جامعة غرداية

كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير

قسم علوم التسيير

 

محاضرات مقياس:  إدارة التغيير

المستوى والتخصص: أولى ماستر إدارة الاعمال

إعداد: أ.د/ بلعور سليمان

 

مقدمة

   إن التغيير الذي يحدث في البيئة الخارجية للمنظمة يدفع بها لأن تلحق به من خلال تغيير داخلي يسمى بالتغيير التنظيمي، ولهذا التغيير أسس وقواعد يقوم عليها، ومراحل يتبعها، وأشكال يتفرع لها، وعوامل ومتطلبات لابد من توفرها لنجاحه. ورغم أهمية وضرورة التغيير للمنظمة لتتعايش مع محيطها وتبقى موجودة إلا أنه في غالب الأحيان يصطدم بمقاومة حادة من طرف أفراد المنظمة بسبب دوافع ومبررات متعددة، منها النفسي والمادي والمعنوي وغيرها.

  سنحاول من خلال هذه المحاضرات معالجة ظاهرة التغيير بدءا بمفهومه وأهدافه ودوافعه، مرورا بمراحله ومتطلباته، وصولا إلى كل ما يتعلق بمقاومته، مفهوم مقاومة التغيير وأسبابه ومبرراته ومصادره، بالإضافة إلى أساليب التعامل مع مقاومة التغيير. وفي الأخير سنستعرض بعض أساسيات نجاح التغيير والحالات الخاصة له.

1/مفهوم التغيير في المنظمات

   التغيير هو "الانتقال من حالة إلى حالة أخرى منشودة، هو عملية مخططة وهادفة، بينما التغيير التنظيمي هو "التغيير المخطط الذي يقصد تحسين فعالية المنظمة وتقوية إمكانية مواجهة المشاكل التي تواجهها.

  التغيير هو " عملية طبيعية تقوم على عمليات إدارية معتمدة ينتج عنها إدخال تطوير بدرجة ما على عنصر أو أكثر، ويمكن رؤيته كسلسلة من المراحل التي من خلالها يتم الانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع الجديد".

  كما يعرف التغيير التنظيمي على أنه مجهود طويل المدى لتحسين قدرة المنظمة على حل المشاكل، وتجديد عملياتها على أن يتم ذلك من خلال إحداث تطوير شامل في المناخ السائد في المنظمة، مع تركيز خاص على زيادة فعالية جماعات العمل فيها وذلك بمساعدة مستشار أو خبير في التغيير الذي يقوم بإقناع أعضاء المنظمة بالأفكار الجديدة.  

   والتغيير في المنظمات هو تغيير جذري وشامل يمس الاهداف والسياسات والهياكل والنظم والتشريعات وحتى الأفراد سواء كانوا مسؤولين ام موظفون عاديون، ولا يسمى التغيير تغييرا في المنظمة اذا اقتصر فقط على مجرد ترقيعات أو ترميمات أو إصلاح ما تقادم أو تعديلات في بعض الانحرافات أو معالجة للأخطاء، وإنما هذه الامور تدخل ضمن التحسينات العادية.

   إذا التغيير في المنظمة لابد أن يكون كبيرا حتى نسميه تغييرا، ولابد أن يحدث آثارا بعيدة المدى، ومثال ذلك تغيير أدى إلى رفع الارباح من 10 إلى 80 ، أو تغيير مجال النشاط، او تغيير في طريقة الإنتاج وهكذا.

2/ أهداف التغيير في المنظمات

   يسعى التغيير في المنظمات إلى تحقيق أهداف قد تكون قصيرة أو طويلة المدى، وتتمثل أهداف التغيير في الآتي:

-       تحسين مستوى الأداء؛

-       تحقيق درجة عالية من التعاون؛

-       تقليل معدلات الدوران الوظيفي؛

-       التجديد في مكان العمل؛

-       إيجاد التوازن مع البيئة المحيطة؛

-       تحديث وتطوير أنماط وأساليب العمل في المنظمة؛

-       زيادة قدرة المؤسسة على الإبداع والتعلم من التجارب؛

-       تطوير سلوكيات الأفراد العاملين في المنظمة؛

-       تحسين الفعالية التنظيمية من خلال تحسين وتعديل التركيبة التنظيمية.

3/ دوافع وأسباب التغيير في المنظمات

  هناك العديد من الدوافع والاسباب تقف وراء التغيير في المنظمات، مما يعني أن التغيير ليس عملية عشوائية أو عفوية تحدث دون أسباب أو مبررات، وإلا أدى ذلك إلى فشله.

  تنقسم دوافع التغيير وأسبابه إلى دوافع داخلية وأخرى خارجية، ومن أهم الدوافع الداخلية نجد:

ü   البحث عن الكفاءة والفعالية، وحسن استخدام الموارد المتاحة؛

ü   تحسين وتطوير الأداء لمواجهة المنافسة الشديدة، والمحافظة على المركز التنافسي في السوق؛

ü   الإستفادة من الطاقات والقدرات المبدعة التي يمكن اكتشافها في المنظمة؛

ü   كسر الروتين ومحاولة تنشيط وتفعيل دور المنظمة؛

ü   التغيير في أهداف المنظمة، حيث أن إجراء أي تعديل في أهداف المنظمة، سواء بوضع أهداف جديدة أو تغيير أهداف حالية يدفعها إلى عمل تغييرات تساعد على تنفيذ هذه الأهداف.

  وقد اقتصرا كلا من دانا جينس وجيمس في طرحهما الخاص بتحديد الدوافع الداخلية للتغيير على عنصرين فقط هما:

Ø   دوافع لتفادي مشاكل واقعية أومفترضة؛

Ø   دوافع للتحسين والتطوير.

 

  أما الدوافع الخارجية فتتمثل في العناصر التالية:

§      إصدار قوانين وتشريعات حكومية جديدة؛

§      الإتحادات والنقابات المهنية؛

§      إزدياد الضغوط التي تمارسها الجماعات المنظمة؛

§      الأزمات الخارجية الطارئة؛

§      التغيرات في المجال التقني والتكنولوجي تؤثر هي الأخرى على بيئة العمل في المنظمة، مما يجعلها بالضرورة تتغير.

§      تغيرات في انماط العيش ومستلزمات الزبائن ومتطلباتهم.

