقدير التعويض عنه في الحال، فإن المصنع أن يرجع فورا بالتعويض على المورد، أما إذا كان الضرر المستقبل المحقق الوقوع لا نستطيع تقدير التعويض عنه في الحال ، إذ يتوقف مدى الضرر على عامل مجهول لم يعرف مثل الراكب الذي يصيب بحادث في أثناء النقل ولا تعرف مدى إصابته إلا بعد وقت قصير، فإذا رجع على أمين النقل بالتعويض وجب التربص حتى يعرف مدى الضرر ليتقاضى عنه تعويضا كافيا.
المطلب الثالث : العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر : و سنتطرق في هذا المطلب تحديد مقصود العلاقة السببية في الفرع الأول، إثبات العلاقة السببية في الفرع الثاني ثم نفي العلاقة السببية . تحديد مقصود العلاقة السببية: هذه علاقة السببية هي الركن الثالث في المسؤولية المدنية عموما فلا يكفي أن يقع خطأ من المدين، و أن يلحق ضرر بالدائن حتى تقوم المسؤولية العقدية بل لابد أن يكون هذا الخطأ هو السبب في هذا الضرر و هذا هو معنى العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر ، فالعلاقة السببية هي تلك الصلة التي تربط الضرر بالخطأ فتجعل الضرر نتيجة للخطأ، فإذا انعدمت هذه الرابطة انتقت المسؤولية لانعدام ركن من أركانها و من الأمثلة على ذلك أن يهمل المحامي في رفع الاستئناف حتى ينتهي ميعاده ، ثم يتبين أن الدعوى غير قابلة للاستئناف ففي هذه الحالة لا مسؤولية على المحامي و العلاقة السببية هنا هي مفترضة افتراض بسيطا قابلا الإثبات العكس إثبات العلاقة السببية يقع على الدائن عبء إثبات العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام (أو الخطأ العقدي)، و الضرر الذي لحقه، أما العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام و سلوك المدين، فهي مفترضة في نظر المشرع الذي يفترض أن الخطأ راجع إلى الضرر، و على المدين إذا كان يدعي عكس ذلك أن يقوم بنفي السببية بين عدم التنفيذ و سلوكه و في هذا المعنى تقرر المادة 176 من القانون المدني : <<إذا استحال المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذه التزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه >>فالمادة 176 لا تتعلق في الحقيقة إلا بركن الخطأ، و تفترض أن استحالة التنفيذ رجع إلى سلوك المدين و لا شأن لها على الإطلاق بعلاقة سببية بين الخطأ و الضرر الذي يظل إثباتها خاضعا لمبادئ العامة لا يستطيع المدين أن يدفع المسؤولية عنه إلا بقطع العلاقة السببية بين عدم تنفيذ الالتزام و سلوكه، و ذلك بإثبات السبب الأجنبي و يقصد به كل أمر غير منسوب إلى المدين أذى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن و السبب الأجنبي الذي جعل التنفيذ مستحيلا قد يكون قوة قاهرة أو حادث مفاجئا أو يكون فعل الدائن أو يكون فعل الغير .
خاتمـــــة :
يتمثل الخطأ في المسؤولية العقدية في الإخلال بالتزام عقدي أو التأخر في تنفيذه ، و يترتب عنه ضرر بالدائن فهناك علاقة سابقة بين الطرفين ، بالإضافة إلى أن قيام المسؤولية العقدية يستلزم شرط آخر و المتمثل في وجود عقد صحيح، إذ أنو إذا كان العقد منعدما أو باطل فلا مجال لقيام هذه المسؤولية أصال رغم ارتكاب الخطأ و ترتب عنه ضررا بالدائن .
البحـــث الثالـــــــــث : الإثــــــــراء بلا سبـــــب
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة
المبحـــــث الأول : أركان الإثراء بلا سبب
المطلب الأول: إثراء المديــــــن
المطلب الثاني: افتقار الدائــــــــن
المطلب الثالث: انعدام السبب القانوني لإثراء المدين
المبحــــث الثانـــــــي: أحكام الإثراء بلا سبب
المطلب الأول: دعوى الإثـــــراء
المطلب الثاني: التعويض عن الإثــــراء
خاتمـــــــــــــــــة
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :
نصت المادة 141 من القانون المدني الجزائري على أنه " كل من نال عن حسن نية من عمل الغير أو من شيء له منفعة ليس لها ما يبررها ، يلزم بتعويض من وقع الإثراء على حسابه بقدر ما استفاد من العمل أو الشيء "
المبحـــــث الأول : أركان الإثراء بلا سبب .
من خلال قراءة المادة 141 من ق م ج يتضح أن للإثراء بلا سبب ثلاثة أركان أولها هو إثراء المدين ، الثاني هو افتقار الدائن ، أما الركن الثالث فهو انعدام السبب القانوني لإثراء المدين .
المطلب الأول: إثــــــــراء المديــــــن .
إن مصدر التزام المدين هو الإثراء الذي حققه على حساب الشخص الآخر دون أن يكون له سبب قانوني يستند إليه ، ومن ثمة فإن إثراء المدين يعتبر ركنا من أركان الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الإلتزام ويترتب على عدم وجوده تخلف قيام الإلتزام في ذمة المدين ، والإثراء عبارة عن منفعة مادية أو أدبية لها قيمة مالية يحصل عليها المثرى أي المدين .
والإثراء قد يكون إيجابيا وذلك بإضافة قيمة مالية عن طريق اكتساب المدين حقا عينيا أو حقا شخصيا ؛ كأن يحصل شخص على مياه أو على نور بواسطة أنابيب خفية .
أو كأن يقوم الراسي عليه المزاد بتحسينات في العين التي رسا مزادها عليه ثم تنزع من يده وكذلك كأن يقوم المستأجر ببعض التحسينات في العين المؤجرة قبل فسخ عقد إيجاره .
والإثراء الإيجابي قد يتحقق لا عن طريق إضافة قيمة مالية لذمة المدين وإنما عن طريق تحقيق منفعة ، كما لو انتفع شخص بدار دون عقد إيجار أو إذا انتفع أحد الأشخاص بتصميم هندسي صممه أحد المهندسين .
ولكن يجوز أن يكون الإثراء سلبيا وذلك عن طريق إنقاص من ديون المدين كأن يقوم مستأجر بترميم الدار التي يسكنها على الرغم من أن هذا الترميم واجب على المؤجر .
وفي الأصل يجب أن الإثراء ماديا ولكن يجوز أن يكون الإثراء معنويا مادام يمكن تقديره بالمال ؛ كما لو علم أحد المدرسين تلميذا بصفة خاصة أو عالج طبيبا مريضا .
والإثراء يجب أن يكون مباشرا وذلك بانتقال هذا وذلك بانتقال هذا الإثراء من ذمة المفتقر إلى ذمة المثرى ويتم ذلك إما بفعل المفتقر كما لو قام المستأجر بالترميمات الواجبة على المؤجر وإما بفعل المثرى كما لو انتفع شخص بمنزل دون عقد إيجار .
ولكن يجوز أن يكون الإثراء غير مباشر ويتم ذلك نتيجة تدخل شخص أجنبي بنقل الإثراء من ذمة المفتقر إلى ذمة المثرى كأن يبني مقاولا منزلا بأدوات مملوكة لشخص آخر .
المطلب الثانـــــــي: افتقار الدائــــــــن .
يعتبر الركن الثاني للإثراء بلا سبب باعتباره سبب اغتناء وإثراء المدين ، وهذا يعني أنه لكي يتحقق الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الالتزام يجب أن تكون هناك علاقة بين إثراء المدين وافتقار الدائن ، وهذه العلاقة تسمى علاقة السببية ، فلو أن شخصا حصل على إثراء لم يقابله افتقار في جانب شخص آخر يؤدي ذلك إلى انعدام الإثراء بلا سبب وبالتالي انعدام الالتزام في ذمة المثرى المدين .
المطلب الثالث: انعدام السبب القانوني لإثراء المدين
يعتبر انعدام السبب لإثراء المدين الركن الثالث لإثراء المدين ، فلو كان الإثراء يستند إلى سبب قانوني فإن للشخص المثرى الحق في الاحتفاظ بثرائه وهذا هو ما عبرت عنه المادة 141 ق م ج بعبارة ليس لها ما يبررها .
وسبب افتقار المدين قد يكون تصرفا قانونيا أو حكم القانون ؛ فإذا كان بين المثرى والمفتقر عقد من العقود كأن يكون يشترط المؤجر على المستأجر تملك التحسينات التي يقوم بها المستأجر عند نهاية عقد الإيجار ، و أو إذا أمن شخص عن منزله من الحريق ثم احترق هذا المنزل فليس لشركة التأمين أن تعود على صاحب المنزل بالفرق بين قيمة الدار قبل انهياره بفعل الحريق وبعد إقامته لأن إثراء صاحب الدار سببه عقد التأمين ولم يثر بدون سبب .
وقد يكون سبب الإثراء حكم القانون كأن يحصل عن تعويض عن ضرر أصابه من جراء العمل غير المشروع الذي قام به أحد الأشخاص في حقه فإن الشخص الأخير لا يجوز مطالبته برد العين بعد اكتمال مدة التقادم على أساس أن ملكية المالك الجديدة سببها حكم القانون .
المبحــــث الثانـــــــي: أحكـــام الإثــــراء بلا سبــــــب
تقضي المادة 141 ق م جعلى أن المثرى يلتزم بتعويض المفتقر ، وهذا التعويض في الغالب يحصل عليه المفتقر عن طريق الدعوى ، ومنه فإن الحديث عن أحكام الإثراء بلا سبب يقتضي التطرق إلى دعوى الإثراء ثم عن التعويض .
المطلب الأول: دعوى الإثـــــراء : يعتبر المشرع الجزائري دعوى الإثراء بلا سبب دعوى أصلية وليست احتياطية ، ونذكر هنا بالركن الثالث من أركان الإثراء بلا سبب وهو إنعدام السبب القانوني للإثراء ، وإذا ما انعدم هذا السبب فلا يكون أمام المفتقر أي الدائن إلا المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه من افتقار ولا يكون ذلك إلا عن طريق الدعوى .
والمدعي في دعوى الإثراء هو الوحيد الذي يجوز له المطالبة بحقه في التعويض عن ما أصابه من افتقار ، ويجوز أن يقوم مقامه الخلف العام والخلف الخاص عن طريق حوالة الحق ، ولا تشترط الأهلية بالمدعي فيمكن أن يكون شخصا غير مميزا أو سفيه عن طريق النيابة .
أما المدعى عليه فهو الشخص الذي حقق إثراءا على حساب المفتقر بدون سبب قانوني وهو المسؤول عن دفع التعويض ويجوز أن يقوم مقامه الخلف العام والخلف الخاص ، كما لا يشترط فيه هو الآخر الأهلية لأنها لا تقوم على أساس الخطأ وإنما على أساس واقعة الإثراء .وفي حالة تعدد المدعى عليهم فإن المفتقر يجوز له الرجوع عليهم كلهم في حدود نصيب كل واحد في التعويض وليس على أساس التضامن ، والسبب في ذلك أن التضامن لا يفترض و إنما يكون بناءا على نص القانون .
تتقادم دعوى الإثراء بمرور عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض وإذا لم يعلم بذلك فإن الدعوى تسقط بمضي خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق وهو ما قررته المادة 142 ق م ج .