§      التغير في سلوك المنافسين وفي مستوى أدائهم.

 

  وعلى العموم فإن البيئة الخارجية للمنظمة سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او سياسية او تكنولوجية كلها تتسم بالتغيير المستمر، وهو وضع على المنظمة احداث التغييرات اللازمة للتأقلم معه.

  هذه بعض أسباب التغيير فقط وليس كلها، ولكن نشير إلى أن التغيير ضروري في كل الأحوال والأزمنة، حتى لو كانت المنظمة في وضع جيد وتحقق أهدافها بجدارة، فنظرا لكون تلك الأهداف وضعت في ظروف معينة وهي ليست ثابتة فلابد على المنظمة أن تساير عدم الإستقرار في البيئة بإجراء التغيير بشكل مستمر حفاظا على ريادتها وعلى مستواها العالي في الاداء.

  من جهة أخرى لا يمكن للمنظمة أن تنتظر ظهور علامة معينة أوتحقيق نتائج معينة حتى تشرع في التغيير، كأن تنتظر حدوث عدم رضا العاملين أو تراجع الأرباح والنتائج، إذ لابد من تغيير قناعة أن التغيير هو لحل المشاكل فقط أو تجاوز نقاط الضعف، بل هو أيضا يهدف لتنمية النتائج وتحسن نقاط القوة لأنه من لا يتطور لابد أن يأتي عليه يوم ليتبدد.

 

4/ مراحل التغيير في المنظمة

  يعتبر كيرت ليوين Kurt Lewin من أشهر من تناول مراحل التغيير، وقد طور نموذجا لإحداث التغيير حظي باهتمام كبير، ويعد هذا النموذج من اقدم المحاولات الفكرية النظرية التي حاولت تفسير عملية التغيير، ويعتقد الكثيرون أن هذا النموذج والمراحل التي يحددها تساعد كثيرا على إحداث التغيير بنجاح.

 

 

  لقد لخص هذا النموذج مراحل التغيير في ثلاث مراحل رئيسية هي:

vمرحلة إذابة أو إسالة الجليد: وخلالها تسعى قيادة المنظمة إلى التحرر من الممارسات الحالية الموروثة من الماضي التي لم تعد مبررة، ومن الافتراضات والاساطير الشائعة في أجواء العمل، بتهيئة الأفراد الذين يشملهم التغيير إلى تقبل التغيير بعد إشعارهم بأهميته، فقبل تعلم أفكار واتجاهات وممارسات جديدة ينبغي أن تختفي الأفكار والاتجاهات والممارسات الحالية، ومما يساعد على إذابة الجليد - إختفاء السلوك الحالي - الضغوط البيئية الخارجية، والإعتراف بوجود مشكلة ما، والإعتراف بأن شخصا آخر اكتشف أفكارا جديدة .

 

v    مرحلة التدخل للتغيير: يمثل تنفيذ التغيير المرحلة المحورية حيث يتم وضع التغيير المخطط حيز التنفيذ، وذلك حسب مجال التغيير، وتتطلب هذه المرحلة فترة زمنية طويلة نسبيا، لأنها تهدف إلى إحلال أفكار جديدة وطرق عمل بديلة تحل محل تلك التي تمت إذابتها أو إستبعادها.

  ويحذر لوين من التسرع في الإقدام على هذه المرحلة وتغيير الأمور والأشياء بسرعة غير معقولة، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى بروز مقاومة للتغيير، إذا لم يتم إلغاء الوضع الحالي، أي إذابة الجليد بشكل سليم، ويصاحب هذه المرحلة الإرباك والتشويش، ومزيج من الشعور بالأمل والقلق.

  وتعتبر هذه المرحلة الخطوة الأصعب والأعقد بسبب ما يرافقها من تداخل الجديد مع القديم، ومن تمسك البعض بما اعتادوا عليه عن قصد أو بدون وعي.

  يكون التغيير في هذه المرحلة في عديد النواحي التنظيمية الآتية:

-     التغيير في أنماط توزيع السلطة: حيث يتم إعادة النظر في الصلاحيات الممنوحة، وتغيير الإرتباطات الإدارية أونظام التسلل الإداري المعمول به والتغيير في نمط القيادة، كما يمكن أن تشمل إلغاء أو إستحداث وظائف أو أقسام إدارية.

-     التغيير في التكنولوجيا المستخدمة: التغيير في المعدات أو الأساليب المستعملة في الإنتاج وحتى في النشاط الإداري.

-     التغيير في العمليات الإدارية: وذلك بإعادة النظر في نمط إتخاذ القرارات وانماط الإتصال، وإحداث تعديل في الخطط الاستراتيجية والسياسات والاجراءات، وتعديل معايير اختيار العاملين.

 

Ø مرحلة التجميد أو التثبيت: حيث لا يكفي تنفيذ التغييرات، بل من المهم جدا حماية ما تم انجازه والحفاظ عليه وعلى المكاسب الناتجة عنه، وذلك عن طريق التقييم المستمر لنتائج عملية التغيير ومتابعتها، للتعرف على ردود الأفعال والمحافظة على استمرارية التغيير، عن طريق بناء درجة عالية من الالتزام للأفراد وتوفير البيئة اللازمة لاستقرار النشاط والوضع الذي تم تغييره.

  يتم تحقيق هذا الأمر من خلال نظام مكافآت واتاحة الفرصة للعاملين لإظهار السلوك أو الإتجاه، كما يمكن استخدام التدريب الإضافي، لتدعيم السلوك المرغوب، بحيث تبح الاتجاهات والمعارف والمهارات والانماط السلوكية الجديدة ثابتة وراسخة.

 

  وفي هذه المرحلة يعتبر التقويم خطوة أساسية لا ينبغي إهمالها، فالتقويم يعمل على توفير البيانات للأفراد فيما يتعلق بمنافع التغيير وتكاليفه ويساعد على توفير الفرص والإمكانات لا حداث التعديلات البناءة في التغيير مع مرور الوقت.

  ويتم في هذه المرحلة ايضا التوفيق والتقريب بين رواد التغيير وحماته وبين المعارضين المقاومين، والتوصل إلى الحلول الوسطية والمعتدلة، وما أن يصل التغيير إلى هذه المرحلة المرغوبة وهي مرحلة التثبيت حتى يعود التوازن بين القوى المؤيدة والقوى المعارضة للتغيير، وهي حالة الإستقرار والتعادل لتساوي القوتين واتفاقهما على الحالة التي انتهت لها عملية التغيير .