المطلب الثاني: التعويض عن الإثــــراء : ينشأ حق المفتقر بالتعويض عن واقعة الإثراء التي ترتب عليها الافتقار ، وهذا الحق ينشأ من وقت تحقق الإثراء ، وبالتالي فإن حكم القاضي بالتعويض ليس حكما منشئا وإنما حكما مقررا للحق .
أما بالنسبة لقيمة التعويض الذي يستحقه المفتقر فهو أنه يتوجب بأقل القيمتين قيمة الافتقار وقيمة الإثراء ، وهذا معناه أنه لا يجوز أن يزيد التعويض عن قيمة الخسارة التي لحقت بالمفتقر حتى ولو كان الإثراء الذي حققه المدين أكثر بكثير من الخسارة التي لحقت المفتقر لأننا لو قلنا بعكس ذلك فهذا يعني بأن المفتقر سوف يثرى على حساب الشخص المثرى .
ويجوز أن يكون الإثراء سلبيا كما لو دفع أحد الأشخاص دينا عن شخص آخر أو أتلف أغراضا له في سبيل إطفاء حريق منزل لجاره فإن الإثراء ههنا يقدر بقيمة النقص الذي حصل في ديون المثرى، وتقدر قيمته وقت حصوله لا وقت رفع الدعوى أو صدور الحكم .
البحـــث الرابــــــــع : الدفع غير المستحق وأعمال الفضالــــة
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة
المبحـــــث الأول : أركـــــان الدفع غير المستحق
المطلب الأول: أن يكون هناك وفاء
المطلب الثاني: إنعدام سبب الوفاء
المطلب الثالث: ألا يكون الوفاء قد وقع من شخص يعلم بأنه غير ملزم بهذا الوفاء .
المبحــــث الثانـــــــي: أحكام الدفع غير المستحق
المطلب الأول: المقدار الواجب رده للموفي
المطلب الثاني: سقوط دعوى استرداد غير المستحق
المبحـــــث الثالـــث : أعمال الفضالـــــــــــــــــــة
المطلب الأول: شروط قيام عمل الفضالــــــــة
المطلب الثاني: أحكام عمل الفضالــــــــــــــــة
المطلب الثالث: تقادم دعوى الفضالـــــــة
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :
قلنا بأن الإثراء بلا سبب مصدر من مصادر الإلتزام ، وقد نص القانون المدني الجزائري على تطبيقات كثيرة في نصوص قانونية مختلفة أهمها دفع غير المستحق وعمل الفضالة حيث اعتنى المشرع بتنظيمها ضمن الفصل الرابع الذي سماه بشبه العقود وهو ما قسمناه إلى مبحثين نخصص الأول للدفع غير المستحق أما الفصل الثاني فنخصصه لأعمال الفضالـــــة .
المبحـــــث الأول : أركـــــان الدفع غير المستحــــق .
تنص المادة 143 ق م ج على أن كل من تسلم سبيل الوفاء ماليس مستحقا له وجب عليه رده غير أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم بأنه غير ملزم بما دفعه ، إلا أن يكون ناقص الأهلية أو أن يكون قد أكره على هذا الوفاء .
كما تنص المادة 144 على أنه يصبح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه .
يتبين لنا من هذين النصين بأن أركان الدفع غير المستحق تتمثل في ثلاثة هي أن يكون هناك وفاء ، انعدام سبب هذا الوفاء ، و ألا يكون الوفاء قد وقع من شخص يعلم بأنه غير ملزم بالوفاء .
المطلب الأول: أن يكون هناك وفــــــــاء .
نقصد بالوفاء كل عمل من أعمال الوفاء يصدق عليه وصف التصرف القانوني وهذا هو المعنى الذي قصدته المادة 143 ، فالوفاء طبقا للمادة المذكورة قد يكون عاديا وذلك بدفع مبلغ من النقود بطريقة مباشرة ، وقد يكون عملا يعادل الوفاء كالإقرار الجديد بالدين أو بالمقاصة أو أن يكون وفاء بمقابل .
المطلب الثانـــــي: إنعــــدام سبب الوفــــــاء .
إن تخلف سبب الوفاء هو الذي يجعل الوفاء دفعا غير مستحق في ذمة الموفي وهو ما تعبر عنه المادة 144 ق م ج التي نصت على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه .
من خلال قراءة نص المادة 144 ق م ج يتضح أن انعدام سبب الوفاء قد يرجع إما لغدم تحقق السبب أو إلى زوال السبب بعد تحققه .
الفرع الأول : عدم تحقق السبب : يقع الوفاء دون أن يتحقق سببه بإحدى الصور الثلاث أولها هو عدم وجود الدين أصلا كأن يعتقد وارث بأن دينا متعلقا بالتركة لأحد الأشخاص ، ثم يتضح بعد ذلك دفعه وأنه لا وجود لهذا الدين أصلا ، أو كأن يدفع شخص تعويضا عن ضرر يعتقد بأنه هو المسؤول عنه ثم يتبين بأنه ليس هو المسؤول عن ذلك ، الصورة الثانية إذا كان الدين على أمل استحقاقه ولكنه لم يستحق بعد وهذه الحالة تتعلق بالديون المحتمل وجودها والتي على أمل استحقاقها ولكنها لم تستحق بعد ، أما الصورة الثالثة فهي إذا كان الدين قد استحق ولكنه انقضى قبل الوفاء به كأن يوفي الوارث بدين يعتقد بأن مورثه مات مدينا به ثم يعثر بعد ذلك على مخالصة تثبت بأن المورث قد قام بالوفاء قبل موته أو أنه انقضى بالمقاصة أو الإبراء .
الفرع الثاني : زوال السبب بعد تحققه : و تتمثل الصورة هذه في أن الدين الذي حصل الوفاء به كان مستحقا وقت الوفاء ، لكنه أصبح غير مستحق بعد الوفاء ، وأبرز مثال لهذه الصورة هي الدين المعلق على شرط فاسخ كأن يشتري شخص شيئا معلقا على شرط فاسخ ويدفع الثمن ثم يتحقق الشرط الفاسخ ففي هذه الحالة يزول سبب التزام المشتري بدفع الثمن أي يزول سبب الوفاء وكذلك في حالة إبطال العقد فيزول سبب دفع الثمن .
المطلب الثالث: ألا يكون الوفاء قد وقع من شخص يعلم بأنه غير ملزم بهذا الوفاء .
وهو الشرط الذي نصت عنه المادة 143 ق م ج بقولها غير أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم بأنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون ناقص الأهلية أو يكون قد أكره على هذا الوفاء .
وهذا الشرط يقوم على أساس أن الموفي لا يعلم بأمه غير ملزم بالوفاء للموفي ، أما إذا ثبت العكس فلا يجوز للموفي أن يسترد ما أوفاه على أساس افتراض قانوني يقوم لصالح الموفى له مضمون هذا الافتراض أن الوفاء له سبب قانوني ، لكن هذا الافتراض ليس افتراضا قاطعا بمعنى أنه يجوز إثبات عكسه ؛ وذلك بأن يثبت الموفي أنه كان وقت الوفاء ناقص الأهلية أو كان مكرها على هذا الوفاء .
المبحــــث الثانـــــــي: أحكام الدفع غير المستحق .
إذا توافرت الشروط الثلاثة كان للموفي أن يسترد ما دفعه لأنه دفع غير مستحق ، ونسمي الدعوى التي يرفعها الموفي في هذه الحالة دعوى استرداد غير المستحق ، لكن نتساءل ماهو المقدار الذي يجب رده للموفي ومتى تسقط دعوى استرداد غير المستحق .
المطلب الأول : المقدار الواجب رده للموفي الدائن : يختلف المقدار الواجب رده للموفي حسب ما إذا كان الموفى له وقت الوفاء حسن النية أو سيء النية فلا ، فإذا من تسلم غير المستحق حسن النية فلا يلزم بأن يرد إلا ما تسلم ، أما إذا كان سيء النية فإنه يلتزم أيضا برد الأرباح التي جناها أو التي قصر في جنيها من الشيء الذي تسلمه بغير حق وذلك من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية ، وبرد الثمرات من يوم رفع الدعوى .
وفي حالة هلاك الشيء في يد الموفى له سيء النية أو تلفه فإنه يكون مسؤولا عن هذا الهلاك أو هذا التلف ولو كان ذلك ناتجا عن حادث مفاجئ ، ولا يستطيع الموفى له التخلص من مسؤوليته إلا إذا أثبت بأن الشيء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيا في يد الموفي .
وإذا خرج الشيء من يد الموفى له إلى شخص آخر يكون للموفي أن يرجع على الموفى له بدعوى استرداد غير المستحق وعلى الغير بدعوى الاستحقاق .
وإذا كان الموفى له ناقص أهلية فإنه لا يكون ملزما إلا بالقدر الذي أثري به أي بالقدر الذي حقق منه فائدة كأن يدفعه أجرة لسكن أو يدفعه طعاما أو يسدد به دينا له ، أما إذا أنفقه في لهو أو قمار وما شابه فإنه لا يلتزم برده .
المطلب الثاني : سقوط دعوى استرداد غير المستحق : تسقط دعوى استرداد غير المستحق لسببين هما تجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو من التأمينات أو تركه دعواه تسقط بالتقادم ، أما السبب الثاني فهو تقادم الدعوى .
الفرع الأول : تجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو من التأمينات أو تركه دعواه تسقط بالتقادم : وهو ما نصت عنه المادة 146 ق م ج وفي هذه الحالة يلتزم بتعويض الغير الذي قام بهذا الوفاء كأن يهمل المحافظة على سند الدين أو يتجرد من التأمينات التي تضمن هذا الدين ، أو يترك دعواه تجاه المدين تسقط بالتقادم وسبب سقوط حق الموفي بالرجوع على الموفى له بدعوى استرداد غير المستحق هو تجرد الدائن من سلاحه ضد المدين وهو حسن النية وبالتالي لا ينسب للدائن تقصير أما الموفي فقد دفع عن غلط فهو مقصر .
ولكن هذا لا يعني أن سقوط دعوى الاسترداد في هذه الحالة تعني الموفي لا يستطيع الرجوع مطلقا بالدين الذي دفعه وإنما هذا مقتصر على الموفى له فقط أما بالنسبة للمدين الحقيقي والذي أوفى عنه فيستطيع الرجوع عنه بدعوى الإثراء بلا سبب .
الفرع الثانـــي : تقادم الدعوى : وهو ما أكدت عنه المادة 149 ق م ج بما مفاده بأن أن دعوى استرداد غير المستحق تسقط بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد ، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال الأخرى بانقضاء خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.
المبحـــــث الثالــــــــث : أعمـــال الفضالـــــــــــــــــة .
يمكن أن نعرف عمل الفضالة وفقا لما نصت عنه المادة 150 قانون مدني جزائري بأنها الحالة التي يتولى فيها أحد الأشخاص عن قصد القيام بشأن ضروري لحساب شخص آخر دون أن يكون ملزما بالقيام بهذا العمل .
والأمثلة عن أعمال الفضالة متعددة مثالها قيام أحد الأشخاص ببناء جدار جاره يوشك أن يسقط ، أو كأن يسعف إبن جاره من إصابة بليغــــــة .
والفضالة تتضمن في الحقيقة تدخلا في شؤون الغير لكنها في نفس الوقت لا تجعل الشخص متطفلا بل متفضلا ، لأن قصد الفضولي أساسا هو تحقيق منفعة الغير وهذا شرط أساسي لقيام عمل الفضالة .