  وهناك نماذج أخرى تطرقت لمراحل التغيير نذكر منها:

Ø نموذج ايدكرشينEdgar Schein 

   ويرى أن التغيير على صعيد المنظمات يرتكز على الإستشارات  ودور البحوث الاكلينيكية والمختبرية في التشخيص وفي التدخل وإجراء المقابلات من أجل جمع المعلومات عن الواقع المراد تغييره، ويطلق شين على هذه الخطوات ببحوث العمل أو بحوث الميدان فهي السبيل إلى تحقيق التغيير المخطط.

 

Ø نموذج Ivancevich

   يقسم Ivancevich مراحل التغيير إلى:

-     قوى التغيير، وهي مسسباته.

-     الإعتراف بالحاجة للتغيير، من خلال التقارير والاحصاءات والمعلومات التي تصلها من مختلف المصادر.

-     تشخيص المشكلة.

-     تطوير بدائل واستراتيجيات/أساليب التغيير، فإما تغيير البناء التنظيمي، أو تغيير الناس، أو تغيير التقنيات.

-     تقرير المحددات/الظروف المقيدة، كمناخ القيادة، والتنظيم الرسمي، وثقافة المنظمة.

-     مقاومة التغيير، وعلى الإدارة أن تدرك أنها أمر طبيعي يتوجب عليها  معالجته.

-     تنفيذ التغيير ومتابعته، وهنا لابد من مراعاة توقيت تنفيذ التغيير ونطاقه.

 

Ø  نموذج Adkar

  وينسب هذا النموذج إلى مؤسسة استشارية امريكية أجرت دراستها الميدانية على أكثر من 1000 مؤسسة على مدار 10سنوات هي مؤسسة Prosci، وينص هذا النموذج على أنه ينبغي لقيادة التغيير أن تدرك ضرورة الوقوف عند المراحل الخمس التالية لضمان النجاح وتحقيق الأهداف المرجوة منه:

-     الوعي: على مستوى القيادة والأفراد بالحاجة للتغيير.

-     الرغبة: للإسهام في احداث التغيير.

-     المعرفة: وهي المعرفة العلمية المتخصصة التي تمكن من التغيير، لأن التغيير علم قائم بذاته.

-      القدرة: أي القدرة على تحويل المعرفة إلى مهارات وسلوكيات جديدة تحل محل الممارسات التقليدية.

-     الإلزام: وحتى لا يكون التغيير وقتيا ويعود الجميع بعد مدة إلى العادات والسلوكيات السابقة لابد من أدائه السلوكيات الجديدة ومتابعة العمل على سبيل الالزام.

  وإلى هنا نتساءل هل التغيير لابد أن يمر بمراحل أم أنه يمكن أن يكون مفاجئا وبسرعة، يمكن أن يكون التغيير في بعض الأحيان سريعا وليس مرحليا نظرا للحاجة السريعة إليه، في هذه الحالة ليس بالضرورة أن يفشل هذا التغيير بل بالعكس يمكنه أن ينجح بسبب أنه لا يتيح وقتا لمقاومته من طرف المعارضين. من ناحية أخرى ليس بالضرورة أن ينجح التغيير المرحلي، فهناك العديد من المنظمات فشلت في التغيير المرحلي ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى مقاومة التغيير.

5/ متطلبات التغيير في المنظمة

   تتمثل متطلبات إجراء التغيير في المنظمة في الآتي:

Ø  الحاجة للتغيير: تظهر الحاجة للتغيير عندما لا يكون المديرون راضون عن الإنجاز الحالي؛ إذ تظهر مشاكل على شكل فجوة بين الانجاز الحقيقي والانجاز المرغوب فيه.

Ø الفكرة: وهي طريقة جديدة لعمل الأشياء وقد تكون الفكرة أنموذجا أو مفهوما أو أسلوبا جديدا لإدارة الافراد، ويتم تشجيع الافكار بواسطة الإبداع والحرية، وترتبط الفكرة بالحاجة قبل تبنيها. كما يجب أن تحتوي الفكرة على إحتمال تقليص عدم الرضا الذي يشعر به المديرون.

Ø التبني: يحدث عندما يختار متخذ القرار الاستمرار بالفكرة المفترضة، فقد تبرز الحاجة لقرار من مجلس الادارة لتبني حالة تتمثل في تغيير رئيس في المنظمة، بينما تبرز الحاجة لتبني تغيير بسيط بصدور موافقة من الادارة الوسطى.

Ø التنفيذ: يحصل التغيير عندما يستخدم اعضاء المنظمة فكرة جديدة أو سلوكا جديدا، مع توفير مستلزمات إحداث التغيير.

Ø الموارد: لا يحدث التغيير مالم تتوفر طاقات بشرية ونشاطات متعددة، كما يتطلب الأمر ادراك الحاجة للتغيير لدى العاملين.

 

6/أنواع التغيير ومداخله

  هناك عدة تصنيفات للتغيير، فمن حيث التخطيط والمشاركة ينقسم التغيير إلى:

·    التغييرات غير المخططة: تتم بشكل مستقل عن رغبة المؤسسة، وتحدث نتيجة التطور والنمو الطبيعي في المؤسسة كازدياد عمر العمال.

·    التغييرات المخططة: تحدث من أجل أن تعد المؤسسة نفسها من أجل مجابهة التغيرات المتوقعة.

·    التغييرات المفروضة: تفرض جبرا على العاملين من قبل الإدارة، وقد تقابل بالرفض والإحباط.

·    التغييرات بالمشاركة: تتم بمشاركة العاملين في التخطيط للتغيير.

 

أما من حيث النطاق فنجد:

·    التغيير الشامل: وهو الذي يشتمل على كافة أو معظم الجوانب والمجالات في المنظمة.

·    التغيير الجزئي: ويقتصر على جانب واحد أو قطاع واحد كتغيير الآلات والأجهزة، والخطورة في التغيير الجزئي أنه قد ينشئ نوعا من عدم التوازن في المؤسسة، بحيث تكون بعض الجوانب متطورة والأخرى متخلفة مما يقلل من فاعلة التغيير.

ومن حيث المستوى نجد:

·    التغيير الاستراتيجي: ويعنى بالقضايا الرئيسية طويلة الأجل، ويمس رؤية المنظمة وأهدافها ورسالتها وقيمها وفلسفتها عن النمو والجودة والابتكار والتقنيات المستخدمة. ويتطلب التنفيذ الناجح للتغييير الاستراتيجي تحليلا وتفهما كاملا  في مرحلتي التكوين والتخطيط.

·    التغيير الوظيفي: ويرتبط بالنظم الجديدة والاجراءات والهياكل والتقنيات التي لها تأثير مباشر على تنظيمات العمل داخل أي قطاع في المنظمة. وهذه التغييرات قد يكون أثرها أكبر على العاملين من التغييرات الاستراتيجية لذلك يجب التعامل معها بعناية فائقة.

 

  وتنقسم مداخل التغيير إلى: 

*    مدخل التكنولوجيا: إن تقنية المعلومات أداة لإعادة التنظيم ومساندة العمليات الإدارية لمنظماتهم مثل التسويق، النقل، البيع، الإنتاج، الموارد البشرية. وقد عمدت بعض المنظمات فعلا إلى تسخير تقنيات المعلومات لبناء شبكات الإتصال لربط نشاط العاملين فيها مهما تعددت فروعها وتباعدت جغرافيا.

*    مدخل الهيكل التنظيمي: يمكن تطوير وتحسين مستويات الأداء المنظمي عن طريق إعادة بناء الهيكل التنظيمي للمنظمة، وغالبا ما يتم اللجوء إلى تغيير الهيكل التنظيمي بسبب ضغط المنافسة على ربحية المنظمة، والسعي لتوسيع الحصة السوقية، وكذا الإندماج والإتحاد بين المنظمات، فكل هذه الأسباب تستدعي تغييرا على مستوى الهيكل التنظيمي.

*    مدخل المهام: يحصل التغيير في المهام عند حدوث تغيير في عمل أو نشاط ما نتيجة استخدام تكنولوجيا جديدة أو إعادة تنظيم العمل في المنظمة.

*    مدخل الأفراد: ويهدف إلى تغيير سلوكية الأفراد بشكل غي مباشر إذا ما جرى تغيير مهاراتهم واتجاهاتهم وادراكهم وتوقعاتهم.

 

7/ مقاومة التغيير

7-1 مفهوم مقاومة التغيير

  إن الاستقرار الطويل في المنظمة قد يتحول إلى جمود وركود يحول دون تطوير المنظمة ونموها، ومن هنا تظهر ضرورة التغيير، وعند ظهور بوادر اي تغيير ينقلب الأمر إلى هاجس بسبب المقاومة التي سيلقاها هذا التغيير من طرف بعض المعارضين له.

 

  وتعني مقاومة التغيير " تعبير ظاهري أو باطني لردود الفعل الرافضة للتغيير"، وتعرف أيضا على أنها " امتناع الموظفين عن التغيير أو عدم الامتثال له بالدرجة المناسبة والركود إلى المحافظة على الوضع القائم". ولمقاومة التغيير تعريف آخر هو " سلوك وقائي أو دفاعي لتجنب آثار سلبية حقيقية أو محتملة لما سيرافق التغييرات التنظيمية المراد إداخالها".

  وتعرف أيضا مقاومة التغيير على أنها إستجابة عاطفية وطبيعية إتجاه ما يعتبر خطر حقيقي أو متوقع يهدد أسلوب العمل الحالي. فمقاومة التغيير أمر حتمي، لأن الإنسان بطبعه يميل مقاومة تغيير الوضع الراهن لما قد يسببه ذلك من إرباك وقلق وتوتر داخلي في نفس الفرد، نظرا لعدم تأكده من النتائج المترتبة.

  مهما كانت التعاريف متعددة فإنها كلها تشير إلى أن مقاومة التغيير هي ردة فعل لفعل التغيير خوفا من الجديد والذي هو مجهول بالنسبة للمقاومين، ولذا يبذلون كل ما في وسعهم لبقاء الوضع على حاله حتى ولو كان غير مقبول.

 

7-2 أسباب مقاومة التغيير ومبرراته

  ذكرنا أن السبب الرئيسي لمقاومة التغيير هو الخوف من المجهول، والخوف من الفشل، فطبقا لمعظم التقديرات فإن ما نسبته 50 - 70% من مبادرات التغيير في الشركات التي حدثت في الثمانينات والتسعينات فشلت في تحقيق النتائج التي رسمت لتحقيقها، بينما أفاد ممارسو إعادة الهندسة الهندسة في تلك الشركات أن نسب النجاح التي حققوها بين 1000 شركة كانت أقل من 5%.

  وهناك أسباب أخرى لمقاومة التغيير  هي:

Ø  إنعدام الاستقرار النفسي والطمأنينة: فنظرا لكون التغيير يتطلب تغييرات في عدة جوانب، فإن الاشخاص الذين لا يرون ضرورة أو مصلحة للتغيير سوف يعتقدون أن ذلك يشكل لهم تهديدا نفسيا.

Ø  توقع الخسارة: والمقصود هنا الخسارة الشخصية خاصة للأفراد الذين سيقصون من المسؤوليات أو الذين سيتم إنزال مراتبهم، فالأفراد الذين يفترضون أن التغيير موجه ضد مصالحهم عموما ويتوقعون خسارة لهم يقاومون التغيير.

Ø     القلق من عدم القدرة على أداء الأشياء الجديدة، بالإضافة لعدم الثقة، فالطرق الجديدة دائما غريبة ، مخيفة ومحفوفة بعد الثقة حتى ولو كانت مجرد تحسين للطرق القديمة، فنحن نعلم ظروفنا الحالية لكن لا نعلم الظروف التي ستكون بعد التغيير.

Ø     الأشخاص الذين يتبنون التغيير قد لا يقدمون الادلة الكافية التي تثبت أن التغيير سيعود بالمنفعة على جميع الأفراد وعلى المؤسسة.

Ø     القلق الإجتماعي: ويظهر ذلك من خلال أن التغيير لا محال سيؤدي إلى فك بعض الأواصر والإرتباطات واسقاط بعض العلاقات، وقد يتطلب التغيير ارتباطات في العمل مع عناصر لا يحبون التعامل معها.