تتشابه الفضالة مع الوكالة على أساس أن كلا منهما مصدر للنيابة ولكن مع ذلك تختلف الفضالة عن الوكالة ، في أن الأولى تختلف عن الثانية من حيث حرية الاختيار ذلك أن الوكيل يختار موكله ويكلفه بالعمل الذي يريد القيام به ، في حين لا نجد ذلك في الفضالـــــة .
تختلف الفضالة عن الإثراء بلا سبب في أن الفضولي عندما يفتقر فإنه يفعل ذلك طوعا منه بقصد خدمة رب العمل ، بينما في الإثراء بلا سبب فالمفتقر يقوم بالعمل دون أن يقوم دون أن يطلب منه قصدا لتحقيق منفعة الغير ، ويترتب عن ذلك أن المفتقر لا يستطيع أن يحصل يتجاوز الإثراء بينما يلتزم رب العمل حتى ولو لم تتحقق النتيجة التي قصد تحقيقها بعمله بتنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها و النفقات الضرورية النافعـــــــة .
المطلب الأول: شروط قيام عمل الفضالــــــــة .
يقوم عمل الفضالة بتوافر ثلاثة شروط هي :
- قيام الفضولي بشأن عاجل لرب العمل .
- قصد الفضولي في أن يعمل لرب العمل .
- أن لا يكون الفضولي ملتزما بالقيام بالعمل الذي قام به .
الفرع الأول : قيام الفضولي بشأن عاجل لرب العمل : وهو ما يمثل الركن المادي للفضالة وهذا العمل قد يكون تصرفا قانونيا وقد يكون عملا ماديا وسواءا كان هذا العمل الذي قام به الفضولي تصرفا قانونيا أو عملا ماديا فيجب أن يكون عملا عاجلا .
فيكون عمل الفضولي عملا ماديا إذا قام الفضولي بعمل مادي لحساب رب العمل ، لكن هذا العمل قد يكون عملا ماديا بالنسبة لرب العمل فقط دون الفضولي الذي يعتبر بالنسبة له تصرفا قانونيا في هذه الحالة .
وقد يكون عمل الفضولي ماديا في ذاته كأن يطفئ حريقا اشتعل في منزل رب العمل أو يجني محصولا لرب العمل يخشى تلفه إذا لم يجن عاجلا .
وقد يكون عمل الفضولي تصرفا قانونيا في الحالة التي يتجاوز الوكيل حدود وكالته سواءا أكان عالما بذلك أم لا فإن الوكيل يعد فضوليا فيما تجاوز حدود وكالته ، وإذا استمرار الوكيل في عمله الموكل به بعد انتهاء الوكالة بعلمه أو بغير علمه فإنه يعتبر فضوليا فيما يخص هذا التجاوز بعد انتهاء عقد الوكالة .
وأيا كانت طبيعة هذا العمل الفضولي فإن ما يشترط فيه هو أن يكون من الشؤون العاجلة لرب العمل لا تحتمل التأخر بأن تكون ضرورية أي مستعجلة .
الفرع الثانـــــي : قصد الفضولي في أن يعمل لرب العمل : وهذا ما يميز الفضالة عن الإثراء بلا سبب بحيث يجب لقيام عمل الفضالة أن تتجه إرادة الفضولي بالعمل لمصلحة رب العمل ، أما إذا اتجهت إرادته لمصلحته الشخصية وهو يقوم في نفس الوقت بالعمل لمصلحة غيره كالمستأجر الذي يقوم بتحسينات في العين المؤجرة فإنه في الوقت الذي يعمل لمصلحة المؤجر يحقق لنفسه انتفاعا أحسن من العين المؤجرة .
الفــرع الثالــــــث : أن لا يكون الفضولي ملتزما بالقيام بالعمل الذي قام به : وهذا الشرط هو الذي عبرت عنه المادة 150 ق م ج بقولها بأنه دون أن يكون ملزما بذلك ، ومن ثمة فإن الشخص الذي يكون ملزما بالقيام بالعمل لمصلحة غيره لأي سبب كان لا يمكن اعتباره فضوليا ، وفي العادة لا يكون صاحب العمل على علم بقيام الفضولي بعمل لحسابه ، أما إذا حصل علم له بذلك فإنه يعتبر ههنا وكيلا في هذا العمل وتسري عنه قواعد الوكالة طبقا لنص المادة 152 ق م ج .
المطلــــب الثانــــي: أحكام عمل الفضالـــــــة .
نناقش في هذه الأحكام التزامات كل من الفضولي ، والتزامات رب العمل تجاه كل منهما تجاه الآخر ، وأثر موت أحدهما في التزامات الفضالـــــة .
الفرع الأول : التزامات الفضولي تجاه رب العمل : إن من أهم التزامات الفضولي تجاه رب العمل هو استمراره في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل القيام به ، وهذا الالتزام يقع على ذمة الفضولي مادام رب العمل ليس قادر على إتمامه ، أما إذا أصبح رب العمل قادر على تكملته فإن التزام الفضولي هذا الالتزام يسقط ، أما إذا كان العمل الذي قام به الفضولي يعرضه لخطر جسيم جاز له أن يتخلى عن العمل ، أما الالتزام الثاني فهو إخطار رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك وهو ما نصت عنه المادة 153 ق م ج كي يتيسر على رب العمل مباشرة عمله بنفسه لأن مباشرة رب العمل لشؤونه ليست واجبة عنه فقط وإنما يعتبر حقا من حقوقه وليس على الفضولي مع ذلك أن يبذل جهدا غير معتاد في إخطار رب العمل ،و عليه أن ينتهز أول فرصة لذلك حسب ما تسمح به الظروف ، أما الالتزام الثالث فهو أنه يجب على الفضولي أن يبذل عناية الرجل العادي تجاه رب العمل وإلا كان مسؤولا عن الخطأ الذي قد يرتكبه ،وهذا الخطأهو ليس خطئا عقديا ولا خطئا تقصيريا حسب الفقهاء ، وفي حالة ما إذا قام بالعمل أكثر من شخص بالقيام بعمل واحد لحساب شخص آخر اعتبر كل واحد منهم فضوليا ويسألون في مواجهة رب العمل مسؤولية تضامنية بما قررته المادة 154 بما مفاده وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسؤولية .
الفرع الثاني : التزامات رب العمل تجاه الفضولي : أهم التزامات رب العمل تجاه الفضولي هو تنفيذ التعهدات التي ابرمها الفضولي نيابة عن رب العمل وهو ما أكدته المادة 157 بما مفاده أن يعتبر كنائب عنه وأن ما قام به الفضولي يلتزم به رب العمل فإذا قام بأي تصرف قانوني فإن جميع الآثار المترتبة عنه تعود لرب العمل ويصبح الدائن بالحقوق والمدين بالالتزامات ، الالتزام الثاني هو تعويض التعهدات التي عقدها باسمه الشخصي لمصلحة رب العمل وهو في هذه الحالة لا يعد نائبا عن رب العمل ، ويظل مسؤولا تجاه الغير بتنفيذ التزاماته العقدية ، وإذا قام هو بتنفيذ التزاماته لمصلحة رب العمل وجب على هذا الأخير تعويضه عن ذلك ، الالتزام الثالث هو رد النفقات الضرورية والنافعة ودفع الأجور بحيث إذا قام الفضولي بأعمال لمصلحة رب العمل وكلفه ذلك عدة نفقات و أجورا عمال استخدمهم في تنفيذ التزامه وكان هذا العمل لا يدخل في صميم فنه ، التزم رب العمل بتعويضه عن كل ذلك سواءا كانت أجور أو نفقات أخرى تجاه الغير .وإذا ما أصابه ضرر أثناء قيامه بالعمل وكان ذلك ليس بخطأ منه ودونما إمكانية منه في توقي هذا الضرر فإن رب العمل ههنا يلتزم بتعويض الفضولي عما لحقه من ضرر .
الفرع الثالث :أثر موت الفضولي أو رب العمل في التزامات الفضالـــــة .حسب نص المادة 156 ق م ج فإنه إذا مات الفضولي التزم ورثته بما يلتزم به ورثة الوكيل طبقا لأحكام المادة 589 ، وإذا مات رب العمل بقي الفضولي ملتزما نحو الورثة بما كان ملزما به نحو مورثهم ، فهنا على ورثة الفضولي إذا مات مورثهم وجب عليهم أن يعلموا رب العمل بوفاة مورثهم إذا كانوا على علم بالوكالة وعليهم أن يتموا ما بدأه مورثهم إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه .
المطلب الثالــــــث: تقادم دعــــوى الفضالـــــــة .
نصت المادة 159 ق م ج على أنه تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه ، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال الأخرى بانقضاء خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق ، فهنا نجد بأن كل من دعوى الفضولي تجاه رب العمل و العكس أي دعوى رب العمل تجاه الفضولي تسقط بمضي عشر سنوات من اليوم ينشأ فيه حق كل واحد منهما تجاه الآخر ، وتسقط في جميع الأحوال الأخرى غير ذلك بانقضاء خمسة عشره سنة من تاريخ نشوء الحق وهو التقادم العام لجميع الحقوق .
البحث الخامـــــــس : المسؤوليــــــة التقصيريــــــــة
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة
المبحـــــث الأول: مفهوم المسؤولية التقصيرية
المطلب الأول: تعريف المسؤولية التقصيرية
المطلب الثاني: التمييز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيريــة
المبحث الثانــــــي: أركان المسؤولية التقصيرية
المطلب الأول: الخطأ التقصيـــــري
المطلب الثاني: الضـــــــــــــرر
المطلب الثالث:علاقة السببيـــــــــــــة
خاتمـــــــــــــــــة
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :
قد يحدث الإنسان ضررا لشخص آخر نتيجة تقصير منه ، كأن يتلف مالا لأحد الأشخاص فإنه يكون مسؤولا عما يحدثه من أضرار في مواجهة الشخص المضرور عن طريق تعويض هذا الضرر ، ويستوي في ذلك أن يكون أن يكون الفعل الضار قد صدر من الشخص عن عمد أو غير عمد ، وهذه الحالة ما يعبر عنها بالمسؤولية عن الأعمال الشخصية لكن قد يسأل كذلك عن الأفعال الضارة من الأشخاص الذين تربطهم به رابطة تبعية كالقصر وذوي العاهات فيطلق على هذه الحالات فيطلق على هذه الحالة بالمسؤولية عن فعل الغير .
المبحـــــث الأول: مفهوم المسؤولية التقصيريـــة .
رأينا من قبل أن المسؤولية العقدية تنشأ عند إخلال أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه العقدي فالمسؤولية العقدية أساسها الإخلال بالتزام عقدي ينشأ عن عقد رابط بين المتعاقدين أما المسؤولية التقصيرية فهي تنشأ عند الإخلال بالتزام قانوني لا يتغير هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير فالمسؤولية التقصيرية أساسها ارتكاب فعل يمثل إخلالا بالتزام قانوني دون أن يرتبط الدائن والمدين برابطة معينة .
المطلب الأول: تعريف المسؤولية التقصيريـــــة .
تنص المادة 124 المعدلة بالأمر 05/10 ق م ج على أنه كل عمل أيا كان يرتكبه المرء بخطئه ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض .
من خلال قراءة المادة المذكورة نجد بأن المسؤولية التقصيرية تتعلق بالإخلال بالالتزام القانوني أيا كان نوعه ، وهو الإلتزام بعدم الإضرار بالغير ، فأساسها هو ارتكاب فعل يمثل إخلالا بالتزام قانوني بالرغم من عدم وجود رابطة تعاقدية بينهما .
المطلب الثانـــــي: التمييز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيريــة .
من خلال تعريف المسؤولية التقصيرية نرى بأنه تتميز عن المسؤولية العقدية التي عرفناها من قبل من عدة جوانب أهمها :
- الأهلية : في المسؤولية العقدية يشترط في جل العقود أن يكون المتعاقد راشدا ، بينما في المسؤولية التقصيرية فتكفي أهلية التمييز بين المدعي والمدعى عليه .
- الإثبات : في المسؤولية العقدية يتحمل المدين عبء إثبات أنه قام بالتزامه العقدي بعد أن يقيم الدائن الدليل على وجود العقد الذي يربطه بالمدين ، أما في المسؤولية التقصيرية فالدائن هو الذي يقع عليه عبء إثبات أن المدين قد ارتكب عملا غير مشروع وبالتالي خرق التزامه القانوني بعدم الإضرار بالغير .
- الإعذار : في المسؤولية العقدية يشترط إعذار المدين لتحمل المسؤولية إلا في حالات استثنائية ، أما في المسؤولية التقصيرية فلا تلتزم أحكامها الإعذار .
- التضامن : في المسؤولية العقدية لا يثبت بين المدينين إلا بالاتفاق وبالتالي لا يجوز افتراضه مالم يتفق على وجوده ، أما التضامن في المسؤولية التقصيرية فيعتبر ثابتا بحكم القانون أي مفترضا .
- الإعفاء الإتفاقي من المسؤولية : في المسؤولية العقدية يجوز للمتعاقدين الاتفاق بوجه عام على الإعفاء من المسؤولية ، بينما لا يجوز ذلك في المسؤولية التقصيرية في أي حال من الأحوال .
وإذا ترتب على الإخلال بتنفيذ التزام نوعي المسؤوليتين العقدية و التقصيرية ، فيجمع الفقهاء على أنه لا يجوز الجمع بين المسؤوليتين في آن واحد حيث لا يجوز التعويض عن الضرر الذي وقع مرتين ، وما على الدائن إلا أن يتخير إحداهما للحصول على التعويض .
المبحــث الثانــــي: أركان المسؤولية التقصيريــــــة .
أركان المسؤولية التقصيرية ثلاثة هي الخطأ العقدي والضرر وعلاقة السببية بينهما وهو ما نفصله تباعا .
المطلب الأول: الخطأ التقصيـــــري .
تعددت الآراء بصدد تحديد الخطأ الذي يوجب المسؤولية على من ارتكبه ، ويمكن تعريف الخطأ التقصيري عموما بأنه كل عمل يقوم به الإنسان وهو مدرك تمام الإدراك بأنه يضر الغير ، فالإنسان يلتزم نحو غيره بعدم الإقدام على كل عمل من شأنه أن يوقع بالغير الضرر ومصدر هذا الالتزام بطبيعة الحال هو القانون ولا أهمية لكون العمل الذي ارتكبه الإنسان كان بقصد أو بغير قصد ، لأن في كل الحالات يدرك الإنسان التي تترتب عن عمله .
فالعمل الذي يرتكبه الإنسان ويسب ضررا للغير إما يصدر منه بقصد الإضرار وهذا ما يسمى بالجريمة المدنية ، كما قد يصدر منه بغير قصد أي نتيجة إهمال أو تقصير وهو ما يسمى بشبه الجريمة المدنية ، ولكن متى يعتبر الخطأ الذي صدر من الإنسان تجاوزا عن السلوك القانوني ؟
تقتضي الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا وضع معيار نميز من خلاله تصرفات الشخص التي يقوم بها فيما إذا كانت تمثل إخلالا بالتزام قانوني أم لا ، لكن هذا المعيار قد يكون إما معيارا ذاتيا أو معيارا موضوعيا .
فلو أخذنا بالمعيار الذاتي فإنه يجب علينا أن نضع عدة اعتبارات ونحن نحدد سلوك الشخص فيما إذا كان يمثل إخلالا بالتزام قانوني أم لا منها سن الشخص وحالته الاجتماعية وجنسه وهذا يعني يجب عند محاسبة الشخص عن أعماله أن ننظر إلى تقدير هذا الشخص للعمل ، بمعنى أنه لا يمكن اعتبار الشخص مرتكبا للعمل إلا إذا أحس هو بأنه ارتكب مثل هذا العمل .
أما إذا أخذنا بالمعيار الموضوعي فيجب أن لا نضع في اعتبارنا سن الشخص وجنسه وحالته الاجتماعية ، بل يجب مقارنة سلوك هذا الشخص بسلوك الأشخاص الآخرين الذين يتعامل معهم و يعايشهم ، وبالتالي يجب نعتبر العمل تعديا إذا كان الشخص العادي لا يقوم به إذا توافرت له نفس الظروف التي كان فيها الشخص مسؤولا .
وفي رأينا أنه يجب الأخذ بالمعيار الموضوعي لأن هذا الالتزام فرضه القانون على كل شخص ، ولا يقوم على اعتبارات خفية وإنما على اعتبارات واضحة معلومة ، فيكون الخطأ التقصيري ظاهرة واضحة ومعلومة لكل الأشخاص لا تخضع لتقدير أهواء كل شخص وتقديراته .
يقع إثبات الخطأ التقصيري على الشخص المضرور ، وهذا بإقامة الدليل بأن الشخص المطالب قد انحرف سلوكه عن سلوك الرجل العادي لتقوم المسؤولية في ذمته ، إلا إذا أقام المدين الدليل بأن عمل الخطأ قد تم ارتكابه في إحدى الحالات التالية :
حالة الدفاع الشرعي : فقد نصت المادة 182 ق م ج على أنه كل من أحدث ضررا وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو عن ماله أو عن نفس الغير أو عن ماله ، كان غير مسؤول على ألا يجاوز القدر الضروري وعند الاقتضاء يلتزم بتعويض يحدده القاضي .
فمن قراءة هذه المادة نرى بأن الدفاع الشرعي يصبح مشروعا إذا ارتكبه الفرد دفاعا عن نفسه أو عن ماله أن عن نفس الغير لكن يجب أن تتوافر شروط لذلك وهي أن يكون هناك خطر وشيك يخشى وقوعه يهدد الشخص في نفسه أو ماله و أن يكون دفع الاعتداء بالقدر اللازم دون مجاوزة .
حالة تنفيذ أمر صادر من الرئيس : وهو ما تضمنته المادة 129 ق م ج على أن لا يكون الموظفون والعمال العامون مسؤولون شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رؤسائهم متى كانت طاعة هذه الأوامر واجبة عنهم .
من قراءة هذه المادة تتعرض لمسؤولية الموظف في حالة صدور أمر له من رئيسه المباشر بحيث يعفى من هذه المسؤولية إذا أثبت الموظف بأن هذا الأمر يدخل في إطار الطاعة الوظيفية لرئيسه وأنه هو المكلف بتنفيذه قانونا .
حالة الضــــرورة : وهي محتوى المادة 130 ق م ج بمعنى أن من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره فإنه لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا ، ولكي يستفيد من كان في حالة ضرورة يجب توافر ثلاثة شروط وهي أن يكون الشخص مهددا بخطر حال في نفسه أو ماله وأن يكون مصدر هذا الخطر سببا أجنبيا لا يرجع إلى الشخص المضرور وأن يكون الخطر المراد تفاديه أشد بكثير من الضرر الذي وقع له .
المطلب الثانـــــي: الضـــــــــــــرر .
الضرر هو الركن الذي يتطلب وجوده لقيام المسؤولية التقصيرية ، فلا يكفي لقيام المسؤولية التقصيرية وجود الخطأ فقط وإنما يجب أن يتسبب في إلحاق ضرر يصيب أحد الأشخاص في جسمه أو ماله وهو ما يسمى بالضرر المادي ، أما إذا وقع ضرر يصيب عاطفة الشخص أو شعوره فيسمى الضرر أدبيا أو معنويا .
والضرر المادي هو الأكثر شيوعا ووقوعا يتضمن الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور فعندما يقع تعد على حياة شخص ما يحصل إخلال بمصلحة ذات قيمة مالية كأن يصاب شخص في أحد أعضاء جسمه أو يخرب منزله أو تحرق سيارته .
ما يشترط في الضرر المباشر هو أن يكون محققا وليس محتملا أي بأن يكون قد وقع فعلا أو أنه سيقع على وجه التأكيد ، فإذا كان محتمل الوقوع فلا يمكن التعويض عنه إلا بعد وقوعه .
أما الضرر المعنوي أي الأدبي فهو الذي يتعلق بمصلحة غير مالية للمضرور ، ويتعلق بالمساس بسمعة الشخص وشرفه و بالاعتداء على كرامة الإنسان بالإدعاءات والأقاويل الكاذبة والافتراءات ، كما أن اختطاف طفل من والديه ، والاعتداء على والدي شخص ما لا شك بأنه سيلحق به ضرر أدبي .
وقد اختلف الفقه حول قابلية الضرر الأدبي للتعويض فمنهم من رأى جواز التعويض عن الضرر الأدبي وهو حال القانون الفرنسي ومن قبله القانون الروماني ، أما القانون والفقه المصري فهو كذلك ساير ما وصل إليه القانون الفرنسي ، أما القانون المدني الجزائري فقبل تعديل سنة 2005 وهو القانون 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 لم يرد فيه نص يجيز صراحة ولا يمنع التعويض عن الأضرار الأدبية ، أما بعد التعديل المذكور .................
المطلب الثالـــــث:علاقة السببيــــــة بين الخطأ والضــــــــــــرر .
علاقة السببية هي الركن الثالث من أركان المسؤولية التقصيرية وهي تقضي بوجود علاقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه الشخص المسؤول وبين الضرر الذي وقع بالشخص المضرور ، وبالتالي لا يكون الشخص مسؤولا عما ارتكبه من أفعال إذا أثبت بأن الضرر الذي وقع بالمدعي ناتج عن سبب أجنبي لا علاقة له به ، ومنه تنتفي علاقة السببية بين الضرر الواقع للمضرور وبين الخطأ أي الفعل الصادر عن المدعى عليه .
لقد نصت المادة 127 ق م ج على أنه إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ صدر من المضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر مالم يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك .
فتعليقا على هذا النص نجد بأن هناك عدة أسباب تنفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر وهذه الأسباب تتمثل بالقوة القاهرة والحادث المفاجئ وكذلك خطأ المضرور وخطأ الغير ، وهو الشيء الذي ينبغي تفصيله كالآتي :
يرى جمهور الفقهاء إلى أنه لا فرق بين القوة القاهرة والسبب الأجنبي فهما يجمعان بين خاصيتين هما عدم التوقع واستحالة الدفع ، وما يفرق بينهما هو هو أن القوة القاهرة تعتبر حادثا خارجيا عن الشيء الذي تتحقق به المسؤولية الفيضانات والزلازل وهي عامة ، أما الحادث الفجائي فهو حادث داخلي كانفجار آلة أو وقوع حادث للشخص فهو خاص به .
يعطي القانون للحادث الفجائي نفس حكم القوة القاهرة من حيث أنه ينفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر كما أنه يشترط لهما نفس الشرطين وهما عدم إمكان التوقع واستحالة الدفع ؛ ويكون عدم إمكان التوقع وقت وقوع الفعل الضار أما استحالة الدفع فيقصد به أن يكون هذا مستحيلا استحالة مطلقة فإذا كان بالإمكان دفع أي منهما لم يصبحا صالحين لنفي علاقة السببية .