Ø     الخوف أن يؤدي التغيير إلى لزوم تعلم مهارات جديدة وتجميد مهارات كانت مكتسبة، فضلا عن تبدل في الواقع والادوار والدوائر والمسؤوليات. فتعلم طرق ومهارات جديدة يحتاج إلى طاقة إضافية، والانسان غالبا ما يكون ميالا للراحة والنمطية.

Ø     قد يكون الوقت غير مناسب للتغيير، نظرا لعدم الإعداد الكافي للأفراد لقبوله.

Ø     مقاومة التغيير من طرف بعض الأفراد أو الجماعات قد تظهر في المؤسسة من منطلق شكهم في نوايا قادة التغيير.

Ø     بعض الأشخاص لا يعترفون بالوعود ولا يصدقونها، ويريدون الحصول على نتائج فورية، وبالنسبة لهم التغيير يقوم على وعود مستقبلية لذلك هم لا يثقون به.

Ø     تصرفات النقابات: حيث تتجه النقابات إلى مقاومة التغيير، إلا إذا تم إشراكها بشكل رسمي أو غير رسمي في التغيير، فلكل نقابة حاجاتها المؤسسية التي تسعى لتحقيقها إذا أرادت كسب إخلاص أعضائها، فإذا أشركت الإدارة النقابة في التغيير تجنبت المقاومة، وفي الحالة المعاكسة ستسعى النقابة جاهدة لمقاومة أي تغيير .  

  وتكمن مبررات مقاومة التغيير من وجهة نظر المقاومين في وجود اختلالات في ادارة التغيير في حد ذاته تبرر لهم مقاومته منها:

§    عدم وضوح أهداف التغيير؛

§    عدم مشاركة الأفراد في التغيير؛

§    عندما يكون إقناع الآخرين بالتغيير يعتمد على أسباب شخصية؛

§    عندما تغيب الثقة في القائمين على التغيير؛

§    عندما تكون نتائج تغييرات سابقة سيئة وأدت إلى الفشل؛

§    عندما تكون تكلفة التغيير أكبر من العائد علية.

  إذا على المنظمة مراعاة هذه المبررات لتخفيف حدة مقاومة التغيير، فبقدر الإقناع والمشاركة وزرع الثقة يكون القبول والرضى عن التغيير. كما أن المنظمة عليها أن تنظر إلى أن هناك من أسباب مقاومة التغيير ما هو موضوعي، فإذا  كان المقاوم يرى أن المنظمة ليس لها إستعداد تنظيمي مناسب لتحقيق التغيير، أو أن هناك عدم وضوح للإجراءات والتعليمات للمشاركين في عملية التغيير، وأيضا إذا كان هناك ضعف في مستوى الإتصال والتنسيق بين القائمين على التغيير فإن كل ذلك سيدفع بالمقاومة دفعا ويهدد أيضا قبل ذلك وضع المنظمة ونتائج التغيير المرجوة التي قد تنقلب إلى نتائج سلبية.

 

7-3 مصادر مقاومة التغيير

  يتفق أغلب الباحثين على أن المصدر الرئيس لمقاومة التغيير يتمثل في أن الأفراد تعودوا على التعامل مع الظروف بطرق معينة وثابتة، لذلك فهم يقاومون التغيير اعتقادا منهم أنه يهدد إستقرارهم، ومن ثم يعبرون عن مخاوفهم بمظاهر سلوكية سلبية. إن معظم مصادر مقاومة التغيير تعود إلى الخوف من أن التغيير سيسبب نقصا في أحد أو أكثر المجالات التالية:

o   فقدان الحب والاحترام: ويظهر من خلال فقدان حب الآخرين واحترامهم اياه ونقص قيمته.

o   فقدان الدعم التأييد: الخوف من عدم إمكانية الاعتماد على العلاقات القديمة بين الجماعات.

o   فقدان الإحساس بمعرفة المتغيرات: أي عدم حصول الفرد على المعلومات المطلوبة يؤدي إلى فقدان      أحاسيسه في التعامل مع جوانب العمل.

o   فقدان القدرة على العمل: عدم قدرة الفرد على القيام بعمله أو التأثير في الآخرين بحيث يصبح الفرد أكثر تضحية وأقل تحكما في مصيره.

 

7-4 مزايا مقاومة التغيير  وأشكاله

  لا ننظر إلى مقاومة التغيير على أنها كلها سلبية ففيها من الجوانب الإيجابية ما يجعل المنظمة تنجح في التغيير إذا تم إستغلالها، وتتمثل مزايا مقاومة التغيير في ما يلي:

ü إجبار إدارة المنظمة على توضيح أهداف التغيير  ووسائلة وآثاره؛

ü تشجع الإدارة على تفحص مقترحاتها بشكل متعمق وبجدية متناهية للتأكد من أنها مناسبة؛ 

ü تكشف مقاومة التغيير عن عدم فعالية عمليات الإتصال؛

ü إن حالة الخوف ومشاعر القلق نتيجة التغيير تدفع إدارة المنظمة إلى تحليل أدق للنتائج المحتملة للتغيير سواء المباشرة أو غير المباشرة، مما يؤدي إلى إكتشاف بعض الصعوبات والمشكلات التي يحتمل أن يسببها التغيير؛

ü تكشف مقاومة التغيير النقاب عن نقاط الضعف في عملية معالجة المشكلات واتخاذ القرارات في المنظمة.

 

  وتتعدد أشكال مقاومة التغيير بالنظر إلى أن ظاهرة التغيير متعددة الوجوه ومعقدة المضامينن، وقد قسم (Nancy&Robert) أشكال مقاومة التغيير إلى أربعة أنواع أساسية:

·    مقاومة التغيير العملياتي: والمرتبط بأسلوب وكيفية أداء العمل واجراءاته التفصيلية المتلاحقة والمترابطة.

·    مقاومة التغيير الثقافي: ويتمثل هذا الشكل في المقاومة بالسعي ضد الفلسفة التنظيمية التي تتبناها الادارة في العمل.

·    مقاومة التغيير الاستراتيجي: إذ يتناول هذا الشكل من المقاومة اتجاه العمل والتفكير الاستراتيجي الذي تسعى المنظمة لاعتماده.

·    مقاومة التغيير السياسي: وهذا ما يتعلق بالتغييرات الحاصلة في الملاك الوظيفي للمنظمة واتجاهاتها.

  أما (Kirkman) فيصنف أشكال مقاومة التغيير إلى:

o   مقاومة التغيير التقاني: ويتضمن مقاومة الأفراد للتقانات الداخلة إلى المنظمة حديثا والعمليات التابعة أو المرتبطة بها.

o   مقاومة التغيير في الافراد: وتشتمل على مقاومة نقل وتغيير العاملين من قسم لآخر أو من منظمة إلى أخرى.

o   مقاومة تغيير المسؤوليات والصلاحيات: ويعد هذا التغيير من أسهل الأشكال، مما قد يوحي للبعض بفقدان مسؤولياتهم وصلاحياتهم ويعطيهم مبررا لمقاومته.

  هذه أشكال مقاومة التغيير من حيث وجه التغيير ومجاله، أما من حيث ردة فعل الفرد المقاوم للتغيير فتتمثل أشكال التغيير في الآتي:

-     قيام الفرد بالتهجم عن أي فكرة أو رأي جديد؛

-     يظهر الفرد أنه منزعج وغير قادر على اتخاذ قرار بشان التغيير المقترح؛

-     يصر الفرد على أن التغيير ليس عادلا، ويقلل من الحاجة إليه؛

-     الصدمة: وتشير إلى شعور حاد إلى عدم الإتزان وعدم القدرة على التصرف؛

-     عدم التصديق: وهو شعور بعدم واقعية وموضوعية السبب في ظهور التغيير؛

-     الذنب: وهو شعور الفرد بأنه قام بخطأ ما يتطلب التغيير الذي حدث.

 

7-5 أساليب مقاومة التغيير

  من أساليب مقاومة التغيير  

ü الرفض العنيف: ويحدث هذا عندما ترى قوة المقاومة ان التغيير التنظيمي ليس في صالحها، وانه سوف يقضي على مكاسبها و يهدد بقاءها، مستخدمة بذلك عدة طرق منها نشر القلق و الخوف بين العاملين، و هو ما يصرفهم عن اهدافهم و الانشغال بالمشاكل مما ينمي الصراعات داخل المنظمة.

ü تعطيل قوى التغيير: عندما تعجز قوى المقاومة على مواجهة التغيير تلجا الى المهادنة بهدف ارجاء التغيير و تعطيله الى اطول فترة ممكنة، ريثما تتمكن من القضاء عليه والفوز بأكبر قدر ممكن من المكاسب من الوضع الراهن، و هنا تلجا الى اساليب التشكيك في ضرورة التغيير ونتائجه.

ü  ابطاء سرعة التغيير: قد تتجه قوى المقاومة الى ابطاء سرعة التغيير من خلال عدة اساليب، كاستنزاف طاقة قوة التغيير في قضايا ثانوية جانبية او توجيه الموارد المالية الى اغراض اخرى هامشية.

 

7-6 أساليب التعامل مع مقاومة التغيير

  لا شك أن قدرة الإدارة على التغلب مبكرا على المقاومة يساعد على إزالة الكثير من الخوف والقلق المصاحب لعملية التغيير ، إن ما تحتاج المنظمة القيام به هو توقع المقاومة وتحديد العوامل التي تؤدي إلى هذه المقاومة، وتحديد أنسب الأساليب للتعامل معها.

  وتختلف أساليب التعامل مع مقاومة التغيير تبعا للجهات أو للأسباب التي تنطلق منها المقاومة او للحجج التي تتسلح بها، ويتحتم على المنظمة معرفة تلك الأساليب اللازمة للتعامل مع مقاومة التغيير، حتى لا تقوض جهود التغيير الكبيرة مما يؤدي إلى فشله في النهاية.

  تتلخص أهم الأساليب واستراتيجيات التعامل مع مقاومة التغيير في الآتي:

Ø التعليم والإتصال: حيث انه عندما يكون هناك نقص في المعلومات لدى الافراد يميلون إلى مقاومة التغيير، وعليه يمكن توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات عن نوع التغيير وأداواته واهدافه ومزاياه. يتم ذلك من خلال حلقات التعليم والمناقشة، ومن خلال المذكرات والتقارير ومن خلال الاجتماعات التي تسعى إلى الإقناع، هذا ما قد يؤدي إلى تقبل التغيير وتجنب مقاومته. ومن أبرز إيجابيات هذه الطريقة أنه عند إقتناع العاملين بهذه المعلومات، سيساهمون في عملية تطبيق التغيير، بينما يعاب عليها أنها تستغرق وقتا طويلا وبشكل خاص عندما يكون عدد المعنيين بالتغيير كبيرا.   

Ø الإحتواء والمشاركة المسبقة أو اللاحقة: من خلال اتاحة الفرص امام الفئات أو الأفراد ممن لديهم آراء مغايرة، لأن يسهموا عبر فرق العمل واللجان وجماعات التفكير ومجموعات العمل المكلفة بالبحث وجمع المعلومات وإعداد البدائل ومناقشة الاحتمالات والاستماع لما هو مقنع من الافكار والانتقادات.

Ø تعاقب إجراءات التغيير: وذلك باجراء عمليات التغيير بشكل متعاقب، وبما يظهر للمقاومين جدية العملية وتحقيق نجاحات متلاحقة لاقناعهم بضرورة إجراء التغيير.

Ø جدولة التغيير: إي اختيار الوقت المناسب بوصفه عاملا حاسما لاجراء التغيير، من خلال إعداد برنامج زمني معقول يعمل على إنجاح هذه العملية ، ويعمل على تخفيض مقاومتها.

Ø الدعم والمؤازرة: من خلال توفير الموارد المادية والبشرية اللازمة للتغيير كالميزانية المناسبة، والخبراء والمستشارين، بالاضافة إلى الموارد المعنوية كالاصغاء والتدريب والتخفيف من التوتر، وتقديم المساندة الاجتماعية/ العاطفية للتغلب على صعوبات ومخاطر التغيير، وهذا يحتاج إلى وقت ليشعر العاملون بهذا الدعم وتلك المؤازرة.

Ø المناورة: ويتم اللجوء إلى هذا الأسلوب عندما تفشل الأساليب الأخرى أو تكون عالية التكلفة، وهنا يلجأ القائمون على التغيير إلى إستخدام طرق خفية للتأثير ولإقناع الآخرين بأن التغيير في مصالحهم.