نقصدبخطأ المضرور أن يكون الشخص الذي وقع به الضرر هو المتسبب بنفسه في إيقاع الأضرار الحاصلة للمدعي ، ويقاس تقدير هذا الخطأ بمعيار الرجل العادي ، ويستطيع المدعي أن يتمسك بخطأ المدعى عليه أي المضرور تجاهه هو بل وحتى تجاه ورثته بعد وفاته ، لكن إذا وقع من الطرفين كلاهما خطأ فيجب التمييز بين من هو من الخطأين يستغرق الآخر أو أن خطأ كل طرف مستقل عن الآخر ، أما إذا تبين أن المدعي أي المتضرر هو الذي ألحق الضرر بنفسه فلا تقام أية مسؤولية تجاه المدعى عليه وهذا بسبب نفي علاقة السببية بين الضرر الحاصل للمدعي المتضرر وبين الخطأ الصادر عن المدين .
أما خطأ الغير فنقصد به وفقا لماجاء في نص المادة 127 ق م ج الخطأ الصادر عن أشخاص آخرين غير المدعي والمدعى عليه ولا حتى الأشخاص الذين هم تحت كفالة أو مسؤولية المدعى عليه ، وإذا ما ثبت لمحكمة الموضوع بأن خطأ الغير ما كان يمكن أن يقع إلا بخطأ المدين فهنا يتحمل المسؤولية ، أما إذا كان خطأ الغير يستغرق خطأ المدعى عليه فهنا يتحمل المسؤولية هذا الأخير أي الغير ، أما إذا ظهر للقاضي التساوي بين الأخطاء بين الأطراف فإنه يوزع المسؤولية بينهم على حسب مساهمة كل طرف في إلحاق الضرر .
البحـــــث الســـادس : آثــــــــــــــار المسؤوليـــــــة المدنيــــــــــة
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة
المبحـــــث الأول: دعوى المسؤوليـــــــــــة
المطلب الأول: المدعــــــــــــــــــــــــــــي
المطلب الثاني: المدعـــــــى عليـــــــــــــه
المطلب الثالث: الطلبــــات و الدفـــــــــــوع
المطلب الرابـــــع: عمليـــــــــــة الإثبـــــــات
المبحث الثانـــــــي: التعويـــض المدنــــــــــي
المطلب الأول: التعــــويض النقــــــــدي
المطلب الثاني: التعــــويض غيــــــر النقــــــــدي
المطلب الثالث:التعــــويض العينــــــــــــــــي
المطلب الرابـــــع: تقديـــر قيمة التعويــــض
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :
قد لا يقر الفرد المسؤول عن الضرر المترتب عن الخطأ الذي وقع منه ، فيضطر الشخص المضرور لرفع دعوى أمام القضاء مطالبا فيها الحكم له بالتعويض المستحق ، ومنه فإن الحكم بالتعويض يمثل الجزاء الذي قرره القانون لما يترتب عن الفعل الضار من أضرار .
تقتضي دراسة دعوى المسؤولية المدنية التطرق إلى تحديد مفهوم كل من المدعي والمدعى عليه ثم الطلبات التي يقدم بها المدعي و الدفوع التي يرد بها المدعى عليه ، ثم التطرق إلى صور التعويض وكيفية تقديـــره .
المبحـــــث الأول: دعوى المسؤوليـــــــــــة .
يجدر بنا عند الحديث عن دعوى المسؤولية التعرف على المدعي والمدعى عليه ، ثم تحديد مفهوم الطلبات والدفوع وأنواعهما .
المطلب الأول: المدعــــــــــــــــــــــــــــي :إن المدعي هو الشخص الذي لحق به الضرر والذي يحق له المطالبة بالتعويض عما لحقته من أضرار ، ويمكن لنائب المدعي المطالبة بهذا الحق نيابة عنه .
كما يمكن للخلف العام أي الورثة االمطالبة بهذا الحق بعد وفاة مورثهم ، ويمكن أيضا للخلف الخاص إذا أحيل لهم هذا الحق هذا بالنسبة للضرر المادي ، أما بالنسبة للضرر الأدبي فلا يمكن توريثه إلا إذا كان المدعي قد طالب به خلال حياته فيمكن للورثة الاستمرار في هذه الدعوى بعد وفاته .
إذا تعدد المتضررون من الخطأ الذي أرتكبه المسؤول عن إحداث الضرر أمكن لهم جميعا ، أي لكل واحد منهم المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه من ضرر كأن يحدث سائق متهور ضرر بعديد المرتكبات فإنه يمكن لكل متضرر ههنا المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه من ضرر .
المطلب الثانـــــي: المدعـــــــى عليـــــــــــــه : هو الشخص المسؤول عن إحداث الضرر الذي أصاب المدعي ، وهو الشخص الذي ترفه ضده الدعوى المدنية من أجل ذلك ، وهو الشخص الذي يلزم بدفع التعويضات إذا ثبت خطأه ، ويمكن أن ترفع الدعوى على مسؤوله المدني إذا كان المدعى عليه قاصرا أو مجنونا فترفع الدعوى عن مسؤوله المدني وهو الولي أو القيم عنه .
وإذا توفي المدعى عليه فيمكن رفع الدعوى عن ورثته بعد وفاته ، ويكونون متضامنين في التزامهم بالتعويض للمدعي إلا إذا عين القاضي نصيب كل واحد منهم في التعويض ، وهو ما تقضي به المادة 126 ق م ج التي تنص على أنه إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانون متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الالتزام بالتعويض .
لكن يشترط لقيام التضامن بين المدعى عليهم أن يكون كل واحد منهم قد ساهم في إحداث الضرر للمدعي أي أن يكون الضرر الذي أحدثه كل منهم بخطئه هو ذات الضرر الذي أحدثه الآخرون ، حتى ولو كانت أخطاؤهم غير متساوية في إحداث الضرر .
المطلب الثالث: الطلبــــات و الدفـــــــــــوع .
الفرع الأول : الطلبـــــات : هي الوسائل التي يلجأ بها المدعي للقضاء عارضا عليه حماية حق من الحقوق أو تقريره ، فالطلب إذن هو ذلك الإجراء الذي يتقدم به الشخص إلى القضاء عارضا عليه ما يدعيه طالبا الحكم له به .
وتقسم الطلبات عموما إلى طلبات أصلية وطلبات عارضة أي طارئة .
فالطلبات الأصلية هي الطلبات المفتتحة للخصومة لأن بمقتضى الطلب الأصلي تفتح خصومة رسمية أمام القضاء ، ولهذا في الكثير من الأحيان يخلط الطلب بالدعوى .
أما الطلبات العارضة (الطارئة) فهي تلك الطلبات الذي يبدأ النظر فيها أثناء النظر في خصومة قائمة ، وهذه الطلبات قد تصدر من المدعي كما قد تصدر من المدعى عليه ، فتسمى في هذه الحالة الأخيرة بالطلبات الإضافية لأن المدعي يطلب فيها طلبات لم يتقدم بها في الطلب الأصلي ، كما قد ترد هذه الطلبات من المدعى عليه فتسمى حينئذ بالطلبات المقابلة (كطلب إجراء مقاصة مثلا) ، في بعض الأحيان قد يتقدم بهذه الطلبات العارضة شخص خارج عن الخصومة فتسمى عندئذ طلبات التدخل في الخصومة (التدخل الاختياري)، كما قد توجه كذلك من أحد الخصوم إلى شخص خارج عن الخصومة وهي ما يصطلح عليه باختصام الغير الخارج عن الخصومة أو التدخل الإجباري .
وللطلبات عموما آثار بعضها يتعلق بالمحكمة (القاضي) وأخرى تتعلق بالخصوم :
1-بالنسبة للآثار المتعلقة بالمحكمة فتتجلى في نقطتين :
أ – يترتب على تقديم الطلب للمحكمة التزام القاضي بالفصل فيه أيا كان هذا الطلب .
ب- أن الطلبات هي بمثابة قيود على القاضي أي أنه ملتزم في حكمه حدود الطلبات المقدمة إليه فلا يجوز له من جهة أن يقضي بطلب لم يرفع إليه أصلا ولا أن يقضي بأكثر مما طلب منه وإلا كان حكمه قابلا للطعن بالنقض
2-بالنسبة للآثار المتعلقة بالخصوم فتتجلى في :
أ- أن الطلب يقطع التقادم الذي كان يسري لمصلحة المدعى عليه ،حتى ولو كان طلبا عارضا ، وكذلك حتى لو رفع أمام محكمة غير مختصـــــة .
ب- أن المطالبة القضائية تتضمن إعذار المدعى عليه المدين أي تكليفه بالوفاء ، وبالتالي من هذه اللحظة يصبح مسؤولا عن التأخر في تنفيذ التزامه .
ج- أنه يترتب على المطالبة القضائية إمكانية توارث بعض الحقوق التي لو لم ترفع بشأنها دعوى لما أمكن توريثها ، والمقصود بها هنا هي الخيارات اللصيقة بشخص المورث وأبرز مثال عن ذلك هو التعويض عن الأضرار الأدبية بحيث أن الورثة لا يمكنهم رفع دعوى لأجل ذلك لكن لهم الحق في الاستمرار في الدعوى التي رفعها مورثهم قبل وفاته .
د- أنه إذا كان المطلوب ملكية عين وحكم على الحائز بردها ألتزم أيضا هذا الأخير برد الثمار من تاريخ المطالبة .
الفـــرع الثانـــي : الدفــــــــــــــوع :الدفع هو ما يجيب به الخصم على طلب خصمه وهذا بقصد تفادي الحكم له به ، و تقسم الدفوع عموما إلى دفوع شكلية ودفوع موضوعية .
فالدفوع الشكلية هي الدفوع التي تتعلق بصحة إجراءات الخصومة أو بصحة إجراءاتها ، فالدفع بعدم الاختصاص أو الدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور فهي تتعلق بإجراءات الخصومة منذ بدايتها إلى نهايتها ، والحكم في الدفع الشكلي ينهي الخصومة دون الفصل في موضوعها أي أنه لا يمس موضوع النزاع .
ومن القواعد التي تخضع لها الدفوع الشكلية هي أنه يجب إثارتها قبل الدفع في الموضوع إلا إذا كان الدفع يتعلق بالنظام العام فيجوز إبداؤه في أي وقت ، وعلة ذلك أن الدفوع الشكلية يجب إبداؤها قبل التطرق لموضوع النزاع لأن من جهة أن التعرض لموضوع النزاع يعتبر تنازل ضمني عن إبداء الدفوع الشكلية ، والعلة الثانية هي أن الدفع الشكلي قد يغني الحكمة عن النظر في موضوع الدعوى ، ولربما من جهة أخرى لتجنب المماطلة لأنه قد يتعمد المدعى عليه تأخير إثارة دفع شكلي ما إلى آخر وقت .
القاعدة الثانية التي تخضع لها الدفوع الشكلية هي وجوب إبداء كل الدفوع الشكلية معا في نفس الوقت ، فقد يكون للمدعى عليه عدة دفوع فيثير دفعا ما في مذكرته الأولى ، ثم يثير دفعا آخر في مذكرة ثانية ، فهنا يعتبر من تراخيه عن إثارة الدفعين معا في مذكرته الأولى بأنه قد تنازل عن الدفع الثاني إلا ما تعلق منها بالنظام العام .