Ø التحكم والاستمالة: وتشمل استخدام المحاولات والجهود الخفية للتأثير على الآخرين، وتزويد الأفراد بالمعلومات بصورة انتقائية.

Ø التهديد الضمني والصريح: حيث من الممكن اللجوء - كآخر محاولة – إلى تهديد العاملين سرا أو علنا بفقدان وظائفهم أو تقليل فرص الترقية أو إجراء تغييرات بغرض مواكبة جهود التغيير، وينجح هذا الأمر حينما يملك المشرفون على التغيير القوة الكافية للتهديد والعقاب، ويعتبر هذا الأسلوب سريعا ومؤثرا ولكن تأثيره مؤقت، لذا وجب استخدامه لمدة طويلة وفي كل مرة.

Ø اجراء التغييرات التجريبية: فعندما يسمح للأشخاص ذوي العلاقة بالاشتراك باتخاذ القرار في قبول أو رفض تغيير، من الممكن في بعض الأوقات الطلب من هؤلاء تنفيذ التغيير على أساس تجريبي أولا. وهذا الإجراء له إيجابيتين:

-     تمكين المرؤوسين من فحص ردود فعلهم للموقف الجديد؛

-     يساعد على إذابة الثلج عن اتجاهاتهم وتشجيعهم للتفكير بإيجابية حول التغيير المقترح.

 

  إن التغيير يتعارض مع ميولات بعض النفوس البشرية التي تخاف من المجهول أو تتوقع فقد بعض مصالحها الشخصية وهذا أمر واقع وطبيعي، ولذا تعتبر المصلحة الشخصية المنبع الرئيسي لمقاومة التغيير، وهذا الأمر لا يمكن تجاهله من طرف المنظمة التي عليها مراعاته اثناء التغيير واخذه في الحسبان، بأن يكون التغيير مرفوقا بنظرة توازنية تحقق التغيير وتقلل من مقاومتهن بأن تحسب حسابات الافراد وتراعي مصالحهم الشخصية بالموازاة مع المصلحة العامة للمنظمة.

 

8- اساسيات لنجاح التغيير

  حتى ينجح التغيير ويتم وفق الأهداف المسطرة له دون عراقيل وصعوبات لابد أن تأخذ المنظمة في الحسبان بعض الأساسيات المهمة والمتمثلة في:

Ø     التغيير مطلوب في كل الحالات لأنه مبدأ ثابت، فحتى لو كانت المنظمة ناجحة فعليها بالتغيير المستمر، لأن الخطط والاهداف وضعت في ظروف معينة لكن البيئة تتغير دوما، وهي تؤثر على المنظمة. كما أنه لا يجب أن تنتظر  المنظمة ظهور علامة أو مؤشر لاحداث التغيير كتراجع النتائج أو تقدم المنافسين أو عدم الرضا الداخلي، بل من الواجب عليها دوما احداث التغيير، فهذا الاخير هو ليس لمعالجة المشاكل ونقاط الضعف بل هو أيضا بتنمية النتائج ونقاط القوة.

Ø     التغيير مطلوب في كل الأزمنة ولا يقتصر على المنظمات الفاشلة، فحتى المنظمة الناجحة عليها التغيير لأن محيطها متغير، وبتغير المحيط يتحول النجاح إلى ركود وجمود.

Ø     التغيير ليس لحل مشكلات عابرة وإنما هو عملية تحول جذرية إما لعلاج نقاط ضعف أو للمحافظة على نقاط قوة يمتد أثرة إلى المدى البعيد.

Ø     التغيير ليس بالضرورة أن يتم وفق مراحل معينة، ولكن قد يتم بسرعة أحيانا نظرا لضرورته والزاميته الآنية، ولا يرتبط نجاح التغيير بمرحليته أو بسرعته إنما يتوقف نجاحه على عوامل أخرى. ويفضل في كثير من الأحيان التغيير المفاجئ على التغيير المرحلي لان التغيير المفاجئ لا يعطي فرصة للمقاومة لتنظيم نفسها، ففي دراسة على الشركات الامريكية وجد أن الشركات التي قامت بتخطيط استراتيجي للتغيير الثلث منها نجح والثلثين منها فشلت وكان سبب ذلك الفشل اساسا مقاومة التغيير.

Ø     التغيير لابد أن يكون شاملا بدءا بالرؤية ونزولا إلى كيفية الوصول إليها، ولا يقتصر على الاجراءات والطرق فحسب، ففي التخطيط الحديث الرؤية مرنة ويمكن تبديلها. وتوضع الرؤية لمدة 5 سنوات للمنظمات الصغيرة، ولمدة 10 سنوات للمنظمات المتوسطة أما المنظمات الكبير فتوضع الرؤية فيها لأكثر من 10 سنوات.

ويقاس حجم المنظمة بعدد موظفيها كما يلي:

_  منظمة صغيرة: تضم اقل من 100 موظف.

_  منظمة متوسطة: من 100 إلى 500 موظف.

_ منظمة كبيرة: تضم أكثر من 500 موظف.    

  وهناك استثناءات فشركات التقنية تخطط دوما لـ 5 سنوات مهما كان حجمها، كما أن المنظمات المدرجة في البورصة فيقاس حجمها بقيمة الأموال التي تديرها وليس بعدد موظفيها.

Ø     كثرة التغييرات ليست مشكلة، فكما يرى البعض أن هذا يمس بالاستقرار ويتسبب في بلبلة، فهذا صحيح ولكن هذه البلبلة سرعان ما تزول، ولا تستمر لا كثر من شهرين إلى 3 أشهر ،فلماذا تحرم المنظمة نفسها من التغيير بسبب هذا المبرر؟ . إذا التغيير يمكن احداثه كلما باستمرار  ولا نتركه بسبب البلبلة، فقد تكون امام المنظمة فرصا أو تهديدات يحتم عليها التغيير باستمرار.

Ø     التغيير الأول الذي يجب أن تمارسه القيادات الجديدة في المنظمات هو ليس تغيير الأشخاص، وإنما لابد من تجديد الثقة ومنح فرص لنفس فريق العمل الذي لم يصل في أدائه إلى المستوى المطلوب في ظل القيادة السابقة، والذي من المحتمل أن يتغير أداؤه بالنظر  إلى فلسفة ونظرة وأسلوب عمل القائد الجديد.