القاعدة الثالثة هي أن الحكم في الدفع الشكلي لا يعتبر حكم في موضوع النزاع فهو بنهي الخصومة ولا ينهي موضوعها ، فإذا قبل الدفع الشكلي فلا شيء يمنع المدعي من إعادة رفعها بإجراءات صحيحة مرة ثانية ، ولا يعتبر ذلك نظر في دعوى مفصول فيها ؛ فلو كانت أوراق التكليف بالحضور باطلة مثلا لعدم احترام المهل القانونية يستطيع المدعي إعادة رفع دعوى من جديد ويصحح الإجراءات التي كانت باطلة .
أما الدفوع الموضوعية هي تلك الدفوع التي توجه إلى الحق موضوع الدعوى كإنكار الحق المدعى به أو سقوطه بالتقادم أو انقضائه بالإبراء ، كما قد تتعلق بمقدار الحق ، كما قد يتعلق الدفع الموضوعي بقاعدة قانونية حول مدى تطبيقها على النزاع المعروض أمام المحكمة .
والحقيقة أن الدفوع الموضوعية لا تقع تحت حصر فمن أمثلتها : الدفع ببطلان عقد أن الدفع بانقضاء الدًين ، الدفع بعدم التنفيذ ، الدفع بانقضاء الدين بالمقاصة القضائية ، الدفع بالوفاء الجزئي ، الدفع باكتساب الملكية بالتقادم ، والأصل في الدفوع الموضوعية أنها لا تعلق بالنظام العام وإنما تتعلق بمصالح خاصة وبالتالي فإنه يجوز لصاحبها التنازل عنها ، أما إذا كان الدفع يتعلق بالنظام العام فيجب على المحكمة أن تثيره و تحكم به من تلقاء نفسها ولو لم يطلبه الخصوم وهذا ما يقع في حالة البطلان المطلــق .
و الدفوع الموضوعية تحكمها قاعدتان :
القاعدة الأولى : أنه يجوز إبداء الدفوع الموضوعية في أي حالة كانت عليها الدعوى بمعنى آخر يجوز للخصم أن يقدم دفع موضوعي في مذكرة ما ويبدي دفعا آخر في مذكرة ثانية ، عكس الدفوع الشكلية التي يجب إبداؤها جملة مرة واحدة ، كما يجوز فضلا عن ذلك إبداء الدفع الموضوعي مرة واحدة حتى أمام جهة الاستئناف .
القاعدة الثانيـة : يعتبر الحكم الفاصل في موضوع الدعوى حكما فاصلا في موضوع الدعوى منهيا للنزاع على أصل الحق الذي رفعت به الدعوى ؛ بمعنى أنه يحوز الحجية من حيث الموضوع ، بحيث يمنع من تجديد النزاع أمام القضاء (يمنع رفع الدعوى من جديد على نفس الحق) على عكس الدفع الشكلي الذي لا ينهي الخصومة وإنما يؤخر الفصل فيها فقط .
المطلب الرابـــــع: عمليـــــــــــة الإثبـــــــات .
تطبيقا للقاعدة الشرعية التي تقول بأن البينة على من ادعى ، فإن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي بالنسبة لركن الضرر في المسؤولية المدنية ، كما يقع عليه إثبات ركن الخطأ الحاصل من طرف المدعى عليه ، إضافة إلى علاقة السببية ، ويكون هذا الإثبات بكافة الطرق المقررة قانونا ، وإذا عجز في هذه المهمة فإنه سوف يخسر دعواه .
تتعدد طرق الإثبات في القانون المدني إلى عدة هي الإثبات بالكتابة سواءا كانت كتابة رسمية ـأو عرفية وشهادة الشهود شريطة أن يكونوا مؤهلين قانونا ، والإثبات بالقرائن التي تختلف حسب درجتها إلى قرائن قاطعة و قرائن بسيطة .
المبحث الثانـــــــي: التعويـــض المدنــــــــــي .
نصت المادة 132 ق م ج على أنه يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف ، ويصح أن يكون التعويض مقسطا ، كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا ، ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأمينا .
ويقدر التعويض بالنقد ، على أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف وبناءا على طلب الضرورة أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، أو أن يحكم وذلك على سبيل التعويض بأداء بعض الإعانات تتصل بالعمل غير المشروع .
من خلال قراءة هذه المادة يتبين لنا بأن التعويض هو الجزاء المقرر عند قيام المسؤولية وأن في غالب الأحيان يقوًم التعويض بالنقود ، ما يجوز أن يتخذ شكل التعويض العيني ، ويمكن أن يتخذ شكلا آخر غير التعويض النقدي والعيني . وهو ما ستتدارسه من خلال المطالب الثلاثة التاليــــة .
المطلب الأول: التعــــويض النقــــــــدي :إن التعويض النقدي هو التعويض الأصيل والأنسب عن غيره من بقية التعويضات ، يتمثل في دفع مبلغ معين من النقود من المحكوم عليه إلى المحكوم له دفعة واحدة ، ويمكن حسب المادة 132 ق م ج أن يحكم القاضي بدفعه على أقساط إذا اقتنع بذلك بعد مطالبة المحكوم عليه بطبيعة الحال ، ويمكن حتى أن يحكم بدفعه في شكل إيراد مرتب لمدى حياة الشخص المحكوم عليه إذا برر المحكوم عليه عجزه الكامل كليا أو جزئيا ، ويجوز للقاضي في بعض الأحيان إلزام المحكوم عليه بأن يقدم تأمينا لدى شركة التأمين ليتم تحويله إلى إيراد مرتب يعطى للمحكوم له .
المطلب الثانــــي: التعــــويض غيــــــر النقــــــــدي:يتعلق هذا النوع من التعويض بالتعويض عن الأضرار الأدبية والتي في الكثير من الأحيان يطلب المدعي من المحكمة تعويضات أخرى ليست بالنقود كأن يطلب نشر حكم الإدانة ، أو كتابة مقال مناف للمقال المشكل لجريمة قذف ونشره بنفس الجريدة محل الجريمة .
المطلب الثالـــث:التعــــويض العينــــــــــــي :يسمى هذا النوع من التعويض بالوفاء العيني ، أي بأن يتم التعويض بنفس الشكل الذي حصل به الخطأ الذي تسبب فيه المحكوم عليه ومثل هذا النوع من التعويض نجده يكثر في نطاق المسؤولية العقدية أكثر من المسؤولية التقصيرية وإن كان رغم ذلك ليس مستحيلا ، كما إذا كان موضوع النزاع هو إزالة ما بناء قام المحكوم عليه ببنائه متسببا في أضرار بمصلحة الطرف المحكوم له أو بتحطيم أحد منقولاته ، فيحكم القاضي للطرف المتضرر بإعادة الحال لما كان عليه قبل حصول الاعتداء لكون أن التعويض النقدي قد لا يكون منصفا له .
المطلب الرابـــــع: تقديـــر قيمة التعويــــض :نصت المادة 131 ق م ج على أنه يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المصاب طبقا لأحكام المادة 182 ق م ج مع مراعاة الظروف الملابسة فإن لم يتيسر له وقت الحكم أن يقدر مدى التعويض بصفة نهائية فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بالنظر من جديد في التقديــــر .
وبالرجوع للمادة 182 ق م ج نجدها تنص على أنه إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو في القانون فالقاضي هو الذي يقدره ، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به ، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول .
غير أنه إذا كان الالتزام مصدره العقد ، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقـــد .
فتعليقا على نص المادة 182 نجد بأن المشرع يجعل من القاضي هو الشخص المكلف بتقدير قيمة التعويض إذا لم تكن قيمته محددة في العقد المبرم ما بين الطرفين أو محددة قانونا ، كما أن قيمة هذا التعويض يجب أن تغطي شيئين اثنين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته ، لكن مع اشتراط المشرع بأن يكون تقدير هذه القيمة من الخسارة حقيقة نتيجة لإخلال الطرف المتخلف عن عدم وفائه بالتزامه .
فلو أن تاجرا كانت له بضاعة بقيمة مبلغ 10.000دج وتحصل على وعد بالشراء من شخص آخر بمبلغ 12.000 دج ، فلو أن المدين تسبب له في إتلاف هذه السلعة ، فإن قيمة الخسارة الحقيقية التي لحقته تمثل قيمة الشيء وهي 10.000دج + قيمة الكسب الذي ضاع منه و هي 2.000 دج = 12.000 دج .
وعلى القاضي إضافة لهذا أن يكون تقديره لقيمة التعويض إذا استعصى عليه ذلك بصفة نهائية وقت الحكم أن يمنح المدين أجلا حسب تطور الأضرار سواء تفاقمت أو خفت لأن تحديد القيمة الحقيقة هو بوقت حصول الأضرار بصفة نهائية .
فلو أن شخصا صدم بسيارته أحد المارة بالطريق العام فإن على القاضي ألا يحكم مباشرة منذ البداية بقيمة التعويض النهائية ، لأن الأضرار التي تلحق بالمصاب عند بداية الحادث لا تكون هي نفسها عند الشفاء التام فقد تتفاقم الأضرار الجسمانية وقد تتحول إلى عاهة مستديمة ، كما قد يمكن من جهة أخرى أن يشفى المصاب ولا تبقى له إلا بعض الجروح البسيطة . فعليه إذا أن يساير تطور الإصابة عند إصدار الحكم بالتعويض .
البحــث السابـــــــع : مسؤولية الشخص عن الأشخاص الذين يخضعون له بالرقابـــــة .
خطــــة البحـــــث :
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة .
المبحـــــث الأول : شروط مسؤولية الشخص عن الأشخاص الذين يخضعون لرقابتـه .
المطلب الأول: أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر .
المطلب الثانـــي: صدور عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابة.
المطلب الثالـــث: أساس مسؤوليــــة متولـــــــي الرقابــــــة .
المبحـــــث الثانـــــي : مسؤوليــــة الشخص عن أعمــــال التابعيــن لـــــه .
المطلب الأول: شرط وجود علاقة التبعيــــة .
المطلب الثانــــي: السلطة الفعليــــة .
المطلب الثالــث: الرقابة و التوجيـــــه .
المطلب الرابــع: صدور خطأ من التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .
المطلب الخامس: حق المتبوع في الرجوع عن تابعـــه .
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة :
تنص المادة 134 قانون مدني جزائريعلى أنه كل من يجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة ، بسبب قصر أو بسبب حالته العقلية أو الجسمية ، يكون ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص بعمله الضار ، و يترتب هذا الالتزام ولو كان من وقع منه العمل الضار غير مميز .
من خلال هذه المادة يتضح لنا أنه في حالة ما يكون الشخص مسؤولا بالرقابة بحكم القانون أو بحكم الاتفاق على بعض الأشخاص فإنه يكون مسؤولا عن جميع الأفعال الضارة التي رتبت للغير ضررا بالتعويض ، ولكي تقوم مسؤولية الشخص عن من هو تحت رقابته يجب توافر شرطين أساسيين هما أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر و أن يصدرعمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابـــــة .
المبحــث الأول : شروط مسؤولية الشخص عن الأشخاص الذين يخضعون لرقابتهوأساســـها.
نتناول بالحديث في هذا المبحث شروط قيام هذا النوع من المسؤولية والذي يتلخص في شرطين أساسيين هما أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر و صدور عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابة ، ثم نحدد الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية متولي الرقابــــــة .