Ø     التغيير الفعال يرتكز بداية على أقوال وتصرفات القيادات لا مجرد الخطط والقرارات والتعليمات، فالتصرفات الخاطئة من القيادات تجعل التغيير لا ينجح بمجرد الخطط والقرارات والتعليمات.

Ø     التغيير الجذري يتمثل في تغيير القناعات لا مجرد الاقتصار على تغيير الهياكل وفرق العمل وتحسين الجودة، وإعادة ترتيب عمليات الإدارة، بل هذه تعتبر تغييرات محدودة لا تمتد إلى مدى بعيد.

Ø     لابد أحيانا من تغيير المسؤولين الكبار حتى يكون التغيير عميقا، لان ذلك سيؤدي إلى قدوم فلسفة إدارية جديدة، أما مجرد تغيير مسؤولي المستويات الدنيا فهو عبارة عن تغيير سطحي، قد لا يأتي بنتائج بل قد تبقى الأمور على حالها.

Ø     الاهم من تحسين الواقع هو الابداع أي الإتيان بجديد مما لم تقم به من قبل، فالذي يريد تغييرا طويل المدى عليه أن يركز على الإبداع ، أما الذي يريد تغييرا قصير المدى فقط فعليه أن يركز على تحسين الواقع الموجود. ويكون الابداع في المنظمة من خلال الدخول لا سواق جديدة أو انتاج منجات جديدة أو تقديم خدمات جديدة.

Ø     أصعب وأهم شيء في التغيير هو تغيير الذهنيات، فهو الأساس في عملية التغيير، لأن أي تغيير إذا لم يرتكز على تغيير ما يعتقده الشخص، وما يؤمن به وما يعتبره مبدأ وقاعدة بالنسبة إليه فهذا لن يؤدي إلى تغيير ناجح، بل مجرد ترقيعات وترميمات وتصليحات مؤقتة سرعان ما ترجع بالأوضاع إلى ما كانت عليه.

  ويكون تغيير الذهنيات و العقليات بالدورات التدريبية والتكوينية الفعالة التي لا تقتصر  على مجرد إعطاء المعلومات بل لابد من تتعداها إلى تنمية المهارات والتغيير القناعات بالإضافة للمعلومات. واذا تغيرت العقليات سيكون التفكير بطريقة جديدة والعمل بطريقة جديدة، وعندها سيحدث الإبداع؛ إذ لا يمكن أن نمارس الإبداع بعقليات تقليدية.

Ø من طبيعة التغيير أنه غير مريح ويسبب ألما، ولا يوجد تغيير بلا ألم لان افراد المنظمة تعودوا على طريقة عمل معينة ستتغير، وعلاقات معينة ستتغير  أو ستتكسر، وتقنية معينة ستتغير، كل هذه الأمور تحدث ألما لكن يقدم التغيير عليها، إذا فالتغيير لا يمكن أن يمارسه الضعفاء ويحتاج لشخصية قوية ومستعدة لأي ردة فعل تغليبا للمصلحة العامة على المصالح الفردية.

Ø   من الاحتمالات الكبيرة لفشل المنظمات التمسك بالرؤية التي وضعها المؤسسون وعدم إعادة النظر فيها وانتقادها، لذا لابد من تغيير رؤية المؤسسون منطرف الجيل الذي يكون بعدهم لأن الظروف تتبدل وتتغير .

Ø   التغيير الفعال الوحيد هو الذي يركز على تغيير الأفراد، إما بتغيير الفرد أو تغيير عقليته، وأما غير ذلك فهو تغيير قصير المدى. فإذا لم تتغير قدرات الفرد ومهاراته وقناعاته يبقى التغيير شكليا ولا يحقق أهدافه.

Ø   كبار  السن يعتبرون عائقا امام التغيير ويرفضون كل جديد، لذا على المنظمة أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار كي لا يفشل التغيير.

 

الخاتمة

  التغيير في المنظمات ليس ظاهرة عشوائية، بل هو عملية منظمة ومخططة تنفذ وفق خطة ومنهجية، إلا في الحالات التي يكون فيها التغيير مستعجلا ولا يحتاج إلى وقت لتنفيذه. والتغيير أيضا ليس رد فعل واستجابة لمعالجة مشكلة معينة، وإنما يمكن أن يتضمن رصد وتوقع أي تغييرات بيئية محتملة والعمل على تحقيق التغيير التنظيمي اللازم للتأقلم مع تلك التغييرات.

  كما أن التغيير عملية ضرورية ومطلوبة في كل الأحيان ولا يتوقف على ظهور مؤشرات فشل أو علامات تدهور، بل يصير في تلك الحالة أدعى وأوجب، فالمنظمة الرائدة عليها المحافظة على مكانتها، والمنظمة الناجحة عليها الدفع إلى التفوق والريادة، والمنظمة الفاشلة عليها العمل على إجراء تصليحات وتصحيحات، وكل ذلك لن يتأتى إلى بالتغيير.

  من جهة أخرى لابد أن يركز القائمون على التغيير على الفرد وبالأحرى ذهنيته، فالذهنيات هي أساس السلوكات، وإذا لم تتغير الذهنيات فلا أمل في تغيير السلوكيات، ويعتبر التدريب في هذه الحالة أنجع سبيل وأقصر طريق لذلك، بشرط أن يكون فعالا وأن يستهدف بالإضافة إلى نقل المعارف والمهارات تغيير القناعات.

  ومهما بذلت إدارة المنظمة من جهود في إدارة التغيير إلا أنها غالبا ما تواجه مقاومة للتغيير، ومهما بذلت أيضا من جهود تجاه مقاومة التغيير فهي غير قادرة على منعه، إلا أنه بالإمكان التغلب والتخفيف من حدة المقاومة، من خلال التعليم والتثقيف المتواصل، ودفع الأفراد للمشاركة في التخطيط والإعداد للتغيير، بالإضافة إلى التفاوض والحوار والدبلوماسية في الإقناع.

  ورغم ذلك يبقى على المنظمة أن تولي أهمية لمقاومة التغيير بأن تراعي مصالح الأفراد عند التغيير وأن تراعي مشاعرهم، وأن تتعامل مع المقاومة بذكاء، حتى تنجح عملية التغيير ولا تتحول إلى معركة تنقل المنظمة من السيء إلى الأسوأ.