المطلب الأول: أن يكون الشخص متوليا الرقابة عن شخص آخر .
إن رقابة شخص عن شخص آخر وفقا لما جاء في المادة 134 قانون مدني جزائري قد يكون مصدرها القانون ومثالها رقابة الأب على إبنه ، كما قد يكون مصدرها الاتفاق ومثالها رقابة مدير المستشفى للأمراض العقلية عن مرضاه ، وهذا يعني أن مسؤولية الشخص لا تقوم إلا إذا كان ملتزما برقابة أحد الأشخاص لأن وجود هذا الالتزام هو سبب مسؤوليته وذلك عند الإخلال به ، وعلة الرقابة كما حددتها المادة 134 تكمن في حاجة من وضع تحت الرقابة لهذه الرقابة ، وذلك إما لسبب قصره أي لصغر سنه أو سبب حاله الجسمية كالضرير والمشلول أو سبب حالته العقلية كالمجنون والمعتوه وذي الغفلة .
وقد تفرض الرقابة على بعض الأشخاص ليس بسبب صغر سنه وليس لحالته العقلية أو الجسمية وإنما لسبب آخر كالمسجون عندما يوضع تحت رقابة السجان أو أعضاء الحزب عندما يوضعون تحت رقابة رئيس الحزب ، وفي هذه الحالة لا تنطبق عليهم أحكام المادة 134 لأنها خاصة بالأشخاص الذين ذكرتهم فقط ، وبعبارة أخرى للأشخاص الذين هم في حاجة للرقابة للأسباب التي حددتها المادة 134 من القانون المدني الجزائري .
والشخص الذي يوضع تحت الرقابة إما أن يكون صغير السن ، وإما أن يكون بالغل سن الرشد ولكن في حاجة لهذه الرقابة .
- القاصـــــــر : حيث لم يحدد المشرع الجزائري سن القاصر الذي يخضع للرقابة كما فعل القانون المدني المصري وإنما ذكر حالة الرقابة بسبب القصر بدون تحديد وبالتالي فإن حكم المادة يطال كل شخص لم يبلغ سن الرشد كما حددته المادة 40 من القانون المدني الجزائري وهو 19 سنة كامـــــلة .
والرقابة على القاصر يوجبها القانون على الأب طالما كان حيا وللأم بعد وفاة الأب ، ويظل هذا الالتزام إلى أن يكمل القاصر السن القانوني للرشد ، وإذا ذهب القاصر إلى المدرسة للتعليم فإن واجب الرقابة ينتقل إلى المعلم أثناء فترة تلقي الدروس ، والتي تبدأ منذ دخول القاصر المدرسة إلى أن يخرج منها ، وإذا أخذ القاصر لتعليم حرفة انتقلت الرقابة إلى من يشرف على تعليمه الحرفة مدة وجوده تحت إشرافه .
- البالغ سن الرشد : ببلوغ الشخص سن التاسعة عشرة سنة وفقا لأحكام المادة 40 من القانون المدني الجزائري ، فإنه يتحرر من الرقابة القانونية أو الاتفاقية حتى ولو ظل الشخص يتلقى تعليمه أو يتلقى أصول الحرفة التي امتهنها لنفسه ، وذلك لأن الشخص عندما يبلغ هذه السن لا يكون في حاجة إلى الرقابة .
ولكن إذا أصيب الإنسان بعد اكتماله لسن الرشد بعاهة من العاهات كالجنون أو العته أو الغفلة ففي هذه الحالة يكون الشخص في حاجة للرقابة كذلك لو أصيب الشخص بعجز جسمي جعله في حاجة إلى الرقابة نظرا لحالته الجسمية فإن الرقابة تفرض عليه كالكفيف أو المشلول .
المطلب الثانـــي: صدور عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابـــــــة .
يعتبر هذا الشرط جوهر مسؤولية الشخص الذي وضع للرقابة حيث لا مسؤولية إلا بحصول فعل ضار ممن هم تحت رقابته بالغير ، مما يرتب ضررا يلحق الغير من جراء هذا الفعل الضار ، أما إذا وقع الفعل الضار على من هو تحت الرقابة فلا توجب مسؤولية على من له حق الرقابة كأن يصيب أجنبي تلميذا أثناء تواجده في المدرسة بأذى إلا إذا أقيم الدليل على خطأ المعلم ،كذلك لا تقوم مسؤولية المعلم إذا كان القاصر قد ألحق الأذى بنفسه .
المطلب الثالـــث: أساس مسؤولية متولي الرقابــــــة .
تقوم مسؤولية متولي الرقابة قانونية كانت أم اتفاقية على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس ، ويعني الخطأ المفترض أن متولي الرقابة يكون قد أخل بما عليه من واجب الرقابة بمجرد وقوع فعل ضار من القاصر أو الشخص الموضوع تحت الرقابة وبعبارة أخرى أن متولي الرقابة يفترض فيه دائما أنه لم يقم بما ينبغي عليه من العناية اللازمة للرقابة ، وبعبارة أخرى أن متولي الرقابة يفترض فيه دائما أنه لم يقم بما ينبغي من العناية اللازمة للرقابة وبالتالي تقوم مسؤوليته عما ارتكبه الشخص الذي هو تحت الرقابة إذا وقع منه فعل ضار للغير ، وإذا أراد متولي الرقابة أن ينفي مسؤوليته فعليه يقع عبء إثبات السبب الأجنبي أو أنه بذل العناية الواجبة في الرقابة ، وهذا ما تؤكده الفقرة الثانية من المادة 135 ق م ج والتي تقول ويستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت بأنه قام بواجب الرقابة أو أثبت بأن الضرر كان لا بد من حدوثه ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية ، وأساس افتراض الخطأ في حق متولي الرقابة القانون لصالح الشخص الذي وقع به الضرر .
المبحـــــث الثانـــــي : مسؤوليــــة الشخص عن أعمــــال التابعيــن لـــــه
تنص المادة 136 من القانون المدني الجزائري على أنه يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع ، متى كان واقعا منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها ، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه .
يتبين لنا من نص المادة 136 ق م ج أن الشخص يسأل عن الأفعال الضارة التي يرتكبها التابع له أثناء تأدية وظيفته أو كان ذلك بسببها متى كانت للشخص المتبوع سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه .
وحتى تقوم مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه ، يجب توفر الشرطين الأساسيين وهما وجود علاقة التبعية بين المتبوع و تابعه و صدور خطأ من التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .
المطلب الأول: شرط وجود علاقة التبعيـــــــة .
رجوعا لنص المادة 136 ق م ج يقتضي وجود علاقة التبعية أن تكون هناك رابطة بين التابع والمتبوع ، ويكون سبب هذه الرابطة في غالب الأحيان هو عقد العمل ، إلا أنه ليس من الضروري في جميع الحالات أن تقوم هذه الرابطة بسبب عقد العمل ، وإنما تقوم هذه العلاقة كلما وجد لدى أحدهما على الآخر عنصران أساسيان لقيامها وهما السلطة الفعلية لأحدهما على الآخر والعنصر الثاني يتمثل في عنصر الرقابة والتوجيه .
المطلب الثانــــي: السلطة الفعليـة للمتبوع عن تابعــــه إذا افترضنا بأنه في الكثير من الأحيان يكون العقد هو سبب هذه العلاقة وبالأحرى عقد العمل الذي يمكن صاحب العمل من بسط سلطته على الشخص المتبوع ، إلا أننا نؤكد بأن هذه العلاقة تقوم حتى ولو العقد الذي يربط مابين الطرفين عقدا باطلا ، كما أن هذه العلاقة تقوم أحيانا حتى ولو كان الشخص المتبوع ليس حرا في اختيار تابعه .
كما يؤكد الفقهاء بأنه لا يتطلب بأن تكون السلطة التي يمارسها أحد الأشخاص (المتبوع له)عن الشخص الآخر (التابع) سلطة شرعية ، بل يكفي بأن تكون سلطة فعلية ، لأنه يمكن أن تقوم عن سبب غير شرعي كأن يكون العقد الذي يربط ما بين الطرفين باطلا .
المطلب الثالــــــث: الرقابــــة و التوجيـــــه إن السلطة الفعلية التي يتمتع به المتبوع تجاه تابعه يلزم أن تقوم على أساس الرقابة والتوجيه ، أي أن يكون للمتبوع له السلطة في إصدار الأوامر تجاه تابعه في عمله خاصة ، وأن تكون له السلطة حتى أثناء تنفيذ الأوامر و التوجيهات ، لكن ما يشترط لقيام هذه التبعية هو أن تكون هذه الأوامر والتوجيهات متعلقة بعمل معين يقوم به التابع لحساب متبوعه .
ومثلما يكون الشخص المتبوع شخصا طبيعيا فإنه يمكن أن يكون شخصا اعتباريا ؛ كأن يكون شركة أو مؤسسة أو جمعية ، ومنه فيكون الشخص الاعتباري مسؤولا عن جميع الأفعال الضارة التي يرتكبها الأشخاص التابعون له في حدود ما لهؤلاء من سلطة العمل لحسابه وهذه المسؤولية مباشرة باعتبارها مسؤولية عن عمل شخصي ، ولكن إذا تجاوز المسؤولون أو الممثلون للأشخاص المعنوية سلطتهم فإنهم يسألون عن أخطائهم الشخصية ، بينما تبقى مسؤولية الشخص الاعتباري مسؤولية التبعية عن أعمال التابع .
المطلب الرابــع: صدور خطأ من التابع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .
إن هذا الشرط هو جوهر هذا الفرع من الفرع من المسؤولية فهي لا تقوم إلا بصدور فعل ضار من المتبوع تجاه تابعه يسبب ضررا للغير لأنه لا يجوز مساءلة المتبوع عن كل أعمال تابعه حتى ولو لم تكن هناك صلة بينها وبين الوظيفة .
ومثال الخطأ الذي يقع من الموظف أثناء أدائه للوظيفة أن يخطئ الطبيب الذي يشتغل لصالح مستشفى عام في علاج المريض ، أو كأن يمكن الحارس لصا من سرقة أغراض المؤسسة التي يعمل لحسابها .
وهناك الخطأ الذي يقع ليس أثناء تأدية الوظيفة ، ولكن قد تربطه علاقة وطيدة بالوظيفة بمعنى أن لولا الوظيفة لما ارتكب الموظف الخطأ كما لو اعتدى أحد السائقين العموميين على أحد الركاب لعدم احترامه له ، أو لو أن خادما رأى سيده يتضارب مع شخص غريب فهب لمساعدته وضرب الرجل ضربا أفضى لموته .
ولقد اختلف الفقهاء حول الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه فبعضهم أقامها على أساس تحمل التبعة و بعضهم يقيمها على أساس الضمان ، و بعضهم على أساس النيابة و الآخر على أساس الحلول ، ولكن الصحيح هو أنهذا النوع من المسؤولية أساسه القانون .
المطلب الخامس: حق المتبوع في الرجوع عن تابعـــه .
بقراءة المادة 137 قانون مدني جزائري التي تنص على أن للمسؤول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤولا عن تعويض الضـــــــرر .
انطلاقا من هذه المادة يكون للمتبوع الحق في الرجوع عن التابع بكل ما دفعه عن التابع لأن المتبوع مسؤول عن أعمال تابعه وليس مسؤول معه ، وعلى المضرور أن يقيم الدليل على خطأ التابع لتقوم مسؤولية المتبوع .
قائمــــــــة المراجــــــــع :
القوانيـــــــــــــــــــــن :
1- القانون المدني ، الأمر 75/59 المؤرخ في 26/09/1975 .
2-الأمر 05/10 المؤرخ في 20 جوان 2005 المعدل للقانون المدني .
3- قانون 07/05 المؤرخ في 13 ماي 2007 المعدل للقانون المدني .
4- قانون التأمينات ، الأمر 95/07 المؤرخ في 25/01/1995 .
الكتــــــــــــــــــــــــــــــــــــب :
1- علي فيلالي ، الالتزامــــات ، النظريـــــة العامـــــة للعقـــــد ، الطبعة الثالثـــــــة ، موفم للنشـــــــر، الجزائــــــــــــر ، 2013 .
2- فاضلــــي إدريــــس الوجيـــــز في النظرية العامة للالتــــزام ، ديـــــوان المطبوعات الجامعيـــــــة ، الجزائــــــــــــــــر ، 2009 .
3- خليل أحمد حسن قدادة ، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ، الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائــــــــر ، 1994 .
4-العربي بلحاج ، النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري ، الجزء الأول ، الطبعة السادسة ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائــــــر، 2008 .
5- علي علي سليمان ، النظرية العامة للالتزام ، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائــر، 2005 .
6- علي علي سليمان ، مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائــر، 2006 .
7- محمد صبري السعدي ، الواضح في شرح القانون الحديث ، دار الهدى ، عين مليـــــلة ، الجزائــــــــر ، 2012 .
8- فرج علواني هليل ، البطلان في قانون المرافعات المدنية ، ( د، ط ) ، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ، مصر ، 2008 .
9- محمد السعيد جعفور ، نظريات في صحة العقد وبطلانـــــه في القانون المـــــدني و الفقه الإسلامــــــي ، دار هومــــــة ، الجزائـــــــــر ، د ت ن .
10- عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح قانون المدني الجديد ( نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام) المجلد الأول ، الطبعة الثالثــــــة ، القاهــــــــــــرة .
11- توفيق رضا فرج ، دروس في النظرية العامة للالتزام ، دون طبعة ، مؤسسة النقابة الجامعية ، الإسكندرية ، مصر ، د ت ن .
12- منصري السعدي شرح القانون المدني الجزائري ، النظرية العامة للالتزام ، التصرف الثانوي ، العقد و الإرادة المنفردة، الجزء الأول ، الطبعة الأولى ، دار الهدى ، عين مليــــــــلة ، الجزائــــــــــر ، 2004 .
13- حليم نوشي ، انحلال العقد ، دراسة تطبيقية حول عقد البيع وعقد التنازل ، الطبعة الأولى ، الدار الخلدونية للنشر والتوزيع ، الجزائـــــــر ، 2007 .
- Enseignant: moustapha benouda
محاضرات مقيــــاس قانـــــون الأســـــــرة
المحاضرة الاولى
المحاور و المراجع
المحور الأول: قانون الأحوال الشخصية
أولا: مفهوم قانون الأحوال الشخصية
ثانيا: تطور قانون الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية
المحور الثاني:الخطبة
أولا: مفهوم الخطبة
1ـ الخِطبة شرعا
2ـ الخِطبة قانونا
ثانيا:شروط الخطبة
1ـ الشروط المستحسنة في المخطوبة
2ـ شروط صحة الخطبة
المحورالثالث:ركن الرضا في عقد الزواج
أولا: في الشريعة الإسلامية
ثانيا: في التشريع الجزائري
1ـ التعبير عن الإرادة
2ـ الشروط المتعلقة بالصيغة
3ـ الاشتراط في عقد الزواج
المحور الرابع: شرط الأهلية في عقد الزواج
أولا: سن الزواج في الفقه الإسلامي
ثانيا: موقف المشرع الجزائري
المحور الخامس: شرط الصداق في عقد الزواج.
أولا: تعريف الصداق
ثانيا: شروط الصداق
ثالثا: نوعا الصداق
المحور السادس: الولاية في عقد الزواج في قانون الأسرة الجزائري.
أولا: الولاية في عقد الزواج في الفقه الإسلامي
1ـ شروط الولي
2ـ ترتيب الأولياء
3ـ زواج البالغة العاقلة
ثانيا:الولاية في عقد الزواج في تعديل قانون الأسرة الجزائري
المحور السابع: شرط الشهادة في عقد الزواج
أولا:موقف الفقه الإسلامي
ثانيا: شروط الشاهدين
المحور الثامن: شرط انعدام الموانع الشرعية في عقد الزواج
أولا: الموانع المؤبدة
ثانيا: الموانع المؤقتة
المحور التاسع:الزواج الصحيح والزواج غير الصحيح
أولا:الزواج الصحيح
ثانيا: الزواج غير الصحيح
1ـ الزواج الفاسد
2ـ الزواج الباطل
المحور العاشر: شرط الوثيقة الطبية في عقد الزواج المادة 07 مكرر
أولا: جديد قانون الأسرة فيما ما يخص الوثيقة الطبية
ثانيا: وظيفة الموثق أو ضابط الحالة المدنية
المحور الحادي عشر: إثبات عقد الزواج وتسجيله
أولا: التسجيل قبل الدخول
ثانيا: التسجيل بعد الدخول الزواج العرفي "الفاتحة"
المحور الثاني عشر: آثار عقد الزواج
أولا: حق الزوجة في النفقة الزوجية
1ـ تعريف النفقة وحكمها
2ـ تقدير النفقة
- جديد قانون الأسرة المعدل فيما يخص حقوق وواجبات الزوجين
ثانيا: حق التعدد
ثالثا: ثبوت النسب
1ـ ثبوت النسب بالزواج الصحيح
2ـ ثبوت النسب بالزواج الفاسد
3ـ ثبوت النسب بالوطأ بشبهة
4ـ ثبوت النسب بالإقرار
رابعا:جديد قانون الأسرة في مسألة إثبات النسب
1ـ تعديل المادة 40(معدلة)
2ـ العوائق القانونية والعوائق المادية
المحور الثالث عشر: الطلاق
أولا: تعريف الطلاق وتمييزه عن الفسخ و البطلان
1ـ تعريف الطلاق
2ـ تمييز الطلاق عن الفسخ
3ـ تمييز الطلاق عن البطلان
ثانيا: حكم الطلاق وأدلة مشروعيته والحكمة منه
1ـ حكم الطلاق وأدلة مشروعيته
2ـ الحكمة من مشروعية الطلاق
ثالثا: أقسام الطلاق
1ـ أقسام الطلاق في الشريعة الإسلامية
2ـ الطلاق في القانون الوضعي
رابعا:الطلاق بالإرادة المنفردة
خامسا: الطلاق بالتراضي
سادسا:الخلع
1ـ نظرة قانون الأسرة الجزائري لقضية الخلع
2ـ تأثير القانون الجديد على قضايا الخلع في المحاكم الجزائرية
سابعا: التطليق
المحور الرابع عشر: آثار الطلاق
أولا: النفقة
ثانيا: التراع حول متاع البيت
ثالثا: التعويض
رابعا:الحضانة
ملاحظة بخصوص المراجع : يمكن الاعتماد على أي مرجع من المراجع التالية او غيرها فالطالب غير ملزم بمرجع معين ماعدا قانون الاسرة الجزائري
المراجع
-أحمد نصر الجندي، شرح قانون الأسرة الجزائري، دار الكتب القانونية ، مصر، 2009.
" " ،مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية، القاهرة الحديثة للطباعة، القاهرة، سنة 1996.
الغوثي بن ملحة، قانون الأسرة على ضوء الفقه والقضا ء، الطبعة الثاني، ديوان المطبوعات الجامعي ة، بن
عكنون- الجزائر، 2008
-بلحاج العربي، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري، الجزء الأول الزواج والطلاق، الطبعة الثالثة، ديوان
المطبوعات الجامعية، بن عكنون الجزائر، 2004.
-بن شويخ الرشيد، شرح قانون الأسرة الجزائري ، دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية.
-عبد العزيز سعد، قانون الأسرة الجزائري في ثوبه الجدي د، شرح أحكام الزواج والطلاق بعد التعديل، الطبعة
. الثانية، درا هومة، الجزائر ، 2009.
-كاميلي مراد، الوجيز في قانون الأسر ة ، السنة الرابعة علوم قانونية وإدارية، جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي،
السنة الجامعية 2010/2009
-نبيل صقر، قانون الأسرة، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع.
-أبو سعود رمضان، الوجيز في شرح أحكام الأحوال الشخصية لغير المسلمين، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة 1997.
-بدران أبو العينين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، الجزء الأول، دار الفكر العرب، سنة 1968.
-الدكتور بلقاسم شتوان، الخطبة و الزواج في الفقه المالكي، دار الفجر للطباعة و النشر، سنة 2007.
-مصطفي السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، الزواج و انحلاله، مطبعة دمشق، سنة 1997.
-مصطفي شلبي، أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، بيروت الطبعة 2، سنة 1977.
-الإمام أبو محمد أبو زهرة، محاضرات في عقد الزواج، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 1971.
-الإمام محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي، القاهرة، سنة 1971.
-محمد الصالح العياري، مذكرات و بحوث قانونية، نشر و توزيع عبد الكريم عبد الله، الطبعة الأولى.
-الدكتور محمد محدة، سلسلة قانون الأسرة الجزء الأول الخطبة و الزواج، دراسة مدعمة بالقرارات و الأحكام القضائية، الطبعة 2، شهاب، سنة 1994.
-حسين ناصر، حقوق المرأة في التشريع الإسلامي و الدولي المقارن، دار الثقافة و النشر الإسكندرية.
-العمروسي أنور، موسوعة الأحكام الشرعية في الزواج و الطلاق و الخلع، الجزء الأول, دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، سنة 2003.
-عبد العزيز عامر، الأحوال الشخصية في الشريعة فقها و قضاءا الزواج، دار الفكر العربي, الطبعة الأولى، سنة 1984.
-السرطاوي، شرح فانون الأحوال الشخصية الأردني، القسم الأول عقد الزواج و آثاره، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، عمان، طبعة 1999.
-رمضان السيرنباطي و جابر عبد الهادي سالم الشافعي، أحكام الأسرة الخاصة بالزواج و الفرقة و حقوق الأولاد في الفقه الإسلامي و القضاء، دراسة مقارنة الأحول الشخصية في مصر و لبنان، منشورات حلبي الحقوقية، سنة 2000.
-حسين بن الشيخ آث ملويا، المنتقي في قضاء الأحوال الشخصية، الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، سنة 2006.
-الدكتور عبد الرحمان الصابوني، شرح الأحوال الشخصية السوري، الزواج و أثاره الجزء الأول، مطبعة دمشق، سنة 1971.
-فتحي الدريني, دراسات و بحوث في الفكر الإسلامي المعاصر, المجلد الثاني, طبعة 1, دار تقية للطباعة و النشر, بيروت, سنة 1988.
-زهدي يكن، الزواج و مقارنته بقوانين العالم، بيروت، منشورات المكتبة المصرية، الطبعة الأولى
- قانون الأسرة، رقم 84/11، المؤرخ في 9 يونيو 1984 المعدل و المتمم بالقانون رقم 05/09، المؤرخ في 4 مايو 2005.
- القانون المدني، رقم 75/58، المؤرخ في 26سبتمبر 1975، المعدل و المتمم.
- Enseignant: Boudinar Belkacem
- Enseignant: mabrouk lachgar
- Enseignant: mabrouk lachgar